رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير بقلم ناهد خالد

رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير بقلم ناهد خالد

رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة ناهد خالد رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير

رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير بقلم ناهد خالد

رواية اللحظة الفاصلة من الفصل الاول للاخير

- لما أنتِ شاكه في حب جوزك، قبلتِ تتجوزيه ليه؟
_ مش شاكة أنا متأكده، بس يمكن كنت أنا'نية، ماصدقت اتجوز الشخص الوحيد الي حبيته، ومهتمتش هو بيحبني ولا لأ، واحيانًا بحس إني كنت أنانيه تجاه نفسي عشان قبلت اتجوز واحد مبيحبنيش.
اخذت نفس عميق قبل أن تكمل حديثها بأعين دامعة:
_ تقريبًا كنت أنا' نية تجاه نفسي، كل حاجه بتحصل بينا أقل من العادي، فرحته بولاده عشان ولاده مش عشان جايين من ست بيحبها، مبنتصالحش قد مابنتخانق، روتين ممل بينا، هو مش فارق معاه، شايف انه عادي، مش مهتم نكون احسن.
هتفت "سمر" بشفقة:
_ بس أنتِ مش كويسة يا زينة، ملامحك بهتانة، وشكلك مرهق، أو بمعنى أصح حزين، متوقعتش أبدًا ان تبقى دي حالتك، متوقعتش ان زينة لما تتجوز معاذ الي بتعشقه هتكون بالشكل ده.
انسدلت دمعة حزينة من عيناها وهي تهتف بأ'لم سا' خر:
_ تصدقي، بدأت أحس أن الحب لوحده مش كفاية، او بمعنى أصح مش كفاية عشان ينجح علاقة خصوصًا لما يكون من طرف واحد، انا الي بحارب لوحدي في العلاقة دي يا سمر وللاسف بدأت طاقتي تنفذ.
وجدت "سمر" ذاتها تقوم من محلها وتحتضنها بقوة وكأنها تأخذ كل مشاعرها السلبية منها، ومسدت على ظهرها بحنو وهي تقول:
_ ان شاء الله كله هيتصلح، اتكلمي معاه يا زينة، اتكلمي معاه مرة واتنين وعشرة، حياتكوا مع بعض تستحق المحاولة، ولادك "ساجد وفاطمة" يستحقوا، متيأسيش.
وسمحت لذاتها للبكاء في أحضان رفيقة دربها "سمر" وزوجة شقيقها، الغائبة عنها منذُ سبع سنوات، فقد سافرت مع زوجها بعد زواج "زينة" بعدة أيام، وللتو عادت منذُ يومان فقط، لم تجد شخص في السبع سنوات تحكي له معانا'تها، وها قد أتت الرفيقة الغائبة لتسرد لها ما في جبعتها.
_________________
 كالعادة روتين يومي ممل، يتلخص في عودته من العمل وتناوله الغداء معها ومع اولاده، وبعدها يلهو مع الصِغار لبعض الوقت، ثم يتناول حاسوبه ويجلس لينهي عمله عليه، عمله الذي بالمناسبة يأخذ باقي وقته تقريبًا، حتى خلوده للنوم، اعدت بعض المسليات، وجلست أمام التلفاز، وهو يجاورها فوق الاريكة، القت نظرة على طفليها مبتسمة، وهما يلعبان بألعابهما أرضًا، والغريب أن ساجد ذو الخمس سنوات يشبهها تمامًا، في كل شيء، طباعها وتصرفاتها وحتى بعض ملامحها، بينما فاطمة ذات العامان ونصف تشبه والدها في كل شيء، ولهذا فهي مدللة قلبه، بينما ساجد هو مالك قلب والدته، انتبهت لشجا'رهما حول أحد الألعاب، لتهتف برفق:
_ ساجد، سيب اللعبة لأختك يا حبيبي دي بتاعتها. 
تذمر الصغير وهو يقول:
_ يامامي انا مسكتها الأول. 
هاودته وهي تخبره:
_ بس دي عروسة بتاعت البنات يا حبيبي، وأنتَ راجل، خد العربية العب بيها. 
وبالفعل استطاعت اقناع الصغير ليعطي لعبته لشقيقته ويأخذ أحد السيارات يلعب بها، ابتسمت "زينة" بحب وهي تلتف لزوجها مقررة الحديث معه لكسر الملل:
_ حبيبي كفاية كده، بقالك ٣ ساعات شغال اكيد رقبتك وجعتك. 
اجابها باقتضاب دون النظر لها:
_ هو بمزاجي! عندي شغل لازم اخلصه.
قضمت شفتها السفلى بض'يق فها هو كالعادة يغلق الطريق أمامها لأي حديث، تنهدت مقررة الحديث في شيء اخر لعلها تجذب انتباهه:
_ سمر كانت بتقولي انهم هيطلعوا الساحل اخر الشهر، ومصطفى كلمني يقولي لو ظروفنا هتسمح نطلع معاهم.
نظر لها بجانب عيناه وهو يخبرها بض' يق:
_ هو ده بجد! يعني شيفاني مسحول في الشغل وتقولي ساحل! ده العقل زِينة ولا ايه؟
كبتت غيظها وهي تجيبه بنز' ق:
_ انا قولت اعرفك، لكن انا عارفه انك مش فاضي.
_ مادام عارفة إني مش فاضي وجع دماغ هو وخلاص!
تملكها الغ'يظ لتردف بح'دة:
_ يمكن بفتح أي كلام بدل الصمت الممل ده!
زجرها بجانب عيناه وهو يخبرها باستهزاء:
_ روحي العبي مع عيالك.
انتفضت واقفة تصيح بضي' ق حقيقي:
_ يعني ايه بقى بالضبط! يعني انتَ تتكلم مع ولادك، وانا اتكلم معاهم، انا وانتَ بقى ايه! مفيش بينا اي تواصل! مبتفتكرش اني مراتك غير لو في مص' يبة عاوزني اتصرف فيها معاك، او بليل مش كده!
نظر لطفليهِ اللذان توقفا عن اللعب ينظران لوالدتهما باستفسار، اغلق شاشة الحاسوب بعنف وهو يقول لهم بهدوء خارجي:
_ ساجد خد اختك وادخل جوه يا حبيبي.
وبالفعل نفذ الصغير، وبعدها كان ينهض ماسكًا ذراعها بعنف وهو يهدر بها:
_ كام مره قولتلك بلاش خناق قدام الولاد؟ ولا أنتِ مبتفهميش! المره الجاية مش هعمل حساب لوجودهم وانا بلسعك قلم يفوقك فاهمة! واخر مرة تتكلمي معايا بالاسلوب ده، واه مفيش حاجه تانية بينا نتواصل فيها.
أنهى حديثه تاركًا ذراعها بعن'ف اوقعها فوق الأرضية، واتجه للداخل مغلقًا الباب خلفه.
تهاوت دموعها بتعب وهي لا تعرف بأي طريقة تستطيع التعامل بها، وهل سيبقى الوضع بينهما هكذا!!
___________________
بعد شهران...
احواله تغيرت بشكل ملحوظ، بات يعود متأخرًا، لا يلحقهما على العشاء حتى، يرى اطفاله صباحًا فقط، وهذا جعلها تتسائل هل معقول أن آخر شجار بينهما كان هذا نتيجته! هل سأم منها ومن رؤيتها كي لا يتشاجران مرة أخرى فقرر البُعد! لكنه بُعد مو'حش لقلبها، يهلكها، يوجعها، لا تتحمله.
وهذا ما جعلها تتحدث معه اليوم حين عاد باكرًا ولأول مره منذُ شهران ..
_ هو أنتَ زعلان مني من اخر مرة؟ من وقتها وانتَ متغير وبقيت ترجع متأخر، مبتقعدش في البيت كام ساعة على بعض. 
اجابها بهدوء وهو يوجه بصره للتلفاز:
_ لأ، عادي. 
اخرجت هاتفها وبدموع متساقطه كانت تريه أحد الرسائل التي ضمت صورة له مع خطيبته السابقة. 
_ هي الصورة دي حقيقية؟ أنتَ شوفتها تاني؟ 
نظر للصورة لبضع الوقت ثم أجابها...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_مين بعتلِك الصور دي؟
_ده الي هامك! مين بعتها! رد عليا أنتَ قابلتها فعلاً، وليه مقولتليش؟ وياترى هي سبب قلبتك عليا الفترة الي فاتت دي؟ وسبب غيابك عن البيت معظم الوقت!؟
جذب منها الهاتف ووضعه جانبًا قبل أن يخبرها بهدوء:
_ متسأليش في حاجات ممكن تخرب حياتنا يا زينة، سيبك من الصورة وكأنك مشوفتيهاش.
هزت رأسها باستنكار وهي تسأله:
_ والله! ولو أنتَ الي جاتلك صور زي دي عني، هتعمل نفسك مشوفتهاش!؟
مسد جبهته بارهاق وصداع بدأ ينتابه وحافظ على نبرته الهادئه وهو يجيبها:
_ انت عارفه ان الوضع بيختلف وان الراجل غير الست. 
رفعت شفتها العليا بسخريه وقد بدا على ملامحها عدم الاقتناع التام بحديثه وعقبت بانفاس متسارعه من غض'بها:
_ ست ايه وراجل ايه، وايه التخ' لف ده! لا ما فيش فرق يا استاذ ما بين الراجل والست، الوضع هو هو، وانت لو كانت الصوره دي جات لك انت ما كنتش هتقول لنفسك هعمل نفسي ما شفتهاش، وحالا عاوزه تفسير للي في الصوره ويا ريت تتخلى عن برودك شويه وانت بتجاوبني. 
زفر انفاسه بضيق وقد بدأ صبره في النفاذ وهو يجيبها:
_ تمام، اه قابلتها اتقابلنا صدفه مفيهاش حاجه يعني، مش مستاهله كل الغاغه اللي انت عاملاها دي، يا ريت نكون خِلصنا بقى. 
أدمعت عيناها اكثر، وهي تضغط على اعصابها لكي تبقى بهذا الهدوء، بينما تعقب مستنكره وهي تلتقط هاتفها مره اخرى وتعبت به لثواني قبل ان تخرج احد الصور عليه وتوجهها له:
_ ويا ترى مقابلتك الصدفه ليها تخليك تحضنها! ايه غلبك الحنين ولا ما قدرتش تمسك نفسك قدامها؟ 
حسنا يبدو انه لا داعي من المراوغه اكثر، فمن الواضح انها تحمل في جعبتها الكثير من التفاصيل التي لن تجعله قادر على المراوغه، لذا فليخبرها الحقيقه! التقط انفاسه مره اخرى قبل ان يقرر القاء قنب'لته المد' وية وهو يخبرها بملامح متحفزه لأي رد فعل منها:
_ ماشي يا زينه.. الحقيقة ان أنا ماكنتش ناوي اعرفك حاجه، حفاظًا على مشاعرك ده أولاً، وحفاظًا على البيت والولاد ثانيًا، ورغم إني ماكنتش هعمل حاجه غلط لكني حرِصت إن الموضوع يكون في السر، عشان ما يوصلكيش رغم ان ده برضو كان فيه إهانه ليها، بس ما كانش هاممني غير ولادي واني اقدر اوفر لهم حياه كويسة وماكونش سبب في انهم يعيشوا وقت صعب وتشتت بسببي، فياريت تحطيهم في دماغك قبل ما تردي على اللي هقوله دلوقتي، اه رجعت قابلتها من ثلاث شهور تقريبا هي اطلقت، اطلقت من فتره طويله.. ويا دوب لسه راجعه مصر من خمس شهور بس ما شفتهاش غير من ثلاث شهور اول شهر اتكلمنا عادي، ما كنتش اصلاً احب ان انا اتواصل معاها بس... بس كنت بشوفها بحكم ان هي جاره اهلي لما كنت بروح عشان ازورهم... اتقابلنا كذا مرة ماعرفش الصدفة ولا لا بس كانت بتقف تتكلم معايا، فكنت بضطر ان انا اتكلم معاها، بعدين بدأت اتعامل معاها عادي زي معرفه قديمه واحده في واحده من كام اسبوع زي ما انتِ بتقولي الفتره اللي انا اتغيرت فيها، بدأت احس ان انا مش قادر اتعامل معاها كمعرفة قديمة، لقيت نفسي عاوز ارجع علاقتنا زي ما كانت زمان، انتِ اكيد عارفه ان انا بحبها وانا متاكد ان انتِ عارفه ده من اول مره، من اول يوم اتجوزنا فيه، يمكن كنت بستهبل وما حبيتش افتح معاكي الموضوع في اي وقت عدى، كنت بقول ان ما فيش داعي ان احنا نتكلم في حاجه خلاص خلصت، بس مكنتش قادر ان انا احب تاني كنت فاكر ان خلاص ما بقتش بحبها، بس في نفس الوقت مش عاوز احب تاني، مش عاوز اعيش التجربه دي تاني، لحد ما قابلتها وقتها عرفت ان انا ما كنتش قادر احب تاني ببساطه لاني ما نسيتهاش، عشان كده ما عرفتش احب تاني رغم اني كتير حاولت والله صدقيني، انا بجد حاولت كتير قوي، حاولت اتعامل معاك عادي حاول تحسن علاقتنا حاولت اخليها تاخدي مكان في قلبي بس ما قدرتش ما اعرفش كان ايه الحاجز اللي جوايا بس ما
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
عرفتش اعمل ده.. أنا مابكرهكيش يا زينه.. هو بس الحب مش بايدنا عشان كده انا قررت ان انا اتجوزها، كنت ناوي ان انا اتجوزها في السر، عشان برضو اراعي مشاعرك وفي نفس الوقت احافظ على بيتي واولادي، بس بعد الصور اللي انت شفتيها اعتقد هتفضلي شاكه فيا فمفيش داعي ان انا اخبي، انا عارف ان كلامي صادم بالنسبه لك بس زي ما قلت لك اتمنى ان انت تفكري في ولادنا قبل ما تردي اي رد. 
تفكير! وهل حقا يطلب منها تفكير!؟ يا له من وقح!! تفكر في ماذا؟ لا الامر ليس صادم الامر انه فقط... نهضت واختفت بالداخل لبضع دقائق ثم خرجت وهي تجر حقيبة كبيرة وطفليها خلفها وقد بدلت ثيابها وثيابهم... 
_أنتِ راحة فين! بطلي جنان وادخلي جوا. 
تركت الحقيبة واتجهت له تصر'خ بهِ وقبضتها تضر:به في صدره بقو' ة تخرج بها يأسها وغض'بها منه:
_ أنتَ ايه!؟ ايه الجحو*د اللي في قلبك ده! انتَ لا يمكن تكون انسان! أنتَ لا يمكن تكون حد بتحس وعندك مشاعر، أنتَ ايه يا اخي انت ناوي تعمل فيا ايه تاني! 
قالتها بكل الق*هر الذي ملأ قلبها، قالتها وهي متسعه الأعين ليس من صدمتها بحديثه ولكن من عدم استيعابها للموقف.. 
قطب حاجبيهِ باستنكار لحديثها وردد بانكار:
_ ايه ايه! عملت فيك ايه اولاني عشان اعمل فيك تاني! هو انتِ ليه محسساني إني كنت بعذبك. 
__أنت معملتش حاجة غير إنك وجعتني وكسر*تني، معملتش حاجة غير إنك هديت فيا، الحتة الي قد كده الي كانت باقية سليمة، ممشتش غير لما اتأكدت إنك كسر*تها ودوست عليها بالقوي.
يبدو على وجهه الفتور والملل، بينما هي ملامحها تصرخ أ'لمًا، يبدو أنه لا يهتم بكل ما يقال وقد ظهر هذا في حديثه تاليًا حين أخبرها بكل برود:
_ خلصتي؟ روحي اعملي الأكل يلا وبطلي هبل، ودخلي شنطة هدومك دي.
نفت برأسها وهي تخبره بدموع متساقطة، وحزن جم:
_ بس ده مش هبل، أنا المره دي مبهوش، انا همشي بجد عشان مش هتحمل اكتر من كده، مش مضطره اعيش معاك بعد كل الي بتعمله فيا، مش مضطره اكمل وانت جاي تقولي هتتجوز عشان حبك القديم الي مقدرتش تنساه رجعت بعد ما اطلقت، انا ايه يجبرني على كل ده.
جلس ورفع قدم يضعها فوق الأخرى بعنجهيه تامة وهو يخبرها بكِبر وأعصاب باردة:
_ يمكن عشان ولادك الي لو خرجتِ من هنا هتخرجي من غيرهم، او يمكن عشان مش هتلاقي مكان تروحيه غير هنا، هتروحي فين ها؟ لأهلك؟ هم فين اهلك دول؟ ولا نسيتي يوم ما ابوكِ قالك قدامي متجيش في مرة غضبانة عشان مش هدخلك بيتي، معنديش بنات تسيب بيت جوزها..
وهل الكلمات تحر*ق! نعم انها تفعل!
هو محق، والدها من رخصها، والدها من جعله يعتبر وجودهم كعدمه، والدها الذي حاول ان يحافظ على بيتها وحياتها الزوجية فلم يشعر وهو يكشف ظهرها أمام زوجها ليقف الآن أمامها ويخبرها بكل وقا*حة أنها لا مأوى لها غير بيته.. ببساطة لأن أهلها لن يستقبلوها ولن يقفوا في صفها.
جملة واحدة كانت ردها على حديثه حين قالت بنظرة قاتلة له:
_ يل'عن ابو الحب الي خلاني اتقبل كل الي الي عملته فيا زمان، انا بكره نفسي كل ما افتكر اني حبيت واحد زيك...
وياليتها لم تقل ما قالته، فقد لاقت ما لم تحمد عقباه حين نهض بغتًة وأصبح أمامها بطوله الفارع و.....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_ استهدي بالله ودخلي شنطتك جوه، عشان انا مش ضامن نفسي اقدر اتحكم في اعصابي اكتر من كده. 
ضغط على نفسه كثيرًا كي لا يتهور ويفعل ما لم يفعله طوال سنوات زواجهما، وقد نجح وهو يضغط على اسنانه بقوة ليهدأ غض'به..
نظرت له بأنفاس سريعة من شدة غض' بها هي الأخرى، ووقفت تنظر له هكذا بصمت لثواني كأن عقلها يفكر في شيء ما، وهو ينظر لها بانتظار لخطوتها القادمة، والتي تفاجأ منها حين وجدها تلتف لتسحب حقيبتها وتدلف الغرفة بالفعل!
وقف قاطبًا حاجبيهِ بتفاجئ لتصرفها فقد ظن أنها ستعانده وتصر على موقفها حتى ولو لقليل قبل أن تخضع ففي النهاية هي تعلم جيدًا أنها بلا مأوى!
نصف ساعة وخرجت من الغرفة وقد اتخذ هو الاريكة مجلسًا له يفكر في القادم بينهما...
قطعت تفكيره وهي تضع الحقيبة مرة أخرى نصب عيناه، ليزفر باختناق وهو يردد بسأم:
_ استغفر الله العظيم، انتِ طلعتي تاني! ده انا قولت عقلتي لما دخلتِ الاوضة، وهديتي وفكرتي فيها صح.
نظرت له بثبات وهي تجيبه بأعين مثبته عليه بقوة:
_ مانا عقلت وفكرت فيها صح فعلاً.
رفع حاجبه ساخرًا يسألها:
_ ده ازاي بقى؟ اومال ايه الشنطة دي؟
_ لا دي مش شنطتي، دي شنطتك أنتَ.
نهض واقفًا بعدم استيعاب لجملتها وهو يقول:
_ مين قالك اني ناوي اسيب بيتي؟!
احتدت نبرتها وهي تخبره:
_ لا، مهو مش بمزاجك.. أنتَ مش كده كده هيبقالك بيت تاني؟ وهتقعد فيه اكيد، ويوم ما مزاجك يجيبك هتيجي هنا... فانا بوفر عليك البهدلة وبقولك احنا مستغنيين عن وجودك، خليك هناك معاها، ووقت ما تحب تيجي تشوف ولادك البيت مفتوح.. بس تشوفهم وتمشي متعملش حسابك تبات، وورقة طلاقي توصلي، وياريت يكون عندك كرامة وتقبل بالوضع ده.
انفعل عليها من صدمته فيما تقوله، فلم يتوقع ان تضعه في ذلك الموضع، وما زاد من انفعاله هو جملتها الأخيرة، فهدر بها:
_ يكون عندي كرامة! لا أنا عندي كرامة اوي كمان، متفكريش اني همسك في ديلك واقولك مش مطلقك، لو ده اختيارك، يبقى أنتِ الي اختارتي، بس كوني عارفة إني مكنتش مخطط اني اطلقك ولا اسيب بيتي وولادي، واعتقد ان في كتير زيي، بيتجوزوا وبيوازنوا بين البيتين وفي ناس عندهم ٣ بيوت وعادي، لكن مادام ده اختيارك فأنا مش هراجعك فيه.. بس افتكري كمان اني مظلمتكيش.. بس ياترى مين قالك اني هسيب شقتي وامشي!؟
انسدلت دموعها التي حاولت كثيرًا كبحها واختنقت بتلك الغصه التي انتابت حلقها:
_ مظلمتنيش! اه فعلاً، والناس الي بتتكلم عنهم دول، كدابين كلهم، محدش يقدر يعدل بين بيتين، محدش يقدر يوازن بينهم، انتوا بس بتريحوا ضميركوا..
وهتسيب الشقة وتمشي عشان انا حاضنه، وعشان مش هترضى لولادك البهدلة لو طلعت من هنا بيهم، ويكون في علمك، هتبقى على موتي لو طلعت من هنا من غيرهم.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
حرك رأسه بيأس من الموقف، وتنهد تنهيدة عميقة قبل أن يقرر فعل الأصلح.. ويبدو أن الأصلح هو ما طلبته..
-----------------------
وها هو يبرر لولديهِ غيابه عن المنزل، يأتي ليراهم يوميًا تقريبًا، لكنه بالأخير يذهب! اربعة اشهر مروا على هذا الحال حتى بات تذمر الصِغار يظهر. 
_ بابي انتَ ليه مبقتش تنام معانا هنا؟
كان هذا السؤال الذي خرج من فاه طفله "ساجد"، ليجيبه بحنان وهو يعبث في شعره:
_ معلش يا حبيبي، انا بس شغلي كتير وبضطر ابات في الشغل، وباجي كل يوم اهو اشوفكم.
_ ازيك يا معاذ، اخبارك ايه؟
رفع رأسه حين استمع لصوتها ليبتسم لها بهدوء وهو يجيبها:
_ بخير، عامله ايه يا زينة؟
جلست بكل ثقة أمامه وهي تجيبه بزهو:
_ تمام جدًا، أنا حتى كنت لسه هعزمك على افتتاح الأتيلية بتاعي، الاسبوع الجاي يوم الخميس، اوعى متجيش.
ابتسم بالكاد وهو يرى أنها تخطته! بل وبدأت تخطط لحياتها ومستقبلها كأن غيابه لا يعنيها! لن ينكر انه شعر بالغيظ حيال الأمر، فقد كان يمني ذاته بعودتها له بعد شهر على الأكثر، ويجزم أنها لن تستطيع العيش بدونه، وللعجب انها خالفت توقعاته!
_ بجد؟ مبروك، مبسوط انك حققتي حاجه لنفسك، بس من امتى وانتِ بتهوي التفصيل؟
اجابته بهدوء جاد:
_ من زمان، من ايام ماكنت في اعدادي، واستمريت في ده لحد ما دخلت ثانوي كمان، بس بعدها بابا محبش ان حاجه زي دي تشغلني عن دراستي في الكلية، وكان شايف انها ملهاش لازمة، وزاد الموضوع لما اتقدمتلي واتخطبنا، بعدها انا نفسي نسيت الهواية دي، وانشغلت..بس جه وقت خروجها للنور.
بابتسامة صفر'اء مغتا'ظة كان يجيبها:
_ اه اكيد، مبروك مرة تانية..
--------------
وهل زينة نست؟ وهل بالفعل تخطته بسهولة! هل أصبح حبها له مجرد ماضٍ!؟
كل الاجابات باتت واضحة يوم الخميس من الأسبوع التالي..
تزينت بأبهى فساتينها، وللحق بدت جميلة بشكل يخطف، وقد خطفت أعين "معاذ" بالفعل، ولوهلة شعر بندمه لتسرعه في اضاعتها، فها هي تقف شامخة، قوية، جميلة، ذات شخصية طاغية على الحضور، لتلقي كلمتها في الافتتاح، والجميع يصفق! وبعدها تدور هنا وهنا، ترحب بهذا وترد تحية ذلك، حتى وصلت لهما.. هو وزوجته..
_ أهلاً، أهلاً، نورتوا.
ابتسم لها بلطف حقيقي وهو يجيبها:
_ ده نورك مبروك على الافتتاح.
اشار بينها وبين زوجته وهو يقول:
_ _ ايناس مراتي، زينة طليقتي اكيد تعرفيها.
قالها وهو يقدمها لزينة بتوتر طفيف انتابه من أن تفعل الأخرى شيء يضعه في مأزق، لكنه وعلى أي حال لابد أن يعرف أولاده عليها، والأمر لن يتم في عدم وجود والدتهما، لذا فهذه نقطة البدأ.. 
ابتسمت بغموض وقد اقتربت خطوتان كانتا الفاصلتان بينها وبين غريمتها ورددت بأعين تلمع مكرًا:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_ مش محتاجين تعرفنا على بعض، ازيك يا إيناس.
ابتسمت ايناس على مضض وهي تجيبها بضيق:
_ كويسه، أنتِ عاملة ايه يا زينة؟
ضحكت بدلال وهي تجيبها:
_ لا انا كويسه جدًا..عمري ماكنت كويسة زي دلوقتي.
باغتتها "ايناس" بسؤالها:
_ فتحتي اتيلية وبتخططي يكون احسن اتيلية في البلد وتعملي فروع زي ما قولتي من شوية، بس مش وارد لو اتجوزتي تاني جوزك ميحبش ده! يبقى بتضيعي مجهود على الفاضي.
وكلماتها جعلت "معاذ" تتجعد ملامحه بضيق واضح، لم يحب ما ذكرته، ليجيب قبل إجابة "زينة" :
_ جواز ايه، زينة اكيد مش هتسيب الولاد وتتجوز.
وكلماته اشع'لت غض'ب "زينة" التي نظرت له بتحدي سافر:
_ ليه! مانتَ سبتهم واتجوزت، ولا حرام ليا وحلال ليك! انا لو عاوزه اتجوز من الصبح هعملها عادي، محدش له عندي حاجه، بس الحقيقة...
التفت ل"ايناس" لتردف بابتسامة:
_ مين هبلة تتجوز مره وتعملها تاني! انا دلوقتي متحررة، بعمل الي عوزاه، وبمشي حياتي بأمري، وعايشة كويس جدًا، مين قال اننا منقدرش نعيش من غير راجل في حياتنا! او مين ربط النجاح بالجواز! بالعكس، انا كده في حال احسن، نفسيتي اتحسنت كتير، وحاسه بسلام رهيب عمري ما عيشته، ابقى مجنونة لو فكرت احط نفسي في قفص راجل تاني، غير بقى إن ولادي عندي بالدنيا وعمري ما هعرضهم لأي احساس سخيف بأي شكل.
انهت حديثها وهي تقول بابتسامة لهم:
_ استمتعوا بالاحتفال.
وذهبت من أمامهم كذهاب النسيم الهادئ تمامًا..
-------------------
والاجابات أتت الآن، حين انتهى الاحتفال وعادت غرفتها، تتذكر وقوفه لجوارها، انتمائه لأخرى، لم يعد حقها، لم يعد يخصها بأي صفة.
لساعتان وربما ثلات انفط'ر قلبها من ال' بكاء قبل عيناها، وهي تكتم اوجا'عها وشهاقتها في وسادتها كي لا يشعر بها الصغيران.. مازالت تحبه، واللع'نة على كل شيء...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_ أنتِ فعلاً حياتك كويسة من غيره ولا ده مجرد كلام! انا احترت معاكِ يا زينة، أوقات بحس إنك قدرتي تتجاوزيه وفعلاً شيلتيه من قلبك ومبسوطة من غيره، واوقات بحس إنك لما بتشوفيه عينك بتتملي حنين واشتياق، مبقتش فهماكِ بجد.
ابتسمت بالكاد، تلك الابتسامة التي لا تنم عن أي مرح وهي تقول:
_ أنا فعلاً مبسوطة من غيره، بس مشلتوش من قلبي، واوقات ببقى عاوزه اجري اترمي في حضنه من اشتياقي له.
قطبت "سمر" حاجبيها بتعجب وعقبت:
_ دي فزورة دي!
_ لا خالص، دي المعاناة الي بتعيشها كل ست قررت تنفصل وهي بتحب جوزها، حبه بيفضل جواها، لكن كرامتها وراحتها بتبقى أهم، أنا بحبه، وبحبه اوي وعمري ما هقدر احب حد غيره، بس كمان عمري ماهقدر اكون معاه، مش هقدر انسى معاملته ليا طول سنين جوازنا، مش هقدر انسى ظلمه ليا لما راح اتجوز واحده تانية، واتخلى عني، مش هقدر اعيش معاه من غير ما اشك فيه الف مره انه مبيحبنيش ومجبر عليا عشان ولاده، فهمتِ حل الفزورة؟
حركت "سمر" رأسها بشفقة وهي تخبرها:
_ فهمت للأسف، ربنا يكون في عونك يا زينة.
وبقوة امرأة تحملت الكثير كانت تخبرها:
_ أنا هعيش، وهنجح، وعزوتي ولادي، هربيهم صح، واطلعهم نماذج كويسة للمجتمع، وهعمل لنفسي كيان خاص بيا، أنا مش ناقصني حاجة عشان اكملها براجل..
_________________
عام كامل مرَ، والعام إثنى عشر شهرًا.. تغير فيهم الكثير..
سمعت منذُ ثلاثة أشهر عن مشاكل كثيرة بينه وبين زوجته، ومنذُ شهر تقريبًا سمعت خبر طلاقهما، ستكذب إن قالت أنها لم تهتم، أو لم يعنيها طلاقه في شيء، بل لقد طيب قلبها، وهدأ نير*ان الغ*ضب التي كانت تأكلها، شعرت انه أخذ جزائه، ليس جزاء ظلمها، بل جزاء تركه لها ولبيته من أجل أخرى، بالتأكيد هو نادم الآن على تسرعه في الارتباط بالأخرى، فلو يعلم الإنسان القادم لاختلفت اختياراته بكل تأكيد، فإن علِمَ انه بعد أشهر سينفصل عنها ولن يكمل حياته معها كما توقع لِمَ ترك اولاده وزوجته من أجل نزوة عابرة..
وللغريب أنه لم يخبرها بشيء حيال الأمر، لا بطريقة مباشرة ولا بطريقة غير مباشرة، لم يتحدث معها عن الموضوع أساسًا رغم رؤيته لها يوميًا حين يأتي ليرى أولاده.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_________________
_ زينة أنتِ بجد مش فارق معاكِ طلاقه! أنا فكرت لما تعرفي هتفرحي. 
هتفت بها "سمر" بشك، لتوضح لها "زينة" وهي تخبرها:
_ مين قالك إني مفرحتش، أنا فرحت جدًا، وحسيت براحة رهيبة، بس مش عشان السبب الي جه في بالك، أنا مفرحتش عشان كده بقالي فرصة معاه، او في احتمال انه يحاول يردني تاني، انا فرحت عشان حسيت إن جزء من حقي اتردلي، وعشان متأكده انه ندم بعد مالاقى نفسه خسر مراته وبيته عشان واحده مكملش معاها اصلاً، يعني خسر كل حاجة من الآخر. 
_ أول مرة اشوفك شمتان في خسارة حد يا زينة، ورغم إن معاكِ حق في احساسك، لكن مش عاوزاكي تتغيري يا زينة. 
_ متخافيش انا متغيرتش غير على الي اتغير عليَّ، ومبشمتش غير في الي كان السبب في وجعي. 
حاولت "سمر" تجاوز الأمر لتسألها:
_ المهم قوليلي عملتي ايه في الي متقدملك ده. 
_ سمر، انا ابقى عبيطة فعلاً لو فكرت اتجوز تاني، انا حاليًا حرة، بعمل كل حاجه واي حاجه تيجي على مزاجي، الحمد لله الاتيلية بقى بيتعرف وناس كتير بدأت تجيلي مخصوص، وانا متأكده ان مع الوقت هيكبر اكتر، وبعمل كل الي اقدر عليه دلوقتي مع ولاده عشان اطلعهم احسن من اي حد، انا بجد حاسه اني مرتاحه في حياتي، مرتباها كويس وعارفه بعمل ايه وحاسه بسلام نفسي، ليه بقى اجازف واتجوز تاني ويمكن يكون شخص كويس ويمكن لأ.
_ الي تشوفيه يا زينة، الي شايفة في راحتك اعمليه. 
____________________
منذ نصف ساعة وهو يجلس أمامها بعدما طلب ان يحادثها على انفراد وقد طلب من طفليهِ الدلوف لغرفتهما، هي تفهم ما يحاول قوله لكنها تدعي عدم الفهم..
_ اوقات الانسان بيكون متخيل ان راحته وسعادته في حاجة ميعنة، وللأسف بعدها بيكتشف انه كان غلطان، وانه حسبها غلط، وقتها بيحس بمر'ارة الند' م على اختياره الغلط، واحيانًا بيحاول يصلح الخطأ الي عمله، وهو من جواه متمني لو يقدر يصلحه.
تنهدت بملل وهي تخبره:
_ ايوه وايه علاقتي بكل ده؟ انتَ قولتلي عاوزك في حاجة مهمة، ومن وقت ماقعدنا عمال تكلمني عن الإنسان واختياراته وندمه، انا مالي بكل ده.
زفر انفاسه بتوتر بلغ الحلقوم:
_ انا.. يعني قصدي.. انتِ عارفة ان كل انسان بي.. 
بلغ السأم منها مبلغه وهي تقول:
_ معاذ، ياريت تقول الي عاوزه من غير مقدمات.
نفسًا عميقًا، واستعداد واهٍ، قبل أن يردف بتوتر:
_ فرصة تانية، احنا محتاجين فرصة تانية، وصدقيني هي...
قاطعته بحاجبين مقطبين وهي تردد بغرابة:
_ مين الي محتاجين! مين قالك إني محتاجة فرصة تانية!..
طافت سحابة الندم في عيناه وهو ينظر لها بنظرات حزينة صادقة:
_ انا عارف اني جيت عليكِ، بس صدقيني مكنتش وقتها حاسس بقيمة البيت وقيمتك، حاولت احبك وفشلت، بس كان المفروض على الأقل اعاملك بالحسنى والود، مش الطريقة الي كنت بعاملك بيها، انا اكتشفت اني حتى محاولتش احبك زي ماكنت بقنع نفسي، انا للأسف كنت مالي فكري بافكار غلط، اني اتجوزتك لمجرد الجواز، واني لسه بحب ايناس، ومش قادر انساها، واني حاولت احبك ومعرفتش، دي كلها افكار غلط مليت دماغي بيها لحد ما السنين عدت بينا وبرضو مفوقتش... 
سألته بملامح بارده:
_ ودلوقتي ايه؟ عرفت تحبني عشان كده عاوز ترجعلي؟ 
تنهد بقوة قبل أن يخبرها:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_ هكدب عليكِ لو قولتلك اه، بس مبقاش جوايا الاحساس بتاع زمان، اني مجبور على العيشة معاكي، او وجودك معايا روتين عادي، بالعكس دلوقتي حاسس ان انا الي عاوز وجودك ده، مش هقدر اقولك اني بحبك، بس اقدر اقولك ان في مشاعر حلوه جوايا ليكي، في الكام شهر الي فاتوا وبعدي عنك، خلاني اشوفك بمنظور تاني، واحس بيكِ بدون اي حواجز، انا النهارده اقدر اقولك ان انا الي رايد رجوعنا لبعض، عاوز ارجع احس بالدفا وجو العيلة الي محستش بيه غير لما بعدت. 
طالعته بأسف وهي تقول:
_ متأخر اوي يا معاذ، متأخر اوي فوقانك ده، دلوقتي عرفت قيمة العيلة والبيت! دلوقتي عرفت انك عمرك ما حاولت تحبني وانك ظلمتني معاك، بس للأسف انا عمري ما هآمن على نفسي وياك تاني، وظلمك ليا مش هقدر اتجاوزه ونرجع زي الاول، كل إنسان وله قدره وانا قدرتي متسمحش اني ارجع. 
ابتسم بحزن على الحالة التي وصلا إليه بسببه هو لا بسبب غيره، ونظر لها ببعض الخوف وهو يسألها بحذر:
_ أنتِ بطلتِ تحبيني يا زينة؟ 
ابتسمت له بسمة واسعة وهي تخبره بهدوء تام:
_ عرفت ازاي احب نفسي اكتر. 
وجملتها اوشت له بأنها لن تفعل شيء بهِ احتمالية اذيتها، لن تتهاون في حق نفسها، ولن تأتي على كرامتها.. 
_____________
عشرة اعوام مرت... 
والوضع لم يختلف كثيرًا، سوى انهما اصبحا صديقان بحق، وللعجب! نجحت صدقتهما لان الدافع الاساسي لها هو خلق علاقة طيبة بينهما لصالح طفليهما... 
_ بابا أنتَ وماما مفيش أمل ترجعوا لبعض؟ 
سأله "ساجد" الجالس أمام والده في أحد المطاعم، بعدما تناولوا الغداء وقد قامت "زينة" و"فاطمة" لغسل ايديهما، تنهد "معاذ" بتعب حقيقي من الحديث في هذا الموضوع وهو يخبره ولأول مره:
_ انا الي قطعت الأمل ده يا ساجد، انا عارف ان مامتك دايمًا بتقلكوا أن الغلط كان مننا احنا الاتنين ومتفقناش عشان كده سبنا بعض، لكن الحقيقة عكس كده، انتَ دلوقتي ١٨ سنة يعني ماشاء الله شاب وهتفهم كلامي، انا الي كنت اناني وحسبتها غلط، انا الي فرط في والدتك عشان آمال واهية، كنت راسم حياة وردية تانية بعيد عنها فوقت لما لقيتها سودا مش وردي، مامتك مكانتش سبب في انفصالنا بأي شكل، بالعكس هي عملت كل حاجة عشان نكون سوا، بس أنا الي غلطت..
اخذ نفسًا اخر قبل أن يقول بحزن ظهر في نبرته:
_ عشان كده عاوز انصحك نصيحة يا ساجد، اي خطوة هتاخدها هتغير كتير في حياتك لازم تحسبها صح الف مرة، وتشوف اي نتايجها الوحشة قبل الحلوة، وتقدر الي بيقدرك يابني، مش كل الي بنعوزه بناخده، احيانًا اختيارات ربنا لينا بيكون احسن كتير بس احنا الي اغبية، انا مقدرتش النعمة الي كانت في ايدي عشان كده ربنا جزاني لما خلى جوازتي تفشل وبعدها كان حقها والدتك مترضاش ترجعلي، ده اقل من حقها كمان، واحده غيرها كانت مبصتش في وشي اصلاً، لكن هي عشان بنت ناس وطيبة قبلت نكون صحاب زي مانت شايف كده. 
_ اتاخرنا عليكوا!؟ 
اردفت بها "زينة" بابتسامة خفيفة، نقلت عدوى الابتسام ل"معاذ" الذي أصبح يبتسم تلقائيًا لبسمتها.. 
بعد دقائق تركهما طفليهما ليأخذان جولة بالنادي القريب من المطعم، لتبقى هي معه، فابتسمت بهدوء وهي تقول:
_ معاذ. 
_ عيوني.
أردفها بتلقائية، لتبتسم بحرج، وقد توتر هو أيضًا من رده التلقائي، وقررت هي تمرير الأمر كي لا يسبب حرجًا لهما أكثر:
_ مكانش في داعي تقول الي قولته لساجد. 
اتسعت عيناه بدهشة وهو يسألها:
_ أنتِ سمعتي!! 
اومأت مؤكدة:
_ مسمعتش كله، بس سمعت اخر كلامك.. 
تنهد بحزن وهو يخبرها:
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
_ حبيت انصحه، واعرفه ان في مثال حي قدامه، غير اني مش حابب كونك بتشيلي نفسك جزء من الغلط قدامهم وانتِ معملتيش ده. 
صمتت لثواني قبل أن تردف بابتسامة:
_ اتغيرت اوي يا معاذ.. 
اومئ بحسرة خفية لتأخره في التغير كما تقول فهو لم يتغير سوى من بعد انفصالهما، قبل أن يرفع رأسه وهو يسألها سؤاله المعتاد:
_ لسه اختيارك الأخير هو البُعد؟ 
وبنظرة خاصة مليئة بالحب له كانت تخبره بعكس نظراتها:
_ أنتَ أب عظيم يا معاذ، بجد الي بتعمله مع الولاد من زمان مش اي حد يعمله، انا نجحت بجدارة اختار اب لولادي، وصديق كويس جدًا، ومرتاحه جدًا في صداقتي معاك، لكن زوج... اعتقد لو قررنا نعمل ده هنخسر التقدم الي وصلناله دلوقتي، ووقتها هنضيع صداقتنا الجميلة دي ومش هننجح في حياتنا، ويمكن ساعتها نطلع من التجربة بعلاقات بايظة فعلاً مش زي دلوقتي. 
حاول اقناعها كالعادة وهو يخبرها بنفس جملته:
_ ويمكن ننجح.. 
رفعت منكبيها بسأم:
_ ويمكن لأ... 
_ وليه منجازفش؟ 
ابتسمت بيأس منه:
_ لسه مُصر تجازف! متعلمتش ان المجازفة اوقات بتخسرك كل حاجة! مفيش مجازفة في العلاقات يا معاذ.. الوقعة فيها بفورة.. 
وأدرك "معاذ" انه خسر هذه المرة جولته معها في الإقناع، لكنه لن ييأس عمومًا! فما أكثر الجولات بينهما.. 
_ تيجي اجبلك ايس كريم؟ 
ضحكت بجلجلة وهي تقف معه مرددة:
_ اه وماله يلا، وبعدها نكلم بعض بالمشاورة بعد ما يجيلنا التهاب حلق في الجو التلج ده. 
سار معها ضاحكًا وهو يقول:
_ مفيش اجمل من الايس كريم في البرد يا زوزو. 
وانطلقت ضحكاتهما وقد انضما اليهما الصغيران وقد جلب لهم "معاذ" الايس كريم، ليكن التهاب حلق جماعي..!!
ليست كل النهايات مرضية لتخيلك، وليست كلها ياما حزينة ياما سعيدة، هناك نهايات هي مجرد بدايات، لحياة اخرى، مختلفة، تتبع منطق الحكمة اكثر من اتباعها للأحاسيس والأمنيات، "زينة" كان اختيارها الأخير حاسمًا غير قابلاً للمجازفة او الاحتماليات، فقد تعلمت من تجربتها ان المجازفة في معظم الأحوال تعني خسارة فادحة.. وهي ليست مستعدة لها،فشلا كزوجين، وللعجب نجحا كصديقين، ونجحا في خلق بيئة دافئة لأولادهما رغم الانفصال... وهذا هو الفوز الحقيقي.. 
                   "تمـــــت بحـــــمد اللــــه" 

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا