رواية راما الفصل الاربعون 40 بقلم اسماعيل موسي

رواية راما الفصل الاربعون 40 بقلم اسماعيل موسي

رواية راما الفصل الاربعون 40 هى رواية من كتابة اسماعيل موسي رواية راما الفصل الاربعون 40 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية راما الفصل الاربعون 40 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية راما الفصل الاربعون 40

رواية راما بقلم اسماعيل موسي

رواية راما الفصل الاربعون 40

مرّت أشهر طويلة، وجين تحاول أن تجد طريقًا للخروج من الظلام الذي سكنها.
 لم يكن الأمر سهلاً، ولم يكن بدر وحده قادرًا على انتشالها مما شعرت به، لكنها بدأت تلاحظ أن الحياة من حولها لم تتوقف، حتى لو كانت حياتها هي قد توقفت في لحظة فقدان يزن.
وفي إحدى الليالي، بينما كانت تحدق في السقف كعادتها، همست لنفسها:
"أريد أن أحاول مجددًا." لدى كل الحق ان أفعل ذلك 
كانت الفكرة قد بدأت تترسخ في عقلها منذ أسابيع، لكنها لم تتجرأ على نطقها بصوت عالٍ حتى تلك اللحظة.
أرادت أن تشعر بالحياة بداخلها من جديد،  أن تعود إلى ذلك الشعور بالفرح، بالترقب، بالحلم… كأنها بذلك ستملأ الفراغ الذي تركه يزن خلفه.
لكنها لم تخبر بدر مباشرة، لم تكن تعرف كيف سيتلقى الأمر، وإن كان سيفهم رغبتها أم سيخاف عليها؟
وعندما زارت طبيبها أخيرًا، كانت كلماته كالصاعقة.
"جين… لا يمكنك المخاطرة بهذا مجددًا."
لم تفهم في البداية، أو ربما رفضت الفهم.
"ماذا تعني؟" سألت بصوت بدا غريبًا حتى على مسامعها.
"حملك السابق أضعف قلبك بشكل كبير، والضغط الناتج عن الولادة كان أكثر مما يستطيع جسدك تحمله،هناك احتمال كبير… كبير جدًا… أن لا يتحمل قلبك الحمل القادم."
"أن لا يتحمل قلبي…؟"
ظلت الكلمة تدور في رأسها مرارًا وتكرارًا، حتى شعرت أن الغرفة بأكملها تدور معها.
"ولكن… ولكن هناك حالات نجت، أليس كذلك؟ هناك نساء تعرضن لما تعرضت له واستطعن إنجاب أطفال بعد ذلك، صحيح؟"
نظر الطبيب إليها بأسى، ثم قال بصوت هادئ لكنه حازم:
"جين، لا أستطيع أن أخبرك أن هذا مستحيل، لكنني أستطيع أن أخبرك أن المخاطر أكبر مما يمكنك تحمله،لا أتحدث فقط عن الصعوبة الجسدية، بل عن احتمال فقدانك لحياتك."
الحياة.
هل كانت تملك حياة لتخسرها؟
خرجت من العيادة كأنها كانت تسير في مستنقعات حلم كئيب ، أو بالأحرى… في كابوس.
لم تكن تعرف ما الذي تشعر به، هل هو الغضب؟ أم الحزن؟ أم الخوف؟
شعرت كأنها محاصرة بين جدران غير مرئية، كأن جسدها لم يعد لها، كأن الحياة نفسها اختارت أن تحرمها مما أرادته أكثر من أي شيء آخر.
عندما عاد بدر إلى المنزل تلك الليلة، وجدها واقفة أمام النافذة، عيناها معلقتان بالخارج لكنها لم تكن ترى شيئًا.
"جين؟"
لم ترد.
اقترب منها، لمس كتفها برفق، وعندما استدارت إليه، رأى الدموع التي لم تسقط بعد لكنها كانت تلمع في عينيها.
"ما الأمر؟"
نظرت إليه طويلًا، وكأنها تحاول العثور على الكلمات المناسبة، ثم همست:
"لا يمكنني إنجاب طفل آخر."
رأى الألم في عينيها قبل أن تسمعه في صوتها، ولم يكن بحاجة لأن تسهب في التفسير.
"يقولون إن قلبي لن يحتمل، وإنني قد أموت أثناء الولادة."
كان يمكنه أن يقول الكثير في تلك اللحظة،كان يمكنه أن يحاول إقناعها بأن حياتها أهم، أن يخبرها بأنه لا يريد أن يخسرها، أنه لا يريد أن يواجه الحياة بدونها… لكنه لم يقل شيئًا.
بدلًا من ذلك، احتضنها.
ضغط عليها بقوة، كأنه يريد أن يؤكد لها أنها هنا، وأنه هنا، وأن الحياة لم تنتهِ بعد، حتى لو شعرت بأنها كذلك.
لكن رغم كل شيء… رغم الخوف، والألم، والتحذيرات… لم تستطع جين قتل تلك الرغبة بداخلها.
كانت هناك نار تشتعل في أعماقها، نار لم تستطع إخمادها.
ورغم أنها لم تقلها بصوت عالٍ، إلا أن الفكرة بقيت هناك، تتغلغل في عقلها وقلبها، تخبرها أن القصة لم تنتهِ بعد… وأنها قد تكون مستعدة للمخاطرة بكل شيء، حتى بحياتها، من أجل فرصة واحدة… فرصة أن تصبح أمًا من جديد.
©©©©©®££€€
كان آدم يقود سيارته تحت المطر، عائدًا إلى المنزل بعد يوم طويل، الطريق كان زلقًا، والسماء ملبدة بالغيوم الثقيلة، لكن فكره كان مشغولًا بشيء آخر،لم ينتبه للضوء الأحمر إلا بعد فوات الأوان.
صرير مفاجئ… ضوء قوي… ارتطام مدوٍّ.
عندما وصلت سيارة الإسعاف، كان آدم فاقدًا للوعي، محاصرًا داخل سيارته المهشمة، الدماء غطت جبينه، وأنفاسه كانت ضعيفة، لكنه لا يزال على قيد الحياة.
في المستشفى، كان الأطباء يكافحون لإبقائه مستقرًا،إصاباته كانت خطيرة، نزيف داخلي، كدمات في الدماغ، وأضلاع مكسورة اخترقت رئتيه، لكنهم كانوا متفائلين—هناك فرصة، حتى لو كانت ضئيلة.
مرت الأيام، وراما لم تفارق سريره، كانت تمسك بيده، تهمس له بكلمات لم تعرف إن كان يسمعها،كانت تصلي، ترجو، تتوسل للقدر أن يبقيه معها.
لكنه لم يعد.
في اليوم الرابع، توقفت الأجهزة عن إصدار أصواتها المعتادة، وخيم الصمت الثقيل في الغرفة،الأطباء أعلنوا الوفاة رسميًا. راما لم تبكِ في البداية، فقط حدقت في الجسد المسجّى أمامها، وكأن عقلها يرفض التصديق.
لكن الحقيقة لم تكن بحاجة إلى تصديقها لتكون حقيقية.
عندما سمعت جين الخبر، شعرت بنفس البرودة التي اجتاحتها يوم فقدت يزن، كانت تعرف الألم، تعرف الصدمة، تعرف الفراغ الذي يتركه الموت خلفه،لهذا لم تتردد في زيارة راما، رغم أن قلبها كان يثقلها بالخوف من مواجهة الحزن مرة أخرى.
عندما دخلت منزل راما، كان الهدوء يخيم عليها، أصوات خافتة، همسات حزينة، وأعين محمرة من البكاء، كان المكان يحمل ثقل الفقد، وجين شعرت به في كل زاوية.
وجدت راما جالسة على الأريكة، صامتة، تحدق في الفراغ، بدت كأنها شخص علق بين عالمين—عالم الماضي حيث كان آدم حيًا، وعالم الحاضر حيث لم يعد موجودًا.
اقتربت جين ببطء، وجلست بجانبها دون أن تقول شيئًا،لم تكن هناك كلمات يمكن أن تخفف من هذا الألم، لكنها مدت يدها وأمسكت بيد راما، ضغطت عليها برفق، محاولة أن تنقل إليها بعض الدفء وسط هذا البرد القاسي.
"أنا آسفة،" همست أخيرًا.
لم تقل راما شيئًا، لكنها أومأت برأسها ببطء، وكأنها تعترف بالألم لكنها لم تعد تملك القوة للرد عليه.
بعد لحظات، سمعت جين صوت بكاء طفل صغير، التفتت لترى ابن آدم بين يدي إحدى قريبات راما، كان صغيرًا جدًا، بالكاد يفهم ما يجري، لكنه شعر بأن شيئًا قد تغير، بأن والده لم يعد هنا.
بإحساس غريزي، مدت جين يديها وأخذت الطفل بين ذراعيها، ضمته برفق، وقبلت جبينه الصغير،شعرت برجفة خفيفة تسري فيها، كأنها تلمس جزءًا من آدم، كأن الحياة تحاول أن تجد طريقها وسط الموت.
ثم التفتت إلى راما، وبدون تفكير، انحنت وقبلت جبينها أيضًا. لم تكن مجرد تعزية، كانت مشاركة في الحزن، اعترافًا بالصمت الذي يحيط بهما، وربما… وعدًا غير منطوق بأنهما ستجدان طريقة للعيش رغم الخسارة وللحظه شعرت بما ينتظرها

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا