رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير بقلم شامة الشعراوي
رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة شامة الشعراوي رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير
رواية قلب مهجور من الفصل الاول للاخير
فى قصر عائلة الألفي
ولجت الدادة لغرفة تلك الفتاة المتمردة حتى توقظها من نومها، فظلّت تُناديها بصوتٍ حنون يشبه صوت الأم الودودة، دنت منها وهى تقبل رأسها وقالت باسمة:
-رحيل...رحيل يلا يابنتى قومي.
أتاها صوت "رحيل" الناعسة:- بالله عليكي يادادة سبيني أنام نصايه كمان دا حتى لسه بدرى.
أجابتها الأخرى وهى تنزع الغطاء من عليها قائلة:
- ماينفعش كل العيلة مستنياكي على الفطار وبالأخص جدك رافض يأكل أى حاجة غير لما أنتى تيجى.
نظرت إليها "رحيل" بكسل ثم جذبت الغطاء عليها وهى تقول بخمول:
-أنا مش عايزة افطر أنا عايزة أنام.
- يابنتي قومي حرام عليكي تعبتيني معاكى.
تفوهت "رحيل" بملل وهى تنهض من فراشها الناعم:
- حاضر حاضر أنا قايمه أهو يادادة.
فى الأسفل كان الجميع مجتمع حول سفرة الطعام، تحدث الجد قائلاً بتسأل:- هى رحيل اتأخرت كدا ليه ؟.
أجابه والدها "سليم" قائلاً:- هتلاقيها نازلة دلوقتى يابابا.
نظر إليه والده وهو يقول:- أنا طالع ليها اشوفها، ولو عايزين تفطروا افطروا انتو لكن أنا هشوف حفيدتي وهفطر معاها.
فجاء أن ينهض من مقعده فسمع خطواتها القادمة من على الدرج فالتف إليها ليرها ترتدي ثوب قصير مصتبغ باللون الأزرق متناسباً مع لون عيناه اللامعة بالزُرقة، اتجهت "رحيل" نحوه وتلك البسمة المشرقة تزين وجنتيها، أقبلت إليه وقبلت يده ثم قالت بلطافة محببة:
-صباح الخير يأجمل وأحلى جدو فى العالم.
الجد بابتسامة بشوشة:- صباح النور والورد عليكى ياحبيبتي.
تفوهت "نور" بنبرة حزينة مصطنعة:
- ولما هى حبيبتك أنا ابقى ايه إن شاء الله هو كل حاجه رحيل مفيش نور ابداً.
نظر إليها الجد وأجابها ببسمة حنونة:
- انتو الاتنين حبايبي واميرات القصر ومفيش أغلى منكم عندي.
ذهبن الفتايات لاحتضان الجد بفرح وهتفوا فى صوت واحد قائلين:
- واحنا كمان بنحبك اوى ياجدو.
صاح "مازن" بنبرة مرحة بعض الشئ:
- ايه ياجدو هو انت معندكش غير البنتين دول اللى كل شوية تحب فيهم طب وأنا والشباب الغلبانه دي ايه وضعنا ملناش حته من حبك.
الجد: اسمها حته على فكره يامازن أنت بقيت بيئة أوى فى ألفاظك.
هتف الأخر بصوت عالٍ نسبياً: - مين دا اللى بيئة ياعنيا هو انتو تعرفوا تخلفوا زيي أصلا.
نظر إليه والده "سليم" بحده وهو يقول:
- أخرس ياحيوان واتكلم بأدب مع جدك واحترمه بدل ما اقوم اكسر عضمك.
الجد: - سيبه يابني دا مازن وأنا عارف انه بيهزر معايا بس بردو هيفضل طول عمره بيئة.
تحدث "مازن" بعبوس قائلاً: - ياجدو بقى.
الجد:- عايز ايه يازفت.
رد الآخر غامزاً بعيناه:
-عايز سلامتك ياعسل ياحلو أنت.
تبسم الجد ثم قال: - وربنا أنا قولت مجنون ومحدش صدقني.
مازن:- مجنون بحبك ياقلبي.
تحدث هذة المرة "هشام" الذى قال بانزعاج:
- حبك برص يابعيد ماتخرس بقى صدعتني ياأخى من وقت ما قعدت ايه أنت بالع راديو.
نظر إليه "مازن" من طرف عيناه وهو يقول:
- مش عارف هشومة عايزة مني أى لو تخليها فى حالها وتسكت احسن لكن هنقول ايه.
تفوه "هشام" بنبرة غاضبة: - هشومه طب والله يامازن الكلب لو ما سكت لقوم اديك حتة قلم يلوحك.
رفع "مازن " كلتا يديه وقال رادحاً:
-نعم ياعنيا نعم يادادى نعم ياحبيبى تدى مين بالقلم هو انت فاكرانى هسكلتلك.
جاء أن ينهض "هشام " من مكانه :
-انت اللي جبته لنفسك يامازن الكلب ولسه هيقوم.
أمسكه "ادهم" وهو يقول:
- اقعد ياعم وسيبك من المتخلف ده ومالكش دعوه بيه.
"مازن" وهو ينظر لاخيه بصدمه: انت بتبيع اخوك علشان الحيوان دا بقا دى اخرتها.
تبسمت "رحيل" برقة ثم قال وهي تضم أخيها بين ذراعيها:
- محدش له دعوه بمازن حبيبى.
ثم قبلته من خديه وضربت " هشام " ع إحدى كتفيه وهى غافلة عن تلك العيون الرمادية التى تنظر نحوها بغضب بسبب لمسها لابن عمته.
تحرك "مراد" من على السفرة وهو ينظر لتلك الفتاة المتمردة بتوعد ثم قال: أنا ماشى على الشركة ياجدو عايز حاجه.
الجد: لا يابنى ربنا معاك.
ثم هتف وهو يتجه الى الخارج قائلاً لاولاد عمه وابن عمته:
-خمس دقايق والاقيكم ورايا على الله حد منكم يتاخر هتبقى ليلته سوده ع دماغه.
"مازن" بهمس "لهشام": هو بيقول الكلام دا لمين.
هشام: لينا ياخويا يلا وراه بدل مايعمل مننا بطاطس محمره.
نظر " أدهم" لهم و قالسخرية: بطاطس محمره بس دا لو اتاخرنا هيعمل مننا شاورما.
"رحيل" بلا مبالاه: مالكم خايفين منه كدا ليه وعاملين له حساب ع ايه يعنى.
هشام: اسكتى ياختى ما اللى ميعرفش يقول عدس.
نور : لا هو فعلا شكله مازن بهت عليك بقيت تقول حاجات غريبه زيه.
مازن: بس ياماما روحى العبى بعيد .
نور بغضب: وانت مالك يارخم انت.
مازن: مالى ونص ياعسل، نور وهى تنظر له بغضب وهترد عليه قاطعها صوت ادهم
ادهم بغضب: بس انت وهى يلا خلينا نروح نشوف ورانا ايه مش ناقصه هى شغل عيال، مشى وسبهم واتجه هو الآخر الى الشركة.
الشخصيات
بطلة القصة رحيل الالفى: فتاة عمرها ٢٢ عام خريجة ادارة أعمال ، صاحبة العيون الواسعه الزرقاء اللامعه وذو بشرة بيضاء وشعر احمر نارى بطول ضهرها ،فتاة دلوعه جدا من عيلة غنية ومعروفه.
البطل مراد الالفى : ابن عم البطلة عمره ٣٠ عام ، شاب رياضي طويل وعريض و عيونه رماديه وذو شخصيه حاده يهابه الجميع ويدير شركات عائلته وصارم جدا فى افعاله .
افراد العائله الالفى
الجد وهدان: كبير العائلة شخصيه حنونه جدا رغم صارمته صاحب ٧٠ عام.
سليم والد رحيل : متزوج من صفا ولديه ٣ اولاد ويحب
اولاده جدا بس لا يهتم لامورهم ، ويسمى ابنته بوحيدتى ولكنه مشغول دايما بأعماله.
الزوجه صفا : سيدة جميلة جدا ولكنها تعشق الخروجات والسهرات مع اصدقائها وتهتم بالمظاهر فقط.
أدهم : شخص وسيم ذو شخصيه حاده تتشابه بشخصية مراد ويدير معه شركات العائله عمره ٢٩ عام وبيكره النساء .
مازن: تؤام رحيل شخصيه مرحه جدا ولديه ملامح جميلة يشبه اخته الى حد كبير ولديه نفس لون العيون.
حمزة والد مراد : اخو سليم الوحيد ويحب اخاه جدا ويعمل معه.
زوجته حنان: سيدة حنونه جدا مع اولادهاوينطبق عليها فعلا اسمها.
الابنه نور: فتاه جميلة جدا وهي بيضاء وذات عيون بنى واسعه وشعر اسود فحمى ومميز صديقة وابنة عم رحيل الوحيدة عمرها ٢٢ عام واخت مراد الوحيدة وتعشق ابن عمها ادهم بشده لكنه لا يبالى لامرها.
هشام : ابن عمة مراد ورحيل واهله متوفيين فى حادثه ، واتربى مع جده وهو الصديق الثالث لمراد وادهم .
ولج "مراد" إلى مقر الشركة الرئيسي بكامل هيبة ووقار لا يليق هذا ألا برجل مثله، فكان يلقى السلام أثناء مروره على جميع الموظفين دون استثناء، ثم صعد إلى الطابق الخاص بمكتبه، دلف إلى المكتب بصحبة السكرتيرة، ألقى كلماته عليها حين جلس على مقعده:
-هاتيلي فنجان قهوة سادة والملفات الصفقة الجديدة.
- حاضر يافندم.
بعد مرور بضع دقائق ليست بالقليلة، أتت له بطلباته ووضعتهم أمامه على المكتب الخشبي الأسود، وهى تتفوه بدلعٍ لم يرق له:
-اتفضل يافندم تأمر بأى أوامر تانية حضرتك.
رد عليها الأخرى بحزم قائلاً:- لا واتفضلى يااستاذة على مكتبك ولما يجى مستر أدهم ابعتيه.
- حاضر أنا تحت أمرك.
خطت أمامه بخطوات مثيرة لعل وعسى أن تلفت أنتباهه لكنه أشمئزا من تمايلها الرخيص، فهمس بداخله:
- أنا لازم أشوف حد غيرها يمسك مكانها والأفضل يكون راجل.
بعد لحظات دلف إليه "هشام" دون أن يطرق الباب كالعاده:
- أنا جيت أهو ياكابتن ومتأخرتش.
حدق بها "مراد" بأعين مليئة بالضجر:
- مش قولتلك كذا مرة قبل كدا أن فى زفت باب تخبط عليه قبل ما تدخل.
نظر إليه الآخر قائلاً:- يعني هو أنا دخلت عليك حمام بيتكم، وبعدين ياسيدي أنا دخلت على مراد ابن خالي حبيبي يعنى مش حد غريب.
- ابن خالك وحبيبك دا من امتى الكلام ده!.
أجابه "هشام" برقة مصطنعه:- من زمااااان أوى بس أنت مش حاسس.
تحدث "مراد" بصوتٍ عالٍ وكاد الشرر يتطاير من عيناه:
- ولاه اتظبط كدا معايا بدل ما اقوم أظبطك أنا بدأت أشك فيك أصلاً.
ضحك الأخر وهو يجيبه قائلاً:
- ياعم مش للدرجاتى أهدى دا حب أخوي وربنا.
نظر "مراد" للأعلى قليلاً ثم هتف قائلاً:
- يارب صبرني على الجحش ده هو والتانى.
ولج "مازن" إليهم سريعاً وهو يقول بمرح:
- ايه ده أنا سمعت حد بيجيب فى سيرتى.
جاء شقيقه من خلفه وهو يضربه ضربة خفيفة على رأسه و قال:
- كويس أنك عارف إن أنت جحش.
التفت برأسه نحوه وقال بعبوس:
- هو انت يابنى حد قالك انى مش أخوك ليه بتعملنى كدا أنت واللى قاعد هناك دا دى مابقتش عيشه على فكرة.
أردف "هشام" بطريقة مسرحية:- لو مش عجبك طلقني.
نظر إليه "مازن" وقال بنفس اللهجة الساخرة:
- اه ياااختي قوليله لو مش عاجبه يطلقني.
رفع "مراد" حاجبيه مشمئزاً وضيقاً فى الصدر وقال:
- مش نسترجل شوية يابيه أنت وهو، كفاية شغل القرف اللى بتعملوه ده.
تحدث "هشام" بأنزعاج قائلاً:- قصدك ايه بالكلام ده أن احنا نسوان.
أجابه "مراد" مبالياً:
- اه أصل مايعملش الحركات دى غير النسوان المايعة والصراحة أنتو مايعين أوى بهزاركم.
كاد الآخر أن يرد ولكن قاطع حديثه دخول تلك الفتاة المزعجة الذى قالت بدلالٍ: - مستر مراد نسيت اقول لحضرتك أن فى اجتماع مهم النهاردة الساعة ٥ مساءاً.
- تمام ياسوزى اتفضلي انتي على مكتبك.
بينما "هشام" و "مازن" كانوا ينظرون إلى هيئتها المثيرة وملابسها الفاضحة بفمٍ مفتوح، فقال "مازن" بغزلٍ:
- أوبا مين الجامدة دي.
فتفوه "هشام" الذى افترّ فاه بابتسامة عريضة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- دي أجمد من الجمدان يااابا دي صاررووووخ.
نظر إليهم "أدهم" بعيون مستنكرة ووجه عابس:
- احترم نفسك يبأف أنت وهو وبطلوا كلامكم المقرف ده.
لم يعبأ "مازن" لحديثه ثم وجه نظره إلى "مراد" وقال متسائلاً:
- مش عيب عليك لما تبقى مشغل واحدة جامدة زي دي ومتقولش لولاد عمك، دا أنا أول مرة أشوفها.
فاردف "هشام" هذة المرة قائلاً: - وأنا وربنا أول مره اشوفها.
فى تلك اللحظة نفذ صبر "مراد" وبدأ وجه العابس يتحوّل إلى غضبٍ عارم ليقول بصوت عالٍ:
- اقسم بالله لو ما قومتم من هنا حالاً لتشوفوا مني حاجه مش هتعجبكم.
نظر إليه "مازن" الذى قال:- مالك بس يامراد أهدى يابابا مش كدا ياحبيبي دا حتى غلط التعصب على واحد زيك.
مال "هشام" بجسده نحو "مازن" قليلاً وقال هامساً:
- بقولك ايه احنا نقوم نفلت بجلدنا بدل ما يعمل معانا الغلط وتكون ليلتنا سوده.
أجابه الآخر بنفس الهمس:- ما دا كان رأيي من الأول يلا بينا.
بعد هربوا مهرولين إلى الخارج تفوه "أدهم" بقلة حيلة وهو يضرب يد على يد:- لا حول ولا قوة إلا بالله العيال اتجننوا على الآخر.
تحدث "مراد" بعد ما هدأ فقال:-عيال مقرفة علولي ضغطي ربنا يسامحهم على اللى بيعملوه فيا.
- كان الله فى عونك يابن عمي أنا مش عارف أنت ازاى مستحملهم.
- أعمل إيه قدري، المهم خلينا فى الشغل عملت ايه فى موضوع الصفقة.
رد عليه "أدهم" بثقة ووقار:- طبعاً كسبناها هى دي محتاجة كلام بس فى مشكلة.
- مشكلة اي ؟.
- عادل مش هيسكت المرادى أنت خسرته الصفقه دى كمان ودا غير الصفقات التانيه اللي خسرها بسببك وخايف يعمل حاجه أو يأذى حد من عيلتنا.
استرخ "مراد" أكثر فى مقعده ليقول بهدوءٍ تام:
- متقلقش مش هيقدر يعمل حاجه لأنه جبان ولو بس فكر يأذي أى حد يخصني هفعصه زي الحشرة تحت رجلي لحد مايموت.
- ربنا يستر علينا، هقوم أروح اشوف الشغل المتراكم عليا فى المكتب.
-ماشى.
فى إحدى النوادي وخاصة بمكان قريب من الأشجار، كانت تلك الشمس الساطعة تطل بأشعاتها الزاهية على الزهور الوردية والخضراء فجعلتها تنبض بالحب والدفئ، فكان المظهر يبعث بداخل الناظرين الرضى والراحة، تحدثت تلك الفتاة التى تُسمى "ندى" وهى الصديقة الثالثة "لنور" و"رحيل"، فقالت بتسأل:
- هتطلعوا معانا الرحلة ولا كالعادة مفيش مرواح.
أجابتها "نور" قائلة:- الصراحة لسه مش عارفين.
-يعني ايه مش عارفين.
رددت "نور" وهى تعبث بخصلات شعرها الملتقه حول أصبعها:
- لسه مقلناش لجدو ولا لبابا والمشكلة اصلاً مش فيهم المشكلة كلها فى مراد أخويا.
تفوهت "ندى" قائلة:- حاولي معاهم لأن خلاص مبقاش فاضل غير كام يوم بس يانور.
"نور" :- ما أنا خايفة اقول حد منهم يزعق وخصوصاً أخويا لأنه بيخاف عليا اوى ومستحيل أنه يوافق.
- طب ما تخلى رحيل هى اللى تكلم جدك وهو مش هيرفض ليها طلب وهيوافق ع طول وطبعا محدش هيعرضه ولا اي يا رحيل.
أنهت "ندى" جملتها وهى تصوب بصرها نحو "رحيل" الذى قالت بهدوء:
-هبقى أكلمه ماتشغلوش بالكم أنتو وسبوها على الله ثم عليا.
بينما تحدثت فتاة أخرى متواجدة معهما وهى "مرام" فقالت بعبثٍ:
- طبعاً رحيل لازم تكون من الأساس موجودة فى الرحلة مدام حبيب القلب سامر موجود مش كدا ياريري.
حولت :رحيل" عيناه نحوها فقالت متعجبه:
- هو سامر طالع معاكم!.
أجابتها "مرام" وهى تُأرجح قدميها اليسرى قائلة:
- ايه دا هو أنتى مكنتيش تعرفى لا بجد ازاى هو ماقالش ليكي حاجة زي كدا ده المفروض تبقى أنتى أول واحدة عارفة.
تحسست "رحيل" أزرار ثوبها بضيقٍ ثم قالت:
- هو هتلاقيه قالي بس أنا نسيت أصل هو مابيخبيش عني حاجه.
رددت "مرام" بملل:- يمكن بردو وليه لأ.
تفوهت "ندى" التى بدأت اعصابها تتفلت من تلك البغيطة التى لم تعد تطيق وجودها:
- وأنتى يااستاذة مرام البيه حسن بتاعك مش جاي ولا ايه.
تحدثت "نور" بنبرة ممتزجة بالخبث قائلة:
- هيجي ازاى بس ياندى أنتى نسيتي أنه بيحضر لفرحه اللى بعد كام يوم.
انتفضت "مرام" بجسدها من على المقعد قليلاً والذى أحتلت علامات الصدمة وجهها، فقالت:
- أنتى قولتى ايه فرح مين ده اللى قصدك عليه واي علاقة حسن بالموضوع ده؟.
أجابتها "ندى" بكل أريحية فقالت ببسمة لطيفة:
- فرح صاحبك حسن أنتى متعرفيش ولا أي، شكله معزمكيش على فرحه لا بجد أخس عليك ياحسن ده حتى كان بينكم علاقة جميلة ملهاش مثيل.
صاحت "مرام" بتشنج وعصبيه بالغة:
-على فكره بقى مكنش بينه وبيني أى حاجة يااستاذة ندى فياريت تشيلي الأفكار دى من دماغك.
أردفت "نور" مستنكرة حديثها فقالت:
- أومال كنتي بتكلميه ليه وعلى طول لازقه فيه وكأنك مراته.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
أجابتها الأخرى بملامح جامدة وقالت بضجر:
-عادى يعنى كنت بسلى وقتى مش اكتر وبعدين محدش يدخل فى اللي ملهوش فيه أو أنه يدخل فى حياتي ماشى.
ثم غادرت المكان، فنظرت لاثرها "ندى" بأشمئزاز ثم قالت:
- بت مستفزة وباردة ومغروره فى نفسها كويس إن حسن سابها.
بينما "نور" قالت:
-علشان هى واحده مش مظبوطه وكل يوم مع واحد شكل فازاى هيستأمنها على نفسه وبيته.
تفوهت "رحيل" معاتبه صديقتها وابنة عمها:
- حرام عليكم تقولوا عليها الكلام ده، وبعدين أحنا ملناش دعوه باللى هى بتعمله.
أمسكت "رحيل" هاتفها لتتصفحه، فمرت بضع دقائق متثاقلة عليها وكأنها كالساعات، فكانت تفكر إذا كان حبيبها "سامر" على علاقة مع تلك البغيضة، فبدأت تقلقها هذة الفكرة المزعجة، لاحظت "نور" تعير معالم وجهها إلى الشحوب فقالت:
- بتفكري فى ايه يارحيل أوعى تكونى مضايقة من كلام المستفزة مرام.
رفعت "رحيل" رأسها للأعلي قليلاً ثم تركت الهاتف على الطاولة بجانبها وقالت: - هى عرفت منين أنه طالع الرحلة إذا كان أنا حبيبته مقالش ليا، أنا شاكة لأحسن يكون فى مابينهم حاجة.
ربتت صديقتها "ندى" على يديها ثم قالت برفق:
- حبيبتي شيلي الأفكار دي من دماغك هى شكلها بتعمل الحركات دي علشان توقع بينك وبينه مش أكتر.
تفوهت "نور" مؤيدة لحديثها:- فعلا ندي عندها حق.
لمحت "ندى" " سامر " قادم نحوهما فقالت مسترسله:
- سامر جاي ناحيتنا، ثم حولت بصرها لصديقتها وقالت:
- أخت رحيل ممكن بقى ياعسل تفكى تكشيرة وشك ومتخليش كلام الزفته يسيطر عليكي فاهمة.
- حاضر فاهمة.
اقترب الآخر منها وهو يُلقى عليهما التحية:
-أخباركم ايه يابنات اتمنى تكونوا بخير.
أجابته "ندى" باسمة:- أحنا الحمدلله زي الفل ياباشا.
بينما هو جلس على المقعد بجانب "رحيل" بعد أن شعر بأن بها شيئاً ما:- مالك ياحبيبتي هو فى حاجة مزعلاكي.
لم تجيبه الأخرى فحولت بصرها بعيداً عنه لتنظر إلى الزهور أمامها، فقال هو موجهاً حديثه إلى "ندى": - هو فى ايه.
- معرفش، ثم جذبت "نور" من ذراعيها:
-يلا يانور خلينا نروح نجيب حاجة نشربها.
"سامر" :- مالك يا رورو مش بتردي عليا ليه.
- ايه اللى بينك وبين مرام.
- مش فاهم قصدك ايه بالكلام ده.
-انت فاهم قصدي كويس ياسامر.
- لا والله مش فاهم.
تأففت "رحيل" بملل ثم قالت عابسة:
- أصل الهانم بتقول أنك حاجز للرحله تبع النادى مع الشيلة، عايزة أفهم دلوقتى هى عرفت منين إذا كان الأستاذ مقالش ليا وأنا اخر واحده أعلم أنك رايح معاهم.
-والله ابدا أنا كنت عاملها مفاجأه ليكي وكنت لسه هقولك ان أتا حجزت ليا وليكي لكن معرفش هى عرفت ازاى.
تحدثت "رحيل" بضيقٍ:- والله المفروض أصدق انا كدا.
تفوه "سامر" بعد ما أحكم قبضته على راحت يديها الرقيقة:
-اه هتصدقى لان حبيبك وبتثقى فيا دا غير أنى مابخبيش عنك اى حاجه غير لو كنت عامل ليكي مفاجأه، فمتزعليش منى أرجوكِ أنتى عارفه أنى بحبك.
تحدثت الأخرى بحياء:-خلاص ماشي مش زعلانه.
فقال "سامر" بنبرة لينة:- ولو زعلانه نصالحك بردو هو أحنا عندنا اعز منك ياروحي.
اكتفت "رحيل" بابتسامة رقيقة خجلة، لحظات وجاءت "ندى" وهي تبتسمت بمرح فقالت: - ايه ياعصافير الحب اتصالحتوا ولا أي.
ضحك "سامر" بخفة ثم قال: - على أساس أننا كنا متخاصمين دى رحيل روح قلبى.
هتفت "نور" باسمة: ياسيدي ياسيدي على الحب.
صاحت "ندى" بطريقة تمثيلة مضحكة:
- اه ياقرمط ياللى ملقتش حد يحبك ياقرمط اوعدنا يارب لان حاسه أني أنا خللت من كتر الانتظار.
هتفت "نور" مجيبه عليها بصوت مرتفع نسبياً وهى ترفع كلتا يديها إلى الأعلي:
- يااااارب يااختى أنا وأنتى ف يوم واحد علشان نخلص.
بينما "رحيل" أطلقت ضحكة رنة عالياً فى أرجاء المكان، فأظهرت على أثرها تلك الغمازات المميزة التى أعطت لها شكل مبهر وزداتها جمالاً على جمالها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ذات يومٍ
جاء "مازن" من مقر العمل بعد يوم طويل مليئ بالجهد والأرهاق، فولج إلى المطبخ فرأى زوجة عمهِ تحضر وجبات الغداء، فقال مسترسلاً:
- عمتو العسل عامله اي النهاردة ع الغداء أنا ميت من الجوع.
أجابته "حنان" بابتسامة ودودة : عامله الاكله اللى بتحبها يامازن.
نظر إليها "مازن" بسعادة غامرة:
- بجد عملتى مكرونه بالبشاميل صح.
- اه ياحبيبى.
قبل "مازن" يدها بكل شكر وامتنان:
- شكرا ليكي ياست الكل والله أنتى عسل ومفيش منك أتنين.
تبسمت "حنان " وقالت بمرح بعد أن قرصة أذنيه: - بكاش.
تفوه "مازن" بمرح محبب:- طول عمرى ياحنون.
جاء عمه "حمزة" من الخارج فسمعه ينطق اسم زوجته المفضل لديه فهو لا يسمح لأح غيره يناديها به، فقام على غفلةٍ لم يدركها الآخر بإمساكه من طرف قميصه وقال بغضب مصطنع :
- أنت ياحيوان أياك تقولها الكلمة دي تانى فاهم أنا بس اللي أقولها ياحنون سامع.
أبتعد "مازن" عنه وهو يقترب من زوجة عمه وقام باحتضانها ثم قال بنبرة لعوبة :
-لا مش سامع وهقولها براحتي يا حنون وهقولها يا حبيبتى وياروحى ايه رأيك ياحنون فى كلامي.
نظر له "حمزة" بضجر هذة المرة ثم اقترب منه كى يعطيه درس لا ينساه طول عمره فدن مسرعاً منه، فقال "مازن" الذى أختبأ خلف زوجة عمه:
-بقولك ايه اهدى ...اهدى كدا وخليك عاقل أنت هتاخد ع كلام عيل زيي ولا أى ياحمزة.
-هو انت خليت فيا عقل يابن سليم.
صاح "مازن" رادحاً:-ماله ابن سليم ياعنيا هو أنت تعرف تخلف زيه.
أشار "حمزة" لزوجته أن تبتعد :
- ابعدي كدا ياحنان عن الكلب ده وخلينى اعرف أربيه.
حدق به "مازن" بخوف وهو يحكم قبضته على ذراعيها ثم قال برجاء :
-إياكى ياحنون تبعدى دا خلاص طقت منه دا عايز يضربنى بعد العمر دا كله.
-مازن الكلب شيل ايدك من ع مراتى دا أنت ليلة أهلك سوده.
ثم هرول نحوه راكضاً فكان على وشك أن يمسكه، فصرخ "مازن" عالياً وهو يفر إلى الخارج، ويهتف صارخاً:
-ياجماعة ياللى فى البيت حد يلحقنى الثور هاج.
بينما "حمزة" ظلّ يركض خلفه:
- هقتلك يامازن الزفت .
-ما تهدأ بقى الله يخربيتك أنت جبت الصحة دي كلها منين.
- بتقولى حمزة حاف دا أنا هطلع عينك وعين اللى جبوك، بقى أنت يازفت تدلع مراتى وتقولها حنون وحبيبتى .
تحدث "مازن" من وراء كرسي السفره بإيغاظه:
- أه أدلعها براحتى هو حد له عندي حاجة وبعدين هى بتكون قلبى وروحى كمان.
أنتباهه عاصفة من الانفعال والغضب فقال:
- دا أنا هطلع روحك فى ايدي وهقتلك وهدفنك فى مكان محدش يعرف يلاقيك فيه عشان ميعرفش يدعيلك حتى.
رقص "مازن" إحدى حاجبيه بتلاعب وقال بمكرٍ:
-واهون عليك ياحموزة تقتل مازن حبيبك طب وحنون تعمل ايه من بعدى يرضيك الوليه تزعل وتبكى دم بدل دمووووع.
انقض عليه الآخر انقضاض الكَاسرِ على طريدته، ففر على أثرها "مازن" إلى الأعلى وهو يصيح قائلاً:
-يانهار اسود يانهار اسود ياخسرتك فى الموت ياشابه ياخسرتك فى الموت اخرتها هتموت ع أيد حموزة ياميزو.
نظر إليه جده الذى كان يقرأ الجريدة فقال بقلة حيلة:
- لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهديك يامازن الواد مخه اتلحس خلاص.
جلس "حمزة" على الأريكة بجسد مرهق ثم قال:
- منك لله يا مازن الكلب قطعت نفسي والله لاربيك من أول وجديد.
بعد خضون ثوانٍ جاء "سليم" من الخارج وألقى السلام ع والده، ثم وجه نظر لأخيه فقال:- مالك ياحمزة.
أجابه "حمزة" بغضب خفيف دون أن ينظر إليه:- ماليش.
تفوه "سليم" بقلق:
- لا فى حاجة شكلك مش عاجبني يابن أبويا.
تحدث "الجد" بعد أن وضع الجريدة بجانبه:
-ابنك مازن جننه ولسه طالع ع فوق.
أردف "سليم" بغضبٍ فقال :
- مازن تانى بجد أنا تعبت منه هو مش هيسكت ولا هيتعدل غير لما اقوم أديله قلمين ع وشه يمكن يعدلوه.
جاء أن يذهب فاوقفه شقيقه قائلاً:
- أقعد ياسليم محصلش حاجه يعني علشان تضربه وبعدين هو مش عيل صغير هتقوم تديله قلمين.
-لا واضح انه محصلش أنت مش شايف نفسك مضايق وزعلان أزاى.
- لا مش زعلان، صمت لوهلة ثم أضاف بغيرة واضحة على اثره وحوارجه:
- بس أنا ما بحبش حد يقول لمراتى ياحنون ويدلعها غيرى دا أنا حتى ولادى منبه عليهم بكدا ومحدش يقدر يقولها حنون غيري ولا يلمسها حتى.
قاطعه صوت " مازن" من الاعلى وهو يقول:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- كدابين ياحموزتى عيالك بيضحكوا عليك ياحموزه بيخلوك مش هنا ويعملوا اللى هما عايزينه.
صاح "حمزة" غاضباً فقد زادت غيرته:
-بقا كدا ماشي لما يجوا البشوات والله لاوريهم.
حدق به شقيقه وابيه بصدمه، فقال "سليم" بعدم تصديق وشفقه:
- أنت بتغير ع مراتك حتى من ولادك ياحمزة.
-اه ومحدش بعد كدا يقرب منها أو يتكلم معاها.
تبسم الأخر على شقيقه الغيور بشدة ثم قال مازحاً:
-مش مازن لوحده اللى دماغه ع قده، ثم أخذ يضرب كف ع كف.
فقال الجد ضاحكاً:
- دلوقتى بس أنا عرفت مازن طالع لمين.
نظر لهم "حمزة" بضيقٍ فنهض من مكانه وذهب إلى زوجته حبيبته ورفيقة عمره.
جاء الليل مزيناً للسماء بعباءتهِ السوداء، فظهر القمر معاكساً لضوء الشمس بخجل، ثم بدأ يتلاشى تدريجياً تاركاً للنجوم مكانه، فبدأت المخلوقات تحتفل ببهجة السكون الأسود.
فى غرفة المعيشة كانت العائلة متواجدة معاً، فبدأت "صفا" زوجة "سليم" تفتح الحديث فقالت:
- عمي أنا فى موضوع مهم عايزة أتكلم معاكم فيه.
الجد: -موضوع ايه يابنتى.
-الصراحة يابابا رحيل متقدم ليها عريس.
احتلت الصدمه على وجه "رحيل" وخاصةً مراد الذى شعر بأن العالم قد توقف فى هذة اللحظة وشعر بوخز بداخله ولا يعلم لما هذا الشعور الذي سيطر عليه مرة واحده ولكنه حاول أن يتظاهر بالبرود و اللامبالاة، بينما زوجها أخذ يتسأل:
- عريس مين ده ياصفا.
-دا واحد ابن زميلتي شاف رحيل فى النادي وعجبته وطلب أنه يتجوزها.
أندفعت "رحيل" بالحديث قائلة بصوت مرتفع:
- بس أنا مش موافقة.
نظر إليها "سليم" وقال بحده: -رحيل صوتك.
- بس يابابا، قاطعت والدتها كلماتها قائلة:
- بس هو شخص كويس ومن عيلة كبيرة وعنده شركته الخاصه وهيريحك، دا غير أنه شخص متعلم ومثقف وغنى كمان زينا يعنى مستواه الاجتماعى حلو اوى ومناسب لينا.
ترقرقت الدموع فى عيناها الزرقاء ثم قالت بنبرة مختنقة:
-بس أنا ياأمي مش موافقه.
أردفت "صفا: بغضب: -ما هو مش بمزاجك هتوافقى غصب عنك يارحيل ورجلك فوق رقبتك.
رد عليه الجد بحده:- وهو من امتى واحنا بنغصب ولادنا ع حاجه ياست صفا.
-معلش يابابا أنا مش متفقه معاك فى الرأى دا، وبعدين هو حضرتك مش شايف إن الهانم مدلعه زيادة عن اللزوم وانها هى خلاصه كبرت وبقى لازم تتجوز وتفتح بيت ده حتى اللى فى سنها اتجوزوا وخلفوا.
أندهشت "رحيل" من حديثها فقالت ببكاء: - أنا ماليش دعوه بحد وأصلا أنا مش عايزة اتجوز دلوقتى نهائياً.
ثم ذهبت راكضة من أمامها إلى غرفتها ملجأها الوحيد الذى دائما تذهب وتبكى فيه بمفردها، فذهبت "نور" و"مازن" خلفها .
وجه "سليم" حديثه إلى زوجته وقال بلهجةٍ حادة:
- أنا هعتبر نفسي ما سمعتش الكلام اللى قولتيه دا، لأن أنا مش هغصب بنتى على حاجه هى مش عيزاها أنتى فاهمه وياريت متدخليش فى أى قرار يخصها.
تفوهت "صفا" بنبرة سيئة لم ترق له:
- لا هدخل ياسليم دى بنتى وأنا عارفه مصلحتها أكتر منك.
ثم غادرت هى الأخرى غرفة المعيشة.
-دى اتجننت خلاص هو من امتى والجواز فيه اجبار شكل الأشكال الى بتقعد معاهم لحسه مخها.
حاول "حمزة" أن يهدأ من غضبه فقال:
- ممكن تهدأ شويه الأمور ما تتحلش بالطريقة دي.
- اهدى ازاى من اللى أنا شايفه والهانم واقفه تقاوح وتزعق قدامى وبتقولى أنا عارفه مصلحة بنتى أكتر منك وهى من امتى أصلاً بتهتم ببنتها.
الجد: سيبها تقولى اللى تقوله مدام رحيل مش عايزة يبقى خلاص مفيش حد يقدر يجبرها ع حاجه طول ما أنا عايش.
تحدثت "حنان " بطيبة قلب:
-ربنا يديمك لينا يابابا ويبارك فى عمرك دايماً بتنصف أى حد فى العيلة دي.
رد الجد بابتسامة ودودة:
-ويباركلى فيكى ياصفا يابنتى ياريت الناس كلها تبقى عاقله وحنينه زيك.
تبسمت "حنان" بوجه بشوش لوالد زوجها الطيب والذى تعتبره أبيها الأخر، فهو دوماً كان الضهر والسند لها و لافراد العائله، حتى كان دوماً يقف فى صفها إذا حدث خلاف بينها وبين جوزها، فهو يشعرها فى جميع الأوقات أنها أبنته حقاً وليس مجرد زوجة ابن.
****************************
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ولج "مازن " بصحبة "نور" إلى غرفة شقيقته فرائها نائمة على الفراش، متكورة حول نفسها فى وضعيه الجنين تضم ركبتيها لجسدها ولم تتحرك ساكنة، فكانت تبكى بصوت متألم حزين وتطلق شهقات عالية ينفطر لها القلوب، نظر إليها "مازن" بحزن فدن منها وجلس بجانبها على الفراش ثم جذبها إليه وقام باحتوائها بين ذراعيه، فاختبئت هي بين حضنه الحنون وظلت تبكى اكثر حتى كادت أنفاسها أن تختفي.
مسد "مازن" على رأسها برفق ولين ثم قال:
- حبيبتى ممكن تهدى شوية كفاية عياط بالله عليكي.
أضافت "نور " بعض الكلمات فقالت بنبرة حزينة:
-رورو كفاية ياحبيبتى الموضوع والله مش مستاهل العياط ده كله وبعدين ياستي أنتى عارفه إن عمو وجدو مش هيوافقه ع كدا ابداً طول ما أنتى مش عايزة.
"مازن": -اه ياروحي محدش هيقدر يجبرك ع حاجه.
نظرت إليه "رحيل" بعينان مملوءه بالدمع حزناً كاكأس الطافئة:
- هى ليه بتعمل معايا كدا...هى ليه عايزة تجبرنى على الجواز، وبعدين هى من امتى اصلا بتهتم بيا طول عمرها بتقسى عليا وعمرى ما حسيت بحنيتها عليا، كل اللى هممها خروجاتها والسهرات اللى بتعملها لاصدقائها، عمرها ما جت حضنتني زى اي أم عادية بتحضن عيالها، دا كفاية لما كنت باجي أقرب منها تبعدنى عنها ساعات كتير بسمع ان قد ايه حضن الام بيبقى حلو وله شعور جميل جدا كان نفسى احس بيه زى ائ بنت طبيعية.
زاد بكائها أكثر فأخذت تقول بصوت متألم وهى تتذكر قسوة والدتها: - حتى فى مرة كنت خايفة وقلقانه لما أول مرة دخلت فيها الجامعه ف اليوم دا نور مكنتش معايا وكان فى واحد حاول أنه يضايقني ويلمسنى، أنا ساعتها خوفت أوى وحاولت أنى أهرب منه لحد فعلا ما قدرت أجرى واجى الفيلا ولما جيت روحت لماما وأنا كلى خوف ورهبه وكنت بعيط حضنتها بس هى زقتنى ولما حاولت أقرب تانى بعدتنى عنها قولتلها ماما أنا خايفه اوى وحكيت اللى حصل معايا ولكن هى ردت بان دا عادى وإن أنا مكبره الموضوع قولتلها لا كانت لمساته ونظراته ليا كانت وحشه اوى ماما بالله عليكي أنا خايفه ممكن تاخدينى ف حضنك زعقت فيا وقالتلى ايه الهبل اللى أنتى فيه دا مفيش حاجه اسمها خوف ومسكت ايدى جامد و بقسوة وقالتلي إياكى تقولى الهبل اللى قولتيه ليا قدام حد أنتى فاهمه مش ناقصه هى دلع بنات وكلام فارغ وزقتنى برا أوضتها...أنا ساعتها قلبى وجعني اوى بسببها ممكن يكون الموقف بسيط بالنسبالكم بس بالنسبالى لا لان دى أمى كنت اتمنى إن هى تكون أول حد أجرى عليه واحضنه واشكيلها كل حاجه مزعلانى ومخوفانى او أنى اشاركها فرحتى حتى.
أنهت حديثها وهى تضم توأمها بقوةٍ وظلّت دموعها منهمرة على خديها بكثرة.
بينما "مازن" أطبق عيناه بحزن محاولاً أستراد أنفاسه المختنقة ثم قال:
-وأنتِ ليه ياروحي مجتيش عندى وقولتيلي على اللى حصل معاكى وأنا كنت ربيت الحيوان دا وعرفته ازاى يتجرا يلمسك.
رفعت عيناها ونظرت إليه نظرة كئيبة منكسرة وقالت ببكاء:
- خفت عليك لان عارفه أنك متهور وأن ممكن تعمل حاجه للشاب ده وتأذى نفسك، صمتت لوهلة ثم أضافت قائلة بألم بلغ حنجرتها:
- تعرف يامازن أنا مش وحشه والله، أنا كنت عايزة احس بالأمان وأطمن ساعتها .....أنا انا مكنتش بدلع زى ما هى قالت والله.
ضمتها "نور" لصدرها ثم ربتت على ظهرها برفق وقالت بنبرة ممتزجة بالبكاء:
-حقك عليا أنا متزعليش مفيش حاجه مستهله أنك تنزلي دمعه علشانها.
تفوهت الأخرى بحزن مؤلم:
-أنا مش عايزة أزعل تاني لأن والله قلبي بيوجعني من كتر الزعل.
مرت دقائق متثاقلة وظلّت "رحيل" محتضناها حتى سرقها النوم، فقام "مازن" بوضعها جيداً على الفراش، ثم قبل مقدمة رأسها بحنان أخوي، ثم وجه بصره إلى "نور" وقال:
- يلا يانور خلينا نخرج ونسبها ترتاح.
أعترضت الأخرى قائلة:- لا أنا هفضل جنبها لحد ما تصحى.
-يابنتى هى مش هتقول دلوقتى غير الصبح يلا بقا.
-لا أنا مش هقوم واسيبها هفضل هنا معاها وكمان هنام هنا يلا أنت اطلع برا.
تحدث "مازن" بقلة حيلة فقال:- ماشي ياستي لو احتاجتى أى حاجه أبقى نادى عليا.
-حاضر.
نهض الآخر من على الفراش وأغلق جميع الأنوار ماعدا تلك الأباجورة ذات الإضاءة الهادئة، فعندما خرج من غرفتها صادف "مراد" مقابله فسأله عن حالتها:
- طمني يامازن رحيل عامله ايه دلوقتى هى كويسة.
- اه الحمدلله هى هتبقى كويسة وأحسن بعد ما تقوم من النوم ما أنت عارف رحيل بتنسي بسرعة وبتقدر تتخطى كل حاجة.
- طيب وأنت مافضلتش جمبها ليه.
أجابه الآخر بهدوء:- لأن أختك صممت تبقى موجودة معاها.
- تمام تصبح على خير.
رد "مازن" عليه قائلاً:- وأنت من أهل الخير.
ولج "مراد" إلى غرفته وخلع قميصه و ألقى جسده بأهمال على الأريكة، ثم وضع يديه على موضع قلبه الذى بدأ يؤلمه على حال تلك الفتاة التى سلبت كيانه، كان يستحوذ عليه شعور ممتزج بالغضب والحزن والألم، فهو لم يتخيل يوماً ما أنها من الممكن أن تكن لغيره، مجرد التفكير فى هذا يجعله يجن ويتألم،،
تذكر حديث والدتها القاسية التى جعلت فتاته تبكي بحرقة، ود لو ضمها بين أضلاعه ليهون عليها ما قيل لها، وليمسح أثر دموعها، لو كان بيده لكان أخفاها عن الجميع، لو كان بيده لصاح عالياً وقال بأنها محبوبته ملكه هو فقط ولا يحق لأحد غيره أن يكون زوجها، فلا يحق لأى شخص مهما كان أن يفكر فيها مجرد تفكير،،
ولكن فى تلك اللحظة تصنم مكانه حين أخبره عقله ماذا لو كانت تحب أحد غيرك؟...
انقبض قلبه تألماً من هذا السؤال الذى لم يستطيع أن يجيب عليه،
فهو لا يعلم إذا كانت تكن له مشاعر كما يكن لها أم لأ،،
شعر لوهلة بالخوف إذا كانت محبوبته تحب شخصاً أخر، فماذا سيفعل حينها؟.
ظلّ طيلة الليل فى صراع داخلي حتى غفت عيناه.
فى الصباح كانت "رحيل" جالسة بحديقة القصر بمفردها تنظر إلى السماء الصافيه فوقها، بينما نسمات الهواء تداعب وجهها بلطافة، فأخذ شعرها الجميل الناعم يتطاير خلفها بفعل الهواء فهذا جعلها تظهر بملامح جميلة هادئه تُسر من يطلع عليها، أغلقت عيناها برفق لتستنشق ذاك الهواء النقي.
" نغلق أعيننا عندما نفرح وعندما نبكي وعندما نحلم وعندما نتمنى وعندما نتعانق، لأن الأشياء الجميلة في الحياة لا نراها بالعين، بل نشعر بها بالقلب. "..
على الجانب الاخر كان هناك عين محبه تنظر إليها بكل حب وشوق ولم يكن هذا سوء "مراد" العاشق لها، ظلّ يحدق بها من شرفته التى تطل ع حديقة القصر، محدثا نفسه قائلاً بحب:
" ولكِ فى القلب ما لايجوز لغيرك وفى النبض نبض على سواكِ محرم، سأبقى أحبك فتاتي الجميلة مهما كان بُعدك عنى ومهما اختلفنا فمكانتك لم يملأها أحد غيرك".♥️
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ولجت "نور" إلى غرفة صديقتها "رحيل" فوجدتها تتزين أمام المرآة وتمشط شعرها الذى تركته بسلاسة على كامل ظهرها، فكانت ترتدي ثوب أسود لا يليق إلا بها، فتبسمت "نور" قائلة:
- ماشاء الله شكلك جميل أوى يارحيل.
أجابتها الأخرى بمرح:- طول عمري ياحب.
- تباً لغرورك، وبعدين يلا خلينا ننزل لجدو نكلمه على موضوع الرحلة.
تحدثت "رحيل" وهى ترتدي الاكسسوارات بيديها:
-طب ما تروحي تقوليله أنتى.
- لا يابنتي مش هينفع أكلمه لوحدي وبعدين هو مابيرفضش ليكى طلب.
نظرت إليها وقالت:- ياسلام ياختى ماهو بردو مابيرفضش ليكي طلب ومش بيتاخر عليكي فى اى حاجة أنتى محتاجاها.
- بس أنتى تأثيرك عليه أكبر لأنك أكتر واحدة مميزة عنده.
تبسمت "رحيل" برقة ثم قالت بلطافة:
- حاضر ويلا قدامى خلينا نخلص من زنك الرخم ده.
عبست "نور" من كلمتها فقالت : - بقى أنا زنانه.
- اه.
بعد لحظات كان الجد جالس يقرأ فى إحدى الكتب الأدبية، فجاءت "نور" من خلفه وهى تنوى على فعل شئ مزعج كالعادة،
فصاحت بصوت عالٍ بجانب أذن جدها قائلة:- جددوووووووو.
أستدار الجد نحوها ثم قال:
- حرام عليكى يانور دا أنا مصدقت خلصت من مازن تيجي أنتى تكملي المسيرة بعده.
رددت الاخرى بنبرة مرحة:
-جرا اي ياجدو دا أنت قلبك طلع قلب خصايه على الآخر.
تفوه الجد بنبرة ساخرة:
-خصايه روحى ياشيخه روحى ياشيخه ربنا يسامحك أنتى ومازن ف يوم واحد.
دنت منه "رحيل" وقالت مازحة:
- ايه ياجدو ماله مازن بس دلوقتى ده حتى الواد عسل وفى حاله.
اجابها قائلاً: -عسل بالستر ياختى.
تحدثت "نور" بابتسامة بشوشة:
-خلاص بقا ياحجوج متزعلش بهزر وياك يارمضان.
-هو أنا أقدر اقدر ازعل منك ياجميل.
سرتُ فى نفسها فرحةٌ غامرة فقامت بضمه إليها بكل قوتها وهى تقول:
-ايوه بقى ياجدو ياعسل دا أنت حبيبى أنت.
تبسم تغر الجد وقال مازحاً:
- يابت براحه هتخنقيني عايزة تموتيني بدرى يابنت حنان.
ابتعدت "نور" قليلاً ثم قالت:
-لا بعد الشر عليك من الموت ياحبيبى ربنا يطول في عمرك.
ابعدتها "رحيل" من أحضان جدها و قالت:
-ابعدي كدا وإياكِ تقربى من وهودى دا حبيبى أنا.
ثم قامت هى بضمه إليها وقالت بلطافة:
-مش صح ياجدو أنت حبيبى أنا وبس.
افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة ثم قال بحنية بالغة:
- طبعا ياقلب جدك.
نظرت "رحيل" "لنور" وهى ترقص حاجبيها بإغاظة فقالت الأخرى بضجر:
-شوفت ياجدو حبيبة قلبك بتغظني أزاى وبعدين أنت بتحبها هى وأنا لا.
أجابتها "رحيل" بعند: -اه بيحبنى أنا وبس.
نظرت إليها "نور" بوجه غاضب: -ياجدووو.
ضحك الجد "وهدان" على الفتاتين وهما يتصارعون على تلك المحبة، فقال مراضياً لهما :
-تعالى يانور، ثم أخذها بين ذراعيه كما فعل مع الاخرى وقبل رؤوسهما وقال:
- انتو الاتنين بحبكم زى بعض ومفيش اغلى منكم عندي، وخليكم عارفين أنكم ملكات البيت ده، والنور اللى بينوره ولو واحده منكم بس زعلت او حصل ليها أى حاجه القصر بيضلم، وخليكم عارفين بردو أنكم أحلى وأجمل حاجه فى حياتى، دا أنا عايش عمري علشانكم.
تحدثت "رحيل" بتاثر فقالت:
- تعرف ياجدو أني بحبك اوووي ف ربنا يديمك ليا وميحرمنيش منك ولا من حنيتك عليا.
وقالت الاخرى: - وأنا كمان ياوهودى بحبك أوي.
ضربتها "رحيل" بخفة على رأسها ثم قالت بنبرة مرحة:
-بت أنا بس اللى اقوله وهودى سامعه.
أبتعدت "نور" وهى تقول بتلعثم:
-جدو أحنا عايزينك ف موضوع.
نظر إليها الجد من طرف عيناه وقال:
- ما أنا قولت بردو الداخله دي فيها إن وياترى موضوع ايه اللى عيزاني فيه.
نظرت "نور" "لرحيل" بمعني تحدثى أنتي، فقالت الأخرى بكل وضوح:
- الصراحه كدا ياجدو أصحابنا فى النادى عاملين رحلة ف كنا عايزين نروح معاهم.
-وطالعة فين الرحلة دى.
أجابت "نور" بتوتر: -دهب ياجدو.
صاح العجوز منصدماً :- نعم دا ايه ياختي.
أردفت "رحيل" قائلة:
- اه ياجدو دهب وكمان يعني مش هنبقى لوحدنا ماهو معانا بنات رايحين.
الجد:- و دى هتقعد قد اي يارحيل هانم.
-أسبوعين ....أسبوعين بس ياجدو.
تفوهت "نور" بنبرة ممتزجة بالعطف:
- اه والله وافق بقى وخلينا نفرح.
- ولو موافقتش هتزعلوا يعني أنتو مش واخدين بالكم أن هى أسبوعين واحنا من امتى بنخلى واحده فيكم تبات بره من أصله.
-ياجدو ياحبيبى دى مره من نفسنا واحنا بقالنا كتير مخرجناش خروجه زي دي.
الجد: -لا مش موافق.
هتفت "رحيل" بترجى وقد ألتمعت عيناه بالدمع المزيف:
- علشان خاطرى ياجدو ما تحرمناش من الخروجة دي.
"نور":- بالله عليك وافق بقى.
فقالت الأخرى بإصرار مبالغ :
-يلا بقا ياوهودى وافق علشان خاطرنا.
-لا يعنى لا .
أردفت "رحيل" بنبرة حزينة مصطنعة:
- بقا كدا ياجدو امال عمال تقولنا أنتو أغلى اتنين عندي وأنك بتحبنا فين الكلام دا بقى وأنت بتكسر فرحتنا بعدم موافقتك على الرحلة.
تفوهت "نور" بنفس اللهجة : -اه ياقلبى ياللى اتكسر يانى.
نظر إليهما الجد بفم مفتوح من تمثيلهما الواضح:
- لا براف مشهد هايل، ثم ضحك قائلاً:
-دا أنتو زنانين أوى.
ضحكت "رحيل" بنبرة عالية و التمعت عيناها الزرقاء بشدة، فقالت وهى تقبل جدها:
- بحبك ياوهدان.
تبسم الجد وقال بمرح:- لمضه هانم ارتحتى دلوقتى يارب تكونوا مبسوطين، دا على كدا بقى لو كنت رفض كنتوا هتزعلوا صح.
-صح.
هتفت "نور" بصوت مرتفع نسبياَ:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- يعيش ويحيا وهودان بيه.
فأخذت "رحيل" تردد معاها وهما يذهبوا إلى الخارج، يعيش وهدان يعيش وهودى يحيا العدل، فضحك العجوز على هيائتهم المضحكة وفى هذا الوقت جاء "حمزة" وهو ينظر لاثرهم بحيرة فقال:
- هما مجانين العيله دول مالهم.
- فرحانين علشان وافقت أن هما يسافروا.
-يسافروا فين !.
- رحلة تبع النادى طالعه دهب أسبوعين واصحابهم كلهم رايحين وهما عايزين يروحوا معاهم.
-أزاى بس يابابا توافق ع طلب المجانين دول.
-ما أنا مقدرتش الصراحه أرفض ليهم طلب.
رد "حمزة" ضاحكاً: -هما اشتغلوك يابابا .
تبسم الجد بهدوء ثم قال :
- ما أعمل إيه اي لبنتك وبنت أخوك اللمضه التانيه اللى اتمسكنت لحد ما اتمكنت وأنت عارف إن بضعف قدام عيونها الحلوين.
تفوه "حمزة" باسماً:
- رحيل دى مشكلة وأنت بقا هتقدر ع بعدهم أسبوعين دى لوحده منهم اتأخرت برا بتبقى هتتجنن عليها.
- أهم حاجه أشوفهم فرحانين قدامى وبعدها كل شئ يهون.
بعد عدة ساعات ..
كانت "نور" تهمس "لرحيل" قائلة بسعادة:
-تعرفى أني بجد فرحانة أن جدك وافق على السفر واخيراً هنسافر لوحدنا.
أنتبه "مراد" لهمسها فسمع كلماتها الاخيرة فقال متسائلاً:
-مين دا اللى هيسافر.
أجابته شقيقته برقة:- أنا ورحيل ياابيه هنسافر.
-نعم تسافروا ! وعلى فين العزم إن شاء الله.
رددت عليه "رحيل" دون أن تلتفت نحوه: - رايحين دهب.
تحدث فى هذة اللحظة "مازن" بفرحة عابثة:
-الله دهب أنا جاى معاكم قوليلي بقى هنقعد هناك كام يوم ها ها.
أردفت "رحيل" بهدوء :-هنقعد أسبوعين.
-العب بس استنى انتو رايحين لوحدكم.
ألقت "نور" ناظرة خاطفة إليه ثم قالت:
-لا يامازن دى رحله طالعة ف النادى مع أصحابنا.
تحدث أخيها بعدم موافقة:- مفيش مرواح فى حته يانور.
بُهت وجه الفتاة فقالت منزعجة:
- ليه بس كدا ياابيه.
- أنا قولت كلمتي مفيش سفر فى حته مفهوم.
تحجرت الدموع فى عيناها فقالت بنبرة مختنقة:
-علشان خاطرى يامراد وافق.
قطب جبيناه وقال غاضباً:
- أوافق ايه يااستاذة أنتى بتقولى رحلة لدهب وطالعة تبع النادى واكيد فيها زفت شباب و..
أوقفته "رحيل" عن الحديث قائلة:
- لكن فيها بنات طالعين وبعدين احنا اخدنا موافقة جدو.
- وأنا قولت لا.
رددت عليه الأخرى بتحدي:
-وأنت مالك بتدخل فى اللى ملكش فيه ليه وبعدين أصلا أنت بترفض على أساس اي.
نظر إليها بعينان تتقدان غيضاً فقال بنبرة حادة:
-لا ليا يا أستاذة رحيل ومتنسيش أني ابن عمك الكبير وليا كلمة عليكى فاهمه.
زاد تمردها فأجابت بنفس الغضب والحدة:
-لا مالكش كلمة عليا ليك على أختك وبس و بعدين أنت فاكر نفسك ايه أصلا علشان تقولى لا وترفض.
تفوه أبيها بتحذير قائلاً:
-رحيل أخرسى ومسمعش صوتك واحترمي الموجودين.
ثارت "رحيل" غاضبة من ذاك المتحكم فصاحت متحدثة دون أن تنتبه إلى نبرة صوتها العالية:
- لا يابابا معلش حضرتك أنا مش هسكت هو ملهوش حق يتكلم معايا بالطريقه دى هو فاكر نفسه ايه يعنى.
غضب "سليم" من نبرتها فرفع يديه ليضربها، لكن منعه "مراد" قبل أن يفعل شيئاً سيندم عليه.
فنظرت إليه "رحيل" بصدمه وقد ترقرقت عيناها فهى لم تصدق ما حدث للتو، فهذة المرة الأول التى يرفع بها والدها يديه كى يضربها، وكل هذا بسبب ذاك المراد الذى تكن له مشاعر كارها، فأتاها صوته الذى تبغضه قائلاً:
-عمى أرجوك اهدى الموضوع مش مستاهل أنك تتعصب بالشكل ده وبعدين ماينفعش تضربها.
أحكم "سليم" قبضته حول ذراع أبنته وقال بانفعال:
- الظاهر أني دلعتك زيادة عن اللزوم وبقى صوتك يعلى عليا ...ومن هنا ورايح ابن عمك الكبير له الحق أنه يدخل ف أى حاجه تخصك وكلمته هتبقى مسموعه وهتمشي عليكى فاهمه ياهانم.
رجت الصدمة كيانها فأغمضت عيناه بقوة فقام والدها بهز جسدها بقوة أوجعتها ثم قال:
- مش بكلمك أنا ردي عليا.
أردف "مراد" باختناق:
- عمى سليم مش كدا سيبها لو سمحت.
دفع "سليم" أبنته التى كادت أن تسقط أرضاً فقال:
- على فوق ومشفش خلقتك قدامى يلاااااااا.
فزعت من حدته، وأثناء مرورها من أمامه وقفت مقابل "مراد" وقالت بنبرة متحشرجة من أثر اختناق البكاء:
-أنا بكرهك يامراد ومكرهتش حد فى حياتى قدك، أنهت جملتها ثم هرولت إلى غرفتها.
فنظر الآخر لاثارها بحزن وقد احس بوخزه قوية فى صدره،
فتلك الكلمة أخذت تتردد فى أذنيه شعر وكان خنجراً طُعن فى قلبه، فهذة الكلمة كانت كفيلة بأنها تكسر قلبه وتفتته إلى قطعٍ صغيرة.
تحدث الجد مستنكراً لما حدث:
- مكنش يصح اللى أنت عملته دا ياسليم.
أجابه بتهكم قائلاً :
-يعنى حضرتك ماشوفتش الهانم أزاى بتزعق وبتعلى صوتها عليا ومحترمتش وجودى قدامكم كأني مش عاجبها ومعملتش أى احترام لأى حد من اللى قاعد.
أردف الجد معاتباً:
-عارف أنها غلطت بس بردو مينفعش أنك ترفع أيدك عليها.
تحدثت "صفا" بكل بقسوة وبرود :
- المفروض كان ضربها وأداها قلمين على وشها ع قلة أدبها دى.
نظر إليهم بعدم رضا ثم قال:
-أنا هقوم أنام احسن دا أنتم مفيش فيكم أى فايدة وأنتى ياصفا بلاش معملتك دى لبنتك.
رددت متعجبة:
-يعنى هو أنا عملت ليها حاجة، وبعدين يابابا رحيل مدلعة زيادة عن اللزوم وحضرتك السبب فى دلعها ده.
ضرب كف على كف وهو يقول :
- لا حول ولاقوة إلابالله عايزانى أبقى قاسي زيك عليها ولا أبقى زى التانى اللى مش بيسأل فيها من أصله والله البت دي خسارة فيكم.
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فى وقت متأخر من الليل كان "مراد" واقفاً فى شرفة غرفته ينظر إلى ذاك القمر البازغ، فهو رفيقه المخلص ليلاً والذى يراقبه من بعيد صامداً، فهو يعرفه فى لحظاته المضيئة والمظلمة، وفى هذا الظلام أجتمعت الذكريات وكأنها قلباً لا ينبض إلا ليلاً، فرفع رأسه إلى السماء وتأوه بصوتٍ كئيب لا يخلو من الكسرة، وعلى حين غرة شعر بيد توضع على إحدى ذراعيه، فلما أستدار وجد جده يقف بجانبه، يسأله ما به، فأجابه الآخر فى حيرة:
- مش عارف مالي.
تنهد الجد ثم أضاف:- أزاى يعنى مش عارف.
أخبره قائلاً:- متشغلش بالك بيا أنا كويس مفيش فيا حاجه.
عاتبه الجد "وهدان" قائلاً:
- بتخبي على جدك اللى مربيك وعارف أنت بتفكر فى ايه، وايه اللى شغالك ومعكر مزاجك.
تنهد وقال:- صدقني مافيش حاجه مخبيها عنك.
- طب والحزن اللى مالى عينك دا تسميه ايه، سكت لثوانٍ ثم أضاف:
- أنت لو خبيت عن العالم كله وجعك وحزنك مش هتعرف تخبي على جدك يامراد.
تنهد "مراد" ثم أجاب بألم ينهش صدره:
- مش عارف حاسس بتعب ..مخنوق ومش عارف مالي جوايا وجع مش عارف اتخلص منه...حاسس بضيق فى صدري، وحاسس أن الدنيا كلها بتعاند معايا وماشية عكس ما بتمني.
تحدث الجد متسائلاً:
- أنت لسه بتحبها؟.
أنتظر رده فى ترقب فلم يجيبه الاخر فقال مبتسماً:
- مادام سكت يبقى لسه قلبك بينبض بحبها.
فرت دمعة من عينه حزناً فمسحها سريعاً قبل أن يراها جده فأردف:
- عمري ما بطلت أحبها، أنا كل يوم حبها بيزيد جوايا عن اليوم اللى قبله، ومكنتش أعرف أن معملتي ليها هتخليها تكرهني.
سارعه بالقول:
- ومين قالك أنها بتكرهك.
رد عليه مستهزاً:
-يعني حضرتك ماسمعتش الهانم قالت ايه ليا.
- لا سمعت بس دا من وراء قلبها.
نظر إليه بأنصات فقال:
- ازاى يعني مش من قلبها.
طمأنه الجد قائلاً:
-بمعنى هى مش كرهاك كشخصك هى مش بتحب تحكمك فيها لأنك طبعا عارف رحيل من صغرها متعودة أن كل طلباتها مجابه ومحدش بيرفض ليها طلب، فلما تيجي أنت مرة واحدة وترفض طلبها أو أي حاجه هى عيزاها ف أكيد هى مش هتحب كدا، فهتلاقيها بتتصرف تصرفات غريبة مش عجباك لمجرد أنها تلفت نظرك بتصرفها ده.
- وأنا مش همنع عنها حاجه غير لو هى متنفعش، يعنى حضرتك هى ونور مينفعش أن هما يسافروا ويباتوا برا البيت، وكمان هما رايحين فى حته مليانة شباب مش عارف أزاى حضرتك وافقت ع كلامهم.
أردف الجد مبتسماً:
-يعنى لو مكنش فيها شباب كنت هتخليهم يسافروا !.
اندفع "مراد" بالقول :
-طبعآ لا أنا مقدرش أن هى تغيب عني يوم واحد ومشوفهاش قدامي دا أنا اتجنن فيها.
تبسم الجد بخفة لما قاله حفيده، فوضع الآخر يديه على رأسه بإحراج، فقال الجد:
-مكنتش أعرف أنك بتحبها أوى كدا ومتقدرش ع بعدها، صمت لوهلة ثم أكمل قائلاً بود:
-تعرف يامراد إن أنت ورحيل ليكم معزة خاصة فى قلبى وأقرب اتنين ليا ودا لان أنا بشوف نفسى فيك وأنا صغير ولانك واخد حاجات كتير منى، أما رحيل بقا فهى نسخة طبق الأصل من جدتك الله يرحمها هى الوحيدة فيكم اللى طلعت نسخة منها نفس لون العين ولون الشعر الاحمر ونفس الغمازات ونفس طباعها، تعرف أول ما اتولدت كنت أنا أول واحد اخدها فى حضني ووقتها شوفت فيها جدتك، علشان كدا ناديت سليم وقولتله أنا هسمى بنتك رحيل ع اسم أمك لأنها هتبقى نسخة منها لما تكبر ساعتها فرح وابتسم ولما جيت أنت وشوفتها طلبت منى تشيلها وكان عندك ٨ سنين فاكر وقتها أنت قولت اي لما شيلتها بين ايدك.
أردف والفرحة تغمر قلبه:
- قولت دي هتبقى حبيبتي و عروستي.
- ولما قولتلك عروستك، قولت اه عروستى وهتبقى مراتى لما أكبر زيك أنت وتيتا، كنت فاكر أن دا مجرد كلام طفل، لكن لما كنت بشوف نظرتك ليها ولامعة عيونك ف كل مرة لما كنت بتكبر، و نظرتك اللى مكنتش بتتغير أبدا عرفت انه مش مجرد كلام وانه هيبقى حقيقى فى يوم.
تحدث "مراد" قائلاً بتسأل:
-تفتكر ياجدى أن ده ممكن يحصل وأنها هتبقى مراتى.
-وليه لا.
-خايف أن حلمي مايتحققش وتبقى لواحد غيري.
أجابه الجد باطمئنان:
-متخافش مدام لسه حلمك موجود خلى أملك ف ربنا كبير وانه قادر ع كل شئ، قادر أنه يجعل من الصعب سهل ومن المستحيل حقيقه بس أنت قول يارب واستودعه حلمك.
أردف الاخر بنجاة ربه هامساً:
- يارب أنت اعلم بحالى وما تحتاجه نفسى ف الأمر كله بيدك فاستودعك ما أتمنى.
******************************
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
جاء صباح يوم جديد مملوء بالتفاؤل والأمل، كانت تركض "نور" فى الممر محاولة إلالتحاق بأبيها قبل مغادرة البيت، وعلى حين غرة ألتوت قدميها اليسرى، فأمسكها "أدهم" الذى هرول نحوها مسرعاً قبل أن تسقط من على الدرج، فقام بضمها إلى صدره تلقائياً دون وعي، فخطف نظرة إليها ليدقق إلى ملامحها البرئية الذى لأول مرة يحدق بها عن قرب، فشعر بنبضة قوية تضرب قلبه، حين فتحت عيناها الماسية المرتسمة بالرموش الكثيفة، فبُهت من جمالها الذى سحره، فتعجب بداخله من ذاك الشعور المفاجئ الذى طرأ عليه، بينما هى أدركت الوضع فابتعدت عنه بحياء وقد توردت خديها، أستفاق مما هو فيه وقال مرتبكاً:
-أنتى كويسة رجليكى حصلها حاجه.
أجابته بحياء قائلة:
- لا محصلش حاجه أنا كويسة وشكراً لمساعدتك لولاك كان زماني طايحه من على السلم.
-على اي بس كويس أنى جيت ف الوقت المناسب قبل ماتقعى، و بعد كدا خلى بالك ومتجريش بالطريقة دي.
طأطأت رأسها إلى الاسفل بخجل وقالت:
- حاضر عن أذنك ، ثم تركته بمفرده.
تحدث "أدهم" إلى نفسهِ قائلاً :
-أنا ايه اللى بيحصلى وليه قلبى دق بالطريقة دى لما كانت قريبة منى، أياك تكون ياقلبي بدأت تحبها،،
فاق من شروده ليقول بنفى:
-لا مستحيل مستحيل يحصل وأرجع أحب تانى، لا مش هيحصل كفاية الوجع اللى اتوجعته قبل كدا ولحد دلوقتى مش قادر اتعافى منه، عمري ماهسمح لوحده تانية تدخل حياتي،،
الحب بيخلى البنى آدم مننا ضعيف ومكسور وأنا مش هسمح لده أنه يتكرر تانى.
على الجانب الأخر كانت "رحيل" جالسة أمام حوض المسبح تنظر إليه بشرود، فقامت "نور" بالمناداه فلم تجيبها فهزت ذراعيها وقالت:
- أنتى يابنتى.
أنتبهت "رحيل" إليها فقالت متعجبة:
-نور أنتى جيتى امتى!.
رددت عليها وهى تجلس بجانبها على المقعد:
- بقالى ساعة قاعدة جنبك وبنادى عليكى وأنتى ولا الهوا كأنك مش موجودة.
-مخدتش بالى والله وبعدين ياكدابه ساعة ايه اللى قاعدة فيها معايا إذا كان أنا جيت هنا من شوية.
علت الابتسامة محياها فقالت:
- ما هو طبعا لازم اقول ساعة زيهم امال أقول أى يعني.
تسألت الآخرى قائلة:
-هما مين دول اللى لازم تقولى زيهم؟.
- اللى هما ع طول بيقولوا أنا بقالى ساعة مستنيك تحت البيت، وأنا بقالى ساعة برن عليك وأنت مش بترد واللى واللى بقى دووول كتيييير أوى وهما أصلا بتلاقيهم بقالهم دقيقة أو أقل مش ساعه زي ما هما بيقولوا.
تبسمت "رحيل" برقة مما جعل إحدي غمازاتها تظهر واضحة:
- أنتى هبله يانور ايه اللى بتقوليه ده.
أجابت "نور" ببلاهة:
- اة وربنا هما بيقولوا كدا حتى اسألى مازن وهو هيقولك.
حركت "رحيل" تلك الأسوار فى يديها بتلاعب ثم قالت:
-اااه قولتى مازن وأنا بقول البت جرا ليها ايه اتارى البيه بهت عليها.
بعد بضع دقائق جاءت صديقتهم الثلاثة " ندي" التى صاحت قائلة:
- صحابي الواطييين عاملين اي.
تفاجأت "نور" من وجودها فقالت متسائلة:
- حبيبتي ندي أنتي جيتي امتى.
- أنا لسه جاية حالاً يامتخلقة أنتى جرا لعقلك ايه ركزي كدا الله يكرمك مش ناقصه عته.
- أنا مش متخلفة ياست ندي.
قاطعتها مازحة:
- ما أنا عارفة أنتى هتقوليلي.
فر ثغر "رحيل" عن بسمة ودودة وقالت:
- سيبك منها ياندي وطمنيني عليكى.
- أنا الحمدلله بخير، أنتى أخبارك ايه ياقمر.
أجابة الأخرى بمرح:
- القمر زي الفل.
- طب كويس، ثم أضافت قائلة:
-وبعدين ياواطين بقالكم كام يوم محدش منكم عبرني ولا سمع ليكم أى حس ولا شافكم حتى، فعلا طلعتوا عيال واطيه على الآخر بقى هى دى الصُحبة.
-ع أساس أنك أصلا بتسالى أو بتكلمي حد فينا ياست ندى.
تفوهت "ندى" ببرود: -المفروض أنتو اللى تسألوا مش أنا ياست رحيل.
-ودا ليه إن شاء الله.
-علشان انتو أتنين وأنا واحده.
ضحكت "نور" ثم قالت :- لا والله.
رددت "ندى" بمرح :
-اه والله وبعدين إذا كان عجبك يانور هانم، المهم أنا جاية ليكم علشان اخدكم معايا بربطة المعلم نروح نشترى شوية حاجات ليا.
أردفت "نور" قائلة بخمول :
-أنا مش قادرة اتحرك من مكانى.
- لا ياحلوة هتيجى معايا يعنى هتيجى وبطلى كسل بقا شوية.
تظاهرت "نور" بالتعب قائلة:
- صحبتك عيانه ياندي ورجلى وجعانى دا حتى من شوية كنت هقع من ع السلم لولا أدهم.
بترت حديثها حين أمسكتها "ندي" من ثوبها الأبيض وقالت مندهشة:
- لولا مين ياما عيدي كلامك تانى أصلي ماسمعتش كويس.
أبتلعت ريقها بخجل ثم قالت:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- لولا أدهم ابن عمي.
- مش أدهم دا هو نفسه حبيب القلب.
- اه.
- ياحنينه، واكيد أنتى طبعاً كنتى هتطير من الفرحة عشان الواد لاحقك صح.
تبسمت "رحيل" من هيئة وحالة "نور" المنكمشة من أثر قبضت "ندي"،، ثم قالت:
-سييبي البت ياندي حرام عليكي أنتى قفشاها كدا ليه.
تحدثت الأخرى بإصرار قائلة:
- ما أنا مش هسبها غير لما تقولي ايه اللى حصل.
نظرت إليها "نور" وقالت:
- والله هقول بس أنتى ابعدي عني ياشيخه بدل ما أنتى محسساني أنك قفاشة حرامي.
ابتعدت صديقتها عنها وبدأت تقص عليهما ما حدث:
-كنت بجري ورجلي اتلومت وكنت هقع من على السلم بس أخوكى يارحيل الله يستره لحقني ووو... ولكنها حين تذكرت كيف قام باحتوائها قبل سقوطها، فافترّ ثغرها الصغير عن ابتسامةٍ عذبةٍ.
دنت منها "رحيل" عندما لاحظت اصتباغ خديها بالاحمرار فقالت بمكرٍ:
- بصى كدا ياندي أنا حاسه أن وشى أحمر حطى أيدك وشوفيني لاحسن يكون فى سخنيه ولا حاجه.
ضحكت " ندي" من تداعب "رحيل" فقالت مازحة:
-ايه دا ياريري مال وشك بقا احمر كدا ليه، شكل كدا السخنية عالية عندك.
نظرت إليهما "نور" بخجل ممتزج بالغضب فقالت:
- بجد أنتو باردييين اوووي ع فكره.
تفوهت "رحيل" بمرح قائلة:
- الا قوليلي يانور هو دومى حبيبى أنقذك من الوقعة ازاى يعني حضنك مثلاً عشان متقعيش.
اجابتها بغيظ مكتوم:
- تصدقى يارحيل أنك باردة زى أخوكى.
-وماله أخويا دا حتى عسل.
- عسل أسود وأنتى الصادقه.
بينما "ندى" قالت باسمة:
- يابت يابت قولى واعترفى باللى حصل بدل ما اخليكى تعترفى بطريقتي.
أردفت "نور" بصوت عذب ورقيق وقالت كل ماحدث ثم أضافت :
-بس ياستى هو دا كل اللى حصل وأنا من ساعتها مش قادرة اتلم ع بعضي، قربه كان حلو أوى تعرفوا أنا بحبه ونفسي هو كمان يحبنى.
ربتت "رحيل" على يديها برفق ثم قالت بلين:
- أكيد هيجى اليوم اللى هيعترفلك بحبه بس أنتى اصبري.
أردفت الأخرى بيأس:
- شكله مش هيحصل ابداً، لأن أخوكى دا بارد مش بيحس اصلآ.
- والله أنا أخويا احسن من ناس تانيه ومش بارد زيهم و لا حتى بيدخل ف اللى ملهوش فيه.
نظرت نحوها الاخرى ثم قالت:
-أنا حاسه أن كلامك فى تلقيح وشكله ع ابيه صح، شكلي هزعلك دا أخويا حبيبى.
-ياشيخه اتنيلى أنتى وأخوكى البارد المعدوم الإنسانية اللى حاشر مناخيره ف كل حاجه.
تفوهت "ندى" متعجبة:
-هو ايه اللى حصل مخليكى مش طايقه الشاب الحيلاوة مراد باشا،
عملك ايه اللى شكله وكلامه بينقطوا عسل وسكر، أكيد أنتى اللى بتفترى على الراجل ياظالمة.
نظرت إليها "رحيل" بأشمئزاز ثم قالت:
-عسل وسكر ايه جو التلزيق ده.
تحدثت "نور" بغضب مصطنع:
-لا يارحيل كله إلا ابيه مراد دا مفيش احلى منه ولا فى حنيته دا عسل.
زمت "رحيل" شفتاها وقالت:
- اه وماله وبعدين ايه اللى كل شويه دا عسل دا عسل خنقتونى.
جذبتهم " ندى " وهى تهم على الخروج قائلة:
-طب يلا ياحلوة أنتى وهى خلينا نخرج نروح المول وبعد كدا نبقى نشوف حكاية العسل اللى مزعلك.
*************************************
فى هذا المستودع المظلم كان جالساً ذاك الشخص على مقعده الخاص، يرتدي قناعاً يخفى به وجهه، فلم يظهر منه إلا عيناه فقط، كان يشغل عقله كيف سينتقم من تلك العائلة الذى يحمل لها قدر كبير من الحقد والكره،،
وفى هذا الاثناء قاطع تفكيره رنة هاتفه، ففتح على المتصل وبدأ يسترسل قائلاً:
- ها عملتى اللى قولتلك عليه.
المجهول: -لا لسه مجاش الوقت المناسب.
الشخص: -هو أنا لسه هستني الوقت المناسب.
المجهول :- خلاص يافندم الموضوع قرب ينتهى واللى أنت عاوزه هيحصل.
صاح الشخص غاضباً : والبيه التانى ايه وضعه.
المجهول :- والله يافندم هو ماشى حسب الخطة بس احنا كنا عايزينك تزود لينا الفلوس.
الشخص : -لما اللى قولت عليه يتنفذ هديكم الفلوس اللى عايزينها.
تحدث المجهول بطمع : - بس احنا عايزين مليون جنيه.
الشخص :-بس دا كتير .
المجهول: -مش هيبقى كتير على اللى هيحصل.
الشخص :-تمام موافق المهم أنكم تخلصوا الموضوع ف أقرب وقت أنا عايز أشوفه ميت قدامى.
ثم اكمل بشر: أصل أنا مش هرتاح ولا هيهدالى بال إلا لما اخلص عليه واقهر عيلته ع موته.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
جاءت "رحيل" من الخارج تحمل بيدها بضع أكياس، فجلست بجانب جدها بأرهاق وتعب شديد، ثم قالت:
- الله يخربيتك ياندي بهدلتينا معاكى.
جلست بجانبها "نور" وقالت بنبرة مرهقة:
- الواحد خلاص مش قادر ورجليا مش حاسه بيها من كتر التعب.
جاء الجد وجلس إليهما وقال:
- مالكم بس ياقمرات.
أجابته "رحيل" قائلة:
- البت ندى لففتنا محلات مصر كلها علشان تشترى فستان وفى الاخر الهانم معجبهاش أى حاجة.
- طب وأنتى ونور اشتريتم ليكم حاجة.
أردفت "نور" وهى تخرج من إحدى الأكياس ثوب جديد بلون اللافندر، وقالت بنبرة فرحة كالأطفال:
- بص ياجدو شكله حلو ازاى.
نظر إليها وقال بحنية:
- شكله حلو ياروحي وطبعا هيحلو أكتر لما تلبسيه و تتهنى بيه، ثم أضاف:
- وأنتى يارحيل جبتي ايه.
- جبت نفس فستان نور بس اللون مختلف.
الجد: - مبارك عليكم يلا قوموا اطلعوا غيروا هدومكم وبعدين انزلوا علشان نتغدا مع بعض.
نهضت "رحيل" من مكانها وهى تقول بتثأوب:
- مش عايزة أكل، أنا هطلع أنام لأن خلاص فصلت ومابقتش قادرة أقعد ثانية واحدة.
تحدثت "نور" وقالت:
- وأنا كمان هطلع أنام ومحدش يصحيني من هنا لبكرا.
تحدث الجد قائلاً:
- اتغدوا الأول يابنات وبعدين ابقوا ناموا زي ما أنتم عايزين.
أردفت "رحيل" وهى تهم على الذهاب:
- مش عايزين نأكل.
ثم غادرت مع ابنة عمها التى قالت هامسة:
- بت يارحيل أنا عايزة أقولك على حاجة.
- حاضر بس أروح أنام الأول وبعدين لما أصحى قولى كل اللى نفسك فيه.
- خلاص ماشى.
قابلهم العم "سليم" وهم يصعدون على الدرج فتبسم قائلاً:
- ازيك يانور عاملة ايه ياحبيبتي.
قالت الأخرى مبتسمة وهى تضمه:
- الحمدلله بخير ياعمو طمني على حضرتك.
أجابها وهو ينظر لابنته فقال باسماً:
- بخير ياقلب عمك.
ألقت "رحيل" نظرة خاطفة حزينة إليه ثم قالت:
- أنا رايحة أوضتي.
بعد أن غادرت طأطأ الآخر رأسه بحزن فهو مهما حدث لا يحب أن يرى ابنته وحيدته حزينة بهذا الشكل منه، فربتت "نور" على ذراعيه وقالت برقة:
- متزعلش ياعمو، أنت عارف بنتك بتزعل على طول لكن قلبها أبيض وهتيجي تصالحك.
قبل جيبنها وقال برفق:
- ماشى ياحبيبتي روحي ارتاحيلك شوية.
-حاضر.
************************************
فى المساء
وخاصةً على سفرة الطعام جلس "مازن" قبل أن يجلس الجميع، وصاح عالياً :
- ياعالم ياللى فى البيت فين الأكل أنااااا جعاااان.
جاء "هشام" وجذب مقعد له وقال بنفس اللهجة:
- ياعمتوووو فين الأكل بجد حرام عليكم اللى بتعملوه فيا.
أقبلت "حنان" نحوهما وهى تقول متعجبة:
- مالكم فى ايه، ما الأكل خلاص هيتحط أهو، وبعدين أنتم ليه قعدوا على السفرة دلوقتى هااا.
أردف "مازن" بجوعٍ:
- هنعمل ايه بس ياعمتو ما اصلنا جعانيين أوى ومحدش فيكم حاسس بيا.
فقال الآخر:
- والله أنا مش قادر خلاص هموت من الجوع.
مسدت "حنان" على شعره وقالت بحنية:
- بعد الشر عليك من الموت ياحبيبي دقيقة والأكل هيكون جاهز، وبعدين هو أنتم ماكلتوش حاجه فى الشغل تصبركم شوية.
تحدث "مازن" بضيقٍ فقال:
- هو الواحد عرف يأكل ولا يعمل حاجه بسبب ابنك المستفز.
- ليه بس عمل فيكم ايه تاني النهاردة.
تفوه "هشام" بنبرة مستعطفة:
- يرضيكى ياحنون اللى ابنك عمله فينا دا منع عننا الأكل ودخول الحمام كمان.
- ودا ليه كدا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
أردف "مازن" قائلاً:
- علشان معندهوش دم، ابنك ياست الكل طلع عين اللى جابوني فى الشغل النهاردة متقوليش يمكن ضرته وأنا معرفش.
بينما الآخر قال منزعجاً:
-اسكتى ياعمتو الله يسترك دا كأنه بينتقم مننا وكأن مفيش غير هشام ف ام الشركة دى اللى بيرصد الحسابات كل شويه هشام شوف ملف الحسابات وعدله هشام مش عارف الحسابات مالها هشام أنت نسيت تكتب معرفش ايه كل حاجه هشام هشام لحد ما أتخنقت.
ضحكت "حنان" وقالت بطيبة قلب:
-معلش ياحبايبى حقكم عليا دا مفيش أطيب من مراد والله.
أردف "مازن" مستهزئاً:
- اه أنتى هتقوليلى دا طيب بشكل من كتر طيبته خلاص قربت أموت دا ياساتر بنادم لا يطاق.
جاء "مراد" من ورائهما وقال:
- بتقول حاجه يازفت.
- مابقولش مابقولش أنت ع طول كدا بتيجى ف الوقت الغلط.
تحدث "هشام" بضيقٍ فقال:
-ماله دا هو هيمنع عننا الكلام كمان هنا ولا أي.
اقترب منهما "مراد" وقال محذراً:
-عرفيين لو محطتوش لسانكم جوا بوقكم مش هيحصلكم كويس وبالذات السوسه التانى اللى جنبك.
نظر إليه "مازن" فقام بكتم فاهه بيده وقال:
-بص أنا ساكت أهو وأنت اللى بتجر شكل.
- بقى أنا اللى بجر شكل يبتاع سوزى عارف يامازن لو لمحتك قدم مكتبى تانى هعمل فيك اي.
دن "هشام" منه وسأل مستفسراً:
- هتعمل أى ها ها قولى وأنا مش هقول صدقني.
تحدث "مراد" وهو ينظر نحوه بطرف عيناه فقال ساخراً:
- اه ما أنا عارف أنك مش فتان ولا هتقول لحد.
نادت "حنان" الجميع قائلة:
-يلا ياجماعة الأكل جهز.
بعد مرور بضع ثوانٍ تسأل "أدهم" قائلاً:
- أومال البنات فين هما مش هياكلوا معانا.
اجابه "الجد" :- هما نايمين ومش هياكلوا.
تفوه "مازن" قائلاً:- أنا هطلع اصحيهم.
الجد:-لا ماتطلعش هما مش هيقوموا دلوقتى علشان تعبانين سيبهم يناموا براحتهم.
تحدث "مراد" بنبرةً قلقلة فقال:
- تعبانين !...أنا هطلع أشوفهم.
"الجد":- يابنى أقعد مفيش فيهم حاجة هما بس كانوا ف المول طول النهار ف حبوا أن هما يرتاحوا شويه ويلا كلوا بقى.
*******************************
فى الصباح الباكر...
دق جرس المنبه فانزعجت "رحيل" فقامت بفصله وأكملت نومها مجدداً، لحظات وولج إليها شقيقها فقام بالمناداة:
-ريرى ياريرى يلا قومى كفاية نوم لحد كدا.
تفوهت بضيقٍ قائلة:
-ياربى هو الواحد مايعرفش ينام ف ام البيت ده.
-اشحال أنك أول واحدة نايمة فى القصر كله.
شدت الغطاء على وجهها وقالت بنبرة ناعسة:
-بص هما شوية صغيرين وابقي صحيني ماشى.
أصر "مازن" بأن يُقظها فسحب الغطاء من عليها وقال محذراً:
- والله لو ماقومتى هروح انادى نور وأنتى عارفه طريقتها الرخمه لما بتصحي حد.
نهضت "رحيل" ثم قالت بضجر:
- يووووه أهو قومت ارتحت بقى.
تبسم الاخر وقال:
-ايوة ياريرى هنزل أنا بقى استناكى تحت سلام.
بعد خروجه همست قائلة :
-والله رخم، بعد ما أنهت جملتها لمحت هاتفها يُضئ بالإتصال فجذبته إليها وقامت بالرد على المتصل.
فاتاها صوت "سامر" الذى تحدث بنبرة ودودة:
- صباح الخير على أجمل بنت فى الدنيا وحشتينى.
فقامت الاخرى بعدل جلستها ثم قالت بخجل:
-وأنت كمان ياسامر.
- من وقت ما سفرت و أنا والله زعلان أنك مجتيش معانا، كان نفسي تكونى موجوده جمبي.
- معلش ياسامر ما أنت عارف أن أنا كان نفسى أوى اكون معاك.
أجابها الآخر وهو يمسك بيد تلك الفتاة الجالسة بجانبه فقال:
- معلش ياقلبى نبقى نعوضها بقا لما نتجوز.
-أكيد طبعآ.
تحدث "سامر" بلطافة مصطنعة:
-اكيد يارورو اسيبك أنا بقى ياحبيبتى وهبقى اكلمك تانى تمام.
- تمام .
بعد ما أغلق "سامر" معها، فنظرت إليه "مرام" الجالسة بجانبه وقالت بضيقٍ:
-أنا مش عارفه هفضل مستحمله المسرحيه دى لحد امتى.
- خلاص ياقلبى هانت وهناخد اللى احنا عايزينه منها فاصبرى شوية كمان.
دنت نحوه "مرام" أكثر فقامت بتحريك أزرار قميصهُ بتلاعب :
-حبيبى ياسمورة أنت طبعا عارف أنا بحبك قد ايه صح.
أجابها بنبرة مزيفة:
-طبعا ياقلبى عارف وأنا كمان بحبك، ألا قوليلى أنتى بتعملى كدا ليه مع رحيل مع أنها كانت صحبتك، يعنى أنا مثلاً بحاول اقرب منها علشان فلوسها لكن أنتى ايه سببك.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تحدثت "مرام" بحقدٍ واضحٍ:
- أنا عمرى ما حبيتها أنا بكرهها اوى.
-بتكرهيها!.
رددت عليه بكل غيرة وحقد وحسد:
- ايوة بكرهها علشان عندها كل حاجه وأنا لا، عندها حب أصحابها وعندها عيلة وأخوات بيحبوها وبيتمنوا ليها الرضا ترضى، لكن أنا أهلى محدش منهم بيهتم بيا ولا بيسألوا عنى ومش فارقه معاهم كأني مش بنتهم، ودا غير أن هى عندها فلوس كتير وكل حاجه ليها مجابه وكل اللى بتعوزه بيجيلها لحد عندها لكن أنا بقعد اتذل للناس علشان حتى الاقى مكان أسكن فيه أو الاقى أكل حلو اكله،،
اشمعنا هى عندها كل حاجه وغيرها لأ أنا بكرهها أوى فوق ماتتخيل، دا أنا حتى ابن عمها اللى من أول مرة شوفته فيها حبيته بجنون وحاولت اقرب منه بس هو رافضنى لانه طلع بيحبها هى هى وبس ليه يبقى عندها كل حاجه وأنا لأ، بس أنا مش هخليها تتهنا بحياتها ابدا وهخلي قلبها يتحرق لما تعرف أن الشخص اللى بتحبه مش بيحبها وبيحبنى أنا وهكسرها بيك،،،
ثم تبسمت ابتسامة تحمل حقد العالم بداخلها.
بينما "سامر" كان يحدق بها بذهولٍ مما تفوهت به، فقال بداخله:
- ياستار استر أنا كنت حاسس أنك بتكرهيها بس مش بالشكل دا أنتى فعلاً أنسانة مريضة والحقد والغل مالين قلبك.
ثم أضاف بخبثٍ : - أنتى فاكرة أنى بحبك أنا بس بتسلى معاكى لأنك واحده رخيصه مش أكتر.
حين نظرت إليه بادلها النظرة بابتسامة عريضة مزيفة.
********************************
بعد مرور نصف ساعة ولجت "رحيل" إلى المطبخ وقد افترّ ثغرها عن ابتسامة رقيقة وقالت:- دادة سعاد صباح الخير ياجميلة.
نظرت إليها "سعاد" بوجه أصفر شاحب من أثر التعب، وقالت:
-صباح النور ياحبيبتى.
اقتربت منها "رحيل" بعد أن رأت شحوب وجهها فقالت بنبرة قلقة وهى تتفحصها:
- مالك يادادة أنتى كويسه.
ثقلت حركة الدادة فأخذت تجر قدميها لتجلس على أقرب مقعد قبل أن يختل توازنها، ثم قالت:
-أه ياحبيبتى أنا كويسه وزى الفل.
- كويسه فين بس دا أنتى شكلك تعبانه أوى.
- متقلقيش يابنتى.
رددت عليها بقلق قائلة:
- أزاى بس مقلقش عليكى ياحبيبتى استنى هنادي ع حد من برا يجى معايا نوديكى المستشفى.
ذهبت "رحيل" إلى زوجة عمها وجاءت بها إلى المطبخ، فولجت معها وهى تقول:
-فى ايه يارحيل خضتيني يابنتي.
-دادة سعاد تعبانه تعالى نوديها المستشفى.
اقتربت "حنان" وهى تتفحص حرارة الدادة ثم قالت:
-مالك ياسعاد ايه اللى تعبك.
-مفيش والله ياهانم هو بس شوية إرهاق مش أكتر ورحيل مكبره الموضوع.
-شكلك بيقول غير كدا، قومى معايا خلينا نروح عند الدكتور يكشف عليكى.
تفوهت "سعاد" بنفس متثاقل فقالت باعياء:
-والله ياجماعه أنا كويسه ملهوش لازمه أروح فى حته.
أردفت "رحيل" بأعتراض:
-لا يادادة احنا لازم نروح نطمن عليكى.
-لا مش هروح ف حته الله يرضى عنكم هو بس شوية أرهاق مش اكتر.
ربتت "حنان" على كتفها بطيبه:
- خلاص يادادة مش هنروح ف حته بس هتقومى دلوقتى تروحى وتاخدى أجازة لحد ماتبقى كويسة
-لا مش هاخد أجازة أنا كويسه اهو قدامكم.
-لو سمحتى أنا مش عايزة اعتراض احنا أهم حاجه عندنا راحتك وصحتك متنسيش أنك واحده مننا وبنخاف عليكى.
أجابتها الأخرى قائلة بقلة حيلة:
-حاضر هعمل اللى يريحكم.
ضمتها "رحيل" برفق ثم قالت بلطافة:
-خلى بالك على نفسك ياحبيبتى ولو حسيتى بأى تعب كلميني اتفقنا.
- اتفقنا. ثم ذهبت إلى بيتها لتنعم بقليل من الراحه.
******************************
كان "أدهم" يرتب بدلته الرسمية التى سيذهب بها إلى العمل، فدق باب غرفته فسمح للطارق أن يدخل ظناً بأنها شقيقته، ولكنها كانت هذة "نور" التى ولجت إليه وقالت مرتبكة:
- أدهم فاضى.
تعجب لوجودها فتلك هى مرتها الأولى التى تأتي بها إلى غرفته فقال هو:
-مش أوى يعنى، أصل كنت بجهز علشان عندي شغل ضروري.
همت على الخروج:
-خلاص هبقى اجيلك وقت تانى.
أوقفها "أدهم" وهو ينظر إلى ساعة الحائط وقال:
-استنى لسه فاضل معايا شويه وقت قولى عايزة ايه.
أجابته "نور" بتوتر:
-كنت عايزة أقولك ع حاجه مهمه.
-اتفضلى يانور.
نظرت إليه وقد الجم الخجل لسانها فشعر هو بتوترها فقال بلطف:
-ممكن تهدى كدا وتبطلى توتر أنا والله مش بعض أتكلمى يانور.
تفوهت "نور" بحياء فقالت:- يعنى اتكلم عادى.
تبسم " أدهم " على كلماتها فقال بمرح:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- أومال أنتى جايه علشان تسكتى.
أخذت نفس عميق وقد تشجعت قليلاً فقالت بنبرة متقاطعة:
- أدهم أنا...أنا بحبك.
تصنم الأخر مكانه من هول صدمته ومن أعترافها المفاجئ والجريئ الذى لم يتعاهده منها من قبل، فأكملت حديثها قائلة بخجل مفرط:
-أنا بحبك من زمان أوى ومن لما كنا صغيرين وكنت خايفه أني اعترفلك بمشاعرى لتأخد عني فكره وحشه بس صدقنى أنا مقدرتش اخبى مشاعرى عنك اكتر من كدا.
صاح "أدهم" صيحةً مفزعةً جعلتها تتراجع بخطواتها إلى الخلف قليلاً، فقال هو:
-أنتى اتجننتى يانور أزاى تقوليلي كلام زي ده.
أجابته فى تأثر وحزن فقالت:
-أنا متجننتش أنا فعلاً حبيتك من كل قلبى و خوفت أنك تضيع مني.
حدق بها "أدهم" ونطق قبل أن يفقد صوبه عليها:
-اطلعي برا مش عايز أشوفك قدامى تانى ولا عايز أسمع الهبل ده منك أنتى فاهمه يااستاذة.
سارت بخطوات بطيئة ثم وقفت أمامه وقالت باكية:
-أدهم أرجوك افهمني أنا بحبك والله ومستعده اعمل أى حاجه علشانك.
تفوه "أدهم" فى تشنج وعصبيه بالغة:
-وأنا مش بحبك و اقسم بالله يانور لولا أنك بنت عمى كان هيبقى ليا ردت فعل مكنتش هتعجبك ولو اللى حصل دا اتكرر تانى لهتشوفى منى وش مش هحب أنك تشوفيه لأنك وقتها هتكرهينى بجد.
ثم قام بدفعها خارج غرفته، فوقعت على الأرض بأنهيار وقد أغرقت الدموع وجهها، ثم انخرطت فى بكاء مرير كاد يمزق قلبها، وفى تلك اللحظة كرهت نفسها بشدة بسبب أعترافها بمشاعرها، فهى الآن أخطأت بفعلتها كثيراً فى حق نفسها وكرامتها،،
فقد تأكدت الآن أن حبها كان من طرف واحد وليس كما كانت تظن، فقالت متالمة:
- أنا أتسرعت ومكنش ينفع أني اعترفله بحبي هو اكيد دلوقتى بقى شايفنى واحدة رخيصه بتعرض نفسها عليه، أنا لازم انسااه ومفكرش فيه بعد كدا.
الحب من طرف واحد مذلة!
فأعرض قلبك عن من أحببت و لا تتسول الحب.
**************************************
بعد قليل هبط "أدهم" من على الدرج مسرعاً، فكان يتضح على وجهه علامات الضيق والانزعاج، نادته "رحيل" لكنه لم يستجيب لندائها:
- ماله ده كمان مابيردش ليه شكله متعصب على الآخر، ياترى ايه اللى حصل معاه.
ظلّت تُحدث نفسها ولكن قاطعها صوت ذاك "المراد" الذى تبسم قائلاً:
- بتكلمى نفسك زي المجانين ليه.
أستدرات باتجاهه وقالت منزعجة:
-أنا مش زى المجانين وبعدين أنت جاى تتكلم معايا ليه اصلا أنا مش بكلمك.
همت على الذهاب لكنه اعترض طريقها ممسكاً بيديها الرقيقة وقال معتذراً:
- رحيل أنا آسف.
تسمرت فى مكانها من صدمتها فقالت متعجبة:
- أنت قولت اي !.
ارتسمت ابتسامة ساحرة على محياه ثم قال:
-أنا آسف يارحيل وبعتذر منك على كل تصرف سيئ عملته معاكى.
حدقت "رحيل" به فهى الآن مندهشة كثيرآ من التغير الذى طرأ عليه، فقالت بذهولٍ:
-هو دا بجد يعنى هو أنت بتقول آسف وبتعتذر زينا .
انفرجت شفتاه عن ابتسامة عذبة ثم قبل راحت يدها بكل حب ورفق وقال بود:
-أنا عارف أني زعلتك مني كتير بس مكنتش اقصد أنا بس كنت خايف عليكم وكنت خايف لحد يأذيكم، رحيل أنتى متعرفيش قد ايه أنتى غالية ع قلبى فحقك عليا متزعليش مني.
عُقد لسانها وذاب قلبها وأصبحت ساقيها غير قادر على التحرك، حين دن منها أكثر وقبل مقدمة رأسها برقة بالغة، وهو لازال ممسكاً بيدها، ثم نظر إليها نظرة طويلة أخجلتها، بينما هى ثبتت عيناها فى عيناه الرمادية التى سحرتها فقد بُهتت من جمال ملامحه الرجولية، فقالت فى نفسها:
- يخربيت حلاوتك دا أنت طلعت جميل بشكل لا يوصف.
مال بجسده قليلاً ليهمس فى أذنيها قائلاً:
-عارف أنى حلو يابنت عمي.
افتر ثغرها بذهولٍ كيف علم بما حدثت به نفسها، فأكمل حديثه وهو يداعب أنفها:
-بس مش احلى منك ياقطتي، ثم أبتعد عنها وتركها فى حيرتها.
أدركت "رحيل" صدمتها وشرودها ثم قالت بعدم تصديق:
-قطتك!.
ثم سرت فى نفسها فرحةٌ غامرةٌ لم تشعر بها منذ زمن، فقامت بوضع يدها على موضع قلبها فلاحظت نبضاته السريعة فقالت هامسة:
- أنت بدق بسرعة كدا ليه.
بينما هو كان يقف بعيداً ينظر إليها بحب وعشق ليس له مثيل.
💙 يا مالكة قلبي 💙
قــــالوا عنكِ انكِ ســــــــــــر عذابى
قلت احــــــبك ولو كان فيكى نا.. ري
قالوا عشقت الوهم فيكِ وانتى كل أوهامي
قلت فيكِ الوطن ولقيت فيكِ أحلامي
قالوا قد رضيت الــــهوان لقلــــــــــبك
قلت بدونكِ يكون هواني
قالوا أين عقلــــــــــــــــك
قلت وما بال عقلي وقلبي لا يرضي سواه
قالوا أسكنت قلبك فوق الخيال
قلت ذاك أفضل أن أحيا بقلب خالي
قالوا جعلت هـــــــــواك على قمة بركا..ن
قلت الحب بستان من الجنان
قــــــــالوا وقـــــــــالوا وقالــــوا قلت كفى فأنا عاشق لها...
ومن هنا يبدأ القدر بألقاء كلمته الأخرى!.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- بتعيطى ليه!.
أجابتها "نور" وهى تخفى أثر بكائها:
- أنا مش بعيط.
- لا كدابة بتعيطى وحتى شوفى الدموع اللى بتحاولى تخبيها، قوليلى مالك ايه اللى زعلك بس.
تذكرت ماحدث معها فانفجرت فى البكاء مجدداً، فضمتها "رحيل" بين ذراعيها وقالت برفق:
-اهدى ياحبيبتى علشان خاطرى حصل ايه خلاكى تعيطى بالشكل.
رددت بكلمات متقاطعة:
-أنا قلبى واجعني أوى يارحيل ومش قادرة استحمل وجعه.
-من ايه بس ياروحي، أبعدت جسدها قليلاً ثم أكملت:
- احكيلي ايه اللى حصل.
-أنا غبيه اوى أنا بوظت كل حاجه.
اردفت "رحيل" بنبرة قلقة:
-أنا مش فاهمه حاجه منك فأهدى كدا وفهميني مالك.
-أنا بغبائى روحت واعترفت لاخوكى وقولتله أني بحبه.
هتفت "رحيل" بصدمه:
- ايه أنتى بتتكلمى بجد ولا بتهزرى!.
حدقت "نور " بها ثم قالت ببكاء:
-لا مش بهزر
-طيب ممكن تقوليلي كل اللى حصل وهو كان رده ايه عليكى.
قصت عليها كل ماحدث..ثم أكملت بحزن شديد
-اكيد دلوقتى شايفنى واحده رخيصه بتعرضها نفسها عليه لكن أنا والله بحبه.
-بطلى هبل أدهم عمره ما يفكر فيكى كدا وهو عارف أخلاقك كويس إذا كان أنتى متربية معاه فى نفس البيت، دا أنتى كنتى على طول من صغرك لازقه فيه ومكنتيش بترضى تبعدى عنه ولما عمتو كانت تيجى تاخدك كنتى بتقعدى تعيطى وتقولى لا أنا عايزة دومى وهو لما كان بيلاقيكى كدا كان بيفضل مخليكى معاه ويقعد يقول محدش يزعل القمر ده.
تبسمت "نور" حين تذكرت طفولتها.
أخذت "رحيل" نفس عميق ثم قالت بهدوء:
- بصى يانور أخويا بسبب اللى حصل معاه سبب له صدمه كبيرة وساب جواه اثر لحد دلوقتى،
أنتى فاكره يعنى أن هو مبسوط بحياته دى ابدا والله هو خايف اللى حصل يتكرر تانى ويكسره هو عايز بس يحس بالأمان ويطمن أنه مش هيحصله اللى حصل تانى وأنتى مش فاهمه كدا وكمان أنتى اتسرعتى باللى عملتيه.
طاطأت "نور" رأسها حزناً وقالت:
-أنا كنت خايفه ليحب واحده غيرى ويضيع منى.
- ياختى اتنيلى هو أدهم اصلا بيدى فرصه لواحده تقرب منه ده لما بيشوف ست كأنه شاف عفريت، بصى هقولك ع حاجه مش أنتى نفسك يحبك ويكون ليكى.
أجابتها الأخرى بنبرة ساخرة:
- أمال أنا بتنيل بقول ايه من الصبح عماله أقول بحبه وبعشقه وأنتى جايه تقولى معرفش ايه.
-بطلى تريقه واعملي اللى هقولك عليه وأنتى هتكسبى.
-قولى ياحكيمة زمانك.
بعد لحظات
ضحكت "نور" بقوة على تفكير صديقتها فقالت:
- يخربيت عقلك يارحيل أنتى عايزة أدهم يقتلك ويقتلنى معاكى.
رددت عليها بكل ثقة وغرور:
-متقلقيش أعملى اللى بقولك عليه بس واللى أنتى عيزاه هيحصل وبكرا تقولى رحيل قالت.
-طب ومين اللى هيتبرع ويعمل كدا.
وضعت "رحيل" يديها على مقدمة رأسها لتفكر فى تلك المصيبة التى ستفعلها:
-مش عارفه بس هنلاقى، سقفت بيديه وهى تقول:
-بس أنا عرفت مين هيعمل كدا.
- وياترى مين اللى امه دعياله.
جذبتها "رحيل " من يدها وهى تجرها إلى الخارج:
- تعالى وأنا هعرفك مين هو .
مرت دقيقة .....
صاح "مازن" برفض:
-لاااا يارحيل قولت لاااااا.
- يابنى اسمع منى بس والله مش هيحصل حاجه.
رد "مازن" وقال خوفاً :
-رحيل أنتى اتجننتى أنتى عايزة تموتينى.
-وايه اللى هيموتك يعنى ياسي مازن ماتخلص بقا وبطل بررروود.
أردفت "نور" بألحاح:
- علشان خاطرى ياميزو.
نظر نحوها وهو يشير بأصبعه على شقيقته ثم قال :
-طب دى وعارفين أنها مجنونه ومحدش بياخد ع كلامها، هتعملى أنتى كمان زيها.
رددت شقيقته وقالت بنرفزة:
-مازن متخلنيش اتعصب عليك وهتعمل اللى بقولهولك سامع.
- يارحيل ياحبيبتى اللى بتقوليه ده مستحيل، يعنى ايه عايزانى أشارك معاكم فى الجريمة دى علشان الاستاذ البارد التانى يغير ويحس ع دمه ويحب الهبله دى وافرض عملنا كدا وهو بقا بسلامته اتهور وخلص عليا أعمل أنا ايه وقتها.
- متخافش مش هيعملك حاجه.
أردف "مازن" مندهشاً:
- ياراجل ع أساس أنك تايهه عن أخوكى، ده عليه ايد مقولكيش بتلسوع، ثم وضع يده ع مؤخرة رأسه بطريقة مضحكة.
فضحكت "رحيل" على طريقته :
-بتلسوع وأنت عرفت ازاى بقى.
-جربت ياختى بنفسي ومحدش قالي.
تفوهت "نور" برجاء والدموع تتصاعد فى عيناها:
-وافق يامازن علشان خاطرى بقولك.
شعر الاخر بالشفقة اتجاهها فقال بقلة حيلة:
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-خلاص خلاص أنتى هتعيطى موافق ياستى وأمرى لله.
نظرت إليه "نور" بسعادة:
- بجد أنت احسن مازن فى الدنيا.
ربتت شقيقته على يديه وقالت بابتسامة:
- شاطر ياميزو.
- ع الله يضمر فيكم، ولكن أهم حاجه تخرجوني من الخطة دى بدون إصابات.
- خلاص اتفقنا تعالوا اقولكم بقا الخطة هتمشى أزاى.
بعد مرور بضع ساعات كانت "رحيل" تنتظر شقيقها الكبير فى غرفته، دلف "أدهم" الى الغرفة بتعب فلاح شقيقته جالسة على الأريكة تقلب فى ألبوم ورقى مليئ بصور الطفولة، فجلس بجوارها ومسد على شعرها بود ثم قال متسائلاً:
-بتعملى ايه ياريرى هنا.
- كنت مستنياك.
امممممم مستنيانى أكيد فى حاجه.
عبس وجهها ثم قالت:
- هو أنا يعنى مينفعش اجى أقعد مع أخويا شوية.
تبسم "أدهم" وهو يقول:
- لا طبعآ ياروحي أنتى تيجى فى أى وقت هو أنا عندى كام أخت يعنى غير بنتي الجميلة رحيل.
تبسمت "رحيل" ثم قالت بنبرة فرحة:
-تعرف يادومى أني بحبك أوي أنت ومازن بجد أنتم احسن أخوات ربنا رزقني بوجودهم حواليا، أنا بتمنى من ربنا انه يديمكم ليا وتفضلوا دايمآ سندى.
-ويديمك لينا ياعمرى وتفضلى على طول منورة حياتنا.
بدأت الاخرى تسترسل حديثها:
- أدهم أنا عايزة اتكلم معاك فى موضوع.
قال الآخر مازحاً:
- أنا عارف إن الحضن دا مش ببلاش.
-بطل رخامه بقا.
-حاضر قولى فى أى.
أردفت متسائلة:
-هو أنت ليه رافض نور.
نهض من مكانه وتظاهر بعدم الفهم، فقال:
-يعنى ايه مش فاهم قصدك .
-أنت فاهم قصدى كويس فمتحاولش تهرب من سؤالي!.
أطلق "أدهم" تنهيدة حارة:
-رحيل لو سمحتى أنا مش حابب اتكلم فى الموضوع ده نهائياً.
-لا يااأدهم هنتكلم ولازم نوصل فى المشكلة دى لحل.
-مشكلة ايه ها ! لو قصدك ع نور أنا مفيش بينى وبينها اي حاجه ولو هى بتحبنى دا مش ذنبي.
-وأنا مش هتكلم ع نور دلوقتى أنا هتكلم ع مشكلتك أنت.
نظر إليها بضيقٍ فقال منزعجاً :
-وأنا معنديش مشاكل وممكن تتفضلى تسبيني لوحدى.
أصرت "رحيل" أن تحدثه فيما مضى فقالت بحزم:
- لا يا أدهم مش هسيبك غير لما اخلص كلامى معاك، مشكلتك أن لسه الماضى مقصر عليك ومش قادر تنسى أو تتخطى اللى حصل علشان كدا أنت مش عايز تدى فرصة لحد يدخل حياتك خايف اللى حصل يتكرر تانى مع أى ست مع أن مش كل الستات زى بعضها ومش كلهم زى البنت اللى كنت أنت خاطبها، وكمان أنت عارف كويس ومتأكد أن نور مش زيها ولا عمرها هتكون كدا لأنها مش خاينه.
أردف شقيقها بنبرةً مختنقةً:
-رحيل لو سمحتى كفاية.
-لا مش كفاية أنت مش شايف نفسك بقيت عامل أزاى، حتى الضحكة اللى مكنتش بتفارق وشك مابقتش أشوفها غير قليل أوى وبتبقى مش طالعه من قلبك، أنت فاكر أنى مش ملاحظة حزنك وزعلك اللى بتحاول تداريه، أنت ليه سايبك نفسك فى دايرة الماضى حاول أنك تخرج نفسك منه لأنك أنت الوحيد اللى هتبقى خسران.
تفوه "ادهم" بحزن واضح :
-أنتى فكرانى أنى محاولتش يارحيل والله غصب عنى أنا مش قادر انسي الخيانه اللى تعرضت ليها من اكتر انسانه حبيتها فى حياتى وكنت بحاول ع قد ماقدر اعمل كل حاجه تفرحها وتسعدها كانت لما بتطلب اى حاجه كنت بجبهالها ع طول كنت لما بس اشم خبر أنها نفسها فى حاجه كنت بعملها ليها من قبل ما تطلب كنت بحاول افرحها بأى طريقه أنا حبيتها بطريقة محبتهاش لحد قبل كدا عمر ماحد منكم هيحس باللى مريت انا بيه، ثم أكمل ببكاء:
-محدش منكم جرب شعور أنه يحب حد وكان بيجهز فرحه وكل حاجه ويكتشف قبل الفرح بيوم أن حبيبته بتخونه مع واحد تانى لا ومش أى واحد دا كان صاحبى مش قادر اوصفلك قد ايه أنا اتوجعت مش عارف اوصفلك وجعى يارحيل، أخذ يشاور على قلبه ليقول:
-أنا حاسس بنار هنا نار لو خرجت من جوايا هتحرق كل اللى حواليا بجد أنا موجوع أوى.
اقتربت إليه "رحيل" والدموع تغرق وجنتيها فضمته لاحضانها وربتت على ظهره بمواساة وقالت:
-علشان خاطرى اهدى أنا آسفه مكنتش اعرف أنك شايل كل ده جواك ياحبيبى حقك عليا.
بدأت تجفف الدموع من على خديها:
-كفايه بالله عليك دموعك بتوجعنى أنا مش مستحمله أشوفك كدا.
رفع بصره نحوها فكانت عيناه مملوءه بالدمع فهو الآن لا يشعر بشئ سوى الحزن الذى تملك منه.
بعد لحظات نجحت "رحيل" أن تهدئه، فقامت بأجلسهُ على الأريكة وجلست بجواره، وبدأت تتحدث قائلة:
-أنا عارفه اللى مريت بيه صعب بس قولى أنت شايف اللى أنت فيه دا الحل اكيد لا، و هتفضل تتوجع طول ما أنت لسه بتفكر فى الماضى، عارفه انه جزء مننا وعمره ما هيتنسى بالسهوله دى بس لازم نتعايش معاه ونتخطاه ومنخليهوش يأثر علينا لأن كدا هدمر نفسك ومش هتقدر تعيش حياتك بشكل طبيعى، حاول أنك تدى لنفسك فرصه بأنك تشوف حياتك مع حد بيحبك بجد ويقف جنبك ويبقى سند ليك حاول تقرب من نور ع فكرة أنا عارفه أنك أوقات بتفكر فيها، أنت جواك مشاعر ناحيتها بس بتحاول تخبيها أو تتغاطى عنها علشان خايف، مع أنك عارف أن عمر نور ما هتجرحك ابدا لأنها بتحبك بجد، أنت فاكر انى مش واخدة بالى من نظرتك ليها وأنك نفسك تقرب منها، صدقنى ياأدهم لو فضلت خايف كدا هتخسر نور وهترجع تندم وتقول ياريت اللى جرا ماكان،،
أركن خوفك ع جنب وخد خطوة وصدقني كل حاجه هتتعالج مع نفسها وهتتخطى كل حاجه حصلت معاك قبل كدا صدقني.
-تفتكرى هقدر!.
أرتسمت على محياها ابتسامة بشوشة:
-طبعآ هتقدر أنا واثقه فيك.
-هحاول يارحيل هحاول.
- اتفقنا يادومى اسيبك أنا ترتاح، ثم أضافت ضاحكة:
- وأنا كمان هروح ارتاح لاني تعبت بسببكم النهاردة ده أنتم عيلة كئيبه، والله المفروض اخد من كل واحد فيكم بيعيط ويخليني أعيط معاه فلوس اه وربنا دا أنا بتعب معاكم ياجدع.
قهقه "أدهم" على حديثها، ثم قام بضمها إليه قبل أن تغارد فقال بامتنان:
-شكرآ ليكى يارحيل بجد شكرا أنتى فتحتى عيني على حاجات مكنتش واخد بالي منها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-ع ايه بس أنت أخويا ومفيش شكر ما بين الأخوات يلا تصبح ع خير.
-وأنتى من اهله ياحبيبتى.
جلس مكانه مجدداً ليفكر ماذا سيفعل فى الأيام المقبلة.
***********************************
فى التجمع العائلي أردف "هشام" بنبرة لعوبة:
- يعنى يامازن الزفت مقولتليش أنك رايح تخطب.
نظر نحوه وقال مندهشاً :
-هو الكلام دا ليا أنا !.
تحدث "سليم" متسائلاً:
- مين دا اللى رايح يخطب.
-ايه دا ياخالو أنت متعرفش أن ميزو هيخطب وراح اتفق مع أبوالعروسه.
صوب سليم بصره نحو "مازن" وقال غاضباً:
-أنت يازفت الكلام اللى قاله ابن عمتك ده صح.
- وربنا ماعرف حاجه أنا زى زيك والله ياحج.
تفوه "هشام" بخبث:
-ياولاه ياكداب بطل كدب هتدخل النار حدف.
هتف "مازن" بضيقٍ:
-ماتبطل ياحريقه أنت عايز تولع الدنيا وأنت قاعد، وبعدين يابابا ياحبيبى أنا عمري ما اعمل كدا ويوم لما أحب اخطب مش هعمل أى حاجه أو هاخد أى خطوة غير لما اقول لحضرتك واستاذنك واستشيرك الاول واخد برأيك ما أنت فى الأول والآخر ابويا اللى مقدرش استغنى عنه مهما حصل.
أردف أبيه قائلاً:
-ونعمه الأدب والأخلاق.
تحدث الجد مندهشاً:
-ايه ياواد الرزانه والعقل اللى أنت فيهم دول لا بجد ابهرتنى.
رد "مازن" بمرح:
-علشان تعرف بس ياحجوج أن حفيدك مش قليل بردو.
تبسم الجد ضاحكاً:
- طبعا يابنى دا أنتو أحفاد وهدان الالفى مينفعش حد فيكم يبقى قليل.
تحدث هذة المرة "حمزة" فقال:
-اكيد يابابا بس مازن اشك فيه.
نظر "مازن" باتجاهه وقال بنبرة عالية:
- وليه بقا أن شاءالله مشبهش أنا ولا مشبهش ياحبيبى دا أنا احسن منهم كلهم وبعدين اللى يغير مننا يجي يعمل زينا.
نطق "هشام" ضاحكاً على طريقته:
- فى ايه يامازن أنت هتردح ولا ايه وبعدين مين دا اللى هيغير منك اصلآ بلا نيله.
وجه "حمزة" الحديث إلى شقيقه فقال مازحاً:
- أنا عارف أنك اكيد فى اليوم دا مسمتش الله علشان كدا ابنك بقا بالشكل المتخلف ده.
غمز "مازن" بعيناه إلى عمهِ:
-اكيد نيته مكنتش صافيه وقتها ياحمزة صح.
- ايوة صح أنت صح .
ضرب "سليم" كف ع كف :
-والله أنتم عيله مجنونة ومتخلفة صبرنى يارب على اللى أنا فيه.
أردف "مازن" " لحمزة" هامساً:
-شوفت أخوك بيدعى علينا أزاى قلبه أسود الراجل دا.
- استنى كدا هو أنت بتدعى عليا يابن أبويا مكنتش دى الاخوه.
نفذ صبر "سليم" فقال:
-استغفرالله العظيم يابنى هو أنا كلمتك، أنا قايم احسن مش ناقصه فقعة مرارة هى.
تفوه "حمزة" فى أذن "مازن":
-ماله أبوك مش طايقنا ليه.
- ياعم سيبك منه هو أصلا مش طايق نفسه هيجى يطقنا احنا.
-على رايك محدش بقى يطيق نفسه اليومين دول ياخويا مش عارف ايه الناس دى.
نظر "وهدان" إلى الأعلى فقال داعياً:
- الصبر من عندك يارب.
و قد يأتيك يا عزيز القلب ذاك الإحساس أحياناً أنك مكسور،
ممن أحببت بصدق، وأن كل شيء بات مزيفاً كما ظهر...!
لا تهتم، سامح، وأكمل الطريق..!
فلكل إنسان أسبابه في إيلام غيره، ولا أحد منا كامل!
وجميعنا ضحايا لجهل وُجِد،
لكي يكون جهاداً لنا في رحلتنا جميعاً،
يتجلى في عدة صور...
قد تشعر في بعض المواقف أنه قد تم استغباؤك،
وأنك لست ذاك الذكي الذي تظنه، لا تحزن، اضحك من قلبك، واستمتع بسذاجتك حتى، واجعلها تطورك وتضيف إليك نظرة جديدة..!
غالباً ما يأتيك الدرس العظيم بعد ألم عظيم،
فتعوّد على الألم إن أردت أن تكون كاملاً،
وتعلم كيف تصنع من تتالي الآلام فرحاً يمدك بالرضا والزهد..
لا تحزن على محبة قدمتها في غير مكانها أو دموع ذرفتها بصدق أو ضحكات أطلقتها من القلب مع من " لا يستحق " فالحب يخرج من القلب قسراً..!
والدموع تخرج بأفضل حالاتها عندما تكون صادقة، والضحكات لا تكون سرمدية إلا عندما تمزق القلب فرحاً وتخرج فارضة نفسها مخرجة رأسها إلى الحياة والشمس،،
فلا تحزن ..!
لأن دموعك وحبك وضحكك كانوا صادقين وفي مكانهم كونياً، وإن لم يكونوا في مكانهم بين الأشخاص حينها،،
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صف "أدهم" سيارته بجانب بوابة القصر حين لمح طيفها، فنزل من السيارة واقترب منها فوجدها جالسة على الجانب الآخر من الرصيف تلاعب طفلاً صغيراً، فقال بتسأل:
-نور أنتى بتعملى ايه هنا ومين دا ؟.
رفعت "نور" رأسها إليه ثم رددت قائلة:
- معرفش أنا لاقيته قاعد هنا لوحده وبيعيط شكله تايهه من اهله.
-طب هاتيه وتعالى ندخل جوا واكيد أهله هيجوا يسالوا عليه الأمن لأن مينفعش تفضلى قاعدة فى نص الشارع بالشكل ده!.
أجابته "نور" بأعتراض:
-لا أنا هفضل قاعدة هنا بيه وهما اكيد هيجوا دلوقتى.
نظر إليها مطولاً ثم قال بخضوع:
-ماشى ياستى أدينا واقفين لحد لما يجوا لما نشوف اخرتها معاكى ياست نور.
بينما هى ظلّت تداعب الطفل بكل حب ولين، فنظر إليها "أدهم" بابتسامة بشوشة كم هى بريئة كالاطفال وحنونه كالأم، أنها حقآ تملك مشاعر جميلة مثلها، ولديها حب كبير يسع الكل، بعد لحظات جاءت أم الطفل تبكى فقامت بضمهِ إلى صدرها، ثم شكرتهم وذهبت بطفلها إلى البيت المجاور.
وجهت "نور" بصرها نحوه وقالت باسمة:
-أنا داخله القصر عن أذنك.
ذهبت من أمامه وتركته بمفرده يتطلع لاثرها بابتسامة عريضة، ظهرت "رحيل" من خلفهُ وقالت بود:
- الحياة فُرص يا أدهم، و الأمل لا يموت والطرق تتسع لا تضيق، حاول تستغل الفرصة اللى قدامك قبل ماتندم أنك ماستغلتهاش، وأنت وحدك صاحب القرار فاختر ما يليق بقلبك، و إياك تضيع من أيدك الشخص اللى حبك بجد من كل قلبه.
تركته فى حيرته من أمره، بعد تفكير طويل وجد أن حديثها صحيحاً وإن لم يستغل الفرصة التى أمامه فسوف يندم كثيراً لذا أخذ قراره باستغلال كل فرصة تأتى إليه.
فى حديقة القصر مساءاً أجتمعن شباب العائلة فى جو أسرى جميل مليئ بالحب والدفئ، يلعبون الشايب ولم يتبقى أحد سوى "هشام" و "مازن"، فكان الوقت عصيب على كل منها خوفاً من الخسارة، بينما الباقى كانوا ينظرون بترقب لما سيحدث، وبعد لحظات قليلة أمسك "مازن" ورقة الشايب، فاطلق "هشام" على أثر ذلك قهقهه عالية مما جعل الجميع يضحكون على ضحكته الجميلة.
فقال "مازن" منزعجاً:
-لا والله كدا خم وظلم يعنى ايه دى تانى مره البسه أنتم متفقين عليا لا وربنا دا أنا اموتكم فيها.
رد عليه "هشام" بنبرة لعوبة وهو يرقص أطراف حاجبيه:
- وأنا اعملك ايه ما أنت اللى متعرفش تلعب.
أردف الاخر بضيقٍ:
-أنا اللى معرفش العب والا انت اللى مستقصد أمى.
-مهما تقول ايه هيتحكم عليك يعنى هيتحكم عليك ياميزو يلا يارجاله نبدأ بالحكم وأول واحد هيحكم عليك مراد.
تبسم "مراد" ابتسامة خبيثة ثم قال:
-طبعا هو احنا عندنا أغلى من مازن علشان ننفذ فيه الحكم
-هو أنتم ليه محسسنى أنى رايح اتشنق مش كدا ياجدعان الله.
رد "مراد" بكل أريحية فقال باسماً:
- بص يامازن أنا مش هحكم عليك بحكم كبير دا لأنك أخويا وابن عمي حبيبي، و حكمى أنك هتغسل عربيتى وعربية هشام وأدهم كمان شوفت أنا حنين معاك ازاى.
أجابه " مازن" ساخراً:
-دا من ذوقك والله أمال لو مكنتش حنين كنت عملت ايه وبعدين أنا مال أمى ماتغسلوا عربيتكم لأنفسكم ولا أنا الشغاله اللى جبهلكم أبويا.
-هتنفذ اللى قولتلك عليه وأنت ساكت فاهم.
تأفف "مازن" احتجاجاً :
- وربنا دا ظلم طب خليها عربيتك بس متبقاش ظالم ومفترى.
نظر إليه " مراد" ثم قال بحده:
- بقى أنا ظالم ومفترى طب وربنا لتغسلهم غصب عنك.
تفوه "مازن " هامساً:
-ربنا ع المفتري ياشيخ.
- بتقول حاجه يازفت.
- لا لا لا.
بينما "هشام" وجه حديثه إلى الفتيات فقال:
- دوركم يابنات.
اردفت "رحيل" بنبرة لطيفة:
-أنا عفيت ميزو حبيبى من الحكم.
صاح "مازن" فارحاً: -قلبى وربنا.
بينما "نور" تبسمت شفتاها فقالت بود:
-وأنا كمان يامزاميزو عفوت عنك.
- ياروحى أنتى خدى بوسة. ثم ألقى إليها قبلة فى الهواء، فشعر شقيقه بالضيق والغيرة من هذا التصرف، فلما جاء الدور عليه قال بخبثٍ:
- بقولك ايه يامزاميزو أنا نفسى بقا اشرب عصير كوكتيل من أيدك العسل دى وعاوزه طبيعى وفرش كدا ومتلج ها.
نظر " مازن" باتجاهه وقال مندهشاً :
-أنت بتكلمنى أنا!.
-امال بكلم نفسى قوم اخلص.
-بس أنا مش بعرف أعمل حتى كوباية الشاى هعمل ازاى عصير الكوكتيل وبعدين ياأدهم أنت يابابا جاى تحقق أحلامك عندى مش كدا يابابا مش كدا.
- معرفش اتصرف دا حكم عليك ولازم يتنفذ.
نهض "مازن" وقال بنبرة اشبه بالبكاء:
-واقسم بالله أنتو عيلة ظالمه والناس دى كلها شهادة عليكم ثم نظر إلى "نور" وقال:
- بقولك ايه ياعسل ممكن استعين بيكى للمساعده.
أردف "أدهم " بضيقٍ:
-لا ياروح امك هتروح تعمله لوحدك.
نهضت "نور" وقالت باستفزاز:
-استنى ياميزو أنا جايه اساعدك ياروحي ثم ذهبت من أمامهم تحت نظرت "أدهم" المشتعلة بالغضب، فهمست "رحيل" بداخلها وقد ارتسمت ع شفتيها ابتسامة خبيثه:
- دى البداية يادومى لازم نعمل كدا علشان تعترف بأنك بتحبها وتبطل تكابر نفسك العمر بيجرى بسرعة وأنا مش هسيبك تضيع نفسك بسبب مخاوفك لازم تفوق من اللى أنت فيه بدل ما تخسر البنت اللى بتحبك.
بعد دقيقة فتظاهر "أدهم" بأن لديه مكالمة، فذهب إلى الداخل حتى يرى ما يحدث بالمطبخ، فوقف بعيداً عنهما ليراقب ماذا يفعلون، ولكن شقيقه شعر بوجوده فدن من "نور" وقال هاسماً:
-على فكره الوحش واقف بيراقبنا فخلى بالك و اتعاملى كأنك مشوفتهوش.
-تمام.
قامت "نور" بأخراج الفاكهة التى ستصنع به العصير من الثلاجة، فبعد أن غسلت الفراولة وضعتها بالاطباق، ثم قامت بتقطيع باقى الفواكهه، بينما "مازن" المشاغب كان يأكل من الفراولة دون أن تلاحظ الاخرى، وقال:
-تعرفى يابت يانور الفراولة من أيدك سكر اه وربنا.
- دا علشان أنت بس اللى مسكر ف حاسس أنها مسكرة من أيدي ياميزو.
أردف وهو يأخذ اخر قطعه فراولة من الطبق:
-طب تعرفى يانور أنك بتبقى قمر أوى لما بشوفك وأنتى بتتكسفى بتبقى عامله زى الفراولية بخدودك الحمرا اه وربنا.
تحدثت "نور" وهى تختلس نظرة إلى "أدهم" بطرف عينيها فلاحظت احمرار وجهه من الغيظ فاقتربت من "مازن" اكثر حتى تشتعل غيرته أكثر من ذلك فقالت بدلال:
-بجد ياميزو يعنى أنا قمر وعامله زى الفراولية الحمرا.
أجابها الاخر ببلاهه:
-طبعآ دا أنتى قمرين مش قمر واحد يافراولة أنتي.
-تعرف يامزاميزو يابخت اللى هتكون مراتك دى هتبقى أسعد واحده فى الدنيا كنت اتمنى أبقى مراتك وحبيبتك علشان حنيتك وكلامك الجميل دا بجد يابختها بيك.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
رد عليه بغمزة مارحة:
- ياحب احنا لسه فيها ويبقى يبختك أنتى بيا.
اردف "أدهم" بغيظٍ مكتم:
-استنى عليا يامازن الكلب أما وريتك و سويت وشك بالاسفلت مبقاش أنا أدهم، قال يبختك بيا وأنتى ياهانم استنى بس أنتى عليا قاعده تحبيلى فيه ماشي يانور ماشي.
انهت تقطيع المانجا ثم استدارت حتى تاخذ الفراولة فوجدت الطبق فارغاً، فنظرت إلى "مازن" الذى كان يتظاهر بالانشغال فى تقطيع الموز، فقالت هى متسائلة:
- هى فين الفراولة اللى أنا غسلتها يامازن.
نظر إلى الطبق الفارغ امامه فقال بذهولٍ:
-ايه ده يانور هى الفراولة راحت فين.
-افندم! .
- الصراحه يانورى الفراولة من كتر حلوتها كلتها ومقدرتش مكملش اكل الباقى بس متزعليش ياروحي أنا هجيب بقية الفراولة من التلاجة وأنتى قطعى الموز.
همس "أدهم" بغيرة واضحة:
- نورى وروحى لا بقا أنا جبت أخرى، ثم دخل مندفعاً إليهما فقال "مازن" منفزعاً:
-فى ايه ياأدهم خضتنى ياشيخ.
-بقالكم ساعه بتعملوا العصير ولسه مخلصتوش.
-ما احنا قربنا نخلصه اهو.
- بقولك ايه اطلع برا ومشفش وشك هنا.
أجابه "مازن" بنبرة خبيثةً :
-معلش يادومى أنت عارف أنى محكوم عليا وأنا دلوقتى ف وضع الحكم اطلع برا أنت ومتعطلناش بقى لو سمحت.
نظر إليه "أدهم" بغضبٍ وهو يقبض ع يداه بقوة :
-عارف لو مطلعتش برا دلوقتى مش هضمن ايه اللى ممكن هيحصلك. ثم اكمل بزعيق انا قولت بررررررا.
تحرك "مازن" سريعاً و بخوف لانه يعلم أن اخاه متهور وعصبى جدآ
بعدما ما خرج اقترب "أدهم" من "نور" التى أخذت تتراجع بخطواتها الى الخلف بتوتر، فنظراته لها لا تبشر بالخير، استندت على الحائط، ليحاصرها بكلتا ذراعيه فقال منزعجاً:
- عايز اعرف كنتو بتقولوا ايه بقى.
رمشت "نور" بجفنها عدة رمشات متتالية من أثر الارتباك، فقالت بتوتر:
- ولا حاجه بنتكلم عادى يعنى.
- كدابة يانور عارفة ياهانم لو لمحتك بتتكلمى مع مازن تانى أو قريبة منه هعمل فيكى ايه.
أردفت الأخرى بعد أن تحلت بالشجاعة قليلاً رغم نبضات قلبها الخائفة:
-وأنت مالك بيا اصلا وكمان أنت مين علشان تمنعنى اعمل ايه ولا معملش ايه وبعدين ياريت ياأستاذ ماتتدخلش بينى وبين مازن ولا أى حد فاهم.
تحدث "أدهم" بغضب و بحده:
- أنا ابقى ابن عمك ومن حقى لما اشوف تصرف غلط منك احاسبك عليه.
-وياترى ايه بقى التصرف الغلط يااستاذ أدهم.
- وقفتك مع مازن وضحكك وكلامك ودلعك المقرف وبعدين هى فى واحده محترمه من أسبوع كانت بتعترف لواحد أنها بتحبه ودلوقتي واقفه تحب فى أخوه وعايزة تتجوزوه ها ردى عليا.
تجمعت الدموع فى عيناها فقالت بنبرةمختنقة:
-قصدك ايه بالكلام دا قصدك أنى واحده مش محترمة
وإن أنا كنت بضحك عليك مثلا.
أردف ساخراً:
-والله كل واحد عارف نفسه كويس وعارف أخلاقه.
نظرت إليه وتفوهت حزناً وقهراً والدموع تسيل على وجنتيها:
-أنا مسمحش ليك بأنك تتهمنى فى أخلاقى وبعدين أنا مازن بعتبره زى أخويا ولو أخلاقي فيها حاجه وحشه هتمسك أنت كمان لأن أنا بنت عمك.
أنهت جملتها ثم جاءت أن تذهب لكنه منعها ممسكاً بيدها، حاولت أن تبتعد عنه لكنه ضمها إليه، ظلّت تبعده عنها لكنه زى الحجر لم يتزحزح،،
فلما فشلت من الابتعاد سندت على صدره وبكت بأنهيار، شعر "أدهم" بالذنب والشفقة اتجاهها، فتفوه بكلمات حنونة كى يهدئها فقال معتذراً:
-أنا اسف حقك عليا سامحينى يانور مكنش قصدك اجرحك بكلامى وعمرى ما شككت فى أخلاقك ابدا والله العظيم أنتى مفيش احسن منك ولا من تربيتك، ابتعد عنها ليحتضن وجهها بين كفيه و مقبلاً راسها برفق ولين ثم قال مازحاً:
-طب ياستى ان شاءالله لسان يتقطع لو قالك كلمة تانية بعد كدا تزعلك أو حتى أموت.
-بعد الشر عليك متدعيش ع نفسك تانى.
تبسم فاهه حباً لينبض قلبه باسمها، فقال هامساً:
-أنتى جميلة اوى يانور.
طأطأت رأسها خجلاً لكنه رفع وجهها إليه وقال بلطف:
-بصيلى خلينى أشوف عيونك الجميلة دى.
نظرة إليه برقة والبسمة تزين ثغرها من أثر كلماته التى راقت لها، فأكمل وهو يُجفف وجهها من الدمع فقال بحب:
- مش عايز اشوف دموعك دى تانى لأنها غالية أوى و بتوجعنى لما بشوفها، وبعدين عينيكي الحلوة دى تستاهل تشوف كل حاجه حلوة زيها، ثم أضاف حين نظر إلى الفاكهة الموضوعة على المطبخ:
-يلا خلينا نعمل العصير ونخرج ليهم بدل ما مازن الرخم يطب علينا ياقمر.
ضحكت بخفة ثم قالت بمرح:
-هتساعدنى يعنى.
-طبعآ هساعدك أنتى عايزة مازن يأكل وشنا برا ويفضحنا يلا هاتى الفراولة يافراولتى واقعدى أنتى وأنا هعمل العصير ف ثوانى.
هتفت "نور" رافضة :
-لا خليك أنت وأنا هعمله.
-قولت لا أنا اللى هعمله ومش عايز اعتراض منك.
ظلّت تتابعه وهو يعمل العصير بكل سلاسة لتغمرها سعادة لا متناهية، فقد أوشك حلمها على التحقق، فهمست بداخلها:
-أنا هفضل جنبك ومعاك لحد مانتخطى أنا وأنت كل حاجه واقفه عقبه ما بينا وايدى هتبقى ماسكه فى ايدك طول العمر، و عمرى ما هتخلى عنك ابدا أنت حبى الاول والاخير أنت قدرى و حظى الحلو من الدنيا.
فى الخارج جلس "مازن" بجانب شقيقته وهمس قائلاً:
- بقولك ايه أنا مش هكمل معاكم فى الخطة دى ياما دا أدهم كان هياكلنى جوا وطردني من المطبخ أنا معنديش غير عمر واحد وطبعا الواحد مننا لازم يحافظ عليه أمال يخليه يروح هدر.
أردفت "رحيل" بخفة:
-خلاص ياسيدى مدام أدهم طردك يبقى الغيرة اشتغلت واحنا مستغنين عن خدماتك.
تحدث "هشام" قائلاً:
-أنت يابنى فين العصير.
أجابه "مازن":
- العصير أدهم هيجيبوا.
-يخربيت عقلك هو أنت خليته هو اللى يعمله بدالك.
-وأنا اعمله ايه هو اللى قالى خلاص أنا هعمله علشان أنت فاشل ومابتعرفش تعمل اى حاجه فى حياتك.
بعد لحظات جاءت "نور" وأعطت لكل نفر منهما كأسه وجلست بجوار "رحيل" والسعادة تتراقص بداخلها.
تفوهت "رحيل" بابتسامة رقيقة :
-شكلك فرحانة.
- اوى يارحيل مش عارفة اوصفلك فرحتى، تعرفى أنه كان حنين أوى معايا جوا وقالى كلام حلو.
-ربنا يفرح قلبك دايمآ يانور.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
مرت بضع دقائق..
فقد انشغلت "نور" بالحديث مع "أدهم"، بينما "مراد" نهض من مكانه وجلس بجانب "رحيل" فظلّ محدقاً بها وهى تنظر إلى السماء الصافية فوقها، فقال متسائلاً:
-لسه بتعدى النجوم زى زمان.
أجابته دون أن تنظر إليه فقالت برقة:
-عمرى ما بطلت اعدهم تعرف أنا بحب أفضل باصه كدا للسماء طول الليل بحس براحه نفسيه.
نظر "مراد" هو الاخر إلى السماء بعد أن سند على ذراعيه ثم قال: -فاكرة زمان لما كنا بنسافر ونروح المصيف ولما كنا بنسهر بليل نسمع اغنية ع الكاست ولما كانت بتخلص كنتى بتخلينى ارجع اشغلها ليكى تانى من أول وجديد، ولما كنا بنقعد نقطع البطيخ أنا وأنتى ولما كنت باجي اكله بالشوكة تاخديها منى وتقوليلى مفيش احلى من أننا ناكلها كدا ولما كنا بنطلع بليل أنا وأنتى نتسابق بالعجل وتبقى السما فوقينا شايفانا، افتكر لما كنا نقعد قدام البحر بليل كنتى وقتها بتحبى تعدى النجوم وتقوليلي بأمر عد معايا يامراد.
نظرت إليه بوجه مشرق بالراحة فقالت بابتسامة:
- تعرف أنا تقريبا مش فاكرة أى نوع من المسؤولية طول ما أنت كنت جمبي، اوقات كتير بقعد افتكر زمان لما كنا بنبقى مسافرين واحنا على طريق السفر بليل مكنتش وقتها بعمل حاجه غير افضل باصه للسما من شباك العربية واشوف النجوم بتقعد تكتر كل لما بنقرب من البحر.
تنهدت "رحيل" ثم أضافت قائلة:
- تعرف أن السماء بتجدد فيا حاجات كتير يمكن كانت دايما ثابته مش بتتغير طول السنين، و يمكن كانت دايما بتساعدنى ارسم أحلامى و يمكن بتبقى دايما هاديه ومبتسمه رغم اللى بيحصل ع الارض،،
يمكن شافت دايما دموع واحلام وابتسامات كتير فبقت تسمع بس وتطبطب فى كل الأوقات.
تحدث "مراد" قائلا:
-على رأى الكاتب مارك توين لما وصف احساس السماء وقال: بمجرد أن تتذوق طعمها ستبحث عنه إلى الابد..وفعلا صدق فى كلامه.
ثم نظر إليها بحب فقال باسماً:
-يمكن يارحيلي إذا نظر الناس إلى النجوم كل ليلة فإنهم سيعيشون بطريقة مختلفة لأنهم عندما ينظرون الى ما لانهاية حينها سيدركون ان هناك أشياء اكثر أهمية مما يفعله المرء طوال اليوم ثم نظر الى السماء بأعين لامعه ضاحكة بفعل العشق ...
اخذت "رحيل" تدقق النظر إليه فشردت فى تفاصيله الجميلة، لاحظت أنها كانت مشتاقة إلى "مراد" ابن عمها الذى كان لطيفاً و دومآ بجانبها قبل أن يغيرهُ العالم، والآن فقد بدء يرجع كما كان تدريجياً، دق قلبها بسعادة حقيقية فشعرت بشعورٌ جميلةٌ لم تعهده من قبل فى حياتها.
التفت "مراد" نحوها بطلته المبجهة وابتسامته الوسيمة التى جعلت قلبها يخفق بشدة، أصتبغ وجهها باللون الوردى من تلك النظرة المهلكة، التى إذا رائها أحدٌ لقال أنها نظرة عاشق وليس مُحب فقط.
اشاحت وجهها عنه بحياء لتنظر بأتجاه أخر، بينما هو دن منها وقال هامساً بجانب أذنيها:
- أنك زاهية وبرّاقة كالورود حتى تَظُن من فرط رِقتك أن جميع الأشياء الجميلة التي تُوجد في هذا العالم سُقيت مِن قلبِك رحيلى.
فى وقت متأخر من الليل كانت جالسة أمام المرآة تمشط شعرها، تفكر فيمن سلب عقلها اليوم، فكان لحديثه وقعٌ خاص على مسمعها، تبسم فاهها حين تذكرت همسه ووصفه لها، نهضت وأتجهت إلى الفراش لتسترخي عليه، ثم أخذت تفكر فى أمر قلبها الذى نبض "لمراد" ، وفى هذا الوقت أدركت أنها لم تشعر بمثل هذة المشاعر مع "سامر" فقالت بذهولٍ:
-أنا عمرى ماحبيته أنا اللى اوهمت نفسى بده واللى كنت بحسه ناحيته كان مجرد اعجاب مش اكتر لكن مراد المشاعر اللى حسيتها معاه الفترة الأخيرة دى أول مرة احسها واعيشها أنا أول مرة قلبى يدق لحد اصلا وأخذت تفكر فى حياتها حتى غلبها النعاس.
بعد وقتٍ قليل نهضت من فراشها وهى تصرخ بشدة فدلف إليها والدها بعد أن سمع صوتها أثناء مروره من أمام غرفتها، فقام بضمها بين احضانه ليربت على ظهرها برفق وقال بنبرة قلقة:
- اهدى ياحبيبتى اهدى دا كابوس وانتهى.
كانت ترتعش بقوة وتبكى بين يدي أباها، حاول أن يبعدها كى يُسقيها كوب ماء لكنها رفضت أن يتركها، فقال "سليم" برفق:
-خلاص ياروحي متخافيش.
تحدثت ببكاء وشهقات متقطعه:
-بابا متسبنيش أرجوك أنا أنا خايفه أوى.
قال مهدئاً:
- أنا جمبك يابابا متخافيش ياعمرى.
-كان حلم وحش أوى يابابا كان فى حد بيحاول يأذيني والدنيا كانت ضلمه أوى والمكان شكله يخوف.
أجابها قائلاً بهدوء:
-محدش يقدر يأذيكى ياوحيدتى طول ما أنا معاكى مش هسمح لحد يقرب منك حاولى تنامى ياحبيبتى ومتخافيش أبدآ طول ما أنا عايش.
ظلّت متماسكة بملابس أبيها، فقالت ببكاء:
- علشان خاطرى يابابا خليك معايا ومتمشيش.
-حاضر ياحبيبتى مش هسيبك.
بعد لحظات غفت "رحيل" بأحضان أبيها بأمان، ليغفى هو أيضاً بجانبها..
فى صباح يوم جديد
استيقظ "سليم" من غفلته ونظر إلى وحيدته بحب أبوي و قبلها على رأسها بحنية بالغة، ثم نهض من جانبها بحذر حنى لا يُوقظها، ولكن توقف حين نادته أبنته قائلة بأبتسامة ودودة:
-صباح الخير بابا.
- صباح النور ياقلب أبوكى طنينى عليكى أنتى كويسة؟.
-ايوة ياحبيبى أنا كويسة.
-طب الحمدلله متعرفيش قد ايه أنا خوفت عليكى امبارح لما سمعت صراخك قلبى وجعني أوى وفكرت أنه حصلك حاجه.
اقتربت من أبيها وضمته باشتياق ثم قالت بنبرةٌ مختنقةٌ مؤلمةٌ:
- تعرف يا بابا أنك وحشتنى اوى أرجوك متزعلش منى ولا تبعد عنى أنت متعرفش الأيام اللى فاتت مرت عليا ازاى واحنا مش بنتكلم .
تألم "سليم" لألم ابنته فقال برفق باسماً :
-أنتى كمان ياروحي وحشتينى وبعدين أنا مش زعلان منك ياوحيدتي، وخليكي عارفة أني بحبك يابنتى وعمري ما ازعل منك دا أنا معنديش اغلى منك أنتى واخواتك ودايما بدعي ربنا أنه ميحرمنيش منكم.
تبسمت "رحيل" بخفة ثم قالت:
-ولا منك يااحسن اب فى الدنيا.
بعد لحظات من الوقت كان "مراد" فى الصالون يحتسى القهوة الخاصه به بهدوء تام، فقاطع هذة اللحظة دخول "رحيل" فنظر إليها بابتسامة مشرقة وقال :
-صباح الخير.
اجابته "رحيل" بنشاط وحماس :-صباح النور.
-رايحة فين كدا.
رددت "رحيل" بابتسامة ساحرة:
- جاية معاك الشركة أصل العيال الرخمين مشيوا وملحتقش حد فيهم ومفضلش غيرك اللى هياخدنى معاه.
بهت وجهه قليلاً وهو ينظر لتلك الملابس التى ترتديها فقال متسائلاً:
- أنتى هتروحى كدا الشركة.
-كدا اللى هو ازاى مش فاهمه!.
أشار بيده لثوبها ثم قال:
-يعنى هتروحى باللبس دا.
اردفت "رحيل " متعجبة:
-اه هروح باللبس دا ماله يعنى دى جيبه وبلوزة.
أجابها مبتسماً فقال ساخراً:
- الصراحة هو اوتفيت هايل بس ياخسارة مش هتخرجى بيه.
قالت منزعجة:
-ليه بقا إن شاءالله.
نظر إليها "مراد" نظرة حادة:
-يعنى الأستاذة مش واخده بالها بأن الزفته قصيرة شويتين.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
مدت "رحيل"شفتيها إلى أمام ثم قالت بملل:
- لا عادية خالص.
-رحيل متعصبنيش الجيبه قصيرة جدآ دى حته محصلتش أنها تيجى لحد الركبة اطلعى فورا غيرى أم القرف ده والبسى حاجه تغطى جسمك ياهانم.
ربعت كلتا يديها وقالت ببرود:
-وأنا مش هغير هاا.
-لا هتغيرى يارحيل ياما مفيش خروج من هنا وأنا قاعدلك اهو وورينى بقا هتخرجى أزاى.
أردفت "رحيل" بعند:
- لا هخرج يامراد ومش هتقدر تمنعني.
نهض "مراد" من مقعده وقال بعدم صبر:
-لا بقا مابدهاش أنتى اللى جبتيه لنفسك.
جاءت "رحيل" تهرول من أمامه حين وجدته يتجه نحوها بغضب، ولكنها وجدت نفسها فى الهواء فقد أمسك بها من رجليها ورأسها منقبلة إلى الأسفل.
أتجه بها إلى غرفتها صاعداً على الدرج، فأخذت الاخرى تضربه على جسده الصلب بكل ما أتت به من قوة بيدها الصغيرة ولكن كل هذا لم يؤثر به ولم يحرك به ساكناً.
فصاحت صارخة:
-أنت يابنادم أنت نزلنى، بقولك نزلنى، أنت مابتسمعش بقولك نزلنى.
- رحيل أخرسى.
ولج لغرفتها وقام بألقاها على الفراش حدفاً، فتأوهت متألمة:
- مش براحه هو أنا كيس زباله بتحدفه.
لم يبالى لحديثها فقال بلهجة أمر:
-قدامك خمس دقايق لو القرف دا متغيرش متلوميش إلا نفسك.
اوقفه صوتها العنيد عن الخروج:
-وأنا مش هغير القرف ده وهو دا اللى عندى إذا كان عجبك.
دن نحوها وقال بغضب جحيمى:
-أقسم بالله لو مغيرتيش هاجى اقطعلك القرف اللى عليكى بنفسى وأنتى عارفة أني قد كلمتي ولما بقول حاجه بنفسها فوراً.
حدقت به بعند فقالت بإصرار شديد:
-والله متقدرتش تقرب مني ولا تعمل أى حاجه.
قرب منها ليهبط لمستواها حتى كاد أن يلتصق بها فقال ساخراً:
-شكلك حابة تجربي بنفسك وأنا معنديش مانع.
فقام بإمساك أطراف ثوبها من مقدمة رقبتها كى يقطعه، فاوقفته فى طرفة عين وقالت لاهسة:
- خلاص يامراد أبعد هعمل كل اللى أنت عاوزه بس ابعد واطلع برا.
همس أمام شفتيها وقال بمرح :
-شطورة ياريرى أحبك وأنتى بتسمعى الكلام.
ثم ذهب إلى الخارج، فتنفست بهدوء وقامت بتغير ملابسها قبل أن يتهور ويفعل ما قاله.
وبعد لحظات خرجت من غرفتها وهى ترتدى فستان طويل اكثر احتشاماً مصتبغ بلون اللافندر فجعلها أكثر جمالا.
أنبهر "مراد " حين رائها فأقسم بداخله بأنها هى من جعلت الفستان ذو أطالة جميلة.
تبسم قائلاً :
-شكلك كدا احلى وأجمل بنوته ماشاء الله عليكى ربنا يحميكي.
بادلته الابتسامة بحياء ثم قالت بلطافة محببة:
- مش هنمشى بقى.
- طبعاً هنمشى ياريري.
كان "مراد" يتحدث فى هاتفه بصدمة:
-أنت بتقول ايه مستحيل. ثم نظر خلفه وبالفعل تأكد بأن هناك سيارة تتابعهم، فوجهه بصره نحو محبوبته خوفاً وقلقاً، ولكنه تصنم حين توقفت عيناه بصدمة إلى النافذة بجوار "رحيل" فوجد سيارة أخرى بجانبها، بينما هى تعجبت من نظراته فأردت أن تعرف فيما ينظر، توقفت عيناها هى الأخرى على تلك السيارة،،
تابع "مراد" تلك السيارات التى خرجن منها وجوهٌ ملثمة تصوب أسلاحتهما عليهما يشيرون نحوهه، وفى لحظةً أنطلق سريعاً حين بدوا بضرب النار عليه، فبدأ يغلق جميع النوافذ.
صرخت "رحيل" فزعاً من صوت طلقات النار ومن سرعة العربية، فبكت خوفاً مما يحدث، كان يسمع صراخها بقلة حيلة ولكنه قام باخراج مسدسه وتعميره فهو الآن فى موقف عصيب يخشي أن يصيب محبوبته مكروهاً.
نظرت إليه "رحيل" بخوف فقالت ببكاء:
- أنا خايفه يامراد هو ايه اللى بيحصل.
رد عليها برفق حتى يطمنها:
- متخافيش أنا معاكى.
أنهى جملته وهو يضغط على زر ليميل مقعدها إلى الوراء حتى لا يصيبها شئ، ثم قال بنبرة هادئة:
-حبيبتى متخافيش أوعدك أننا هنكون بخير.
ثم فتح النافذة وكانت طلقته سريعه أصابت عجلة السيارة التى بجانبه فجعلتها تنقلب، ثم زاد من سرعته حتى يتخلص من السيارة الأخرى، ولكن سائق تلك السيارة اقترب نحوهه بنفس السرعة،
ليخرج منها رجلاً مصوباً سلاحه باتجاهم فقام بأطلاق رصاصته السامة تزامناً مع صرخة رحيل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بعد ما أصاب الملثم هدفه فر هارباً، أوقف "مراد" سيارته بجانب الطريق، فنظرت نحوهه "رحيل" بخوفٍ وقلق فلفت انتباها تساقط قطرات الدماء من كتف "مراد" الخلفى، رفعت عيناها اللامعة بالدمع تدريجياً لتنظر إليه بوجه شاحب من شدة القلق عليه، فتحدث هو بألم:
- متخافيش أنا كويس.
رددت عليه بصوت ضعيف وهى تبكى:
-احنا لازم نروح المستشفى دلوقتى أنت بتنزف.
لم يجيبها بسبب ذلك الدوار الذى بدأ يشعر به، فدنت منه وقامت بفك حزام الأمام ثم هبطت من السيارة وأخرجته هو أيضاً منها لتجعله يجلس مكانها، لتبدأ هى بقيادة السيارة لتتجه به إلى أقرب مستشفي، بعد أن وصلت تم نقله إلى غرفة العمليات، بينما هى جلست بجانب الباب تبكي بأنهيار على ما أصابه فأخذت تدعي ربها أن يُنجيه.
بعد لحظات جاءت العائلة بعد ما علموا بماحدث، اقتربوا من "رحيل"التى كانت فى حالة صدمة شديدة والدماء تغرق ملابسها ويدها، دن "حمزة" منها بحذر والخوف يمتلك قلبه فقال متسائلاً:
- طمنينى يابنتي على مراد هو كويس مش كدا.
اردفت "حنان" ببكاء :
- ايه اللى حصل معاكم يارحيل وايه الدم ده كله.
اقترب "أدهم" من شقيقته المنصدمة ليمسد على معصمها برفق ثم قال بقلق:
-رحيل حبيبتى ردى عليا أنتى كويسه.
لم ترد على تساؤلاتهما، وفى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفة العمليات، فمنعها "حمزة" الذى أردف بنبرة قلقة:
-لو سمحتى أنا ابنى جوا ممكن تقوليلى ايه اللى حصله وهو كويس ولا لأ ؟.
الممرضه: -حضرتك هو دلوقتى فى أوضة العمليات والدكتور شوية وهيخرج يطمنكم عليه عن أذنكم.
تفوهت "حنان" ببكاء:
- أنا خايفه أوى ياحمزة عليه.
أجابها الأخر قائلاً بهدوء:
-متخافيش ياحبيبتى ابننا هيبقى كويس بإذن الله.
بينما الجد اقترب من حفيدته بهدوء ليقول :
-حبيبة جدو ردى عليا متقلقنيش عليكى.
رفعت رأسها إليه ثم بدأت تشعر بالأرض تحوم بها فوقعت بين أحضان جدها، ليحاصرها "أدهم" بين يديه وهو يقول:
-روح يامازن نادى لأى دكتور بسرعة.
بعد لحظات خرج الدكتور من غرفة الكشف، فأردف "سليم" بتسأل:
-ها يادكتور طمنى عليها.
-اللى حصلها ده بسبب خوفها وصدمتها وعلى العموم أنا اديتها ابرة وشوية هتفوق وهتبقى كويسة عن اذنكم.
نظر "أدهم" على غرفة شقيقته بحزن لما أصابها وأصاب صديقه ورفيق عمره، تجمعت الدموع بعيناه حزناً ليربت "هشام" على كتفه وهو يقول:
- متقلقش هيبقوا كويسين.
بعد مرور مدة من الوقت خرج الطبيب من غرفة العمليات فاقتربت العائلة منه فقال هو أنه بخير وتم نقله الى غرفة عادية.
ولجت "حنان" إلى ابنها بعد ما سمح لهما الطبيب بالزيارة، فقامت بوضع يدها على رأسه وقالت ببكاء خافض:
-حبيبى حمدلله ع سلامتك ياقلب أمك.
أجابها "مراد" بصوت مجهد:- الله يسلمك، ثم حول بصره بأركان الغرفة باحثاً عن محبوبته فقال بقلق متسائلاً:
- هى فين رحيل..هى حصلها حاجه؟.
أردف "هشام" باسماً :
-حمدلله ع سلامتك يابطل متقلقش هى بخير.
حاول أن ينهض من فراشه ولكنه تألم كثيرآ بسببه الجرح، فتفوه "حمزة" بتوتر:
-استنى هروح انادى للدكتور.
تحدث الآخر بأرهاق:
-يابابا أنا كويس لكن رحيل فين هى حصلها حاجه وأنتم مش راضيين تقولولي.
صاح "مازن" مندفعاً:
-هى محجوزة فى الاوضه اللى جمبك.
نظر الجميع إليه بغضب، فحاول الأخر أن ينهض وهو يقول بنبرة قلقة:
-محجوزة ازاى يعنى مش فاهم أنا عايز أشوفها.
مانعه الجد قائلاً:
-ممكن تهدأ قولنا أن هى كويسه هى بس أغمى عليها من اللى حصل وكانت محتاجه أن هى ترتاح وشوية هتلاقيها جاية.
تفوه "مراد" وهو يحرك رأسه نافياً:
-لا أنتم بتكدبوا عليا أنا هقوم اشوفها بنفسي.
تحدث "حمزة" بيأس:
-والله يابنى جدك كلامه صح هنكدب عليك ليه يعنى.
نظر إليهما بضيقٍ فقلبه لن يهدأ حتى يرأها أمامه.
فى الغرفة المجاورة انتفضت "رحيل" من على الفراش بفزعٍ فوضعت يدها على قلبها لتستنشق بعض الهواء، فكان قلبها يهبط ويعلو بضربات مسرعة فقالت بخوفٍ :
-دا اكيد حلم مش حقيقة!.
سمعت صوت الممرضة بجانبها تقول متعجبة :
-أنتى كويسة ياأنسة؟.
أردفت "رحيل" ببكاء: -هو ايه اللى حصل.
-واضح أنك حصلك صدمة وحضرتك مستحملتيش فأغمى عليكى.
نهضت "رحيل" من فراشها ونزعت المحلول من يدها فخرجت بعض الدماء منها فتألمت بشدة، فقامت بوضع يدها على فمها لتكتم تأوهاتها، ثم سارت بخطوات غير متزنه تحت اعتراض الممرضة، وحين خروجها من الباب وجدت شقيقها "أدهم" أمامها فقال بتسأل وهو يتفحصها:
-أنتى كويسة ياحبيبتى...ايه اللى قومك بس من سريرك أنتى لسه تعبانه.
نظرت إليه "رحيل" بأرهاق وبأعين دامعة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-مراد ياأدهم عايزة اشوفه واطمن عليه أرجوك خدنى له.
-حاضر يارحيل تعالى .
فقام باسندها وبعد لحظات دلفت "رحيل" لغرفة "مراد" بهدوءٍ تام، فلما دخلت ورائها بخير شعر بالارتياح فاعتدل فى جلسته، ليشير إليها بأن تأتي نحوه، فلما دنت منه قام بأحضانها بقوةٍ واشتياق رغم ألمه، ولم يبألي لأى أحد من أفراد عائلته، فكل شئ بالنسبة له هين مدام محبوبته بين ذراعيه فهذا يكفيه، أتاه صوتها الخائف المرتعش:
- أناا خفت عليك أوى كنت خايفه يامراد انه يحصلك حاجه وحشه.
همس لها فى أذنيها لكي يجعلها تطمئن فقال برفق:
-متخافيش عليا ياحبيبتى أنا مفيش اى حاجه وحشه هتحصلى طول ما أنتى جمبى.
أرتسمت علامات التعجب على وجه الجميع، فهمهم "أدهم" حتى ينقذ الوضع فقال بمرح:
-حمدلله ع سلامتك يابطل تعيش وتاخد غيرها.
ابتعدت "رحيل" عنه بحياء بسبب نظرات من حولها ومن نظرة والدها المتوجه إليها، فتحدث "مراد" بحرج بسبب نظرات عمهِ فقال: -الله يسلم يا أدهم.
فأردف "سليم" بتسأل: -متعرفش مين اللى عمل كدا.
هتف "مراد" بغضب جحيمى:
-لا بس اكيد هعرفه ولما أعرف هو مين هخليه يندم ع اليوم اللى اتولد فيه.
فقال والده:
- أهم حاجة أنك قومت لينا بالسلامة والحمدلله أن رحيل متأذتش.
وجه " مراد" بصره نحو "رحيل " التى كانت جالسة بجانب شقيقته وقد أرتسمت على ملامحها علامات الخوف والذعر، ود لو أن ينهض ويضمها بين أحضانه لتطمئن، فما حدث لم يكن بالشئ الهين عليها فتلك مرتها الأولى التى تتعرض بها لحادث هكذا، أغمض عيناه بأرهاق وتعب فهو الآن عاجزٌ على فعل أى شئ.
*************************************
فى صباح اليوم التالى خرج "مراد" من المستشفى برفقة اصدقائه.
وفى جناحه كان جالساً على الأريكة، فولجت إليه "رحيل" وقالت بوجه بشوش: - عاملين ايه.
أردفت "حنان" بابتسامة :
- الحمدلله بخير، كويس أنك جيتى يارحيل هطلب منك مساعدة بسيطة.
-اتفضلى ياعمتو.
نهضت "حنان" من مكانها وهى تقول:
- بصى حاولى تغيرى لمراد على جرحه لحد محضر الاكل واجيبه.
تبسم ثغر " مراد" بابتسامة رقيقة وماكرة بنفس الوقت، فقالت الأخرى برقة:-حاضر ياعمتو.
أعطت لها زوجة عمها بعض الأدوية والمراهم ثم خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها، تقدمت "رحيل" من "مراد" وجلست بجانبه بحذر وقالت بحرج:
-ممكن تحاول تقلع التيشرت علشان اعرف احطلك المرهم.
تبسم "مراد" بخفة على توترها فقال:
-حاضر هقلعه بس ممكن تساعديني لان مش عارف ارفع دراعى اللى متصاب فيه.
دنت منه بحياء وهى تبعد وجهها بعيداً عنه فقامت بمساعدته تحت نظراته السعيدة من قربها، ثم جلست خلفه وبدأت بتغير الجرح تألم "مراد " من وضع المرهم فحاول أن يكتم وجعه ولكن فلت منه صوت تأوه مؤلم بسبب الجرح.
نزعت "رحيل" يدها خوفاً فقالت ببكاء :
- أنا آسفه أني وجعتك.
- اهدى أنا كويس يلا كملى.
بدات تكمل بيد مرتعشة والدموع تتساقط من عيناها حزناً، فهى تعلم بأنه يتألم لكن يتحامل على نفسه من أجلها حتى لا تحزن، أنهت ما تعمله وقالت بصوت مبحوح:
- أنا خلصت.
التفت بجسده إليها ليمسك يدها بحنان وبيد الأخرى مسح دموعها، ثم قال بلين:
-مابحبش اشوف دموعك الغالية بالنسبالي.
نظرت إليه بوجه حزين فقال بلطف:
-ممكن افهم ليه الحزن دا كله.
- مش عارفة أنا ليه خايفة لحد دلوقتى.
احتضن وجهها بين كفيه وهو ينظر إلى عيناها التى فُتن بها ليقول برفق:
-عيزك متخافيش طول ما أنا عايش.
ثم أضاف وهو مازال محدق بتلك العيون التى هى عبارة عن سلاح صامت يفتك قلبه باستمرار:
-ممكن بقى مشوفش القمر بيعيط تانى، عايز اشوف ضحكتك دايمآ اللى بتنور دنيتى.
تبسمت "رحيل" بخجل، فقال فارحاً:
-ايوه كدا خلى الدنيا تضحكلى، تعرفى أنا كنت خايف عليكى اوى خوفت لتتاذى أنا لو كان حصلك حاجه كنت هموت.
ثم جذبها إلى صدره ليضمها بخفة ليستنشق عطرها المميز الذى يعشقه، زادت دقات قلبه أكثر مما ينبغى بسبب قربها المهلك، فأخذ يملس على شعرها الناري بلطف ولين ثم همس معترفاً:
- بحبك.
اتسعت عيناها على مسرعهما بصدمةٍ ألجمت لسانها وتصنم جسدها ليطرق قلبها نبضات عالية كادت أن تصل إلى مسمعه.
ابتعد "مراد" قليلاً وهمس بجانب شفتاها:
-انا بحبك اوى يارحيل ومن زمان، أنتى روحى وقلبى والنفس اللى بتنفسه، وليكى فى كل حاجه فى حياتى نصيب وفى احلامى وفى أنفاسى حتى دقات قلبى هناك دوماً نبضات تتغنى باسمك طفلتى.
ثم اخذها فى قُبلة ليهدأ ضجيج قلبه المتهالك شوقاً إليها، ثوانٍ وابتعد عنها ليسند جبينه على جبينها وهو يتنفس تنفسها ثم قال باسماً:
-تقبلى تكونى مراتي وحبيبتي وشريكة حياتي وأم ولادي؟.
حركت " رحيل" رأسها بالإيجاب بحياءٍ تحت تأثير قبلته وكلماته وهمسه لها، فقد شعرت بارتفاع خفقان قلبها وتورد وجنتيها بالاحمرار.
فابتسم "مراد" بسعادة ثم قال:
-حبيبتي أنا مش عايز منك قرار دلوقتى فكرى براحتك وأنا هستناكى خدى وقتك فى التفكير.
اومات له بالايجاب ثم ابتعدت عنه لتهرول إلى الخارج هاربة من أمامه، وتلك السعادة تغمرها بشدة فهى الآن لم تصدق ما حدث للتو.
***************************************
فى بيت عائلة ندى.
ولج أبيها إلى غرفتها فوجدها نايمة فتنهد بقلة حيلة:
-ندوش يلا ياحبيبتي اصحى الفطار جاهز.
خرج من الغرفة ثم دلف ثانياً فوجدها كما هى:
-يابنتى حرام عليكى قومى بقى بقينا الظهر وأنتى لسه نايمة شاطرة بس تيجى بليلى تزنى عليا أنى اصحيكى بدرى ولما أجى اصحيكى متقوميش.
نهضت "ندى" من على السرير وقالت بتذمر:
-خلاص يابو ندى اهو قومت.
-بقالى ساعتين عمال اصحى فيكى ياشيخة حرام عليكى تعبتينى معاكى.
-ما أنت يابابا بتيجى فى أوقات غريبة.
رفع حاجبيه وقال متعجباً :
-أوقات غريبة اللى هى ازاى مش فاهم.
-كنت بحلم حتة حلم إنما ايه عسل.
ضحك الأخر بخفة على ابنته ثم قال:
- يلا ياهبلة تعالى خلينا نفطر ياأمو حلم عسل.
فردت "ندى" يدها على مسرعهما وهى تتنفس بعمق ثم قالت: -خمس دقايق وهتلاقينى وراك ع طول.
نظر إليها بشك:
-متأكده يعنى مش هتخلينى اخرج وترجعي تنامى تانى.
-عيب عليك ياجدع هو أنا بتاعت كدا.
-دا أنتى أم كدا اخلصى بقى ياندوش. أنهى جملته وهو يخرج من الغرفة، بينما هى كانت تتقلب على الفراش بكسل، فلاحت هاتفها يُضيئ فجذبته إليها لتجد مكالمات كثيرآ من صديقتها، فصاحت قائلة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-يانهار أسود دى نور هتنفخنى ولسه هتكمل كلامها وجدت "نور" تهاتفها فأتاها صوتها الغاضب:
-أنتى يازفته برن عليكى من بدرى مش بتردي ليه ياهانم.
-كنت نايمة يانور.
-دا أنتى ابرد خلق الله ياشيخه روحى ربنا يسامحك قلقتينى عليكى يازفته.
-ماخلاص يانور ماقلنا كنت نايمة وبعدين ايه كل الرنات دى حد يرن ع حد فوق ال٢٠٠ رنه مش كدا ياماما.
- ما أنا قولت اكيد البعيدة ماتت.
أردفت "ندى" ساخرة:
-يعنى هو لو أنا مت وأنتى فضلتى ترنى كانت المرحومة هتقوم ترد عليكى مثلآ.
-بقولك اي أنا مش فاضيلك هتيجى ولا لأ اخلصى .
-هاجى ويلا غورى خلينى اقوم ادوش.
بعد فترة خرجت إلى غرفة المعيشة فوجدت أبيها مجهز الفطور دنت منه وقبلت يده ثم قالت بابتسامة:
-صباح الخير ياحجوج.
-قصدك مساء الخير احنا بقينا الظهر يلا اقعدى افطرى.
- أنا بعد ما أفطر ياحج هخرج اروح لنور ورحيل.
-ماشى ياحبيبتى بس حاولى ماتتاخريش.
-حاضر .
***********************************
أقبلت "رحيل" نحو جدها وقد حلقت روحها فى أجواء السعادة والحبور حتى أصبحت الدنيا لا تسعها من فرط سعادتها.
فأردف الجد بحنيه:
-وشك منور النهاردة ياريرى وكمان خدودك حمرا زى الطماطم.
طأطأت رأسها خجلاً، فأكمل باسماً:
-لا شكل الموضوع كبير أوى قوليلى ايه سر لامعة عينيك الجميلة.
تفوهت "رحيل" بحياء وقد تورد وجهها خجلاً:
-جدو مراد.
ضحك الجد بخفة ثم قال مازحاً:
-ايوه بقى الموضوع فيه مراد قولى عمل أى الواد ده خلى بنوتى مبسوطة بالشكل ده.
لمعت الفرحة فى عيناها الزرقاء فقالت بنبرة سعيدة:
-تعرف ياجدو مراد اعترف ليا أنه بيحبنى وعايز يتجوزنى.
صاح الجد بسعادة وسرور:
- ياااااه اخيراً نطق دا أنا كنت مستنى اللحظة دى من بدري.
- هو حضرتك كنت عارف.
الجد:
-طبعا ياحبيبتى مراد بيحبك من زمان و أنا كنت عارف بس قوليلى أنتى بتحبيه.
وضعت خصلة متمردة خلف أذنيها وقد افترّ ثغرها عن ابتسامة عذبة، فقالت:
-الصراحة ياجدو مش عارفه بس الفترة دى حسيت معاه بشعور حلو أوى أول مرة احسه مع حد، وقلبى كل ما بيشوفه أو يقرب منه بينبض بشدة بحس أنه هيخرج من مكانه من قوة دقاته، أنا ببقى مبسوطة وأنا معاه بحس أنى مالكة الدنيا دى كلها.
أنهت حديثها وهى تمسك كف يد جدها لتدور به بسعادة لا توصف، وتلك الضحكة الجميلة لم تفارق محياها، فقالت بحب:
- عارف ياجدو أنا حاسة دلوقتى أنى طايرة فى السماء من كتر الفرحة.
ضحك الجد بسعادة فقال مازحاً:
-وأنا شكلي هطير من الدنيا بسببك يابت براحة أنا مش قدك يابكاشة.
ارتمت الأخرى بين ذراعيه ثم قالت بسعادة ممتزجة بالخجل:
-أنا بحبك اوى ياجدو.
تبسم الجد بالسعادة من أجلها فقال:
-وأنا اكتر ياقلب جدو.
ابتعد قليلاً ليجلس على الاريكة ويجلسها بجانبه ثم تسأل:
- هتعملى ايه معاه.
تنهدت بعمق ثم قالت بلطف:
-هو قالى مش عايز اسمع منك رد دلوقتى وفكري براحتك وأنا الصراحه محتاجه اتاكد من مشاعرى اكتر ناحيته فاهمني ياجدو.
أجابها الجد بطيبة:
-طبعا ياحبيبتى فاهمك و قريب هتعترفى بحبك له لأن أنا متأكد من شعورك ناحيته.
نظرت إليه "رحيل" بحياء فقامت بوضع برأسها على كتفه، فمسد هو على شعرها بحنان وحب لحفيدته الرقيقة.
*************************************
فى المساء كانوا الفتيات جالسين فى الحديقة، فتحدثت "ندى" بزهق:
-أنا هقوم أمشى.
أردفت "رحيل" بهدوء:
-لسه بدرى خليكى شوية.
-لا كفاية كدا عليكم لما أقوم يلا باى.
تفوهت "نور" قائلة :
-باى ياعسل متنسيش تطمنيني عليكى لما توصلى.
-حاضر.
كانت تسير بخطوات بطيئة تبحث فى حقيبتها على شئ، فلم تنتبه إلى تلك السيارة المقبلة نحوها سريعة، رفعت نظرها فجأة وصرخت بقوةٍ مفزعةٍ وهى تسقط أرضاً، حين توقفت السيارة أمامها، نظرت إلى يدها التى سقطت عليها فوجدت بها خدش بسيط، اشتعلت عينيها بالغضب فنهضت من مكانها واقتربت من السيارة وفتحت باب السائق، فوجدت شاب جميل بأعين زرقاء، فصاحت منفعلة:
- أنت يااخ أنت ايه أعمى مش بتشوف قدامك مدام أنت مش بتعرف تسوق عربيات بتركبها ليه ولا هى أرواح الناس لعبة فى ايد اللى جابوك.
وقف "مازن" يحدق به بصدمة من جمالها المبهر وشعرها الأسود الذى زادها جمالاً ولكنه قال بغضبٍ:
-أنا اللى أعمى ولا أنتى اللى عامية.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- أنت متخلف يابنى.
شعر بالضيق بسبب لسانها السليط ليقول بحده:
-تعرفى تخرسى خالص مبقاش غير أم شبر ونص اللى تتخانق معايا ثم قام بدفعها يلا ياشاطرة من هنا.
تراجعت "ندى" للخلف بسبب تلك الدفعة فقالت بنرفزة:
-والله لاوريك أم شبر ونص هتعمل فيك ايه يامتخلف أنت، و على حين غرة اقتربت منه سريعاً و أمسكت كف يده وأغرست اسنانها الحادة بها، ليصرخ "مازن" متألماً من قوة فكها، تركت يده حين وجدتها تنزف دماً أمامها، ثم ركضت مهروله وهى تقول بانتصار:
-احسن تستاهل.
صاح "مازن" بصوت عالٍ غاضباً وهو ينظر إلى يده المتورمة:
- اااااه ياعضاده يابنت العضادين وربنا لو لمحتك تانى ماهخلى حته فيكى سليمة.
بعد مرور اسبوعين تعلق "أدهم" اكثر ب "نور" حتى أنه لم يستطيع أن يفارقها.
بينما فى فترة علاج "مراد" كانت "رحيل" دوماً بجانبه ولم تفارقه ولو للحظة، حتى أنها كانت تقوم بجميع احتياجاته الخاصة به مما زاد هذا من قربهما، وكل هذا تحت نظرات العائلة المندهشة، من كان يصدق أن تلك الفتاة التى كانت لا تطيق ذاك المدعو "مراد" وتكره وجوده، تستغل كل دقيقة تمر فى حياتها بجانبه، فمشاعرها نحوه أصبحت قوية، فتلك الفترة أكدت لها أنها تملك مشاعر حب حقيقية له، وهى الآن تنتظر اللحظة المناسبة كى تعترف بمشاعرها إليه.
داخل القصر مساءاً
جذبت "رحيل" "نور" من معصمها إلى غرفتها، فتفوهت الأخرى بأنزعاج:
-يابنتى فى اي براحة عليا عايزة ايه أنتى دلوقتى.
أجابتها "رحيل" وهى تخرج من خزانة ملابسها ثوب أسود طويل مرصع بالالماس، ثم مدت يدها إليها وقالت بأمر:
-خدى البسى دا فوراً.
أردفت "نور " بعدم فهم:
-ودا ليه بقا إن شاء الله.
-ياستى هنخرج نسهر شوية.
-بس أنا مش قادرة اخرج النهاردة خليها يوم تانى.
تحدثت "رحيل" بأعتراض :
-لا ياعسل هتقومى زى الشاطرة كدا وهتلبسي الفستان دا اخلصى بقى يانور.
-طب ما أروح البس حاجه من عندى مش لازم البس دا.
نظرت إليها "رحيل" بضيقٍ وقالت:
-ما عندى وعندك واحد يازفته ويلا اخلصى لحد لما أدخل أنا كمان اغير.
ولجت إلى الحمام لتبدل ملابسها، بثوب مصتبغ باللون القرموزي، فكان من قماش الحرير الناعم وله فتحه طويلة من اليسار، قامت بتصفيف شعرها لتجعله مفرود على طول ظهرها، ثم وضعت لمسه بسيطه ببرونز عبارة عن فراشة بنفس لون الثوب، تبسمت برضا على هيئتها الرائعة، ثم خرجت من الحمام فوجدت "نور" تجلس على الفراش بملل، فقالت بانبهار:
- واو يانور شكله تحفه عليكى.
- بجد.
-بجد ياقلبي تعالى بقى كدا، فجعلتها تجلس أمام المرآه لتمشط شعرها وترفعه إلى الأعلى ثم وضعت لمسات قليله من الميكاب جعلتها أكثر أنجذاباً، ثم قالت بود:
- قمر ياخواتى.
تحدثت " نور " بلطف :
-بس مهما اعمل مش هبقى احلى ولا أجمل منك ياقلب أختك.
-حبيبتي يانور.
بعد مغادرة البيت وقفت "رحيل" فى مكان مظلم لتغارد السيارة تحت مناداة الاخرى لها، نزلت "نور" خلفها وهى تقول بتوتر:
-رحيل أنتى روحتى فين أنا بدات أخاف...يارحييل.
أخذت تنادى عليها والدموع تتصاعد إلى عيناها، وفى هذا الاثناء اشتعل المكان بالانوار التى تزينه بطريقة رائعة، فكانت الأرض مملوءه بالورود الحمراء، أستدارت بجسدها إلى الخلف فوجدت "أدهم" راكعاً على قدميه ممسكاً بيده خاتم من الماس الخالص.
فأردف المحب العاشق :
-عمرى ما تخيلت أنى أقع فى الحب تانى، لكن أنتى الوحيدة اللى قدرتى تحيى المشاعر فيا من أول وجديد، أنا لأول مرة ابقى مبسوط بالشكل ده، أنا مقدرش اوعدك أنى اخليكى أسعد واحده بس اللى اقدر أوعدك بيه أن أنا هعمل كل اللى اقدر عليه علشان أسعدك يافراولتى، ودلوقتى تقبلى تتجوزيني يانور موافقه تكوني شريكتي فى اللى باقى من عمرى.
التمعت عيناها بالفرح والسعادة فأجابته بحب:
-اه موافقه.
نهض "أدهم" ليضع الخاتم فى أصبعها، ثم رفعها إلى أحضانه ليدور بها بسعادة وحب.
اقتربت العائلة منهما وهم يصفقون بسعادة من أجلهما، فأردفت "نور" برقة:
- أنا مش فاهمه حاجه هو كل دا حصل امتى.
أجابها "أدهم" بلطف:
-احنا بقالنا كام يوم بنحضر المفاجأة دى ليكى ياحبيبتى.
اقترب منها "حمزة" وقال باسماً:
-الف مبروك ياحبيبتى.
-الله يبارك فيك ياحبيبى.
بعد ما باركت العائلة لهما اشتغلت موسيقى هادية ليرقص عليها كل ثنائي، حتى "مازن" و"هشام" الذين قاموا بالرقص معاً بطريقة مضحكة، مما جعلوا الجد يضحك من كل قلبه عليهما .
دن "مراد" من "رحيل" ليقبل كفها برقة بالغة ثم قال بلين باسماً:
-تعرفى أنك أجمل بنت شافتها عينى و أني بشكر ربنا أنك فى حياتى، بجد يارحيل أنتى نصيبى الحلو من الدنيا.
انبسطت اسارير وجهها وشع بريق عيناها بالحب، وافترّ ثغرها عن ابتسامة عذبة، فقال الآخر بود:
-ممكن القمر ده يرقص معايا.
تفوهت "رحيل" بسعادة وهى تنهض معه:
-ممكن طبعا.
كانت ترقص معه بخجل مفرط تحت نظراته الصامته، فكان يتأمل جمالها الذى اخذ عقله، وعينيها التى ليس هناك شيء في هذه الدنيا يفوق جمالها.
فقال هامساً:
-إذا وقفت أمام حسنك صامتًا، فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ.♥️♥️
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فى بداية يوم جديد وخاصةً فى حديقة القصر كان تتجمع العائلة معاً فى جو لطيف، جاءت "رحيل" وجلست بجانب والدها وقد يبدو على معالم وجهها الخوف والتوتر، فربت والدها على يدها بحنان ثم قال:
-حبيبتى مالك أنتى كويسه؟.
نظرت له بوجه شارد وقالت:- اه.
- ازاى بس ووشك شكله مخطوف.
تجمعت الدموع فى مُقلتها وقالت بنبرة مختلطة بالبكاء:
-أنا خايفة يابابا.
تحدث "سليم" بقلق:-من ايه بس ياحبيبتى.
-مش عارفة حاسه أن فى حاجه وحشه هتحصلى عارف يابابا كل الاحساس الوحش اللى فى الدنيا أنا حاسه بيه دلوقتى.
هتف أبيها باطمئنان:
-متخافيش ياوحيدتى مش هيحصلك اى حاجه وحشه أنا جمبك وأخواتك وكمان مراد.
تفوهت "رحيل" برجاء:
-ممكن تاخدنى فى حضنك وتحضنى أوى.
ضمها أبيها بين ذراعيها وهو يشعر بقلق لا يعرف ما الذى أصابها فجأة.
بعد عدة ساعات كانت "نور" جالسة بغرفتها تحمل بيدها كتاب عن التوعية الزوجية، فرن هاتفها لتشاهد رقم محبوبها على الشاشة، فاتسعت ابتسامتها حين أتاها صوته قائلاً:
-السلام عليكم .
-وعليكم السلام.
تحدث "أدهم" بود:
- لاقيت نفسى فاضى قولت لما اتصل اسمع صوتك أصلك وحشتينى .
أجابت الأخرى عليه بحياء فقالت:
-وأنت كمان وحشتني.
- بجد وحشتك.
-طبعا وحشتنى.
أردف "أدهم" بصدقٍ:
- تعرفى أنا بحبك قد اي.
وضعت خدها على يدها وهى تقول بمرح: -قد ايه؟
- قد الدنيا دى كلها مكنتش متخيل أن هتيجى بنت وتخليني أحبها بالشكل ده، بجد يانورى أنتى احلى حاجه حصلتلى فى حياتى تعرفى لو كان ليا عمر تانى كنت بردو هحبك.
-يعنى أنت مش ندمان أنك حبيتنى.
رد "أدهم" بحب:
- ابدا أنا ندمان ع الايام اللى ضيعتها وأنتى بعيد عنى وأنا حاليا مستنى ميعاد فرحنا بفارغ الصبر علشان تكونى ملكى لوحدى وبس.
تحدثت "نور" بفرحة غامرة لا توصف:
-تعرف ياأدهم أنا مش متخيلة بجد كل اللى بسمعه منك ولا متخيلة أنى دلوقتى خطيبتك وحبيبتك كمان أنا كنت بقعد احلم كتير وكنت بقول أن دا حلم وصعب انه يتحقق.
- ودلوقتي حلمك بقى حقيقة ياروحي واتحقق خلاص يانورى، معلش ياقمرى أنا مضطر اقفل دلوقتى علشان عندى اجتماع، ولما اخلصه هكلمك تاني سلام.
أردفت "نور" بسعادة: سلام..
كانت تتحدث "ندى" فى الهاتف مع صديقتها "رحيل"، فقالت بنبرة قلقة:
-أنا دلوقتى فى ام شركتكم ومتوتره وخايفة بشكل لا يوصف.
أجابتها "رحيل" بهدوء:
-متخافيش ياندى هما هياكلوكى وبعدين مراد هو اللى هيعمل معاكى الانترفيو وأنا معرفاه أنك صحبتى وشاطره جدا.
-ياراجل يعنى هو ع اساس لما تقوليله شاطرة جدا هيشغلى ع طول.
-متقلقيش أنتى ناسيه أنك كنتى بتطلعي الأولى ع الدفعه وكمان كنتى ممتازة.
تفوهت "ندى" بتوتر وهى تقطم أظافرها بأسنانها:
-طب اقفلى دلوقتى السكرتيرة بتشاور ليا.
-تمام ياحبيبتى بالتوفيق.
اقتربت السكرتيرة منها وهى تقول:
-اتفضلى مستر مراد مستنيكى جوا.
طرقات "ندى" الباب فسمح لها بالدخول، وعندما ولجت إليه تحدث قائلاً:
-ازيك ياآنسة ندى اتفضلى اقعدى.
جلست على المقعد مقابله بارتباك، فتحدث باسماً:
-رحيل بتشكر فيكى أوى.
-اه يمكن علشان صحبتها مش اكتر.
أردف "مراد" بجدية:
-تمام هشوف cvبتاعك وبعدها نحدد، بعد لحظات أضاف قائلاً:
-ماشاء الله الملف بتاعك ممتاز وكل اللى موجود فيه بيدل ع شطارتك وتفوقك وتقديرك العالى فى الدبلومات، أنهى حديثه وهو يرفع سماعته ليطلب من السكرتيرة أن تأتى "بمازن".
ثم قال:
-بصى ياندى الصراحة احنا محتاجين واحدة متفوقة زيك تكون مساعدة لمدير الحسابات، هو هيجي دلوقتى وهعرفك عليه.
أردفت "ندى" بتوتر وهى تحرك قدميها بإستمرار:
-يعنى كدا أنا اتعينت ولا لسه هتشوفونى الأول فى الشغل!.
تبسم "مراد" ابتسامة بشوشة وقال:
-ممكن تبطلى توتر وياستى أنا عينتك لأن فعلا احنا محتاجينك هنا معانا.
ضحكة الاخرى بسعادة فقالت:
-بجد مش عارفة أشكر حضرتك أزاى.
- مفيش شكر خالص دا عادى جدا، أنا بس عايز تثبتيلى أنك فعلآ مش بس كنتى متفوقة فى الدراسة لا وكمان فى الشغل وأنا واثق فيكى أنك هتعملى شغل حلو.
- طبعا أنا هكون عند حسن ظن حضرتك.
دلف إليهما " مازن" وقال : -كنت طالبنى.
أردف "مراد" قائلاً :
-اه أعرفك على الآنسة ندى المسؤوله الجديدة اللى هتبقى معاك فى الحسابات.
نظر إليها "مازن" فحين رائها قال صادماً:-أنتى؟.
-أنت.
تفوه "مراد" متعجباً:
- أنتم تعرفوا بعض !.
نطقوا فى فم واحد : لاااااا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تحدث "مراد" بجدية وهو ينظر إلى "مازن" الذى كان يقف مشتعلاً من كثرة الغيظ ليقول بحده:
-تمام اتفضلى معاه ياندى لو حصل أى مشكلة ابعتيلى، ثم وجه حديثه إلى الآخر فقال بحده:
- ياريت نشتغل كويس ومسمعش أى شكوى منك فاهم.
أردف "مازن" بضيقٍ:- فاهم ، ويلا ياانسه.
خرجت "ندى" قبله وهي تتمتم ببعض الكلمات المنزعجة:
- ياربى يوم لما اتعين واشتغل يبقى شغلى مع المتخلف ده.
-أنتى بتقولى ايه مين دا اللى متخلف.
تحدثت الأخرى باللامبالاة فقالت:
-مش عارف الناس بتاخد الكلام ع نفسها ليه ميكنش ع رأسهم ريشه.
بصلها بطرف عيناه ليقول بأنزعاج :
-اتفضلى معايا خلينى أعرفك الشغل هيتم ازاى.
بعد لحظات فى المكتب
-ها فهمتى!.
-اه فهمت أمال أنت فاكرانى مابفهمش.
أردف "مازن" بضجر:
-ياربى هو أنتى كل كلمة هتقعدى تردى عليا بعشرة أنا مابحبش كدا وكمان عايزك تعرفى أني بحب الانضباط ومش عايز اشوف غلطة فى الشغل وإلا مش هيحصلك كويس.
تفوهت "ندى" باستفزاز وهى تداعب خصلات شعرها:
-طب حاسب ع نفسك ياخويا لأحسن يطقيلك عرق ولا حاجه.
ثم ذهبت إلى مكتبها الذى يقع أمام مكتبه، ليردف الآخر فى نفسهِ:
-استنى عليا يا أم شبر ونص أما وريتك وخد منك حقى مابقاش أنا مازن والله ووقعتى تحت أيدي.
فى غرفة "رحيل" كانت جالسة تنظر إلى هاتفها الذى يُضيئ باسم "سامر"، كانت ستلقى الهاتف أرضاً ولكنها تراجعت لتجيب على اتصالاته، فأتاها صوته المزعج:
- محدش سمع صوتك ياريري هانم، فينك كدا مختفية بقالك فترة ومش بتردى على مكالماتى.
أردفت "رحيل" بضيقٍ:
- عايز ايه منى ياسامر.
- عايز اقابلك النهاردة ضرورى ياست البنات.
- وأنا مش هاجى وياريت تبعد عنى وتنسى أى حاجه كانت مابينا.
تحدث "سامر" بنبرة خبيثة:
- ازاى بس يا بيبي أنتى نسيتي أنك حبيبتي ودلوقتى عايزة تبعدي عنى، بس يكون فى معلومك أنا مش هبعد عنك مهما حصل وأن كنتى زعلانة منى فى حاجة تعالى نخرج ونقعد مع بعض ونصفى اللى مابنا.
كانت هترفض هذا اللقاء ولكنها وجدتها فرصة حتى تنهى تلك العلاقة التى تورطت بها، فهى الآن تحب "مراد" حب صادق نابع من قلبها، لذا ستستغل الفرصة لغلق الماضى لتبدأ حياة جديدة طاهرة مع من اختاره قلبها.
-رحيل رحتى فين.
أردفت "رحيل" بملل:
-مفيش خلاص تمام ياسامر نتقابل النهاردة.
- تمام ياقمر هستناكى بعد ساعة.
بعد ساعة كانت تقف تنتظر وجوده أمام النادى بعد لحظات جاء "سامر" مبتسماً فقال:
- أنا جيت اهو ياروحي.
-سامر أنا كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع مهم.
نظر إليها "سامر" متعجباً فقال:
-موضوع ايه؟.
تفوهت "رحيل" بعدم ارتياح:
-تعالى نقعد فى أى مكان واحنا نتكلم.
تبسم ثغر "سامر" بخبثٍ فقال:
-تمام خلينا نروح نقعد ع كافية هو مش بعيد أوى عن النادى هنروح بعربيتى يلا.
سارت "رحيل" أمامه وهى تشعر بالخوف والتوتر، وعندما اقتربت من السيارة جاء الآخر من خلفها بشرٍ وحقد ليضع على أنفها منديل معطر بالمخدر، كتم به أنفاسها إلى أن فقدت قدرتها على التحرك فخارت قواها بين ذراعيه ليدخلها سيارته السوداء، ليتجه بها إلى شقته الخاصة.
وفى هذا الأثناء فى غرفة الاجتماع ذبذب هاتف "مراد" معلناً على رسالة وصلت للتو، فوجه بصره نحوها لينصدم بشدة وهو يقرأ محتواها الذى كان عبارة عن:
- بنت عمك وحبيبتك رحيل مع واحد فى الشقة ومش دى أول مرة ودا العنوان علشان تتأكد بنفسك فاعل خير.
فى نهاية الرسالة يوجد صورة "لرحيل" بين احضان "سامر".
خرج مسرعاً من غرفة الاجتماع وعيناه يتوقد منهما الشرر، فكان ملامحه عابسة من الغضب، رحل بسيارته إلى ذاك العنوان، بينما "أدهم" ذهب خلفه عندما راءه بتلك الهيئة التى لا تبشر بالخير.
فى شقة المعادى الخاصة بالمدعو "سامر"...
بدأت "رحيل" تستعيد وعيها فحركت رأسها فى كل إتجاه بثقل محاولة رؤية ما حولها، فهمست بكلمات ثقيلة حين لمس "سامر" جسدها، فقالت بدوران شديد:
- أنت بتعمل اي ابعد عني أرجوك.
اقترب منها اكثر وقال بنبرة خبيثة:
-اهدى يابيبى جه الوقت اللي كنت مستنيه من زمان علشان اخد منك اللى عاوزه دا أنا استنيتك كتير أوى يارحيل.
مد يده وقطع طرف ثوبها من بداية عنقها صرخت بضعف فهى لا تقوى على الحراك، فقالت بخوف وبكاء:
-أبعد عنى ياحيوان أبعد.
أحكم قبضته على خصلاتها النارية وقال غاضباً:
- اخرسى مسمعش صوتك، فقام بكتم صراخها ليحاول تقبيلها.
وفى تلك اللحظة وصل "مراد" إليهما فوجد الباب مُوارباً، فلما دخل رجت الصدمة كيانه عندما وجد محبوبته فى أحضان رجلٌ آخر غيره، فصاح صيحةً مفزعةً مزقت أحشاء السكون، جعلت كلاً من "سامر" و"رحيل" يفزعون لها، نظرت إليه "رحيل" وقد اضطربت نفسها وتسرّب الهلع إلى فؤادها الذى انفطر وكاد يتطاير شظايا من هول ما حلّ بها، أنهمرت عيناها بالدمع خوفاً وحزناً مما سيحدث، حاولت أن تنهض من على الأريكة لكن لم تساعدها رجليها على الوقوف، فهى تشعر بدوار يكاد أن يفتك بروحها، فقالت خائفة مبررة:
- مراد متفهمش اللى حصل ده غلط أنا معرفش أنا جيت هنا أزاى.
لم يسمع ما تقول فكل ما يسيطر عليه الآن هيئتها وهى بأحضان ذاك الرجل، ترقرقت عيناه حزناً وانكساراً فهو لم يصدق أن قلبه سينكسر بهذا الشكل وعلى يد من أحب، شعر بطعنة قوية تؤخز قلبه لتجعله يموت ببطء شديد، والآن كل ما يستحوذ عليه شعور الغضب الممتزج بالذل والاهانة، بينما "رحيل" شحب وجهها رعباً فكان لسانها عاجزٌ عن النطق، فكل ما يظهر ويسمع منها دموعها وبكائها المرير، فكانت تحرك رأسها لا ارادياً بالنفى لتلك التهمة الذى وقعت عليها،،
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
اقترب "مراد" بطرف عين من ذلك الندل ولكمه بضربه قوية اسقطته أرضاً، فقال غاضباً:
-اااه ياحيوان أنا هقتلك أنت والزبالة التانيه.
ثم انهال عليه بالضربات العنيفة فحاول الآخر أن يحرر نفسه من قبضة ذاك الأسد الجاريح، ولكنه لم يستطيع فقال بذعر والدماء تقطر من أنفه:
-دى مراتى وكل اللى حصل واللى كان هيحصل كان بمزاجها.
نظر إليه "مراد" بصدمه اعتلت وجهه فقال مندهشاً:
- ايه مراتك !.
أبتعد "سامر" زحفاً على قدميها، ليخرج من جيب سترته ورقة:
-اه مراتى متجوزين أنا وهى عرفى واهى القسيمه.
أخذها "مراد" من يده ليقرائها ثم اطبق عليها بقوةٍ وهو يحدق ناظراً إلى "رحيل" التى ترتجف من أثر البكاء الممتزج بالدوار، تحدثت بصوت ضعيف متقطع فقالت خوفاً:
- لا وال والله ك ك كداب يامراد ماتصدقهوش.
دن نحوها "مراد" فتراجعت للخلف بخطوات متعثرة، فقام هو بجرها من شعرها وقال معنفاً:
-والله لاوريكي وهعرفك ازاى تعملى كدا من ورانا، والله لاقتلك يارحيل هقتلك.
حاولت "رحيل" بدفع يده عنها لكنه شدّ قبضته أكثر فتأوهت متألمة ثم قالت ببكاء كاد يمزق صدرها:
- والله يامراد معملتش حاجه أنا أنا معرفش أى حاجه من اللى بيقولها ومعرفش أنا جيت أزاى هنا.
صاح الاخر عالياً ليقول بغضب أعمى عيناه:
- اخرسى مش عايز أسمع نفسك أنتى فكرانى هقتلك بالسهولة دى لا تبقى غلطانه أنا هخليكى تتمنى الموت يارحيل هانم.
أنهى جملته وهو يصفعها بعنف على وجهها فصرخت "رحيل" بألم وهى تحاول أن تحمى وجهها:
- لا يامراد أرجوك أنا معملتش حاجه.
بينما "سامر" استغل أنشغال "مراد" فحاول أن يفر هارباً ولكنه لمح طيفه ليدنوا منه ليلقنه درساً لن ينساه الآخر.
ثم أخرج مسدسه وأطلق رصاصته ولكنها لم تصيب هذا النادل، جاء ليضرب الثانية لكنها ضربت فى السقف، بسبب تلك اليد التى منعتها، فكانت يد "أدهم" الذى جاء مسرعاً قبل أن يتهور ابن عمهِ ففعل شئ شنيع.
تحدث "مراد" والشرر يتطاير من عينيه فقال غاضباً:
- أبعد ياأدهم خلينى اخلص ع الحيوان ده.
صاح "أدهم" بغضب مماثل:
- أنت عايز تودى نفسك ف داهيه علشان كلب زى دا ميسواش تعريفه.. اهدى كدا.
ثم وجه نظره إلى شقيقته وقد انتفخت اوداجه غضباً ليقترب نحوها بخطوات متواعدة، ارتجفت "رحيل" ارتجفاً فاشاحت وجهها عنه خوفاً من تلك النظرات المخيفة، فسرّت قشعريرة بجسدها من الخوف والهلع، فحست بأن أنفاسها تضيق على صدرها من أثر ذلك، وددت لو أن روحها تفيض بها الآن إلى ربها فتلك النظرة التى شاهدتها بأعينهم كانت كفيلة بتدميرها نفسياً قبل أن تكن جسدياً.
بعد مدة ولجوا إلى القصر فقام "أدهم" بدفع شقيقته أرضاً فى غرفة المعيشة أمام العائلة، نهض "سليم" من مكانه وقال غاضباً:
-أنت اتجننت أزاى تعمل كدا فى أختك.
تحدث "أدهم" بغضب وهو يتوعد لها:
- اسأل المحترمة جايبها منين، ثم أطبق يده على خصلاتها فتألمت بشدة، فأضاف قائلاً:
-قوليله ياهانم...قولى لأبوكى أن احنا جبناكى من شقة وكنتى مع واحد ومتجوزاه عرفى.
ثم دفعها مجدداً بعيداً عنه، فركضت إليها صديقتها "نور" لتحتويها بين ذراعيها، فكانت "رحيل" تبكى حزناً، فقال والدها منصدماً:
-أنت كداب رحيل عمرها ما تعمل كدا، أنت أزاى تتهم أختك بالشكل ده وتمد أيدك عليها.
تفوه "أدهم" بنبرة حزينة:
-أنا لو أطول اقتلها كنت قتلتها بسبب العمله الوسخه دى.
أردفت "رحيل" بنبرة خائفة فقالت ببكاء نافية:
-والله ماعملت حاجه يابابا أنا معرفش روحت هناك أزاى أنا بجد مش فاكرة حاجه صدقني.
تحدث تلك المرة ذاك "المراد" بلهجة تحمل قدراً من القهر والحسرة:
-بطلى كدب أنا شوفتك بعينى وأنتى فى حضنه وورق الجواز العرفي اهى. مد يده إلى عمهِ الذى انصدم حين قرأ ما بداخلها.
ثم نظر إليها بصدمة وخذلان:
-أنتى يارحيل تعملى كدا قصرت معاكى فى ايه علشان تكسرينى بالشكل ده.
أجابت عليه بكل حزن :
-بابا وحياتى عندك ماتصدق اللى حصل.
نهضت من مكانها واتجهت إلى امها وهى تذرف الدموع فقالت ببكاء:
-ماما أرجوكى صدقينى أنا عمرى ما اعمل كدا.
لم تجيبها فنظرت إليها بقسوةٍ جعلت قلب "رحيل" ينكسر بشدة فقالت بخذلان:
-أنتم مش مصدقني بابا أرجوك رد عليا قول حاجه أنا بنتك رحيل وحيدتك...أزاى محدش منكم مصدقني دا أنا بنتكم حتى يابابا.
رد "سليم" بألم ينخر صدره:
- للأسف أنا بنتى ماتت ومبقاش عندى غير ولادى أدهم ومازن وبس.
افتر ثغر "رحيل" منصدماً من حديثه، فشعرت بقهر وخذلان وحزن من عائلتها ومن أنهم لم يصدقون حديثها ولا يثقون بها لهذة الدرجة، فاقت مش شرودها على يد تجذبها بقوة، فكانت يد ذاك "المراد" الذى جذبها من شعرها وجرها على الدرج متجهاً بها إلى غرفتها، فصرخت بفزع منه، فصاحت مستنجدة بأبيها الذى تخلى عنها، فقالت بصريخ ممتزج بالبكاء:
-بابا ألحقني خليه يبعد عنى يابابا، ابعد عنى يامرررراد والله أنا مظلومة معملتش حاجه.
لما يبالى لأمرها فكل مايسيطر عليه الآن الغضب، حاولت امه وأباه منعه لكنهم لا يقدرون عليه.
بينما "سليم" كان يستمع لصراخها بقلب منفطر ولكن هى أخطأت ويجب أن تتعاقب ....
وفى هذا الأثناء شعر الجد بالتعب فجلس على الأريكة بأرهاق، ركضت نحوه "نور" وهى تقل بلهفة:
- جدو أنت كويس؟ .
انتبه الجميع لكلامها فأردف "حمزة" بقلق:
-نور أجرى هاتى أدوية جدك بسرعة.
-حاضر.
فى غرفتها قام "مراد" دفعها بقوة على الأرض ثم دن منها واحكم قبضته على فكها وقال بغضب عارم:
-والله يارحيل هخليكى تتمنى الموت ومتلقهوش وحياة كسرة قلبى اللى أنا فيها والنار اللى قايدة جوايا ما هرحمك.
-مراد وحياة حبى عندك متاذنيش أنا بجد معرفش أى حاجه من اللى حصلت دى صدقنى أنا بجد مش فاكرة حاجه.
-اخرسى مسمعش صوتك وهتفضلى هنا محبوسة لحد ما تموتى.
وخرج مسرعاً وأغلق الباب خلفه حتى لا تخرج منه.
بينما هى مالت بجسدها على الباب وهى تقول بألم:
-لا يامراد متسبنيش. فظلت تصرخ وتدق على الباب بكلتا يديها لكنه لم يستجيب إليها.
اقترب من العائلةوقال بلهجة أمر:
-محدش يفتح ليها باب أوضتها ولو سمعت ان حد حاول ميلومش إلا نفسه أنتم فاهمين.
وقفت "نور" أمام غرفة صديقتها محاولة فتح الباب ولكنه محكم باقفال فقالت بيأس وهى تبكي:
-رحيل حبيبتى أنتى سمعاني أنا نور.
- نور افتحيلى الباب أرجوكى أنا عايزة أخرج من هنا.
- مش معايا المفتاح قوليلى ايه اللى حصلك.
أجابتها الأخرى بأرهاق:
-أنا مش عارفه كل اللى فكراه أن روحت اقابل الحيوان سامر علشان أنهى الموضوع واقوله ابعد عنى لكن الزباله خدنى ع خوانه وشممني حاجه مخدرة ومحستش بعدها بحاجة غير وأنا بفوق، ثم اكلمت بقهر ودموع:
- ولما صحيت لاقيته بيحاول يقرب منى وفى اللحظة دى دخل مراد وبعدها حصل اللى حصل نور أنتى مصدقني صح.
أردفت "نور" بحزن:
-اه ياروحي مصدقاكى أنا هقولهم اللى حصل وهما هيعرفوا الحقيقة.
تفوهت "رحيل" بنبرة منكسرة:
-محدش هيصدقك هما رفضوا يسمعونى.
-أنا هنزل وهحاول ياحبيبتى ...و متخافيش كل حاجه هتتصلح.
فى غرفة المعيشة كان "سليم" يضع رأسه بين يديه وهو يقول:
- بنتي أنا تعمل كل ده للدرجاتي هونت عليها أنها تفضحني.
جاءت "نور" وهى تقول:
- يعنى أنت ياعمو مصدق أن رحيل تعمل كدا ازاى وأنت ابوها والمفروض تكون عارف وواثق أنها من المستحيل تخون ثقتك فيها.
صاح بوجهها "أدهم" فقال غاضباً:
- نووووور اخرسى بقا ومتدخليش فاللى ملكيش فيه.
-بس أنتم لازم تسمعوني كل اللى حصل كان مجرد لعبة منهم.
امسك يديها بعنف ثم قال محذراً:
-عارفه لو لمحتك بتحاول تانى تجيبى سيرتها أو أنك بس حاولتى تروحى عندها هعتبر كل حاجه مابينا.
ثم أبتعد عنها فبكت حزناً من طريقته الفاذة.
فى المساء
كانت تجلس وحيدة حزينة فى غرفتها التى حبسها بها حبيبها، تضم ركبتها الى صدرها، فقد تورمت من كثرة البكاء، تذكرت حديثهما فهى لم تتوقع أن يظنوا بها ظن سوء هكذا، تجدد الدمع فى مقلتها ثانياً عندما وقعت كلمة أبيها عليها مجدداً فهى الآن ميتة بالنسبه إليه، فكيف لأب مثله يتخلى عنها بتلك السهولة ولا حتى يصدقها. وبعد لحظات فتح باب غرفتها وولج منه "مراد" فقام بغلق الباب خلفه.
نظرت نحوه بهلع من هيئته المخيفة فبدأ يقترب إليها بخطوات بطيئة، فأردفت "رحيل" بقلق:
-مراد أنت بتقرب ليه لو سمحت ممكن تخرج شكلك مخوفني.
لكنه اقترب منها أكثرها ليجذبها إلى صدره العريض ليتنفس عنقها، فكان فى حالة سكر لا يعى لما يفعله، فقالت هى ببكاء:
-مراد ابعد عنى أنت سكران مش فى وعيك.
دفعها الآخر على الفراش ليقول بحده:
-أنا هوريكى هعمل فيكى ايه.
نظرت إليه بصدمة وخوف فلأول مرة تراه هكذا، ظلت تحرك رأسها بهسترية والدموع تتساقط من عيناها، فقال هو بغضب:
-ايه بتعيطى هو أنا لسه عملت حاجه دا أنا هخليكى تعيطى بدل الدموع دمع.
بدا جسدها ينتفض بشدة من الخوف فتحدثت ببكاء :
-لا لا بلاش تكسرنى يامراد.
أنهت جملتها بصريخ حين دن منها....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بعد مرور مدة من الوقت نظرت بجانبها بحزنٍ وقهرٍ ودموعٍ وجدته نائم بهدوءٍ تام، بعد أن أخذ ما ليس من حقهِ، نهضت من فراشها بثقلٍ لتبدل ثوبها بثوب أخر نظيف وقد عزمت بداخلها على مغادرة هذا المنزل البغيط.
بعد لحظات ولجت لغرفة جدها الذى فزع من رؤيتها بتلك الهيئة المخزية، فوجهه يملئه بقع حمراء من أثر الصفعات، فألمه قلبه حزناً عليها، فقام بفتح ذراعيه ليحتويها برفق ولين فوصل لمسمعه صوت بكائها الحزين، ليرق قلبه رفقاً بها فقال بنبرة ممتزجة بالعطف والبكاء:
- مين اللى عمل فيكى كدا ياقلب جدو؟.
رددت "رحيل" بشهقات متعالية:-مراااااد.
مسد على شعرها بحنان ثم قال بنبرة قلقة:
-مراد! أبتعد عنها قليلاً ثم أضاف متسائلاً:
- طب قوليلى ياحبيبتى هو عملك حاجه تانيه.
نظرت له بالايجاب ثم بكت بحرقة فقالت:
- أنا مقدرتش ابعده عنى كان أقوى منى ياجدو، أنا حاولت بس معرفتش هو كان بيضربنى جامد لما كنت بحاول ابعده هو كسرنى باللى عمله، تعرف أنا قلبى دلوقتى بيوجعنى أوى حاسه كأن خنجر مطعون فيه مش قادرة اتحمل وجعه.
صدم الجد من أعترافها فقد كان يخشى حدوث ذلك، اغلق عيناه بقلة حيلة فهو الآن متألم لألم حفيدته الصغيرة، فأتاه صوتها الباكي الراجى:
-جدو علشان خاطرى مشينى من هنا مش عايزة اشوف حد منهم تانى عايزة ابعد عنهم عايزة انسى قسوتهم وظلمهم ليا وخصوصاً مراد، مراد اللى اعتداء عليا ومحاولش يسمعنى ولا يصدقنى انى معملتش حاجه، أنا ياجدو فعلاً معرفش كنت هناك أزاى.
ثم أخذت تقص عليه ما حدث، فأنهت حديثها وهى تلتقط أنفاسها المتقاطعة:
- أنا عمرى ما هسامحهم ابدا عمرى ابدا، حتى لو حطوا السيف على رقبتي مستحيل ارجع لقسوتهم تانى.
- أنا مش هخليكى هنا ثانية واحده بعد اللى حصل، وهحرم الكل من وجودك أنا هخدك وهمشي من هنا خالص ومحدش هيعرفلنا طريق ولا مكان وكل واحد منهم هيتحاسب وأولهم مراد الزفت وبعدك عنهم هيبقى عقاب ليهم.
نظرت إليه بأعين حمراء من أثر الدموع وهى تتحرى الصدق فى حديثه فقالت:
-بجد ياجدو يعنى هتمشيني من هنا.
أجابها الجد بحنيه:
-اه ياجدو وكمان هكون معاكى أنا لا يمكن اسيبك لوحدك مهما حصل. ثم قام بضمها إليه مجدداً ليهون عليها تلك الوقعة.
فى الصباح
وضعت الدادة أطباق الأفطار على السفرة، هبط "مازن" من على الدرج، وقام بشد المقعد ليجلس عليه وقال:
- صباح الخير يادادة.
-صباح النور يابنى.
جاء "هشام" جلس بجانبه وهتف بمرح:-صباح الخير ياجماعة.
مازن:-صباح النور.
-امال فين العيلة هو محدش منهم صحى ولا ايه!.
أردف "مازن" متعجباً :
-دى أول مرة تحصل أن هما يتأخروا كدا ع الفطار وحتى لما جينا امبارح كان الكل نايم بدرى.
تفوه "هشام" قائلاً:
- غريبة هي العيلة دى اتجننت ولا اي هما كل شوية بحالة.
تفوه "مازن" متسائلاً:
-دادة هو فى حاجة حصلت واحنا مش موجودين.
أردفت "سعاد" بحزن:
-هو أنتم معرفتوش اللى حصل امبارح.
نظر إليها "مازن" بقلق :
-لا هو فى ايه قلقتينى.
أردف "هشام" بخوف:
-بالله عليك قولينا أى اللى حصل وليه أنتى بتعيطى.
فقامت هى بقص عليهم ما حدث ليلة الأمس تحت صدمتهم ودهشتهم...
استيقظ "مراد" من غفلتهِ ليضع يده على مقدمة رأسه التى تؤلمه بشدة، فنظر حوله متعجباً لغاية ما بدا يستوعب أين يوجد، فبدأت الذكريات تدهمه رويداً رويداً، ففزع من مكانه وهو يلتقط ملابسه ليرتديها مسرعاً وهو يردد بقلق:
-مستحيل يكون اللى فى بالي حصل.
اختلس نظرة نحو الفراش فصدم مما رأى فقال خوفاً على محبوبته:
-أنا مستحيل اكون اذيت رحيل لا مستحيل.
ولكنه تذكر بعض المشاهد له وهو يسلب الفتاة روحها فتقطرت الدمع على وجنتيه بغزارة فقال نادماً:
- أنا اذيتها، ازاى عملت كدا فيها، أنا اذيتها جامد وعمرها ما هتسامحنى لازم اشوفها واتكلم معاها.
خرج من الغرفة باحثاً عنها ليجد والدته توقفه قائلة:
-مراد فى ايه وشكلك متبهدل كدا ليه.
- رحيل ياماما ماشوفتهاش.
تحدثت "حنان" بضيقٍ من تصرفاته:
-لا ما أنت حبسها فى أوضتها.
-مش فى أوضتها ومعرفش هى فين.
جاء الجميع على صوته العالى فتسأل والده:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- فى اي يامراد بتزعق ليه.
رددت "حنان" قائلة :-رحيل محدش منكم شافها.
تحدث "سليم" بقلق: -لا.
حمزة:-ياجماعه ممكن تهدوا هتلاقوها عند بابا.
ذهب مراد مسرعاً إلى غرفة جده وهم خلفه فوجد الباب موارب فولج للداخل، فراى الغرفة فارغة وحين ذهابه وقع بصره على الطاولة ليجد ورقة موضوعة عليها، فقام بفتحها بأيد مرتعشة ليقرا محتواها بندمٍ وحزن.
اقترب إليه "أدهم" ليتسأل:
- مراد ايه اللى موجود فى الورقة.
أعطاه إياها ثم غادر الغرفة، فقال "حمزة":
-ماحد منكم يقول فى أى.
أجابه "أدهم" بضيقٍ:
-جدى خد رحيل ومشى وقال محدش منكم يدور علينا، وقال اعتبرونى ميت زى ما سليم اعتبر بنته ميته.
نظر الجميع إليه ومعالم الصدمة والحزن تعتلى وجههما، ثوانٍ وسمعوا صوت عالٍ يأتى من الأسفل، فوجدوا "مازن" يصيح غاضباً بعد ما علم بما حدث لشقيقته.
اقترب "أدهم" من شقيقه وهو يقول:-فى ايه يامازن.
صاح الاخر بصوت مرتفع نسبياً فقال غاضباً:
- هو ايه اللى فيه ايه يابرودك ياأخى أنت مش حاسس بالقرف اللى عملته أنت والبيه التانى.
تحدث "سليم" بحده محذراً:-مازن صوتك أنت اتجننت.
-أنا اللى اتجننت ولا أنتم، وبعدين هو تصرفكم دا تصرف ناس عاقله.
غضب "سليم" من نبرة صوته العالية فقام بصفعه على وجهه، فأمسكه "حمزة" وقال:
- ممكن تهدى الأمور ما تتحلش بالطريقة دى.
بينما "مازن" شدّ مفرش السفرة بكل ما عليه ليوقعه أرضاً ثم تحدث ببكاء:
-أنا مش عارف أنت ازاى كدا، أزاى تصدق أن بنتك ممكن تعمل حاجه زى دى، أنا ماشي لا يمكن اقعد معاكم هنا لحظة واحده وتؤام روحى بعيد عنى.
تفوهت "حنان" بقلق:
-هشام روح شوف أخوك المجنون ومتسبهوش لوحده.
- حاضر ياعمتو.
بعد عدت ساعات.
أردف "حمزة" فقال بيأس :
-أنا سالت كل معارفنا ومحدش يعرف عنهم حاجه.
رد "سليم" بتعب وارهاق:- وأنا بردو دورت فى كل حته نعرفها أو اى مكان يكونوا فيه ملقتهمش.
تحدثت "صفا" بحزن ولأول مره يظهر عليها :
-مش عارفة ليه عمى عمل كدا .
ربتت "حنان" على يديها فقالت مواسية:
-متقلقوش ياجماعه بإذن الله هيرجع هو ورحيل ما أنتم عارفين قد ايه بابا متعلق بيها ومابيحبش يشوفها زعلانه واللى حصل امبارح خلاه يتعب علشان كدا هتلاقيه قرر أنه ياخدها ويبعد شوية لحد ما تهدوا ورحيل كمان تهدى ماهو اللى حصل مكنش سهل بردو عليها.
نهضت "سليم" من على الاريكة بجسد مجهد:
-أنا هقوم ارتاح شوية ولو فى أى جديد ياحمزة قولي.
-حاضر روح ارتاح أنت بس وماتقلقش.
بينما "مراد" كان يقف بجانب النافذة وقد بدأت معالم الحزن والتعب على وجهه، جاء نحوه "أدهم" وهو يقول بقلة حيلة:
-أنا خليت كل رجالتنا تقلب الدنيا عليهم.
اومأ رأسه بهدوءٍ تام ليشرد عقله مجدداً فى هذة الفتاة التى أذاها إلى حد لا يغتفر.
وفى هذا الأثناء جاءت "ندى" من الخارج لتقترب من صديقتها "نور" التى تبكى فى صمت:
- ندى كويس أنك جيتى أنا محتاجاكى أوى.
- أنا جمبك ياحبيبتى اهدى، وبعدين أنا جاية أقولكم على حاجه مهما.
عندما التفت "مراد" رائها جالسة بجانب شقيقته فاقترب منها بلهفه وقال: - أنتى عارفة مكانها ياندى.
أجابته "ندى" بحزن:
- للأسف لا انا جاية اقول ليكم ع اللى عرفته من صديقة مرام المقربة.
- ايه اللى عرفتيه.
- صديقة مرام سمعتها بتتكلم فى التليفون وخلاصة الموضوع يعنى أن هى كانت متفقه مع سامر أن هما يعملوا كدا فى رحيل، وهو اساسا خدرها وخطفها وورقه الجواز العرفي دى اصلآ مزورة و هما عملوا كدا علشان يكسروها ويصوروها وياخدوا منها فلوس بعد كدا أو أن هما يفضحوها لو معملتش اللى هما عاوزينه دا كل اللى هى سمعته وقالته ليا، أنا عارفه أن مرام طول عمرها بتغير وبتحقد ع رحيل بس مش لدرجة ان هى تفكر تأذيها بالشكل البشع ده.
تفوهت "حنان" بصدمة:
-معقولة هو فى لسه بنات بالشكل دا، وبتأذى صحبتها بالطريقة دى.
صاحت "نور" بغضب :
-والله لوريها الزباله الحقيرة وهعرفها أزاى تأذى حد من عيلتى، دا أنا هخلى سيرتها الوسخه تبقى ع كل لسان.
جاءت أن تذهب كى تلقنها درس ولكن منعها "أدهم" الذى جذبها نحوه بقوة:
-أنتى رايحه فين ياهانم الحكاية مش ناقصة هى.
دفعته بعيداً عنها، ليكمل حديثه بضجر:
-نور ردى عليا زى ما بكلمك.
نظرت باتجاهه بأعين باكية ثم صرخت بوجهه قائلة بحزن:
- أبعد عنى وإياك تقرب منى أو تكلمني أنا بسبب تهورك أنت ومراد رحيل مشيت وسابتنى أنا بسببكم خسرتها هى بالنسبالى مش مجرد بنت عمى وخلاص، لا دى صحبتى واختى وكل حاجه حلوة فى حياتى بسببكم الانسانه الوحيدة الى بتفهمنى ودايما بتقف جمبى بعدت خالص عنى ويعالم هشوفها تانى ولا لأ.
ثم رفعت سبابتها فى وجهُ وقالت بحده:
-تقدر تقولى ياأستاذ أنت عملت ايه لاختك حلو، ياترى كنت بتسأل عليها زى ما بتسأل عليك، ياترى كنت بتسمعها زى ما كانت بتسمعك، وتفهمها زي ما كانت بتفهمك، تقدر تقولى أنت امتى اخر مرة سألتها اذا كان فى حاجه مزعلها أو مديقاها، أو أن هى موجوعه من حاجه تقدر تجاوب، طبعا متقدرش لأن ولا حاجه من دول أنت عملتها أو اى حد منكم عاملها، برغم أنها كانت بتحتاجكم ومش بتلاقيكم، بس وقت لما تحس أن حد فيكم فيه اى حاجه أو محتاج مساعدة او حتى دفعه قوية فى حياته كنتم بتلاقوها واقفة معاكم وفى ضهركم، تعرف ع طول كنت اسمع مرات عمى تقول أن هى مدلعه وان كل حاجه موجودة عندها وطلبتها كلها مجابه، تعرف أن دا ولا له لازمة هو أنتم كدا لما بتقدموا ليها الحاجات دى يبقى كدا عملتوا اللى عليكم وزيادة كمان مع ان دا ولا كان يفرق مع رحيل خالص قد ما كان بيفرق معاها بأنكم تهتموا بيها وتحتوها..ثم نظرت لزوجة عمها لتكمل بحزن:
-مش ابقى قاسية عليها ياعمتو، وأنت ياأدهم اقدر أقولك دلوقتى برافو عليك، أنت باللى عملته خسرت أختك الوحيدة اللى كانت سند ليك، وأنت كمان يامراد برافو عليك خسرت حبيبتك، أنت عارف أن هى كانت امبارح قبل ما تخرج من البيت كلمتنى وقالتلي النهاردة يانور هعترف لمراد أني بحبه وكانت هتوافق ع عرض الجواز اللى أنت عرضته عليها وكانت فرحانه.
أنهت جملتها وهى تصفق عالياً ثم أضافت بنبرة ساخرة:
- بس بجد برافو عليكم كلكم اقدر اهنيكم بخسرتكم لرحيل وأن هى عمرها ما هتسامح حد فيكم أبدآ حتى لو بيموت قدامها، احنا كل اللى بنحتاجه من أهلنا شوية حب و حنية واهتمام وحضن وطبطبه علينا وقت تعبنا ووجعنا أحنا مش عايزين غير احتواء منكم وقت ضعفنا، ومن أنكم تسمعونا وتحسسونا بالأمان وقت ما نخاف وانكم تثقوا شوية فينا ودا رحيل اللى كانت محتاجاه منكم وبالذات امبارح كانت محتاجه انكم تثقوا فيها وتصدقوها بس حصل العكس، فهنيئاً لكما جميعاً..ثم ركضت باتجاه غرفتها لتبكى على فراق جدها وصديقتها.
كان الجميع فى حالة ذهول من حديث تلك الفتاة التى ترك أثر مؤلم بداخل صدورهم، فوضع "سليم" يديه على موضع قلبهِ ليشعر بوخزة عنيفة جعلته يسقط أرضاً، هرول إليه "أدهم" ليقول بخوف:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-بابا مالك حد يتصل بالدكتور.
بعد لحظات خرج الطبيب من الغرفة، فأردف "حمزة" متسائلاً:
-طمنى يادكتور.
-اهدوا ياجماعه هو كويس جدا بس أتعرض لضغط جامد أنصحكم أنكم تحاولوا تبعده عن أى مشاكل أو أنه يتعرض لزعل علشان صحته متتعبش.
أدهم:- تمام يادكتور شكرا لحضرتك.
- على هى ايه بس دا واجبى عن اذنكم.
فلما دخلوا إليه تحدث "سليم" بحزن:
- أنا عايز بنتى.
رد "حمزة" فقال:- اهدى ياحبيبى علشان ماتتعبش.
-لا مش ههدا طول ما بنتى بعيد عنى أرجوكم خلوها ترجع هى وبابا مش هقدر ع فراقهم.
جلست "صفا" بجانب زوجها وهى تشعر بالقهر ينهش روحها فقالت ببكاء مرير:
-هترجع هى بس زعلانه مننا شوية بس هترجع اكيد.
اقترب "ادهم" بحزن من والده ليقبل يده ثم قال:
-اوعدك أني هعمل المستحيل علشان ارجعها حتى لو هيبقى فيها موتى.
دن "مازن" نحوه ليضمه برفق وهو يقول ببكاء معتذراً:
- بابا أنا آسف.
ربت "سليم" على ظهره بمواساة وقال بألم داخلى:
-أنا اللى آسف يابنى عارف أنى قصرت فى حقكم أوى وفى حق أختك رحيل لما موثقتش فيها ولا حتى حاولت اديها فرصه تدافع عن نفسها سامحونى.
تحدث "حمزة" بهدوء ليحثهم على المغادرة:
-يلا ياجماعة خلينا نخرج ونسيبه يرتاح شوية، وحاول ياسليم ترتاح وماترهقش نفسك بالتفكير ياخويا.
بعد خروجهما جذب "سليم" زوجته إلى صدره ليضمها برفق ثم قال بنبرة اشبه بالبكاء:
-تفتكرى بنتنا هتسامحنا ياصفا.
أجابته "صفا" بحزن وندم وكسرة:
-مش عارفه هى بس ترجع وأنا هعملها كل حاجه تطلبها منى علشان تسامحني، ثم اكملت ببكاء:
- أنا كنت قاسية عليها أوى ياسليم وكنت ع طول بجرحها بكلامى حتى لما كنت بشوف دموعها كنت بقسي قلبى عليها كنت فاكره ان دا الصح وأني كدا بربيها، أنا كنت وحشه معاها وكنت بقلل منها قدام اى حد، أنا وجعت بنتي كتير بكلامي أنا ياسليم كسرت نفسها، تعرف جوايا قهرة بتوجعني ع بنتى اللى ضاعت بسببى، مش قاردة انسى نظرتها ليا لما حست بخذلان منى حسيت أن هى ادمرت وقلبها وجعها وأنا كل دا كنت بحاول اتغاط عنه واقسى عليها اكتر، أنا فعلا طلعت أم مستهلش حتى أنى اشيل كلمة الامومة، أنا مستهلش ضفر رجليها حتى.
قامت بدس نفسها أكثر بين أحضان زوجها ليبكوا معاً على فراق فلذة قلبهما.
بعد يومين وتحديداً فى مخزن القصر..
كان "سامر" مُلقى على الأرض، ينظر باتجاه ذاك "المراد" الغاضب الذى كان يشمر ساعده، ثم قال بنبرة شرسة:
- دا أنت أمك داعية عليك لأنك وقعت فى ايد ما بترحمش.
دن منه ليجذبه من طرف قميصه بعنف وهو يقول بنبرة بغضب عارم:
- بقى أنت يروحمك كنت عايز تلمس حاجة مش بتعتك وبعد كدا تصورها، أنهى جملته وهو يلكمه بقوة على وجهه الذى أصبح مليئ بالكدمات الزرقاء، لينقض عليه بضربات متتالية بعد ما فقد صوبه وقدرته فى تحكم ذاته، فبدأ الآخر تخور قواه، بينما "مراد" قام بدفعه إلى الحائط وهى يضع يده على عنقهُ ليرفع جسده من على الأرض قليلاً، ليقول بانفعال:
- دا أنا هموتك ياكلب وبعدها هرميك لكلاب السكك تنهش فيك.
وفى هذا الأثناء ولج "هشام" إليه الذى اندهش من هذا المنظر هرول نحوهما محاولاً تخليص الرجل من قبضة ذاك الثائر:
- أبعد يامراد حرام عليك الراجل هيموت فى أيدك.
- أنا لازم اموته الحيوان ده.
بعد ما أنقذه من بين يديه قال معاتباً:
- حرام عليك أنت عايز تودى نفسك فى داهيه.
نظر إليه "مراد" بحزن وهو يتذكر هيئة محبوبته المخزية ليقول بألم يعصف قلبه:
-أنا بسببه دمرت رحيل، بسبب الندل ده أنا كسرتها.
جلس على الأرض ليبكى قهراً مما فعله فى تلك المسكينة الذى لا حول لها، ليقول داعياً:
- يااارب أنا ماليش غيرك، عارف اللى عملته كان صعب ومستحيل يتغفرلى، يارب نجيني من الهم والحزن اللى أنا فيه ورجعها ليا وأنا والله هعمل كل اللى هتقولي عليه وهعمل المستحيل علشان ترضى عني، أنا والله مش هقدر استحمل بعدها عني، عارف أني غلطان وغلطان أوى كمان، أنا وقتها مكنتش فى وعي ف يارب رجعها وأنا هتسحمل أى عقاب منها ألا بعدها عني.
بعد مرور شهرين ونصف
كان "مازن" جالس بمكتبه ينظر إلى صورة شقيقته الموضوعه عليه لتدمع عيناه على فراق تؤامه، ولجت إليه "ندى" التى قالت بلطافة:
-مازن أنت كويس.
- لا ياندى مش كويس أنا قلبى محروق على أختى، أنتى متعرفيش قد ايه هى وحشتنى ونفسى أشوفها.
- وهى كمان وحشتنى أوى بس هى هترجع.
- مش عارف ازاى هان عليها تسيب مازن تؤامها وروحها تعرفى أنا حاسس أن هى فيها حاجه وتعبانه لان أنا لما هى بتتعب بتعب معاها ولما بتكون فرحانه ببقى فرحان ولما بتكون زعلانه بتلاقينى زعلان زيها طلع فعلا زى ما بيقوله ان التؤام بيحسوا ببعض وأنا حاسس بيها علشان كدا أنا موجوع لان هى موجوعة .
وضع كلتا يديه على وجهه لينفجر بالبكاء كالأطفال فقامت الأخرى بوضع يديها على ذراعيه لتهدئه ولكنها بكت معه.
فى منزل يقع وسط دولة المانيا، كانت تجلس "رحيل" على الأرجوحة تنظر فى اللاشئ حاولها بوجه باهت مائل إلى الشحوب وكأنها أوشكت على مفارقة الحياة، كانت دوماً فى حالة شرود تام، بينما الجد كان يتابعها بصمت حزين على ما أصابها، فقد فعل ما بوسعه تلك الفترة حتى يخرجها مما هى فيه.
ثوانٍ وتقدم نحوهم رجل ليردف باسماً:
-صباح الخير ياعمي.
-صباح النور.
جلس "قاسم" بجانبه ثم وجه حديثه لتلك الفتاة:
-ايه ياست رحيل مش ناوية بقى تعملينا فنجانين قهوة من ايدك الحلوة دى.
نهضت من مكانها وهى تقول بارق:
-حاضر ياعمو هقوم اعملكم.
عندما ذهبت إلى الداخل تحدث "قاسم" قائلاً:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- هى هتفضل كدا أنا شايفها على طول ساكته وشارده.
أجابه الجد بحزن:
-والله يابنى أنا مابقتش عارف اعمل ايه علشان اخرجها من اللى هى فيه أنا قلبى بيوجعنى عليها.
-عارف ان اللى حصلها ياعمى مكنش سهل وهياخد وقت لحد ماتتخطاه بس احنا معاها دايما وهنحاول نخرجها من حزنها ومش هسيبها كدا مهما حصل دي زي بنتي.
-والله يابني أنا حابب اشكرك ع اللى عملته معايا ياقاسم وان أنت فتحت بيتك ليا ولرحيل، وكنت عايز منك خدمة تانية معلش ممكن تشوفلنا بيت تانى علشان نبقى نقعد فيه، عارف أني تقلت عليك يابني ف حقك عليا.
أردف "قاسم" معاتباً :
-ليه بس كدا ياعمى تزعلني منك دا البيت بيتكم وأنتم منورنى وبعدين أنا لا يمكن أخليك تمشى من هنا.
-ياحبيبى مينفعش احنا بقالنا شهرين قاعدين عندكم و كدا..
قاطع الآخر حديثه قائلاً:
-بعد اذنك ياعمى متكملش كلامك أنا اللى عندى قولته ومش هتمشوا من هنا، وبعدين حضرتك أنا بعتبرك أبويا، دا أنت من ريحة الحبايب دا بابا كان دايما بيعزك وبيحبك أوى، وقبل ما يموت وصانى عليك وقالي دا صديق عمري، بس حضرتك عارف ان السنين اللى فاتت مقدرتش انزل مصر بسبب شغلى واجى اشوفك، فارجوك تسامحني على تقصيري معاك.
ربت الجد على يديه ثم قال باسماً :
-عمرك ماقصرت ياقاسم وكفاية أنك كنت يابني بتتصل عليا ع طول، والله أبوك مكنش بس صحبى دا كان أخويا ربنا يرحمه ويغفرله.
-يارب ياعمى .
جاءت "رحيل" وقدمت إليهن أكواب القهوة، فأردف "قاسم"شاكراً:
-شكرا ياحبيبتى تسلم ايدك.
رددت عليه بتعب قائلة:- بالف هنا
جاء إليهما شاب وسيم بشعر أسود متثاقل، ليرفع نظرتهُ قليلاً وهو يقول باسماً:
- ريرى صباح الورد عليكى ياجميل.
-صباح النور يامروان.
-يلا قومى.
نظرت إليه بوجه مجهد لتقول متسائلة:
- أقوم ليه.
تبسم الاخر ثم قال بود:
-هتقومى كدا زى الشاطرة تغيرى هدومك علشان هنخرج مع بعض.
تنفست الصعداء وقد بدأ عليها الاعياء فقالت:
- مش قادرة والله يامروان خليها وقت تانى أكون فايقة.
جلس "مروان" بجانبها ليتفحص جبينها فقال بنبرة قلقة:
-أنتى كويسة ياحبيبتى بس مفيش سخنية طب فى حاجه بتوجعك.
أجابته بنبرة متثاقلة وهى تشعر بأنها ستفقد وعيها فقالت:
-لا بس حاسه بأرهاق، أنا هقوم ارتاح شوية فى أوضتي.
تحدث الجد :
-طب يلا قومى ارتاحى ولو حسيتى بأى تعب نادى عليا.
اومات رأسها بالايجاب ثم همت على الذهاب وهى تجرّ رجليها جراً، كل هذا تحت نظرات "مروان" القلقة فهو يشعر بأن به شيئ،،
لحظات وسقطت أمامهم مغشى عليها، ذهب الآخر إليها وحملها بين يديه سريعاً.
نهض الجد وقال خائفاً: - رحيل بنتي.
أمسك قاسم يديه فقال بهدوء:
-أهدى ياعمي خدها يامروان لاوضتها لحد ما اتصل بالدكتورة هناء.
بعد ساعة خرجت الدكتورة "هناء" برفقة شقيقتها زوجة "قاسم" الذى قالت: -طمنيني عليها هى كويسة.
أردف "مروان" بقلق:
- مالك ياخالتو ساكته ليه هى رحيل مالها.
تحدثت الدكتورة قائلة:
- رحيل حامل.
تفوه الجد بصدمة :
-ايه حامل، مستحيل!.
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت حبيسة غرفتها منذ يومين، فلما علمت بخبر حملها بكت بكاءاً مريراً حتى تورمت عيناها من الحزن، وامتنعت أيضاً عن الطعام والشراب حتى أوشكت على الهلاك، مسد جدها على خصلاتها البرتقالية بحنان وهو يقول بلطف:
-رحيل ياحبيبتى كفاية عياط علشان خاطرى.
تحدثت "رحيل" ببكاء:
-أنا لازم انزل الطفل ده.
-بتقولى ايه أنتى اتجننتى.
أردفت الأخرى بحزن:
- مستحيل اخلى الطفل دا يجى، أنا مش عيزاه ياجدو.
جاء "قاسم" فقال متحدثاً:
- ممكن يابنتي تهدى وتستغفرى ربنا وبلاش تهور.
تفوه الجد ببعض من الحده:
- أنتى عايزة تقتلى ابنك اللى لسه مجاش ع وش الدنيا، أنا مش هسمحلك بأنك تجهضيه فاهمه يارحيل.
أجهشت "رحيل" ببكاء:
-لا مش فاهمه أنت نسيت ياجدو أنه جه نتيجة الاغتصاب وانه دايما هيفضل يفكرنى باللى مراد عمله فيا، أنا مش هقدر استحمل دا كله ومش هقدر استحمل انه يجى ويكون جزء من وجعى وحزنى
وكل ما هشوفه قدامى هفضل افتكر الظلم والكسره اللى اتعرضت ليها أنتم ليه مش حاسين بيا وأني موجوعه وأني مش هقدر اتقبل الطفل ده.
تحدث "قاسم" برزانة:
- عارف أن الامر صعب عليكى بس الطفل اللى فى بطنك مالهوش ذنب يابنتى، وحرام أنك تجهضيه مدام مفيش أى ضرر عليكى،
انا عايزك تهدى كدا وتفكري شوية مع نفسك بأنه ابنك حته من روحك مالهوش ذنب فى اللى حصل، ويمكن يكون هدية ليكى من ربنا علشان يفرحك ويسعدك وينسيكى وجعك، وكل اللى حصلك دا كان قدر ومكتوب لحكمه لا يعلمها إلا الله.
أنهى حديثه وهو ينهض من على الأريكة ليقترب نحوها ثم عانقها برفق ليطبع قبلة على رأسها بحب أبوى، فقال:
-أنا هسيبك دلوقتى تريحى أعصابك ياحبيبتى يلا ياعمى سيبها ترتاح شوية.
أتكأت على الفراش وهى تنظر لبطنها لتتساقط الدموع على وجنتيها، فكانت حزينة مكتئبة فى حالة يرثى لها، فأخذت تتحسر على ذاتها فكل ما حدث لم يكن ذنبها، لتنخرط فى البكاء مجدداً حتى اصابها النعاس.
ولجت "ندى" إلى مكتب "مازن" وهى تقترب باتجاهه، فقد كانت تتغنى بشكل مضحك وتتاميل فى مشيتها بطريقة أنثوية، فى تلك الفترة أصبحت قريبة منه بشدة، وقد لاحظوا أن بينهما أشياء مشتركة، ومنها الهبل والهطل 😂.
أشارت بسبابتها عليه وهى تتغنى بصوت رقيق:
- أنت الوحيد اللى فاهمني ودماغنا ع نفس الموجه وأنت الأصيل اللى فاضلى بعد اما صفصفت الهوجه ..ثم اكملت بصوت عالٍ:
-وأنت الوحييييييد.
ضحك "مازن" بأعلى صوته فقال:
- وحيد مين الله يخربيتك افصلى.
جلست على طرف المكتب الخشبي وهى تشخشخ اساور يديها بدلع محبب، ثم قالت :
-ولو مفصلتش ياميزو هتعمل ايه.
تبسم "مازن" وهو ينظر إليها فقال مازحاً:
-ولا حاجه ياعسل غير أن أنا وأنتى هنطرد من الشركة بسبب صوتك.
صاحت "ندى" بصوت مرتفع نسبياً وهى ترفع يدها فى الهواء فقالت منزعجة:
-وماله صوتى بقا ياعنيا مش عجبك ولا مش عجبك.
تحدث الاخر فقال مندهشاً:
- مالهوش ياساتر عليكى رداحه مالك كدا هو أنتى اتحولتى ولا أى، ثم اكمل بعد أن غمز بطرف عيناه:
-فين الانوثة فين الرقة.
رفعت حاجبها الأيسر ثم قالت بدلال:
-رقة ماتت ياعنيا.
ضرب كف على كف ثم قال بقلة حيلة:
-الله يرحمك يارقة يابنت أم رقة أنا عارف أن هى مش هتهدا ولا هترتاح غير لما تشوفني متشعلق ع باب الشركة.
ثم جذب كأس الماء حتى يشرب، فقالت هى برقة:
-ومين بس اللى ياقدر يعمل كدا فى ميزو صحبى الانتيم.
فزعت من مكانها من ذلك الصوت الذى أتى من خلفها قائلاً:
- أنا ياحيلتها.
استدرات سريعاً بعد ما عرفت صاحب الصوت، فكان "مراد" الذى أكمل حديثه:
-أنا اللى هعمل كدا فيه وفيكى إن شاء الله.
بخ "مازن" الماء فى وجهها من هول صدمته، فقالت منفزعة:
-ياحيوان والله لاوريك يامازن الزفت.
-اللى عندك اعمليه ياأم شبر ونص.
تحدث "مراد: بملامح جامدة:
-خلصتوا خلاص.
فقام برمى بعض الملفات على المكتب ثم قال بلهجة أمر:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- قدامكم ساعة والاقى الملفات دى خلصانه وع مكتبى فاهمين، ولو لاقيت غلطة صغيرة بس هيبقى يومكم اسود شبه اللون اللى لابسينه دا، واقسم برب العزة لو كلامى ماتنفذش هعقلكم فعلا ع باب الشركة ثم غادر وتركهم فى صدمتهم.
أردف "مازن" مندهشاً:
-هو قال أي.
رددت "ندى" بخوف:
-يانهار أسود دا بيقول أنه هيعلقنى ع باب الشركة وربنا مجنون ويعملها مازن كفاية لعب لحد كدا احنا مفيش قدامنا إلا ساعة واحدة يلا خلينا نخلص بدل ما يجي يخلص علينا.
-يلا ياختى ياللى جيبالنا الكلام.
بعد ساعة، مال "مازن" بجسده على المقعد ثم قال:
- ياااه اخيرا الواحد خلص دا أنا ضهرى وجعنى بشكل.
أردفت "ندى" بنبرة ساخرة:
-ع أساس أنك اشتغلت اصلا دا أنت سايب كل تعديلات الملفات عليا وقاعد تتفرج ومابتعملش حاجه غير أنك تتريق وبس.
-يابت ما أنا كنت بشجعك وبسليكى.
-هو أنا بنت أختك وأنت قاعد بتشجعنى أنا قايمة امشي مش ناقصه شلل هى وابقى قوم رجع الملفات لمراد واعمل حاجه مفيدة بدل ما أنت مش لاقى حاجه تعملها.
تفوه "مازن" بمرح:
-مالك ياندوش شكلك زعلان علشان خليتك تعملى الملفات لوحدك.
ربعت كلتا يديها ثم قالت متذمرة:
-تعرف أنك بارد ومستفز ورخم كمان.
-خلاص ياستى متزعليش نفسك تعالى اعزمك ع حاجه نشربها فى الكافيه اللى جنب الشركة أى رأيك.
نظرت إليه بتفكير ثم قالت باسمة :
-امممم خلاص ماشى اللى يجي منك احسن منك.
تبسم ثغره بسعادة فقام بأخذ أغراضه وهو يقول بلطف:
- يلا بينا نروح نودى الملفات وبعدها نخرج.
فى قصر عائلة الألفي
قامت نور بوضع الكتاب على المنضدة لقد روادها شعور الملل واليأس معاً، فخرجت من غرفة لتتجه إلى الحديقة لتستنشق بعض الهواء، وأثناء سيرها تفاجئت بوجود "أدهم" أمامها نظرت إليه بنظرات معاتبة، فلما جاءت لتكمل سيرها أوقفها قائلاً :
-نور ممكن اتكلم معاكى شوية.
رددت "نور" بجمود:
-احنا مفيش ما بينا كلام ياأدهم.
-ليه يانور!.
أردفت بسخرية:
-أنت نسيت أنك نهيت كل حاجه مابينا.
-أنا منستش ووقتها كنت متعصب لما قولت كدا أنا بقالى شهرين بحاول معاكى وأنتى مش راضيه تسامحيني.
- أدهم أنا مش عايزة اتكلم أو اتعامل معاك أنت فاهم.
مسك راحت يدها بلين وتحدث برجاء :
-نور ياحبيبتى اسمعيني أنا بجد بحبك ومقدرش ع بعدك كفاية اوى لحد كدا.
خاطبته "نور" بتهكم قائلة:
-ومين اللى كان السبب فى كدا مش أنت ياأستاذ، أنت سبب فى كل حاجه حصلت لحد دلوقتى، أنت اللى تخليت عنى زى ما تخليت عن أختك وقت ما كانت محتاجاك وبتترجاك تسمعاها ازاى دلوقتى جاى تطلب منى اسمعك.
أردف "أدهم" بيأس:
-انا ساعتها مكنش قصدى باللى فهمتيه أنا متخلتش عنك ساعتها.
ثم اكمل بحزن وقد انخرط فى البكاء :
-نور أرجوكى كفاية أنا تعبان ومخنوق أنتى فكرانى مبسوط ف حياتى أنا من ساعة ما رحيل مشيت وأنا موجوع بسبب اللى عملته معاها وانتى جيتى زودى عليا التعب،،
أنا عارف أني متهور وغلطان أوى فى حقك وفى حق أختى اكتر أنا ظلمتها وقسيت عليها بدل ما ابقى الأخ الحنين و السند ليها والأمان، أنا قلبى بيوجعني كل ما بفتكرها وأنا ماسكها من شعرها وبضربها ودموعها نازلة بضعف بحس بالقهر جوايا هى ماكنتش تستاهل منى القسوة دي أختى نور عيني مكنتش تستاهل من أخوها المُعاملة البشعة دي ابداً ابداً يانور .
تركها وذهب من أمامها لتنظر لأثره بحزن فبكت متأثرة بحديثه، فهى لأول مرة تراه يبكى بضعف وقلة حيلة بهذا الشكل.
فى غرفة "صفا" التى عكفت بداخلها منذ غياب ابنتها فقد بدأت فى حالة يرثى لها من كثرة الحزن وشدة الندم، انخرطت فى بكاء مرير حين تذكرها بعض الذكريات التى جمعتها مع طفلتها الوحيدة، جاء إلى زوجها ليعانقها بحزن فأتاه صوتها الضعيف:
- أنا عايزة بنتى ياسليم أنا عيزاها ترجع تانى هى وحشتنى اوى
اعملوا أى حاجه ورجعوها ليا تانى علشان خاطرى اعمل اى حاجه ورجعلى بنتى.
-اهدى ياحبيبتى علشان خاطرى أنا هعمل المستحيل علشان ترجع لحضننا.
أردفت "صفا" بندم وشوق:
-ايوه رجعها دا الكل زعلان من بعد ما هى مشيت لو بتحبنى بجد حاول تدور عليها ورجعها.
تفوه "سليم" بألم:
-والله أنا من ساعتها بدور عليها لحد دلوقتى بس مش هيأس وهفضل ادور اوعدك بده.
كان الجد يأخذ الصالون ذهاباً واياباً من بشدة القلق، فقد غادرت حفيدته المنزل دون علم أحد، فقاموا بالبحث عنها فى عدة اماكن فلم يجدوها، لحظات ودلف "مروان" إليهم، فسأله والده:
-لقيتها يامروان.
أجابه "مروان" بيأس:
-لا يابابا دورت عليها وملقتش ليها أى أثر.
أردف الجد بخوف:- ياربى هتكون راحت فين بس.
بعد لحظات ولجت "رحيل" بملامح يكسوها التعب والحزن فاقترب منها "مروان" الذى قال بلهفة:
- حبيبتى أنتى كويسة احنا خوفنا عليكى.
تحدث الجد بحنيه:
-كنتى فين قلقتينى عليكى ليه بس كدا يارحيل أنتى عايزة توجعى قلبى عليكى.
تفوه "قاسم" متسائلاً:
- رحيل هو أنتى روحتى المستشفى صح.
الجد:
-مستشفى أى اوعى تكونى روحتى تنزلي البيبي.
رفعت بصرها إليه ثم قالت:
-أنا فعلا كنت فى المستشفى علشان انزله بس للاسف مقدرتش لان أنا مكنتش هقتل روح واحدة بس أنا كنت هقتل روحين.
تحدث الجد بعدم فهم :
-أنا مش فاهم انتى قصدك أى بروحين؟.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
أجابته "رحيل" فى تأثر وحزن وهى تعانقه ثم أجهشت فى البكاء وقالت بألم:
-أنا لما جت الدكتورة تكشف عليا وتعملى الفحوصات علشان العملية اكتشفت أني حامل فى تؤام فلما عرفت أن فى طفلين جوايا مقدرتش أعمل العملية قلبي مطوعنيش اقتل ولادي، والله ماقدرت مقدرتش اقتل جزء من روحى.
ظلّ الجد يربت على شعرها ليهمس لها بكلمات حنونه كى تهدأ.
كانت جالسة على الفراش تنظر فى تلك الصورة التى طبعتها لها الطبيبة للجنين، فقامت بوضع يديها على بطنها لتشعر بوجودهما فتحدثت بنبرة مختنقة بالبكاء وقالت معتذرة:
- متزعلوش منى أنا عارفة أن ملكمش ذنب فى اللى حصل، أنا مش زعلانه ع وجودكم أنا زعلانه بسبب الطريقة اللى أنتم جيتوا بيها، أنا كنت مخططه لما اتجوز أبوكم ويحصل حمل ازاى هفاجئه بيكم، كنت بخطط ازاى هفرحه بالخبر ده وأنه هيبقى أب وأن فى حته منه جوايا، و هيبقى فى فرد جديد فى عيلتنا كنت حابه ابقى فرحانه وافرح مراد معايا من ساعة لما اعترافلى أنه بيحبنى وأنا قعدت اتخيل لحظة وجودكم وهل كنتم هتبقوا شبهوا ولا شبهى، أنا كان فى احلام كتير كنت برسمها لكنه دمرها.
تنهدت بهدوء ثم قالت باسمة:
-أنا هحاول اتخطى كل حاجه فى حياتى علشانكم، أنا هعيش وهفرح بوجودكم، أنتم اللى هتزرعوا فيا القوة، ومش هخلى أى حاجه تاذيكم ابدا حتى لو انا، بجد آسفه لأني كنت هرتكب جريمة بشعه فى حقكم وكنت هحرم نفسى من نعمة وجودكم أنتم نعمة كبيرة من ربنا ليا، وحرام عليا أني أفرط فيكم.
قاطع كلامها طرقات الباب فأذنت للطارق بالدخول، فدلفت العمة "فاطمة" وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة بشوشة، تحمل صينية خشبية عليها بعض الأنصاف ذات المذاق الرائع، فقالت بود:
- أنا جبتلك لقمة تاكليها لأنك مكلتيش حاجه من الصبح.
-بس أنا مش قادرة اكل ياعمتو.
- مفيش الكلام دا أنتى دلوقتى حامل ومحتاجة تتغذى كويس، ولو مش علشانك علشان البيبي اللى فى بطنك ياحبيبتي.
أردفت "رحيل" بنبرة متذمرة فقالت:
- بس انا ماليش نفس وكمان مش طايقة ريحة الاكل.
مسحت "فاطمة" على شعرها الناعم برفق ثم قالت باسمة:
-معلش ياقمر استحملى علشان خاطرى يلا بقا.
-حاضر .
قربت إليها الطعام فقالت بطيبة:
-شاطرة ياريرى اتفضل كُلى لحد ما تشبعى.
مرت دقائق ليست بكثيرة، فقامت "رحيل" بأبعاد الصنينة بعيد عنها ثم قالت:
-ياعمتو كفاية أنا مش قادرة أكل اكتر من كدا.
-هو أنتى لحقتي تاكلي لسه الطبق مخلصش.
أردفت "رحيل" التى أوشكت على البكاء المصطنع:
-لا بجد حرام أنا شبعت ولو كلت اكتر هجيب كل اللى فى بطنى.
رددت "فاطمة" وهى تعطيها كأس عصير فقالت بلطف:
-خلاص ماشى بس هتشربى العصير دا خدى.
-هاتى ياعمتو وامرى لله.
- قوليلي عملتي ايه عند الدكتورة النهاردة وايه اللى قالته ليكي.
- طبعاً بعد ما شيلت فكرة الإجهاض من دماغي روحت كشفت عند دكتورة تانية علشان اتأكد اكتر، ولما تأكدت قالتلى حاجه غريبة أول مرة أسمع عنها.
رددت "فاطمة" متسائلة:
- قالتلك ايه؟.
تنفست "رحيل" بهدوء، وقالت:
- قالتلي أنتى حالتك نادرة جداً للى زيك.
-مش فاهمه قصدها ايه بالكلام ده.
-أصل ياعمتو بعد ما فحصتني اكتشفت أن رحمي رحم مزدوج وده اللى خلاني حملت فى تؤام.
تحدثت الأخرى بنبرة قلقة:
- بس دا يابنتي عيب خلقي اتولدتى بيه وحملك هيكون صعب جدآ.
أردفت "رحيل" بهدوء:
-عارفة ما هى قالتلي كدا وقالت أني هواجه مشاكل وصعوبات كتير بسبب الحمل ده وهيحصلي مضاعفات.
- خير ياحبيبتي إن شاء الله مش هيحصلك حاجه وفترة حملك هتمر على خير، المهم أنك تاخدى بالك من صحتك كويس والفيتامينات اللى كتبتلك عليها خديها فى وقتها.
- حاضر ياعمتو.
بعد محاولات كثيرة لم ييأس "أدهم" فى مصالحة "نور" وفى حين تواجدها فى غرفتها تتصفح الهاتف، لاحظت خيال نفر أمامها كادت أن تصرخ بفزع لكن وضعت يد على فمها ليكتم صراخها، فاتاها ذاك الصوت قائلاً:
- أهدى الله يخربيت صويتك.
ابتعدت عنه بضيقٍ وقالت بضجر:
-أنت مش هترتاح غير لما تجبلي ساكته قلبيه.
لمس "أدهم" خدها برفق ثم قال مازحاً:
-هو أنا اقدر ياجميل.
- اطلع برا.
اتكأ "أدهم" بظهره على باب الخزانة وهو يقول بعند:
-مش طالع هااا.
تحدثت "نور" بزهق:
- بقولك ايه اطلع بدل ما اصوت والم عليك الناس كلها.
كان يحدق بها بحب وشوق فقال باسماً:
-واهون عليكى بردو يانورى.
شعرت بأنها ستضعف أمامه ولكن تصنعت القوة فقالت ببرود:
- اه تهون ويلا بقا هوينا ياعم مش ناقصة هى.
أردف الاخر بخبثٍ وهو يتقدم نحوها لتتراجع هى إلى خلف، فقال بعبسٍ:
-ولو مطلعتش هتعملى ايه.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
تصنمت مكانها عندما وقف مقابلها فقامت بوضع يدها على فمها عندما علمت بما ينوى فعله، فلمس يدها بطريقة رقيقة وماكرة، لتعلو دقات قلبها طربنا من قربه، فقال غامزاً:
- خلاص أنا عرفت هسكتك ازاى بعد كدا.
ابتعد عنها ليتجه نحو الباب وهو يقول بصرامة:
-افتحى الدولاب هتلاقى صندوق افتحيه وشوفى اللى فيه، و بعد ما تخلصى هستناكى فياريت ماتتاخريش.
بعد ما ذهب فتحت الخزانة وأخرجت منها صندوق مغلف فقامت بفتحه، فوجدت بداخله فستان مصتبغ باللون الأزرق، فهذا لونها المفضل الذى تعشقه، ووجدت أيضاً ورقة كاتب بداخلها :
ارتدى هذا الثوب، أني بأنتظارك بهذا المطعم، لتجد العنوان باسفل الورقة مختوم بقوله، حبيبك أدهم.
بعد مده وصلت للمكان الذى حدده لها فولجت إلى المطعم بهدوء، فكان خالى من البشر و مزين بالورود بطريقة رائعة جداً، جاء "أدهم" من خلفها ليضمها إلى صدره باشتياق فقال هامساً:
- كل سنة وأنتى طيبة، كل سنة وأنتى حبيبتى وبنتى وصديقتي وشريكة حياتى كل سنة وأنتى منورة دنيتى يانور.
بينما "نور" شع وجهها بسعادة غامرة فقالت باسمة:
- وأنت طيب، لكن عرفت أزاى أن النهاردة عيد ميلادى.
كان يحدق بها بحب فقال بلين:
-من أول يوم أنتى اتولدى فيه، وعمري ما نسيت تاريخ ميلادك، وبعدين أنا حابب اعتذرلك عن كل وجع وحزن حستيه بسببى، أنا اسف ع كل دمعة نزلت منك بسببى، آسف ياحبيبتي حقك عليا ياأغلى إنسانة فى حياتى، أرجو منك أنك تسامحيني عن كل كلمة قولتها طلعت منى بقصد أو من غير قصد.
ثم قبل راحت يدها بحب وقال:
- آسف يانوري.
تحدثت "نور" بنبرة فارحة ممتزجة بالبكاء :
-وأنا مسمحاك ياروحي ومش زعلانه منك خلاص.
-بجد يانور.
-بجد ياقلب نور.
جذبها من معصمها برفق ثم قال:
-تعالى نقعد نتعشى مع بعض بقالى كتير مقعدش معاكى.
لحظات وجاء الجرسون ليضع لهما الطعام، دقائق واشتعلت موسيقى هادئة، فقام "أدهم" بالرقص مع معشوقته فكان يهمس لها ببعض الكلمات المحببه تحت حيائها منه، ولكن أكمل المُحب قائلاً: -تعرفى أنك جميلة أوى النهاردة.
أشاحت نظرها بحياء بعيداً عنه وقالت بخجل مفرط:
- وأنت كمان طالع حلو أوى.
تبسم فاه "أدهم" بسعادة لا توصف فقال مغازلاً:
-عيونك هى الأحلى ياقمري.
ثم قام بإخراج من سترته علبة صغيرة ليخرج منها سلسله من الماس الأبيض رقيقة تحمل اسمها، فقام برفع خصلات شعرها ليضعها على عنقها الناعم، فأتاه صوتها الفرح قائلة برقة:
-دى علشانى أنا.
قبل رأسها ثم قال بابتسامة وشوشة عاشقة:
-ايوة ياقلبي دى علشان أجمل امرأة فى الدنيا، بحبك يانور.
ضمته إليها بكل قوتها وهى تقول بسعادة:
- وأنا بعشقك ياقلب نور.
-أنا بشكر ربنا كل يوم على وجودك فى حياتي.
لتنسدل الستائر على هؤلاء العشاق فكل فرد منا يستحق فرصة ثانية من المسامحة.
أعظم المحب هو من يزرع في قلبك فرحة أنت لم تطلبها،،
و يصنع لك من وقع اللحظة ابتسامة أنت بحاجتها،،
و يرسم لك صورة جميلة تمحي آثار السلبية في واقعك،،
فيبث فيك الأمل و يهديك الامان و الفرح فيعلمك أن الصدق ليس بمفقود، وأن خير المحبة، عطاء من دون مقابل أو شروط.🦋♥️
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
بعد عدة أشهر وفى وقتٍ متأخر من الليل الساكن، كان هناك طرقات خفيفة تدق على الباب، فجعلت ذاك الشاب ينهض من فراشه الدافئ بخمولٍ وكسل، فهذا حاله كل ليلة فهو يعلمُ من صاحب تلك الطرقات المزعجة التى تُوقظهُ من أجمل نومة، أعتدل فى جلسته لينظر إلى ساعة الحائط ليجد الوقت أصبح الرابعة فجراً، فقام بالاتجاه نحو الباب وهو يفرك جفن عيناه من أثر النوم، ما لبث الطارق إلا ثوانٍ وفُتح الباب على مسرعه، فتبسم ثغر "مروان" حين رأى "رحيل" تقف أمامه والتى تبدو كالأطفال بتلك التسريحة، فهى صفصفت شعرها كأذن القطة، ترتدي ثوب وردى فضفاض يساعدها فى الحركة أكثر أثناء حملها، اتكأ على الباب وضم كلتا يديه ليقول:
- خير يابلونة ايه اللى مصحيكى فى الوقت ده؟.
زمت شفتاها إلى الأمام بتذمر وقالت محذرة:
- ماتقوليش بلونه فاهم.
ضحك "مروان" بخفة على لهجة حديثها اللطيفة، وقال بلين:
-فاهم ياستى عايزة أى أنتى دلوقتى.
رمشت بعيناها عدة رمشات متتالية ثم دنت من أذنيه وقالت هامسه:
-عايزة أكل بطيخ حالا.
افترّ فاه "مروان" بذهولٍ فقال مندهشاً:
-أنتى جاية تهزرى صح....قولى أنك جاية تهزرى!.
تبسمت "رحيل" ببراءة وقالت برقة:
- تؤ مش جاية اهزر يامرمر وبعدين أنا نفسي فيها أوى.
تحدث "مروان" قائلاً :
- انتى ياماما نفسك فى حاجات مش فى موسمها أصلا وبعدين حرام عليكى الساعة أربعه الفجر حد يصحى حد فى وقت زى دا ويقوله نفسى فى بطيخ.
قامت "رحيل" بطرقعة أصبعها وهى تقول بلطف:
- ايوة وعيزاها حمراء.
- حمراء، وكمان بتتشرطى.
-وأنا مالى هما اللى نفسهم فى كدا مش أنا، وبعدين يامروانى عايز العيال يطلع ليهم وحمة بطيخة فى وشهم، وبعد كدا لما يكبروا صحابهم يتريقوا عليهم ويقولوا روح يأبو بطيخة تعالى يأبو بطيخة يرضيك يحصل كدا لأولادي.
تفوه "مروان" ساخراً :
-لا أزاى ميصحش.
ثم أشار إليها بأصبعه إلى خارج الغرفة باتجاه الممر المؤدى إلى غرفتها الخاصة، وقال:
-بصى أنتى دلوقتى تروحى تنامى تمام وأنا كمان هروح هنام والصبح أول ما اصحى هعملك اللى عيزاه اتفقنا.
أردفت الأخرى بعبوس فقالت:
-لا أنا عايزة دلوقتى حالاً بطيخة وتكون حمراء.
-أنتى مش واخده بالك من أن الوقت متأخر ولا أى، وبعدين اصلآ هلاقيلك البطيخة فين دلوقتى الناس قافله محلاتها.
رفعت كتفها إلى الأعلى قليلاً دليلاً على عدم معرفتها فقالت بعند:
-معرفش اتصرف بقى يامروان وإلا مش هيحصلك كويس.
أردف "مروان" بقلة حيلة لتنفيذ أوامرها:
-طيب يارحيل روحى أوضتك وأنا هنزل أدورلك على أم البطيخة ولو لاقيتها هجبلك ماشى.
افترّ ثغرها بابتسامة عريضة مشعة بالسعادة:
-ماشى بس ما تتأخرش عليا ياعسل.
ضحك "مروان" بخفة وقال:
-مصلحجيه أنتى ياريرى.
-طبعاً أومال أنت فاكرني اي.
بعد حوالى ٣ ساعات جاء "مروان" من الخارج يحملُ بين ذراعيه فاكهة البطيخ بعد ما عثر عليها بصعوبة بالغة، فجلس بجانبها وهو يضعها على الطاولة وقال بأرهاق:
-خدى ياست رحيل البطيخة الحمرا بتاعتك أهى يكش نهمد شوية.
أشاحت وجهها عنه وقالت ببرود:
-مش عايزة.
قطب "مروان" جبينه ليتسأل:- ليه بس .
أردفت باللامبالاة فقالت:
-لان خلاص مابقاش نفسي فيه.
تحدث "مروان" بضيقٍ وازعاج فقال منفعلاً:
-يعنى ايه مبقاش نفسك فيها دا أنتى مصحيانى من الساعة اربعه علشانها، وعمال الف على كعوب رجليا فى الشوارع وفى المحلات علشانك وبعد ما الاقيها تقولى خلاص ماليش نفسي.
فقامت "رحيل" برفع إحدى حاجبيها بإغاظة وقالت:
-عملك ايه ما حضرتك اتأخرت عليا أوى وأنا بقالى ٣ ساعات مستنياك.
أوشك "مروان" على البكاء فقال بقلة حيلة:
-لا بجد حرام أنا تعبت كل يوم بتتوحمى ع حاجه شكل.
تحدث الجد هذة المرة وهو يربت على ذراعيه فقال:
- معلش يابنى سيبك منها دى واحدة مفترية وقادرة.
أمسك الفاكهة بيده ليجذب السكينة من إحدى الأطباق وهو يقول:
-تصدق عندك حق، أنا هسبني منها وهأكل البطيخة بدلها وتبقى تقابلني لو جبتلها حاجه تانية بعد المرمطة اللى شوفتها.
فقام بتقطيعها إلى مثلثات صغيرة ليتذوق طعمها بنغمٍ شديد، فبتلعت الأخرى ريقها حين نظرت إليه، فقال هو بتلذذ:
-واو طعمها حلو اوى ومسكرة، صمت لوهلة ثم أضاف حين مد يديه بقطعة إلى الجد فقال:
- خد ياجدو كُل هتعجبك طعمها، وهتلاقيها بدوب فى بوق دوب.
وضعها الجد فى فمه فعجبه المذاق ليقول:
- تصدق طعمها حلو فعلاً وكمان مسكرة.
حدقت "رحيل" بطبق الفاكهة فاغرتها هيئة البطيخة المقطوعة لتبلل فاهها، فقامت بالاقتراب من "مروان" ومازال بصرها مسلط على الطبق، فقالت برقة بالغة:
- بقولك ايه يامروانى ممكن تديني واحدة ادوقها.
-لا مفيش خلاص شطبنا.
قامت بضربهِ بخفة على ذراعيه وقالت منزعجة:
-متجيب واحدة بقى متبقاش بارد وبعدين أنا اللى طلباها.
حرك الأخر حاجبيه بتلاعب ليقول مازحاً:
- وأنا اللى هاكلها وبعدين مش أنتى قولتى خلاص مبقاش نفسك فيها، اشمعنى دلوقتى احلوت فى عينيك لما شوفتينى بأكلها.
تفوهت "رحيل" بحده قائلة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-هتجيب ولا لأ.
أجابها "مروان" بنبرة متلاعبة:- لا.
-بقى كدا طيب أنت اللى جبته لنفسك.
ثم قامت بالانقضاض عليه كالوحش المفترس وجذبت الطبق من بين يديه بقوةٍ أثارت دهشته، لتبدأ بمضغ قطع البطيخ بطريقةٍ مسرعةٍ وكأنها لم تأكل منذ زمن.
حدق بها "مروان" ليقول منصدماً:
- ياما ياما فى أى أنتى اتسعرت ولا أى يارحيل، ما براحة ياحبيبتى مش كدا اللى يشوفك يقول علينا أننا حرمينك من الاكل.
-مالكش دعوه بيا يابارد.
تحدث "قاسم" باسماً:
-محدش له دعوه بريرى تأكل زى ما هى عايزة.
عندما سمعت تلك المقولة أخرجت لسانها بإغاظه "لمروان" الذى ضحك عالياً وقال بمرح:
-وربنا طفلة مش عارف ازاى أنتى بعد كام يوم هتبقى أم لا وايه لطفلين مش لطفل واحد.
نظرت إليه "رحيل" بخوفٍ وقلقٍ، فكلما اقترب الموعد شعرت بانقباض قلبها وكأنها مُقبلة على الموت، فقد مرت بأوقات عصيبة خلال فترة حملها مما جعلها تُعانى من كثرة الألم، ولكن الألم التى شعرت به لا يساوى ألم الولادة الذى هو أشد وأقوى ألم بالجسد.
نظرت نحوها "فاطمة" نظرات مطمئنة لتبث بداخلها الهدوء، فقالت: -متخافيش ياحبيبتى الموضوع بسيط مش زى ما أنتى متخيلة.
-بجد هيبقى بسيط ياماما.
أردفت الأخرى ببسمة ودودة:
-أه ياقلبى وبعدين هما شوية وجع بسيط ولما تشيلى ولادك فى حضنك هتنسى كل حاجه وهتبقى الفرحة مش سيعاكى.
**********************************
فى غرفة المعيشة كان اليوم إجازة للجميع من العمل، فبدأ "أدهم" يسترسل حديثه موجه إلى عمهِ:
-عمي حمزة عايز احدد موعد فرحي أنا نور.
-بس يابنى لسه بدرى.
أجابه الآخر برزانة فقال:
- ملهوش لازمة التأجيل أكتر من كدا ياعمي، وبعدين هو حضرتك قلقان منى فى حاجه ولا مش واثق فيا، أصل كل لما أفتحك فى موضوع الفرح تأجله.
رد "حمزة" نافياً :
-لا يابنى أنا لو كنت قلقان أو خايف منك مكنتش وافقت بأنك تخطبها من الأول.
تنهد "أدهم" بارتياح ثم قال راجياً:
-بما أنك مش رافض، نحدد يوم الفرح وأهو خير البر عاجله.
التفت "سليم" إليهن وقال موافقاً:
-أنا من رأيى أن كفاية تأجيل لحد كدا خليهم ياحمزة يتجوزوا ويدخلوا الفرحة للبيت.
-خلاص اللى أنت شايفه ياخويا، كلمتك هى اللى هتمشى حدد أنت اليوم وأنا عليا الباقي.
صمت "سليم" لوهلة ثم أكمل قائلاً:
- خلى الفرح الأسبوع الجاى يوم الخميس ايه رأيك.
-موافق.
فقام الآخر بتوجيه بعض الكلمات لابنه:
-خلاص يبقى ع خيرت الله، شوف هتعمل ايه ياأدهم وجهز الترتيبات أنت وأخواتك.
تهلل أسارير وجهه بالفرحة والسعادة فقال باسماً:
- حاضر يابابا.
بينما "مازن" أشار لوالده حتى ينتبه إليه ثم قال متسائلاً:
-طب وأنا ايه مش ناويين تجوزوني ولا ناوييين تخللوني جنبكم.
تحدث "هشام" مشجعاً:
-اه وأنا كمان عايز اتجوز بقى واستقر كفاية لحد كدا أنا كدا بقيت عانس وباير.
تبسم فاه "حمزة" الذى قال:
-طب ما تتنيلوا هو حد حاشكم.
تحدثت "حنان" بطيبة قلب فقالت بلطف:
- قولولي بقى أنتم حاطين عنيكم ع حد معين ولا احنا ندورلكم ع عروسة مناسبة.
رد "مازن" قائلاً:
-لا ياعمتو أنا عندي العروسة بس أنتم عندكم الفرح.
وضع "مراد" فنجان القهوة من يده، ثم قال بنبرة لعوبة:
- وياترى اللى فى بالي ولا واحدة تانية.
أجاب "مازن" مستكشفاً حديثه فقال:
-ومين بقى اللى فى بالك.
اتكأ "مراد" على الأريكة بأريحية ثم وضع كلتا يديه خلف رأسه وقال:
-ما أنت عارف ولا تحب أقولهم اسمها ايه وهى مين.
فأردف "سليم" متسائلاً :
-مين دى يامراد هى واحدة نعرفها؟.
-نعرفها اوى.
تحدث "أدهم" متعجباً:
-وتطلع مين هى !.
افترّ فاه "هشام" مندهشاً ليقول:
- سوزى لا متهزرش أنت ملقتش غير دى وعايز تتجوزها.
ضحك "مراد" عاليا من تعقيبه ليقول:
-لا مش سوزى واحدة تانية.
-أومال مين حيرتنى معاك.
-هو هيقولك ماهو ملزمها طول الوقت وقاعدة فى وشه ٢٤ ساعة.
تبسم "أدهم" عندما علم من تكن هى فقال:
-خلاص أنا عرفت هى مين يازين ماخترت يامازن، أول مرة تختار حاجه عدلة فى حياتك.
تحدث "سليم" قبل أن ينفذ صبره فقال:
-هو أنتم هتفضلوا تتكلموا بالالغاز.
أجابه "مازن" قائلاً :
-سيبك منهم يابابا أنا هقولك الصراحة، هى فى واحده معايا فى الشغل بحبها وعايز أتقدم ليها.
تفوهت "صفا" بنبرة ودودة:
- مين دى ياحبيبى واحنا نروح نخطبها ليك.
-ندى ياماما صحبة رحيل ونور.
بينما والده قال بلطف :
- ندى بنت كويسة جدا ماشاء الله عليها، خلاص معنديش مانع ابقى هات رقم باباها اكلمه واتفق معاه ع ميعاد نروح نقبله فيه.
أردف "مازن" بعدم تصديق فقال:
-بجديابابا يعنى أنت موافق.
- اه ياحبيبى موافق ودلوقتي بقى فى فرحتين فى البيت عقبال هشام ومراد.
أغمض جفنه واخفض رأسه أرضاً بحزنٍ وألمٍ واشتياقٍ حين تذكر تلك الفتاة التى سلبت قلبه الذى أصبح متيماً، فادمعت عيناه حزناً من هذا الفراق لينهض من مكانه ليستأذنهم للخروج، فلما خرج نظر والده لأثره بحزن وهو يعرف ما يشعر به.
انسدل الليل بستائرهِ بألوانها السوداءِ المخمليةِ، ويُقبل القمر مختالاً مرتدياً عباءته الفضية، حيث أوت الطيور إلى أعشائها لتحضن صغرها برفق وحنية، ويزحفُ الصمتُ بخطاهِ الواثقة، وفى مكانٍ مرموق وهادئ على شاطئ النيل، وصل لمسمعها صوتٍ جعل ضربات قلبها تعزفُ على أوتار حبها، فلما استدارت بجسدها لتنظر خلفها وجدته واقفاً بطلته المبجهة يحملُ بين يديه باقة من الورد الجوري ليعطيها أياه بكل حب وحنية، ثم قال:
-تتجوزيني ياندى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
زاددت ضربات قلبها التى كادت تخرج من بين قفصها الصدري، فقالت مندهشة:
-أنت قولت ايه.
تحدث "مازن" بوجه طلق مُشع بالبهجة والسرور:
-قولت تتجوزيني ياندى.
جلس بجانبها على المقعد وأمسك يدها ليقبلها برفق ليكمل حديثه بحب:
-أنا بحبك ومش عارف حبيتك امتى وازاى بس من اول يوم شوفتك فيه لما كنت هخبطك وأنتى فضلتى معلقه معايا ولما جيتى اشتغلتى معايا فى الشركة قربت منك واتعلقت بيكى اكتر وكل لما بشوفك قلبى بينبض جامد بعدها اكتشفت فعلا أنى بحبك وأني مقدرش ابعد عنك أبدآ وعلشان كدا أنا عيزك تبقى مراتي وحلالي موافقة تتجوزيني ونكون أسرة.
امتلأت عيناه بالدمع من فرط السعادة فحلمها أوشك على التحقيق، فقالت متأثرة:
-أنت بتكلم بجد يامازن.
ضحك الأخر بخفة:
-لا بلعب معاكى.
-بطل برود بقى.
تحدث "مازن" متبسماً :
-أنا بحبك وبعشقك وعايز أتجوزك يابت قولتى ايه بقى.
ضحكت "ندى" بخفة ثم قالت بنبرة لعوبة:
-لا ياقلبي مش كدا أنت تعمل زى بتوع الراويات وتنزل تركع ع ركبتك وبعدها تطلب أيدى وتقولى بحبك وعايز أتجوزك.
بينما هو ضربها بخفة على رأسها وقال باسماً:
- عارفة ايه اكتر حاجة بحبها فيكى.
أجابته "ندى" بابتسامة عريضة:
-ايه يامازن.
- هبلك ياقلب مازن.
رفعت حاجابها الأيسر بضجر وقالت:
-نعم ياخويا.
-اسكتى ياندى الله يرضى عنك ايه شغل الراويات واركع ومتركعشى فى حاجات تانية يابت احلى.
- حاجات ايه يافليسوف زمانك.
أشار "مازن" بيده إلى السماء فوقهم ليقول:
- بصى فوق كدا.
لحظات وانطلقت العاب نارية لتضيئ السماء بأنوارها المتعددة محتواها.
"بحبك ياندى تقبلى تتجوزيني ♥️"
رفعت بصرها للأعلى بفرحة وسعادة والدموع تغرق عيناها، فأتاها صوته قائلاً:
-ها ياندى قولتى ايه.
تفوهت الأخرى بابتسامة واسعة لتقول بنبرة فارحة:
- قولت بحبك وموافقه أتجوزك يامجنون.
تبسم ثغره بحب ليقول بصوت عالٍ:
- بحبك بحبك ياندوش قلبي، واخيراً وافقتى وهتبقى مراتى وكل دنيتى.
-بحبك ياميزو.
أمسك راحت يدها برفق ليقول باسماً:
- طب يلا نمشى بدل ما يمسكوني بفعل فاضح.
-يلا يامجنون
-مجنون بيكى ياحب.
واليوم التالى
كانت "رحيل" جالسة بحديقة القصر، تحمل بيدها طبق مليئ بالمسكرات، فأردف "آدم" الابن الثانى "لقاسم" وهو يحاول أن يأخذ بعض حبات اللوز قائلاَ:
-يابنتى والله الطبق مش كله ليكى لوحدك أنا كمان ليا فيه.
-لا ياعسل ملكش فيه وبعدين مش أنا اديتك واحده يبقى كفاية عليك كدا.
قطب جبينه بأنزعاج ليقول بضيقٍ:
-هو ايه اللى كفاية عليك كدا، دى واحده بس يارحيل علشان خاطرى خلينى أكل معاكى أنتى عارفه أنا بحب اللوز قد اي.
تحدثت "رحيل" متأثرة:
- تصدق أنت صعبت عليا خلاص هديك واحده كمان خد.
نظر إلى راحت يديه برفع حاجب، وقال:
-يابت يابخيلة واحده بس ودى أعمل بيها أى اسلك بيها سناني.
رددت الأخرى باللامبالاة:
-وأنا مالى اعمل اللى تعمله بيها.
- طب بصى ايه رأيك نقسم الطبق أنتى واحدة وأنا واحدة شوفت حلو أزاى أهو كدا عدل.
تحدثت "رحيل" وهى تبتسم برقة ثم قال بنبرة طفولية:
- طب بص هقولك على حل أفضل أنت تاخد واحدة تمام.
أجابها "آدم" بأنصات شديد:
-تمام وبعدين.
-وأنا اتنين ايه رأيك مش كدا احلى يادومى.
صاح الأخر وهو يشد شعره بنفاذ صبر :
-يارب صبرنى يابنتى أنتى بقيتى عامله زي الفيل أبو زلومه وبعدين ايه النصب دا قال أنا اتنين وأنت واحدة.
بينما هى وضعت يديها على موضع بطنها المنتفخة لتوجه حديثها إلى "مروان" فقالت بحزن:
-مروانى هو أنا بقيت فيل بزلومه.
تبسم "مروان" بابتسامة حنونة فقال بلطف:
- لا ياحبيبتى أنتى قمر سيبك من المتخلف دا.
- والله أنت اللى قمر ومفيش منك اتنين.
تحدث "آدم" قائلاً:
-ايوه اقعدوا طبلوا لبعض .
ثم اقترب منها ليجذب الطبق من يدها، لتدفعوا بعيداً عنها وقالت محذرة:
-شيل أيدك لتوحشك ياعسل.
جلس مكانه وقال متوسلاً:
- طب وحياة عيالك ياشيخه اكلينا معاكى.
-خلاص أنت هتشحت خد كل ومسمعش صوتك تانى فاهم.
-فاهم ياوحش الكون.
فى بيت والد "ندى" ولجت إليهن بأطالة مبهجة بأعين ملتمعة بالسرور والتفاؤل، ترتدي ثوب أسود ذو أكمام شفافة يصل إلى كاحلها، تبسمت الفتاة فى حنو بالغ فأضاءت ابتسامتها وجهها كالقمر، فجلست بجانب والدها باستحياء، بينما "مازن" شعت عيناه فرحاً وأعجاباً من جمالها الآخاذ، جاءت إليها صديقتها فقالت بود:
-اهدى ياقلبى وبلاش توتر.
رددت "ندى" بحياء قائلة:
-أنتى مش شايفة بيبصلي أزاى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ضحكت "نور" بخفة لتقول مازحة:
- والله وجه اليوم اللى شوفتك فيه تحبى وخدودك تحمر بالشكل ده، أنا كنت فاقدة فيكى الأمل خالص مين كان يصدق ندى أم لسان طويل وكانت جعفر فى نفسها قاعدة هادية ورقيقة، أنا مش واخده عليكى وأنتى كدا ياندوش.
-طب اسكتى بدل ما اقول اطلع جعفر فعلا عليكى.
-خلاص ياختى سكت اهو.
فقام "سليم" ببدء حديثه فقال بهدوء:
-طبعا أنت عارف ياأبو ندى احنا جاين ليه.
-طبعا عارف.
-تمام بحيث كدا أنا اتشرف واطلب ايد الآنسة ندى لابنى مازن.
تحدث والد العروسة بنبرة ودودة فقال:
-طبعا يشرفني أناسب حضرتك ومعنديش مانع، أنا مش هلاقي حد احسن من ابنك مازن لابنتى بس اسمع موافقتها الأول فالأمر يرجع ليها.
ثم وجه نظره لابنته وقال باسماً:
- ها ياحبيبتى رائيك ايه موافقة ولا لأ.
طأطات "ندى" رأسها خجلاً لتجيب برقة:
-اللى حضرتك تشوفه يابابا.
- يبقى على خيرة الله.
تحدث "سليم" مسترسلاً:
-خلاص نقرأ الفاتحة دلوقتى وبعدها نبقى ننزل نشترى ليهم الدبل فى الوقت اللى تحبوه.
وفى هذا الأثناء أخرج "مازن" من معطفه علبة قطيفة ليقول بسعادة:
-وأنا معايا الدبل نلبسها دلوقتى يلا.
ضحك الجميع على فعلته تلك فقال والد العروس:
-دا أنت عامل حسابك بقى.
- طبعا ياعمى أنا مجهز كل حاجه.
-ماشى يابنى نقرأ الفاتحه ولبسها دبلتك.
بعد قراءة الفاتحة دن منها ليضع فى اصبعها خاتم من الماس الخالص، ثم همس بحب:
-مبروك عليكى دبلتى ياندوش.
-الله يبارك فيك.
بينما "سليم" قبل رأسها وقال بحب أبوي:
- الف مبروك ياحبيبتى ربنا يتمملكم ع خير.
اجابته بحياء قائلة:
-الله يبارك فيك ياعمو.
بارك لهما الجميع بكل حب وفرحة، فنظر إليها "مازن" بعشق جارف وقلب نابض.
سيأتي شخص يحبك كما أنت، يُحبك لتفَاهتك لعصبيتكَ ، لمزاجَك المُتقلب ، لَبُكائك عَلي أشياء لا تَستحق البُكاء شَخص يُحبك لرَوحك، شَخص يَفهمك ، شخص يُحب وجودك لا يستَطيع تَحمل غيابك، شَخص يُحبك كما أنتَ بعِيوبك قَبل مُميزاتك وهَذا الشَخص سَوف تَجده عاجلاً امَ اجلاً ولكَنهُ سَيأتي ♥️
جاء اليوم الموعود
اقترب "حمزة" من غرفة ابنته لينظر إليها بابتسامة عريضة ارتسمت على محياه، ليلتمع بريق عيناه بالدمع، حين شاهدها بفستانها الأبيض الرقيق المتناسق معها، بينما هى توجهت نحوه بخطوات بطيئة، فلما وقفت مقابله عانقته بقوة، فأتاها صوته الباكى:
-أنا مش مصدق أنك كبرتي يانور وبقيتي عروسة و هتتجوزي، بجد لحد دلوقتى ياحبيبتى مش مصدق.
ثم ابتعد عنها قليلاً ليقول باسماً:
- الف مبروك ياروح أبوكى ربنا يسعدك ويفرح قلبك دايما يابنتى.
-الله يبارك فيكى ياحبيبى ربنا يديمك ليا يااحلى أب فى الدنيا.
جاء شقيقها ليقبل مقدمة رأسها بلين ثم قال بنبرة ودودة:
- مبارك عليكى جوازك ياغالية.
تبسمت "نور" بابتسامة مشرقة أضاءت وجهها فقالت:
- الله يبارك فيك ياابيه عقبالك.
تنهد بهدوء ثم أضاف مازحاً:
- لو الواد أدهم زعلك فى يوم تعالي قوليلي وأنا هروقه ع الاخر اتفقنا.
- اتفقنا ياحبيبى.
وفى هذا الأثناء أردف والدها بمرح:
-طب يلا علشان عريسك مستنى تحت بدل مايقوم يطلعنا هنا.
ضحكت بخفة ثم تبطأت ذراع أبيها وشقيقها بسعادة غامرة.
تحركوا إلى الأسفل فقام والدها بتسليمها إليه وهو يُلقى عليه بعض التحذيرات والنصائح أيضاً، فلما دن منها قبل كلتا يديها ثم قال منبهراً :
-تبارك الرحمن طالعة قمر يانور بالفستان الأبيض.
رددت الأخرى بحياء فقال برقة بالغة:
- وأنت كمان ياأدهم طالع شكلك جميل.
بعد مرور مدة من الزمن وخاصةً فى مكان خاص بالمناسبات،
كانت "ندى" تحاول جاهداً أن تهدى "نور" التى تبكي حزناً من فراق صديقتها، الذى تمنت وجودها فى هذا اليوم، فقالت بهدوء:
- نور ممكن تبطلى عياط الميكاب هيبوظ.
أجابتها "نور" ببكاء :
-رحيل وحشتنى أوى كان نفسى تكون معايا.
- والله هى وحشتنا كلنا ممكن علشان خاطرى تهدى وتحاول تفرحي شوية وبلاش نكد.
-حاضر .
فى جناح خاص بالفندق اقترب أدهم من زوجته التى تفرك يدها بتوتر شديد ليقول باسماً:
-ممكن تبطلى توتر يانوري، أنتى خايفة منى كدا ليه هو أنا هاكلك مش أنا أدهمك حبيبك .
أشاحات وجهها بعيدة عنها لتنظر إلى جميع أركان الغرفة ماعدا النظر إليه، فقالت بحياء:
-اه.
- طب ايه.
ترجعت إلى الخلف حين لمحته يقترب باتجاهها لتقول بنبرة مرتبكة:
-ايه أنت! .
تهللت أسارير وجهه واهتز قلبه طرباً واعترت نفسه نشوةٌ بالغة وحلقت روحه فى أجواء السعادة والحبور، فأصحبت الدنيا من فرط سعادته لم تسعه، فقال باسماً:
-بحبك يانور.
سرت فى نفسها فرحةٌ غامرة لتجيبه قائلة:
-وأنا كمان بحبك.
عانقها بخفة ليقبل ذراعيها برفق ثم هتف قائلاً:
- طب يلا ادخلى غيرى فستانك علشان اكيد كاتم ع نفسك وأنا هغير هنا، ثم أضاف مازحاً:
-ولو لاقيتى أى مشكلة كدا أو كدا فى الفستان استعيني بصديقك جوزك حبيبك ووقتها هتلاقيني جيلك فوريرة.
ابتعدت عنه بخجل لتهرول إلى المرحاض ثم تفوهت عندما أغلقت الباب خلفها:
- تعرف أنك قليل الأدب ياأدهم.
ضحك الأخر بخفة وهو يقول:
-عارف ياحب.
فى وقت متأخر من الليل الساكن، صاح فى أركان القصر صوت صرخات عالية أتت من غرفتها، ففزع الجميع إليها، فهرول "مروان" راكضاً باتجاه غرفتها فلما ولج وقف متصنماً عندما وجد قطرات الدماء متناثرة على الأرض.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
حين ولج "مروان" وقف متصنماً عندما وجد قطرات الدماء متناثرة أرضاً، فرفع مُقلته باتجاهها فرائها مستلقية على الفراش فى إعياء وتراخٍ وذبولٍ، أقتربت العائلة نحوها والفزع يملأ أعينهم، لقد أنهكها الألم وحطّم قواها، فتفوهت بألم والدموع تتساقط من عيناها الذابلة، فقالت بصوت ضعيف:
-حد يلحقني أنا شكلي بموت.
دن منها الجد بقلق شديد والخوف يسيطر على فؤاده من أن يُصيبها مكروه، فمسد على شعرها وهو يقول:
- بعد الشر عليكى ياعمري مش هيحصلك حاجه وهتقومي بالسلامة يلا مروان ساعدني يابني نوديها المستشفى.
فقام "مروان" بحملها بين ذراعيه وقلبه ينبض خوفاً عليها، دقائق معدودة ووصلوا إلى المستشفى لتستقبلهم الطبيبة "هناء" برفقة الطاقم الطبي التى حضرت على الفور، ثم قامت باصطحابها إلى غرفة العمليات لتجرى لها جراحة قيصرية، فلما غابت عن عيونهم جلس الجد على الكرسى ينظر باتجاه الغرفة والقلق يساوره، فربت "قاسم" على كتفه وقال باطمئنان:
- اهدى ياعمى هتبقى كويسة وهتقوم بالسلامة بإذن الله هى محتاجة دعائك دلوقتى.
بينما "فاطمة" تقف فى الزاوية تبكى بصمتٍ تام، فأردف "آدم" بحزنٍ:
-علشان خاطري يا ماما كفاية عياط.
-أنا خايفة أوى عليها.
-متخافيش ياحبيبتى هتبقى بخير.
وفى هذا الوقت زمجر الرعد وألهب البرق الأفق ثم انهمرت الأمطار مدراراً، وكأن السماء تتهيأ لمجيئ الأطفال، بعد مدة كبيرة من الوقت خرجت الطبيبة إليهن ليتحدث "مروان" متسائلاً:
- طمنيني عليها.
أردفت "هناء" باطمئنان قائلة بلطف:
-الحمدلله هى ولدت وبخير بالرغم ان ولادتها كانت صعبة جدا ولكن ربنا لطف، ورزقها ببنت وولد زى القمر يقولوا للبدر قوم واحنا نقعد مكانك.
صاحت "فاطمة" بوجه طلق مُشع بالبهجة فقالت:
-بجد ياهناء.
-اه ياحبيبتى والحمدلله على سلامتها هى دلوقتى فاقت من البنج وتم نقلها فى أوضة تانيه، روحوا شفوها والممرضة هتجيب ليكم الأطفال.
بعد لحظات دلفوا إلى غرفة "رحيل" فاقبلت نحوها "فاطمة" مسرعة حتى تطمئن عليها فقالت برفق:
-حمدلله ع سلامتك يارحيل.
أجابتها "رحيل" بصوت مجهد فقالت:
-الله يسلمك ياماما هما فين ولادي عايزة اشوفهم.
أجابها الجد بسعادة وسرور فقال:
- الممرضة هتجبهم دلوقتى ياحبيبتى و حمدلله على سلامتك ياقلب جدك.
- الله يسلمك ياحبيبى.
بينما "مروان" قال مُداعباً:
-قلقتينى عليكى ياريرى ينفع كدا تخضينى بالشكل ده.
تبسمت "رحيل" بأرهاق فقالت بلطف:
- معلش بقى خليها عليك المرادى.
- ماشى ياستى اهم حاجه أنك قومتى لينا بالسلامة وما موتيش.
ولجت الممرضة ومعها الطفلين فحملت "فاطمة" الفتاة لتضمها برفق وهى تقول:
-بسم الله ماشاءالله جميلة أوى بصى يارحيل شبهك ونفس لون عينيكي.
فقامت بمد يدها بالطفلة فاحتوتها "رحيل" بين أحضانها لتفر دمعة من مُقلتها فرحاً وسعادة فهى لأول مرة تجرب شعور الأمومة، الذى هو أعظم شعور بالعالم، فقالت باسمة:
-ياعمرى أنتى، بنوتي القمر.
تحدث الجد بحنيه فقال باسماً:
-تبارك الرحمن جميلة زى الحورية، تتربى فى عزك ياحبيبتى حلوة زيك يارحيل.
أردف "مروان" الذى كان يضم الطفل بين ذراعيه فقال:
- مش ناوية تشوفى أبنك.
رددت "رحيل" بلهفة :
-هاتوا يامروان خليني أشوفه وأشبع منه.
فحملته بين ذراعيها بلطف ولين لتقبل راحت يدهُ الصغيرة ثم قالت باكية:
- بجد مش مصدقة نفسى أنا بقيت أم لبنت وولد أجمل من بعض.
مسد "قاسم" على خصلاتها وقال بابتسامة مشرقة:
-مش أنا قولتلك أن هما هيبقوا هدية ربنا ليكى وهيكونوا عوضك.
-دول أجمل عوض فى الدنيا واحلى هدية من ربنا.
- ربنا يباركلك فيهم ياحبيبتى ويكون ذرية صالحة ليكي.
-يارب.
تحدث "آدم" بابتسامة عريضة مرحة:
- طبعا ناوية تسمى الواد ع اسمى صح ياريرى.
ضربه شقيقه بخفه على رأسه:
-لا وأنت الصادق مش هتسميه ع اسمك كانت ناقصه هى.
ضحكت "رحيل" برقة وقالت:
- كان نفسى اسميه ع اسمك بس للاسف مش المرة دى، لو كانوا ولدين كنت هسمى واحد منهم ع اسمك.
اردف الجد متسائلاً:
-طب هتسميهم ايه.
نظرت إلى أطفالها بسعادة ثم قالت باسمة:
-هسميهم زين وزينه علشان يبقوا قريبين من بعض.
-تمام ياريرى أنا هكبر للبنوته وعمك قاسم هيكبر للولد.
بعد عدة أسابيع كانت جالسة بحيرة ويأس بين صغارها الذين يبكوا دون توقف، فولجت إليها "فاطمة" التى قالت بطيبة قلب:
-مالك يارحيل بتعيطى ليه!.
جففت "رحيل" دموعها بالمنديل الورقى ثم قالت بأرق:
-بقالي اكتر من ساعة بحاول اسكت فيهم ومش راضين يسكتوا وأنا تعبت ومش قادرة، نفسي أنام شوية ونفسي أخد الشاور بتاعي زى الناس لكني من عارفة اتحرك ولا أعمل أى حاجه منهم.
أردفت الأخرى مهدئة فقالت برفق:
- معلش هما الأطفال كدا، هاخدهم معايا وأنتى حاولى تنامى وترتاحى شوية ماشى ياحبيبتى.
-ماشى لو تعبوا حضرتك ناديني.
- متقلقيش مش هيتعبونى وكمان أنا معايا رهف هتساعدني فى شيلهم.
-طيب.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد مرور سبع سنوات
تتربّع الشّمس وسط السّماء وكأنّها سبائك من ذهبٍ قد تجمّعت في شكلِ دائري، ثمّ تناثرت إلى الأرض بدفئها وأشعّتها، وما أن يحين موعد غروبها حتّى تتحوّل إلى شفقٍ أحمر اللون يغيب بين الجبال والبحار والمحيطات، وفى هذا الوقت تعالت أصوات الأطفال وهم يلعبون بفرح وسعادة فى ساحة المنزل الممتلئ بالدفء، بينما على الجانب الآخر كانت "رحيل" جالسة فى غرفة الجلوس تقرأ إحدى المقالات على تصفح التواصل الاجتماعي، دنت منها طفلتها "زينة" التى تبلغ السادسة من عمرها، فقد ورثت من أمها جمالها وحسنها وتلك العينين الكحالتين الزروقتين، ومازادها جمالاً هؤلاء الغمزتين التى ورثتهما منها أيضاً، التقطتها "رحيل" بين ذراعيها لتقبل خديها الأيسر:
- روح قلب ماما أنتى يازينة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
نظرت إليها الطفلة ثم قالت ببراءة:
- وأنتى روح قلب زينة.
أجلستها بجانبها ثم قالت بلطافة:
-ما بتلاعبيش ليه مع أخوكى.
أجابتها "زينة" بملل:
- تعبت من كتر الجري وبعدين "زين" كل شوية يضحك عليا ويخليني اخسر ويقولي أنتى أجرى ورايا.
أبتسمت الأخرى من طريقة حديث ابنتها المتذمرة:
-ولا تزعلى نفسك ياروحي لما يجي خالو "مروان" هخليه يعاقبه أتفقنا.
هتفت "زينة" برضى وسعادة:
- أتفقنا.
لحظات وجاء ابنها ومعه طفلين من المنزل المجاور لها، فاجتمعن حولها وجلسن فى حلقة دائرية، بينما "زين" بدأ يسترسل كلماته قائلاً:
-ماما ما تحكلنا قصة من اللى بتحكيها لينا كل يوم.
-أمرك ياسي "زين" دا أنت تؤمرني وأنا أنفذ، قولي بقا تحب أحكيلك ايه.
نظر الأخر إليها وهو يفكر ولكنه عجز أن يطرح عليها أجابه، ثم قال:
- بصراحة مش عارف اختارى أنتى.
-تحب أحكيلكم حكاية الفأر الطباخ.
صاحوا الأطفال موافقين بسعادة لتبدأ بسرد الحكاية بطريقة تناسب مرحلة عمرهم حتى لا يملوا.
مرت دقائق معدودةٍ، فدلف "مروان" إلى البيت بصحبة شقيقه، وكانت "زينة" أول من استقبلته بضمة تعبر عن حبها إليه، حملها بين ذراعيه ثم أتجه نحو "رحيل" مُلقى عليها السلام، وجلس بجانبها ليستمع لما تقول إليه:
-اتأخرت علينا النهاردة.
أجابها "مروان" بهدوءٍ:
-- كان عندنا ضغط شغل علشان كدا اتأخرت.
دققت النظر إليه لترى وجهه شاحب قليلاً فقالت بنبرة قلقة:
-أنت كويس؟.
ربت على يدها وهو يقول بنبرة دافئه:
-متقلقيش يا"ريرى" أنا بس مرهق شوية من الشغل وتغيرات الجو مش أكتر.
تفوه "آدم" وهو يمسح حبات العرق من على جبينه:
-الجو بره حرفياً حر لدرجة أن الواحد خلاص حاسس أنه هينهار وهيغمى عليه، والله يابخت الحريم أن ربنا مكتبش عليهم الخروج والشغل فى الحر ده، أنا فعلاً بحسدكم.
مددت "رهف" يداها إلى شقيقها "آدم" بكوب ماء باردٍ وهى تقول:
-أعانكم الله وجعل تعبكم فى الشغل فى ميزان حسناتكم.
-يارب ياأخوتي.
مالت "رحيل" بجسدها قليلاً نحو "مروان" لتهمس فى أذنيه متسائلة:
- عملت ايه مع خطيبتك.
أجابها بهدوءٍ فقال:
-فركشنا الخطوبة.
صُدمت الأخرى من قولهِ فقالت بحزنٍ:
- ليه بس!.
استرخى فى مقعده ثم قال بنبرة تحمل قدراً من الهم:
- الهانم بتخيرني بينها وبين أهلي، لا وكمان عيزاني أقطع علاقتي بيكى، كل ده علشان بتغيير عليا منك مع أني قولتلها أنك متحرمة عليا شرعاً، لكن هى مابتفهمش وعايزة تفرط كلامها وسيطرتها عليا وتلغى كمان شخصيتي، وأنا الصراحة ما بيعجبنش البنت اللى بتفكر بالطريقة دي واللى بتبقى عايزة تمشى كلمتها على الراجل وتعمل فيها عشر رجالة فى بعض، من الأخر أنا مابحبش البنت المسترجلة.
ربتت على ظهره بمواساة ثم قالت بنبرة لطيفة:
-ربنا يعوضك بالأحسن منها.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فى شركة الالفى كان جالساً على مكتبه بكل هيبة ووقار، يحدق فى صورتها التى احتفظ بها فى محفظته، ليهمس بداخله، هل تعلمين أن عيناك أبرع لص قد التقيته في حياتي، فقد سلبت قلبي من بين أضلعي دون أن أشعر، فإن فراقك يامعشوقتي نارٌ ليس لها حدود، ولا يشعر بألم الفراق إلا من اكتوى بناره، تنهد بألم كادت يشق صدره، ففرت دمعةٌ هاربةٌ من عيناه الرومادية، فهو يشعر بأشواك تجرح حنجرته من أثر كتمان الحزن والبكى، فقال بقهرٍ:
-وحشتينى يارحيل مش ناوية ترجعى، أنا دورت عليكى كتير بس ملقتش ليكى اثر مش كفاية كدا عقاب هو أنا مستهلش أنك تسامحيني، أزاى هان عليكى تغيبى عن عيني كل السنين دي كلها، أزاى هان عليكى قلبى الموجوع منذ فراقك؟.
دلف إليه "هشام" الذى اصابه الحزن حين شاهده شارد الذهن، ووجهه يكسوه الشحوب، فجلس مقابله ثم قال بتسأل:
-أنت لسه بتفكر فيها؟.
أجابه "مراد" بصوتٍ مبحوح مليئ بالألم:
- أنا عمرى ما بطلت افكر فيها أنت متعرفش رحيل بتكون ايه بالنسبالى، دى كانت حلمي اللى فضلت أحلم بيه طول السنين واللى كنت ببنيه، دى عمرى كله والنفس اللى بتنفسه اللى لو اتقطع اموت.
-تفتكر أن هى ممكن ترجع؟.
- مش عارف أنا خايف أنها مترجعش، أصل أنا اذيتها أوى وجرحتها ياهشام، أنا هتجنن من كتر التفكير وياترى هى بخير ولا لأ ؟، اوقات بسأل نفسي ياترى هى كرهتني ولا لسه بتحبني؟
أنا بجد مابقتش قادر اتحمل غيابها عنى اكتر من كدا حاسس أن روحي بتتسحب مني، دا أنا ياشيخ مابقتش عارف أنام غير بمهدئ من كتر التفكير فيها.
تأثر "هشان" من قولهِ فقال بشفقه:
- ياااه للدرجاتى أنت بتحبها .
أجابه "مراد" بقلبٍ منكسر:
-أنا عديت مرحلة الحب معاها، أنا بتمنى أن هى ترجع علشان أعوضها عن كل حاجه، هعوضها على اذيتى ليها وعلى كل دمعة نزلت من عينيها بسببى، أنا كسرتها جامد وهى مش هتسامحنى بسبب اللى عملته فيها وخلاها تمشى وتسيب البيت.
نظر إليه "هشام" بشكٍ فقال مستفسراً:
-أنت عملت حاجه تانية فيها.
أشاح بصره لينظر إلى بعيداً عنه ثم قال بحزن شديد:
-أنا مش قادر اتكلم أكتر من كدا، عن أذنك.
عندما أنهى جملته نهض من مقعده ليجذب مفاتيح سيارته، ثم خرج مسرعاً من العمل متجهاً إلى المنزل، فلما وصل صعد إلى غرفة محبوبته كحال كل يوم، جلس على السرير ليتحسس فراشه الناعم، فتألم قلبه حين تذكر تلك الليلة المشؤومة فقال ببكاء ممتزج بالندم والحسرة:
-أنا هنا كسرتك وكسرت قلبك، حرفياً قرفان من نفسى أوى يارحيل، ازاى قدرت أكسر قلب بريئ زيك.
ثم حول بصره فى أركان الغرفة، لتقع عيناه على صورتها الموضوعة على الطاولة بجانب المزهرية، ليقول بحزن:
- أنا عمرى ما هرتاح غير لما الاقيكى،،
بعد فراقك ياعمري أصبح كل شئ يمر ببطء، حتى الدقائق والساعات أصبحت بطيئة حارقة لقلبي، لدرجة أن روحي أصبحت تكتوى فى ثوانيها،،
ومهما افترقنا سيصبح عشقى لكِ ممتدد،،
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
رفع عيناه المليئة بالدمع إلى السماء ليقول بصوت ضعيف:
- ياالله هل لذنبي مغفرة؟
هل لبشرٌ مثلي رحمة ترفق بحالته؟.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تركض خلف طفلتها فى حديقة القصر، فوقفت بجانب نافورة المياه لتحاول التقاط أنفاسها المتقاطعة، فقالت بأرهاق:
- زينه اقفى بقى تعبتيني معاكى.
ضحكت "زينة" ببراءة طفولية:
-ايه يامامى أنتى عجزتى ولا ايه.
قامت الأخرى برفع حاجبيها ثم قالت:
-مين دى يابت اللى عجزت ياأم لسان ونص أما وريتك يازينة مبقاش أنا رحيل.
لتركض خلفها مجدداً، فقامت الطفلة بالاختباء بأحضان "مروان" المسترخي على المنضدة ليضمها إلى صدره العريض، فأتاه صوتها الرقيق تستغيث به:
-ألحقني يامرواني هتاكلني.
داعب خصلات شعرها بلطف ثم قال باسماً:
- مين دى ؟.
- مامي العجوزة.
جلست "رحيل" بجانبهم ثم قالت:
-بقى كدا يازينة مامى عجوزة .
تبسم فاه الصغيرة برقة بالغة ثم قالت:
-ماما كفاية تمثيل مش لايق عليكى.
-اااه يالمضه ماشى أنتى اللى جبتيه لنفسك.
فقامت بتدغدغها فضحكت الصغيرة بشدة، ثم قالت ببراءة:
-خلاص يامامي أنا آسفة.
- تستاهلي علشان تقولى عليا عجوزة تانى.
قبلتها طفلتها برفق على وجنتيها وهى تقول بلطف:
- ماما أنا بحبك.
-وأنا كمان بحبك.
أردف "مروان" قائلاً:
-وأنا ياست زينة ماليش من الحب جانب.
- دا أنت الحب كله.
قهقهه عالياً على قولها فقال بمرح:
-بحبك وأنتى بتثبتينى كدا.
-لو أنا مثبتكش مين بس اللى هيثبتك.
حرك شعرها بعشوائية وهو يقول بنبرة ودودة:
- أقسم بالله نسخة مصغرة من أمك، وبعدين يلا روحى أقعدى مع أخوكى الكئيب اللى هناك دا، علشان عايز اتكلم مع مامى شوية.
ابتعدت عن احضانه وهى تقول ببراءة:
-أنا مش عارفة طالع لمين الواد ده.
تبسم ثغر "رحيل" بلطف ثم قالت مازحة :
- لأبوكى هيكون لمين يعنى.
أردف "مروان" الذى تبسم بخفة:
- أنتى مخلفة طفلة تحسيها ست كبيرة فى نفسها ماشاء الله، والتانى تحسيه فى ملكوت آخر.
تنهدت بعمق شديد حين تذكرته فقالت بهدوء:
- زين بيفكرني بمراد بجد شبهه فى كل حاجه حتى نظرة عينه فيها حده طالع لأبوه.
-فعلآ.
اختلست نظرة إلى أطفالها لتشرد فيما حدث لها، فبهوت وجهها وارتسمت معالم الحزن عليه، لاح "مروان" تلك النظرة المؤلمة فقال مواسياً:
-ليه بس كل الحزن اللى ظهر فى عينكى فجأة، والله مفيش حاجه مستهله أنك تحزنى عليها.
- أنا حاسه أنى تايهه وخايفه.
-خايفه !.
تحدثت "رحيل" بحزنٍ فقالت:
- خايفة أن ولادي يكبروا وهما بعيد عن أبوهم، تعرف أن هما كل شوية بيسالوا هو فين، ولما بقولهم مسافر بيفضلوا يسألوا هيرجع امتى، غير أن زينة بتعيط وبتقولى أنا عايزة بابى يكون معايا زى باقى الأطفال، وبتقولى ليه بابا سابنا ومشي وميعرفوش أن أنا اللى سبته، أنا يامروان خايفه من كل حاجه ومش عارفه اعمل ايه.
-طب ليه يارحيل متحاوليش تنسي وترجعي أنتى مش شايفه أنك كدا بتظلمى نفسك ومراد وعيالك.
ترقرقت الدمع فى عيناها لتقول بصوت مبحوح:
-أنت فاكر أنى محاولتش بس غصب عنى قلبى لسه واجعنى، أنا حبيت مراد بس هو كسرنى وخان ثقتى فيه بشكه فيا وضربه واهانته، أنا هونت عليهم كلهم، هان على أبويا أنه يخذلني ومايثقش فى بنته اللى مربيها على أيده، ولا أخويا اللى اتربيت معاه وكبرنا مع بعض هونت عليه أنه يضربني ويجرني من شعري، أنا هونت على عيلتي يامروان، أزاى عايزني أنسى كل ده وارجعلهم عادى كأن محصلش حاجه، والله كل وجع اتوجعته مكنش هين.
أردف "مروان" بحنان ليقول رفقاً:
- أنا عارف انه مكنش سهل عليكى اللى مريتى بيه، لكن هو فعلآ اتعاقب وزيادة بسبب بعدك، طب تخيلى معايا كدا لما يعرف أنه عنده طفلين وأنتى حرمتيه منهم هيبقى ايه شعوره، صمت لوهلة ثم أضاف بعقل راجح:
- خلينا نفكر بالعقل دلوقتى، لو أنتى مكانه واكتشفتى أنك عندك أطفال عمرهم ست سنين أحساسك هيبقى عامل ازاى؟، على قد ما هتفرحى على قد ما هتتوجعى أنهم اتولدوا وكبروا بعيد عن حضنه، صدقيني هيتوجع أضعاف ما أنتى اتوجعتى،،
بصى ياحبيبتى أنا مش هضغط عليكى فكرى كويس وحاولى تدى فرصة لنفسك ولمراد، لو مش علشانك علشان ولادك ومتنسيش أننا خلاص هنرجع مصر اليومين الجايين، ف عيزك تقعدى مع نفسك وتشوفى دنيتك هتمشى أزاى، وكفاية لحد كدا حزن ووجع.
ثم أشار على طفلها وقال:
-بصي على ابنك وشوفى الحزن اللى ظاهر عليه، كفاية أن معظم أوقاته بيقضيها لوحده، من رغم أنه صغير لكنه حاسس بكل حاجه حواليه، ابنك يارحيل نفسه يكون عنده أب يتسند عليه ويتباها بيه قدام زميله فى المدرسة ويشاركه فى حياته وألعابه، ولادك محتاجيين ابوهم جمبهم، فبلاش تحرميهم من نعمة وجود الأب فى حياتهم، لأنك هتخسرى فى الآخر.
أنهى جملته وهو ينهض من مكانه ليقبل رأسها بحنان ثم قال باسماً:
- هسيبك تفكرى شوية يمكن ربنا يحنن قلبك.
بعد مغادرته نظرت إلى أطفالها بحيرة وكسرة، لتشرد فى مستقبلها لعلها توصل لحل يرضيها ويرضى الطرف الآخر.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فى أرض مصر جاءت تلك العائلة لتسكن فى بيتها المُشع بالأجواء المصرية، كانوا يتجولون فى شوارعها المليئة بالأجواء السعيدة، وأثناء مرورهم من جانب مدرسةٍ ما شاهده طلاب الثانوية العامة يخرجون من الأبواب والبسمة تعلوا وجوههن جميعاً، يتضح أن الامتحان الأخير جعل فرحتهم تعلق فى أجواء السعادة، ولينتهى معها أصعب مرحلة فى حياة المرء، لتبدا مرحلة جديدة مليئة بالوعى والادراك والسعى لتحقيق الأحلام.
تفوه الجد حين سرهُ هذا المنظر فقال داعياً:
- الحمدلله أن امتحاناتهم مرت على خير، ياالله كما رزقتهم بفرحة انتهاء الامتحان ارزقهم بنتائج مبهجة ترضيهم.
رد "قاسم" قائلاً:
- يارب ياعمى ربنا يجازي كل واحد على قد تعبه.
-تعرف يابني مفيش احلى من بلدنا، مهما بعدنا وطالت الغربة هتلاقى بلدك وقت رجوعك بتستقبلك بكل حب وحنية، دا كفاية ناسها الطيبين اللى مهما لفيت العالم مش هتلاقى فى طيبتهم وكرمهم وجدعنتهم.
أجاب "قاسم" بنبرة مُبهجة ممتزجة بالحنان والشوق لأرض الوطن فقال:
- اه والله ياعمى مفيش أحلى من بلدنا، والصراحة أنا دلوقتى بقيت مرتاح لما رجعت لأصلي.
تفوه الجد بنبرة حزينة فقال:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
- ولادى وعيالهم وحشوني ونفسي أشوفهم.
- طب ماتروح ليهم.
-والله يابنى عايز اروح بس خايف من ردت فعل رحيل لو قولتلها خلينا نرجع مش عارف وقتها هتعمل ايه والصراحة خايف لترفض ماأنت عارف السبب.
أردف "قاسم" بهدوء:
-ولادها صح؟.
- لولا هما كنت خليتها رجعت من زمان.
تفوه الآخر قائلاً:
- ايه رأيك ياعمى نحطها قدام الامر الواقع ونخليها ترجع لان كدا مينفعش حرام عليها نفسها وولادها.
-أنا مش عايز اعمل حاجه تجرح كرامتها.
-متخافش احنا مش هنعمل حاجه تأذيها دا كله لمصلحتها مش اكتر.
تفوه الجد ببعض من الشوق:
-بفكر اروح النهاردة واشوفهم واللى يحصل يحصل.
ضحك "قاسم" بخفة ثم قال مازحاً:
-ايوه ياوهدان ياجامد احبك كدا وأنت مش همك حد.
تبسم الجد ابتسامة بشوشة:
-مالك ياقاسم قلبت ع رحيل كدا ليه.
صمت لثوانٍ وهو ينظر من نافذة السيارة باتجاه سيارة المتواجدة بداخلها حفيدته، فأضاف قائلاً:
-وبعدين أنا لازم انهى المشكلة دى احنا بقالنا ٧ سنين ولسه زى مااحنا.
تحدث "قاسم" مشجعاً :
-نفذ أنت ياكبير وسيب عليا حفيدتك العنيدة عليا.
فى قصر الالفى.
تحدث "هشام" بضيقٍ:
- أنت يازفت يامازن ما تجيب فيلم عدل بدل القرف اللى أنت مشغله.
-وأنا عاجبنى ده.
-هقوم ارزعك كف يلوحك.
حرك حاجبيه بتلاعب ثم قال مستفزاً:
-وماله ياحبيبى.
أردف :حمزة" قائلاً:
-ياربى كل يوم ع كدا مازن وهشام هو أنتم مش هتكبروا بقى وتعقلوا.
-لا ياحموزة.
رمى عليه المنضدة ثم قال:
- جت حموزة فى عينك أنا عمك يازفت المفروض تحترمني شوية.
رد عليه الآخر ببرود:
-إن شاء الله المرة الجاية.
وجه "حمزة" حديثه لشقيقه وهو يقول:
-شوفت أبنك اللى مش متربي بيقول اي.
أجابه "سليم" بقلة حيلة:
-محدش يجبلى سيرته أنا اصلا متبرى منه.
كاد "مازن" يرد ولكنه بتر كلامته حين رأى شيئاً واقفاً على مقربة منه، فقال بذهولٍ:
- جدو.
جذب "هشام" المتحكم من يده وقال:
-وهو فين جدك ده يابنى.
نهض من مقعده ليتجه مهرولاً نحوه ليعانقه بقوة كادت تخنق الأخر، فقال بسعادة:
-أنا مش مصدق أنك هنا.
ابعده "حمزة" ليضم أبيه برفق، ثم قال بنبرة مختلطة بالحزن:
-بابا.
أردف الجد بألم فقال بود:
- وحشتنى أوى ياحمزة.
رد الآخر وهو يقبل يد أبيه فقال:
-وأنت اكتر ياحبيبى ليه كدا يابابا تبعد عننا كل المدة دى.
-معلش يابنى كان غصب عني.
جاء إليه ابنه الأكبر ليقبل رأسه وهو يقول ببكاء:
- أنت متعرفش قد ايه غيابك كان مأثر فينا، ليه بعدت ؟.
- مكنش ينفع ابقى موجود وسطكم بعد اللى حصل.
جفف "سليم" باقى دموعه ثم أخذ يتسأل:
-هى بنتي فين، وليه مجتش معاك ؟ أرجوك طمني عليها.
أجابه الجد بهدوءٍ:
-متقلقش ياسليم بنتك بخير.
تحدث "أدهم" ليتسأل عن شقيقته فقال بحزن بليغ:
-طب هى مجتش ليه معاك هى لسه زعلانه مننا.
-رحيل متعرفش أني جيت ليكم.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
قطب "سليم" جبينه ليقول مستفسراً:
-أنا مش فاهم حاجه يعنى ايه متعرفش أنك جيت.
- بنتك مش مستعدة أنها تشوفكم.
تحدثت هذة المرة "صفا" بقلب منفطر من كثرة اشتياقها لابنتها فقالت بقهرٍ:
-بس يابابا هى بقالها كتير بعيدة عننا وهى وحشتنى ومن حقي أشوفها، ثم أمسكت معصمه لتقول راجية:
-أرجوك يابابا قولى هى فين خلينا اروحلها أرجوك.
-اهدى ياصفا وأنا والله هجبها ليكم بس اصبروا.
تحدث "حمزة" بقلب منشرح فقال بلطف:
-حنان خلى حد من الخدم يجهز أوضة بابا علشان يطلع يرتاح فيها.
-لا يابني.
-ليه يابابا اكيد حضرتك تعبان ولازم ترتاحلك شوية !.
-لا أنا شوية و هقوم أمشى، تجمعكم حواليا دلوقتى بالدنيا ومافيها.
تحدث "مازن" بصوت مرح فقال متسائلاً:
- أه صح ياجدو جبتلي ايه معاك حلو من ألمانيا ها قولي.
شع وجه الجد بالفرحة اللامتنهية:
-جبتلك حاجه هتعجبك أوى بس مع رحيل مش معايا.
افترّ فاه "مازن" مندهشاً:
- دا بجد.
-ايوة.
فى اليوم التالى..
كانت جالسة فى الشرفة تنظر إلى السماء الصافية التى تجعل الروح تستكين مهما حملت من صعاب، يكاد المرء يتعب من إطالة النظر إليها فجمالها كالفيلم الذي لا نهاية له، فأتت إليها "رهف" وهى تضع حقيبتها على ظهرها، ثم قالت بحماس:
- مش يلا ولا أي.
أردفت "رحيل" بلهجة متضطرية فقالت بتوتر:
- مش عارفة اللى أحنا بنعمله ده صح ولا غلط.
- مش أنتى نفسك تشوفيهم؟.
- طبعاً.
-يبقى قرارك صح.
فركت يدها بارتباك ثم قالت:
-خايفة من رددت فعلهم، أصلك متعرفيش ندى ونور دا ممكن يقتلوني بسبب فراقي ليهم من غير ما أعرفهم مكاني.
أردفت "رهف" مشجعة:
- سبيها على الله وهو هينصرك.
نظرت إليها الأخرى باسمة ثم قالت برقة:
-أنتى ليه محسساني أننا رايحين نحرر فلسطين.
-يسمع من بؤك ربنا ويحررها فعلاً من بطش القوم الظالمين.
تحدثت "رحيل" بكل ثقة ووقار وهى تنظر إلى السماء فقالت باسمة:
- ورب السماء والأرض لينصرنهم فى يومٍ سيفرح به العالم بأكمله.
- عارفة أن النصر قَريب...وقَريب جداً كمان، وهذا يقيني بالله.
مرت اكثر من ساعة فولجت "رهف" إلى المطعم التى اتفقت عليه مع صديقات "رحيل"، فلما رائتهم جالسون فى ركنٍ بجانب الحائط تقدمت نحوهم، ثم قالت بلطف:
- السلام عليكم، أنا رهف اللى كلمتكم فى الفون.
رددت "ندى" بابتسامة بشوشة:
- وعليكم السلام، اتفضلى حضرتك خير كنتى عيزانا فى أمر مهم، ياترى ايه هو.
أجابت "رحيل" التى أقبلت إليهن فقالت باسمة:
- هو الواحد لازم يعمل عليكم فيلم عشان يشوفكم.
نظروا إليها بصدمة جعلتهما يتصنموا فى أماكنهم، فأضافت هى:
-هو أنا موحشتش حد فيكم ولا ايه؟.
وعلى حين غرة ارتمت "ندى" بين ذراعيها لتعانقها بقوة ثم قالت ببكاء:
- حرام عليكى اللى أنتى عملتيه فينا، بجد غيابك وجعنا كلنا يارحيل.
مسحت على شعرها برفق ثم قالت معتذرة:
-حقكم عليا.
ابتعدت عنها لتوجه حديثها إلى صديقتها الأخرى:
-مالك يانور مش ناوية تسلمى عليا.
اشاحت "نور" وجهها بحزن وقد ترقرقت الدمع فى عيناها ثم قالت:
-اللى هنا عليه فراقنا، يهون علينا لما يحاول يرجعلنا تانى.
طأطات رأسها بألم ثم قالت بحزن:
- محدش فيكم هان عليا، أنا اللى هونت عليهم كلهم، أنتى بالذات المفروض تراعى اللى مريت بيه لأنك صحبتي واختي وعارفة عني كل حاجه.
فجاءت أن تذهب من أمامهم ولكن "نور" اوقفتها وهى تقول ببكاء:
- عمر اللى حصل ما هيغير صداقتنا وعلاقتنا ببعض، متزعليش مني أنا كنت زعلانه من بعدك مش أكتر، بس مش مهم المهم أنك رجعتي ليا بالسلامة وكل شئ بعد كدا يهون ياصديقتي.
ثم عانقتها فبادلته الأخرى هذا العناق، فنزلت من عين "رهف" دموع التأثر والشفقة، فقالت برقة:
- الحمدلله دلوقتى اقدر اقول رجعت المياه لمجاريها.
نظرت إليها "ندى"متفحصة ثم قالت بتسأل:
- مين دي؟
أجابتها "رحيل" متبسمة:
- دى ياستى بنت عمو قاسم اكيد تعرفوه.
- طبعآ.
- المهم خلونا نمشى فى حد كدا عايزة أعرفكم عليه.
تحدثت "نور" بتسأل:
- مين ده؟.
- هتعرفوا لما نوصل.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
صف سيارته أمام المنزل التى تقيم فيه محبوبته، هبط منها ليقف بمكان قريب خلف أغصان الشجر حتى لا يراه أحد، مرت دقائق عليه وكأنها كالدهر، فلما ابصر بها دبت فى نفسه مشاعر الشوق والحب، ولكنه بُهت حين وجد طفلين يركضون حولها فى فرح وسعادة، وحين شاهد اقترب رجلٌ منها قام باحتوائها بين ذراعيه مقبلاً مقدمة رأسها، فقد ارتسمت على محياها ابتسامة مشرقة دليلاً على فرحتها، أغمض عيناه حزناً فهمس قائلاً:
- تأخرت يامراد لدرجة أنها بقت لراجل غيرك، أهو اللى كنت خايف منه حصل.
انهى حديثه مع سقوط دموعه التى احرقت ذاته، فقد فارقته روحه فى هذة اللحظة
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كان واقفاً على منحدر عالٍ فوق الجبل، فقد تغيرت حالته كثيراً منذ رؤيتها فى تلك الليلة، قد بات عليه أمارت الألم، شعر وكأنه تخطى الخمسين من عمره فى هذة الأيام الثقيلة، فهو لم يعد كما كان ذاك الشاب القوى المتفائل، لقد ملأ اليأس فؤاده وتمكن الحزن من ذاته، وأصبحت جميع الأشياء باردة بالنسبه له منذ غياب معشوقته، ظهر التعب والأرق عليه وكان هذا ظاهراً تحت عيناه الذى يسكنها سواد الليل المستوطن تحتهما، تحسر على ماوصلت إليه حالته، بعد ما كان لا يقهره شئ، ولكن الآن بات رجلاً ضعيفاً فقد أغلى ما لديه، انسكبت الدموع على خديها من شدة الهم الذى يحمله على عاتقه، فبدأ بكائه يعلو رويداً رويداً وكأنه فى ميتم، فرفع يديه إلى السماء ليقول بألم يعصف كيانه:
- يارب أنا عبدك وأنت ربي فرفقاً بحالي، ارحم ضعفي وقلة حيلتي ياصاحب الرحمة،،
فلما وضع يده على قلبهِ أردف بنبرة حزينة متحشرجة من أثر البكاء:
-يارب هذا قلبي وأنت مالكه فأرح نبضاته التى تؤلمني، فما ذنبي أن أحببت أحداً ليس من نصيبي، فما ذنبي؟.
قاطعه وقوف رجلُ بجانبه فكان عجوزاً يتكأ على عصا سوداء، فقال:
- يابني لا تحزن عسى غداً يحقق الله مرادك، ليُقر عيناك وفؤادك بالجبر بعد طول الانتظار والصبر.
حدق به "مراد" متعجباً، ليكمل العجوز صاحب الشعر الأبيض قائلاً:
-يابني لا تحزن وتذكر عظمة ربك فهو عليك هين، وما أدراك لعلى ما تريده وتحتاجه هو نفسه ما يريده الله لك، يابني أيا كان الذى تمر به سينتهي يوماً وكأنه لم يكن.
تحدث "مراد" متسائلاً:
-أنت مين؟.
أجابه العجوز ذو الوجه البشوش وعلى لسانهِ قولٌ جميلٌ:
-أنا الغريب فى أرض الحبيب، أنا عبد الله الذى لا أرجو سواه، أنا الفقير بين يدى الحبيب الذى إذا سأله أجاب، أنا الذليل الذى يقرع باب عظيم السلطان والجاه، أنا عبد الرزاق الذى يُعطى بسؤال وبغير سؤال، أنا يابني رجلٌ عجوزٌ شيب الشعر ضعيف البدن فقل ليّ:
من ذا الذى يأوي العجوز غير سواه، فإنه أكرم الأكرمين الذى بيده الأمر والتصريف، فهو الله أعرف المعارف لا يحتاج إلى تعريف،
وعسى ربك يبدل الحال لحال يرضيك فهو الحامل للأقدار، فذهب إليه وسأل سؤالك حتى يُنجيك.
ثم سار بخفة وهو يدب العصا بالأرض و يكرر قوله:
- الملك لك ياصاحب الملك، الملك لك ياصاحب الملك، الملك لك ياصاحب الملك.
ظلّ يردد حتى ابتلعه ظلام الليل الدامس، بينما "مراد" ذهب خلفه ليبحث عنه لكنه لم يجد له أثراً، فوقف مذهولاً من هذا الغريب الذى ظهر له من العدم، طقطق شعر رأسهُ عندما عمّ السكون وهدأت حركة الهواء، ليبدأ صوت عويل الذئاب فبدأ يعلو تدريجياً وعلى حين غرة هبت رياح قوية محملة بالأتربة كادت تطيح به فى الهواء.
فى صبحية اليوم التالى.
كانت "ندى" تجر "مازن" خلفها لتقف مقابل البيت التى تسكن به شقيقته، فهتف الأخر منزعجاً:
- ياندى أنتى جرانى ع فين كدا.
تنهدت بعمقٍ ثم قالت بلطف:
- ماهو لو صبر القاتل على المقتول كان مات لوحده.
فأردف بمزاج معكر فقال:
-مش عارف أنا ايه اللى خلاني اسمع كلامك.
لحظات وفُتح الباب تلقائياً، ليلجوا إلى الداخل ليسروا معاً من خلال الممر المؤدي إلى غرفة المعيشة، فنشرح صدر "مازن" ليردف بسرور وبهجة فقال غامزاً:
-الله عليكى ياندوش بقى يابت أنتى جيباني هنا يالئيمة علشان تستفردى بيا براحتك صح، طب مش كنتى تقولى كدا ياشيخه من الأول وأنا كنت ظبتلك احلى ليلة ياعسل أنت.
قاطعه صوت شقيقته من الخلف وهى تقول ضاحكة:
- مش معقولة يامازن هتفضل طول عمرك كدا لسانك طويل وبتاع بنات.
بينما هو تسارعت ضربات قلبه شوقاً أحقاً ما سمعته أُذنيه حقيقة أم خيال، فلما استدار إليها وجدها تقف أمامه بأطلالتها المشرقة، طفرت دموع الفرحة من عيناه فدن منها ليلمس وجنتيها برفق ليقول معاتباً:
- اااه يامن هانت عليها فراقي، أهان عليكي تؤامك.
نظرت إليه بعينان تسكنهما دمعة والم يسكن قلبها، فقالت بندمٍ:
- لم تهن، حقك عليا.
عانقها بقوة لتستقبل هى عاتبه الحزين بصدر رحب، على الرغم من أنها غارقة فى قاع البؤس ولكنها كانت هادئة، ابتعد عنها قليلاً ليملأ عيناه من النظر إليها، فافترّ فاهُ عن بسمة فارحة ممتزجة بالحنان، مد يده ليمسح دمعة عالقة على جفن شقيقته، ثم قال بلطف:
- كفاية حزن لحد كدا لأن لو فضلنا فى دوامته عمر اللى فات ماهيرجع.
-عندك حق ياحبيبي.
جذبته من ساعده بروح منشرحة وعلى معالم وجهها الفرح والسرور، فقالت مبتهجة:
-تعالى أوريك الهدية اللى جبتها ليك من ألمانيا.
تهلّلت أساريره والتمعت أعيُنه سروراً فقال بمرح:
-والله أنا دايماً بقول البت رحيل دى بنت حلال.
ضحكت "ندى" بخفة ثم قالت مازحة:
-ماتصدقهوش دا كداب هو بيقول كدا عشان مصلحته مش أكتر.
تحدث "مازن" مستعطفاً:
-تعرفى أنك ياحبيبتي قطاعة أرزاق ماتسيبي الواحد يشوف رزقه الله.
استقبلتهم العائلة بترحاب شديد، فجاءت الطفلة راكضة فى سرعة وسرور كالعصفور الطلق الذى غادر قفصه، فكانت مفعمه بالحيوية والنشاط، أوقفتها "رحيل" قائلة:
- زينة كفاية لعب.
أردفت الصغيرة بصوت ملائكى ناعم ورقيق وهى تقول:
-حاضر يامامي بس أنا جعانة.
لمست خدها بحنان ثم قالت بنبرة لطيفة:
-من عنيا ياقلب مامي هجبلك تأكلى.
افترّ ثغر "مازن" الذى اعتلت ملامحه معالم الصدمة والدهشة ليقول مستفسراً:
-مامي ازاى!.
خاطبته "رحيل" بنبرة متزنة هادئة فقالت:
-دى بنتي.
أردف متسائلاً:
-أنتى اتجوزتى؟.
تذبذب كيان "رحيل" فهى لا تعلم بماذا ستخبره، قطع تفكيرها صوت أنقذها من هذا المأزق، فكانت طفلتها التى رنة ضحكاتها فى أرجاء البيت، فتفوهت بطريقة معبرة تصف بها خالها فقالت بنبرة فُكاهية:
- مامي ده طلع فعلآ شبهك بس عنده شنب كبيييير.
بينما الآخر لازال فى حالة ذهولٍ تام، فقال مندهشاً:
-أنا مش فاهم حاجه مين دي!.
أشرقت عيناها فخراً وهى تحول بصرها إلى طفلتها ثم قالت:
-هفهمك كل حاجه بس ممكن تقعد كدا وتسترخى لحد ماجبلك حاجه تشربها.
عندما اتجهت إلى المطبخ جلس على المقعد بأرتياح ليحول بصره بجميع الاتجاهات مستكشفاً للمكان، فلما وقعت عيناه على المقعد الجانبي وجد طفل ذو شعر أشقر عابس الوجه، طال النظر إليه فبدت علامات الدهشة والحيرة تتملك منه، فحول بصره باتجاه "ندى" وهو يشير باصبعه للطفل ليتسأل:
-مين ده كمان؟.
أجابه الصغير بلهجةٍ غاضبةٍ عابسةٍ فقال متذمراً:
- أنا ابن مامي.
حدق "مازن" به فعقد مابين حاجبيه وقال متعجباً:
-اللى هو ازاى مش فاهم، أنت مين وهى مين ومامي مين، الله يخربيتكم أنا ايه اللى جبني هنا، أنا عايز اروح!.
عضت "ندى" على شفتاها لمنع ضحكاتها من الخروج، فهيئة "مازن" من هول الصدمة بدأت مضحكة بعض الشئ، فقالت باسمة:
-مالك بس ياحبيبي ايه اللى حصلك.
- أنا حصلي ارتجاج فى المريئ.
-قصدك ارتجاج فى المخ.
-تؤ ارتجاج فى المريئ، وبعدين ايش فهمك أنتى دى حالتي وأنا عارفها.
ضربت الأخرى كف على كف بقلة حيلة لتقول ضاحكة:
-لاحول ولا قوة الا بالله خطيبي اتجنن ياجدعان.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فى اللحظة التى كان فيها قرص الشمس يختفى خلف الأفق ولج
الحارس ليخبر أهل البيت قائلاً بأحترام:
-استاذ قاسم فى راجل بره عايز يشوف حضرتك.
رد عليه الآخر متسائلاً فقال:
- متعرفش هو مين.
-للأسف لأ، اقوله يدخل ولا أمشيه.
-خليه يتفضل لما نشوف مين ده وعايز اي.
على الجانب الآخر فى غرفة المعيشة وضعت "رهف" باقة الزهور فى المزهرية القرموزية، لتدور حول نفسها بسرورٍ وحبور، لتصيح "رحيل" غاضبة على طفلتها التى بعثرت أوراق الجريدة أرضاً فقالت عابسة:
-حرام عليكى يابنتي بتعملى ايه.
أردفت الطفلة ببراءة وهى تضع طرف القلم فى فمها فقالت متلعثمة:
-بحل الكلمات المتقاطعة.
أخذت تلملم أدوات التلوين والأوراق المتناثرة، فقالت منزعجة:
- وأنتى أيش فهمك فى الكلمات المتقاطعة.
أردفت "رهف" مبتسمة:
-ما تسبيها على راحتها يارحيل، بنتنا ذكية وحابة تقوى ذكائها ونشاطها.
نهضت الصغيرة من مكانها لتشد ثوب رهف وهى تقول برقة:
- أنا عايزة ورد من البتاعة دى.
ثم أشارت نحو المزهرية، فقامت الاخرى بجذب واحدة منها لتعطيها أياها، فقفزت الصغيرة بسعادة لتقول:
- شوفتى يامامي لونها حلو أزاى.
مسدت على شعرها برفق وهى تقول:
- حلوة زيك يازينة، و يلا أطلعى على فوق لأخوكى.
-حاضر.
فلما استدارت "رحيل" للخلف رجت الصدمة كيانها وسيطر عليها الاضطراب الشديد، ليصيبها ألمٌ قوى هدّ أوصالها، كانت تحدق بأبيها تحديق المعاتب المقهور، فبدت عيناها تغرغر بالدمع حين تذكرت كلماته اللاذعة، أنه أبيها الذى تخلى عنها حين توسلت إليه راجية تصديقها وحمايتها من بطش الظالمين، أنه أبيها الذى قال أبنتى توفها الله وهى على قيد الحياة، كل تلك اللحظات تداهمت وتزاحمت بداخل عقلها، فكانت نظرتها المطفية تحكى كل شئ، فكانت تعاتبه بلغة الأعين قائلة، لماذا تركتني وحيدة عندما تخلى عنى من أحببت، لماذا خذلتي يا أبي حين مددت يدى لك مطالبة الحماية والأمان؟، لقد تركت أثراً مازال يؤلمني، بينما هو كان يتأملها بشوقٍ، فقال بنبرة حزينة:
-أنا أسف يابنتي على كل الأذى اللى اتسببته ليكى.
هربت الدموع العالقة باهدابها الكثيفة لتقول بصوت مهزوز:
-أسف!، أسف على ايه ولا ايه، دا أنا بسببكم فضلت عايشة طول السنين اللى فاتت فى تعاسة وحزن، ولحد دلوقتى مش قادرة اتخطى اللى حصل ولا قادرة اتحمل وجع الخذلان اللى اتعرضتله منكم، أنا يابابا مكنش ليا غيرك اروحله وأطلب منه يسمعني، لكن أنت بعدتني عنك بكل قسوة وكأني مش بنتك.
تحدث "سليم" راجياً:
-أرجوكِ اسمعيني.
أجابته بنبرة متالمة فقالت بأرق:
- أسمعك وكان مين سمعني منكم وأنا بحاول أدافع عن نفسي، قولي لو الأهل ماهتموش بأمور بناتهم وحاولوا يسمعوهم كان مين هيهتم بيهم ويسمع مشاكلهم ويحاول يحلها، دا كان أنا مسكت رجليك واتحميت فيك وطلبت مساعدتك لكن أنت عاملتني بقسوة وبعدتني عنك، ولما استنجدت بيك لما ابن أخوك كان بيضربني عملت نفسك مش سامع وكأني مش حته منك بتتأذى قدام عينيك، ودلوقتى جاى تقولي أسف واسمعيني، صمتت لوهلةثم أضافت ببكاء وهى تكرر قولها:
- ولما أنا أسمعك مين هيسمعني وهيتحمل معايا حزني وألمي، مين فيكم عنده القدرة أنه ينسيني الماضى.
اختلست نظرة إليه بأعين حمراء باكية، لتكمل قائلة:
-صدقني لو كنت سمحت لنفسك دقيقة تسمعني فيها مكناش وصلنا للمرحلة دى، كنت أنت الوحيد المفروض تقول بنتي مستحيل تكدب وتخون ثقتي فيها، دا ياشيخ لو العالم كله صدق عني أني وحشه المفروض أنت كأب متصدقش، وتقول بنتى عمرها ماتحط رأسى فى الأرض ابداً .
جففت عيناها الذابلة بظهر يدها لتقول بحده:
-ودلوقتى آسفك مرفوض، أصل مابقاش عندي القدرة أني اسامح اللى خذلني فى يوم من الأيام.
أنهت حديثها لتهرول من أمامهم لتجر معها خيبة الخذلان والحسرة.
فمن منّا لم يتجرع مرارة الخذلان فى كأس مكسور الحواف، فكل واحد منا مر بهذة التجربة ولكن بطريقة مختلفة!.
نكس رأسه بندمٍ ليربت "قاسم" على كتفه وهو يقول مواسياً:
-متزعلش منها ياسليم هى مش قصدها تجرحك بكلامها.
أردف "سليم" بنبرة يكسوها الحزن والحسرة فقال بألم ينخر حنجرته:
- مش زعلان منها، أنا زعلان من نفسي ياقاسم لأن خذلت بنتي ووصلتها للمرحلة دى، أنت مش شايف الكسرة والألم اللى ظاهر عليها.
- كل حاجه هتتصلح ياصاحبي وهترجع أحسن من الأول، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فاصبر وتوكل على المولى.
ولج إليها الجد ليجلس بجانبها ليراها تبكى فى صمت فقال بهدوء:
- ياحبيبتي أهدى عارف أنه غلط فى حقك، ولكن مفيش بنأدم على وجه الأرض خالى من العيوب والأخطاء، وهو جه واعتذر فاغفرلى له.
نظرت نحوهُ بأعيت ممتلئة بالدمع فقالت بنبرة حزينة:
-أنت بتدافع عنه عشان ابنك.
تبسم الجد بخفة ثم قال:
-ما أنتى بنته وحفيدتي.
مسد على خصلاتها الناعمة بحنان وعطف ثم قال بعقل راجح وحكمة:
-الدنيا دى يابنتى دار بلاء ومحن، فما سلم منها أحدٌ من الهم، فأنسى الماضى وأغلقى على ملفاته وارميها فى زنزانة الإهمال والنسيان، والتمسِ الأعذار لمن أساء لكِ، علشان تقدرى تعيشى فى سكينة وهدوء، ومتخليش الشيطان يوسوس لكِ بقطع الأرحام ويعيشك فى نكد وغم، يابنتي متزعليش من حد فوالله الحياة أقصر مما تتصورى ماأنتى متعرفيش الموت هياخد مين فينا الأول،،
نسيتي وصية رسولك لما قال لا يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث أيام، وأنتى هجرتى أهلك ٧ سنين وده ميرضيش ربنا، فالحياة أصلاً تافهةٌ زائلةٌ لا تستحق دقيقة واحدة من أننا نزعل من بعض ونشيل جوانا،
دا غير أن كلنا فى مركبة واحدة ابتلينا بالحزن والألم طول الفترة اللى فاتت، فلا تزديها غماً وهماً فما فيها يكفيها.
-عايزني أنسى كل اللى حصل بسهولة!.
-اه أصل عقلك لو فضل يفكر فى المصائب اللى حصلت وضخم حجمها صدقيني هيتكوى بنارها، أنتى بس غمضى عينك لدقيقة واحدة وفكرى فى النعم اللى ربنا وهبها ليكِ من وراء هذا البلاء وقتها بس هتلاقى قلبك عمرَ بالسرور والسعادة، وشردت روحُك كالعصفور، وصار فى صدرك بستانُ الأفراح والبهجة،،
فالحياة أمامك كما هى فيها سرورٌ وحزنٌ، وأمنٌ وخوفٌ. وراحةٌ وتعبٌ، فاختارى منهما ما يُسعدكِ ويشرح صدرك، قدامك فرصة لتصلحى ما افسده الآخرون.
ربت على يدها برفق وهو ينهض ثم قال بلطف:
-الرضا يابنتي بوابة السعادة ومفتاح الراحة، فارضِ بحكم الله وقدره، وثقى فى قضائه، وسلمِ أمرك لرب السماء والأرض، يُكفيكِ همك، فمن رضا عاش أجمل وأروع وأبهى حياة.
فخرج من الغرفة بهدوءٍ تام ليتركها تفكر فى مصيرها لتحدد ما تريده.
فى الأمسية
ساورتها حيرة شديدة من حديث جدها فبقيت تجوب الغرفة جيئة وذهاباً، خفق قلبها وتسارعت نبضاته حين أعلن هاتفها عن اتصال مُفاجئ، فلما أجابت على المتصل تسمرت مكانها وجمد الدم فى عروقها، وأحست بثقل فى رأسها حين ساورها الدوار، فامسكت بطرف الطاولة حتى لا تسقط، فألقت الهاتف على الفراش ثم أسرعت بخطواتها إلى الخارج.
ما أقبح أنا تكون حياتنا مهرجاناً دون أنوار، فهى مليئة بالعتمة والأسى، فبكل آسف كان هنا صرخات تتعالى فى كل ركن من أركان البيت، وقفت متصنمة عندما وجدت شقيقها الأكبر جالسٌ على الدرج واضعاً رأسه بين يديه بحزنٍ وأسى، فكان صوت بكائه عالياً فلما رائها قال بشهقات متقاطعة:
-بابا مات يارحيل، مات قبل ما أنتى تسامحيه، مات وكان نفسه يشوفك ويحضنك، كان نفسه تبقى جمبه لكنه مات قبل مايحقق أُمنيته، بابا مات وسابنا لوحدنا فى الدنيا من غير ضهر ولا سند.
صعدت على الدرج بخطوات ثقيلة، فلما ولجت إلى غرفته وجدت نسوةٌ العائلة مرتدين الثوب الأسود يقفن على الصفين، حولت بصرها باتجاه الفراش فشاهدت أبيها مكفنٌ بالقماش الأبيض، وفى هذا الأثناء شعرت وكأن الزمن توقف عند تلك اللحظة، تسارعت وتيرة تنفسها، عندما تفوهت والدتها التى عانقتها بشدة وهى تبكى:
-سليم مات وسابنا يارحيل.
أنكرت هذا القول فقالت بعدم أدراك:
-مستحيل دا كان عندى النهاردة، أكيد بتكدبوا عليا.
فقامت "صفا" بازاحة طرف الكفن ليظهر وجهه الشاحب المائل إلى اللون الأصفر، كانت تحدق به تحديق الخائف ثم أحست وكأن عموداً من الثلج جمدها فى مكانها.
أنتهت مراسم الجنازة وهدات الأرجل، كانت جالسة بجانب القبر واضعه كفها عليه لتتحسس دافئه، أغرقت مياه عيناها كلتا خديها.
بكيت عليك ياأبي حتى انقطعت أنفاسي، لا شئ أصعب من أن تكون بعيداً والتراب مثواك، مازلتُ غير قادرة على الاستيعاب بأنك لن تكون بيننا بعد الآن، وهذا مايؤلمني، ليتني كنتُ سمحت لك بأن تجلس معي هذة المرة، ليتني كنتُ سمعتك كما أمرتني، ليتني كنتُ بجانبك ولم افترق عنك.
أخذت تزيح التراب بيد مرتعشة وهى تردف ببكاءٍ مريرٍ كاد يُمزق أحشائها:
-يابابا أنت سامعني، يابابا قوم يلا أنا جيت علشان اسمعك، مشيت ليه قبل ما حضنك وأشبع منك، مشيت ليه قبل ما نتصالح ونرجع زى زمان، مشيت ليه يابابا وسبت بنتك، سبت بنتك لمين من بعدك ياحبيبي؟.
سندت جبينها على القبر وقالت هامسة:
-يعز عليا فراقك ياعمري، يعز عليا فراقك يابابا، ياريت التراب كان خد روحي بدالك.
ثم قامت بنهش التراب مجدداً بأظفرها وهى تصرخ بعنف:
-يابابا أخرج علشان خاطرى ماتسبنيش يابابا.
جاء "مراد" ليبعدها برفق وهو يزيح من يدها التراب، فقال بحزن:
-حرام اللى بتعمليه ده، ادعيله بالرحمة والمغفرة.
نظرت إليه بعينان تسكنهما الحزن والألم فقالت ببكاء:
-بابا يامراد ازاى هان عليكم تدفنوه فى التراب، ازاى جالكم قلب تسبوه لوحده فى القبر، ازاى هان عليكم فراق سليم؟.
احتوائها بين ذراعيه ليقول بنبرة ممتزجة بالبكاء:
- مكنش هاين عليا لكن ياحبيبتي الموت علينا حق ودفن الميت فى التراب واجب.
حبست أنفاسها بين صدرهُ لتنطلق من أعماقها صرخة قطعت أحبالها الصوتية، صرخةٌ مؤلمةٌ كادت تمزق فؤاد الحاضرين.
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
اضطربت نفسها وتسرب الهلع إلى فؤادها واصفرّ وجهها من ذاك الحلمُ التى رأته فى منامها، فأطبقت عيناها لتسترد أنفاسها وحمدت ربها أنه مجرد كابوس ولم يكن واقع أليم، أخذت تسمح قطرات العرق من على جبينها، ثم مدت يدها لتطفئ ضوء المصباح التى تركته ليلاً، فقد أشرقت شمس يوم جديد، لتنهض من مكانها وهى تفكر فيما ستفعله اليوم، بعد عدت ساعات وقفت امام منزلها القديم بحالة كئيبة منكسرة، فقد خرجت منه منذ سبع سنوات والآن ترجع إليه بكامل أرادتها بعدما فكرت جيداً فى حديث جدها لتعمل بنصيحته فى عدم قطع صلة الرحم بين أبويها، لذا هى الآن متواجدة هنا، ولجت من الحديقة الخلفية لتسير من البهو المؤدي إلى مكتبة أبيها الخاصة، فهي على علم ودراية بأن والدها فى تلك الساعة يكن متواجداً فى مكتبته يعمل على قراءة الكتب، فقد عزمت على أن تلتقى به أولاً ثم ستقابل باقى العائلة، فلما وقعت عيناها عليه رأته جالساً على كرسياً يطالع أوراق الشجر المتأرجحة فى الخارج بعينين حزينتين تحكى قسوة السنون التى قضاها مُنذ غياب ابنته، فأصبحت خطوات التجاعيد تملأ وجهه، وشعره بدأ يميل للون الرمادي، فرفع يده ليمسح أثر لغباراً قد دخل فى عينيه، بينما "رحيل" فطفرت دمعه من مُقلتها عندما وجدته فى تلك الحالة السيئة، وعلى حين غرة جلست تحت قدميه وهى تناديه بصوت ضعيف:
-بابا.
حول بصره باتجاه صوتها ليراها جالسة تحت رجليه تبكى بندم، فبالرغم من تواجدها الذى صدمه إلا أنه عانقها بحزن بليغ وهو يجهش بالبكاء كالطفل الصغير الذى فقد أمه، فقال بنبرة متأثرة:
-أنا مش مصدق نفسي أنك هنا بين ايديا، كنت فاكر أني مش هقدر احضنك تانى ولا أشوفك، أنا أسف يابنتي أسف على كل خذلان ووجع سببته ليكى.
ربتت على ظهره بشفقه فسمعته يبكى قائلاً:
-أنتى سامحتيني صح يارحيل.
- لو ما كنتش سامحتك كان زماني مش موجودة هنا.
-يعنى بجد سامحتيني.
-وجودي معاك دلوقتى أكبر دليل على أني سامحتك يابابا، أصل الدنيا مش مستهلة أننا نقضيها فى خصام ومقاطعة بعض.
ابتعد عنها قليلاً ليمسد على خصلاتها برفق وهو يقول بحزن:
-أنا عرفت كل اللى حصلك من مراد وأنك عندك أطفال منه، وطبعا لما عرفت أنه أذاكى طردته من البيت نهائياً لأن مش طايق وجوده معانا بعد القرف اللى عمله وكان لازم يتعاقب بحرمانه من شغله وبيته وكل حاجه كان يملكها، أنا بجد اتخدعت فيه ومكنتش أعرف أنه بالقذارة دي.
قامت "رحيل" بطرح سؤالها فقالت:
-طب حضرتك متعرفش هو فين.
اجابها بضيقٍ فقال:
-لا معرفش ومش حابب اعرف إن شاء الله يكون فى جهنم الحمرا، أنما أنتى بتسألى ليه!.
جمعت شعرها بلين على جانب واحد وهى تقول بحرج:
- عادى مجرد سؤال.
كان يحدقها بها بشوق ثم قال بلطف:
-أنتى متعرفيش قد ايه كنتى وحشانى، دى صفا هتفرح أوى لما تعرف أنك هنا.
تبسمت بخفه لتنهض من مكانها وهى تقول برقة:
-أنا عايزة اشوفها.
نهض معها ليسروا إلى الخارج متجهين إلى حيث تمكث زوجته، بعد دقائق معدودة كانت جالسة بجانب والدتها التى عانقتها بشدة فبادلته الأخرى هذا العناق بترحيب وسعة صدر، فأردفت "صفا" بتأثر وحزن فقالت:
-وحشتينى اوى يابنتى، أرجو أنك تغفرى لي قسوتي ومعاملتي السيئة معاكي، كل اللى عملته كان على سوء جهل مني، أنا عمري ماكنت بكرهك يارحيل، دا أنتى بنتي حته منى و مفيش أم بتكره ولادها مهما كانت قاسية عليهم.
رددت عليها الأخرى مهدئة فقالت بنبرة لا تخلو من الرحمة:
-أنسى كل اللى فات ياماما وخلينا نبدأ من جديد وصدقيني أنا مش زعلانة منكم.
أردفت "صفا" بعد ما سرت فى نفسها فرحةٌ غامرةٌ فقالت باسمة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-طبعاً هنبدأ من جديد ومش هيبقى فى زعل بعد كدا.
-يااااه ياماما دا حضنك طلع حلو بشكل، ابقى أحضنيني كل شوية.
مسحت خصلاتها بلطف ثم قالت بندم:
-أسفه على كل لحظة بعدتك عني فيها.
ولجت "نور" إليهما والتى كانت تحمل فتاة صغيرة تشبه عمتها إلى حد كبير، فمدت يدها لصديقتها لتعطيها الصغيرة فحملتها الأخرى بسعادة وسرور وهى تقول بداعبة:
-ياماشاء الله ايه القمر ده.
تفوهت "نور" بنبرة مرحة فقالت:
-ايه رأيك فى إنتاجي جميل مش كدا.
رددت "رحيل" وهى تقبل الصغيرة فقالت بنبرة فارحة:
-جميلة أوى يانور وطالعة كمان شبهي.
ضحكت الصغيرة بخفة وهى تعبث فى شعر عمتها البرتقالي التى أعجبها لونه، فقالت مبتهجة:
-بنتك عجبها شعري وشكلها كدا ناوية تقطعه.
-براحتها تعمل اللى هى عوزاه.
-طبعاً هو أنا قولت حاجه دي قلب عمتها فداها شعري كله، الا قوليلي هى عمرها قد اي؟.
-سنة ونص تقريباً.
-تقريبا!.
مرت عدت دقائق ليست كثيرة، فدلف شقيقها الأكبر والذى يبدو عليه الاضطراب الشديد، فهو خائف من تلك المواجهة ومن رددت فعل شقيقته التى أساء إليها، فبُهتت "رحيل" حينما شاهدته أمامها يطالعها بنظرات نادمة، فنظر إلى زوجته بتردد فبادلته النظرة بثقة لتشجعه على التقدم نحو شقيقته ليبث اعتذره لها، استرد أنفاسه ثم بدأ يسترسل كلماته فقال بحسرة:
- رحيل أنا مش عارف اقول ايه ولا ابدء كلامي أزاى، لكني حابب اعتذر منك على عدم ثقتي الكافية فيكي.
نكس "أدهم" رأسه بحزنٍ وندمٍ، وقال بنبرة متحشرجة:
-آسف، آسف على كل حاجه وحشه أنا عملتها.
دبت فى نفسها مشاعر الشفقة، و مالبث ثوانٍ فوجدها تمسح على شعره مسحة حنان، فذرف دمعة عالقة فى جفنه، فقالت برفق:
-مهما عظمة الاختلافات وكثرة الأخطاء هنفضل فى الأول والأخر أخوات وملناش غير بعض ياأدهم.
أجهش فى البكاء وهو يعانقها أسفاً وحزناً، وقال:
-أنتى ازاى كدا، أزاى بعد اللى عملته فيكى سامحتيني بالسرعة دي؟.
ربتت عليه بطيبة قلب ثم قالت:
- مش قولتلك أننا فى الأول والأخر أخوات وملناش غير بعض، وبعدين ياسيدى أنت نسيت كرم أختك.
ضحك بخفة وهو يحاوط وجهها بين كفيه ثم قال بلطف:
-طبعاً هى دي حاجه تتنسى من كتر كرمك غبتى عننا سبع سنين بس.
تبسمت "رحيل" ابتسامة بشوشة وهى تقول:
-شوفت أنا كريمة أزاى، عشان كدا لازم تشكروني أني ماغبتش العمر كله عنكم.
أردف أبيها وهو يضيف حس فُكاهى للمكان:
-ياااااه يابنتي بجد شكرا لولا كرمك الكبير مكناش شوفناكى.
انحنت بطريقة مضحكة وهى تقول بسعادة:
- شكرآ شكرآ على كلامك الرائع.
نظر إليها شقيقها ليقبل مقدمة رأسها معبراً على مدى سعادته بلقاها، فهى تحمل قلبٌ جميلٌ ونقىٌ يسع الجميع وحساسٌ للغاية بنفس الوقت.
تفوه "أدهم" بنبرة مرحة:
-يعنى خلاص صاف يالبن.
تبسم ثغرها عن ابتسامة عذبة فقالت:
-حليب ياقشطة.
مع غياب الشمس أسدل الليل ستائره وتلألأت النجوم فى السماء، عادت "رحيل" من الخارج فولجت إلى غرفة المعيشة لتتجمد فى مكانها كالخشبة، لتحملق به بقسوةٍ ليغلى الدم فى عروقها ويكاد ينفجر من عينيها المحمرّتين، ركضت مسرعة نحو صغارها لتجذبهم بعنف من بين أحضانه، وهى تصيح غاضبة:
-أنت بتعمل ايه هنا يبنادم أنت؟.
نهض من مكانه بهدوءٍ ولازال مسلط بصره نحوها، فقال بنبرة ممتزجة بالعطف:
-جيت اشوف ولادي اللى أنتى حرمتيني منهم.
انصدمت من معرفته بالحقيقة فأخذ صدرها يعلو ويهبط من كثرة الأنفعال، فقالت منزعجة:
-ومين قال أن هما ولادك من الأساس.
جاء صوت من ورائها قائلاً بحزم:
-أنا اللى قولتله.
نظرت باتجاه الصوت لتقول مندهشة:
-جدو!.
-أيوة يابنتي أنا اللى قولتله ماهو مش معقول هتفضلى طول عمرك مخبيه عنه ولاده.
ترقرقت عيناها بالدمع ثم قالت بصوت عالٍ:
-دول مش ولاده ولا من حقه، دول ولادي أنا اللى تعبت فيهم وكنت هموت علشانهم، ومستحيل اخليه ياخدهم مني بالساهل.
ثم أضافت صارخة:
-اطلع بره يامراد مش طايقة أشوفك قدامي كفاية يأخى اللى عملته فيا، كفاية بقى حرام عليك، أنت دمرتني عايز مني أيه تانى؟.
كادت تكمل قولها لولا بكاء صغارها الذى منها من التفوه مجدداً، بينما "زينة" ركضت باتجاه أبيها لتتشبت بأقدامه وهى تبكى قائلة:
-لا يماما ماتخلهوش يمشى أنا مصدقت أن بقى عندي بابي زي كل صحابي.
أدمعت عيناه بالحزن من هيئة طفلته الجميلة، ليبتلع غصة مؤلمة عالقة بحنجرته وهو يرفعها إليه، ثم قال بنبرة متأثرة حزينة:
-متخافيش يابابا مش هسيبكم تضيعوا من أيديا دا أنا مصدقت لاقيتكم.
اختلست "رحيل" نظرة إلى طفلها فوجدته يبكى بصمت والحزن يملأ عيناه، فلما جاءت تضع يدها على شعره ابتعد عنها ليتجه إلى أبيه وهو يقول:
-لو بابا هيمشى هنمشى معاه.
نظرت إليهما بصدمة، ثم قالت بنبرة منكسرة:
-بقى دلوقتى عايزين تتخلوا عني علشانه.
تفوه "زين" قائلاً:
-أنتى اللى عايزة تبعدى بابا عننا.
ظهرت على ملامحها علامات الأرهاق وهى تتأمل وجوههم بخذلان، فأخذت تجر قدميها لتصعد إلى غرفتها، فلما ولجت ألقت بنفسها على الفراش لتبكى بحزنٍ وقهرٍ على ماوصلت إليه، بكت بكسرة قلب حتى تورمت عيناها وأوشكت على الهلاك، مرت عدت دقائق ليست كثيرة فكان "مراد" يداعب صغاره بحنان ولطف، فأتاه صوت طفلته التى اختبأت خلف الستائر، فصاحت بمرح:
-بابي أنا هنا ومش هتعرف تمسكنى.
أنهت حديثها وهى تصرخ بسعادة، فتبسم ثغره بفرح ثم قال:
-طب تعالى بقى لما نشوف هعرف امسكك ولا لأ.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ليركض خلفها هى وشقيقها، فسمع صوت "زين" الشقى يقول بمرح:
-مالك يابابي هو أنت عجوز زي مامي.
ضحك "مراد" بخفه وهو يقول متسائلاً:
- هى مامتك عجوزة؟.
أجابه "زين" ببراءة:
-دى كل لما أقولها تعالى العبى معانا تقول مش قادرة.
أردفت "زينة" ضاحكة:
-ولو لعبت بتفرهد بسرعة مننا.
-بتفرهد منكم دا الله يكون فى عونكم.
جلس على الأريكة لترتمى "زينة" بين ذراعيه، ثم قالت بنبرة لطيفة:
-بابي أنت هتسافر تانى وتسبنا.
لمس خدها برفق ولين ثم أجاب قائلاً:
-لا ياحبيبتى مش هسبكم.
-هو حضرتك زعلان من ماما.
مسح على شعرها مسحة حنان وعطف ثم قال باسماً:
- لا ياأميرتي مش زعلان منها، أنا اللى زعلتها ودلوقتى تسمحيلي أروح اصالحها.
أردفت بنبرة فُكاهية فارحة:
-طبعآ روح صالحها عشان ترجع تلعب معانا.
كان الجد جالس بجانبها محاولاً تهدئتها فقال مواسياً:
-أهدى يارحيل حرام اللى بتعمليه ده، كدا هتموتى نفسك من كتر العياط.
أردفت هى بشهقات متقاطعة فقالت باكية مشتكية:
-مش مصدقة بعد كل اللى عملته علشانهم يتخلوا عني بالسهولة دي.
-يابنتي هما لسه أطفال مش فاهمين حاجه وبعدين هما مصدقوا اتجمعوا مع أبوهم، وجاية انتى بكل سهولة عايزة تحرميهم وبعدين دا من حقهم.
أشارت على نفسها بكسرة خاطر وهى تقول بألم:
-طب وأنا مش من حقي يختاروني، ولا هو خلاص كل بعقلهم حلاوة وطلعني وحشه فى نظرهم.
-بالرغم من اللى عملتيه عمري ماهطلعك وحشه فى نظر ولادنا.
استدارت بجسدها فقالت بغضب عارم:
-أنت جاى لحد هنا ليه أمشى أطلع بره.
تقدم بخطوات واثقة ومازال يحدق بهيئتها التى ألمته فقال:
-مش هطلع من هنا غير لما تسمعيني، ماهو احنا لازم نتكلم وننهى كل اللى فات.
نهض الجد ليتركهم معاً، فصاحت بتشنج وعصبية بالغة:
-أياك تقرب أكتر من كدا وأرجوك تمشى.
لم يُلبى أمرها ليكمل سيره نحوها، بينما هى كلما زاد قربه سرت فى نفسها مشاعر الخوف والهلع، فأحست أن أنفاسها بدءت تقل، فقالت هامسة:
-مراد أرجوك أبعد.
وقف مقابلها بذهولٍ من حالة الذعر التى أصابتها فقال مهدئاً:
-متخافيش مش هأذيكى، كل اللى أنا محتاجه منك أنك تسامحيني وتديني فرصة أكفر فيها عن ذنبي وخطأي اللى ارتكبته فى حقك.
فلما لمس ذراعيها دفعته بعنف وهى تصرخ بوجهه حينما تذكرت تلك الليلة المشؤومة، فكان شريط حياتها يمر أمام عيناها، فقالت غير واعية:
-أرجوك يامراد متقربش، أبعد عني أنا رحيل بنت عمك.
ظلّت تلك الهواجس والوساوس تساورها وكأنه سيؤذيها، فكان المهشد مؤثر لدرجة أوجعت قلبه، فقال بلطف:
-رحيل أهدى أنا لايمكن أعمل حاجه تانية تحرجك مني أو تاذيكى.
مازال الهلع والخوف يتسلل إلى فؤادها، فحاولت دفعه إلى الخارج لكنه كان ثابت فى مكانه وكأنه عموداً شد إلى الأرض شداً، فصاحت صيحةٌ مفزعةٌ حينما عانقها بقوة، فقالت ببكاء هستيري:
-أرجوك يامراد متكسرنيش تانى أرجوك.
انفطر قلبه وكاد يتطاير شظايا من صوتها الباكي، فقال بنبرة حزينة:
-عمري ماهقرر ذنبي مرتين يارحيل، بجد أنا آسف ياحبيبتي، وصدقيني كل اللى عملته معاكى وقتها مكنتش فى وعيي.
أتاهُ صوتها المُشتكى والمعاتب:
-وضربك ليا كان بردو مش فى وعيك وعدم ثقتك فى أخلاقى كان بردو مش فى وعيك، ووو.
أوقفها عن الحديث ليقول بندم وحسرة:
-متكمليش كلامك أرجوكى، صدقيني عقلي وقتها كان مغيب عن الواقع، مكنتش حاسس بنفسي وباللى عملته، أنا لحد دلوقتى مش مصدق نفسي أني أزاى اذيت البنت اللى حبيتها، أنا لحد دلوقتى ندمان على عملتي السودا معاكي واتمنى لو أن الزمن يرجع بيا كنت وقتها هحكم عقلي.
كانت تلتقط أنفاسها ببطء شديد فبدءت قواها تخور لتقل بضعف:
-مراد أخرج من هنا لو سمحت.
لحظات وقام بالبعد عنها لكنه حملها بين ذراعيه حينما وجدها فاقدة للوعي، وضعها على الفراش برفق وهو يتفحص وجهها الذى أصفر وكسته عتمه، جذب عطرها مع على المرآة لينثر القليل على يده ليجعلها تستنشقه حتى تستعيد وعيها، وبالفعل استجابت إلي نداءه الخافت الهامس باسمها، فلما رمشت عدة رمشات متتالية قام من جانبها ليتركها بمفردها فى غرفتها، ليطالعها بنظرة أخيرة مودعة.
مرت اكثر من ساعتين وهى مازالت جالسة على فراشها تحت أضاءت المصباح الخافتة، لاحت صغارها يتسللون من باب الغرفة بهدوءٍ حتى لا تشعر بهما ولكنها كشفت خطتهم، فقالت بعبوس:
-جايين ليه مش كنتم عايزين تمشوا معاه.
ابتسم الصبي فى حنو بالغ فأضاءت ابتسامته وجهه كالقمر، قفز على الفراش فرحاً بعودة أبيه، ولكن لاحظ عبوس والدته وعيناها التى أدمعت، فقال معتذراً:
-أنا آسف.
وضعت وجهها بين كفيها لتنهار باكية، بينما أطفالها حدقوا بها بحزنٍ، فتعلقت "زينة" فى رقبتها وقد أوشكت على البكاء، ثم قالت بنبرة طفولية:
-أنا كمان آسفة، أنتى زعلانة مني عشان قولت هروح مع بابي صح بس أنا مش هروح معاه.
فقام الصبي هو الأخر بضمها ليقول برقة:
-وأنا كمان مش هروح معاه، بس أنتى متعيطيش تانى.
احتواتهما "رحيل" بين ذراعيها لتبكى بصوت مرتفع نسبياً، فمال "زين" برأسهُ إلى الخلف قليلاً ليرفع كفه الصغير ليمسح بكائها بلمسة حنان وهو يقول:
-أوعدك أن أنا وزينة مش هنمشى ونسيبك، ثم حول بصره باتجاه تؤامه التى وافقته الرأى فقالت برقة:
-أيوة يامامي مش هنمشى، وكمان بابا قال لينا كدا.
تحدثت من وسط بكائها حينما ذُكر أسمه فقالت بتسأل:
-وقالكم ايه كمان؟.
تفوهت الصغيرة بنبرة لطيفة:
-وقال أنه هيعمل المستحيل علشان ترجعى له ونكون احنا الأربعة فى بيت واحد.
حدثت نفسها لتكتم غيظها من ذاك المدعو "مراد" فقالت:
-امممم بقى هو قال كدا، يبقى يقابلنا ابن حنان فاكر نفسه هيقدر يلوى ذراعي بيكم.
حركت "زينة" رأس والدتها نحوها ثم قالت مبتسمة:
-ماما ممكن ترضى بقى وتصالحى بابا أصل هو وعدني أنه هيجبلي لعب كتير اوى لما نكون فى بيت واحد.
-زينة ياحبيبتي ممكن ياقلب مامي متدخليش فى كلام الكبار، وبعدين ياستى هو أنا كنت حرمتك من حاجه.
حركت رأسها نافية ولكنها قالت بإصرار:
-بس أنا عايزة نكون كلنا مع بعض.
تفوهت "رحيل" بيأس من طفلتها العنيدة فقالت:
-ممكن دلوقتى ننام ومانفكرش فى أى حاجه، ممكن.
-حاضر بس هنام معاكى هنا.
-ماشى يابسكوته.
فكانت فكرة النوم بالنسبة لها وسيلة للهروب من الواقع وماحدث فيه، وأيضاً هروب من تساؤلات صغارها.
أنتهت أحاديث اليوم، ولكن هناك سؤال هل يستحق مراد فرصة أخرى أم لأ..
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فارقنا قارب تقاذفنته أمواج البحر، وسيظل تائهاً فى غياهب بحر الغربة حتى يعود لمرساه،،
فى وسط مزراعة بسيطة كان يرسل بصره حول قطيع الغنم الذى يرعاه فى اطمئنان، وبين الأرانب التى ترتع وتمرح راقصة على العُشب الأخضر، فهكذا حاله منذ تركه للبيت من عدة أسابيع، جاء العجوز صاحب الشعر الأبيض الذى التقى بيه مجدداً فوق الجبل، وكان يرتدى جلباباً بنياً، قال متسائلاً:
-كيف حالك اليوم يابني؟.
أجابه دون أن ينظر إليه فقال باسماً:
-الحمدلله افضل من الأول.
-أدام الله حمدك، لكن أخبرني هل أعجبتك مزرعتي؟.
تحدث "مراد" بنفس منشرحة:
-طبعاً عجبتني ياعم أيوب ماشاءالله ربنا يزيدك ويباركلك فى رزقك، ثم أضاف بامتنان:
-شكرآ ليك على كرمك الكبير ووقفتك معايا وأيوائك ليا فى بيتك.
-متقولش كدا أنت زي ابني.
-تعرف ياعم أيوب أول مرة شوفتك فيها على الجبل كلامك أثر فيا اوى وغير من نفسي حاجات كتير، وخلاني على يقين أن فرج ربي قريب مهما تعظمات الهموم.
أردف العم "أيوب" وعلى معالم وجهه البهجة فقال:
-مهما واجهت من صعوبات تكاد تهد كيانك تذكر أن قوة الله تغلب كل صعب وتجعله هين وسهل، فوالله معك فكل مراحل حياتك فاطمئن وثق برحمته، وقل ياحى ياقيوم برحمتك أستغيث.
ردد "مراد" قوله، ثم قال بشوق:
-ولادي وحشوني ونفسي أخدهم فى حضني.
-وايه اللى منعك من أنك تشوفهم.
ظهرت عليه أمارت الحزن والحسرة فقال بألم:
-خايف لتشوفني فتتوجع تانى وأنا مش حابب اسبب ليها أى ألم كفاية اللى شافته مني.
أردف العجوز ذو الوجه البشوش فقال بحكمة:
-وليه ماتحولش تراضيها وتصلح الخطأ اللى ارتكبته فى حقها.
تنفس بعمق ثم قال بنبرة متأثرة حزينة:
-مش عارف حاسس بعجز أصل اللى عملته مكنش سهل، أنا ظلمتها واللى عملته سايب ذكرى سيئة عمرها ماهتتمحى.
-ابنى بدالها ذكرى جميلة تنسيكم حزن الماضى وتعيشكم سعادة المستقبل، حاول يابني ولا تيأس، صمت لوهلة ثم أضاف قائلاً:
-تعرف أن الإنسان محتاج لثلاث أشياء حتى يشعر بالسعادة.
علت علامات الاستفهام على وجه "مراد" ثم قال بتسأل:
-وايه هما ؟.
تبسم العجوز وهو يقول:
-أول شئ أنه يكون متسامح مع الحياة ومؤمن بالاقدار السماوية، وثاني شئ يحصل على ما يتمناه إن كان خيراً، وثالث شئ أنه يعيش بجوار من يحب، ساعتها ستحصل على السعادة الحقيقية.
-واللى مايقدرش يحصل على الثلاثة دول يعمل اي؟.
-لايوجد إنسان على وجه الأرض ليس لديه قدرة على تحصيل هؤلاء الأشياء، بل بداخلنا قوة هائلة على تحقيق مانريد، علشان كدا لازم يكون عندك عزيمة وأرادة فى تحقيق ما تتمنى.
ساروا معاً وسط الأرض الزراعية ثم جلسوا على صخرة عالية، فنظر إليه "مراد" مطولاً ثم ألقى عليه سؤاله:
- نفسي أعرف أنت ازاى مسالم بالشكل ده وواخد الأمور ببساطة؟.
استدار إليه بوجهه الذى يملئه التجاعيد التى تشكو قسوة الزمن والظروف عليه، فكل خط من خطوط الزمن على وجهه تحكى قصة عقبة عصيبة مر بها، فقال باسماً:
- لأني أؤمن بوجود الخير فى أى موقف حتى فى المواقف السيئة، لأن على يقين بأن ما يحدث من شر جاء ليحميني من أمور أشد سوءاً وشراً، وأيضاً على يقين بأن الله ما منع مني شئ أحبه إلا ليعطيني ما هو أفضل وخيراً لي.
نكس رأسه حزناً فحبس تلك الدمعة التى وددت أن تلقى بنفسها خارج عيناه، فربت العم "أيوب" على يده، ثم قال بنبرة رافقة ودودة:
-هون على نفسك ولا تنسى بأن لديه حق عليك، وأعلم أن الله سيُرضيك ولكن ليس بالذى تستحقه بل بالذى يراه مناسباً لك.
عمت البهجة والسعادة فى بيت عائلة الألفى، فاليوم زفاف المشاغب "مازن"، فقد تزينت جدران البيت بالورود البيضاء والأنوار المُبهجة.
قفز "مازن" على الفراش مُبتهجاً ثم صاح بسعادة نابعة من قلبهُ:
-وخلاص هتجوز وهبطل ابص ع البنات ااااااااه.
ضحك "هشام" بصوتٍ عالٍ ثم قال بنبرة مارحة:
- بس بس، يأخي تباً لك ولصوتك.
أكمل "مازن" غناءه بنبرة فارحة ويكاد قلبه يقفز من بين أضلعه من فرط سعادته:
-النهاردة فرحي ياجدعان، عايز كله يبقى تمام، لاقيتها ماشية مشيت وراها قلت لازم اعيش معاها.
ثم أشار باصبعه باتجاه شقيقه وهو يقول بمرح:
-عارفين قولتلها ايه؟.
تبسم فاه "أدهم" على هيئته ثم شاركه تلك اللحظة السعيدة وهو يقول باسماً:
-قولتلها ايه؟.
أردف الاخر وهو يرقص على أطراف الفراش:
-بعد إذن سيادتك أنا معجب بسعادتك ممكن أكلم طنط يمكن ربنا يهديني وأكمل نص ديني تراااتتتتتت، وهتجوز هتجوز.
كان "هشام" يحدق به بذهولٍ من هذة الحركات العجيبة الذى يفعلها الآخر، فضرب كف على كف وهو يقول مندهشاً:
-كنت بحسبك خلاص كبرت و عقلت لكن دلوقتى أتاكدت أنك لسه زي ماأنت أهبل.
رد عليه "مازن" وهو يقفز من على الفراش فقال بغرور:
-مش هرد عليك ياحقودى، تدرى ليش.
- ليش ياحنين؟.
-أصل عقبال عندك ياخويا أنا العريس.
أردف "أدهم" بنبرة لعوبة:
- اتدبست ياواد يامازن واللى كان كان وبكرا تقول الله يرحم أيام زمان.
نظر إليه "مازن" وهو يقول مازحاً:
- عارف أنكم عاوزين تبوظه الجوازة وأنا مش هخليكم تنولوا الشرف ده ياكلاب.
ثم أشار باتجاه "هشام" وهو يقول مبتسماً:
-وخصوصاً الواد العانس اللى هناك ده.
افترّ فاه "هشام" بذهولٍ ليقول منصدماً:
-بقى أنا عانس!.
ضحك "مازن" بخفة وهو يحرك رأسه بالإيجاب ثم أكمل لهواً ولعباً حتى يغيظه:
-ورقصني عالطبلة ولا عنتر ولا عبلة، الله اكبر ده احنا اكتر من روميو وجوليييييييت.
صاح "حمزة" الذى كتم أُذنيه، فقال:
-ياربي ياربي، ياريت نخلص وتدخل تتزفت تلبس بدلتك بدل ما أنت عمال تترقص ليا بالبرنس.
نظر إليه "مازن" ليكمل بإغاظة:
-ولاحسن ونعيمة ولا بتوع السيما، نفسي اخدها وأشد ايدها ونروح على البيت، وهتجوز.
جذب عمهِ المنضدة ثم ألقاها عليه، و قال بضيقٍ:
-ماتخلص يازفت هنتاخر على الفرح والمعازيم.
-حاضر متزوقش الله.
وبعد لحظات خرج لهما "مازن" فنظر إليهما بوجه طلق مُشع بالفرح والسرور فقال مبتسماً:
- ايه رايكم انفع ابقى عريس.
أطلق "هشام" صوت تصفيع عالٍ ثم قال مازحاً:
-اوعى يابا البدله هتأكل منك حته.
بينما "أدهم" قال مفتخراً بشقيقه:
-باشا طول عمرك يامازن ايه يابني الحلاوه دى.
ضحك "مازن" بخفة:
- جرا ايه مالك ياعسل أنت وهو هتحسدونى اسم الله عليا من عنيكوا.
أضاف "حمزة" باسماً:
- ياشيخ اتنيل دول بيجملوك مش أكتر قال هيحسدوك قال.
-تعرف ياعمى أنا مش هرد عليك، تدرى ليش.
-ليش ياقلب عمك!.
قفز "مازن" بفرح وقد افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة، وقال:
-لان أنا العررررررررريس وندى العروووووسة.
ضحك أبيه على أفعاله المرحة ثم قال:
-ربنا ما يحرمك من الهبل يابني.
تحدث "هشام" بنبرة ضاحكة:
- حرفياً أنا منبهر بنظافة مازن.
-ليه ياسى "هشام" كان حد قالك أني معفن ولا اي.
قاطع حديثه شقيقه الذى جذبه من طرف الثوب وهو يدفعه على المقعد أمام المرآة، ثم قال:
-طب ايه مش هتتنيل تعدل شعرك بدل ماتروح لعروستك منكوش كدا.
نظر إليه "مازن" وهو يقول :
-بص أنا عايز قصة شعر تبهر البت ندى.
-طب اتهد أنت بس وثبت رأسك وأنا هبهركم كلكم.
-ياخوفي يافواز ياخويا لنصدم كلنا.
بينما عند العروسة التى يسودها الإيناس والسرور، برقت عين "رحيل" بومضات البهجة والفرح، فأخذت تنثر الورد الجوري على صديقتها بكل حب وهى تغني بنبرة رقيقة:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-اليوم مافى مثلك اتنين زفافك عندي فرحتين ياحبيبة القلب ويازينة البيت، ياأغلى من الرمش والعين.
شاركت "نور" فى الغناء فأخذت تردد بسعادة:
-انشروا أغلى الروائح وانثروا ماء الزهر، وافرشوا فى دربها أحلى الزهور، أقبلت من صوبكم عروسة بدر البدور.
أكملت "رحيل" وهى تُزغرد بروح محلقة فى أجواء السعادة:
-عروستنا مثل القمر ياأرق من الزهر وياأغلى الناس والبشر.
أقبلت إليهن فقامت بضمهما إلى صدرها لتعبر عن مدى سعادتها بوجودهما بجانبها، وقد تهلّلت أساريرها والتمعت عيناها سروراً.
بعدما رقصوا معاً الرقصة الأولى، أردف "مازن" بمشاعر تفيض فرحاً وحيوية:
-مش كنا روحنا أحسن ياقمر أنتى، الواحد مش عارف يتستفرد بيكى هنا.
-ما تتلم يامازن أنا عايزة افرح فى أى.
تبسم فاه بخفة وهو يقول غامزاً:
-ما هناك كنت هخليك تفرحى أكتر يابت كنت هبسطك وهدلعك صدقينى.
اصتبغ خدها بالاحمرار فقالت بحياء:
- تعرف أنك ماتربتش.
-ولا شوفت ريحة التربية حتى ياختى.
صمت حين رأى "هشام" يمر من امامهُ وهو يحمل بين يده طبق مليئ بالطعام، فناداه هامساً:
-هشام واد ياهشام هات الطبق اللى معاك ده أنا جعان.
حدقت به "ندى" مندهشة فقالت:
-الله يخربيتك اسكت الناس هتسمعك.
أردف الاخر مبالياً فقال:
-أنا جعاااان ياجدعان، ثم ناداهُ مجدداً:
-هشومة ياهشومة أنا جعان يازفت.
وضعت كلتا يديها على فمه لتجعله يصمت قليلاً فهى تشعر بالحرج من حديثه، فقالت بضيقٍ:
-حرام عليك فضحتني المعازيم يقولوا علينا ايه دلوقتى.
وقف "هشام" مقابله وهو يخرج لسانه بإغاظة فقال ساخراً:
-بصوا شوفوا مزاميزو حالته بقت تقطع القلب وتصعب على الكلب.
صاح "مازن" منزعجاً:
-بقى كدا وربنا ماهحلك بس أخلص أم الفرح ده وبعدها هوريك.
فقام الآخر بوضع قطعة لحم فى فمه ليتذوقها بمزاجٍ عالٍ حتى يكيد العريس، ليقول بنبرة مازحة:
-الله على شريحة اللحمة الباردة تحفة، تاخد حته ياميزو.
نظر إليه "مازن" بغضبٍ وضيقٍ وهو يسبه فى سره، مما جعل الآخر يُقهقه بقوة، ثم غادر من أمامه حتى لايثير أعصابه اكثر من ذلك.
على الجهة الأخرى دن "حمزة" من زوجته التى يكسوها معالم الحزن، فقال بنبرة ودودة:
-مالك ياحنون زعلانه ليه؟.
التمعت عيناها بالدمع فقالت بنبرة متحشرجة:
-ابني وحشني ياحمزة بقاله مدة غايب عني ومعرفش عنه حاجه.
ربت على يدها ثم قال بلطف:
-متخافيش عليه ياحبيبتي.
نظرت حولها وهى تقول بحزن:
-العيلة كلها متجمعة ومبسوطة ومحدش فارق معاه وجوده، عارفة أنه غلط فى حقهم، ولكن ليه محدش سامحوا على اللى عمله، ماهما كمان أذوها وفى الاخر سامحتهم ورجعت ليهم، ولكن ابني بقى منبوذ وسطهما وكأنه الوحيد اللى أذنب.
-بس ذنبه كان أكبر من ذنبهم ياحنان، الأذى اللى عمله كان جسدي ونفسي، ابنك دمر البنت ولمس حاجه مش من حقه.
فرت الدموع من عيناها ثم قالت بألم:
-أنا قلبي موجوع ومش عارفة إذا كان عايش ولا ميت.
عانقها زوجها وهى يشعر بالحزن وقلة الحيلة، فليس بيده شيئاً ليفعله، انسحبت "رحيل" الواقفة خلفهما بهدوءٍ بعدما سمعت حديثهما، فخرجت من القاعة لتقف بجانب بعيد لتسترد أنفاسها، فقد راودها الحزن مجدداً فأخذ عقلها يُفكر فيه دون أرادة منها، فنبض قلبها خوفاً وقلقاً من أن يكون اصابه شئ، فمُنذ شهر أو أكثر لم تقابله ولو فى مرة صدفة، حتى أنه لم يُسأل عن ابنائه، تسألت بداخلها هل من الممكن أن يكون تخلى عنهما، أم أنه لم يريد رؤيتها؟، أخرجت تلك الأفكار من رأسها ولكن ساورها القلق عليه، تعجبت من نفسها فقالت:
-ليه بتفكري فيه دلوقتى مايموت ولا يولع أنتى نسيتي أنه كان السبب فى عذابك.
ولكن لقلبها قولاً أخر فهو بدء ينبض بقوة مجدداً، فضربت عليه بيدها وهى تقل بيأس:
- بطل لأن اللى أنت عاوزه مش هيحصل، و لو اضطريت اشيلك من جوايا مش هتردد لثانية واحدة، أنا مش حمل وجع تانى.
كانت تٌحدث نفسها وهى غافلة عن تلك الأعين التى تراقبها فى صمت، لاحت "رحيل" بأن هناك شئ غير طبيعي بتلك الجهة المتواجد بها، فلما علم بذلك اختبئ جيداً خلف الأعمدة، كادت تتجه نحوه لترى ماذا يوجد، ولكن جذبتها يد شقيقها الذى قال بتسأل:
-واقفة لوحدك هنا ليه؟.
أردفت بحيرة قائلاً:
-ازعجني صوت الأغاني فقولت أبعد شوية.
تبسم بحنية ثم قال بلطف:
-طب تعالى ندخل لأن جدك بيسأل عنك.
سارت معه وهى تلتفت من حين لأخر خلفها، لحظات وتوارت عن أنظاره، فقال هامساً:
-ثلج قلبي يذوب حين ألقاك ياساكنا فؤادي ولست أنساك.
بعد عدة ساعات كان ينتظرها على أحر من الجمر، فقد كافح كثيراً فى تلك السنوات حتى يجتمع بها فى بيتٍ واحد، والآن جاءت اللحظة الحاسمة حين رأى طيفها يطل من غرفتها، ولكنه بُهت عندما طالعها من مقدمة رأسها إلى أخمص قدميها، فوجدها ترتدى سروالاً وقميصاً مصتبغ بالرسومات الكرتونية، وقد مشطت شعرها إلى جدائر صغيرة، فهذا الثوب لم يناسب هذة اللحظة بتاتاً، فشعر بجفاف فى حلقه من هيئتها التى أحبطته، فأشار عليها بأصبعه وهو يقل منصدماً:
-ايه اللى أنتى لبساه ده!.
تبسمت بخجل وهى تجيبه برقة بالغة:
- دى بيجامة هكونا مطاطة.
قطب مابين حاجبيه فقال مندهشاً:
-بي أي هو أنا متجوز بنت اختى ياندى، وايه الضفاير اللى عملها فى شعرك دى، ثم أضاف متفحصاً حين أمسك الجدائر:
- ومالها شكلها غريب كدا ليه؟.
أردفت "ندى" بدلالٍ، فقالت بلهجة مبتهجة:
- جرا ايه ياميزو دا أنا قولت اعمل حاجه مختلفه تغريك.
جذبها من ثوبها بلطف وهو يشعر بضيقٍ لقد أوشكت تلك الفتاة ان تذهب بعقله، فقال عابساً:
-بذمة أهلك أى الإغراء فى الضفاير، ثم أضاف حين مسح على وجهه بنفاذ صبر:
- ادخلى ياندى الله يهديكى ادخلى غيرى الزفت ده.
وضعت كلتا يدها على خصرها ثم قالت نافية :
-لا عاجبنى شكلى كدا وبعدين أنا جعانه ياميزو ممكن نأكل الأول لأن هموت من الجوع وبعدها نشوف حكاية اللبس.
ابتعد عنها ليتجه إلى المطبخ وهو يقول بضجر:
-لا مفيش ليكى أنتى بالذات أكل، وهأكل لوحدى لقمة تواسيني فى محنتي لأن خلاص نفسى اتسدت على دي جوازة، دا أنا حتى صارف ومكلف يارب يقوم يحصل فيا أنا كدا.
أنتظرت لحظات حتى يخرج ولكن لازال بالداخل، فولجت إليه فوجدته جالسٌ فوق طاولة الطعام يلتهم ما يقابله من أصناف شهية، فقالت مندهشة:
- بقى أنا مستنياك تجيب الأكل وتيجي، اتاريك قاعد بتأكل من غيري.
أنهت حديثها وهى تجذب الصينية المحملة بالطعام من أمامه، لتهرول بها إلى الخارج، فنهض "مازن" سريعاً ليتبعها وهو يصيح قائلاً:
-أنتى ياصاحبة الضفاير هاتى الأكل بتاعى.
قامت بأغلاق باب غرفتها بالاقفال ثم صاحت بصوت عالٍ:
-ابقى خلى أمك تعملك غيره ياحيلتها.
دفع الباب بيده لكنه لم يُفتح، فقال منزعجاً:
- افتحى الباب بدل ما اكسره عليكى اخلصى أنا جعان إلهى تتشكى ياندى.
اتاهُ صوتها من الداخل لتعلن عن الرفض قطعاً، فأردف بنبرة ممتزجة بمكرٍ حتى يساورها، فقال:
-طب بصى أخرجى و خلينا نأكل مع بعض، دا أنا حتى مازن جوزك.
- أنت كداب وبتضحك عليا وغدار ومالكش امان.
ضحك بخفه على وصفها فقال بنبرة لينة:
-يخربيتك عقلك بقى أنا كل ده، طب ماشى ياستى اطلعى من الاوضة ومتخافيش مش هعمل حاجه يلا بقى ياندوش.
فتحت الباب برفق ثم أخرجت رأسها أولاً وهى تقول محذرة:
- أوعى تغدر بيا.
-متقلقيش.
فلما خرجت ووضعت الطعام على الطاولة، قام بجذبها من الجدائر وهو يقول بمشاكسة:
-تعالى بقى دا أنا ساكتلك من الصبح من ساعة ما لبستى بيجامة بنت أختى وأنا مش راضى اتكلم، لكن توصل لموضوع الأكل لا واستوب عندك، ولازم تتجازى على عملتك السوده يابنت بديعة الهبلة.
فقام بغرس أسنانه بذراعيها ليقتص منها حقه، فصرخت "ندى" بأعلى صوتها، ابتعد عنها فجاءةً وهو يضع يده على فمها ليكتم صراخها، فقال مهدئاً:
-بس بس اسكتى الله يخربيتك الجيران هتسمع صوتك وهيقوله بيعمل ايه فيها.
لم تجيبه وظلّ صراخها مستمر، فقال هو:
-يانهار اسود يخربيت اللى يزعلك ياشيخه اتهدى بقى وافصلى.
نظرت إليه "ندى" نظرة معاتبة، فدن منها ليقبل يدها برفق ثم قال معتذراً:
- حقك عليا آسف مش هكررها ميبقاش قلبك أسود بقى ياندوش.
اشاحت بنظرها بعيداً عنه لتنظر بأتجاه آخر، بينما هو لمس خدها برفق وقال بنبرة دافئة محبة:
-خذى من قلبي كل الحنان يامن أشعر بقربه بالأمان.
تبسم ثغرها عن ابتسامة عذبة، فسمعته يُضيف بعض الكلمات الودودة حتى ترضى عنه، فقبل راحت يدها ثم قال باسماً:
-نهر حبك غسل كل بساتيني وأزهرت أشجاري وكثرت رياحيني.
ارتسمت علامات الفرح على محياها فبادلته تلك النظرة المليئة بالحب والرحمة.♥️♥️
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت تسير "رحيل" فى حديقة القصر مع صديقتها "رهف"، فأتى إليهما "هشام" ليتمشى معهما فكان يريد أن يتحدث مع تلك الفتاة التى أعجبته منذ رؤيتها فى حفل زفاف "مازن"، تلكأت "رحيل" فى مشيتها حينما عرفت بما ينوى فعله، لذا انحرفت بخطواتها لترجع إلى البيت، تعجبت "رهف" من تصرفها لكنها ظلّت واجمة صامته لتكمل سيرها معه بعدما أزاحت خصلة الشعر عن وجهها الذى يلعب فيه الهواء، فحمحم "هشام" بتردد ثم أخذ نفساً عميقاً ثم بدء يسترسل حديثه قائلاً:
-ممكن اسألك سؤال مهم؟.
نظرت إليه وقد أرتسمت علامات الاستفهام على وجهها فهى متعجبة من تصرفاته، فقالت بهدوءٍ:
-أتفضل.
نظر "هشام" لبرهة فى عينياها ثم قال:
-هو أنتِ مخطوبة أو فى حد فى حياتك.
اندهشت "رهف" من سؤاله الذى لم تتوقعه بتاتاً ولكنها أجابت عليه قائلة:
-لا.
أردف بحماس عندما أعلنت رفضها فقال باسماً:
-بصي من الآخر كدا وعلشان أكون معاكى صريح، أنا معجب بيكى من أول مرة شوفتك فيها.
أحست "رهف" بالخجل والاحراج من اعترافه المفاجئ فصمتت.
بينما "هشام" أكمل حديثه بنبرة لطيفة:
-أنتِ فتاة جميلة جداً يارهف، وعلشان تتأكدى من صدق حديثي أنا طلبت من باباكى أنه يحدد موعد أجي اخطبك فيه، فمن هنا للوقت ده فكرى فى عرض الجواز براحتك وأنا هستناك.
ابعدت وجهها عنه باستحياء لتسير بسرورٍ فى كل إتجاه، فلما وصلت إلى غرفة المعيشة سألتها "رحيل" عن سبب تأخرها، فأجابتها "رهف" وقد تغير لونها فقالت بتلعثم:
- كنت بتمشى ومحستش بالوقت علشان كدا اتأخرت فى الرجوع.
أطالت "رحيل" نظرتها نحوها ثم قالت بنبرة لعوبة:
-يعنى هو ده كل اللى حصل بس.
تبسمت "رهف" بخجل، وقالت:
-الصراحة ومن غير لف ولا دوران قريبك هشام قال أنه معجب بيا وعايز يخطبني.
حدقت به "رحيل" باندهاش وقالت لها:
-بتهزرى صح، أنا عارفة أنه معجب بيكى بس مكنتش أتوقع انه ياخد الخطوة دى حالياً.
-أنا كمان اندهشت من الجراءة اللى هو فيه، لكن عجبني أنه واخد الموضوع جد.
ربتت "رحيل" على معصمها برفق وقالت لها:
-هشام راجل طيب وابن حلال ومدام هو حابب يدخل البيت من بابه فأطمئنى أنه شاريكى وحابب وجودك، لكن أنتى ايه رأيك؟.
ارتبكت قليلاً ثم تفوهت بتردد:
-مش عارفة بس أنا لما بشوفه قلبي بيقعد يدق جامد.
حضنتها "رحيل" بكل محبة ثم قالت مبتهجة:
-يبقى السنارة غمزة يارهوفة، ودلوقتى أقدر أقول مبارك عليكى مقدماً.
وفى هذا الأثناء شدّت "صفا" أُذن "مروان" بقوة وهى تعاتبه قائلة:
-مطمرش فيك الرضاعة اللى كنت برضعهالك، دا أنا يامؤمن كنت بسيب أدهم يعيط وأقعد أرضع فيك وأغيرلك البامبرز وفى الآخر تضحك عليا.
حاول أن يفلت من تحت يدها فصاح قائلاً:
-ياصفصف ياحبيبتي حرام عليكى اللى بتعمليه فيا ده، اشحال أني أبنك حبيبك تقومي تبهدليني كدا.
- أصلي مفروسة منك أوى، كل ما افتكر أن رحيل كانت عندكم وأنت مكلفتش خاطرك تتصل عليا تطمني عليها.
بعدما دفعته عنها تحسس أذنيه بألم ثم قال باسماً:
-وأنا كان بأيدي ايه أعمله ياصفصف بنتك هى السبب.
تبسمت "صفا" بخفة وقالت له:
-دا أنت مش سالك ياواد يامروان.
أردف "مروان" بنبرة مرحة:
-وحياتك كل الرجالة مش سالكة اسمعى مني واشترى نصيحتي.
-بلا وكسة توكسك اكتر ما أنت موكوس.
أمسك بكتفها وهو يقول مازحاً:
-بس أنا أعتب عليكى فى حاجه، ليه بترضعيني مع ابنك مش لو كنتى سبتيني لحال سبيلي كان زماني متجوز القمر اللى هناك ده.
أنهى جملته وهو يشير باصبعه باتجاه "رحيل"، فقالت "صفا" ضاحكة:
-يلا مالكش فى الطيب نصيب يابن فاطمة.
تبسم فاهُ عن ابتسامة بشوشة ثم قال بنبرة فُكاهية:
-نصيبي ابقى أخوها فى الرضاعة ياصفصف.
فى صباح اليوم التالى، بينما كانت "رحيل" تأخذ غرفة المعيشة الخالية مجيئة وذهاباً، فولج إليها "هشام" مسرعاً وهو يسترد انفاسه المتقاطعة، فتسألت هى:
-ها عرفت عنه حاجة.
جلس على الاريكة بأرهاق ثم قال لها:
-ايوة.
فأردفت "رحيل" بتردد:
-طب عرفت مكانه، صمتت لوهلة ثم أضافت بنبرة قلقلة حاولت قدر الإمكان اخفائها:
-هو كويس مش كدا.
أجابها الأخر قائلاً:
-نوعاً ما.
-يعنى ايه!.
-تقدرى تقولى عايش ومش عايش.
أحست بالخوف عليه فقالت مرتبكة:
-أنت قلقتني ياهشام.
-ماتقلقيش عليه هو بخير، لكن نفسه يشوف زين وزينة وبيستأذنك أني اخدهم يشوفهم.
-وليه مايجيش يشوفهم بنفسه.
أجابها بنبرة مرتبكة فقال:
-مش حابب يأذيكى بوجوده هنا.
نظرت إليه بدهشة من قوله فهى لم تصدق ما فعله فى الإبتعاد عن صغاره حتى لا يحزنها أو يسبب لها أذى، فقالت له:
-المهم دلوقتى هو قاعد فين.
-هو حالياً ساكن فى مزراعة مع راجل عجوز.
بينما هى جلست باحباطٍ وتمنت لو تستطيع أن تبقى بعيداً كل البعد عن من حولها، نظر إليها "هشام" فاشفق على حالتها، فقال:
-لو مش حابة عيالك يروحوا له انسى أني قولتلك حاجه.
رفعت بصرها نحوه وهى تقول:
-لو مكنتش عايزة عيالي يشوفوه مكنتش طلبت منك من الأول تدور عليه، وبعدين هو فى الأول والأخر أبوهم ومن حقه يشوفهم.
-على العموم وقت ماتحبي توديهم أبقى قوليلي وأنا أخدهم له.
-حاضر.
صعدت إلى غرفتها لتجلس مع صغارها فلم تجدهم، أخذت تبحث عنهما فألتقت بها "نور" أثناء مرورها من امام غرفتها وأخبرتها بأنهما فى غرفة والدهما، فاتجهت إليهم فلما اقتربت وضعت يدها على مقبض الباب وقد سيطر عليها الاضطراب الشديد ولكنها الآن تغلبت على خوفها وشجعت نفسها بأنها لن يصيبها شئٌ إذا دخلت إلى غرفته، فهو ليس متواجد بداخلها من الأساس، فلما ولجت إليهن وقفت متصنمة مما رأت، فراحت تحول بصرها بكل ركن بالغرفة فكانت فى حالة يرثى لها، فكل شئ ليس فى مكانه، حتى أدارج الخزانة مفتوحة على مسرعها وما بداخلها مُلقى أرضاً، وكل ثيابه تنثرت فى جميع الاتجاهات، صاحت غاضبة:
-ايه اللى عملتوه ده!.
نظرت إليها "زينة" ببراءة وهى تسحب من فوق صندوقٍ خشبي بعض الأغراض الخاصة بأبيها، ثم قالت برقة:
-بنتفرج على صور بابي، ثم مددت يدها نحوها بوردة مُجففة، أخذتها "رحيل" منها وهى تقول بتعجب:
-جبتيها منين دي.
أشارت بسبابتها نحو الصندوق، ثم قالت ببراءة:
-كانت موجودة على الصندوق.
جلست على ركبتيها بجانبها ثم قالت لهما بحده:
-ياريت تتفضلوا تطلعوا بره لحد ما اعدل الأوضة اللى حضراتكم بهدلتوها.
وفى هذا الأثناء أردف "زين" برجاء فقال:
-خلينا نلعب شوية هنا يامامي دا لسه فى حاجات كتير عند بابي مشوفتهاش.
حدقت به بذهولٍ فكان يرتدي قميص أبيه فامسكته من كتفه وقالت منزعجة:
-ايه اللى أنت عمله فى نفسك ده، وبعدين هو ده قدك علشان تلبسه.
نظر لنفسه مستغرباً ثم قال بنبرة طفولية جميلة:
-ماله ماهو شكله حلو عليا، وبعدين بصى فى صور بابي اللى هنا دى كان لابسه عادى.
اختلست نظرة سريعة بأتجاه ألبوم الصور ثم قالت:
-علشان ياحبيبي هو مناسب له، أما أنت لسه جسمك صغير والقميص كبير عليك.
تفوه "زين" بعبوس وهو يقول:
-أنا عايز أكبر زيه ماليش دعوة.
-ماتستعجلش بكرا تكبر وتندم أنك كبرت وهترجع تقول ياريتنى فضلت طفل زى ما أنا ولا شوفت يوم من أيام الكبر.
أنهت جملتها وهى تخلع عنه الثوب ثم قالت بلهجة أمر:
-ودلوقتى زى الحلوين كدا تروحوا أوضتى و إياكم تخرجوا منها.
زفرت أنفاسها بعجزٍ وهى تشاهد تلك الغرفة المليئة بالكراكيب، فراحت تعيد كل شئ بمكانه، ماعدا ذلك الصندوق الذى دفعها فضولها لاكتشافه، ومن حسن حظها أن اقفاله كانت مفتوحة مما ساعدها هذا على أخراج محتواه، ولكن ما جعلها مذهولة تلك الهدايا المتواجدة بداخله، لكنها شعرت بالضيق حينما وجدتها تخص فتاة ما، لا تعلم لما روادها شعور الغيرة، فتسألت بداخلها هل أصبح لديه حبيبة أخرى؟، ولما لأ فهو مثل باقى الرجال مخادعون ومتقلبون المزاج، وفى هذا الأثناء لفت انتباها تلك الأوراق الملتصقة على كل علبة، فاندهشت من تلك الأرقام التى نُقشت عليها بتسلسل، فقامت بفتح العلبة الأولى لتجد سلسلة ذهبية على هيئة تنة ورنة ومعها أيضاً رسالة، تبسم ثغرها تلقائياً عندما بدأت بقراءة هذة الرسالة.
" كل عام وأنتِ بخير يازهرتي..
اليوم عيد مولدك الأول بعد فراقكِ عني، أعلم أنك مجروحة مني ولو قدمت لكِ الكثير من الأعتذار فلن يغفر لي ذنبي،،
يازهرتي مازال صوتكِ فى ثنايا مسمعي، والشوق فى صدري يفتت أضلعي، هل تعلمين أني مازلت أفتقدك،، وأفتقدك تبسماتكِ البريئة،،
أعرف أنكِ الآن تستغربين لما اختارت لكِ تلك الهدية، فأنا أحببت أن أجلب لكِ ما تحبين وما يشبه روحكِ، وأيضاً لأني أعلم جيداً حبكِ لشخصية تنة ورنة لذا أرددت أن تكن هذة الهدية مميزة مثلكِ فقد صُنعت لكِ خصيصاً،،
والآن أختم قولي بالاعتذار إليكِ يازهرتي، أحبكِ كثيراً ياابنة عمي،،
من المذنب فى حقكِ حبيبك مراد...".
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
علمت "رحيل" من خلال تلك الرسالة بأنها هى المعنية، لذا أحسّت بمشاعر مختلطة من بين الحزن والفقدان، والعفو والعقاب، فكرت أنها تنسحب بهدوءٍ ولا تكمل ماتبقى من فتح الهدايا ورؤية ما بداخلها، ولكنها تراجعت عن هذا لتكمل بقلبٍ شجاع محتوى الباقى، سحبت العلبة الثانية والتى كان مكتوب عليها رقم ٢ فقامت بفتحها، ضحكت بخفة عندما اخرجت منها زجاجات لطلاء الاظافر فكان نصف ينقسم إلى لون اللافندر والقسم الأخر إلى اللون الازرق، فكلتا اللونين كانوا متواجدين بتدرج فى الزجاجات، تركتهم بداخل العلبة وبدأت فى قراءة الرسالة الثانية.
" اليوم مولدكِ الثانى مُنذ فراقنا تمنيت لو أنني أراكِ لأخبركِ كم اشتقت لكِ يازهرتي،،
ما رأيك بطلاء الأظافر أعلم جيداً أنكِ تعشقين هؤلاء اللونين بشدة وأنهما مفضلين عندك لذا جلبتهم لكِ حتى بألوانتهم المتدرجة، هل أعجبتك هدايتي؟...
وعند إذٍ أجابت "رحيل" بأعين دامعة فقالت هامسة:
-عجبتني جداً.ثم عادت لتقرأ باقى الكلمات..
صحيح أن القدر لم يجمعنا هذة السنة أيضاً ولكني سأخبركِ هنا
بأنكِ أجمل وأرق أمراة قابلتها فى حياتي، فأنتِ يازهرتى أجمل ما حصلت عليه من خير.......
أرجوكِ أن تغفرلي،،، مراد ".
وعندئذٍ قهقهة بقوة والتمعت عينيها الزرواقتين بالسعادة والفرح عندما احتضنت الهدية رقم ثلاثة، فهتفت بسرورٍ:
-أنا بجد مش مصدقة شرابات شلبي وكورة البعبع، مكنتش متخيلة أنه هيخطر على باله أني بحب النوع ده من الشرابات.
" كل عام وأنتِ بخير يازهرتي فاليوم مولدكِ الثالث،،
كنت محتار ماذا سأعطيكِ فى هذا اليوم لكني تذكرت حبكِ لارتداء مثل هؤلاء الشرابات فى الشتاء، أعرف أنكِ ستندهشين بمعرفتي بالاشياء التى تحبيها، لقد علمت بكل هذا من خلال مراقبتي لكِ وحرصي على معرفة ما تحبيه وعلى ما تكرهيه،،
لقد كنتُ مغرماً بكِ إلى حد لا يتصوره أحد ومازالت إلى الآن أحبكِ بشدة،،
والآن جئت إليكِ معتذراً وندماً فأرجو أن تسامحيني..
رسالتي من المذنب مراد ".
قاطع تلك الحظة رنة هاتفها فرددت على المتصل فكان "هشام" الذى أخبرها بأنه يريد أن يأخذ صغارها لزيادة والدهم، فأمرته أن ينتظر حتى تجهزهم، بعد ما أغلقت معه نظرت إلى الشرابات التى تعانقها بسعة رحب، فقامت بوضعها بداخل الصندوق وكان هناك أربع علب مغلقة لم تفتحها بعد فوضعتهما معاً حتى تراهم بوقتٍ لاحق.
مرت ساعة من الانتظار، فلما ولجت إلى غرفة المعيشة نطق "هشام" قائلاً:
-أخيراً خلصتم دا أنا كنت همشى وأسبكم.
أردفت "رحيل" مُبتسمة فقالت:
-شكراً لانتظارك لينا طول المدة دي، ودلوقتى يلا خلينا نمشى.
نظر إليها بتعجب فقطب مابين حاجبيه وقال بتسأل:
-هو أنتى جاية معانا؟.
-اه ليه؟.
-أصلي مستغرب لأني عارف أنك مش بطييقى مراد.
تنهدت بعمق شديد ثم أخبرته قائلة:
-أنا مضطرة أجي معاك علشان خاطر ولادي اللى أصروا أكون معاهم.
ولج إليهن الجد "وهدان" بعدما سمع حديثهما، فقال:
-متأكدة من مرواحك له يعنى هتتحملى تشوفيه قدامك.
أجابته "رحيل" بهدوءٍ فقالت:
-أيوة ياجدو وبعدين أنا من أجل ولادي أتحمل أى وجع المهم يكونوا مبسوطين.
مسح الجد على خصلات شعرها مسحة حنان ثم قال باسماً:
-ربنا يراضيكى يابنتي ويزيح من قلبك أى وجع، ودلوقتى يلا نمشى أصلي أنا جاى معاكم.
عندما وصلوا إلى المزراعة ركضوا الصغار نحو والدهم الذى كان يسقى الزرع، فترك ما بيده ليحملهن بين ذراعيه بشوقٍ جارف، وعند استقباله لجده انصدم من وجودها فهو لم يتوقع مجيئها، وعندئذٍ جاء العم "أيوب" ليرحب بهما بشدة ثم قام بأرشادهم إلى مكان المعيشة، ولكن الجد اقترح بأن يجلسن تحت شجرة وارفة الظل، ليستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة، فأورق الأشجار كانت تتمايل وكأنها ترقص على ألحان تغريد العصافير، أما "رحيل" كانت تحدق بملامح وجهه بتعمق فحزنت من هيئته التى أصبحت باهتة يكسوها الحزن، وجسده الذى بدأ ضعيفاً عن ذى قبل فمن يراهُ يظن بأنه أُصيب بوعكة صحية كادت تطيح به إلى القبر، والآن حينما نظر إليها بأعين مشتاقة لها قرع قلبها نبضاته فلعنته فى سرها، بينما هو
افترّ ثغره عن ابتسامة ودودة عذبة عندما وقف مقابلها وقال بأمتنان:
-شكراً ليكِ.
نظرت إليه متعجبة ثم قالت بتسأل:
-على اى؟.
فرك شعره بحرج وقال مرتبكاً:
-لأنك مامنعتيش عني رؤية ولادي بجد أنا ممتن ليكى بالمعروف ده.
كان هذا الحديث ليس ما ود قوله فهو ود أن يشكرها على مجيئها ولأنها سمحت لعيناه أن تراها وتشبعُ منها.
تحدثت بنبرة ممتزجة ببعض من الحده فقالت:
-لا شكر على واجب.
وفى هذا الأثناء أمسك كفها وهو يقول راجياً:
-رحيل أرجو منك المسامحة أنا..
أوقفت حديثه لتنفض يده بعيد عنها ثم قالت بصرامة:
-لو سمحت أياك تسمح لنفسك أنك تلمسني تانى، أنا لولا ولادي وخوفي من أنهم يتهموني بالقسوة والانانية لو منعتهم عنك مكنتش خليتهم ثانية واحدة هنا.
أردف "مراد" بندمٍ :
-رحيل أنا.
وقبل أن يكمل ما يريد قوله، تفوهت "رحيل" بحزم:
-مراد كفاية لحد كدا وياريت متديش لنفسك أكبر من حجمها لأن أنا حرفياً مش طايقة ابص فى وش واحد غدار زيك.
-أنتى ليه مش راضية تتديني فرصة أصلح اللى عملته.
ردد عليه بلهجة مستهزأ فقالت:
-عمر اللى اتكسر مايتصلح يامراد، وبعدين بلاش نفتح فى ملفات الماضى لان لو فتحتها صدقني هتطلع أنت اللى خسران فى الاخر، ودلوقتى أنا اللى برجوك وبقولك كفاية لحد كدا وياريت تعمل حساب أن ولادك قاعدين معانا وأنا مش حابه ابوظ فرحتهم، فخلينا نتعامل بود لحد ما الليلة دي تعدى على خير.
بعد بضع ساعات كان يلعب ويرتع مع صغاره فى جو مليئ بالسعادة والابتهاج، فكانت تطلعهما بحب كبير ثم انطفأت فرحتها حين همست لنفسها لو لم تكن تلك الليلة لكنا الآن معاً بصحبة صغارنا، كنا سنصبح عائلة رائعة وسعيدة لن يكن فى الحياة مثلها، أنك حقآ أب رائع ولكنك حبيب فاشل وغدار، قفزت "زينة" من على ظهر أبيها لتركض نحو أمها وهى تقول:
-مامي أنا جعانة أوى.
هتف "هشام" بمساكشة:
-ياربي نخلص من مازن تطلعنا بنت رحيل.
جاء "مراد" ليقبل خد ابنته برفق ثم قال:
-محدش له دعوه بأميرتي الصغيرة، قوليلي يابابا نفسك تأكلي ايه.
نظرت إليه "زينة" وهى تقول برقة:
-مش عارفة.
-بتحبى السمك.
تبسمت بسعادة وقالت:
-جدآ.
فقام بحملها على كتفه ليقول بمرح:
-مدام اميرتي بتحبه يبقى نعملها أحلى وجبة سمك.
أنهى حديثه وهو يتجه بها نحو البيت ليصنع وجبة غذاء لصغاره، بينما "رحيل" هى الاخرى ذهبت خلفهما لتساعده فى أعداد الطعام، فلما ولجت إليهن وجدهن يخرجن المحتويات من الخزانة، تعجب "مراد" من وقفتها عند مدخل الباب، لكنه حثها بهدوءٍ على الإنضمام لهما، سألته ماذا يجب أن تفعل فأمرها أن تقطع الخضروات إلى حين أن ينتهى من تحضير السمك، لحظاتٍ وقد نسيت ما حدث بينهما لتندمج معه، كانت عيناه طيلة الوقت ترسل نظرات نحوها ليعبر فيها عن مدى السعادة والارتياح برؤيتها، وفجأة عندما التقت أعينهم معاً استطاعت معرفة مايدور فى ذهنه من نظرة عيناه المتحدثة، فهى تعكس ما يشعر به من ندمٍ وحزنٍ ممتزج بالحنان والشوق إلى تلك المحبوبة العنيدة، فهى بالنسبة له فكرة خارج المنطق ليس لها شبيه، تبسم ثغره بحبٍ ليحدث نفسه بمقولة تبآ لتلك العينين التى تحملُ نظرة قوية كما لو أنها تريد ضربي أو قتلي، أشاحت وجهها عنه عندما وجدته يستلذ بالنظر إليها، فقالت بنبرة مرتبكة:
-قدامك كتير؟.
أجابها حين حمل الصينية المحملة بالأسماك فقال باسماً:
-أنا خلاص خلصت مش ناقص غير أني أشويه، وأنتى جهزي باقى الأكل عشان زين باشا.
وعند مروره بجانبها سمعته يقول بلطف:
-أنكِ مثل الفراشة مهما إنطفأتِ تُحلقين من جديد.
فلما ذهب ارتسمت ابتسامة حلوةٌ على ثغرها، لكنها تدراكت وضعها فأخذت تلوم نفسها لأنها سمحت لمشاعرها تنجرف نحوهه مجدداً.
فى الخارج كان الجد يُراسل حديثه الممتع مع العم "أيوب"، فسأله قائلاً:
-وأنت ياأيوب عايش لوحدك هنا؟.
-أيوة.
-معندكش ولاد.
تحدث العم "أيوب" بعدما علت على وجهه ابتسامة رضى فقال:
-لم يرزقني الله بأطفال من زوجتي الراحلة.
أردف "هشام" بتسأل:
-طب وليه حضرتك ماتجوزتش واحدة تجبلك أطفال.
-أتجوز!، عمري ما فكرت أتجوز واحدة تانية غير مراتي، ومستحيل أعمل كدا ازاى بعد الحب والهنا اللى عيشته معاها اتجوز واحدة غيرها تشاركها فيا، حتى بعد ماتوفها الله كانت روحها عايشة معايا، روحها موجودة فى كل شبر فى المزراعة، كل ركن هنا يشهد على ذكرى جميلة جمعت مابينا، هنا فى ذكريات أحياها الله بيننا، ازاى بالسهولة دى اتخلى عن كل ذكرى بقاية من ريحتها اللى مونساني.
بعد مدة من الوقت
وضع "مراد" سرفيس فضى مغطى بوجبة شهية على الفراش الذى وضعه "هشام" على البساط، وقال بنبرة مداعبة:
-وجبة الملوك مع سمك الحوت المشوى بالبقدونس.
قدمت "رحيل" طبق البثنجان المخلل وهى تقول بمرح:
- ومعاه طبق السعادة لأصحاب السعادة.
تبسمت "زينة" حين رفعها أبيها مع على الأرض كى تضع طبقها، فقالت مبتهجة:
-وشيش طاووق بالثوم والليمون.
تحدث العم "أيوب" قائلاً:
-ريحة الأكل تجنن، وكمان عملته سمك مشوى دا أنتم طلعتوا شاطرين جدآ.
رددت عليه "رحيل" بابتسامة عريضة مشعة بالبهجة فقالت:
-مراد طول عمره بيحب السمك وبيحب يعمله ويتفنن فيه.
صمتت فجأة عندما استوعبت ما تفوهت به، بينما "مراد" طالعها بنظرة سعيدة، ولما أطال النظر فى عينيها نسى ما ود قوله، ولكنه مال نحوها قليلاً و أردف المحب هامساً:
-الحياة من غيرك ليس لها معنى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فى ظهيرة هذة الليلة قام "مراد" بمساعدة العم "أيوب" فى زراعة بعض الأشجار الصغيرة، ومن حسن حظه أن اليوم جاء إليه حبيبته برفقة صغاره وبعض أفراد العائلة مما أضاف هذا ليومه بهجة وسرور، فكان من حين لآخر ينظر لها باسماً وهو يتغنى بمرح قائلاً:
-حبيت جميل ياريتني ظله، وحبيت جميييل.
بينما "رحيل" كانت لا تهتم لشأنه فهى متواجدة الآن معه لأجل صغارها، لكنه لم ييأس من تلك المعاملة الجافة، فأمرها أن تعطيه دلو المياه ليسقى الزرع، فلما مد يده وأخذهُ منها التقت أعينهم معاً فنظر لها بسرور ثم قال بنبرة فُكاهية:
-وَأنا أعمِّل ايه فِى اللى بحبُه يـَ ويلى يَـ نارى.
لم تستطيع كتم ضحكاتها فتبسمت لا أرادياً على نبرته المُبهجة، فاستدارت بوجهها خجلاً من نظرات المتفحصة لها، فلما مشيت بضع خطوات إلى الأمام وصل لمسمعها صوته الحنون يقول:
-على فكرة أنا مليش غيرك وحتى لو ليا، أنا مش عايز غيرك أنتِ يارحيل.
شعرت بسعادة تغمرها من قوله هذا ولكنها لم تخضع له مهما حدث، فما حدث فى الماضى لم يكن بالشئ الهين، ظلّت تتابع سيرها حتى وصلت لمكان صغارها تعجبت لضحكات شقيقها "مازن" العالية، فتسألت قائلة:
-بتضحك على ايه ياميزو؟.
مد يده إليها ليعطيها الهاتف وهو يقول باسماً:
-والله لتقرائي البوست ده بنفسك وأنتى هتعرفى بضحك على اي.
نظرت إلى ما أشار إليه فى الهاتف فمرت ثوانٍ وقد أرتسمت البسمة على محياها، فعادت تقرأ مرة أخرى بصوت رقيق:
-شفت الأرنب لا لا لا،،
قاعد بيلعب لا لا لا،،
طب شوفت البطة لا لا لا،،
نطت نطه لا لالا،،
طب شوفت الأهبل،،اه اه اه،، قاعد بيقرأ البوست وباللحن كمان.
فأضافت "رحيل" بنبرة ضاحكة:
-طب تصدق أنا فعلاً قرأتها باللحن بتعها وكأني بغنيها.
أجابها "مازن" بمرح:
-عشان تعرفى أن أحنا هبل ياريري ومازلنا أطفال.
-هو فى أحلى من الطفولة، أتمنى أرجع لأيام زمان وماكبرش أبدآ.
هتف "مازن" مغنياً:
-قول الزمان ارجع يازمان.
حدقت به "ندى" وهى تقول بقلة حيلة:
-أنا مش عارفة عقلي كان تايه فين وأنا بوافق عليك.
تفوهت "رحيل" وهى تشير بأصبعها على شقيقها فقالت بنبرة لطيفة:
-هو أنتى كنتى هتلاقى حد أحسن من ميزو تتجوزيه، دا بنات المنطقة عندنا كانت هتتجنن عليه من كتر حلاوته اللى مفيش زيها.
لوت شفتيها ثم قالت ساخرة:
-بلا لينة هو ده أصلا كان فى حد يبصلوا.
فى هذا الأثناء رد "مازن" بنبرة مستهزأ:
-مابلاش أنتى ياأم ضفاير بقى يابت فى واحدة تعمل لجوزها ضفاير يوم فرحها وتلبس هكونا مطاطة.
شهقت "رحيل" بذهولٍ وهى توجه بصرها نحو صديقتها التى أشاحت وجهها عنهما، فقالت بنبرة مازحة:
-يالهوووى ياندى دى عاملة تعمليها فى ميزو.
أجابها شقيقها بطريقة كوميدية:
-شوفت ياختى أخوكى متبهدل أزاى، لا ومن أول يوم ضفاير وهكونا مطاطة، يرضيكى اللى بيحصل ده.
تفوهت "رحيل" بنبرة لطيفة:
-لا يابا ميرضنيش.
أردفت "ندى" فقالت عابسة:
-ماخلاص يامُفضح فضحتني.
-أنا يابنتي!.
-لا خيالك ياظريف.
وعلى هذا الحال ظلّ "مازن" يُساكش زوجته ويُمازحها لغاية ما جعلها تبتسم وتقهقه بسعادة فهذا الثنائى أضاف للمكان أجواء مليئة بالفرح والسرور، فدعت "رحيل" فى سرها بأن يديم الله عليهما تلك المحبة، فلما خطفت نظرة إليه وجدته يدب الفأس بالأرض وحينها تمنت لو كان معها كزوج محب، مسحت على وجهها بيأس فعلاقتها به صارت مُعقدة إلى حد يصعب حلها، صمتت فجأة عندما علمت أنها لازالت تكن له مشاعر، فتسألت بداخلها لما قلبها يميل إليه رغم ما فعله بها؟، فهمست قائلة:
-يا لك من قلبٍ مغفلٍ، تميل إلى من يُعذبك!.
ألقى "هشام" هاتفه بأنزعاج وهو يقول بضيقٍ:
-الواحد محتاج يتعالج نفسيآ عشان يرجع لطبيعته الي كان عليها قبل كدا.
تحدث "مازن" الذى كان جالساً مقابله:
-ليه يابنى بتقول كدا؟.
-من القرف والظلم اللى بنشوفه فى بلدنا.
-ماهو اللى ملهوش قيمة فى بلدنا بيدوسوا عليه من غير رحمة، واللى له قيمة و معاه فلوس وسلطة بيرفعوا له القبعة ليضربون له تعظيم سلام.
زفر "هشام" أنفاسه بملل وهو يقول:
-والله صدقت يابن خالي، بلدنا ماشية على هوا حُكمها.
على الحوض الذى يتوسط منتصف البيت كان "مراد" يغسل يدهُ من أثر التراب، فلما انتهى وضع كلتا يديه على موضع قلبه الذى ألمه بشدة، فهو منذ أيام يشعر بهذا الألم لكنه كان يتحامل على نفسهِ، رائه العم "أيوب" فدن منه وقال بنبرة قلقة:
-لسه قلبك بيوجعك؟.
اومأ رأسه بالإيجاب ثم اعتدل فى وقفته عندما قل الوجع، فقال بهودء:
-متقلقش عليا دا كان وجع بسيط وراح لحاله.
-مش عارف أنت ليه مش راضى تسمع كلامي وتروح تكشف عشان نطمن عليك.
رد عليه الآخر وقد علت علامات الحزن والحسرة على وجهه ثم قال:
-ملهوش داعى لأن الوجع اللى حاسس بيه ملهوش دواء.
ربت على كتفه برفق ليقول:
-يابني الزعل وحش للبنى آدم، دا غير أن الحزن بيورث الأمراض.
رد "مراد" بنبرة حزينة وقد حاول قدر الأمكان أن تكن متزنة:
-هى تستاهل زعلي عليها العمر كله، حتى لو كان فى الحزن هلاكي.
فتح الليل أجنحته فغمر الأرض ظلام دامس، فأضاءت المصابيح فى أرجاء المزراعة، فجتمعن الشباب فى حلقة دائرية على البساط تحت ضوء القمر، بينما "رحيل" كانت فى المطبخ تعد عصير الليمون الممتزج بالنعناع، تحدث "مراد" الذى كان يتابعها منذ البداية فقال:
-تحبي اساعدك؟.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
صمتت لوهلة وهى تفكر فى عرضه ثم قالت بموافقة:
-ياريت لو ده مش هيضايقك.
افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة ثم قال بحماس:
-أبدآ دا أنا مسرور جداً بموافقتك، لكن قوليلي اعمل اي لأن أنا مش عارف.
-جهز الكوبايات على صينية وحط جواهم تلج، ومتنساش تجهز لولادك زينا.
فرك يده بحماس وهو يقول بنبرة دافئه:
-من عينيا ياعيوني.
أخذت تطالعه بعينان تسكنهما المودة، فتبسمت على حماسه الزائد منذ قُبلها لمساعدته، فلما انتهوا من التجهيز خرجن إلى الحديقة الخلفية ليسيروا معاً بأتجاه أفراد عائلتهما، فقام "مراد" بتقديم المشروب لكل منهما كأسه الخاص، ثم قال بمرح:
-معكم مؤسس نادي قعدة الأرض الرايقة مع مشروب المفضل والقمر والنجوم فوقك.
ضحكت صغيرته "زينة" التى قالت برقة:
-شكراً بابي.
جلس على الأرض وقام بحملها بين أحضانه وهو يقبل خدها بحنان ثم قال بلطف:
-بألف هنا يازينة.
بينما "هشام" أرتشف العصير على دفعة واحدة ثم قال:
-هو مفيش عصير تانى أصله طعمه حلو أوى.
أجابه "مراد" قائلاً:
-للأسف خلص.
وضع الكأس بجانبه وهو يقول:
-ياخسارة خلص بسرعة، بس يلا مش مهم، بقولكم ايه ماتيجوا نلعب لعبة الصراحة.
تفوهت "رحيل" بابتسامة جميلة، فقالت رافضة للفكرة:
-لا شوف حاجه غيرها تكون أفضل.
-خلاص ايه رايكم هسأل كل واحد فيكم ايه الأمنية اللى بيتمناها.
وافق الجميع على تلك الفكرة، فبدأ بطرح سؤاله على "مازن" وزوجته أولاً، فكانت أجابتهن أنهن يرزقن بطفلاً جميلاً يكن مسالماً معافياً، ثم وجه حديثه إلى "مراد" فتسأل:
-وأنت ايه أمنيتك اللى بتتمناها الفترة دى.
-أُمنيتي أوصل لسن أني جوزت ولادي واطمنت عليهم مع اشخاص تحافظ على قلوبهم، دا غير اشوفهم آخر الاسبوع يجوا يتغدوا معايا وصوت أحفادي يملأ البيت عليا، وتيجى مراتي حبيبتي تصحيني تانى يوم الصبح عشان اقعد افطر معاها فى البلكونة مع كوباية شاى بالنعناع، ودا غير أننا طبعاً نلعب كوتشينه أو طولة أو حاجه تسلينا مع أن وجودها حواليا مونسني، وبعد العصر اراقبها وهى بتسقى الورد فى الجنينة، وفى آخر اليوم أخدها فى حضني.
تحدث "هشام" فقال باسماً:
-ياااها أمنيتك بسيطة وقنوعة، ثم وجه سؤاله إلى "رحيل" فقال بنبرة مازحة:
-وأنتى ياريري يامالكة زمانك اي أمنيتك؟، أتمنى متكونيش بتخططى لاقتل شخصٍ ما.
فى تلك اللحظة اتجه بصرها نحوهُ تلقائياً، فقالت بنبرة رقيقة:
-أتمنى أن يكون أحدهم فخور بوجودي في حياته، ولا يراني عبئًا كَما أشعر.
فى قصر الألفى وتحديداً فى غرفة المعيشة صاح "سليم" منفعلاً:
-أنا مش عارف ايه اللى يخليها تروح له مش كفاية اللى الحيوان عمله فيها.
تحدث الجد "وهدان" برزانة فقال:
-ماينفعش كلامك اللى بتقوله ده، وبعدين بنتك مش صغيرة وعارفة مصلحتها كويس.
نظر إليه بضيقٍ وهو يقول بنبرة مُفتعلة:
-مصلحتها أنها تروح برجليها للشخص اللى اعتداء عليها، دى المفروض تمنعه من ولاده عشان يتعاقب اكتر على ذنوبه.
رد عليه أبيه فقال مندهشاً:
-أنت اتجننت عايز تمنع الراجل من عياله وتحرمهم من أنهم يتربوا فى حضنه، دا أنا مصدقت اقنعت بنتك تيجي أنت وببساطة عايز تهد كل حاجه.
-أنا مش عارف ازاى حضرتك جالك قلب تخليها تعمل كدا، أنت شكل نسيت الأذى اللى هى اتعرضتله من الزباله ده.
أردف الجد منزعجاً فقال:
-شكلك أنت اللى نسيت قسوتك على بنتك وفى الآخر هى سمحتك، ليه بقى مش عايزها تسامحه وتعيش مبسوطة.
أجابه "سليم" بنبرة حزينة:
-أنا منستش بس اللى هى بتعمله هيأذيها.
-ومين قالك انه هيأذيها مراد فعلاً ندمان على اللى عمله وبيتمنى أنه ياخد فرصة تانية زيكم علشانها هى وولاده، نفسه يرجع ليها ويعوضها عن الأذى اللى سببهولها.
صاح "سليم" بصوتٍ عالٍ فقال غاضباً:
-وأنا مش هخليه يحصل على الفرصة دى حتى لو كان بيموت قدامي.
نظر إليه والده بحده عندما رأى "حمزة" الذى نكس رأسه حزناً من حديث شقيقه، فقال محذراً:
-سليم أنتبه لكلامك.
التفت "سليم" نحو شقيقه فلاح تلك الدمعة التى التمعت بعيناه فاقترب منه وقال معتذراً:
-حمزة أنا آسف مكنتش اقصد بكلامي أني أجرحك.
مازال ينظر إلى الأرض، فهو يشعر بالخزى من أفعال ابنه، فقال بصوت ضعيف:
-عادى ياسليم أنا مقدرش ألومك لأن ده من حقك، وأى أب مكانك كان عمل أكتر من اللى أنت عملته.
أنهى جملته وهو ينهض من مكانه ليستأذنهم للخروج، ليجر خيبته جراً، فبرغم ما فعله ابنه لازال قلبه يؤلمه من بعدهُ عنه.
أردف الجد معاتباً:
-خلى بالك من كلامك يابني، أخوك بردو بيزعل لما بتجيب سيرة ابنه بالسوء، وبعدين أنا بحاول أصلح العلاقة مابينهم ياسليم عشان خاطر زين وزينة، أنا مش عايزهم يتربوا فى علاقة متفككة، الأفضل ليهم أن يتربوا فى بيت سوي، طب تخيل معايا لو هما كبروا على الوضع ده وعرفوا أن أهلهم مش متجوزين وأنهم جم عن طريق غير شرعى هيكون ردت فعلهم عاملة أزاى، دا غير أنهم هيتعقدوا وكل ده هيأثر عليهم بالسلب، ف أنت فكر بعقلك وأوزن الأمور وحط قدام عينيك احفادك وتخيل ردت فعلهم فى كلتا الوضعين وصدقني وقتها هتختار الأنسب والأصلح ليهم، وأن كان على بنتك فهى لسه جواها مشاعر له بس بتكابر وبتعاند، وأنت دورك كأب تسعى لمصلحتها.
جلس على الأريكة بأهمال ثم قال:
-يعنى حضرتك شايف كدا.
-أيوة يابني، وبعدين مفيش حد فينا خالى من أخطاء، وهو أدرك خطأه وبيحاول يصلحه، ودورنا نقف جنبه ونسنده.
وضعت "نور" طفلتها فى فراشها برفق حتى لا تستيقظ مرة أخرى، فقد غفت بين يدها بصعوبة شديدة، تنفست براحة عندما جلست على الأريكة باسترخاء، جاء "أدهم" وجلس معها ثم تسأل:
-ليه قومتى فجأة من على السفرة قبل ما تكملى أكلك؟.
علت علامات الحزن على وجهها حينما تذكرت حديث عمها، فقالت:
-عادى أصلي شبعت مش أكتر.
لاحظ تغير صوتها ليراها قد أطلقت دموعها للعناء، فلمس وجهها بلين وهو يقول بدهشة:
-ايه بس اللى خلاكى تعيطى ياحبيبتي !.
أجابته بنبرة حزينة فقالت:
-يعنى أنت مش عارف ايه السبب.
تحدث "أدهم" قائلاً:
-مش عارف، ثم لوهلة ثم أضاف:
-أنتى زعلتى من كلام بابا مش كدا.
ردد عليه بنبرة عابسة:
-ايوة، أنتم ليه قاسين على مراد، ليه بتعذبوه بالشكل ده، مش كفاية بقى اللى بتعملوه فيه.
أردف زوجها بنبرة حادة فقال:
-لو سمحتى يانور بلاش تجيبى سيرته قدامي.
-ليه بقى إن شاء الله مش ده كان صاحبك.
-كان صاحبي قبل مايأذى أختى.
ردد "نور" وقد زاد بكائها فقالت:
-على فكرة بقى كل اللى بتعملوه فيه حرام، أبوك بهدله وضربه وأهانه وطردته من البيت وحرمه من الشغل فى الشركة اللى هو فى الأصل بناها وتعب فيها لحد مابقت بتنافس أكبر الشركات فى مصر، ودلوقتى عايزين تحرموه من ولاده، أنت وأبوك مش هترتاحوا غير لما تموته بحسرته، بجد يا أدهم أنا مصدومة فيك.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
-مايموت ولا يتحرق الشخص اللى زى ده مايستحقش أني أتعاطف معاه.
نهضت من جانبه لتقول بصوت حزين:
-أنا لو أخويا جراله حاجه بسببكم هيبقى فيها طلاقي منك لأني مستحيل أعيش مع واحد الحقد مالى قلبه بالشكل ده.
نظر إليها بذهولٍ ليقول بصدمة:
-ايه اللى أنتى بتقوليه ده!.
وضعت يدها على فمها لتكتم صوت بُكائها العالى، فاقترب منها "أدهم" بلهفة ليحاوط بيدهُ وجهها، ثم قال مواسياً:
-أهدى ياحبيبتي أنا آسف، صدقيني أنا مابتمناش لمراد أنه يموت.
سمع صوتها المعاتب فقالت بنبرة باكية:
-أنت ليه بتعمل كدا، ليه مابتحاولش تصلح الأمور وتسامحه، أنت نسيت أنه كان أقرب واحد ليك وياما شال الحمل عنك.
-الموضوع بالسهولة دى زى ما أنتى متخيلة.
أجابته "نور" قائلة:
-لو مكنش بالساهل مكنتش أختك سامحتك، أنت اللى بتحاول تصعب دنيتك، ودلوقتى أنا تعبانة ومحتاجة أنام عن أذنك.
-بس أنا مش هسيبك تنامى زعلانة مني، شوفى ايه اللى يرضيكى وأنا هنفذه.
نظرت إليه مطولاً ثم قالت بتسأل:
-أى حاجه هطلبها هتنفذه فعلاً؟.
مسد على شعرها بحب ثم قال باسماً:
-صدقيني يانور أى حاجه هتطلبيها هنفذها وده وعد مني، لأن أهم حاجه عندي أني أشوفك مبسوطة.
استغلت هى الوضع فقامت بالقاء طلبها قائلة:
-طلبي أنك تسامح مراد وتخلى رحيل تسامحه، ثم أضافت بنبرة حزينة:
-أنت متعرفش قد ايه هو وحشني ونفسي يرجع البيت.
زفر بهدوء ثم فرك رأسه غيظاً من تلك الاستغلالية فقال:
-اللى بتطلبيه صعب جدآ أنه يتنفذه.
دفعته من أمامها بعنف وهى تقول بضجر:
-تصدق أنك انسان مستفز.
حاوطها بين ذراعيه ليعانقها بحنان ولطف ثم قال بنبرة مرحة:
-ماتبقيش قفوشة يابت أنا بهزر معاكى، ومن أجل عيونك الحلوة هاجى على نفسي وهسامح أخوكى.
-وهتخلى رحيل هى كمان تسامحه عشان يرجع البيت.
-حاضر ياست نور أى أوامر تانية.
اجابتة بدلالٍ وحب فقالت بصوت أنثوي:
-تسلملي ياحبي.
على الجانب الآخر فى مزراعة العم "أيوب" مازالت السهرة مستمرة،
تحدث "مازن" بلهجة مليئة بالحماس فقال:
-سيبكم من هشام وعمايله، ايه رأيكم نلعب لعبة حزر فزر؟.
حدقوا به لبضع ثوانٍ فأجابته "رحيل" وهى تحضتن ابنها، فقالت مبتهجة:
-وليه لأ فكرة مش بطالة.
تحدث "مراد" قائلاً:
-يلا يابني ابدء فزوراتك.
أردف "مازن" بحماس زائد فقال:
-تاجر من التجار إذا اقتلعنا عينه طار، مين هو ياشطار؟.
تبسم "هشام" والذى قال مندهشاً:
-تاجر مين بس ياعم اللى هنشيل عينه ماتسيب الناس فى حالها.
رد عليه بنبرة ساخرة:
-بس ياجاهل أنت، ها مين عارف الأجابة.
تحدثت "رحيل" بتفكر فقالت بيأس:
-ماتستنى لما نفكر ليه مش مدينا فرصة.
-أصل ياحبيبتي الأجابة سهلة مش محتاجة تفكير.
بينما "مراد" همس فى أُذن طفلته التى صاحت بفرح قائلة:
- العطار.
ضحك "مازن" على رد ابنة شقيقته ثم قال بمساكشة:
-صح ياسوسة أنتى، بس طبعاً ماننساش أنك غشتيها من أبوكى.
رددت عليه "زينة" بثقة فقالت:
-ما أنا وبابي واحد.
-ماشى يازينة، ودلوقتى الفزورة التانية، قمت بتناول الفلفل فتفلفل فمي، كم مرة ذكر حرف الفاء فى ذلك؟.
أجابه "هشام" بفرحة وكأنه حصل على كنز ثمين:
-سته.
قهقهة الآخر بقوة ثم قال ضاحكاً:
-غلط غلط غلط ياهشومة يافاشل مش دى الإجابة.
-طب ايه هى؟.
رقص حاجبيه بتلاعب وقال مازحاً:
-مش هقولك ياهشومة.
بينما "رحيل" قامت بالرد عليه مسرعاً عندما لاحظت "مراد" يهمس لابنته، فقالت متحمسة:
- ولا حرف.
وفى تلك اللحظة أردفت "زينة" بيأس:
-ياخسارة ماما جاوبت قبل ما بابي يجاوب.
افتر فاه "مازن" عن ضحكة عريضة فقال:
-لا بقى أحنا نقسم المجموعة إلى فريقين، فريق لرحيل مع ابنها وندى، وفريق تانى لمراد وبنته ومعاه هشام.
ألقى "مراد" بصرهُ نحوه معشوقته وهو يقول باسماً:
-معنديش مانع.
ولكن زوجته تسألت بتعجب:
-ازاى بس يامازن ولا حرف أنا متهيألي أنهم سته زى ماقال هشام.
أجابها الطفل "زين" بذكاء فقال:
-لا ياخالتو هما مش ستة لأن خالو مازن كان قصده على كلمة ذلك.
توقف عقلها عن العمل فقالت مندهشة:
-أنا مش فاهمه حاجه.
وضع "مازن" يده على كتفها وقال باسما:
-حبيبتي أنا سؤالي كان واضح، يعنى أنا بقولك فى كام حرف فاء فى كلمة ذلك اللى مفهاش أصلا حرف الفاء فهمتى حاجه ولا نشرح من أول وجديد.
-اااااه فهمت.
-حمدلله ع السلامة، الفزورة اللى بعدها فى ست تفاحات فى السلة، وتم توزيع واحدة لكل شخص من الستة، لماذا يوجد تفاحة أخرى فى السلة؟، اللى هيجاوب هجبله شوكولاتة.
أجابه "مراد" بسلالسة عندما كان الجميع يفكر فى الحل، فقال بهدوءٍ:
-مش يمكن تخص اللى كان بيفرق التفاح مثلآ.
صاح "مازن" بمرح:
-الله عليك ياكبير دايماً كدا بتبهرني بذكائك الخارق، الأجابة صحيحة، طب بصوا السؤال ده وركزوا، هو طير من الطيور لكنه لا يطير، فإذا حذفنا آخر ثلاثة حروف منه طار فما هو؟.
أشار "زين" بيدهُ وهو يقول بنبرة طفولية:
-البطريق ياخالو.
نظر إليه "مازن" بدهشة ثم قال:
-واو عرفت منين الأجابة دى ياقرد ياصغير أنت.
نظر الصغير إلى والدته بفخرٍ فعلم الآخر بأنه حصل على الإجابة منها، ثم قال متحمساً:
-مين الراجل اللى رجله فى الأرض وراسه فوق النجوم؟.
أجابته "زينة" مسرعاً عندما أعطاها أبيها الأجابة كى تتفوق على شقيقها:
-الظابط.
ظلّ "مازن" يلقى عليهما الكثير من الفوازير، وقد امتلأ المكان بالحماس والسرور.
-ماهو الشئ الذى ينبض بلا قلب؟.
رددت "رحيل" بابتسامة جميلة:
-الساعة.
تحدث "مازن" بصوت مرح فقال:
- الفزورة الاخيرة ما هو الشئ الذى يقرصك ولا تراه؟.
تحدثت "ندى" مازحة وهى تشير على زوجها فقالت مبتهجة:
-مازن هو اللى بيعمل كدا وأنا نايمة.
ضحك الجميع على تعقيبها، بينما هو ظهر على معالم وجهه الصدمة فقال مندهشاً:
-أنا بعمل كدا فيكي ياولية يامفترية ياقادرة.
هزت رأسها بالإيجاب وهى تقول بنبرة مرحة:
-بالضبط.
بينما "هشام" رد قائلاً:
-النموس هو مفيش غيره، متعرفش بيجي منين وبيختفى فين.
تحدث "مازن" بقلة حيلة فقال:
-وربنا ما فى أهبل منك أنت ومراتي ايه اللى بتقوله ده!.
أردف "زين" و"زينة" فى آن واحد:
-الجوع.
تفوه "مازن" معلناً وهو ينظر لأطفال شقيقته فقال بسرور:
-ودلوقتى نقدر نقول أن البهوات دول هما اللى فازوا بالسهرة السعيدة وعشان كدا أنا هكافئهم وهجبلهم شوكولاتة بس بكرا.
رفع "زين" رأسه لينظر إلى والدته ثم قال:
-مامي أنا عطشان أوى.
نهضت من مكانها لتجلب له الماء، وأثناء تواجدها داخل البيت ذهب "مراد" خلفها بحجة أنه سيجرى مكالمة مهمة، تفاجأت "رحيل" بتواجده، فقال هو:
-تسمحيلي بكلمة.
-لا.
-رحيل لو سمحتى هى مرة واحدة نتكلم فيها مع بعض وبعدها اعملى اللى عوزاه.
نظرت إليه بمعنى أكمل حديثك، فقال هو بندم:
-أنا آسف جداً، لكن بتمنى أننا ننسى اللى فات ونرجع نتعامل زى زمان.
طأطات رأسها حزناً فقالت:
-عمرنا ماهنرجع زى ماكنا فى الماضى.
-كلمة واحدة منك تقدر تمحى أى ذكرى سيئة ونصنع بدلها ذكرى جميلة تعيش معانا العمر كله، أنا عايز فرصة واحدة بس وصدقيني كل حاجه هترجع أحسن من الأول.
رفعت رأسها مجدداً لترتسمت علامات الحدة والقوة على وجهها لتقول بنبرة حازمة:
-دا بعينك يامراد.
أعطته ظهرها، فقال هو بحزن ممتزج بيأس:
- معقولة بقى قلبك حجر ومبقاش همك غير نفسك وبس، طب وأنا فين من ده كله!.
نظرت إليه بذهولٍ ثم تفوهت منزعجة وهى تدفعه بضربات متتالية فى صدره بقوة:
-أيوة قلبي بقى حجر وكل ده بسببك أنت، أنت السبب فى أني أوصل معاك لطريق مسدود، أنا بكرهك يامراد.
ابتعدت عنه لتلتقط أنفاسها بهدوءٍ لتتحكم فى انفعالاتها وغضبها، بينما شعر بألمٍ فى قلبهُ لكنه تحامل على نفسه وقال:
-بتكرهيني!...للدرجة دى أنتى مش فاكرة ليا أى حاجه حلوة تغفرلي ذنبي، طب بلاش دى بعدك عني وحرماني من ولادي لمدة سبع سنين ده ماشفعش ليا، أنتى يارحيل حرمتيني من أجمل لحظات من أن الأب يعيشها مع أطفاله، أنا اتحرمت من أني أشوفهم واشيلهم يوم ولادتهم واكبر ليهم، أتحرمت أشوف أول ضحكة وأول سنة طلعت ليهم، أنا اتحرمت من أني اشاركهم أول خطوة يمشوها، ومن أول كلمة قالوها.
اختلس نظرة إليها وهو يقول بألم:
-ياترى ايه أول كلمة أو أول حرف ولادي نطقوها، ياترى قالوا بابا الأول ولا ماما؟..أنا فى تفاصيل كتير بسيطة كان نفسي أعيشها معاهم من أول ما أنتى حملتى فيهم، لكني أنا اتحرمت من ده كله، تخيلي شعوري عامل ازاى دلوقتى وأنا شايفهم كبار قدامي وملحقتش اشاركهم طفولتهم، محدش هيفهم ولا هيحس باللى بقوله لأنه مجربش شعوري ولا أتوجع زيي، يمكن وجعي كان أكبر من وجعك أنا فى بعدك كنت تايه أو بالمعنى الأصح كنت ميت.
لازالت تنظر إليه بقسوةٍ ثم نطقت قائلة:
-مهما تقول عمر شعوري من ناحيتك ماهيتغير.
وضع كلتا يديه على موضع قلبه عندما بدء الألم يزداد، ونبضاته بدءت تقل، ولكنه مسك راحت يدها برفق عندما همت على مغادرة المكان، و ترقرقت الدمع فى عيناه وهو يتراجها بنبرة متحشرجة:
-آسف، أرجوك ماتمشيش أنا محتاجك.
جاءت أن تذهب لكن صوته المتألم أوقفها قائلاً:
-متسبنيش لوحدي أنا من غيرك أموت.
عند نهاية جملته سمعت صوت ارتطام شئٍ ما يصتدم بالأرض، فلما نظرت خلفها صاحت بذعر:
-مررراد
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
كانت تضم جسده البارد بين أحضانها، فمدت يدها وتحسست وجهه الشاحب الذى يوحى بشحوب الموتى وقد تساقطت عليه قطرات دمعها، فصاحت مستغيثة لينقذه أحد قبل أن تفارق روحه جسده، ثم قالت ببكاء خافت:
- مراد رد عليا أرجوك ماتسبنيش.
جاء الجميع على صوت صراخها، فقال شقيقها بقلق:
-ماله مراد ايه اللى حصله.
أردفت من وسط بكائها قائلة:
-معرفش مرة واحدة مسك قلبه وبعدها وقع من طوله.
تحدث "هشام" بخوف وقلق وهو يرفعه قليلاً:
-اسنده معايا يامازن لحد العربية.
بعد أكثر من ساعة..
كانت واقفة أمام غرفة العناية تطالعه بوجه حزين، لتلوم نفسها لأنها اوصلته لهذا المرض، لقد أخبرهم الطبيب أنه أُصيب بمتلازمة القلب المنكسر والتى تصيب المرء حين تعرضه لتوتر وضغط شديد من أثر الحزن، تذكرت هيئته وجسده البارد الذى ارتعد قلبها خوفاً فقد ظنت أنه مات، شعرت بيد توضع على كتفها فنظرت للخلف فوجدت "مروان" الذى قال مواسياً:
- إن شاء الله هيبقى كويس.
اختلست نظرة سريعة إلى رفيق روحها بأعين متورمة، ثم شهقت باكية وهى تقول:
- أنا السبب، أنا وصلته للتعب ده لو مكنتش تكبرت وعاندت فى المسامحة مكنش زمانه فى العناية.
عانقها "مروان" ليربت على شعرها بحنان ثم قال:
- هونى على نفسك يارحيل وبلاش تفكرى فى اللى بتقوليه، دا قدر ربنا وهو القادر على شفائه.
أردفت بحزن بليغ فقالت بنبرة باكية ممتزجة بالحسرة:
- خليه يقوم وأنا والله هسامحه، أنا مش حمل تعب ووجع تانى وفراقه هيبقى صعب عليا، صمتت لوهلة ثم أضافت:
-أنا لو جراله حاجه هموت بعده يامروان، بالرغم اللى حصل لسه بحبه.
ابتعدت عنه قليلاً ونظرت من زجاج العناية لتشاهد حبيبها محاوط بالأجهزة، فألمتها هيئته التى بدأت هزيلة ضعيفة، فقالت بقهراً وبكلمات غير مرتبة:
- قوله يامروان يقوم وأنا هفضل جمبه ومش هسيبه أبدآ، وهعيش معاه أنا وزين وزينة.
أردف "مروان" بحزن فقال:
- صدقيني هيقوم وهيبقى احسن من الأول.
-خايفة لاميقومش ما أنت عارف اللى بيدخل هنا مابيخرجش غير...
وضعت يدها على فمها لتكتم قولها فانخرطت فى البكاء مجدداً، بينما "مروان" قال بثقة:
-هيخرج عايش وبكرا تشوفى، أهم حاجه دلوقتى أننا ندعيله على يقين بالشفاء وربك هيستجيب.
بعد أن جاءت من المستشفى ذهبت لغرفتها فوجدت "نور" جالسة على الفراش برفقة أطفال شقيقها، دنت "رحيل" منهما وهى تقول بتسأل:
-ناموا امتى.
أجابتها الأخرى بأرق فقالت:
-من نص ساعة على ما أعتقد.
مسحت "رحيل" على شعر صغيرتها بلطف ثم قالت:
- تعبوكى؟.
-ابداً بس كانوا كل شوية يسألوا على أبوهم هو فين هو كويس طب مجاش ليه مدام كويس، وأنا الصراحة معرفتش اجوب على كل أسئلتهم ماشاءالله عيالك اذكية وصعب يضحك عليهم بكلمتين.
تنفست براحة وهى تطالعهم بحب:
-ولادي طالعين لابوهم.
تحدثت "نور" بحزن متسائلة:
- مين اللى فضل معاه هناك؟.
أجابتها الأخرى بنبرة مجهدة:
-جوزك ومروان كنت عايزة أفضل معاه لكنهم رفضوا عشان خاطر الولاد ميحسوش بحاجه.
-عندهم حق ياحبيبتي، بإذن الله اخويا هيعدى المحنة دى وهيرجع لينا بخير، ودلوقتى أنا هروح أنام شوية وأنتى حاولى ترتاحى لأن شكلك مجهدة وتعبانة.
-حاضر.
فلما اشتدّ ظلام الليل ذهبت إلى غرفته لتخرج من الصندوق باقى الرسالات والهدايا التى كان يدخرها لها، دمعت عيناها عندما بدأت بقراءة الكلمات المنقوشة فى الرسالة الاخيرة.
" مازلت اشتاق إليكِ يامحبوبتي، أشعر وكأني لن أراكِ مجدداً وهذا مايؤلم قلبي، فقد أصبح ألمه لا يحتمل،،
كل ما يحزنني الآن أنني لم أرى وجهكِ الجميل،،
كلما حرقني الشوق تذكرت ذكرياتنا التى جمعتنا يوماً معاً، تلك الأحاديث والكلمات التى سمعتها منكِ لازالت تردد فى مسمعي، أتذكر كل أغنية رددناها معاً، حتى رقصتنا الأولى اتذكرها جيدآ أشعر وكأني أراكِ أمامي،،
لو لم يكن لنا لقاء فى الدنيا اتمنى أن يكون لنا لقاء يجمعنا فى الآخرة، اتمنى تلك الحياة الأبديةالتى سأعيشها معكِ دون حزن وألم،
أود أن أخبركِ بأنني سأظل اتذكرك إلى الأبد،،
وسأظل أحبكِ وكأنك ليّ ومعي، سأظل أحبكِ وكأنكِ جزء مني، وكأنكِ هنا بجانبي، فأنتِ ياحبيبتي الآن بجانبي."
نهضت من على الأرض بعدما أصابها السُهد فأتجهت نحو فراشه لتنعم بنومة تعيد لها نشاطها، فلما وضعت رأسها على المنضدة تسلل إلى أنفها رائحة عطره المميز فأخذت تتنفسه بعمقٍ لتروى عطش شوقها، فالمرء يشعر بقيمة المحب له و عظمة مكانته فى قلبه حين يوشك على فقدانه.
فى صبحية يوم جديد كان "سليم" جالس بجانب شقيقه محاولاً أن يخفف عنه معالم الحزن بعدما شعر بالذنب باتجاه "مراد"، ولجت إليهن فوجدت العائلة باكملها فى حالة يرثى لها، بينما هى لا تقل عنهم حزناً، بل حزنها وألمها أكثر منهما، التفت إليها الجد ليقول:
-تعالى يابنتي واقفة عندك ليه.
أجابته "رحيل" بابتسامة باهتة يكسوها معالم الحزن والتعب فقالت:
- أنا رايحة المستشفى حد منكم هيجى معايا.
رد عليها "حمزة" وهو ينهض من مقعده:
-ايوة يابنتي أنا جاى معاكى.
نهض الجد هو الآخر وقال:
-استنوني هطلع أغير هدومي واجى معاكم.
بينما "رحيل" جذبت كأس الماء من الطاولة وارتشفت منه قليلاً، فتحدثت "صفا" قائلة:
-مش هتتفطرى الأول قبل ماتمشى.
-لا ياماما ماليش نفس للأكل، واه خلى بالك من الأولاد هما شوية وهيصحوا حاولى تخليهم يفطروا.
ثم تفحصت الغرفة وقالت بتسأل:
-اومال عمتو حنان فين.
أجابها عمها "حمزة" قائلاً:
-حنان نايمة.
قطبت مابين حاجبيها بتعجب ثم قالت:
-هى مش هتيجى معانا تطمن على مراد.
-لا أصلها مانمتش امبارح وكانت طول الليل بتعيط، وأنا الصراحة خوفت ليجرالها حاجه فحطتلها مهدى فى العصير الفجر عشان ترتاح شوية، ولما تصحى براحتها هبقى اخلى مازن أو هشام يجبوها معاهم.
وفى هذا الأثناء أردف "سليم" بود:
- ابقوا طمنوني على مراد ولو احتاجتم أى حاجه اتصلوا بيا ياحمزة وأنا والله مش هتأخر.
نظر إليه شقيقه وقال باسماً:
-حاضر ياسليم.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
فلما وصلوا للمستشفى أقتربت "رحيل" بلهفة من "مروان" وقالت متسائلة:
-طمني مفيش أخبار جديدة عن حالته.
أجابها الأخر ببسمة وشوشة فقال:
-اطمنى ياحبيبتي الدكتور من شوية كان عنده وقالنا أن حالته بتتحسن.
أرتسمت على محياها ابتسامة رضا ثم قالت بنبرة لطيفة:
-طب الحمدلله، لكن أنا عايزة أشوفه ينفع ادخله العناية.
تحدث "أدهم" قائلاً:
-اه ياحبيبتى ينفع بس لازم تتعقمى الأول قبل ماتدخلى.
-ماشى مفيش مشكلة، طب وعمى مش هيدخل معايا.
رد عليها "مروان" فقال:
-المفروض واحد بس اللى يدخل.
نظرت إليه "رحيل" بحيرة فهى تريد أن تراه ولكن عمها أحق منها، فتراجعت خطوة للخلف بعدما انطفئ حماسها، فعلم "حمزة" ما دار بعقلها عندما لاحظ تغير لون وجهها، فمسك معصمها وقال باسماً:
-ادخلى له يابنتي لأن وجودك جمبه هيفرق معاه أكتر من وجودى أنا.
- لكن ياعمي.
قاطع حديثها بقوله:
-مفيش ولكن أنا اللى بقولك ادخلى شوفيه، وأنا كدا كدا اطمنت عليه.
عانقته بقوة وهى تقول برقة:
-شكرآ.
فلما دخلت إليه دنت منه وجلست على المقعد بجانبه، ثم مدت يدها المرتشعة لتمسك ساعده الذى قبلته فوراً وبكت بصوت خافت:
- مش عارفة أقول ايه بس كل اللى أنا عيزاه أنك تقوم بالسلامة وترجع لبيتك بكامل صحتك وبعدها كل شئ يهون.
أخذت تتأمل وجهه الشاحب المائل إلى اللون الأصفر ثم قالت بألم يعصف قلبها:
- مكنتش حابة أشوفك قدامي بالشكل ده لأن قلبي بيوجعني أوى ومش قادرة اتحمل وجعه، أرجوك يامراد اتعافى بسرعة عشان خاطر ولادنا وعشان خاطري أنا كمان لأني محتاجاك جمبي، أنا مش هقدر اتخطى كل اللى حصل غير بوجودك جمبي.
ظلّت تراقبه لبضع دقائق حتى انتهى وقت الزيارة.
فى شركة الألفى كان "مازن" يباشر العمل إلى حين عودة اشقائه، فولجت إليه السكرتيرة واردفت بطريقة مشمئزة فقالت بدلال:
-تحب اسعدك فى حاجه مستر مازن.
أجابها وهو ينظر إلى إحدى الملفات فقال بحده:
-لا ياسوزى وبعدين أنتى مش السكرتيرة بتاعتى أى اللى جابك هنا.
- أنا قولت اكيد حضرتك مشغول جدآ وخصوصاً أن مفيش حد هنا يساعدك فحبيت اجى اشوفك لو محتاج حاجه، طب تحب تشرب قهوة.
رد عليه دون أن يلتفت إليها فقال:
- مفيش مانع بس ياريت تبقى مظبوطة.
-حاضر.
بعد لحظات عادت إليه ومعها فنجان القهوة فوجدته واقفاً ينظر من النافذة على المآرين فى الخارج، بينما هى تلكأت فى مشيتها حتى تعثرت قدميها، لتقع بالقرب منه ولكنه اسندها فى تلك اللحظة، وعندئذٍ تفاجأ بحضور زوجته التى التمعت عيناها بالغضب والكره الغليظ لتلك الفتاة، فاقتربت منها وشدّت خصلاتها بقوة حتى أسقطتها أرضاً كل هذا حدث وهى تصيح بصوتٍ عالِ:
- اه ياخطافة الرجالة ياشبه عصاية المقشة
كانت "سوزى" تحاول أن تدفعها بعيد عنها ولكن الأخرى كانت فى مركز القوة، فصرخت "سوزى" متألمة من أثر الضرب :
-ابعدى عنى يابيئة مش عارفة هو أزاى أتجوز واحدة مسترجلة زيك.
بينما "ندى" سددت لها عدة صفعات متتالية ثم قالت بغضب:
-بقى أنا بيئة يازبالة والله لهربيكى.
أنهت جملتها وهى تقضم ذراعيها بعنف شديد حتى تقطرت الدماء منه، رفعها "مازن" بكامل قوته من عليها وهو يقول:
-يابنتي اتهدى بقى جايبة الصحة دى كلها منين حرام عليكى.
التقطت "ندى" أنفاسها المتقاطعة ثم قالت بضجر :
-سيبنى اخلص عليها يامازن وانتفلها شعرها اللى عامل زى الليفه ده.
رد "مازن" بضيقٍ وهو يشير للاخرى أن تنهض من مكانها:
- اخرجى برا ومشوفش وشك هنا تانى.
ثم نظر نحو زوجته وقال غاضباً:
- ممكن تهدى بقى فرجتى علينا الناس.
تحدثت هى بنبرة عالية:
-هو أنت عايزيني أشوف الزبالة دى فى حضنك وأسكت يابيه ما هو شكل الموضوع عجبك.
تفوه "مازن" وقال بحده:
-ندى صوتك أنتى هتستهبلى فيها ولا أى ما قولت ان محصلش حاجه، أنتى اللى فهمتى الموضوع غلط.
ترقرت الدمع فى عيناه ثم قالت بنبرة حزينة:
-صح أنت عندك حق أنا فهمت غلط.
خرجت من المكتب وهى تسبه بجميع الشتائم التى تعرفها، بينما هو جلس على مقعده بأرهاق وقال بضيقٍ:
- ياربي هو أنا كان ناقصني مشاكل.
لحظات وفُتح باب مكتبتها فلم يجدها بداخله، فاغمض عيناه بغضبٍ وهو يقول:
-أكيد الهانم روحت على البيت، ماشى ياندى لما أشوف أخرتها معاكى أي.
كانت جالسة بأحضان صديقتها "نور" التى تفوهت بنبرة قلقة:
- ايه اللى حصل فهميني واحدة واحدة وبلاش عياط بقى يابنتي.
أجابتها "ندى" مشتكية وهى تبكى:
-مازن الخاين الكداب الغشاش بيخونى.
حدقت بها "نور" مندهشة ثم قالت بتسأل:
- بيخونك أزاى مش فاهمه؟.
رددت عليها بصوت باكى:
-ااااه الخاين بيخونى مع عصاية المقشة.
ابتعدت عنها "نور" وهى تنظر نحوها بأعين متسعة صادمة:
- أى بيخونك مع مين أنتى قولتى عصاية المقشة ولا أنا سمعت غلط!.
-مش قصدى عصاية المقشة اللى بنروق بيها أنا قصدى ع البت الصفراء اللى ضاربه شعرها أكسجين سكرتيرة مراد أخوكى.
-طب خانك معاها أزاى يعنى مش فاهمه؟.
جففت "ندى" دموعها بكف يديها ثم قالت بحزن:
- أنا كنت قاعدة فى مكتبي وزهقانة فقولت لما اروح اشتغل معاه فى مكتبه أهو نسلى بعضنا، ولما دخلت لاقيت الهانم الصفرا فى حضن البيه.
-مايمكن أنتى فهمتى غلط.
صاحت الأخرى بضيقٍ فقالت بنبرة عالية:
- هو ايه اللى فهمته غلط بقولك كانت فى حضنه ودى هيكون معناها ايه أن غير البيه ماصدق يستغل الفرصة ويخوني.
ربتت على ظهره صديقتها بشفقة ثم قالت:
-ممكن تهدى لأن اللى بتقوليه مستحيل مازن يعمله أكيد فى حاجه غلط ياندى، فبلاش تشكى فى جوزك لأنك كدا هتبوظى علاقتك بيه، ولما يجى حاولى تتكلمى معاها بهدوء وتعرفى ايه اللى حصل، علشان متخسريش جوزك بسبب غيرتك الزايدة.
لحظات وجاء "مازن" من الخارج باحثاً عنها، فلما وجدها جالسة فى غرفة المعيشة بجانب زوجة شقيقه دن منها وقال معتذراً:
-أنا آسف لأني زعقتك فى المكتب، وصدقينى ياحبيبتي أنتى فهمتى غلط.
دفعت يده بعيداً وهى تقول :
-ابعد عنى أنت خاين ومش عايزة اتكلم معاك.
تحدث "مازن" بهدوءٍ حتى يشرح لها ما حدث:
-حاولى تسمعيني أنا بجد والله معرفش هى أزاى بقت فى حضني.
نهضت "نور" من مكانها ثم وجهت حديثها لصديقتها فقالت:
-ندى اعقلى كدا واقعدى اسمعى منه وحلوا مشاكلكم مع بعض بهدوء.
بعد مغاردتها جلس زوجها بجانبها وعانق وجهها بين كفيه، ثم قال بنبرة لطيفة:
- أنا عمري ما فكرت أني أخونك أو ابص لوحده غيرك، أنتى مراتي حبيبتى، وزى ماقولتلك قبل كدا مفيش واحده تقدر تملى عينى غيرك ياندى.
تحدثت "ندى" بنبرة ممتزجة بالبكاء:
-أمال هى كانت بتعمل أى فى حضنك.
تنهد "مازن" و قص عليها من حدث، ثم قال بعطف :
- والله ياندى هو ده كل اللى حصل.
-بجد.
قام بضمها ثم قال باسماً:
-بجد ياعمري ياللى مجنناني أنتى.
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا
↚
ولج "سليم" لغرفة المعيشة وهو يقول:
-بتتخانقوا ليه صوتكم واصل لآخر الدنيا، ثم وجه حديثه لابنه قائلاً:
-عملت ايه يابلوة حياتى؟.
-معملتش حاجه يابابا والله هو بس سوء تفاهم وراح لحاله.
تبسم "سليم" وهو يقول مازحاً:
- يعنى خلاص راح لحاله يا غلطة عمري.
أردف "مازن" باسماً:
-أه والله يابابا خلاص مفيش حاجه احنا زى الفل أهو.
نظر "سليم" إلى "ندى" وقال بحنان أبوي:
-لو زعلك فى حاجه الحيوان ده تعالى قوليلي وأنا هكسرلك رقبته.
ضحكت "ندى" بخفة ثم قالت برقة:
-حاضر يابابا.
بينما "مازن" همس لها قائلاً:
-بقولك ايه مفيش حاجه حلوة منك تنسيني الفرهدة والفضحية اللى حصلت.
تفوهت هى بحياء فقالت:
-اتلم يازفت أبوك قاعد.
-ماشى ياستى لينا أوضة تلمنا لوحدنا.
بعد عدة أيام تحسنت حالة "مراد" الذى خرج فور اطمئنان الطبيب عليه ولكنه حذره من تعرضه لضغوطات، بعد يومين من رجوعه للبيت كان جالس معهم فى غرفة المعيشة يتخلس نظرات محبة نحوها، بينما هى لاحظت تركيزه الشديد معها فنهضت من مكانها لتفر من نظراته المربكة لها، فقالت مبتهجة:
-أنا هروح أحضرلكم العشاء.
ارتسم على فاهُ ابتسامة عذبة حين نظر لاثرها، ركضت صغيرته نحوه مسرعة لترتمى بين ذراعيه بعنف تألم قلبه من أثر ذلك ولكنه تحامل على نفسه كى لا يحزنها، فرفعها إليه واجلسها على رجله وداعب خدها بحنان ولطف ثم قال:
- بحبك يازينة حياتي.
بينما هى تحسست ذقنه المنبتة وقالت ببراءة:
-وزينة بتحبك أوى.
مسد على شعرها بعناية وقال بمرح:
-وبتحبي بابا قد اي.
ضحكت صغيرته برقة وهى تجيبه قائلة:
-قد البحر وسمكاته.
ضحك بخفة عندما تذكر تلك المقولة الذى كانت تقولها محبوبتهُ منذ سنين فائته، فقال:
-تعرفى مين اللى كان بيقول الجملة دى دايماً.
أجابته "زينة" بفطنة:
-مامي.
رفع حاجبه بتعجب ثم تسأل:
-عرفتى منين.
-لان مامي على طول بتقولنا الجملة دى لما بنسالها أنا وزين بتحبينا قد اي، تقولنا قد البحر وسمكاته.
-فعلاً.
تحدث "سليم" قائلاً:
-زينة ياحبيبتي تعالى أقعدى جنبنا هنا عشان ماتتعبيش باباكى.
نظرت إلى والدها فقالت بحزن:
-أنا بتعبك.
قبل يدها الصغيرة برفق ثم قال بحنان:
-لا ياقلبي بالعكس وجودك فى حضني مخليني مبسوط ومرتاح كمان.
بعد مدة من الوقت اجتمعت العائلة معاً ولأول مرة من سنين على سفرة واحدة، فقال الجد بسعادة:
-أنتم مش متخيلين فرحتي بوجودكم حواليا عاملة ازاى، بجد لمتنا دى نعمة كبيرة من ربنا لازم الواحد يشكره عليها، ومن بكرا ياسليم أنت وأخوك تدبحوا عجلين وتفرقوا على كل المحتاجين.
أردف "سليم" بنبرة فرحة:
- حاضر يابابا.
بينما "حمزة" قال بلطف:
-فعلآ وجودنا مع بعض نعمة، الحمدلله أنا ربنا لم شملنا من أول وجديد والبيت زاد أفراد جديدة.
بعد الساعة واحدة صباحاً كانت "رحيل" جالسة على فراشها تتصفح هاتفها، فسمعت صوت ضوضاء يأتي من شرفتها شعرت قليلاً بالخوف والرهبة، فلما زاد الصوت نهضت من مكانها واتجهت بحذر نحو شرفتها، فلما فتحت أبوابها تصنمت مكانها عندما شاهدت "مراد" متعلق على الشجر المطلة عليها وممسكاً بيده باقة ورد، فقالت مندهشة:
-مراد أنت بتعمل اي هنا، وايه اللى طلعك على الشجرة!.
أردف هو بهيام وشوقٍ جارف:
-حبك اللى جبنا لحد عندك.
تحدثت بعدم تصديق فقالت ضاحكة:
-شكل التعب جننك على الآخر.
كان يطالعها بحب شديد فقال باسماً:
-الصراحة أنا جيت هنا عشان أقولك أني ملقتش حد يؤنسني فى الباقى من عمري غيرك أنتى ياحبيبة الروح والفؤاد، أنا جايلك علشان اعتذرلك على ما بدر مني من سوء واتمنى أنك تقبلي تسامحيني وتشاركني حياتي فى الحلال وهكون ليكى الزوج والحبيب والأخ والسند.
تهلل أسارير وجهها وارتسمت على ثغرها ابتسامة عذبة، فقالت برقة:
-طب أنزل من على الشجرة لتقع وأنت أصلا مش حمل كسرة رجل ولا كسرة رأس كفاية اللى حصلك الأيام اللى فاتت.
-مش هنزل غير لما توافقي على جوزي منك.
ضحكت بخفة ثم قالت برقة:
-مش هرد عليك غير لما تنزل.
-وأنا مش هنزل غير لما تقولى موافقة اتجوزك يامراد ومسمحاك و..
لم يكمل جملته فقد أنسكر غصن الشجر وسقط الآخر من عليه، ومن حسن حظه أن المسافة ليست بعيدة، شهقت "رحيل" بصدمة وهى تقول:
-يانهار أسود أهو ده اللى كنت خايفة منه.
هرولت إلى الحديقة والخوف ينهش روحها فلما اقتربت منه وجدته جالس على الأرض ينتظرها، فدنت منه وتفحصته جيدآ وهى تقول بقلق:
-حصلك حاجه أنت كويس رد عليا؟.
أبتسم بخفة على لهفتها وخوفها عليه فقال باطمئنان:
-متخافيش أنا كويس.
تنهدت بهدوء ثم جلست بجانبه وضحكت بخفة على فعلته:
-ينفع شغل المراهقين اللى أنت عملته.
لمس خدها برفق ثم قال:
-أنا أعمل أى حاجه عشان ترضى عني حتى لو هموت نفسي.
نظرت إليه بعتاب وقالت:
-ولما أنت تموت هنعمل ايه من غيرك أنا وولادك، على قد زعلي منك على قد ماكنت هموت لما لاقيتك وقعت من طولك حسيت وقتها أن روحي فرقتني، أنت مش متخيل أنا كنت عاملة ازاى لما عرفت أنك أصيبت بأزمة قلبية حرفيا كنت هموت من خوفي عليك.
أدمعت عيناه بالحزن فقال نادماً:
-رحيل أنا آسف سامحيني ياحبيبتي على الأذى اللى سببته ليكى.
-خلاص أنا مسمحاك أولا عشان خاطر ولادنا وثانياً عشان أنا عايزة أنسى الماضى وعايزة ابدء معاك صفحة جديدة.
-يعنى موافقة تكوني مراتي.
أجابتة بحياء قائلة:
-موافقة لكن بشرط تبنى ليا ذكريات جميلة.
تبسم بخفة وهو يحرك رأسه بالإيجاب:
-موافق ياكل كُلي.
فى غرفة الفندق ارتدت "رحيل" فستان زفافها الذى يشبه فساتين الملكات، فكان مرصع بحبيبات زجاجية تشبه الألماس، بينما هى كانت آية من الجمال وكأنها حور من الجنة، ومازادها جمالاً ذلك التاج الذى وضعته على خصلات شعرها، دنت "صفا" منها وقالت ببكاء:
-أنا بجد مش مصدقة نفسي، اخيرا شوفتك قدامى بالفستان الأبيض يانور عيني.
أردفت "ندي" بنبرة ضاحكة:
-جرا ايه ياصفصف احنا هنعيط كدا مش هينفع يامامي.
- اعمل ايه بس دى دموع الفرحة.
اقتربت "حنان" منهما وهى تبعد "صفا" عن "رحيل" ثم قالت بسعادة:
- اوعى كدا خلونى اشوف عروسة الغالي.
ثم عانقتها بسعادة فبادلتها الأخرى بروح منشرحة محلقة فى أجواء الفرح:
- الف مبروك ياحبيبتى.
أجابتها "رحيل" بخجل وقد تورتت خدودها بالاحمرار:
-الله يبارك فيكى ياماما.
بعد مدة كان يرقص معها وسط حضور العائلة، بينما نبضات قلبه كانت ترقص طرباً لحصولها على غايتها، فهمس لها بحب:
-حرفيا مش لاقى كلام يوصف جمالك وحلاوتك، ولا حتى يوصف فرحتي بيكي، كل اللى اقدر اقوله دلوقتى أن قلبي بينبض بحبك.
التمع بريق عيناها بالسعادة والابتهاج فقالت بنبرة لطيفة:
-بتحبنى قد اي؟.
ارتسم على ثغره ابتسامة عريضة ثم قال حين قبل رأسها:
-بحبك قد البحر وسمكاته.
ضحكت بخفة ثم قالت برقة:
-وأنا كمان بحبك قد البحر وسمكاته.
- كنتى حلمي ودلوقتي حلمي اتحقق يارحيل بعشق عينيكي اللى تشبه السماء فى صفائها ونقائها.
كانت تستمع إليه بحب شديد والدموع تنهمر من عينيه بفعل السعادة التى تشعر بها، فقام بتقبيل يدها وقال بنبرة لينة تحمل بداخلها حنان عميق:
- ياقُرة العين أن العين تهواكى بشدة، فأنا العاشق لكِ ياملكة قلبي.
عانقها برفق وهو يردد كلمات الموسيقى المشتعلة.
أنتهت الرقصة عندما رفعها ودار بها بسعادة وسرور تحت تسفيق الجميع.
كانت رحيل بالنسبة لمراد حلم واتحقق، فهى الامل والحياة
والسعادة التى يشعرها بها♥️♥️
دائـما ...
هنــاك أرواح تحتوينا لتشعرنا بالأمان
أرواح نقيــة قلـــوبها بريئـة
حبها لا يحكى ولا يكتب
هم حكاية قدر جميلة لن تتكــرر أبــدًا
فَــ نَـحنُ يَـڪفينا بِـضع ڪلمات
ڪي نبقى على قيد الحياه ... قيد الشغف
أطلقوا سِهام الحب الصادقه
و أصيبـوا بها أفئــدة من حولڪم
أشبعوهم دعم ... حب و صدق
و تأڪدوا أن ڪلمات صادقه بسيطه
ڪَفيله أن تبني ناطحات من الأمل بأرواحهم ♥️♥️
تمت الرواية
للانضمام لقناة الواتساب اضغط هنا