رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة زكية محمد رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير

رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف من الفصل الاول للاخير

في منزل بسيط في إحدى الأحياء الشعبية فتحت عينيها على أثر خطوط أشعة الشمس الذهبية المنبعثة من الشرفة الخاصة بها ، و اختلطت بخصلاتها فصبغتها باللون البني اللامع ، كما أعطت بشرتها الناصعة لمعة خاصة . نهضت بتثاقل وهى تتثائب و تتمطأ بكسل ، نظرت فى الساعة وجدتها السابعة فهتفت بصوت ناعس :- بسرعة كدة جات سبعة دول يدوب خمس دقايق اللي نمتهم بعد الفجر.
التقطت منشفتها و دلفت للمرحاض لتغتسل ، و الذي طلبت بتصميمه خصيصاً داخل غرفتها على الرغم من ظروفهم المعيشية المتوسطة ولكنها أصرت على ذلك منذ أن علمت بنوايا ابن خالتها الدنيئة تجاهها . بعد وقت اغتسلت ، وارتدت ملابسها الفضفاضة الباهتة وحجاباً طويلاً ، ثم التقطت حقيبتها بعد أن تأكدت من وجود متعلقاتها بها وتوجهت للباب وفتحته بالمفتاح بعد أن أوصدته جيداً كما تفعل في كل ليلة لتحظى بالأمن و تنام قريرة العين.
وضعت حقيبتها على الطاولة، ومن ثم دلفت للمطبخ لتعد وجبة الإفطار لخالتها المريضة ، وذلك السمج الذي تمقته. انسجمت في إعداد الطعام ، و شعرت فجأة بأن هناك أنفاس ساخنة تحرق وجنتها ، سحبت السكين بسرعة واستدارت ورفعتها في وجهه قائلة بتهديد :- لو قربت يا حاتم سنتي كمان هقتلك أنت فاهم ؟
رفع يده باستسلام قائلاً بخبث :- بس في ايه يا رحيق دة جزاتي يعني بصبح عليكي .
جعّدت أنفها بضيق قائلة:- لا يا سيدي صبح من بعيد مش لازم طريقتك القذرة دي هوووف ..
أردف بخبث :- بالراحة على أعصابك يا جميل ليحصلك حاجة .
نفخت وجنتيها بضجر قائلة :- ممكن إذا تكرمت تطلع برة على ما أحضر الفطار ؟
مسح على صدره قائلاً وهو يتلاعب بحاجبيه :- ماشي يا قمر أنت تؤمر . قال ذلك ثم خرج ، بينما قبضت على مقبض السكين الذي بيدها بشدة وهتفت بكره :- ربنا ياخدك يا أخي بني آدم حقير سايب أمه اللي بتموت جوة و عمال يقل أدبه .
ثم أضافت بخوف مبهم :- يا رب اشفيها هي اللي بتحميني منه أنا مش عارفة هعمل إيه لو راحت وسابتني .
بعد ان انتهت توجهت للغرفة المتواجد بها خالتها المريضة بالكلى ، والتي اشتد عليها المرض منذ يومين ولزمت الفراش . دلفت للداخل و على وجهها ابتسامة عذبة عندما وجدتها متيقظة ، وتستند بظهرها على الفراش فهتفت بحنان :- صباح الفل عليكي يا خالتي أخبارك إيه النهاردة ؟
ابتسمت لها بدورها وهتفت بخفوت :- الحمد لله يا بنتي هو أحسن من امبارح شوية .
ساعدتها على النهوض قائلة بحنو :- طيب يلا يا ستي علشان أساعدك تروحي الحمام . ثم أضافت بمرح :- ده أنا عملتلك فطار إنما إيه أول ما تاكلي هترجعي علطول ..
ضحكت بوهن قائلة :- جاتك إيه يا رحيق يا بت أنا مش قدك مش قادر أضحك.
أردفت بلهفة :- معلش يا خالتي لو كنت تعبتك وأنا ما أقصدش.
ربتت على يدها بحنو قائلة :- انتِ عمرك ما تعبتني يا بنتي بالعكس دة انتِ شايلاني على كفوف الراحة لو ليا بنت ما كنتش هتعمل كدة معايا .
ثم أضافت بحزن :- ربنا يقدرني و أرد جميلك دة يا بنتي .
أردفت بعبوس :- جميل إيه يا خالتي انِت زي أمي الله يرحمها بالظبط، انتِ اللي عوضتيني عن غيابها ما تقوليش كدة تاني هزعل منك، ولو في حد بيرد جميل هيبقى أنا مش أنتِ.
ابتسمت لها بحنو و تساءلت بداخلها:- يا ترى الأيام هتعمل فيكي إيه لو ربنا افتكرني ؟ يا رب حلها من عندك خايفة أقولها وخايفة اسكت مش عارفة أعمل إيه ؟! يا رب وكلت الأمر إليك .
خرجت تسندها بعد أن فرغت من كل شئ، فسحبت لها المقعد لتجلس عليه ، و هتفت بصوت مختنق :- يا حاتم ...حاتم تعال أفطر .
أردفت صفية بتساءل :- هو لسه ما صحيتش ولا ايه؟!
أردفت بتوتر :- لا صحي يا خالتي بس هو جوه.
هزت رأسها بتفهم قائلة :- طيب روحي ناديه علشان يلحق يفطر ويروح يشوف شغله .
مطت شفتيها بتهكم قائلة بخفوت :- شغل ! هو دة بيعمّر في حتة الحشاش المعفن دة !
ثم هتفت بصوت عالٍ :- حاتم تعال أفطر ما ليش دعوة بعد كدة .
جلست إلى جوار خالتها ، ثم شرعت في تناول طعامها ، بينما أخذت الأخرى تطالعها بأسى وهي تعلم تمام العلم السبب خلف رفضها للذهاب ناحية غرفته ، كما تعلم جيداً بنوايا ابنها البذيئة ، وتعلم ما يريد فعله ؛ لذلك يجب أن تضعها في مأمن قبل أن تصعد روحها لخالقها.
خرج يزفر بضيق من فشل مخططه ، فهو توقع أن تقودها قدميها إلى غرفته لكي تستدعيه لتناول الطعام ، و عندها يحتجزها في غرفته و يفعل بها ما يشاء ، و لكن ذهب كل ذلك سدى ، فقد خالفت كل توقعاته .
جلس على المقعد قبالتهن، و شرع في تناول الطعام بغيظ مكبوت، بينما راقبته هي بابتسامة ظافرة . أردفت صفية بحنو :- هتنزلي بردو النهاردة يا رحيق ؟
اومأت بنعم قائلة بأمل :- أيوة يا خالتي إدعيلي ألاقي شغلانة المرة دي .
خرج صوته الساخر قائلاً :- جرا إيه يا ست الأبلة متخرجة ليكي شهر و عاوزة تشتغلي ! دة إنتي قلبك جامد بقى ، و شكلك عايشة في مية البطيخ.
تأففت بضيق قائلة :- أومال عاوزني أحط إيدي على خدي ؟! أديك شايف الحال ولا البيه مش واخد باله !
أردف بتهكم :- و يا ترى هتشتغلي إيه ؟ هي الحكومة هتعينك أبلة بالسرعة دي ! مش شايفة اللي قبلك رجالة كمان متلقحين على القهاوي وانتي عملالي سبع رجالة في بعض !
جزت على أسنانها بغضب شديد قائلة :- أنا مليش دعوة بحد ، أنا ليا مستقبلي اللي هبنيه خطوة بخطوة هبتديه و مش هسمح لأمثالك يرجعوني ورا بكلامهم دة .
رفع حاجبه بتهكم قائلاً وهو يوجه حديثه لوالدته :- شايفة يا أما اهه اللي إحنا بنربيها و بنصرف عليها بتقل أدبها و بتعض اليد اللي إتمدتلها صحيح زي القطط تاكل وتنكر .
أدمعت عيناها بقهر قائلة :-شوف صرفت كام يا حاتم وأنا هدفعوا .
ضحك بسخرية قائلاً :- لا يا شيخة ! منين يا حسرة ؟! يكونش اتفتحتلك طاقة القدر وأنا ما أعرفش !
تدخلت صفية تهتف بتعب :- ما يصحش يا ابني اللي بتقوله ده دي بنت خالتك بردو من لحمنا ودمنا.
نهضت تاركة طعامها ، و هي تحاول قدر المستطاع أن لا تزرف دموعها أمامهم ، و هتفت بتماسك :- أنا ماشية يا خالتي زمان آلاء مستنياني .
تبخرت كالبخار حينما نطقت بكلماتها ، و طوت درجات السلم بخطوات سريعة ، و قلبها ينزف من الداخل بجراحه المتعددة ، فهي بلا أب ولا أم ، تركاها بمفردها تعاني الويلات ، وعاشت مع خالتها التي عالتها حتى كبرت بعد وفاة والدتها وهي في سن العاشرة ، ودون أب ، وكلما تسأل عنه يخبروها بأنه سافر لبلاد الخليج ، ولم يعد حتى الآن.
واجهت المصاعب بمفردها دون أن تجد سنداً لها، و على الرغم من أن خالتها تعاملها بالمودة والحنان إلا أنها لم تكن تشاركها أسرارها و أوجاعها التي تؤرقها في لياليها الطويلة . تعودت أن لا تتحدث مع أحد عن شيء يخصها أو يمثل صعوبة لها ، كانت تجتاز كل ذلك بالصبر والمثابرة ، فشكلتها الأيام أن تكون قوية ، و أن يكون لديها صبراً طويلاً ، و أن مهما بلغت الصعوبات فلا بد من مخرج طالما هي مع الله . لقد علمتها الحياة أن تترك جروحها خلفها و تمضى قدماً وأن الحياة لا تقف على أحد وعليها أن تسير للأمام ، وتسعى بكل طاقتها للوصول إلى ما تبغيه ، وأنه لايوجد مجال للوقوف و البكاء على اللبن المسكوب.
مسحت عبراتها سريعاً ، وهي تمر أمام الورشة الخاصة لتصليح السيارات ، والتي يعمل حاتم بها، نفخت بضيق حينما سمعت تطاول أحد الجالسين ، والذي يتأملها بوقاحة قائلاً :- إمتى هتحن علينا يا أبيض يا أجنبي أنت ؟
لم ترد عليه فهي قد اعتادت عليه من قوله لتلك العبارات ، وكم من المرات التي أتى لطلب يدها من خالتها ، ولكنها ترفضه دائماً ، و منذ ذلك الحين وهو يمني نفسه بأن توافق و تقبل به زوجاً لها .
وصلت لآخر الشارع فوجدت زميلتها آلاء تنتظرها فهتفت بمرح :- إيه دة كل دة تأخير يا ست رحيق مخصوم منك تلات أيام .
ابتسمت لها بخفوت قائلة بتهكم :- مش لما نشتغل الأول يا أختي !
هتفت بتمني :- إن شاء الله هتظبط المرة دي ، يلا بينا .
______________________________________
جعّدت وجهها بتذمر ، وهي تلوح بيديها في الهواء ظناً منها أن الفاعل بعض الذبابات إلى أن ذلك الشيء لم يتوقف مانعاً إياها من أخذ قسط وافي من الراحة ، فتحت عينيها قائلة بضيق :- يووه دبان رخم مش عارفة أتخمد منك ..... إلى أنها انتبهت لذلك صوت الملائكي الذي هتف بضيق ، وهو يربت على ذراعها كي تستيقظ :- ماما اثحى ماما ....
نهضت و جلست نصف جلسه وجدته ويقبع بين ذراعها وانهالت عليه بوابل من القبلات في جميع أنحاء وجهه قائلة من بين القبلة والأخرى :- حبيب ماما وروح ماما وعقل ماما أنت يا ميدو يا جميل.
أنهت كلماتها ، ثم أخذت تدغدغه ببطنه فتعالت ضحكات الصغير قائلاً بتقطع :- بث ...بث ..خلاث يا ماما بطني وجعني ..
توقفت فوراً قائلة بلهفة :- اسم الله عليك يا قلبي يلا يا بطل أكيد جعان .
أومأ بموافقة قائلاً :- اه جعان ماما يلا قومي.
نهضت بسرعة قائلة :- حاضر يا حبيب ماما أديني قومت أهو .
خرجت للخارج و وجدت والدها ووالدتها على طاولة الطعام ، فألقت عليهم تحية الصباح فردوها بهدوء ، بينما هتف والدها بعدم رضا :- مش تقومي تشوفي طلبات الواد بدل ما أنتي نايمة كدة !
هتفت بهدوء :- والله غصب عني يا بابا راحت عليا نومة من شغل امبارح .
تدخلت والدتها قائلة بحنو :- خلاص يا حاج حصل خير روحي حضري الأكل لابنك يا حبيبتي .
أومأت بحزن ، ومن ثم حملت الصغير و ولجا سوياً للمطبخ ، و تكبح دموعها بصعوبة، فهي منذ أن توفي زوجها وهو يعاملها بخشونة وأحياناً ما تفلت منه زمام الأمور ويهذي بكلمات تزيد من أوجاعها حينما يقول إنها " وش فقر " " اترملت بدري بدري " "هتقعدلي في البيت " ، و كثيراً من تلك الكلمات التي تزيد من اتساع فوهة جراحها .
نظرت لطفلها ذو الثلاث أعوام ، والذي بمثابة حبل النجاة لها في بحر الألم الذي تغرق بداخله ، أنه هو الوحيد الذي يرطب تلك الغرز المنتشرة في قلبها ، و هو الوحيد من بني جنسه القادر على جعلها تُشفى بابتسامة واحدة منه . أما الدواء الحقيقي يتمثل في قربها من الله ، والتعبد له ، والدعاء بأن يلهمها الصبر على تلك الاختبارات التي تاتيها واحداً تلو الآخر ، ولم تخرج إلا بقول واحد " الحمد لله " .
وضعت صغيرها على المقعد ، و بدأت تعد له وجبة الإفطار التي يفضلها طفلها ، و هي تبتسم له و تبعث له القبلات في الهواء وسط تعالي ضحكاته الرنانة .
بعد وقت عادت به تحمله على ذراع ، والآخر يحمل طبق " الكورن فليكس" ، ثم جلست قبالتهم ، وشرعت في اطعام الصغير.
نشب صراع بداخلها أتخبره بذلك الطلب أم تصمت ؟!
ازدادت دقات قلبها مع وتيرة أنفاسها العالية ، فاغتصبت شبح ابتسامة تزين ثغرها ، ورفعت رأسها تجاه والدها قائلة بحذر :- بابا كككنت عاوزة أقولك حاجة ..
ترك الخبز الذي بيده قائلاً بانتباه :- خير يا مريم !
حبست أنفاسها ، و أخذت نفساً عميقاً قائلة بسرعة :- بابا كنت عاوزة أشتغل ....
و قبل أن تكمل حديثها أردف بغضب :- شغل إيه دة إن شاء الله ! هو إحنا من امتى عندنا الكلام دة ؟!
أردفت بروية وهي تضم الصغير الخائف إلى صدرها :- يا بابا أنا واخدة كلية حرام أقعد من غير شغل و....
قاطعها قائلاً بغضب :- أظن الكلية دي أخدتيها في بيت جوزك الله يرحمه وقتها مكانش ليا يد في الموضوع و طول ما انتي هنا تحت طوعي يبقى تنفذي أوامري لما أبقى أموت أبقي اصرفي على نفسك .
هتفت بلهفة :- ألف بعد الشر عنك يا بابا .
نهض مغمغماً بسخط :- أبقي عقلي بنتك يا توحيدة، أنا نازل الوكالة بالإذن .
قال ذلك ثم انصرف مسرعاً ، بينما هتف الصغير و هو ينظر لوالدته بخوف بعد أن كان يخفي وجهه في عنقها خوفاً من صراخ جده :- جدو مثي يا ماما ؟
هزت راسها وهي ترقص على رقص خليجي حنان ايوه يا روح ماما مشي ما تخافش يلا علشان تكمل باقي أكلك .
أردف بتذمر :- جدو أيوب وحث بث جدو موثى حلو ، جدو أيوب علطول بيزعق.
ابتسمت بخفوت قائلة :- لا يا حبيبي جدو أيوب كمان حلو بس أنا زعلته علشان كدة زعق هبقى أصالحه بعدين.
أومأ ببراءة ثم فتح ثغره ليلتقط الطعام ، بينما هتفت توحيدة بعتاب :- و بعدين معاكي يا مريم مش هنفضها من السيرة دي بقى ؟!
قطبت جبينها بحزن قائلة :- يا ماما أنا الحمد لله جبت تقدير امتياز السنة دي بعد طلوع الروح إني أكمل يقوم دلوقتي يقولي مفيش شغل !
وتنهدت بأسى قائلة بدموع تهدد بالهطول :- حرام عليكم كفاية تغصبوني على كل حاجة ، علطول ماشية بمزاجكم ، خلوني أمشي بمزاجي و لو لمرة واحدة .
نهرتها بحدة قائلة :- قصدك إيه يا بت بغصبينك دي ها قصدك إيه ؟
مسحت عبراتها الخائنة بالعهد، فقد عاهدتها ألا تسقط مجدداً أمام أحد ، و لكنها خانتها ، و ضربت ببنود العهد عرض الحائط ؛ لذلك قامت بتجفيفها بقسوة ، و كأنها تعاقبها على ما فعلت ، و نظرت لوالدتها قائلة بوجع :- أبداً يا ماما انتوا عمركم ما غصبتوني على حاجة أنا محقوقالكم .
جلست تطعم الصغير ، بينما أخذت توحيدة تهز رأسها بيأس وحزن ، و هي تعلم تماماً ما تقصده من حديثها ، فهي تقصد بذلك زواجها من ابن عمها الذي كان يكبرها حينها بأربعة عشر عاماً ، طلبها عمه لابنه فوافق والدها على الفور دون أن يعرف رأيها ، وكان عمرها ثمانية عشر عاماً ، و ظلت معه لمدة عامين إلى أن توفاه الله بحادث سيارة قبل عامين في الإسكندرية حيث كانت تعيش معه هناك إلى جوار مقر عمله ، و انتقلت عند أهلها مجدداً، و أكملت دراستها وسط اعتراض والدها ، لولا تدخل عمها و شقيقها في الأمر ، و عندما أنهت الدراسة و طلبت منه أن تعمل رفض كالعادة .
شعرت بالحزن الشديد تجاه ابنتها التي نال الحزن منها ما يكفي ، تلك الوردة المنطفئة قبل أوانها ذات الاثنين و عشرين عاماً ، تحملت المسؤلية منذ الصغر و لا زالت .
زفرت بضيق فهي مكتوفة الأيدي أمام أيوب الصارم الذي لا يجرؤ أحد على اعتراض أوامره .
بعد أن انتهى من الطعام ، و اكتفت أمعائه الصغيرة ، قامت مريم بتنظيف البقايا الموجودة على الطاولة ، و بعد أن انتهت هتف أحمد بإلحاح :- ماما عاوز أروح عند جدو موثى و عمو إثلام .
أحدث سماع اسمه زوبعة شديدة بداخلها أطاحت بالمتبقي من قلبها المتهشم منذ سنوات بعد أن كُسِر على يدهم .
بادلته ابتسامة مرتجفة قائلة :- حاضر يا حبيبي تعالى ننزل تحت عند جدو موسى و تيتة عواطف .
صاح الصغير بحماس ، و هو يجذبها من يدها ، و يسير بها نحو الباب بخطوات سريعة :- هاااااااي ، يلا بثرعة يا ماما .
اومأت له باستسلام ، و نظرت لوالدتها قائلة :- ماما أنا هنزل تحت عند مرات عمي و عمي .
أنهت كلماتها ، و نزلت مع الصغير للأسفل ، و دقات قلبها تغني عن ألف سؤال ..
____________________________________
ارتدى ملابسه الخاصة بالعمل ، و كان على وشك الخروج إلا أنه سمع طرقات على الباب فتوجه ليرى من بالباب ، و ما إن فتحه وجد جارتهم سميحة ، و التي هتفت بود :- ازيك يا حاتم يا ابني ؟
ابتسم بتكلف قائلاً بصوت أجش :- أهلاً يا خالتي أم سما الحمد لله بخير ازيك إنتي؟
أردفت بود :- الحمد لله رضا يا ابني ، أومال فين أم حاتم و رحيق مش جوة ولا إيه ؟
أردف بنفي وهو يتنحى قليلاً من أمامها لتدلف للداخل :- لا أمي جوة في الصالة إتفضلي . ثم أضاف بغيظ مخفي :- أما رحيق راحت تدور لها على شغل هي و صحبتها .
أومأت له بتفهم قائلة :- و ماله يا ابني ربنا يفتحها عليهم قادر يا كريم .
أردف بهدوء :- طيب أدخلي انتي يا خالتي أنا نازل الشغل .
دلفت للداخل، تصيح باسمها ، فأتاها صوتها قائلة بتعب :- تعالي يا سميحة أنا هنا .
تقدمت ناحية الصوت ، و هتفت بابتسامة مشرقة ، وهي تصافحها :- إزيك يا أم حاتم ؟ عاملة إيه دلوقتي ؟ العلاج ماشي كويس معاكي ؟
أردفت بوهن ، و تمسك بجانبها :- أهو الحمد لله ماشي لحد ما أقبض آخر الشهر و أروح أغسل .
أردفت بأسى :- يا حبيبتي لسة هتستني لآخر الشهر ؟!
ذمت شفتيها بحزن جلي قائلة :- اعمل ايه يا سميحة ما إنتي عارفة البير و غطاه ، أجيب منين ؟ أنا كل اللي هاممني دلوقتي رحيق لو حصلي حاجة هتروح لمين و مين اللي هيبقى جنبها ؟! خايفة عليها أوي دي أمانة أمنتني عليها أختي قبل ما تموت ، حاسة إني هموت و هسيبها...
قاطعتها قائلة بلهفة :- تفي من بوقك يا صفية متقوليش كدة إن شاء الله هتخفي و تبقي زي الفل و أنتي بنفسك اللي هتلبسيها الطرحة ..
نظرت للأعلى و أردفت برجاء :- يا رب ، دي تبقى أمنيتي الوحيدة و بعدها ربنا ياخد عمري علطول مش مشكلة علشان لما أروح لفاطمة أقولها حافظتلك على الأمانة زي ما طلبتي.
أومأت بخفوت ، و رسمت خطوط الأسى على وجهها ، وهي تشعر بالشفقة تجاهها ، فجمعت رباط جأشها قائلة بحذر :- طيب يا أختي أنتوا دورتوش على أبوها اللي راح الخليج وما رجعش ده لحد دلوقتي؟!
لمع الدمع بعينيها حينما أتتها تلك الذكرى فهتفت بتهكم :- لا يا سميحة ما فيش أخبار عنه من وقت ما سابها هي وبنتها منعرفش عنه حاجة .
هزت رأسها بتعاطف قائلة بغل :- ربنا ياخذه راجل دون ده بدل ما يسأل عن بنته و يقول أربيها كأنه ما صدق و لقاها ! تلاقيه متجوز الواطي وعايش حياته والبنت اليتيمة دي يا عيني طافح الكوتة ، منه لله حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد ظالم بالشكل دة .
جففت دموعها بيدها وهي تمسك جانبها الذي أشتد عليه الألم ، فانتبهت لها الأخرى فهتفت بذعر :- مالك يا صفية أروح أنادي حاتم من تحت بسرعة يشوف دكتور؟
هزت رأسها بالنفى قائلة بوهن :- لا ملوش لزوم اقعدي يا سميحة أنا عاوزاكي في موضوع مهم فيه حياة أو موت بس فيكي من يكتم السر ؟
شهقت بصدمة قائلة بعتاب :- أخص عليكي يا أم حاتم بقى بتشكي فيا دة إحنا أهل !
أردفت بتوضيح :- أنا مش قصدي كدة ، أنا مش عاوزة أي مخلوق خلقه ربنا يعرف اللي هقولهولك دة لأن محدش يعرف بالسر دة أبداً ، والكلام اللي هاقوله خطير لو طلع الدنيا هتتقلب أنا هحكيلك سر كتماه يجي من خمسة عشر سنة آن الأوان أنه يطلع ، هطلعه بس عشان البنت الغلبانة دي اللي ملهاش ضهر من بعدي .
أردفت بحذر ، و دقات قلبها تزداد بقلق :- ماشي يا أختي قولي سرك في بير يا حبيبتي .
نظرت لها مطولاً ، و بدأت تقص عليها ما يجثو فوق صدرها طول تلك السنوات بعيون يسيل منها الدمع كالشلال ، وهي تخبرها بمعاناة شقيقتها الراحلة ، وما عانته من ويلات ، بينما اتسعت أعين ذلك الواقف بصدمة عندما كان في طريقه للعودة لأخذ هاتفه الذي نساه ، و وقف كالتمثال حينما التقطت أذنه ذلك السر الخطير ، وعينيه تزداد اتساعاً كلما قصت والدته بالمزيد ، و لا يصدق ما يسمعه ، أيعقل ما سمع للتو !
انتهت من سردها قائلة برجاء :- أمانة عليكي يا سميحة ما تقولي لحد دي أمانة حافظي عليها من بعدي .
مسحت دموعها قائلة بصوت متحشرج :- اطمني يا أختي سرك في بير و رحيق هتفضل أمانة و زي بناتي بالظبط و مش هخلي حد يهوب ناحيتها ولا يأذيها اطمني يا أختي و حطي في بطنك بطيخة صيفي .
أومأت لها بخفوت قائلة :- تعيشي يا سميحة بنت أصول بصحيح .
نزل للأسفل و كأن على رأسه الطير ، و عقله في حالة صدمة ، ثم هتف بخبث :- بقى كله دة يطلع من ورا ست الحسن والجمال دي ! لا دة الواحد يقعد على رواقة بقى و يتكتك و يشوف هيعمل إيه ، لازم استفاد من ورا المصلحة دي كويس أوي و أبقى مغفل لو سبت الفرصة تضيع مني ..
قابل مدحت الذي هتف بمجرد أن رآه :- صباحو يا عمنا ...
ثم جلس قبالته بينما هتف الآخر :- صباحك فل ، إيه مش ناوي تلين راس بنت خالتك دي و تخليها توافق ؟!
أردف بغيظ مكبوت :- أعملك إيه يعني ما هو على يدك دي رفضتك يجي خمس مرات ، و لما أمي بتسألها ليها بتقولها إنك متجوز و هي استحالة تتجوز واحد متجوز .
رفع حاجبه الذي يمر به خط طويل نتيجة لإحدى مشاجراته في المنطقة قائلاً باستنكار :- الله ! و فيها إيه أنا راجل مقتدر ، و أقدر أفتح بدل البيتين أربعة ، عمالة تتقنعر عليا ليه مش فاهم ، دة أنا هعيشها ملكة بدل العيشة اللي عيشاها دي .
جعّد وجهه بضيق قائلاً :- أهو العيشة اللي أنت شايفها دي عجباها يا مدحت .
غمغم بغضب :- لا بقولك إيه أنا عامل حساب للعيش و الملح اللي بينا ، هتعصلج معايا هوريك وشي التاني إحنا بينا إتفاق نسيت ولا أفكرهولك !
جز على أسنانه بعنف قائلاً بغيظ مكبوت :- لا فاكر يا مدحت ، بس أنت كمان استنى عليا مهلة كدة أكون جبتلك الفلوس كلها .
كاد أن يصل حاجبه أعلى رأسه، و هو ينظر له بدهشة قائلاً :- نعم نعم ! قولت إيه ؟! عيد اللي قولته تاني كدة !
أردف بضجر :- بقولك استنى عليا كام يوم و هجبلك الفلوس كلها لحد عندك .
نظر له قائلاً بسخرية لاذعة :- و دة منين إن شاء الله ! يكونش يلا سرقتلك محل دهب ولا قتلتلك قتيل ! ما هو مش بعيد على الحشاشين اللي زيك .
أردف بغضب :- حوش أنت اللي شيخ جامع جرا إيه يا مدحت ما إحنا دافنينه سوا بتلبش بالكلام ليه بقى دلوقتي و بتسيحلي في المنطقة ؟
هدر بعنف :- علشان مبقتش حاتم اللي أنا أعرفه فين كلامك ليا اللي اتفقنا عليه ؟
تأفف بضجر قائلاً :- و بعدين معاك يا مدحت ما تهدى و تخلي صباحيتك تعدي الله ! هو المدام عكننتها عليك في البيت جاي تطلعه علينا هنا !
نهض من مكانه بغضب كالمرجل ، ثم جذبه من تلابيب ملابسه قائلاً :- لا دة أنت كمان عاوز تتربى ياض وأنا اللي هعلمك الرباية كويس .
قال ذلك ثم انهال عليه يضربه ، و الآخر يسدد و يتلقى ، و سرعان ما تحول الأمر إلى شجار عنيف تجمع أهل المنطقة على أثره ، حيث وقفت السيدات في الشرفات و النوافذ يراقبن الموقف بفضول من الأعلى .
تقدم أحدهم و حاول الفصل بينهما قائلاً بروية :- استهدى بالله كدة يا مدحت أنت و حاتم و أخذوا الشيطان .
و حينما لم يستطع الفصل بينهما نظر للملتفين حولهم قائلاً بحدة :- ما تساعدوني بدل ما انتوا واقفين كدة تتفرجوا مش فيلم هو ..
و بالفعل استجاب له البعض ، و تقدموا ناحية ساحة الشجار ، و استطاعوا الفصل بينهما فصاح مدحت بغضب المكبل بواسطة بعض الرجال :- سيبوني عليه أعلمه الأدب .
أردف حاتم بنفس الغضب وهو يحاول الوصول له :- تعلم على مين يالا دة أنا أشرحك مكانك ..
أردف بغضب :- طب و ديني و ما أعبد لو ما جبت الفلوس يا حاتم لأكون قاتلك بأيدي .
صرخ بغضب :- على الجزمة هتاخدها فلوسك أنت هتزلني بيها .
تدخل أحدهم قائلاً :- خلاص يا ابني وحد الله كدة منك ليه ، ويلا كل واحد يشوف مصلحته .
أنصرف الجمع الغفير المنتشر ، بينما هتف صاحب الورشة بغلظة :- من النهاردة ملكومش أكل عيش عندي روحوا كلوا عيش في حتة تانية .
أخذا يتفرسان ببعضهما البعض بكره شديد ، ثم انصرف كلاً منهما إلى وجهة مختلفة ، و بداخلهم حقد يتصاعد كألسنة اللهب .............. يتبع
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
وقفت أمام الشقة الخاصة بعمها ، فرفع الصغير ذراعيه للأعلى قائلاً بتذمر :- ماما شليني عاوز أرن الجرث .
ضحكت بخفة على مشاغبة الصغير ، و بالفعل امتثلت لطلبه ، و قامت بحمله ، فوضع الصغير أصبعه على زر الجرس ولم يتوقف أبداً عن الضغط .
فتحه إسلام ، وما إن رآه حمله بسرعة بين ذراعي والدته بينما كتمت الأخرى انفاسها حينما كان مقترباً منها لأخذ الصغير حتى لا يسلبها منها في كل مرة عندما يهجم بضرواة على أوتار قلبها فتزيد من دقاته الصاخبة .
نظرت أرضاً كي لا تلتقي عيناها بعينيه فيقرأ فيهما سطور العشق المسطرة منذ زمن فيفتضح أمرها ، و عندها سيلومها الجميع أنست زوجها بتلك السرعة لتقع في غرام شقيقه ! و لكنهم لا يعلمون أن عشقه يسكن في ثناياها منذ أن كانت طفلة ، و حاولت الكثير و الكثير أن تمحيه ، و لكن دون جدوى، فمهما هربت تجد طريقها مسدود .
فاقت من شرودها على صوته الذي ما زادها إلا عذاباً حينما هتف بمرح و هو يقبل وجنة الصغير :- أهلاً أهلاً بحبيب عمو ، إزيك يا بطل ؟
هتف الصغير بابتسامة مشرقة :- كويث إثلام .
ضحك قائلاً :- ياض أنا عمك مش إسلام عيب كدة ، تعال يا بطل سلم على جدو و تيتة ..
ثم أضاف بهدوء و هو يوجه حديثه لمريم :- تعالي يا مريم هتفضلي عند الباب كتير !
أومأت له بخفوت ، ثم دلفت خلفهم و ألقت التحية على الموجودين فردوها عليها ببشاشة وجه .
انشغلوا بالطفل فهو عوض الله لهم عن ابنهم الفقيد ، فابتسمت بخفوت و لمع الدمع بعينيها سريعاً ما شكلت طبقة كرستالية محتهم على الفور ، و جاهدت في رسم إبتسامة واسعة على وجهها ، و لا تعلم إلى متى ستصمد ؟
هتف موسى الذي يضع الصغير على قدميه :- فطرت ولا لسة يا أبو حميد ؟
أومأ الصغير بنعم قائلاً :- أيوة يا جدو الحمد لله ، يلا علشان نروح تحت الكوالة .
ضحك الجميع على نطقه الخاطئ فأردف موسى :- اسمها وكالة يا أحمد وكالة ، تمام يا بطل و ماله أهو تتشرب الصنعة من وأنت صغير .
قال ذلك ثم نهض قائلاً ممسكاً بيد الصغير :- يلا كمان يا إسلام علشان تحصلنا زمان عمك فتح الوكالة بدري هو و محمود .
أردف إسلام بطاعة :- حاضر يا بابا ..
غادر بهدوء بصحبة الصغير ، بينما هتفت عواطف بحب :- تعالي يا مريم افطري مع إسلام .
هزت رأسها بنفي قائلة :- تسلمي يا مرات عمي أنا فطرت مع أحمد بالهنا كلوا أنتوا .
توجهت و جلست على الأريكة بالقرب منهم ، تقضم أظافرها بتوتر ، شُلّت حواسها ، و جحظت عيناها بصدمة ، و توقفت ضربات قلبها حينما سمعت زوجة عمها تقول :- بقولك إيه يا إسلام يا ابني أنت أهو ما شاء الله خلصت كليتك ليك سبع سنين و شقتك بقت جاهزة من مجاميعه ، ها فاضل إيه تاني يا حبيبي مستني إيه ؟! نفسي أفرح بيك يا ضنايا بعد ما أخوك الغالي فارقنا مبقاش ليا إلا أنت و أختك .
زفر بضيق قائلاً بشبح ابتسامة :- حاضر يا أما أديني وقت أظبط أموري و هبقى أشوف .
أردفت بلهفة :- ما تقلقش أنا عندي ليك حتة عروسة إنما إيه جمال و أدب و ....
قاطعها قائلاً بضجر :- خلاص يا أما هبقى أشوف أنا نازل الوكالة عند أبويا ..
أنهى كلماته و نزل مسرعاً و تلقائياً وجد عينيه تقع على منزل تلك التي نقضت العهد ، عندما عاهدته بأنها ستكمل معه الطريق ، و لكنها تركته في بدايته حينما أتتها الفرصة للعيش في منطقة أكثر رقياً من هذه المنطقة مع هذا الثرى الذي تشبثت به بقوة لينتشلها من هذه المنطقة الشعبية .
ابتسم بسخرية ، و هز رأسه بندم على ما كنّه من مشاعر لها ، و نزل للأسفل ليتابع عمله بالوكالة ، حيث أنه يدير قسم الحسابات و يشرف على البضاعة بعملهم الخاص .
شعرت بالصقيع يسري في أوصالها فارتجفت بقوة وكأنها في الشتاء رغم حرارة الجو .
دمار تام خيم على مدينة قلبها فأصبحت عبارة عن كوم تراب . ماذا تنتظر ؟! أستظل توهم نفسها بالمزيد من الأحلام التي من المستحيل تحقيقها الآن !
شحب وجهها كالموتى ، و تأكدت اليوم أنه لن يكون لها مثل كل مرة كانت تُمني حالها فيها . تحجرت الدموع بعينيها ، و هدأت وتيرة أنفاسها ، و كم تمنت الموت في هذه اللحظة لتنال الراحة بدلاً من دوامة العذاب التي تغرق فيها .
اقتربت منها عواطف قائلة بابتسامة عذبة :- إيه رأيك يا مريم في بنت عم صالح أسماء ؟
هزت رأسها بضياع قائلة :- ها ...بتقولي إيه ؟
لاحظت حالتها فأردفت بقلق :- مريم مالك يا بنتي ؟ وشك أصفر كدة ليه ؟
نهضت تتحامل على ذاتها قائلة بنفس الحالة :- أنا طالعة فوق ماما عاوزة تغسل السجاد وهساعدها ..
و بالفعل تركت المكان بسرعة حتى لا تنهار أمامها ، لم تجد غيرها صديقتها الوحيدة بالشقة المقابلة لهم فطرقت الباب سريعاً ففتحته والدة بثينة التي هتفت بقلق هي الأخرى :- في إيه يا مريم يا بنتي ، حد جرالوا حاجة ؟
هزت رأسها بنفي قائلة بضعف وهي على وشك الصراخ :- لا مفيش ...مفيش ..عاوزة بثينة بس..
أومأت بتعجب قائلة :- طيب تعالي هي قاعدة جوة في أوضتها كويس أنها مارحتش الشغل النهاردة .
توجهت بسرعة لغرفتها ، بينما أخذت تتطلع لها الأخرى بدهشة ، و لكن هزت رأسها بهدوء فلتعرف ما بها من ابنتها لاحقاً .
فتحت الباب على حين غرة ، فقفزت الأخرى في مكانها على أثره و ما إن رأتها هتفت بذعر :- مريم مالك يا حبيبتي ؟
احتضنتها بقوة ، وهنا سمحت لنفسها بالانهيار ، إذ سقطت جميع حصونها التي تتظاهر بالقوة ، و انخرطت في موجة بكاء غير معهودة منها .
أتت والدتها على صوت البكاء قائلة بقلق :- في إيه يا بثينة مالها مريم ؟
هتفت بقلق :- والله ما أنا عارفة يا أما ، سيبينا دلوقتي لحد ما تهدى و هعرف مالها .
أومأت بموافقة قائلة :- ماشي وأنا هروح اعملها حاجة تشربها تهديها .
بعد فترة هدأت وتيرة بكائها فأردفت بثينة بهدوء :- ها يا مريومة مش هتقوليلي مالك بقى ؟
أردفت بصوت متحشرج و قد خيم الحزن على كل خلية بداخلها :- تعبت أوي يا بثينة مبقتش قادرة استحمل خلاص جبت آخري .
أردفت بقلق :- ليه بس فيه إيه ؟
ضحكت بمرار قائلة :- أقولك إيه ولا إيه خليني كاتمة أحسن يمكن روحي تطلع و ارتاح بدل الغلب اللي أنا فيه .
شهقت بصوت عال و أردفت باستنكار :- بقى هي دي مريم اللي أنا أعرفها ! لا لا مش هي أبداً فين مريم القوية اللي بمية راجل .
أردفت بتعب :- خلاص مريم معادتش قادرة تمثل دور مش دورها أنا بقف قدامهم ساكتة و جوايا خراب .
ربتت على ظهرها بحنو قائلة :- أهدي بس و قوليلي في إيه ؟
مسحت عبراتها بعنف قائلة بكذب :- بابا مش راضي يخليني أشتغل ، هو أنا واخدة الشهادة عياقة يعني !
أردفت بحذر :- طيب بس أهدي كدة الأول ، يعني إنتي مش عارفاه هي أول مرة ! لا لا مش دة السبب أنا عارفاكي كويس ، ها في ايه تاني ؟
هتفت بخزي من حالها و وجع :- مرات عمي جابت لإسلام عروسة و شكله هيوافق عليها المرة دي .
أردفت بصدمة :- بتقولي إيه؟ طب طب وإنتي؟! إزاي ؟
أجابتها بحرقة :- زي الناس يا بثينة هو من حقه يتجوز ولا هيفضل كدة يعني !
هزت رأسها بنفي قائلة:- لا مش قصدي كدة بس ...بس وإنتي ؟
أغلقت عينيها بعنف قائلة بقلب ذبيح تلطخت اعماقها بدمائه :- عادي يا بثينة و إيه الجديد ؟! قلبي أتعود على كدة فمبقتش فارقة خلاص ، أنا هعيش لأحمد وبس كفاية الأنانية اللي أنا فيها دي .
أردفت بشفقة :- خلاص يا حبيبتي متعمليش في نفسك كدة أدي الله و أدي حكمته .
هزت رأسها بحزن قائلة :- و نعم بالله خلاص يا بثينة أنا مش هفكر فيه تاني ، أنا كل مرة بيجي في بالي بحس قد إيه إني واحدة خاينة لجوزها اللي ما صدقت يموت علشان تلوف على أخوه .
زفرت بثينة بحزن قائلة :- خلاص بقى يا مريم كفاية تحملي نفسك فوق طاقتها ما إحنا كلنا عارفين انك اتجوزتيه غصب عنك .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ابتسمت بمرار قائلة :- انتوا مين اللي عارفين يا بثينة ؟! هو إحنا هنضحك على بعض ! محدش يعرف حاجة عن الموضوع دة غيرك بس فمتعمميش و تقولي احنا ، على العموم يلا مجاتش عليه و لا جديد عليا إني أتوجع ، معلش يا بثينة تعباكي معايا علطول.
قطبت جبينها بعبوس قائلة :- عيب عليكي إنتي صاحبتي متقوليش كدة .
أردفت بود :- ربنا يخليكي يا بسبس والله من غيرك مكنتش هعرف اعمل ايه ، طيب أنا همشي دلوقتي علشان محدش يحس بغيابي أصل ما قولتش لحد .
هتفت بسرعة :- طيب استني أمي بتعمل العصير .
- لا معلش أبقي سلميلي عليها أنا مروحة أشوفك بعدين .
وما إن همت لترحل عاجلتها بسؤال أعاد الحزن لها مجدداً و كأنها والدته و هو لا يريد تركها :- هي صحيح مين دي اللي أم إسلام عاوزة تجوزهاله؟
ابتسمت بوجع قائلة :- أسماء بنت عم صالح .
اتسعت عينيها بدهشة قائلة :- أسماء !
أومأت بموافقة قائلة بتهكم :- أيوة أسماء صغيرة و متجوزتش قبل كدة يعني مناسبة له كتير ، بالإذن يا بثينة .
قالت ذلك ثم غادرت بخطوات أشبه بالسلحفاة عائدة أدراجها بعد أن جففت دموعها ، و جاهدت في رسم إبتسامة باهتة سرقتها خلسة من الزمن ، و طرقت الباب لتفتحه توحيدة ، فدلفت لغرفتها مباشرة بينما وقفت والدتها تطالع أثرها بقلب جريح على حال ابنتها التي تراها كالشاه المذبوحة وهي تقف تشاهدها دون أن تمد لها يد العون .
رفعت انظارها للسماء تتضرع إلى الله بأن يخفف عن ابنتها و يرزقها كل الخير .
دلفت لغرفتها بخطوات بطيئة، و ألقت بنفسها بعنف على الفراش ، و أخذت تحدق في سقف الغرفة التي شهدت على الكثير من معاناتها طوال تلك السنوات .
بهتت ملامحها كعجوز في الثمانين تحمل من الهموم مما يفوق الجبال ، و زادت هالاتها السوداء حول عينيها البندقية الواسعة ، و نقص وزنها كثيراً عما كانت عليه سابقاً .
تحملت الكثير دون أن تشكو ، لا تحب أن تشارك غيرها أوجاعها لأنها تخصها وحدها ، ولن يشعر أحد بالحزن لذا لم تتحدث .
ابتسمت بسخرية ، لمن ستتحدث ؟ لوالدها كي يقتلها إن علم أنها تحب شقيق زوجها الراحل ! ، ام لوالدتها التي تتبع والدها في كل شئ تجنباً لغضبه ! ، واما لشقيقها الذي ورث الطباع الحادة من والده !
أخذت تبحر بذاكرتها للخلف ، تمر عند كل مرسى به حدث أو ذكرى ، زادت من وتيرة بكائها المكتوم الذي لا يدري به أحد من الأساس ، تود أن تصرخ و تثور ولكن إن فعلت ستصبح عاقة لهما ، وهي لا تريد ذلك أبداً ، لا تريد أن تقطع أي حبل يوصلها بطريق الله ، لذلك توافق والدها على أي قرار يتخذه حتى وإن كان هذا سيضر بمصلحتها ، أو يعارض رغبتها .
أخذت تنتحب بصمت لتفرغ شحنتها السلبية ، و لتنهار الآن لكي تستطيع أن تقف على قدميها قوية في الأيام المقبلة التي ستشهد على مقتلها بالبطيئ .
___________________________________
صعد للأعلى بوجه متجهم للغاية ، و اغلق الباب خلفه بقوة ، و جلس بإهمال على أحد المقاعد المتهالكة ، و أخذ يهز قدمه بعصبية شديدة.
تحاملت والدته على نفسها و أخذت تسير حتى وصلت لعنده ، و جلست بتعب قبالته قائلة بوهن :- بردو دي عمايل تعملها يا ابني بتقطع عيشك بأيدك !
هتف بانفعال :- يعني كنتي عاوزاني أعمل إيه يا أما ! دا ابن **** عاوز الحرق .
هزت رأسها بأسى قائلة :- يعني من كتر الشغل دا الواحد بيتعلق في قشاية في زمان ما يعلم بيه إلا ربنا.
أردف بغضب :- كله من بت أختك لو رضيت تتجوزني مكانش دة حصل .
جعّدت أنفها بغرابة قائلة باستنكار :- و إيه دخل دة بدة ؟! انت بتخلط الأمور ببعضها ليه؟ و يعني هي وافقت وأنا قلت لا ، البت مش راضية وأنا مش هغصبها على حاجة يا ابن بطني .
نظر لها بخبث قائلاً :- ماشي يا أما براحتها .
تأوهت بألم قائلة :- آه ألحقني يا حاتم هموت مش قادرة جنبي واجعني ..
قالت ذلك ثم فقدت وعيها على الفور ...
______________________________________
نزل من طيارته الخاصة ، يحاوطونه الحراس الخاصين به كالحصون الفولاذية المنيعة ، يمشي بخطوات سريعة عندما أتى له اتصالاً أثناء رحلته إلى بلجيكا في صفقة عمل بمرض عمه الشديد الذي يرقد في الفراش لا حول له ولا قوة .
صعد للسيارة بسرعة ، و جلس في المقعد الخلفي، بينما أنطلق السائق حيث مكان عمه بالمشفى الضخم الخاص بهم .
بعد وقت توقفت السيارة أمام المشفى ، و نزل السائق يسرع بفتح الباب الخلفي ، فنزل ببرود كحالته ، و مشي بخطوات للداخل حتى ابتلعه المبنى .
استقل المصعد متوجهاً للطابق المتواجد به عمه و البقية وما إن رآهم هتف بجمود و هو يقف بثباته المعتاد :- عمي حالته إيه دلوقتي ؟
هتفت ناريمان زوجة عمه ببكاء :- حالته متأخرة أوي يا مراد مفيش أمل أنه يمشي تاني .
قوس حاجبيه بغضب مكبوت قائلاً بحدة :- و البهايم اللي هنا وظيفتهم إيه ؟ لو مش عارفين يعملوا حاجة حالاً نسفره برة .
هتف والده بحزن :-يعني هيعملوا إيه اللي برة ؟! المستشفى هنا فيها أحسن الدكاترة كلهم قالوا إن حالته متأخرة .
زفر بضيق و استعاد ثباته قائلاً بجمود :- و جدي فين ؟
ثم نظر لجدته التي ورث منها الغطرسة قائلاً :- جدي فين يا نانا ؟
هتفت بهدوء :- تعبان شوية يا مراد ، قاعد جوة في الأوضة اللي جنب عمك .
أردف بهدوء :- طب أنا عاوز أشوفهم .
اقتربت ابنة عمه التي تغرق الدموع عينيها ، و هي تقدم على احتضانه، إلا أنه أوقفها بإشارة من يده بأن لا تقترب من تلك المنطقة المحظورة التي لم تقترب منها أي أنثى من قبل .
جزت على أسنانها بغيظ منه ، ودت لو تلكمه ، و لكن هيهات أن تعبث مع ذلك الجامد كالثلج . هتفت بدموع في محاولة منها لكسب عطفه نحوها :- بابا يا مراد خلاص مفيش أمل أنه يمشي تاني .
لم يتحدث بكلمة فهو غير جيد في تلك الأمور العاطفية، فهو كالآلة يتحرك بوقت ، و يعمل بوقت ، أو بالأحرى يقدس العمل و الوقت .
نظر لوالده قائلاً :- أنا هدخل أشوف جدي على ما يطلع الدكتور و نطمن على عمي .
استدار مولياً إياهم ظهره بينما هتف شادي بخفوت :- يخربيت برودك يا أخي إيه دة ؟!
بعد دقائق أتى الطبيب للإطمئنان على صحة مجدي و بعد أن فحص مؤشراته خرج و على وجهه إمارات الأسى فهتف عمران بلهفة :- طمني يا دكتور أخويا حالته إيه ؟
هز رأسه بحزن قائلاً :- للأسف العملية فشلت و فرصة أنه يمشي من تاني ضئيلة دة إن مكانتش مستحيلة مش قدامنا حاجة نعملها دلوقتي.
أتاه صوته الحاد قائلاً :- يعني إيه مش قدامك حاجة تعملها أنت بتهزر !
زفر الطبيب بضيق قائلاً :- يا باشمهندس مراد حالة عمك مفهاش أمل ، إحنا عملنا اللي علينا و زيادة ولو عاوز تاخده تسفره برة براحتك .
رُسم الأسى على الجميع فأردف الطبيب بهدوء :- هو فايق دلوقتي و طلب مني إنك تدخله لوحدك .
حالة من الدهشة و التعجب خيمت عليهم بما فيهم هو . أومأ بهدوء ثم دلف لغرفة عمه .
قطبت ميس جبينها بتعجب قائلة :- غريبة ! يا ترى عاوزه في إيه ؟
هز عمران كتفه بعدم معرفة قائلاً :- ما أعرفش يا ميس علمي علمك .
كانت تقف و بداخلها فضول قاتل لمعرفة سبب طلبه له بالداخل بمفرده ، و تمنت أن تقرأ الأفكار الآن لتعلم السبب و ترضي فضولها .
بعد وقت قضاه بالداخل ، خرج و وقف بعيداً عنهم قليلاً ، بينما أخذ البقية يتفرسونه بعمق لعلهم يستشفون أي شئ ، و لكن ملامح وجهه الجامدة حالت دون ذلك .
تقدمت منه زوجة عمه التي يقتلها الفضول و هتفت بحذر :- هو ...هو مجدي قالك إيه جوة ؟ يعني ...يعني طمنا عليه هو كويس ؟
أردف بجمود :- اطمني يا مرات عمي هو كويس ، وهو وصاني عليكم وإني أخد بالي منكم .
هزت رأسها بهدوء ، و بداخلها غير مقتنع بما أملاه عليها ، و اشتعلت نيران غاضبة بداخلها نستها منذ زمن بعيد ، و جزت على أسنانها بغل إن كانت ما تفكر به صحيح .
______________________________________
تعبت قدميهما و صرخت باستغاثة كي يكفوا عن السير و ينالوا قسطاً من الراحة .
هتفت آلاء بصراخ و تذمر :- رحيق أبوس إيدك كفاية أنا رجليا ورمت مش قادرة خلاص أمشي تاني .
هتفت بتعب هي الأخرى :- يلا بس معلش تعالي على نفسك شوية مش هنرجع و أدينا فاضية .
هزت رأسها بنفي قائلة باعتراض :- لا ، لا كفاية أنا جبت آخري ، طب نرتاح شوية .
غمغمت بضيق :- خلاص يا آلاء تعالي نقعد تحت الشجرة هناك على ما رجل سيادتك تخف و ترتاح .
ابتسمت بسماجة قائلة :- ربنا يباركلك يا رب ، اللعب ربنا ينصرك ، اللهي .....
قاطعتها قائلة باستياء :- خلاص يا آلاء إنتي مش قاعدة على باب السيدة هنا قدامي .
ضحكت بخفة، ثم توجهتا تحت الشجرة ، و جلستا على. الأريكة الخشبية ، و هن يلتقطن أنفاسهن بتعب من السير الطويل .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أخذت تمسد على قدميها قائلة بتعب :- اه يا اني يا أما كان مالي ومال التعب دة بس يا ربي .
ابتسمت بألم قائلة :- معلش استحملي علشان خاطري أنا عاوزة ألاقي شغل بأي شكل من الأشكال و بسرعة إن شاء الله اشتغل خدامة بس أهو اسمه بشتغل .
أردفت بتوبيخ و تمني :- بس يا هبلة خدامة إيه دة كمان ! إنتي فاكرة إحنا لسة عايشين في عصر البهوات دة ولا إيه ؟ لا إن شاء الله هندور تاني وتالت و رابع و ربنا معانا. .
زفرت بضيق قائلة برجاء :- يااااارب ...
بعد فترة نهضتا سوياً و أكملتا السير ، و بينما كانتا تبحثان اصتدمت رحيق بسيدة فهتفت بسرعة :- أنا آسفة ما أخدتش بالي .
ابتسمت لها بود قائلة :- لا عادي ولا يهمك ، واضح انك تعبانة ...
تدخلت آلاء قائلة :- اه أصلنا بنلف من الصبح على شغل .
هتفت بدهشة :- إيه دة انتوا بتدوروا على شغل ؟!
أومأت بنعم فضحكت بخفة قائلة :- و اللي يجبلكم ؟
أردفت آلاء بمرح :- أديله بوسة كبيرة .
ضحكت بصخب عليها قائلة :- لا إنتي شكلك مشكلة . آه يا ستي ليكم عندي شغل .
هتفت رحيق بتعجب و قلق :- شغل إيه دة يا أستاذة ؟
أردفت بخفوت :- طيب هنتكلم كدة إحنا و واقفين ، تعالوا نقعد في أي كافيه قريب من هنا .
و حينما رأت التوتر مسطر في أعينهن أردفت بمرح :- متقلقوش تعالوا هعزمكم أنا زي أختكم ولا إيه ؟! تعالوا مش هخطفكم.
وزعن أنظارهن بينهن و بين تلك الماثلة ، و حسموا أمرهم أخيراً و توجهوا معها .
جلستا قبالتها بتوتر ملحوظ ، بينما أردفت هي بود :- ها بقى تحبوا تشربوا إيه ؟
أردفت رحيق بتوتر :- لا لا شكراً مفيش داعي .
قطبت جبينها قائلة بتذمر :- بت هو إنتي بخيلة ولا إيه ؟
ضحكت آلاء بمرح قائلة :- سيبك منها أنا عاوزة أشرب عصير مانجا ، و هاتيلها هي عصير فراولة أصلها بتعشقها .
دفعتها بقدمها بغيظ من تحت الطاولة فأردفت آلاء بتذمر :- في إيه يا بنتي هو أنا بكدب يعني ولا بكدب !
ضحكت بغيظ لتخفف من حدة الموقف، و وجدت لو تقتلها في الحال ، بينما هتفت الأخرى بتهذيب :- هعرفكم بنفسي أنا سندس عامر خريجة تجارة إنجلش و بعد سنين من الكفاح فتحت ليا مكتب تسويق و مبيعات و محتاجة موظفين جداد ومن حظي لقيتكم في وشي .
نظرت رحيق لها بتردد قائلة :- أاا...هنبقى نشوف و نرد على حضرتك .
ضحكت بنعومة قائلة :: يا بنتي أسمي سندس و بس مش حضرتك ، هو أنتوا صحيح أسمكم إيه ؟
أردفت آلاء بمرح :- محسوبتك آلاء خريجة تربية قسم لغة إنجليزية و الأخت دي بقى رحيق مزة الدفعة و معايا في نفس التخصص .
ضحكت بخفة قائلة :- تشرفت بمعرفتكم يا قمرات .
أردفت رحيق بتعجب :- بس أظن إحنا تخصصنا مينفعش مع نوع الشغل عندك .
أردفت بروية :- بالعكس دة ينفع و بزيادة كمان هو أنتوا مش perfect في اللغة ولا إيه ؟!
أردفت آلاء بسرعة :- لا والله إحنا واخدين كورسات فيها جنب دراستنا تحبي تختبرينا ؟
هزت رأسها بهدوء قائلة :- اه إن شاء الله بس لما تشرفوني في الشركة بكرة ....
ثم مدت لهم بكارت قائلة :- و أدب الكارت و العنوان لو حبيتوا تيجوا أنا مستنياكم بعد أذنكم علشان ورايا مواعيد ضروري دلوقتي.
قالت ذلك ثم تركتهن يتخبطن في حيرتهن فهتفت آلاء :- مالك يا رحيق مصدرة الوش الخشب ليه ؟
أردفت ببساطة :- علشان بصراحة مش واثقة فيها ، إيه اللي ضمني أنها صادقة ؟
رفعت حاجبها قائلة باستنكار :-نعم يا أختي ! دة اللي هو إزاي يعني ؟ هو إنتي بتتفرجي على مسلسلات كتير ؟!
أردفت بضجر :- الحكاية مش كدة بس بصراحة أنا قلبي مش مطمن للموضوع دة .
أردفت بروية :- يا ستي نبقى نروح نشوفها و بعدين لو معجبناش الوضع نبقى نمشي ، متخافيش مش إحنا مع بعض ايه اللي قالقك؟
هزت رأسها بموافقة قائلة :- على رأيك ماشي بكرة نشوف إن شاء الله .
قاطع حديثهم رنين هاتف رحيق فالتقطته ، و ما إن رأت المتصل هتفت بضيق :- يوووه كانت نقصاك انت كمان .
أردفت بضحك :- ابن خالتك اللي مسجلاه التنح آه بس لو شافك طيب ردي ..ردي لا يكون في حاجة مهمة .
أومأت لها ثم أجابت على الهاتف ، و ما إن وضعته شحب وجهها ، و ظلت كالتمثال ، و تحدثت دموعها فقط حينما هطلت بغزارة كالشلال حينما أتاها رده قائلاً :- انتي فين ؟ أمي ماتت ...ماتت ....
هتفت آلاء بقلق :- في إيه يا رحيق ؟ مالك يا حبيبتي ؟
سقط الهاتف من يدها و هتفت بضياع :- خالتي ماتت ..ماتت يا آلاء ماتت ..
عند هذه النقطة شعرت بأن الجدار الذي تحتمي خلفه أنهار فما عاد لها حصن يؤيها ...
بعد مرور أسبوعين ، تجلس على الأريكة ، والحزن نال منها تلك المرة و طرحها أرضاً بأشد ما لديه من قوة .
ملابس سوداء ، سيدات من الجيران و الحي أتوا لتقديم العزاء ، تستقبلهم بجسد هربت منه الحياة . بجوارها تجلس صديقتها آلاء ، و على الجانب الآخر تجلس جارتها سميحة التي تساقطت دموعها حزناً على رفيقتها ، و كأنها كانت تشعر بقدوم ساعتها لذلك أوشت لها بذلك السر الكبير .
نظرت لرحيق بطرف عينيها قائلة بحزن و خفوت :- شيلتيني أمانة كبيرة أوي أنا مش قدها يا صفية ، ربنا يعيني و يقدرني .
هتفت آلاء بدموع :- قومي كلي يا رحيق ما تعذبيش نفسك ، فكرك كدة هي فرحانة يعني و مبسوطة ! قومي ربنا يهديكي .
هزت رأسها بنفي قائلة بصوت متحشرج :- مليش نفس يا آلاء .
أردفت بنفاذ صبر و هي توجه حديثها لسميحة :- قوليلك حاجة يا خالتي .
أردفت بحزن :- والله يا بنتي تعبت معاها ، سبيها دلوقتي على ما الستات تمشي .
احتضنت جسدها الهزيل بحماية ، و دموعها تتسرسل كحبات اللؤلؤ، قلبها ينزف بغزارة ، لقد فقدت تلك السيدة الحنون التي كانت بمثابة والدتها ، لم تبخل يوماً أن تظهر فيه عاطفة الأمومة نحوها في حبها و خوفها و معاملتها الحسنة لها ، تركتها وحيدة للأيام تقذفها من هنا و هناك وسط أمواجها العاتية ، ولا تعلم ما تخبئه لها الأيام .
بعد وقت غادرن النسوة ، و أحضرت آلاء لها الطعام فتناولت بعض اللقيمات تحت ضغط سميحة التي أصرت و بعد عناء من المماطلة رضخت لطلبها ، فتناولت القليل والذي كان كالعلقم بالنسبة لها .
صعد حاتم بعد أن استقبل الرجال بالأسفل الذين أتوا لتقديم واجب العزاء ، و ما إن دلف امسكت هي تلقائياً يد سميحة و كأنها حبل النجاة تتعلق به . شعرت الأخرى بها لتربت على يدها بحنو ، ولا تعلم حقيقة خوفها ، بينما هتفت بمواساة :- البقاء لله يا حاتم يا ابني شد حيلك .
هتف بصوت أجش :- الشدة على الله يا خالتي .
نهضت قائلة :- طيب همشي أنا و هبقى أجيلك الصبح .
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا لا خليكي معايا يا خالتي بالله عليكي .
هتفت بهدوء وهي تربت على ظهرها :- حاضر يا بنتي حاضر .
أخذ يطالعها بغيظ شديد على موقفها هذا فانصرف مسرعاً للداخل لغرفته .
______________________________________
بعد مرور يومين تعالت الطرقات على الباب بصخب عندما كانت تطعم صغيرها فنهضت من مكانها بفزع و توجهت لترى من الطارق ، فأصابتها الدهشة عندما وجدتها أمامها ، اغتصبت شبح ابتسامة قائلة بهدوء :- إزيك يا أسماء عاملة إيه ؟ اتفضلي ..
هتفت بصوت مهزوز :- أاا.... أنا .. أنا عاوزة أتكلم معاكي لوحدنا .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- ماشي تعالي ادخلي .
دلفت و أغلقت الأخرى الباب و بداخلها ألف سؤال .
رحبت بها والدتها قائلة :- أهلاً وسهلاً يا أسماء ، عاملة إيه ؟ و أمك أخبارها إيه ؟
هزت رأسها بتوتر قائلة :- الحمد لله يا خالتي بخير .
هتفت مريم بهدوء :- ماما خلي بالك من أحمد على ما أشوف أسماء عاوزاني في إيه .
أومأت لها بخفوت ، بينما دلفت هي بها إلى غرفتها الخاصة ، و جلستا على الفراش فهتفت مريم بحذر :- ها أدينا قعدنا لوحدنا في إيه يا أسماء ؟ مش على بعضك كدة !
فركت يديها بتوتر وهي في حيرة من أمرها أتخبرها أم لا ! و لكنها حسمت أمرها أخيراً و نظرت لها قائلة بوجه شاحب :- إلحقيني في مصيبة ............. 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
اتسعت عيناها بذعر وهي تراقب هيئتها الشاحبة ، بدأت دقات قلبها تزداد، فامسكت يدها تضغط عليها برفق قائلة :- أهدي يا أسماء و كلميني براحة في إيه ؟
أرتجف بدنها قائلة بصوت مذبذب :- أنا .... أنا واقعة في مصيبة يا مريم ، ساعديني أبوس إيدك .
زادت ضربات قلبها بصخب ، و تتوقع الأسوأ فهتفت بقلق بالغ :- مصيبة إيه دي يا أسماء اتكلمي ما تخافيش .
سقطت دموعها برعب قائلة :- في واحد زميلي في الجامعة .... بب..بيهددني بصور ليا في أوضاع قذرة ، و بيهددني لو مجيتش ليه الشقة هيودي الصور دي لأهلي .
ضربت بيدها على صدرها بعنف قائلة بفزع :- يادي المصيبة ، إيه اللي إنتي هببتيه دة ؟! طب إزاي و علاقتك بالواد دة واصلة لحد فين ؟
أردفت بخزي :- كنا بنخرج مع بعض و لما عرفت اللي في دماغه بعدت عنه والله ، ومن يومها بيوقفلي في الراحة و الجاية يهددني ، أنا مش عارفة أعمل إيه ؟ ساعديني يا مريم إنتي عمرك ما بتقولي لا لحد في خدمة يطلبها منك .
أردفت بتوتر :- بس ....بس .....
قاطعتها قائلة برجاء و دموع :- ساعديني الله يخليكي دول لو أهلي عرفوا هتبقى مصيبة .
هزت رأسها قائلة بتأثر :- خلاص يا أسماء أهدي علشان نلاقي صرفة للمصيبة دي .
ثم أضافت بعتاب :- و بعدين هي دي تربية أهلك ! دة جزاتهم تعملي كدة ! تخوني ثقتهم فيكي .
نكست رأسها بخزي قائلة :- كنت معمية يا مريم ، كنت بشوف البنات عادي بتقعد مع الولاد و تصاحبهم قلت ليه ما اعملش زيهم ، كنت بقابله في الجامعة و ساعات برة ، بس والله ما كنتش بتعدى حدودي معاه ولا كنت بخليه هو كمان يتعدى حدوده معايا .
أردفت بضيق :- بردو مكانش يصح اللي عملتيه دة يا أسماء من امتى و بناتنا بتعمل كدة ها ؟ إحنا ملناش دعوة بحد ، ربنا يهدينا و يهدي الجميع ، البنت المفروض تمشي زي الألف طالما طلعت من البيت و متتعاملش مع الولاد إلا في حدود الاحترام .
أردفت بتذمر :- طب ما في بنات كتير بيرتبطوا و بيتجوزوا كمان ..
زفرت بضجر قائلة :- بردو هتقولي بنات ! يا حبيبتي لو كل واحد قال اشمعنا و اشمعنا كانت الدنيا خربت ، مش كل الشباب وحشين بردو في اللي بيقدر البنت اللي بيرتبط بيها ، ما يوعدهاش و يخلى بيها من الآخر يكون راجل بجد و شاري ..
ثم أضافت بتهكم :- تقدري تقوليلي أخينا دة اللي مورطك دلوقتي لو كان راجل بصحيح مكانش أبداً عمل كدة ، الواطي الدون دة لو قدامي كنت قطعته بسناني ، شباب طايش مش لاقي اللي يوجهه ، أسماء مش كل صوابعك زي بعضها اه في شباب كويس بس بردو في زبالة زي اللي بيهددك دة .
هزت رأسها بموافقة قائلة بخزي :- عندك حق يا مريم ، بس دلوقتي هعمل إيه هو طلع حقير خد صور لينا و إحنا بنطلع مع بعض و صور لعب فيها ، أنا خايفة أرجوكي ساعديني بابا لو عرف هيموتني .
ابتسمت بخفوت قائلة :- حاضر يا أسماء هساعدك.
أردفت بلهفة :- ربنا يخليكي يا مريومة عارفة إنك هتوافقي .
أردفت بابتسامة مطمئنة :- متقلقيش إنتي زي أختي . و دلوقتي أديني رقم الزفت دة حالاً وأنا هشوف شغلي معاه .
أردفت بلهفة :- لا بلاش يا مريم لأحسن يعمل حاجة لو عرف إني قلت لحد ، أنا عاوزاكي تيجي معايا هناخد الصور و نمشي .
أردفت بحذر :- بس بردو مينفعش لازم نقول لحد نثق فيه و ......
هزت رأسها بنفي قائلة بدموع :- لا وحياتك لا علشان خاطر أحمد ابنك متقوليش لحد ساعديني في أنك تيجي معايا ، هو لما يلاقي حد معايا مش هيعمل حاجة .
نظرت لها بشفقة على حالها و زفرت بحزن قائلة:- حاضر يا أسماء بس يا ريت تكوني أتعلمتي من غلطك و متكررهوش .
هتفت بندم :- لا ما أنا اتعلمت الدرس خلاص ومش هعمل كدة تاني أبداً ..و...كمان أصل خالتي عواطف فاتحت أمي في موضوع أنها هتيجي تتقدملي لابنها إسلام ، و بصراحة إسلام شاب محترم و ما يتعوضش .
هربت الدماء من عروقها ، و شحب وجهها على تلك الذكرى ، و كأنها تؤكد لها بأنه من المستحيل أن يكون لها لذا عليها الاستسلام للأمر الواقع .
رسمت إبتسامة مرتجفة على محياها ، و أردفت بمرار و قلب ذبيح :- اه ما هي قالتلي ، ربنا يسعدك يا أسماء و يكتبلك الخير كله .
ابتسمت لها بود قائلة :- و يخليلك أحمد و تفرحي بيه ، بكرة بعد الجامعة هنروحله بس أنتي هتخرجي إزاي من غير ما حد يعرف ؟
هزت رأسها بحيرة قائلة :- والله مش عارفة يا أسماء ، سيبيني أفكر لحد بكرة و ربنا يسهل .
مسكت كلتا يديها قائلة بترجي :- بس بالله عليكي ما تسبيني لوحدي في المشكلة دي .
أردفت بحنو :- خلاص يا أسماء ما تعيطيش كفاية عياط هاجي معاكي بإذن الله ، هسيب أحمد مع ماما و أبقى اتحجج بأي حاجة متقلقيش.
احتضنتها بقوة قائلة :- أنا متشكرة أوي يا مريم لو عندي أخوات بنات مش هيعملوا كدة معايا .
ضربتها بخفة على رأسها قائلة باستنكار :- وأنا مش أختك ولا إيه يا ست أسماء ؟!
أردفت بابتسامة عريضة :-طبعاً أختي و أحلى أخت كمان .
ربتت على ظهرها بحنو و منحتها ابتسامة دافئة ، و قالت بمرح :- يلا يا بت امسحي دموعك دي ماما تقول عليكي إيه بضربك هنا !
ضحكت بخفوت قائلة وهي تمسح عبراتها :- لا ودي تيجي بردو إنتي بتكهربيني بس ..
قالت جملتها الأخيرة و تعالت ضحكاتهن في الغرفة و بعد وقت انتهوا من ثرثرتهن ، و انصرفت أسماء لشقتهم وهي تدعو الله برجاء شديد أن يمر الأمر بسلام ، بينما خرجت مريم لترى ابنها الذي تركته مع والدتها فهتفت بفضول :- كانت عاوزة إيه أسماء ؟
هتفت بكذب :- أبداً يا ماما كانت عاوزة طقم من عندي علشان معاها مناسبة و عاوزة تحضر بحاجة جديدة مع صحابها.
هزت رأسها بتفهم قائلة :- طيب تعالي شوفي أحمد عاوز إيه بعد ما أكلته وهو لاوي بوزه مش عارفة ليه !
تقدمت من صغيرها و حملته ، و قبلته في وجنته قائلة بحنان :- مالك يا ميدو يا حبيب ماما ، عاوز إيه ؟
هتف الصغير بتذمر :- عاوز أروح عند جدو موثى و هي مش راضية تخليني أروح .
ضحكت بخفة قائلة :- وأنت يا بطل عاوز تروح لوحدك تحت في الشارع ؟
هز رأسه بموافقة قائلاً :- أيوة بعرف أروح لوحدي أنا كبير و راجل .
قبلته بقوة من وجنته قائلة :- يا سلام ! دة أنت راجل و سيد الرجالة كمان ، بس يا حبيبي ماينفعش تنزل لوحدك الوكالة ، أنت صحيت متأخر النهاردة و مشيوا قبلك ، لما يرجع هاخدك تحت و تشوفه .
أردف بموافقة :- ماشي يا ماما ، طيب يلا نروح عند خالو فوق عاوز ألعب مع طه .
أومأت بموافقة قائلة :- ماشي يا سيدي طلباتك أوامر ، ماما أنا طالعة عند سامية فوق .
أردفت بحذر :- ماشي بس ما تعوقيش لأحسن أبوكي ياجي من برة و يتكلم و أنتي عارفة كلامه .
هزت رأسها بحزن قائلة:- ماشي يا ماما مش هتأخر.
//////////////////بقلم زكية محمد/////////////////////////
فتحت عينيها الذابلة من أثر البكاء ، و نهضت من مكانها ، و خرجت من غرفتها لتجد سميحة أمامها ترص الأطباق على الطاولة ، و التي هتفت بشبح ابتسامة فور رؤيتها :- صباح الخير تعالي يا حبيبتي أنا حضرت الفطار أهو قبل ما أمشي يلا أقعدي كوليلك لقمة .
هتفت بخفوت :- ملوش داعي يا خالتي تعبتي نفسك ليه بس ؟
أردفت بتوبيخ :- بس يا بت أنتوا زي عيالي ، يلا أنا همشي و أبقي صحي حاتم علشان يفطر .
هزت رأسها بخفوت ، و غادرت الأخرى ، فوقفت هي تطالع غرفته ببعض الخوف ، و لكنها شجعت نفسها و توجهت ناحية غرفته ، و طرقت الباب ، و ما هي إلا لحظات حتى فتح هو الباب لتتراجع هي للخلف بخطوات سريعة قائلة بصوت يكاد يكون مسموع :- الفطار جاهز ..
هتف بصوت أجش :- ماشي جاي أهو .
بعد وقت كان يجلس أمامها ، يتناول طعامه بشرود ، و كذلك هي تبتلعه بصعوبة . هتف بهدوء شديد وهو يصب اهتمامه على الطعام :- إحنا دلوقتي مش هينفع نقعد مع بعض في بيت واحد ، كلام الناس هيكتر و هيقولوا حجات فارغة .
هزت رأسها توافقه الرأي قائلة :- فعلاً عندك حق علشان كدة أنا كنت ناوية أفاتحك في موضوع الشقة التانية بتاعة أمي الله يرحمها هنضفها و أقعد فيها .
ضرب بيده بعنف على الطاولة قائلاً بغضب :- شقة أمك مين لا مؤاخذة ! إنتي ملكيش شقق دي شقة جدي .
اتسعت عيناها بذهول قائلة :- يعني إيه ؟! أومال هقعد فين ؟ أنت إيه يا أخي حرام عليك ..
طالعها بخبث قائلاً :- و الله في إيدك كل حاجة .
قطبت جبينها بعدم فهم قائلة :- يعني إيه يا حاتم تقصد إيه بكلامك دة ؟!
أردف بمكر :- أقصد نتجوز منها نسكت الناس و منها تلاقي حل لمشكلتك دي .
نهضت بغضب قائلة بحدة :- أنت بتحلم سامع ؟ استحالة دة يحصل .
أردف بغيظ و تشفي :- خلاص شوفي بقى هتحلي مشاكلك إزاي و الناس هتقول إيه لما تعرف أننا عايشين في بيت واحد من غير جواز .
طالعته بقهر قائلة :- حسبي الله ونعم الوكيل ، بس أنا مش هرضخلك يا حاتم و أقبل باللي أنت عاوزه ، أنا هدور على شغل و لا الحوجة يا .....يا ابن خالتي .
أنهت حديثها و توجهت لغرفتها كالأعصار ، بينما ظل هو يتابع أثرها بغيظ شديد قائلاً :- ماشي يا رحيق وراكي و الزمن طويل ..
بعد وقت خرجت و هي ترتدي ملابسها السوداء ، و غادرت بغضب شديد منه ، و تدعو الله بأن يستجيب لها هذه المرة و تجد وظيفة تعول بها نفسها .
بعد وقت قضته في البحث و التنقل بين المكتبات و المحلات و لكن دون جدوى ، فجلست على أحد المقاعد بضجر و ضيق ، ففتحت حقيبتها تبعثر فيها بحثاً عن هاتفها ، لتلتقط أصابعها الكارت المدون به مكان عمل تلك السيدة التي قابلوها في الآونة الأخيرة.
وضعته نصب عينيها ، و أخذت تفكر بعمق و روية ، تشعر بالتخبط أتذهب لهناك أم تظل هنا ؟ و عندما لاح طيف ابن خالتها و غلظته معها ، و ما يود أن يفعله بها عند هذه النقطة هزت رأسها بعنف ، و من ثم وقفت بحزم و سارت لتقف على الطريق ، أوقفت إحدى سيارات الأجرة ، مقررة بحزم الذهاب لها في سبيل البحث عن الوظيفة التي ستكون بمثابة قارب النجاة لها من براثن ذلك البغيض .
ترجلت من السيارة لتقف أمام مبنى شاهق الإرتفاع ، أخذت شهيقاً عميقاً و زفرته بتمهل ، و حسمت أمرها و دلفت للداخل .
ولجت بخطى متعثرة ، و لوهلة شعرت بأنها تود أن تستدير و تلوذ بالفرار من هذا المكان الذي أسرى الخوف بداخلها ، خوف مبهم لا تعلم ماهيته ، فكل ما تعلمه أن عليها المضي قدماً ، وأنه لا يوجد مجال للتراجع .
رأت فتاة تجلس على مكتب في منتصف الغرفة التي وطأتها فتوجهت ناحيتها قائلة بهدوء :- مش دة مكتب مدام سندس للتسويق و المبيعات ؟
هزت رأسها بموافقة قائلة بابتسامة عريضة:- أيوة يا أفندم أقدر أفيدك بإيه ؟
أردفت بثبات :- لو سمحتي كنت عاوزة أقابلها ضروري .
أومأت بهدوء قائلة :- إتفضلي اقعدي و أنا هديها خبر ، أسمك إيه؟
أملتها اسمها لتغيب عنها للحظات حتى خرجت قائلة بعملية :- إتفضلي هي في إنتظارك دلوقتي .
نهضت تهندم ملابسها بتوتر ، و ولجت للداخل بعد أن طرقت الباب ، لتجدها منصبة على مجموعة من الأوراق ، و ما إن رأتها نهضت ترحب بها بابتسامة عريضة قائلة :- أهلاً.. أهلاً برحيق الغلباوية ، إزيك عاملة ايه؟ ليكم وحشة إنتي و صحبتك مش إسمها آلاء باين ؟
هزت رأسها بموافقة و رسمت إبتسامة باهتة على صفحة وجهها العابس قائلة :- أيوة إسمها آلاء .
أردفت بود :- طيب تعالي أقعدي.
قالت ذلك و هي تشير لها نحو الأريكة التي توجد في إحدى جوانب المكتب ، فتبعتها و جلست بجوارها قائلة :- ها تشربي إيه ؟
هزت رأسها بسرعة بنفي قائلة :- لا لا ملوش داعي .
قوست جبينها بضيق قائلة :- في إيه يا رحيق إنتي قفوشة كدة ليه ؟
أردفت بحذر :- لا مش كدة بس أنا طبعي كدة لما بكون مش متعودة على حد ..
أردفت بتفهم :- أها ، ماشي يا ستي أنا هطلبلك عصير فراولة شوفتي إزاي مبنساش !
ابتسمت لها بخفوت ، و أخذت تفرك يديها بقوة فهتفت سندس بعد أن قامت برفع السماعة و طلب كوبين من عصير الفراولة الطازجة :- صاحبتك ما جتش معاكي ليه ؟ و ليه لابسة أسود ؟
قوست شفتيها بحزن قائلة :- أصل خالتي أتوفت من أسبوعين كدة .
شهقت بحزن قائلة :- البقاء لله يا حبيبتي ربنا يصبركم إن شاء الله.
أردفت بنبرة يشوبها الانكسار :- و نعم بالله سبحان من له الدوام ، أنا جيت لحضرتك النهاردة علشان أقدم على الشغل اللي كنتي قولتي عليه المرة اللي فاتت .
أردفت بهدوء :- ماشي يا حبيبتي جبتي الc.v بتاعك ؟
هزت رأسها بنعم وهي تمد لها الملف قائلة :- اه أهو كل حاجة هتطلبيها موجودة هنا في الملف .
فتحته و أخذت تطالع الأوراق، و هي ترفع حاجبيها بإعجاب قائلة :- هايل إنتي شاطرة أوي من دلوقتي هنمضي العقود و تستلمي شغلك من النهاردة .
أشرق وجهها أخيراً لهذا الخبر ، و بعد دقائق أتت لها بالأوراق فأخذت توقعها بحماس ، فهتفت سندس بفرح :- ألف مبروك يا رحيق .
ابتسمت بسعادة غامرة لأول مرة منذ فترة طويلة قائلة :- الله يبارك فيكي يا مدام سندس ، أنا مش عارفة أشكرك إزاي .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردفت بمرح :- يا ستي مفيش شكر يلا دلوقتي تعالي أفرجك على المكتب و أعرفك على زمايلك في الشغل .
أومأت لها بحماس و خرجت معها لتتفقد المكان ..
_____________________________________
في اليوم التالي استيقظت باكراً ، ترتب لتلك الخطة التي توصلت لها حتى تستطيع أن تخرج دون أن يشك بها أحد ، و تنقذ تلك المسكينة من براثن ذلك الحقير .
هتفت بشرود :- يا رب الخطة تنجح و تعدي كل حاجة على خير .
خرجت من غرفتها بصحبة الصغير، و جلست على الطاولة بعد أن ألقت عليهم تحية الصباح ، و شرعت في إطعام الصغير ، و تراقب الباب بحذر وهي تهتف بداخلها :- يلا يا بثينة تعالي بسرعة قبل ما بابا ينزل الشغل .
و بالفعل استجاب الله لدعائها حينما سمعت طرقات الباب فانفرجت أساريرها ، و نهضت لتفتح الباب فوجدتها أمامها فهتفت بخفوت :- إتأخرتي ليه ؟
هتفت بخفوت مماثل :- على ما حضرت الفطار لأمي و سبكت الدور ، ربنا يستر على الباقي ، هما جوة علشان أبدأ ؟
أومأت بنعم قائلة بخفوت :- اه جوة يلا تعالي قبل ما بابا ينزل الوكالة .
دلفت للداخل وهي تضع يدها على وجنتها تصطنع الألم، و هتفت بألم مصطنع :- صباح الخير يا خالتي، صباح الخير يا عمي ، عاملين إيه النهاردة ؟
ردوا عليها التحية ، و أردفت توحيدة بقلق :- الحمد لله يا بنتي، مالك إنتي سلامتك ؟
أردفت بوجع :- الله يسلمك يا خالتي ضرسي واجعني أوي و رايحة للدكتور وكنت جاية أخد مريم معايا لو مفهاش تعب يعني .
أردفت توحيدة بتعاطف :- ألف سلامة عليكي يا حبيبتي، وماله ما يضرش .
أردفت بود :- ربنا يخليكي يا خالتي ، وأنت يا عمي موافق تروح معايا ؟
مط شفتيه بضيق خفي قائلاً بصوت أجش :- مفيش مشكلة بس متتأخرش أنا هاخد أحمد معايا الوكالة على ما تيجي .
هتف أحمد بسعادة :- حاضر يا جدو يلا نروح عند جدو موثى و إثلام .
نهره بضيق قائلاً :- يا واد إسمه إسلام بردو ! قوله يا عمي هتتعلم إمتى بس ؟!
جعّد الصغير أنفه بتذمر قائلاً :- هو بيقولي كدة يا جدو .
أردف باستنكار :- هو اللي بيقولك كدة يا جدو ! طيب يلا يا لمض هات إيدك .
دفن الصغير كفه في كف جده الكبير و نزلا للأسفل ، بينما هتفت توحيدة بود :- تعالي يا بثينة أقعدي على ما مريم تجهز .
أومأت لها بخفوت، بينما دلفت مريم للداخل لتستعد لتلك المواجهة الخطيرة المقدمة عليها .
بعد وقت ارتدت ملابسها المحتشمة، و خرجتا سوياً ، فهتفت بثينة بينما كانتا تسيران في الشارع :- يا بت أهمدي مالك كدة كأنك بتقولي أنا رايحة أعمل عملة .
هتفت بتذمر :- أعمل إيه يا بثينة حاسة بالذنب بياكلني وأنا بكدب على بابا في عينه وفي نفس الوقت مش قادرة أقولها لا دي قصدتني في خدمة أقولها لا !
أردفت بوجه عابس :- لا يا أختي ساعديها و دي تيجي دة إنتي حتى مش راضية تقوليلي على حاجة ، و أنا ماشية وراكي زي الأطرش في الزفة .
ضحكت بخفوت قائلة :- يا بوسبوس إنتي عارفاني مبحبش أطلع سر غيري أبداً .
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- طيب يا أختي خليكي كدة ، أنا لو منك ما أساعدهاش واستغل الفرصة .
مطت شفتيها بضيق قائلة :- لا يا بثينة مش أنا اللي أنتهز غيري علشان أحقق مصالحي الشخصية مش دي مبادئي أبداً .
مطت شفتيها بسخرية قائلة :- خليكي ورا مبادئك يا أختي خليها تنفعك ..
أردفت بضيق :- خلاص يا بثينة و خلينا نلحق نمشي علشان أوصلها زمانها مستنياني .
أومأت لها بموافقة ، و بعد دقائق وصلتا لعيادة طبيب الأسنان ، و صعدتا لتحجز بثينة دورها ، فهتفت مريم بقلق قبل أن تذهب :- يلا بقى هسيبك أنا دلوقتي و أمشي ، أوعي تمشي من هنا من غير ما أجيلك مسافة السكة علطول .
هزت رأسها بتفهم قائلة :- ماشي يلا اتكلي على الله و ربنا معاكي .
نزلت للأسفل ، و استقلت إحدى سيارات الأجرة ، و انطلقت بها بعيداً حيث وجهتها .
تقف خارج الجامعة ترتعش بشدة وهي تسير ذهاباً و إياباً بانتظارها على أحر من الجمر ، ما إن رأتها ترتجل من السيارة، ركضت ناحيتها بسرعة ، و كأنها غريق و وجدت قشة لتنجو بها من هذا الطوفان .
نظرت لها بأسى و شفقة قائلة :- أسماء أهدي كل حاجة هتبقى تمام إن شاء الله.
هتفت ببكاء :- أنا خايفة يا مريم ....بابا هيموتني ..هيقتلني .. أنا أستاهل ... أنا أستاهل .
ربتت على كتفها قائلة بحنو :- أهدي يا أسماء مش كدة كل حاجة هتتحل بإذن الله يلا بينا دلوقتي.
هزت رأسها قائلة :- ماشي ، هو لسة مكلمني و قالي أجيله دلوقتي .
زمت شفتيها بغيظ منها ومن ذلك المعتوه الآخر ، و بعدها استقلتا سيارة الأجرة ذهاباً للعنوان الذي أملته عليها ، و هي تدعو الله بداخلها أن تمر الأمور على ما يرام.
وقفتا بعد وقت تحت البناية التي بها ذلك البذئ . أرتجف بدن مريم بشدة ، و لوهلة فكرت في أن تترك المكان و تغادر ، ما هذه الورطة التي أوقعت نفسها بها ؟! ، خرج صوتها أخيراً قائلة بخوف حاولت أن تخفيه حتى لا تقلق تلك التي على وشك الموت :- هو دة المكان ؟
هزت رأسها بخوف قائلة :- أيوة هو ...هو دة المكان ، خلاص ...خلاص تعالي نمشي .. انا خايفة .
زفرت بضيق فإن كانت هي خائفة فهي أضعافها بكثير ، و لكنها تحلت ببعض الشجاعة قائلة :- يلا تعالي نطلع و إن شاء الله مش هيحصل حاجة لما يلاقينا إحنا الاتنين .
تشابكت أصابعهن ببعضها لتبث كلاً منها الأمان للأخرى ، بخطى مرتجفة صعدن للأعلى و وقفتا أمام باب إحدى الشقق السكنية ، و أخذتا تحدقان فيه كثيراً ، حسمت أمرها و سحبت شهيقاً عميقاً ، و مدت أصبعها المرتجف و ضغطت على الزر ، ليصل الصوت بالداخل لذلك الخبيث الذي ابتسم بشر ، و توجه ليفتح الباب ما إن فتحه تراجعن للخلف بتلقائية ، بينما أختبئت أسماء خلفها بخوف .
راقب الذعر المرسوم على وجوههن بتسلية ، و نظر لأسماء قائلاً بسخرية :- إيه يا قطة مش اتفقنا تيجي لوحدك !
هتفت مريم بشجاعة واهية ، وهي توجه أصبعها في وجهه :- بقولك إيه يا جدع أنت ملكش دعوة بيها كلامك معايا أنا .
بجرأة و وقاحة منه مال و قبّل إصبعها قائلاً وهو يغمز لها بعينه :- طيب براحة على أعصابك يا مُزة أهدي .
شهقت بصدمة وخجل من فعلته ، و اتسعت عيناها قائلة وهي ترفع يدها لتصفعه :- يا حقير يا زبالة يا واطي ...
إلا أنه كان الأسرع حينما قبض على يدها جاذباً إياها لتصتدم به قائلاً بخبث :- لا يا مُزة كدة أزعل وأنا زعلي وحش ..
دفعته بعيداً عنها قائلة :- أبعد عني يا حقير يا قذر ..
جعَّد وجهه بضيق قائلاً :- و بعدين بقى في ماسورة الشتايم دي ! كدة مش هنتفق و متنسيش يا قمر إن روحكم في أيدي خلينا لذاذ مع بعض .
أردفت بهجوم :- بقولك إيه هات الصور أحسنلك .
ضحك بصوته العالي قائلاً :- أحبك يا شرس أنت .
نفخت بغيظ قائلة :- يووه و بعدين بقى ؟ هات الصور إذا سمحت عاوزين نمشي .
أردف بخبث :- طيب هنفضل نتكلم على الباب كتير كدة !
نظرت له بقلق قائلة :- لا كدة كويس يلا روح هات الصور .
مط شفتيه بعدم اكتراث قائلاً :- لا يا حلوة أدخلوا الأول تاخدوا الصور .
أردفت بانفعال :- ليه يعني ماينفعش من هنا وخلاص !
هز رأسه بنفي قائلاً :- لا يا حلوة مفناش من كدة .
جزت على أسنانها بغيظ :- خلاص بس بشرط تسيب الباب مفتوح .
أومأ بخبث قائلاً :- وماله يا مزة هسيبه أهو ، أدخلوا انتوا خايفين ليه كدة ، هجبلكم كل الصور علشان تتأكدوا إن مفيش نسخ تانية .
تزحزح قليلاً ليفسح لهم المجال ليدلفن للداخل ، وقفتا بانتظاره وكلاً منهم تقبض بيدها على الأخرى بخوف ، بينما أردف هو بخبث :- استنوا هنا على ما أدخل أجيبها من جوة .
دلف للداخل و هتف بخفوت للجالس على الفراش :- حظك يا برنس من السما دي جات و معاها مزة جامدة ، أنا هسيبهالك و أخد أنا الشرس الحلو دة ، خليك قريب من هنا لو عصلجوا تطب علطول .
أومأ له بحماس ، بينما التقط هو الصور و خرج للخارج فوجدهن على حالتهن فهتف بعبث :- إيه مش هتقعدوا علشان نتفاهم ؟ جرا إيه يا أسماء مش طالعلك حس يعني و عمالة تترعشي زي الفار المبلول كدة !
هتفت مريم بضجر :- ملكش دعوة بيها و هات الصور .
مد لها الصور ، فالتقطتها منه بسرعة ، و أخذت تتفحصها بدقة ، و بعد ذلك قامت بدسها في الحقيبة ، و نظرت له أخيراً قائلة بكره :- متأكد مفيش صور تاني غير دي ؟
أردف بإعجاب :- وحياتك يا قمر ما في غيرها .
مسكت يد أسماء ، و أزاحته بعنف قائلة :- طيب حيث كدة بقى أبعد من وشي خلينا نمشي .
وما إن همت لتغادر و وصلت عند الباب ، كان الأسرع حينما اغلقه و وقف قبالتهن قائلاً بابتسامة شريرة دبت الرعب بأوصالهن :- على فين يا حلوة منك ليها هو دخول الحمام زي خروجه بردو !
تراجعن للخلف و قد شحب وجههما للون الأصفر فهتفت مريم بصوت متقطع :- أاا... أنت.... أنت مش قولت أنك هتدينا الصور و نمشي ؟ خليك قد كلمتك بقى .
ابتسم بخبث و أردف بحنو زائف :- طبعاً طبعاً هتمشوا و دي تيجي بس الأول نقوم بواجب الضيافة .
هزت رأسها بنفي قائلة بلهفة :- لا لا كتر خيرك بس خلينا نمشي الله يخليك .
قطب جبينه قائلاً بضيق مصطنع :- لا لا ما أحبكيش وإنتي ضعيفة كدة ، فين القطة الشرسة اللي كانت من شوية ؟! متقلقيش يا قمر إحنا هنقضي وقت لطيف مع بعض و بعدين تمشوا ولا من شاف ولا من دري .
اتسعت عيناها بذعر ، و شعرت بقدميها أصبحت كالهلام عندما فهمت ما يرمي إليه ، و بتهور منها قامت بصفعه بقوة ، بينما أخذت تحدق فيه برعب وهي تدرك فعلتها الشنيعة التي ستأتي لها بالسلب .
أحمرت عيناه بغضب قائلاً بحدة :- إنتي بتضربيني يا بت ال***** طيب أنا هوريكي شكلك ما بتجيش غير بالعنف .
أنهى كلماته و سحبها نحوه عنوة ، بينما ظهر الآخر و كبل الأخرى التي صرخت بهلع وهي تتلوى لتلوذ بالفرار .
شعرت بأن نهايتها قد أتت ، و لكن قبل أن يحدث أي شئ آخر أتت عناية الله حينما توقفوا عندما سمعوا طرقاً عالياً على الباب بعنف شديد .
هتف الذي يكمم فاه أسماء بخفوت :- مين دول أنت مستني حد ؟!
هز رأسه بنفي قائلاً بخفوت :- لا مش مستني حد .
ثم أردف بتهديد وهو ينظر لمريم :- لو طلعلك صوت هتشوفي اللي عمرك ما شفتيه .
هزت رأسها بخوف فهي في موقف يحسد عليه ، دفعها بقوة ثم توجه ليرى من بالباب وما إن فتحه دلف ثلاثة رجال دفعوه بقوة ، و هتف أحدهم بغضب عاصف :- فينها ال***** ؟ راحت فين ؟ .........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
شعرت بعاصفة هوجاء تضربها بقوة دون توقف عندما رأت الماثلين أمامهم و على وجوههم الصدمة و الذهول من تواجدها في هذا المكان ، بينما شعرت الأخرى بأن قدميها أصبحت كالهلام وهي تتصور العديد من السيناريوهات عندما يعلم والدها فالبتأكيد سيقوم بقتلها .
تقدم أيوب بخطى ثقيلة حتى وقف قبالتها بوجه مكفهر، و عندما كانت ستهم بالحديث لتبرر له ما رأى ، هوى كفه على وجنتها بقوة وقعت أرضاً على أثره ، ثم سحبها من حجابها بشدة لتقف بوجهه مجدداً و هتف بغضب ساحق :- بتستغفليني ! بتستغفليني يا بت ال***** ...
قال ذلك ثم هوى مجدداً بكم من الصفعات على وجهها الذي تحول إلى اللون القرمزي ، بينما أخذ ذلك الحقير ينظر لها بتشفي قائلاً بغل كي يثأر لنفسه :- شوف بنتك يا حج جيالي هنا وعاوزة استغفر الله العظيم أقولها لا تقولي ملكش دعوة بركة إنك جيت ..
كشر إسلام عن أنيابه ، و قام بلكمه بقوة أسقطته أرضاً ، بينما دفع الآخر أسماء ولاذ بالفرار التي تراجعت حتى إصتدمت بالجدار و دموعها تتساقط بخوف مما يحدث وهي عاجزة عن الحديث أو تقديم يد العون لها .
أخذ إسلام يكيل له اللكمات و يضربه ضرباً مبرحاً يفرغ شحنة غضبه فيه وهو يشعر بالحقد عليه وعلى تلك التي لطخت شرف أخيه الراحل في الوحل .
على الرغم من شعوره بالغضب الشديد من فعلتها إلا أنه تقدم ناحية أخيه ليخلصها من بطشه حتى نجح في ذلك قائلاً :- خلاص يا أيوب البت هتموت في إيدك .
أردف بانفعال :- خليها تموت و أرتاح من العار اللي لبستهولي .
أردف بروية :- أعقل يا أيوب المشاكل ما تتحلش كدة ، خلينا نمشي من هنا الأول و بعدين نتفاهم في البيت .
أردف بعنف :- بيت إيه اللي نروحه وأنا هعرف أرفع راسي في وسط الخلق بعد كدة أنا لازم اقتلها و أتاويها .
أردف بغضب :- ما قلنا خلاص يا أيوب ولا لازم أعلي صوتي أنا هتصرف ، و أنت يا إسلام سيب الزفت دة .
هتف بغضب هو الآخر :- اسيبه إزاي يا بابا دة أنا هتحبس فيه النهاردة .
أردف بحزم :- قولت خلاص يبقى خلاص .
نهض عنه بغضب بعد أن قام بتكسير عظامه ، بينما استرسل موسى حديثه قائلاً بتعجب وهو ينظر لأسماء :- وإنتي إيه اللي جايبك معاها هنا ؟!
زاغت عيناها بخوف ، لا تعرف ما عليها قوله ولا حتى فعله . أردف إسلام بسخرية :- تلاقيها جاية معاها الهانم..
هزت رأسها بنفي قائلة بتلعثم:- هي ....هي ...هي ..
تقدم منها أيوب صارخاً فيها بغضب :- هي إيه انطقي ، هي اللي جابتك هنا ؟
هزت رأسها برعب وهي لا تقصد أن تثبت عليها التهمة ، ولكن رعبها من الموقف ذاته جعلها تتصرف هكذا .
إلتف أيوب ليصل لها صائحاً بعنف :- بقى تحطي راسي في الطين يا بت ال**** دة أنا مش هخلي النهار يطلع عليكي .
وقف موسى بالمنتصف و أردف بغضب :- قولنا خلاص و خلينا نمشي كفاية فضايح لحد هنا .
و بالفعل جرها خلفه بقسوة وهو يشعر بالقهر مما فعلته بحقه ، فتح باب السيارة و قذفها فيه ثم ارتجل البقية و انطلقا نحو منزلهم .
طلب موسى من مريم أن تعدل من هيئتها حتى لا يشك بهم أحد عند نزولهم فرضخت لطلبه على الفور ، و ما هي إلا ثوان حتى وصلا المنزل و بالتحديد لشقة موسى ، فهو يعلم تهور أخيه جيداً .
ما إن دلفوا دفعها بحدة لتجد زوجة عمها التي احتضنتها بخوف تستمد منها بعض الأمان ، بينما هتفت عواطف بشهقة قائلة :- يا ساتر يا رب في إيه يا حج ؟
أردف أيوب بانفعال :- في إني هموت الفاجرة دي النهاردة و هغسل عاري بأيدي .
جحظت عيناها بصدمة مما تفوه به و تلقائياً حاوطتها بخوف شديد ، بينما قامت الأخرى بلف ذراعيها حولها ترتجف بخوف و كأنها تخبرها بأن تنقذها من الجحيم الذي زُجَّتْ فيه .
هتف موسى بنفاذ صبر :- أعقل و تعال نتكلم ، و وطي صوتك و بلاش فضايح الناس هتسمعنا و إحنا مش عاوزين شوشرة أقعد .
إلتف لعواطف قائلاً بضيق :- خديها جوة على ما نتكلم .
أومأت بموافقة ولا تدري شيئاً ، لتوصلها و تأتي لمعرفة الأمر فيبدو أنها ارتكبت خطئاً فادحاً ، وما هي إلا دقائق حتى سمعوا طرقاً عالياً على الباب، تركتها بمفردها تحتضن نفسها بحماية ، بينما خرجت هي لترى من الطارق ، و ما إن فتحت الباب دلف شقيقها محمود الذي تمكن الغضب منه أضعاف و هو يهتف بصوت جهوري :- هي فين ؟
هتفت سامية التي أتت خلفه فهي تعلمه جيداً حينما يثور بركانه :- أهدى بس كدة يا محمود ، بالهداوة كل حاجة بالهداوة .
أزاحها بعنف من أمامه قائلاً :- ابعدي من وشي الساعة دي يا سامية مش عاوز أتغابى عليكي ، أوعي من سكتي .
هتف موسى بحدة :- محمود ! تعال هنا ..
توجه ناحية عمه و ألسنة اللهب تتصاعد من أذية قائلاً بغضب مكتوم :- نعم يا عمي ..
أردف بحزم :- تعال أقعد .
هدر بغضب :- أقعد ! و ماله يا عمي بس وأنا غاسل عاري .
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- متبقاش قفل أومال تعال أقعد .
قبض على يده بقوة ، و جلس بإهمال إلى جوار إسلام ، الذي لم تقل حالته شيئاً عن خاصته .
ولجت سامية وعلى وجهها إمارات الصدمة ما إن أتاهم الخبر ، بينما نهضت مريم ما إن أبصرتها و احتضنتها بقوة ، و انفجرت في موجة بكاء مرير قائلة بتلعثم :- أااا.... أنا.. أنا مظلومة والله يا سامية معملتش حاجة من اللي بيقولوا عليها دي ، إلحقيني أبويا و محمود هيقتلوني ، سيبوني لابني الله يخليكم .
ربتت على ظهرها بعطف ، و عبراتها تتساقط رغماً عنها، تعلم تمام العلم أنها يستحيل أن تفعل ذلك ، و كيف تقدم على ذلك الفعل وهي تخشى الله في كل شئ ! ، ولكن ماذا عما رأوه بأعينهم ، و كيف يكذبون ما رأوا ؟!
جلست برفقتها لتنتظر حكم تلك المسكينة .
بالخارج كانوا يغلون كالمرجل ، فصاح أيوب بغضب :- بقى أنا بنتي تستغفلني و تقولي رايحة للدكتور وهي رايحة تقابلي شباب ! البت كسرتني و قطمت ضهري و حطت راسي في الطين ، يا فضيحتك يا أيوب وسط الخلق .
صاح محمود بغضب :- ما عاش ولا كان اللي يكسر عينك يا أبا دة أنا أقتلها و أشرب من دمها .
قاطعه موسى قائلاً بغضب مكتوم :- ممكن تسكت بدل ما أنت عمال تجعر كدة ، هو الحل أنكم تقتلوها ! ببساطة كدة ! طب ما فكرتوش هتقولوا إيه للي يسأل عليها ! أعقل محمود أنت و أبوك .
أردف أيوب بعصبية شديدة :- أومال عاوزنا نعمل إيه يا موسى نروح ناخدها في حضننا ونقولها ولا يهمك دوري على حل شعرك زي ما انتى عاوزة !
مسح على وجهه بغيظ ، و بداخله يقول :- ليه بس يا بنتي تعملي فينا كدة ، دا انتى عرض ابني الله يرحمه ما يستحقش تعملي فيه كدة .
ثم أردف بصوت مسموع :- أنا هتصرف و هشوف حل متقلقش ، استغفر الله العظيم و اتوب إليه ، كان مستخبي لينا فين دة بس ؟!
أردف أيوب بغل :- اه يا ناري منها يا ترى عملت الموضوع دة كام مرة قبل كدة و استغفلتنا ؟
زفر موسى بحنق قائلاً :- سيبلي أنا الطلعة دي أنا اخوك الكبير بردو .
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- ما هو أنا عامل احترام ليك غير كدة و اقسم بالله أدخل أجيبها من شعرها و أخلص عليها في قلب الشقة .
أغلق موسى عينيه بعنف ، يزفر بغيظ ، و يفكر بروية لحل تلك المعضلة ، و هذا لن يحدث إلا بالتحدث معها شخصياً لمعرفة دوافعها التي قادتها لتسلك ذلك الدرب الوعر .
___________بقلم / زكية محمد ______________
تقيم مع خالتها سميحة مؤقتاً لحين التصرف في سكن لها ، و كم هي ممتنة للظروف التي جعلت ابن سميحة مسافر للخارج حيث يعمل هناك ، فهي لن تقبل العيش مع حاتم في مكان واحد دون رابط يجمعهم ، فألسنة الناس ستمطر بوابل من الكلمات الموجعة لها و السيئة بحقها ، و هذا لن ترضى به .
نزلت للأسفل بخطى سريعة لتلحق بصديقتها آلاء التي عملت معها مؤخراً ، و على حين غرة تم سحبها عند مدخل السلم ، و لم يكن سوى حاتم ، الذي قام بتثبيتها جيداً قائلاً بخبث :- إزيك يا بنت خالتي ، ليكي وحشة كبيرة كدة متسأليش ؟!
أخذت تتحرك بعنف ، تحاول أن تفك أسرها فأردف هو بتحذير :- خليكي هادية كله دة لمصلحتك ، لو اتحركتي و حد خد باله هيبقى منظرك مش كويس .
قامت بعض يده ، و دفعته بقوة قائلة بحدة :- أنت قليل الأدب، و لو ما بعدتش من وشي دلوقتي هتشوف هعمل فيك ايه !
أنهت كلماتها و دفعته بسرعة وغادرت وهي تنفخ بضيق و غيظ منه ، ولم تكد تنهي سبابها حتى ظهر السمج الآخر في وجهها كالسد المنيع قائلاً بعبث :- صباح الفل و العسل على أحلى بنت في المنطقة .
نفخت بغيظ ، و بداخلها مرجل يغلي ، بينما تابع هو بعبث ماكر :- إمتى هنول الرضا يا قمر ؟
جَعَّدَتْ أنفها بسخرية قائلة :- لما تشوف حلمة ودنك إن شاء الله .
تخطته بسرعة قائلة بخفوت :- أوف إمتى ربنا يتوب عليا من الأشكال دي ، يا ساتر .
بعد أن وصلت لنهاية الشارع قابلت صديقتها ، التي ما إن رأتها هتفت بحذر :- صباحو يا صاحبي ، مالك قالبة وشك كدة على الصبح ؟
هتفت بغضب :- صباح استغفر الله العظيم الواحد مش عاوز يغلط و ياخد ذنوب على الصبح ، هو في غيرهم جوز التيران اللي بلاني بيهم ربنا .
ضحكت بخفوت قائلة :- حد يقول للمعجبين بتوعه كدة بردو !
أردفت بضيق :- آلاء اسكتي الله يخليكي أنا على آخري لأحسن أسحب دراعك و أفش غلي فيه .
وضعت يدها على ذراعها بحماية قائلة بخوف :- و على إيه أسكت أحسن أنا مش مستغنية عن دراعي حبيبي ، يلا بينا بدل ما مدام سندس تشلوحنا .
أخذ يمسد على صدره بحرارة و هو ينظر في أثرها قائلاً بشر :- لا أنا مش هقدر أستنى أكتر من كدة تاني ، أنا لازم أتصرف ، و عرفت هعمل إيه ؟
قال ذلك ثم توجه ناحية حاتم الذي كان يسير و الغضب حليفه ، و هتف قائلاً بود مصطنع:- إزيك يا حاتم ؟ كدة يا صاحبي تخلي الشيطان يدخل بينا و يفرقنا !
هتف بتعجب :- أهلاً يا مدحت .
توجها سوياً ليجلسا ، فأردف مدحت بندم ماكر :- متزعلش مني يا صاحبي على آخر خناقة بينا ، أنا مش عارف عملت كدة إزاي ، البقاء لله في الست الوالدة ، أنا عارف أنها جات متأخر بس يلا أهم حاجة النفوس تهدى .
هز رأسه بعدم اقتناع :- ولا يهمك يا مدحت إحنا صحاب بردو في الآخر زي ما قولت .
أردف بمكر :- تعيش يا صاحبي ، احم هي بنت خالتك دي هتقعد رايحة جاية في الشارع كدة كتير يا حاتم ، أنا مش قصدي حاجة بس عيال الحارة عمالين يلقحوا عليها بالكلام وأنا بوقفهم عند حدهم ، بس أنت لازم تشد عليها دي ملهاش حد دلوقتي و الشيطان شاطر بردو .
أردف بحدة :- قصدك إيه يا مدحت ؟
أردف بخبث :- ما أقصدش بس لأحسن حد يلعب في راس البت و يخليها تمشي في سكة اللي يروح ما بيرجعش ، أنا عاوز أتجوزها و هسكنها في أحسنها شقة و كله جديد في جديد ، و مش بس كدة أنا هقطع ورق الكمبيالات اللي عليك ها قولت إيه ؟ أنا عملت بأصلي و ما رضيتش أودي الكمبيالات للحكومة .
زفر بضجر قائلاً :- فيك الخير يا مدحت جميلك مش هنسهولك أبداً ، بس زي ما قولتلك أديني وقت وأنا هجمعهالك.
أردف بضيق :- كام مرة و بتقولي نفس البوقين .
أردف بهدوء مغاير :- لا المرة دي جد ، أنا جاتلي مصلحة فيها قرشين حلوين هخلصها و أديلك اللي فيه النصيب .
مط شفتيه بضيق قائلاً :- لما نشوف يا حاتم لما نشوف ....ثم تابع بداخله بوعيد :- و طالما أنتوا مش جايين بالذوق يبقى بالعافية .
وصلن لمقر العمل ، و توجها لمكانهم ، استدعت سندس رحيق فتوجهت لها على الفور ، جلست قبالتها وهي تزفر بضيق مما حدث للتو ، فهتفت الأخرى بمرح :- براحة عليا يا ست رحيق مش قد النار اللي بتطلع من ودانك دي .
ابتسمت بخفوت قائلة :- لا أبداً دة بس متهيألك .
سحبت نفساً عميقاً و زفرته بضيق قائلة بعتاب :- رحيق عاوزاكي تعرفي إنك بقيتي زي أختي بالظبط و الشركة دي كبرت بيكم وكلنا واحد ، أنا حساكي لحد دلوقتي بتتعاملي معايا بتحفظ و كأني هعمل فيكي حاجة وحشة لا سمح الله ، يا ريت يكون في ثقة متبادلة بينا ، أنا شايفاكي متضايقة و كنت حابة أعرف مالك علشان لو أقدر اساعدك .
ابتسمت لها بامتنان قائلة :- دة شئ يشرفني إنك تبقي أختي والله .
أردفت بحيرة :- أومال مالك ؟
ذمت شفتيها بضيق طفولي قائلة بتحذير :- و مش هتضحكي عليا ؟
هزت رأسها بنفي، فضيقت عينيها قائلة بخجل :- أصل .... أصل كنت فاكراكي هتستدرجينا و تخطفينا و تسرقي أعضائنا ولا تعملي فينا أي حاجة وحشة .
ما إن أنهت كلماتها الحمقاء ، دلفت الأخرى في موجة ضحك عنيفة ، و سرعان ما شاركتها الأخرى الضحك ، أردفت سندس بصعوبة :- بجد مش معقولة ، دماغك دي تحفة ..
هزت رأسها بموافقة قائلة بمرح :- معلش بقى خالتي الله يرحمها ملت وداني بالكلام دة ، كل ما أطلع " أوعي تكلمي حد غريب يا رحيق ، ولا تاخدي منه حاجة " ، لحد ما خلاص خلتني أشوف أي حد غريب شرير ، و بصراحة عندها حق مفيش أمان دلوقتي في الزمن دة .
أومأت بموافقة قائلة :- أيوة فعلاً دلوقتي الله أعلم بنوايا البشر ، ممكن يظهرولك طيبتهم و هما جواهم بلاوي ربنا يبعدهم عننا ، و دلوقتي يا ستي عندي ليكي خبر حلو حبيت أشاركك فرحتي .
نظرت لها بحماس فأردفت الأخرى بابتسامة عذبة :- شركة Master East اتعاقدت معانا ضمن حملتها اللي بتساعد الشركات الصغيرة تكبر .
قدمت لها التهاني الحارة ، فأردفت سندس بفرح :- يلا بقى علشان تجهزي لبكرة علشان هتروحي معايا هناك نوقع العقود .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أشارت لنفسها بعدم تصديق قائلة :- أنا ؟! أنا هروح معاكي !
ضحكت بخفة قائلة :- أيوة إنتي أومال مين ! يلا جهزي نفسك لبكرة .
نظرت لملابسها قائلة بخجل :- بس ...بس أصل مش هينفع ، هبوظلك منظرك قدام الكل هناك .
قطبت جبينها باستنكار قائلة :- نعم ! تبوظي إيه بس يا رحيق ! كدة هزعل منك ، و يا ستي لو على اللبس نطلع دلوقتي على أحسنها معرض فيكي يا مصر و نجيبلك هدوم ، و قبل ما تعترضي هخصم حقه من مرتبك .
هزت رأسها بموافقة قائلة :- إذا كان كدة ماشي أنا موافقة .
ضحكت بخفة قائلة :- أيوة كدة فكي يا ستي من قوقعتك دي .
أردفت بمرح :- كدة ! إنتي اللي جبتيه لنفسك .
طالعتها بخوف مصطنع قائلة :- لا كدة إنتي هتخوفيني منك ، هبقى أقول لآلاء و أفهم دماغك علشان أعرف أتعامل معاكي كويس .
أردفت بضحك :- متبقيش جبانة و واجهيني أنا وش لوش يا كبيرة .
ضحكت بصخب قائلة :- لا دة إنتي مصيبة ، بقولك إيه أرجعي أرجعي للبنت المتقوقعة على نفسها كدة أريحلي .
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مليش دعوة مش إنتي قولتي رحرحيها متجيش تشتكي بعدين .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- رح... إيه ؟! إنتي قولتي إيه من شوية ؟
ضحكت بخفوت قائلة :- واحدة واحدة و هتاخدي على كلامي أصلنا مش تربية جاردن سيتي ، يلا هسيبك بقى ، بس متقوليش لحد إني رايحة معاكي .
نظرت لها بتعجب لتكمل موضحة :- علشان محدش يرشقلي في المصلحة وأنا بصراحة نفسي أروح معاكي و أشوف الناس النضيفة .
ضربت يديها ببعضهما بقلة حيلة قائلة :- لا إنتي شكلك اتجننتي رسمي ، روحي شوفي شغلك وعلى معاد المرواح هاخدك نروح زي ما اتفقنا .
أردفت بحماس :- ماشي وأنا هروح أقول للبت آلاء مش خسارة فيها الخبر .
خرجت مسرعة ، وهزت الأخرى رأسها قائلة بضحك خافت :- والله مجنونة .
////////////////////بقلم - زكية محمد///////////////////////
ليلاً كانت حبيسة غرفتها مع طفلها ، الذي كان يجلس إلى جوارها يلعب بلعبه، فاستدار لوالدته حينما سمع منها شهقة فشلت في كتمها عنه ، فوضع يده الصغيرة على وجنتيها يمسح دموعها ببراءة قائلاً :- ماما ليه بتعيطي ؟ بطنك وجعاكي ؟
هزت رأسها بنعم قائلة :- أيوة يا حبيبي بطني وجعاني .
قبَّل الصغير موضع ألمها المزعوم قائلاً :- أنا بوثتها يا ماما علشان تخف بثرعة .
ضمته بحب قائلة :- حبيبي أنت يا ميدو ربنا يباركلي فيك يا روحي ، يلا تعال كمل الحروف بتاعتك علشان تبقى شطور و أجبلك لعبة جديدة حلوة .
صاح بحماس :- هااااي ماشي يا ماما هعمل الواجب كله .
بالخارج كانت تضع يدها على وجنتها و دموعها تتساقط بغزارة وإلى جوارها أيوب وابنه اللذان يغليان من شدة الغضب ، هتف أيوب بغضب مكتوم :- قومي شوفي بنتك و اعرفي منها اللي حصل هناك بدل ما أقوم أقتلها ، سبحان من صبرني و مقتلتهاش .
هتف محمود بغضب عارم :- أنا مش عارف يا بابا إزاي تدي كلمة لأخوك إنك متقربلهاش دة بدل ما نقوم نخلص عليها و نمنع الفضيحة.
غمغم بسخط :- محمود خلاص أنا هتصرف و هقوم أقررها بنفسي .
نهضت والدتها بذعر قائلة :- لا لا خليك أنا اللي هتكلم معاها بس هدي حالك الله يخليك.
نهضت بسرعة لترى ابنتها و تحميها من هذين اللذين كما لو تحولوا إلى ذئاب برية تريد الفتك بفريستها .
ولجت بهدوء ، و جلست قبالتها ، و تطلق سهاماً مليئة بالاتهام و العتاب ، نظرت للصغير قائلة بحنو :- أحمد يا حبيب تيتة روح برة عند خالك محمود و جدو أيوب .
هز رأسه برفض قائلاً :- لا لا جدو أيوب بيزعق و خالو كمان ، أنا هقعد هنا مع ماما .
أردفت بروية :- لا جدو أيوب معاه شيكولاتة كتير ..
لمعت عينا الصغير بحماس قائلاً :- و شيبثي ؟
أردفت بابتسامة باهتة :- و شيبسي يلا تعال هفتحلك الباب .
انزلق الصغير من على الفراش بسرعة ، ثم توجهت و فتحت له الباب وخرج فأغلقته و استدارت لتتوجه نحو تلك الغائبة ، التي يبدو أنها بعالم آخر صنعته خصيصاً لها لتهرب من كل ذلك الضجيج.
جذبتها من ذراعها بقسوة قائلة بغضب مكتوم :- عملتي كدة ليه يا بت بطني ، هي دي الرباية اللي ربتهالك ، هي دي جزاتي ، ردي عليا ردي ، هان عليكي تحطي راسنا في الوحل كدة ، أبوكي ليه الحق أنه ما يطلعكيش ، يا خسارة يا مؤمنة طيب كنتي وافقتي على واحد من العرسان اللي اتقدمولك بدل ما أنتي كدة رايحة تعملي الوساخة دي في الحرام .
هتفت بدموع و وجع :- والله يا ماما مظلومة محصلش حاجة من دي أبداً ، حرام عليكم ، كلامكم زي السكين بيوجع و يقتل ، مش قادرة أتحمل كفاية .
هدرت بعنف :- طيب اتكلمي قولي إيه اللي وداكي هناك ؟
عضت على شفتيها بعنف ، فهي غير قادرة على الإفصاح عن السبب الحقيقي فلو تحدثت فسيحدث مالا يحمد عقباه ، فوالد أسماء لا يتفاهم البتة ، فوالدها يأتي صفر على الشمال بالنسبة له ، فلو علم بما فعلته ابنته سيقتلها فوراً ولن يتردد لحظة ، و علاوة على ذلك لا تريد الإفصاح بذلك السر الذي أئتمنتها عليه ، فهذه ليست أبداً من شيمها ، وها هي بين نارين وهي بالمنتصف تحترق ولا أحد يشعر بها .
فاقت من شرودها على هزة والدتها قائلة بحدة :- انطقي ما تفوريش دمي أكتر من كدة .
إلا أنها لم تتحدث و التزمت الصمت، فجن جنون الأخرى إذ نهضت قائلة بغضب :- خليكي ما تتكلميش بس أعرفي أنك لو ما تكلمتيش و اعترفتي بكل حاجة هتشوفي الويل من أبوكي ..
أنهت كلماتها، و غادرت الغرفة كالعاصفة ، بينما ألقت مريم بنفسها على الفراش ، و دفنت وجهها في الوسادة ، و أخذت تنتحب بمرار ، وكم ألمها عدم ثقتهم فيها .
خرجت تنكس رأسها للأسفل فأسرع أيوب قائلاً :- ها قالتلك حاجة ؟
هزت رأسها بنفي قائلة بأسف :- لا يا حج ما قلتش .
أردف بوعيد :- كدة يبقى جابته لنفسها ..
وما إن هم بالدلوف ، وقفت قبالته قائلة برجاء :- علشان خاطري يا حج أهدى ، اللي هتعمله مش هيجيب نتيجة ، لازم نتصرف بالعقل .
أردف باستنكار و غضب :- هي بنتك خلت فيها عقل ! سكات بنتك دة ملهوش غير حاجة واحدة بس إن فعلاً كلامنا صح ، دة أنا مش عارف أرفع عيني في أخويا و إبنه أقوله إيه مرات ابنك ما صنتش عرضك !
سقطت دموعها بحزن قائلة :- وحياة أغلى حاجة عندك بالهداوة يا أخويا ..
دفعها برفق قائلاً بحزم :- وسعي من وشي الساعة دي يا توحيدة أنا اللي فيا مكفيني ..
تخطاها و دلف لها ، بينما لطمت على فخذها بذعر قائلة :- يا لهوي يا لهوي البت هتموت في ايده .
هرولت للأسفل تستغيث بموسى ، و قد استغلت وجود محمود بالأعلى مع أحمد وابنه عندما طلب منه والده ذلك .
طرقت الباب بعنف ، ففتحته عواطف عواطف ، فتخطتها و ولجت للداخل تصيح باسم شقيق زوجها تحت ذهول الأخرى .
وجدته بالصالة مع ابنه إسلام فهتفت بخوف :- الحقي يا حج موسى أخوك هيموت البت فوق الله يخليك انجدها .
لم ينتظر أن تكمل حديثها إذ هرول للأعلى فوراً ، و لحق به إسلام ، بينما تقدمت عواطف منها و ربتت على ظهرها بشفقة ، ثم صعدتا للأعلى لينقذوا ما يمكن إنقاذه.
يصفعها بغل ، و يشدد على شعرها بقوة الذي يغطيه الحجاب قائلاً بحدة :- مين اللي كنتي معاه دة ؟ مين انطقي.
جف حلقها بخوف ، و شعرت بأن نهايتها قد اقتربت فأخذت تردد الشهادة بداخلها . دلف موسى بمفرده، و بقي إسلام بالخارج ، تقدم نحوه و جذبه عنوة قائلاً بغضب :- يا أخي بس كفاية ، بقى هو دة اللي وصيتك عليه بردو !
أردف بانفعال :- مش راضية تنطق ، شوفلك صرفة معاها ، أنا تعبت و هتجنن لا راضية تتكلم ولا نيلة ولا نافع معاها ضرب أقتلها أريحلي ؟!
زفر بغضب قائلاً :- ممكن تسيبنا دلوقتي يا أيوب؟
وما إن لمح الاعتراض بعينيه أردف بسرعة :- معلش أنت حاولت مرة سيبني أنا معاها المرة دي ممكن ؟
غمغم بغضب :- ماشي يا موسى لما نشوف هتعمل ايه معاها .
خرج صافعاً الباب خلفه بقوة أرتجف جسدها على إثرها ، تنهد موسى بتعب ، يطالعها بأسى و عتاب ، وهو يلاحظ ظهور الكدمات على وجهها بسبب عنف والدها تمتم بغيظ :- استغفر الله العظيم ، إيد دي ولا مرزبة يا أيوب !
جلس قبالتها ، فتراجعت للخلف ظناً منها أنه سيعنفها كوالدها فهتف بحنو :- أهدي يا مريم مش هعملك حاجة أنا هتكلم معاكي شوية .
نظرت له بحذر فأردف بهدوء :- ممكن تحكيلي سبب مرواحك شقة واحد غريب ، و قبل ما تتكلمي أنا مش بتهمك بحاجة أنا هسمعك الأول ، بصراحة أي حد في الموقف دة هيودي دماغه لحتة تانية ، مريم يا بنتي سكوتك دة هيفهمنا حجات مش عاوزين بس نفكر فيها مش نصدقها و تكون صح ، في إيدك كل حاجة .
هتفت بضعف :- ماينفعش يا عمي أتكلم لأن الموضوع ما يخصنيش ، صدقني أنا معملتش حاجة غلط أو أي حاجة تمس عرضكم .
أردف بروية :- الموضوع كان يخص اللي كنتي معاها صح ؟ و يقصد إيه الواد بكلامه اللي يفور الدم دة ؟
أردفت بدموع و صدق :- هو قال كدة علشان بابا يزود عقابه عليا بعد ما .....ما .....
ضيق عينيه قائلاً بقلق :- بعد ما إيه ؟ اتكلمي يا بنتي .
أردفت بتوضيح :- متقلقش يا عمي ما عملش حاجة ، تعرف على الرغم من بابا ضربني و اتهمني في شرفي إلا إني بشكره جداً ، بشكركم لأنكم جيتوا في الوقت المناسب.
 
قطب جبينه قائلاً بتعجب :- ليه هو كان هيعمل إيه ؟ يا بنتي فهميني الله يرضى عنك .
أردفت بإصرار:- صدقني يا عمي أنا ما اعرفهوش و مش هقدر أتكلم ، اللي ليكم عندي محفوظ مش دة كل اللي يهمكم ؟
تنهد بعمق قائلاً :- يبقى يخص البنت التانية ، و أنا هحترم سكوتك يا مريم بس صدقيني مش هتقدري تواجهيهم بكلامك دة لازم يكون في سبب مقنع و يدخل العقل ، بس ما تقلقيش أنا معاكي .
أردفت بنبرة ممتنة :- شكراً يا عمي ، أنت الوحيد اللي صدقتني في الوقت اللي كلهم وقفوا فيه ضدي .
ربت على رأسها بحنان قائلاً :- محدش ضدك يا مريم هما بس خايفين أعزريهم إنتي مبررتيش ليهم أي حاجة فدة رد فعل طبيعي ، و زي ما احترمت رأيك دلوقتي لازم تحترمي رأينا في الخطوة اللي جاية .
سألته بريبة :- خطوة إيه دي يا عمي ؟
نهض ممسكاً بيدها قائلاً :- الخطوة اللي لازم تتعمل علشان نغطي على الموضوع دة و ما يتفتحش تاني ، تعالي معايا .
خرج بها حيث تجمع الكل ، و جلسا على الأريكة وهي تنظر أرضاً تتحاشى نظرات الجميع ، بينما فجر موسى قنبلته في وجوههم قائلاً بثبات :- أنا بطلب إيد بنتك مريم لابني إسلام يا أيوب........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
رسمت على وجوههم الصدمة ، يكادوا يجنوا مما سمعوا ، و تساءل كلاً منهم لما قرر ذلك ، وكيف ؟!
اتسعت عيناه بذهول كمن على رأسه الطير و التمثال المنحوت بدقة ، و أخذ عقله يحلل في محاولة منه لاستيعاب تلك الفاجعة التي داهمته بقوة على حين غرة دون أن تأذن له كالجيوش المحتلة التي اغتصبت الأراضي عنوة من مواطنيها ، نهض ثائراً بغضب قائلاً :- إيه اللي انت بتقوله ده يا بابا ؟ هو علشان تصلح غلطتها تقوم تجبرني على جوازة مش عايزها !
طالعه بغضب قائلاً بحدة :- إسلام ! ألزم حدودك ، متنساش أنك بتكلم أبوك ، و وطي صوتك بلاش فضايح في المنطقة أكتر من كدة.
عض على شفته بغيظ قائلاً :- أنا آسف يا بابا ما أقصدش أعلي صوتي على حضرتك بس اللي أنت بتقوله ما يدخلش العقل .
أردف بحزم :- لا يتعقل يا إسلام و هتسمع كلامي وإلا والله لأغضب عليك ليوم الدين .
كاد أن يهشم فكه من كثرة جزه على أسنانه ، و برزت عروقه حتى كادت أن تنفجر ، لم يستطع التحمل إذ غادر بغضب كالعاصفة.
لمعت الدموع في مقلتيها ، و شعرت برصاصة قوية أصابت قلبها فأردته صريعاً في الحال ، وأن هناك من يسحب روحها ببطئ فيزيد من هلاكها ، ألن يكفي جرحهم ليأتي هو و ينهي حياتها على هذا النحو ! ، أهذا الذي يسكن قلبها و روحها و يسير في عروقها كما تجري الدماء به تتلقى منه طعنة الغدر التي لم تتوقع يوماً أنها ستكون هكذا .
تأوهت بصوت مكتوم ، و كم ودت لو تصرخ بصوتها كله لتخرج تلك الآلام الحبيسة في الأعماق ، حريق هائل مندلع بداخلها ولن تخمده لا مياه البحار ولا المحيطات .
هتف محمود بغضب مكتوم :- كلام إيه دة يا عمي ؟ وماله إسلام كدة طايح في الكل !
غمغم أيوب بسخط :- وأنا موافق يا موسى بس إسلام ....
قاطعه قائلاً بهدوء :- سيبك من إسلام دلوقتي مقدور عليه ، المهم دلوقتي موافقتك أنت و مريم .
أردف بحدة :- ما قلت موافق يا موسى ، وهي إيه اللي هيخليها ترفض ، هو بعد اللي عملته دة هيكون ليها عين ترفض كمان !
طعنة أخرى قضت على المتبقي من تماسكها ، فها هو والدها يقرر عنها مجدداً ، و كأنها دمية يحركها كيف يشاء ، نظرت لهم جميعاً بقهر و انكسار ، و لوهلة تذكرت أسماء و ما سيحدث لها إن أوشت بالسر ، لعنت نفسها على ذهابها معها ، وعلى تصرفها بتهور كهذا، فها هي تجني ما حصدته بمفردها دون أن تقاسم الأخرى بشئ .
نظرت لوالدها و هتفت بشجاعة واهية :- بس ...بس أنا مش ...مش موافقة يا بابا .
جذبها من حجابها بشدة قائلاً بغلظة :- كمان ليكي عين تتكلمي و تقولي لا ! دة بدل ما تبوسي إيدك وش و ضهر ، صحيح بنات آخر زمن .
أردف موسى وهو يبعد مريم عن مرماه :- كلمني أنا و ملكش دعوة بيها .
أردف بغضب :- يعني مش شايف عمايلها ، إيه عاوزة تمشي في الوساخة كتير ؟! هي كلمة واحدة هتتجوزيه غصب عنك ، ما هو يا إما كدة يا إما أقتلك مفيش حل تاني .
نظرت لهم بقهر قائلة :- ربنا يسامحكم بكرة هتندموا كلكم..
أنهت كلماتها و انطلقت كالصاروخ البالستي نحو غرفتها ، بينما أردف أيوب بغل :- شوف البت ! صحيح يعملوها و يخيلوا .
زفر موسى بضيق ، و وضع رأسه بين راحتي يده وهو يفكر في تلك المعضلة التي وضعتهم فيها ابنة أخيه، والتي تلتزم الصمت.
بعد أن ألقت بنفسها على الفراش، اهتز هاتفها يعلن بوصول مكالمة من أحدهم، التقطته و ما إن رأت المتصل أجابت على الفور بصوت مبحوح :- أيوة يا بثينة ..
هتفت الأخرى بقلق :- ها يا مريم طمنيني عملتي إيه ؟ ومال صوتك كدة إنتي معيطة؟
هزت رأسها قائلة :- بابا عرف يا بثينة .
اتسعت حدقتا الأخرى قائلة بصدمة :- إيه؟ عرف ؟ يا نهار مش فايت ، أنا كنت مستنياكي زي ما قولتيلي بس لقيتك أتأخرتي ، طيب عملتوا إيه و عملتوا إيه مع أسماء عادي قوليله أي حاجة و اطلعي منها .
هزت رأسها بصعوبة قائلة :- صعب يا بثينة الموضوع مش سهل زي ما انتي فاكرة .
أردفت بتعجب :- أومال إيه ؟ متقلقنيش يا مريم .
أردفت بتهرب :- ما أنا قولتلك اللي فيها يا بثينة ، بابا زعلان مني علشان ما قولتلهوش .
أردفت بحنو :- خلاص يا حبيبتي أنا بس كنت عاوزه أطمن عليكي ، و الحمد لله الموضوع عدى على خير ، بس يا ترى مين اللي قال لعمي إنك مش في العيادة ؟
أردفت بتهكم :- أكيد رجالته هيكون مين غيرهم يعني ، يلا أهو اللي حصل بقى .
أردفت بابتسامة :- طيب هفصل معاكي دلوقتي ، ماما بتنادي يلا سلام ، هبقى أشوفك بكرة بإذن الله،سلام .
سندت ظهرها على الوسادة ، و سرعان ما تذكرت معذبها ، الذي ما إن خطت في دروب عشقه ذاقت الويل ألوان ، فلم تهنئ ولو ليوم واحد ، درب محفوف بالجراح و الدموع التي سطرت عشقها فى رحلة الوصول إليه، والتي يبدو أنها لن تتمكن من الوصول بعدما سمعت رفضه الصريح لها .
وضعت كف يدها الرقيق على صدرها موضع قلبها الذي يصرخ ألماً ، و يستغيث يرجوها بأن تنتشله من ذلك الدرب الموجع وأن ترحمه قليلاً .
سقطت عبراتها وكأنها تخبر فؤادها لو أعلم طريق العودة لرجعت ، ولكني أشعر بالتخبط و الضياع ، فإن خرجت من ذاك الدرب أصل لغيره من الدروب التي تشكل أقطاباً حديدية غير قابلة للاختراق ، وقامت بزجها فيها لتصير أسيرة لديه إلى أن يأذن الله.
بكت بحرقة كما لم تبكي من قبل على ذلك الأسر الصعب التحرر منه ، ثم أخذت تضرب بعنف موضع قلبها ، وكأنها تعاقبه وتترجاه في آن واحد بأن يرأف بحالها قليلاً فما عاد بمقدورها أن تتحمل المزيد، فهذا يقتلها بالبطئ .
شعرت بالاختناق ، و كأنها تزف للموت فأوصدت عينيها ترحب به بسعادة ، فهي تنتظره منذ وقت طويل .
______________________________________
صباحاً خرجت رحيق من منزل السيدة سميحة في طريقها للعمل ، و لكنها شعرت بأن هناك أمراً غريباً يدور خلف ظهرها عندما لاحظت نظرات الجيران التي يرمقونها بها و كأنها معراة أمامهم .
تساءلت بداخلها عن سبب هذا ، و سرعان ما أتاها الجواب عندما سمعت إحداهن تقول باذدراء :- بنات آخر زمن ، ما صدقت الولية تموت علشان تدور على حل شعرها .
شحب وجهها بذعر ، و هزت رأسها بأنها بالتأكيد ليست المقصودة بهذه الكلمات ، و ما إن خرجت من البناية وجدت سيدة أخرى تقول ما إن أبصرتها :- استغفر الله العظيم ، ربنا يستر علينا وعلى ولايانا ، البت مقرطسة الواد وعلى عينك يا تاجر ..
هزت رأسها بعدم فهم ، و رمقت نظرة خاطفة لهيئتها ، فشهقت بتذكر قائلة بخفوت :- يكونش على الفستان الجديد ! ، وأنا مالي بيهم ، أما أروح ألحق البت آلاء .
وما إن خطت خطوتين للأمام ، وجدت ذلك السمج بوجهها ، فنفخت بضيق قائلة :- يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم على الصبح ، يا نعم ؟
رفع حاجبه بإعجاب صارخ قائلاً بخبث :- إيه الحلاوة دى يا بنت حتتي من أين لكي هذا ؟
أردفت بضيق :- حاجة ما تخصكش ، و أبعد من طريقي خليني أمشي .
ما إن تخطته ، وقفت فجأة ، و اتسعت حدقتاها برعب ، و ذادت خفقات قلبها حينما أردف بصوت عال :- أشهدوا يا أهل الحارة ، اشهدوا يا منطقة ، الهانم مقرطسة ابن خالتها و ختماه على قفاه لا مؤاخذة ، و أديكم شايفين بنفسكم العز اللي ظهر عليها مرة واحدة .
أردفت إحداهن بسخط :- عندك حق يا ابني بنات عاوزة قصف الرقبة بصحيح .
أردف بخبث :- هو علشان الراجل غابله كام يوم في مصلحة تقومي تعملي كدة ، لا حلو دور الشيخة اللي عملاه دة .
جحظت عيناها بذهول من وابل الاتهامات التي تمطر عليها ، غير مصدقة تماماً وكأنها في كابوس ستستيقظ منه عاجلاً .
حجزت دموعها بصعوبة ، وهي تتراجع للخلف، و استدارت فجأة لتطلق لساقيها العنان لتركض بكل ما لديها من قوة ، و سمحت حينها لإطلاق السراح لدموعها ، وهي تبكي بقهر وخوف ، لا تعرف ماذا ستفعل في تلك الفضيحة التي ألصقت بها ..
هتف بغيظ وهو يشاهد هروبها :- شوف بجاحة البت إزاي ولا كأننا بنتكلم ولا عاملة اعتبار لحد .
هتفت السيدة باذدراء :- يلا ، لينا كلام مع ابن خالتها لما يجي هي فاكراها سايبة ولا سايبة !
أخذ يسير بخيلاء وعلى وجهه ابتسامة عابثة ، و يسترجع بذاكرته ما فعله بالأمس ..
عودة للخلف لصبيحة اليوم التالي بعد مشاهدته لها تغادر المكان دون أن تعيره إهتمام ككل مرة ، فكر في خطة خبيثة كحاله لينال من تلك البريئة ، حتى وإن كان الأمر سيلطخ سمعتها و سيضعها على المحك .
توجه لأحد أقرانه، و الذي على خلفية تامة بأمور الكمبيوتر و الفوتوشوب ، فهو يطلق عليه بفذة المنطقة نظراً لبراعته وما يستطيع فعله في تلك الأشياء.
ألقى عليه التحية قائلاً :- صباحك فل يا سيد .
رحب به الآخر قائلاً :- صباح الفل يا معلمة ، اتفضل أقعد يا مدحت باشا المحل نور .
جلس على المقعد قائلاً بود :- تسلملي يا سيد ، أخبار الشغل إيه ؟
غمز بمكر قائلاً :- فل الفل يا معلمة كله تمام ، ها تشرب إيه ؟
أردف بخبث :- لا متشكر يا سيد أنا مش جاي أتضايف أنا جايلك في مصلحة كدة .
وضع يده على عنقه ضارباً إياه بخفة قائلاً :- رقبتي ليك يا زميلي إنت تؤمر .
أردف بمكر :- عاوزك تظبطلي صور كدة من اللي قلبك يحبهم ، و طبعاً أنت فاهمني .
غمز له بعبث ، وهو يردف بكلماته الأخيرة التي وصلت للأخير قائلاً بخبث :- فهمتك يا شِق ، هاتلي صورة للمُزة اللي عاوز تظبطها وأنا في الخدمة .
أومأ له بمكر ثم أخرج له صورة لها التقطها خلسة ، وما إن رآها الاخير نظر له بفزع قائلاً :- إيه دة يا مدحت ؟ مش لاقي إلا أنضف بنت في الحتة وعاوز تعمل فيها كدة !
جز على أسنانه بعنف قائلاً بغيظ :- ملكش دعوة ، أنت تعمل اللي بقولك عليه و بس ، و متخافش هديلك أضعاف ما الزباين بتديلك ، أهم حاجة عاوز الصور دي على آخر الليل على كل تليفون محمول في المنطقة .
نظر له مضيقاً عينيه قائلاً بخبث :- إيه يا زميلي هي البت تقلانة عليك ومش لاقيلها سكة ولا إيه !
أردف بغل :- أيوة بس هتروح مني فين وراها لحد ما تقول حقي برقبتي .
أخذ يحدق فيها بشراهة قائلاً :- إن جيت للحق البت صاروخ و تتاكل أكل ...
قاطعه قائلاً بحدة :- ما تخلص يا سيد ، هتعملها ولا أروح أشوف حد غيرك .
هز رأسه بنفي قائلاً باستسلام :- لا يا صاحبي هات الصور و أتفرج على سيد و شوف هيعمل إيه ..
و بالفعل لم تغرب شمس اليوم إلا وكانت تلك الصور الشنيعة على هواتف أهل المنطقة ، و التي تخدش الحياء ولا ترضي الله ولا بتعاليمه ، و لكنهم اتبعوا شيطانهم المريد الذي قادهم بنجاح لتلك الطريق الضالة ، و لكن هيهات فأين سيفروا من عقاب الله سواء في الدنيا أو الآخرة .
عودة للوقت الحالي ، ابتسم بمكر قائلاً :- و كدة مبقاش ليكي غير أنا و بس ..
لا تعرف كيف قادتها قدميها للطريق حيث كانت آلاء بانتظارها ، و التي ما إن رأتها ركضت نحوها ، و مسكتها من كتفيها لتمنع سقوطها الوشيك ، و هتفت بذعر :- رحيق في إيه مالك ؟
شعرت بدوامة عنيفة تضربها بقسوة ، و غيمة سوداء تحيط بها فاستسلمت لتلك الظلمة و أغلقت عينيها مع ارتخاء جسدها الذي كان مهدداً بالسقوط لولا آلاء التي حاولت اسنادها ، و هي تثتغيث بمن حولها بصوت عال :- إلحقونااااااااااااا
كانت تعمل بجدية ولم تشعر بمرور الوقت فقد أتت باكراً لتراجع كل شئ بنفسها حتى لا تكون هناك أي ثغرة ليست غير صالحة لها ، نظرت لساعة يدها فوجدتها تعدت التاسعة فهتفت بتعجب :- يا خبر هما البنات إتأخروا كدة ليه ؟ دول لازم يكونوا هنا ، أما أتصل برحيق أشوفها .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
كان القلق ينهش أعماقها خوفاً على صديقتها على الفراش لا حول لها ولا قوة ، و يدها موصلة بمحلول مغذي ، بعد أن تم نقلها للمشفى بمساعدة أهل الحي .
تساقطت عبراتها حزناً عليها عندما أخبرها الطبيب أنها تعرضت لصدمة عصبية شديدة لتعرضها لإحدى المواقف الصادمة ، و ها هي طريحة الفراش ، لا تعلم ما بها ، ولا ما تعرضت له ليوصلها لتلك الحالة .
اهتز هاتف رحيق بحقيبتها ، فأخرجته سريعاً ، و أجابت على الفور ليأتيها صوت الأخرى :- رحيق إنتي فين ؟ ليه ما وصلتوش لحد دلوقتي ، وإنتي عارفة إننا معانا مقابلة مهمة النهاردة !
هتفت بصوت متحشرج :- معلش يا مدام سندس بس أصل رحيق تعبانة وفي المستشفى.
نهضت من مكانها قائلة بفزع :- بتقولي إيه؟! تعبانة ! طيب أنتوا فين ؟ و. ...و عندها إيه ؟
أجابتها بحزن :- الدكتور قال إن عندها صدمة عصبية، هي وقعت في الشارع و ما اعرفش مالها .
أردفت بسرعة وهي تلملم متعلقاتها :- طيب أديني العنوان أنا جيالكم حالاً ..
ما إن أملتها العنوان ، قفزت في سيارتها وانطلقت إلى وجهتها بسرعة ، فهي منذ أن وطأت قدمها إلى الشركة ، و هي تعتبرها بمثابة شقيقة لها ، وكذلك آلاء ....
______________________________________
يجلس بوجه متجهم ، يتناول طعامه بشرود، و حديث البارحة يعاد مراراً و تكراراً في ذهنه يجلده في كل مرة ، كان الصمت هو المتحكم الوحيد في تلك الجلسة ، إلا أن قطعه موسى قائلاً وهو يسلط أنظاره على ابنه :- إسلام أنا مرضيتش أعاتبك على اللي عملته قدام الجماعة فوق ، وانك احرجتني قدام أخويا ، وأن إزاي ابني عادي بيكسر كلمتي و ما بيهمهوش حد .
هتف بغيظ مكبوت :- أنا آسف يا بابا أنا ما أقصدش أبداً أقلل منك ، بس اللي أنت بتطلبوا مني دة بصراحة فوق طاقتي ، وما أقدرش أنفذه .
أردف بروية :- بص يا ابني أنا عارف إنك مظلوم في الحكاية ، و ملكش دعوة بأي حاجة بس لما الأمر يمس عرض أخوك لحد هنا و كفاية ، يا ابني الناس ما هتصدق و هتقعد تلت و تعجن ، اللي هتعمله دة لمصلحة الكل .
أردف بغيظ :- حضرتك وأنا ذنبي إيه أتقرطس بالشكل دة ؟!
تنهد بضيق قائلاً بدفاع :- إسلام اياك فكرك يوديك لحاجة غلط في حقها .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- نعم ! دة اللي هو إزاي معلش ؟! واحدة جايبينها من شقة واحد غريب هيكون بيعملوا إيه يعني !
ثم ضحك بتهكم قائلاً :- لا شكلها مش ساهلة قدرت تقنعك إنها بريئة، لا هايل للفنانة .
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- ياض متبقاش زي أيوب قفل كدة ، و تظن فيها الوحش .
أردف بانفعال :- يعني أنا بتبلى عليها ! أومال تسمي اللي شوفناه دة إيه ؟
مسح على وجهه بعنف قائلاً :- تصدقوا بالله دماغكم دي كلها زفت ولا واحد راضي يريح التاني ، مريم مش راضية تتكلم لأن واضح أن الموضوع ما يخصهاش وطالما كدة يبقى استحالة تتكلم في اللي ما يخصهاش لو مشيت السكينة على رقبتها ودة مربط الفرس ..
ضحك مغلوباً على أمره قائلاً :- والله يا بابا مش عارف أقولك إيه ! دة إيه المبادئ العظيمة دي بس ! بقى الأستاذة الفاضلة مش عاوزة تتكلم علشان الموضوع ما يخصهاش ! أومال يخص مين يا حج ؟ بابا أنت طيب وعلى نياتك ، أنت ما تعرفش بنات اليومين دول و بيفكروا في إيه؟
أردف بغيظ :- ما يهمنيش أنا كل اللي يهمني مصلحة العيلة .
أردف بعدم تصديق وهو يشير لنفسه :- ودة طبعاً على حسابي أنا !
نظر بعيداً يهرب من مرمى عينيه قائلاً بصرامة :- أفهم زي ما تفهم ، بس إياك تصغر من قيمتي قدامهم ، أنا أتفقت مع أبوها .
نهض قائلاً بسخرية :- يبقى أعمل إللي عاوز تعمله ، أظن رفضي أو موافقتي مش هيفرق .
أنهى كلماته و خرج كالمدفع ، يطوي درجات السلم من تحته ، و يسب بداخله جنس حواء ، ذلك النوع المخادع والماكر خلف قناع البراءة ..
هتفت والدته التي كانت تلتزم الصمت منذ البداية :- ما براحة على الواد يا حج ، مش كدة بردو .
أردف بضيق :- أديكي شايفة دماغه الزفت ، أعمل معاه إيه يعني ؟! استرها يا رب و جيب العواقب سليمة.
أردفت بضيق :- بس يا حج دي مش جوازته ، آه هي بنت أخوك و مقولناش حاجة بس كان ودي أجوزه واحدة يكون هو أول بختها مش مرات أخوه ، و بعدين إزاي عاوز تتستر على الفضيحة دي وابني يلبس الليلة لوحده ذنبه إيه؟
زفر بغيظ ، يشعر بالتخبط ، ولكن عليه المضي قدماً ، فنهض من مكانه قائلاً بهدوء :- أنا نازل تحت الوكالة ، و بعدين لما الأمور تهدى هنقعد و نتفق على كل حاجة ، و ربنا يستر ميكونش حد علم بالموضوع فنلمه بسرعة .
_____________________________________
وصلت بوقت قياسي للمشفى ، و دلفت مهرولة لغرفتها ، فتحت الباب فوجدت آلاء تجلس على مقعد بجوار رحيق التي بدنيا غير الدنيا.
هتفت بقلق :- مالها يا آلاء الدكتور قال إيه ؟
هتفت بحزن :- قال إن عندها إنهيار عصبي ، و لسة ما فقتش .
جلست على الجانب الآخر، و نظرت لوجهها الشاحب قائلة :- طيب الدكتور ماقلش من إيه ولا حتى إنتي تعرفي السبب اللي خلاها توصل للحالة دي ؟!
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا ما أعرفش أنا كنت مستنياها و فجأة لقيتها جاية عليا معيطة و يدوب بقولها في إيه وقعت من طولها علطول .
مسدت على يدها برفق قائلة بتعاطف :- يا حبيبتي ! بس تقوم و نبقى نعرف مالها .
أومأت لها بخفوت ثم أردفت بحذر :- معلش يا مدام سندس بوظنالك اليوم النهاردة ، و تعبناكي معانا و النهاردة يوم مهم بالنسبالك .
قطبت جبينها بضيق ، و أردفت بعتاب :- أخص عليكي يا آلاء دة كلام بردو ! أهم حاجة سلامة رحيق ، و بعدين أي حاجة تانية تتعوض ، و على العموم لسة فاضل تلات ساعات ..
خيم الصمت للحظات في الغرفة حتى قطعه صوت تأوه صادر من ثغرها ، و تدريجياً فتحت مقلتيها ببطئ لتعتاد على الضوء ، فانتبهت آلاء قائلة بلهفة :- رحيق إنتي فوقتي ؟ حمدا لله على سلامتك ، ألف بعد الشر عنك ، كدة توقعي قلبي !
هتفت بصوت خافت ، و لكنه مسموع :- الله يسلمك يا آلاء ، أنا فين ؟
أجابتها بهدوء :- ما أعرفش الجواب عندك انتي يا رحيق ، إيه اللي حصل خلاكي تقعي من طولك كدة ؟
ما إن تذكرت ما حدث ، ترقرق الدمع بعينيها سريعاً ، وعلت شهقاتها و ملئت المكان ، و انفجرت باكية بصوتها العالي .
أصابتهم الدهشة والقلق حيال أمرها ذاك ، فجلست سندس بجوارها ، و احتضنتها قائلة بحنو و هدوء :- بس خلاص أهدي ، إنتي معانا و كويسة دلوقتي هشششش ...بس خلاص أهدي ..
أخذت تمسد على رأسها ، وتقرأ لها بعضاً من آيات الذكر الحكيم إلى أن غرقت في النعاس مجدداً . وضعتها على الوسادة برفق ، ثم دثرتها جيداً ، و نظرت لآلاء قائلة بقلق :- و بعدين ! أنا ابتديت أقلق كدة .
أردفت الأخرى بقلق مماثل :- فعلاً ، حالتها مش طبيعية ، دي آخر مرة كانت كدة يوم ما أتوفت خالتها ، و دة يعني أنها اتعرضت لمشكلة و مش أي مشكلة ، أنا هتصل على خالتي سميحة من تليفونها و أشوف. ...
التقطت الهاتف الخاص برحيق وقامت بالاتصال عليها و سرعان ما أتاها رد الأخرى الذي كان بمثابة صاعقة حلت عليها ، فتحولت إلى تمثال جامد .
راقبتها سندس بتعجب و أردفت بحذر :- مالك إنتي التانية في إيه ؟
أردفت آلاء بصدمة :- مصيبة يا مدام مصيبة ....
______________________________________
بعد إسبوعين دلفا سوياً للشقة الخاصة بهم بعد إنتهاء حفل زفافهم البسيط الذي اقتصر على حضور العائلتين ، و بعضاً من الجيران في أجواء مشحونة و ابتسامات مغتصبة اضطروا أن يرسموها حتى لا يشك بهم أحد ، و لحفظ مكانتهم وسط جيرانهم بعد الجريمة الشنعية التي كانت على وشك ارتكابها . صعدت معه تاركة طفلها مع والدتها وهي تشعر بأنها تساق للموت ، وأن كل ما يحدث هو بالتأكيد كابوس مزعج ستستيقظ منه عاجلاً.
جز على أسنانه بعنف وهو يطالعها بغيظ ، وبالتحديد لأنها أنثى خائنة للعهد كمثل سابقتها ، كيف تفعل ذلك بعد رحيل زوجها ، وكيف تقبل أن تتزوج بغيره ؟!
أنهن كاذبات يدعون البراءة ، و هم يرتدونها أقنعة للإيقاع بضحاياهم ، و جذبهم نحوهن . رفع حاجبه بسخرية قائلاً وهو يراقب تعابير وجهها المتشنجة :- ايه دة أوعي تقولي إنك مغصوبة والكلام دة وضربوكي على إيدك علشان تعملي كدة !
كانت تفرك يديها بتوتر شديد ، وهي تشعر بأن قلبها على وشك أن يقفز للخارج من قفصها الصدري ، ولا تصدق ما تعيشه في تلك اللحظة ، فقد ظنت أن طريقها معه مستحيل حتى أنها استسلمت لذلك الواقع ، ولكن شاء القدر أن يجمعهما فما نظنه مستحيل علينا ممكناً وسهل الحدوث عند خالقه .
نظرت له وهي تهز رأسها بعدم فهم فضحك بتهكم قائلاً :- أيوة ....أيوة ...كملي دور البريئة دة كملي .
ثم أضاف بسخرية لاذعة وهو يمد أصابعه بجرأة يتلمس وجنتيها اللتان اصطبغتا باللون الأحمر المتوهج كالشمس الحارقة في ساعات ذروتها :- وايه دة اسمه إيه ان شاء الله كسوف دة ولا إيه النظام ! هو بعد اللي عملتيه ليكي عين تتكسفي طب مش كنتي تقولي عاوزة راجل في حياتك ؟
جحظت عيناها بصدمة من حديثه الذي قطع قلبها لأشلاء صغيرة فتناثرت كل قطعة في مكان غير الآخر بداخل أعماقها المظلمة ،بينما احتلت جهنم عينيه غضبا ، و تعالت نبرة صوته ، وهو يغرز أصابعه في ذراعها فأصدرت تأوهاً خافت ، وهي تتطلع له بذعر ، بينما أردف بغضب عاصف غير مكترث لحالتها وقد أعمى الغضب عينيه حديث الأخرى التي كان يخطط يوماً بالزواج منها ولكنها ماذا فعلت تركته عندما وجدت الأكثر ثراء منه فتركته فوراً :- انتوا إيه، نوعكم إيه بالظبط ؟! مفيش إخلاص خالص جوزك ميت ملهوش سنة ونص و عاوزة تكوني في حضن راجل غيره و.......
لم يكمل حديثه حينما عاجلته بصفعة مدوية في وسط أرجاء الشقة فهي لن تسمح له بأن يهين كرامتها أكثر من ذلك ، ورفعت أصبعها الذي يرتعش بخوف قائلة بتهديد مبطن بالرعب من نظراته النارية التي يرسلها لها وهي تحاول أن لا تدع دموعها تتساقط أمامه :- اخرس خالص أنا مش هسمحلك تتمادى واسكت إياك... ثم إياك تتكلم عني كلمة وحشة أنت سامع ؟
أخذ صدره يعلو ، ويهبط بعنف ، وتحولت عيناه إلى لهيب حارق وهو يقف في حالة ذهول مما فعلته للتو . أصفعته لتوها !
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
طالعها بصدمة ، و هو يضع يده على وجنته موضع صفعتها ، لا يصدق أنها تجرأت على فعل ذلك ، من أين أتت لها الشجاعة لتقدم على الوقوف قبالته من الأساس بعد فعلتها الشنيعة من وجهة نظره ؟!
تراجعت للخلف قليلاً ، و خرجت منها شهقة عالية ، واضعة يدها على ثغرها ، و قلبها يهتز بعنف في قفصها الصدري على ما ارتكبته يدها .
عض على شفته السفلى بغضب جم ، في محاولة منه للتنفيس عن غضبه ، كي لا يقوم و يشطرها إلى نصفين . صرخت بخوف عندما وجدته طوى المسافة بينهما في ثوانٍ ، و قبض على ذراعها بقسوة قائلاً بفحيح دب الرعب بأوصالها :- إنتي قد اللي عملتيه دة ؟
تجنبت النظر لعينيه التي تطلق سهاماً حارقة ، و هتفت بصوت مرتعش تدافع فيه عن نفسها :- انت...انت هنتني و أنا مش هقبل كدة منك ولا من أي حد .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بسخرية ، و هو يراقب حالتها المزرية :- لا يا شيخة ! و بعدين راحت فين شجاعتك دي اللي خلتك تضربيني من شوية مش عيب عليكي يا محترمة !
قوست شفتيها بندم قائلة بتلعثم :- أنا ....ممما أقصدش ..ما حسيتش بنفسي ..
ضغط أكثر على ذراعها ، فشعرت أنه سيخرج بيده ، و مال على أذنها ، و همس بخطر :- هعديهالك علشان أولاً إنتي واحدة ست و متعودتش أمد إيدي على ستات ، ثانياً إنتي ما تعرفنيش وقت غضبي فأحسنلك تاخدي بالك بعد كدة .
لم تشعر بشيء سوى إنها تهز رأسها بسرعة دلالة على الموافقة ، فأردف بإنتصار :- كدة يبقى اتفقنا و دلوقتي نيجي بقى لأهم نقطة و هي إزاي هنعيش مع بعض تحت سقف واحد .
ثم أردف بتهكم واضح :- طبعاً إنتي عارفة الظروف اللي خلتنا في الوضع دة فعلشان كدة في شوية حجات هنتفق عليها لحد ما اللعبة دي تخلص .
قطبت حاجبيها بألم عندما نعت زواجهما باللعبة ، و لكنها رسمت الجمود ، لطالما هو لعبة فليظل في تلك البوتقة ، و لن يخرج منها .
ابتعد عنها ، و جلس على المقعد قائلاً بضيق و تهكم :- أنا وافقت على الجوازة العظيمة دي بس علشان الفضيحة و علشان أخرس أي حد يتطاول على عيلتي بكلمة واحدة ، اسم العيلة دي هيفضل دايماً نضيف و مش واحدة زيك اللي هتحط عليه الغبار و توسخه....
قاطعته صائحة بحدة ، و هي تشير بإصبعها ناحيته :- أخرس للمرة المليون بقولك متقولش عليا كلام زي دة أنا أشرف منك ومن مليون زيك ..
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بتساؤل مريب :- طيب ما تقولينا إيه اللي حصل ساعة ما جبناكي من شقة البيه يا ....يا ست...الشريفة ؟
أردفت بانفعال :- شريفة غصب عنك فاهم ؟! و مش هبررلك مرواحي للشقة هناك دي حاجة ما تخصكش .
ثم أكملت بتحدي :- مش انت بتقول لعبة يبقى خلاص كل واحد ملهوش دعوة بالتاني لحد ما تخلص و أخلص .
هز رأسه بهدوء مميت ، ثم حك مؤخرة رأسه ، و نظر لها مطولاً ، و أردف بضحك :- لا حلو و كمان بتبجحي شكلي كدة هكسب فيكي ثواب و هعلمك الأدب من أول و جديد ....
وما إن همت لتتحدث أردف بحدة :- و متقاطعنيش لحد ما أخلص كلامي ، أنا لحد دلوقتي عامل إعتبار لعمي و إنك كنتي في يوم مرات أخويا ، أنا مش عارف إيه اللي مخليكي معترضة على دة مش دة اللي إنتي عاوزاه ؟!
جعّدت أنفها بتعجب قائلة :- تقصد ايه بكلامك دة ؟
أردف بوقاحة :- أقصد إني هقوم بعمل النطع اللي كنتي بتروحيله الشقة ولا مش مالي عينك ؟
شهقت بفزع حينما فهمت مرمى حديثه ، و تراجعت للخلف قائلة :- دة في أحلامك فاهم ؟!
ضحك بغلب قائلاً :- والله العظيم يا جدع الستات دول عليهم حجات ، بتعرفوا تمثلوا دور الطيبة دة كويس أوي و للأسف إحنا بنصدق دة لحد ما تنفذوا اللي انتوا عاوزينوا ولا كأن في حاجة حصلت . هو أنا جبت حاجة من عندي !
أظلمت عينيه فجأة قائلاً بغضب :- اسمعي أما أقولك في الفترة دي اللي الله أعلم هتستمر لأمتى لمي لسانك اللي بيحدف طوب دة و اللي أقوله هو اللي هيتنفذ .
ثم أشار بيده ناحية إحدى الغرف قائلاً :- دي الأوضة اللي إنتي هتفضلي فيها ... ثم أشار للغرفة التي بجانبها قائلاً :- و دي أوضتي اللي أنا هقعد فيها و يا ويلك لو حد عرف بحاجة ساعتها ما تلوميش إلا نفسك .
زفرت براحة قائلة :- اطمن أنا مش هقول لحد لأن دة الحل الأنسب لينا إحنا الاتنين ، بعد أذنك رايحة أنام علشان عندي صداع تصبح على خير.
قالت ذلك ثم دلفت للغرفة مسرعة دون أي اكتراث ، بينما ظل هو يحدق في أثرها بصدمة قائلاً بوعيد :- ماشي يا مريم براحتك ...
دلف إلى الغرفة الخاصة به ، و جلس بإهمال على الأريكة ثم حرر أول زرين من قميصه ، و أخذ يتنفس باختناق ، لقد تم كل شئ في غمضة عين ، و ابتسم بسخرية أيعقل أن يتزوج بتلك الطريقة ؟! و لكنه لم يجد مخرجاً ، كان ولا بد عليه أن يفعل ذلك حتى لا تلطخ سمعتهم ، و تصبح سيرتهم على ألسنة الجميع . شعر بالتخبط الشديد حيالها ، و أخبرها بتلك الكلمات ليضغط عليها علها تتحدث ، و تخبرهم بحقيقة ذهابها و تواجدها هناك ، و لكن كالعادة التزمت الصمت . زفر بغيظ على طبعها العنيد ذلك ، و لكنه توعد لها بمعرفة سبب ذهابها لهناك ، و يا ويلها إن ثبُت الجرم عليها ، سيفصل رأسها حينها .
نهض من مكانه ، و ألقى بثقله على الفراش ، و أغلق عينيه ليسافر بعدها إلى عالم الأحلام .
اغلقت الباب بعنف و غيظ ، و أخذت تحرك ساقها بعصبية شديدة ، و تمتمت بحدة :- ماشي يا إسلام ماشي أنا هوريك إزاي تغلط فيا و كلامك دة تبله و تشرب ميته ..
نظرت لذلك الفستان البسيط الذي ترتديه ، و أردفت بسخرية ، و هي تعنف ذاتها :- كنتي مستنية إيه ها ؟ هيقولك بحبك و بعشقك و الحلم الوردي دة لا فوقي يا هانم دة مستحملك بالعافية و مستني اليوم اللي هيخلص فيه منك بفارغ الصبر ، نامي يا مريم نامي .
أخذت تهذي بتلك الكلمات ، بينما داخلها غابات الأمازون تحترق ، و لكنها لم تعطي أهمية لجروحها فيجب أن لا تستسلم أبداً فهناك من بحاجة إليها ألا وهو صغيرها الذي أشتاقته منذ الآن ، فلولا الملامة لصعدت للأعلى الآن و أخذته بين ذراعيها فهو الهدوء و السكينة بالنسبة لها .
______________________________________
صباحاً طرقت باب غرفتها بهدوء فأتاها الرد بالدلوف ، فولجت للداخل قائلة بابتسامة عريضة مرحة :- قومي يا كسلانة صباح الخير يلا ورانا شغل يلا .
نهضت من مكانها قائلة بابتسامة خجلة :- صباح الخير يا مدام سندس حاضر هقوم أهو حالاً .
أردفت بهدوء :- طيب يلا بسرعة على ما أروح أحضر الفطار.
قالت ذلك ثم توجهت لتحضر وجبة الإفطار ريثما تنتهي ، بينما نظرت الأخرى في أثرها ، و شردت بعيداً لتعود بذاكرتها لما حدث منذ أسبوعين
عودة للخلف حيث كانت تقف آلاء في حالة صدمة و ذهول مما سمعت ، فأقتربت سندس منها قائلة بقلق :- مالك يا آلاء في إيه ؟
هتفت بذهول و هي تنظر للهاتف :- خالتي سميحة بتقول ...بتقول كلام مش مفهوم و بتزعق فاكراني رحيق .
سألتها بحذر :- ليه هي قالت إيه ؟
أردفت بدموع :- قالت إن رحيق ما تكلمهاش تاني و متعتبش بابهم تاني بعد اللي عملته و أنها... أنها تروح تمشي على حل شعرها براحتها ... أنا مش فاهمة حاجة هي قصدها إيه ؟
قطبت جبينها بصدمة ، و تعجب قائلة :- ما اعرفش ايه قصدها بس إحنا لازم نروح هناك للحتة اللي ساكنة فيها و ساعتها هنفهم قصدها إيه .
أردفت بحذر وهي تطالع رحيق :- بس يا مدام هنسيبها لوحدها هنا ...
قاطعتها قائلة بروية :- ما تقلقيش هي نايمة دلوقتي و هنخلي الممرضة معاها لو فاقت أو حصل حاجة يلا بينا ..
أومأت لها بموافقة ، و بالفعل بعد دقائق معدودة كانتا قد وصلتا إلى المنطقة التي تقطن فيها ، و من ثم دلفتا إلى السكن الذي تقطن به حيث توجد السيدة سميحة ، فطرقت سندس الباب ، و ما هي إلا لحظات حتى فتحته ، فقوست حاجبيها ببعض الدهشة عندما رأت تلك المرأة برفقة آلاء قائلة :- أيوة مين إنتي ؟
هتفت بغيظ مكبوت :- أنا مديرة رحيق في الشغل .
مطت شفتيها بسخرية قائلة :- الشغل ! اممممم قولتيلي ، و يا ترى إنتي بقى بتسرحيهم فين ؟ دا أنا هبلغ عنك يا مجرمة ضحكتي على البت وهي كانت قطة مغمضة خلتيها تمشي في الغلط ..
تشنجت معالم وجهها إلى هنا و كفى فصاحت بحدة :- إيه الهبل اللي إنتي بتقوليه دة يا ست إنتي ؟ أنا مسمحلكيش...
قاطعتها قائلة بحدة مماثلة :- بلا تسمحي بلا ما تسمحيش شغل التلات ورقات دة ما يخيلش عليا يا دلعدي ...
ثم وجهت الهاتف الذي تضمه بيدها ، و الذي كان يعرض تلك الصور المخلة لتلك المسكينة قائلة بتهكم واضح :- ها تقدري تقوليلي إيه دة يا بنت الحسب و النسب صحيح من برة هالله هالله و من جوة يعلم الله .
شهقت بصوت مسموع ، و جحظت عيناها بصدمة ، عندما رأت تلك الأوضاع لها ، و لم تختلف حالة آلاء عنها كثيراً ، تحفزت أعصابها المشدودة فهتفت بانفعال :- إيه الحقارة دي ؟! مين الحيوان اللي عمل كدة ؟
لوت ثغرها بتهكم قائلة :- حيلك حيلك يا أختي يعني ما عرفاش إيه دة ! دة واحد ابن أمه صحيح أنه ورانا الحقيقة بدل ما كنا على عمانا كدة ، ما يجو أهلها و ياخدوها و يريحونا منها بقى هي ناقصة
لم تعطي إهتمام بكلماتها الأخيرة التي تفوهت بها ، و صاحت بعصبية شديدة :- بقولك إيه يا ست إنتي اتكلمي بإسلوب كويس عنها ، و بعدين انتي إزاي تقولي عليها حاجة زي دي وهي متربية معاكم و عارفين أخلاقها ، إزاي أصلاً تصدقوا إنها ممكن تعمل حاجة زي دي بجد يا خسارة دي كانت بتقول خالتي سميحة ... و طالعة بيكي السما تقومي تعملي فيها كدة ! تصدقي هي خسارة تقعد هنا وسطكم بعد كدة من النهاردة انسوا أنكم تعرفوا واحدة إسمها رحيق ، و دلوقتي يا ريت تدينا هدومها و حاجتها المهمة .
طالعتهم بضيق قائلة :- طيب هجبهالكم أنا أصلاً ما يشرفنيش إنها تقعد معايا ولا مع بناتي هنا تاني .
و بالفعل أخذوا متعلقاتها و غادروا بغضب عاصف ، و ما إن أستقلوا السيارة هتفت آلاء بدموع :- حرام عليهم ليها حق تنهار و تعمل أكتر من كدة .
هتفت بغيظ :- دول مش من بني آدمين خالص يا ساتر إيه دة ؟! دلوقتي عاوزين نعرف مين الحقير اللي عمل كدة .
هزت رأسها بعدم معرفة قائلة :- ما اعرفش نستنى على ما تهدى و بعدين تقولنا و تفيدنا بأي حاجة .
زفرت بغيظ ، ثم أردفت بهدوء ، و هي تهم بالقيادة :- طيب يلا خلينا نلحقها قبل ما تصحى و بعدين نشوف هنعمل ايه ..
بعد وقت قصير وصلن للمشفى ، و من ثم إلى غرفتها ، فوجدوها مازالت نائمة كما تركوها . جلسن مجدداً في أماكنهن ، و أخذن يراقبنها بلهفة أملاً في أن تفتح مقلتيها ، و تطمئنهن على حالتها .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أنت بخفوت قبل أن تفتح مقلتيها ، و تنظر حولها بتشوش ، هتفت آلاء بحب :- خليكي يا حبيبتي زي ما إنتي مستريحة .
جلست نصف جلسة ، و هنا تحدثت دموعها بغزارة ، و تعالت شهقاتها مجدداً ، كلما تأتي تلك الصور ، و التي وصلت على هاتفها ، هتفت بضياع :- والله ما أنا يا آلاء دي ....دي مش أنا ...صدقوني والله ما أنا ..
هتفت آلاء بحنو و هي تمسد على ظهرها :- حبيبتي أهدي إحنا مصدقينك إنتي استحالة تعملي حاجة زي دي هو أنا أعرفك من امبارح دا إحنا عشرة يا بت بطلي عياط بقى .
تدخلت سندس قائلة بحدة :- سبيها تعيط و تضيع حقها كدة ، بقى هي دي رحيق اللي أعرفها ؟! فين رحيق القوية اللي بتعرف تتصرف و تواجه كل حاجة لوحدها ؟
أردفت ببكاء :- بس اللي حصل يا مدام مش سهل أبداً دول ....دول شوهوا سمعتي خلاص مش هقدر أرفع عيني في وش أي حد في الحارة .
أردفت بغضب :- ومين قالك إنك هتروحي الحارة دي تاني المكان اللي يقلل منك يبقى ما يلزمكيش الناس اللي تخوض في عرضك يبقى ما يلزموكيش ، فاهمة ؟
أردفت بضياع :- أومال هروح فين يعني ؟ أنا ما اعرفش حد غيرهم و لا ليا مكان غير هناك ، منه لله اللي كان السبب منه لله .
انتبهت حواسها لكلماتها الأخيرة فأردفت بحذر :- هو مين الحقير دة ها هو مين ؟
اعتصرت عينيها بعنف قائلة :- مدحت ..هو دايماً بيتعرضلي و لما ملقاش مني رجا عمل اللي عمله دة دة قالي كدة بعضمة لسانه و أنا جايالك يا آلاء ... أنا خلاص ضعت ..ضعت .
نهرتها سندس قائلة بحدة طفيفة :- إحنا قولنا إيه من شوية ؟ و بعدين إحنا مش مالين عينك ولا إيه يا ست رحيق ؟ إحنا من النهاردة هنكون عيلتك و كل حاجة ، أما الحقير دة أنا هوديهولك في ستين داهية و هردلك اعتبارك في الحارة كويس ، يلا قومي نمشي من هنا ولا إنتي عاجبك جو المستشفيات دة !
ثم أخذت بيدها تساعدها على النهوض قائلة :- يلا..يلا قومي بلاش كسل قومي معايا .
نهضت معها بعد أن أتت الممرضة و أخبرتهم باستقرار حالتها ، و أن بإمكانها الذهاب معهن ، ومنذ تلك اللحظة و هي تقيم معها في منزلها ، كما قامت برفع قضية على المدعو مدحت ، و عندما فحصوا الصور تبين لهم بأنها مزيفة ، كما استطاع رجال الشرطة الوصول للفاعل ، و الزج بهم في السجن ليعاقبوا على فعلتهم تلك .
عادت من شرودها ، و هي تبتسم بسعادة ، فسندس التي كانت تخاف منها ، هي من نصرتها ، و كانت لها الحامي الفولاذي ، فأثبتت لها أنها نعم الصديقة .
بعد دقائق انتهت من ارتداء ملابسها ، و خرجت لتجد سندس أعدت طاولة الطعام ، والتي ما إن رأتها هتفت بابتسامة عريضة :- تعالي يلا علشان نفطر و ننزل بقى.
أومأت لها بخفوت، ثم جلست قبالتها ، و شرعت في تناول طعامها بهدوء ، و أخذت تحدق بالأخرى و عيناها تحكي الكثير ، لاحظتها سندس فهتفت بمرح بعد أن ابتلعت الطعام :- إيه دة يا رحيق عجباكي أوي للدرجة دي ولا إيه ؟!
حمحمت بحرج قائلة :- ها لا أبداً بس يعني مكنتش مصدقة إن في ناس بالطيبة دي في الزمن دة ، زمن مفيش للقيم ولا الأخلاق أي مكان ، فيه بس المصلحة و الغش و الخداع غير كدة لا ، إنتي أثبتيلي إن الدنيا فعلاً لسة بخير .
هندمت ملابسها بغرور مصطنع قائلة :- شكراً شكراً لا داعي للتصفيق..
ثم أضافت بمرح :- إيه يا بنتي هو كله أسود كدة ! بصي يا رحيق زي ما في كويس في وحش دي قاعدة في كل زمان و مكان ..
ضيقت عينيها قائلة بحذر :- هو ....هو إنتي عايشة لوحدك ..يعني ... أقصد ...
قاطعتها قائلة ببسمة موجعة :- أيوة عايشة لوحدي بعد ما إتطلقت ..
شهقت بصدمة لسماعها تلك الأخبار فقالت بندم :- أنا آسفة ما أقصدش أفكرك بحاجة زي دي .
أردفت بشبح ابتسامة قائلة :- يا ستي دة أحسنلي يعني كنتي عاوزاني أقبل أعيش مع واحد عينه زايغة و بيخوني كل يوم مع واحدة شكل !
وضعت يدها على ثغرها بدهشة قائلة بدون وعي :- ابن ال**** الواطي .
ضحكت بخفة قائلة :- بتشتمي من إمتى يا رورو ؟
استغفرت ربها قائلة بندم :- ما أخدتش بالي والله ، بس اتعصبت على ابن ال.......ولا بلاش حرام ناخد ذنوب على ناس ما تستاهلش .
ضحكت بصوتها العالي قائلة :؛ من ناحية ما يستاهلش فهو فعلاً ما يستاهلش ..
أردفت بمواساة :- قلبي عندك يا أختي بكرة يجي سيد سيده ، و الله ما عنده نظر أنه يخون القمر دة .
ضحكت بصخب قائلة :- والله إنتي فظيعة ، أنا ليا كتير ما ضحكتش كدة .
أردفت بمرح :- يا خبر إنتي تؤمري، أنا مستعدة أقلبلك نفسي شامبنزي هنا ولا يهمك ..
هزت رأسها بنفي قائلة :- طيب يلا يا شامبنزي كلي علشان نشوف مصالحنا.
وضعت بعض الخبز بثغرها، و أخذت تلوكه قائلة :- ألا صحيح ما قولتيش عملتي ايه في الصفقة اللي مروحتهاش معاكي ؟
نهرتها ببعض الحدة :- مية مرة وانا أقولك ما تتكلميش وانتي بتاكلي يا مقرفة .
رفعت يديها باستسلام قائلة :- آسفة آسفة يا كبيرة .
هزت رأسها بقلة حيلة قائلة :- بردو ! مفيش فايدة! المهم بقى بعتنالهم كام تصميم كدة و اختاروا منهم اتنين وهو دة اللي هنشتغل عليه .
أردفت بابتسامة بعد أن بلعت طعامها :- طيب كويس خالص ، ربنا يوفقك يا رب، و يبعتلك ولاد الحلال اللي يطلبوا دعايا لمنتجاتهم ، و يوسع رزقك قادر يا كريم يا سندس يا بنت أم......
توقفت فجأة، و قطبت جبينها قائلة بتساءول :- هو صحيح إسم امك إيه ؟
كانت تطالعها بنظرات ذهول قائلة بدون وعي :- خديجة .
أكملت تلك البلهاء قائلة :- يا بنت أم خديجة .
أردفت بدهشة :- رحيق إنتي هتشحتي يا ماما ! و بعدين إيه اللي كنتي بتقوليه دة ، و اتعلمتيه فين ؟
أردفت بفخر وهي تحمحم قبل أن تتحدث :- حضرتك أنا كنت بشحت وأنا صغيرة .
رفعت حاجبها بعدم تصديق قائلة:- بتشحتي وإنتي صغيرة !
أومأت بتأكيد قائلة :- اه والله كنت دايماً أشحت من خالتي فلوس علشان تديني و أروح أشتري شيبسي ، كنت بطلع عينها ..
جزت على أسنانها بغيظ قائلة :- قومي يا رحيق قومي قدامي بدل ما أضربك .
ضحكت بصخب قائلة :- أهو دة نفس البوقين اللي كانت بتقولهوملي .
ثم لاحت سحابة حزن على عينيها قائلة :- الله يرحمها راحت و راحت معاها كل حاجة حلوة .
أردفت الأخرى بمرح حينما رأت حزنها ذاك :- وأنا روحت فين يا رحيق ، أخص عليكي هان عليكي طبق الجبنة اللي نسفتيه دة ؟
ضحكت بخفة قائلة :- لا طبعاً ، إنتي ربنا بعتك ليا نجدة ، لو قعدت طول عمري أشكرك مش هيوفي .
أردفت بوجه ممتعض :- أهو دة بقى اللي مش عاوزينه ، أرجعي رحيق الفرفوشة اللي كانت من شوية لو سمحتي .
جففت تلك الدمعة الهاربة و أردفت بابتسامة باهتة :- هرجعها بس مليش دعوة لو أكلت راسك أهو أديني بحذرك .
خرتا سوياً، و صعدن للسيارة، و ما إن همت سندس بتشغيل المحرك ، شهقت رحيق بصوت عالٍ أصاب الأخرى بالقلق فقالت بخوف :- مالك في إيه؟
زمت شفتيها بعبوس قائلة :- نسيت ساندوتش الجبنة بالطماطم وأنا بحط الأكل في التلاجة .
عضت على شفتيها بغيظ قائلة :- صبرني يا رب ..
قالت ذلك ثم أدارت السيارة وانطلقت بها كالريح ، بينما كتمت الأخرى ضحكاتها بصعوبة على منظرها .
________بقلم / زكية محمد________________'''
ولج للغرفة التي يمكث فيها عمه طريح الفراش بعد أن طلب رؤيته . جلس قبالته قائلاً بهدوء :- أخبارك إيه يا عمي دلوقتي ؟
هتف بوهن :- كويس يا ابني الحمد لله ، ها طمني عملت اللي قولتلك عليه ؟
أردف بثبات :- متقلقش يا عمي قريب هتسمع أخبار كويسة .
أردف بتساءول :- طيب و أخبار شادي معاك إيه ؟ عاوزك تقرصلي عليه شوية و يخف استهتار .
هز رأسه بموافقة ، بينما أردف الآخر بقلق :- و شيري عاملة إيه ؟ هي في وصايتك ، و تحت عينك أنا زي ما أنت شايف مشلول و قاعد مش قادر أتحرك ، و أخوها مش شديد زيك كدة أنا وكلتك المهمة دي .
أردف بهدوء خطر :- ما تقلقش يا عمي هي تحت عيني ، و عارف بكل تصرفاتها فمتقلقش ، أنا همشي دلوقتي هتأخر على الشغل .
قال ذلك ثم نهض وانصرف على عجالة لتقابله زوجة عمه ، والتي رأته يخرج من الغرفة فهتفت بخفوت و تعجب :- يا ترى بينهم إيه مخلي مراد كل يوم و التاني عنده بالشكل دة ؟!!.....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
خرجت من معقلها بعد أن قضت الليل تبكي على الأطلال ، و كأن شيئاً لم يكن ، دلفت للمطبخ و قامت بإعداد وجبة الإفطار ، و رصتها على الطاولة بعناية ، وجلست تعبث في حجابها قائلة بحيرة :- أروح أصحيه يفطر ولا لا ؟! وأنا مالي إن شاء الله عنه ما أكل الغتت دة ، ولا أصحيه علشان ما يقولش عليا واحدة مستهترة ؟! يوووه و بعدين في الحيرة دي ! ، ما كنت مرتاحة يا ربي ، أصحى على بوسة أحمد و ضحكته اللي ترد الروح ، بدل أخينا اللي شايف نفسه دة ، اه لو أطول رقبته أخنقها نفسي أفش غيظي فيه يا ناس .
- أديني أهو قدامك و وريني هتخنقيني إزاي !
صرخت بفزع ، و استدارت لتجده يقف بطالته التي تخطف أنفاسها و تأسرها ، و تزجها لسجنه فتعيش أسيرة لعشقه الذي لا تعرف له مخرج .
أردف بسخرية :- إيه أتخرستي دلوقتي يعني ! أومال فين البابور اللي هب من شوية دة !
أردفت بتلعثم :- أااا.....مش ...مش بقول حاجة .. أنا بكلم نفسي .
رفع حاجبه بتهكم قائلاً :- وكمان هبلة ! قد إيه محظوظ يا أنا !
احتقن وجهها و تحول للون القرمزي ، و أردفت بانفعال :- أهو انت الأهبل و ستين أهبل كمان ، أنت ما صدقت لقيتها و هتعملني ملطشة !
أردف بهدوء خطير جعل البرودة تسري بأوصالها :- مين الأهبل دة ما سمعتش كويس ؟
هزت رأسها بنفي قائلة ببلاهة :- لا دة الواد أحمد هو الأهبل .
أزاحها برفق قائلاً بدون اكتراث :- طيب عديني كدة وأنتِ شكلك ضاربة إصطباحة على الصبح ، و بعدين نفسي أعرف لما أنتِ شجاعة كدة ما تثبتي على موقفك !
طالعته بغيظ قائلة :- لو سمحت طول الفترة دي اللي هنقعدها مع بعض يا ريت تحترمني ، و تكلمني بأسلوب أحسن من كدة ، أنا مش هسمحلك .
لوح بيده في الهواء قائلاً بالا مبالاة وهو يجلس على المقعد :- بلا تسمحي بلا متسمحيش بطلي زن وجعتيلي راسي ..
اشتعلت النيران بداخلها ، لا تصدق أن إسلام الهادئ الرزين الذي تعرفه عن ظهر قلب هو نفسه الماثل أمامها الآن ، و فجأة و بدون مقدمات توجهت ناحيته و التقطت طبق البيض بالزبدة الذي كان على وشك أن يغمس قطعة الخبز فيه ، و أردفت بحدة :- ما تفطرش من الأكل بتاعي روح أعمل لنفسك.
حدجها بنظرات أرعبتها قائلاً :- قدامك عشر ثواني لو ملقتش الطبق مكانه هقوم و ساعتها هيصدر مني تصرف متلوميش غير نفسك بعديه .
خافت من تهديده الصريح ، فوضعته ببعض القوة ، ثم جلست على الجانب الآخر و شرعت في تناول طعامها ، و كلما وضعت قطعة خبز تحت أسنانها تدهسها بغل ، و كأنها ترسل له بأنه يا ليته لو كان موضع ذلك الخبز لألتهمته بقوة ، تقطع أحشائه بأسنانها،وعلى ذكر ذلك شردت بمخيلتها تتخيل كيف تقطعه إلى قطع صغيرة ، عند تلك النقطة أخذت تضحك بانتصار ، بينما طالعها الآخر بذهول ، و هو يجزم بأنها مجنونة و بحاجة لمشفى المجانين لتُعالج .
أخذ يتساءل بداخله عن السبب الذي أوصلها لتلك الحالة ، أم هي مجنونة بالفعل ولم يلحظ ذلك منذ البداية؟!
ابتسم بخبث وهو يلتقط كوب الماء المجاور له، و نثره على حين غرة عليها ، لتصرخ هي بفزع لتنتبه حواسها ، و تعود للواقع بعد أن أغدقت عليه بخيالها الأحمق ، فأردفت بانفعال :- إيه الغباء دة !
ضحك بصخب عليها قائلاً :- العيب عليا يعني بفوقك بدل ما أنتِ عمالة تضحكي زي الهطلة !
إلى هنا و كفى فقد بلغ غيظها الحلقوم ، و بتهور منها قامت بنثر دورق المياه بأكمله عليه ، ثم نهضت قائلة بتشفي :- أحسن ! علشان تتريق عليا براحتك .
و بلمح البصر احتضنت طبق البيض و الخبز و فرت من أمامه كالعاصفة لتدلف لغرفتها ، و تغلق الباب بإحكام وهي تصيح بنشوة الانتصار :- أيوة كدة يا مريم أوعي تخليه ينتصر عليكي أبداً .
وضعت أذنها على الباب لتستمع بإصغاء تام لحركته التالية .
أخذ يتطلع لذاته بصدمة ، كيف تجرأت على فعل ذلك ؟! ، تلك البلهاء التي ستقوده للجنون يوماً . نهض و الغضب حليفه ، و طوى الأرض بخطوتين واصلاً لغرفتها ، ثم أخذ يطرق على الباب بعنف قائلاً :- أنتِ يا زفتة افتحي الباب ، نهارك مش فايت النهاردة ، بقى أنا تعملي فيا كدة !
أردفت بحدة وهي تلوك الطعام بغيظ :- لا مش هفتح ، هبلة أنا ولا هبلة علشان أفتحلك !
أردف بانفعال وهو يركل الباب بقدمه :- ما أنتِ فعلاً هبلة ما جبتش حاجة من عندي أنا ، ماشي يا مريم أنا هوريكي .
أردفت بخوف و تهديد :- والله لأقول لعمي موسى عليك ها ..
ضحك بغلب قائلاً بسخرية :- ليه قالولك عيل صغير هتشتكي لأبويا ، أعلى ما في خيلك أركبيه ، و أبقي النهاردة في جحرك دة ..
قال ذلك ثم توجه ناحية الصالة وهو يسير جيئة و ذهاباً ، يكور يديه بغضب ، و كم ود لو كانت أمامه الآن لفصل رأسها عن جسدها . نظر لملابسه المبتلة بغيظ شديد قائلاً بتبرم :- بقى حتة عيلة تعمل فيا كدة ! ماشي يا مريم ..
أنهى كلماته ليتوجه بعدها و يبدل ملابسه حتى لا يصيبه الإعياء.
بقلم زكية محمد
______________________________________
استدعت رحيق لتدلف لها على الفور ، جلست قبالتها انتظاراً لما ستمليه عليها .
هتفت سندس بهدوء :- يلا قدامك عشر دقايق بالظبط تلمي ورق الصفقة و تجهزيه علشان ناخد التصاميم و نروح شركة Master East نوديلهم التصاميم.
هزت رأسها بخفوت، ومن ثم انصرفت لتنفذ المطلوب ، و بعد دقائق وصلت أمام هذا الصرح الشامخ ، وما إن ارتجلت من السيارة فرِغ ثغرها بدهشة و انبهار وهي تتأمل المبنى العملاق قائلة :- ما شاء الله إيه دة يا مدام سندس ؟! يا حلاوة يا ولاد تعالوا يا حارة و شوفوا بنتكم واقفة فين ، دة أنا هوصيهم لما أموت يدفنوني هنا ..
أردفت بحزم :- قولنا إيه ؟ انسي الحارة دي وناسها لأنهم باعوكي في أول مطب ، ويلا يا مجنونة ندخل بدل ما نتأخر ، المدير ما بيحبش التأخير .
هزت رأسها بموافقة، و سحبت نفساً عميقاً، ثم زفرته بتمهل، و ولجتا سوياً ليبتلعهم هذا المبنى الشاهق الإرتفاع.
وقفت أمام المصعد ، فهتفت رحيق بحذر :- حضرتك واقفة ليه هنا يلا نطلع !
رفعت حاجبها بذهول قائلة :- عاوزانا نطلع خمسطاشر دور على السلم !
جعدت أنفها بضيق قائلة :- نعم ! خمسطاشر دور ! طيب ما تقوليله هو ينزل .
أردفت بتعجب :- وماله إحنا كدة كدة هنطلع بالأسانسير ...
قاطعتها قائلة بابتسامة بلهاء :- قصدك هتطلعي بيه ، أنا استحالة، مش هقدر ، أنا هطلع قدامك يدوب ألحق أوصل .
حدجتها بذهول قائلة :- هتطلعي 15 دور يا مجنونة ! رحيق أهدي كدة أومال.
هزت رأسها برفض قائلة بجدية :- لا يا مدام سندس أنا اللي آسفة ، أنا بترعب من الاسانسير ، عندي فوبيا استحالة أطلع فيه نهائي ، فهمتيني ؟ طيب ما إحنا شركتنا الصغنتوتة في الدور التالت ليه الإفترى دة !
جزت على أسنانها بغيظ قائلة :- ساعات بتوصليلي إني بتعامل مع بنت أختي ، مالك يا رحيق ما تجمدي كدة !
أردفت بإصرار :- بصي يا مدام سندس إحنا كدة كدة جينا بدري ، أنا هطلع على السلم و هسبقك ، أو انتي اسبقيني و استنيني هناك ، سلام ..
أنهت حديثها و أطلقت العنان لساقيها ، و الأخرى تنظر لطيفها بفيه يكاد يصل إلى الأرض ، و هزت رأسها بنفاذ صبر ، و استقلت بعدها المصعد لتنتظر تلك البلهاء بالأعلى ، أي جنون هذا ؟!
و بالفعل وصلت قبلها بكثير و وقفت قبالة السلم تنتظرها ، و بداخلها قدح يغلي ، و تمنت لو تظهر أمامها الآن فتفتك بها ..
انتظرت كثيراً حتى راودها القلق و الخوف عليها ، و خشت أن يكون حدث لها شيئاً ، زفرت براحة عندما ظهرت ، ولكن حالتها مذرية حيث تعرق وجهها ، و أصبح مثل اللون القرمزي من فرط الجهد الذي بذلته.
ما إن وصلت للسلمة الأخيرة ألقت نفسها على أقرب مقعد ، تلتقط أنفاسها بصعوبة .
هتفت سندس بخوف و حدة :- يا مجنونة يا مجنونة ! أنا غلطانة إني سبتك و سمعت كلامك ، شوفتي اخرة تنشيف دماغك !
هتفت بتقطع :- مممياه .....عععاوزة...مياه ..
ركضت لتجلب لها الماء ، و عادت تحمل زجاجة مياه ، فإلتقطتها الأخرى منها بسرعة ، و قامت بإرتشافها بأكملها ، ثم أردفت بتذمر :- روح إلهي تتشك يا بعيد ، إلهي عشرين دور تاخدهم في طرة ، اه يا رجليا يا أمي اه ..
ثم نظرت للتي كانت تكاد تنفجر كالقنبلة الموقوتة و أردفت بحذر :- أتأخرت عليكي ؟!
مسكت رأسها قائلة بغيظ :- هتشليني يا رحيق هتشليني بعمايلك دي !
نهضت قائلة بسرعة :- بعد الشر يا مدام سندس إن شاء الله صاحب الهلومة دي ..
جحظت عيناها بصدمة وهي تتطلع للشخص القابع خلف تلك البلهاء والذي ظهر من العدم .
لم تكتفي رحيق بهذا القدر حينما أردفت بحنق :- و يجيله شلل أطفال كدة ، كان لازم يعني يترزع في الدور العشرين !
أخذت تحدجها بقوة كي تكف عن الحديث ، و لكنها هتفت ببلاهة :- في إيه ؟! بتبصيلي كدة ليه ؟
أردفت بغيظ مكبوت وهي تصطنع الابتسامة :- إزيك يا باشمهندس مراد؟
هتف بجمود ، وهو يطالع الأخرى بنظرات لو كانت رصاصاً لقتلتها :- أهلاً يا مدام سندس..
أردفت بعملية :- إحنا جيبنا التصاميم اللي انتوا طلبتوها و .......
قاطعها مشيراً لها بيده قائلاً بهدوء جليدي :- طيب ..طيب أعتقد الكلام دة مش هنا في المكتب .
استدارت لترى ذلك المتعجرف ، و حدجته بحنق ، بينما مالت على سندس تهمس بجوار أذنها :- مين الأخ ؟
وكزتها في ذراعها قائلة بهمس مماثل :- دة صاحب الهلومة دي يا أختي ، الله يحرقك يا شيخة .
انتفضتا معاً على أثر صوته الجامد قائلاً :- مش هفضل واقف لسيادتكم كتير ، ورايا شغل مهم ..
حمحمت بحرج قائلة وهي تهم بالسير :- تمام يا باشمهندس مراد ..
سار قبلهم متوجهاً للمكتب الخاص به ، بينما رفعت رحيق يدها في الهواء وكأنها تضربه ، وهي تهتف بحنق خافت :- مين اللي دلّك على التلاجة دي يا مدام ! من قلة العملا يعني ؟!
أردفت بحزم :- ما اسمعش نفسك لحد ما نخلص .
هزت رأسها بنعم ، و من ثم دلفتا للمكتب ، و جلستا مقابلته ، بينما جلس هو بغطرسته المعتادة .
مدت سندس له الأوراق قائلة بتهذيب :- دي التصاميم يا فندم اللي اختارتوها ، شوف لو محتاج تعديل ولا كويس كدة .
التقط منها التصاميم ، و أخذ يحدق بها بتركيز عال ، استغرق ذلك دقائق قبل أن يمط شفتيه باستحسان قائلاً بجمود :- كويس مش بطال ، تقدروا تنفذوا من دلوقتي .
عضت رحيق على شفتيها بغيظ ، بينما هتفت الأخرى بابتسامة مجاملة :- تمام يا أفندم و أنا جهزت الأوراق علشان التوقيع ..
هز رأسه بهدوء قائلاً :- تمام ثواني يكون شادي هنا علشان هو المسؤول عن الشؤون القانونية .
أنهى كلماته و ضغط على الزر لتأتي السكرتيرة على الفور فقال :- ابعتي شادي بسرعة يكون هنا .
أومأت بموافقة ، فهتف هو بتذكر :- اه و شوفيهم هيشربوا إيه ؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ابتسمت سندس بعملية قائلة :- ملوش لزوم يا باشمهندس ، هنمضي العقود و نمشي علطول .....
قاطعتها رحيق قائلة بابتسامة بلهاء :- بس أنا عاوزة عصير فراولة .
قالتها بترجي طفولي ، بينما تنحنحت سندس بحرج قائلة :- احم هاتيلها عصير فراولة وأنا قهوة سادة لو سمحتي .
أومأت لهن بابتسامة عملية و انصرفت ، وبعد لحظات ولج شادي الذي توجه ناحيتهم ، و رحب بهم بعملية ، بينما هتف مراد ببرود :- شادي خد الأوراق دي و راجعها كويس قبل ما تمضي العقود .
تناولها منه قائلاً ببسمة واسعة :- أوك مفيش مشكلة ، جابوا التصاميم ؟
أومأ برأسه قائلاً :- أيوة خد أهو شوفها علشان تخلص كل حاجة معاهم .
جلس قبالته ، و شرع في إنهاء ما طلب منه ، و بعد وقت انتهوا من مهمتهم ، ليردف مراد برسمية باردة كالثلج كحاله :- كدة كل حاجة تمام ، فاضل دلوقتي التنفيذ .
أردفت سندس بعملية :- إن شاء الله يا أفندم الشغل هيعجبكم ، و لينا شرف كبير إننا نتعامل مع شركة كبيرة زيكم ..
أردفت رحيق بخفوت سمعه شادي :- قصدك حصلنا القرف ، بالذمة دة بني آدم دة ! دة لوح تلج يا ساتر على الغتاتة ..
انفجر شادي ضاحكاً عليها مما أثار تعجب الآخرين ، بينما حدجه مراد بنظرات جعلته يتوقف فوراً عن الضحك ، و رفع يديه باستسلام في الهواء قائلاً :- أنا آسف بس أفتكرت حاجة كدة ضحكتني .
غادرن هن ، و بمجرد أن خرجن هتفت سندس بتوبيخ و عتاب :- ينفع اللي عملتيه دة يا رحيق ، بتحرجيني قدام المدير ! وأنا اللي بقول عليكي عاقلة !
استشعرت جديتها فهتفت برجاء :- أنا آسفة يا مدام والله مكنش قصدي ، بصي خدي أي حد معاكي بلاش أنا بعد كدة .
قالت جملتها ، وهي تنكس رأسها للأسفل ، بينما زفرت هي بضيق قائلة :- أنا ما أقصدش أزعلك بس بقولك كدة علشان تاخدي بالك .
أردفت بلهفة :- حاضر هحاول ، بس أنتِ عارفاني بتصرف بعفوية من غير ما أفكر .
ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- قصدك بتهور ...
ثم تنهدت بعمق قائلة :- رورو دي أحلى حاجة فيكي أنك نقية من جوة ومن برة ، بس متخليش حد يستغل دة بشكل مش كويس ، يلا بينا ...
عندما كانت تهم بالحديث قاطعتها بصرامة قائلة :- و هننزل بالأسانسير ، ومش عاوزة أسمع أي اعتراض .
قطبت جبينها بتذمر ، ولكنها لن تعارضها تلك المرة ، حتى لا تتهمها بالاستهتار .
دلفت للمصعد معها ، و لسوء حظها ، ولج معهم في نفس اللحظة شادي الذي ما إن رآها غمز لها بطرف عينه بعبث ، بينما نفخت وجنتيها ، و استدارت للجانب الآخر، وما إن تحرك المصعد ونزل للأسفل ، تشبثت بذراع سندس بقوة قائلة بذعر ، وهي على وشك البكاء :- أنا ... أنا خايفة هموت ...هموت ..بتخنق ..
سرى الرعب بأوردتها حينما رأت حالتها تلك قائلة بخوف :- رحيق ..رحيق اتنفسي واهدي مفيش حاجة
إلا أنها أخذ صدرها يعلو و يهبط بعنف، و تلتقط أنفاسها بصعوبة ، و أبيضت عيناها ، و شعرت بأنها النهاية .
سقطت على ركبتيها والأخرى تسندها ، وهي تفرك يدها بقلق قائلة بدموع :- رحيق خليكي معايا أوعي تغمضي ..
هتف شادي أخيراً بقلق :- هي مالها ؟ هي متعودة على كدة ، ولا عندها فوبيا ؟!
أردفت بدموع :- أيوة هي قالتلي كدة ، وأنا الغبية كنت فاكراها بتدلع ولا بتهزر ، وقف الأسانسير أرجوك وقفه .
انتصب واقفاً ، وضغط بسرعة على أقرب دور ، فتوقف فهتفت سندس بقلق بالغ ينهش أعماقها :- رحيق بصي أهو وقف خلاص ، يلا فتحي و ردي عليا يا رحيق ..
أخذت تربت على وجنتيها بخفة حينما استسلمت للقاع المظلم الذي سحبها نحوه . تدخل شادي قائلاً بهدوء :- خليني أشيلها و أوديها لأقرب دكتور .
نظرت له قائلة بضياع :- بس ...
قاطعها قائلاً بصرامة :- مفيش بس يعني عاجبك حالتها دي !
هزت رأسها بنفي فأردف بروية :- خلاص يبقى سيبيني أتصرف و ألحقها .
قال ذلك ثم حملها ثم حملها و خرج بها تحت أنظار الموظفين المذهولين ، صعد لسيارته و جاورته هي و انطلق بها بسرعة .
بعد وقت كانت ممددة على الفراش ، و بيدها السيروم المغذي ، فهتف الطبيب بعملية :- متقلقوش هتفوق بعد شوية و الموضوع ملهوش داعي للخوف دة كله .
أردفت بخوف :- بس هي ...هي كانت بتتخنق يا دكتور و .....
قاطعها قائلاً بروية :- دة عادي جداً طالما عندها فوبيا من الأماكن الضيقة و المقفولة ، تقدر تمشي أول ما تفوق معاكم ، بعد أذنكم .
انصرف الطبيب، بينما هتف شادي في محاولة منه لطمأنتها :- متقلقيش هتكون كويسة إن شاء الله.
أردفت بعرفان للجميل :- أنا متشكرة أوي على اللي عملته معانا .
أردف بابتسامة عريضة وهو ينظر لرحيق الغافية ، و بداخله يتعجب من دقات قلبه المتزايدة عندما كان يحملها ، ولم القلق انتابه بهذا الشكل عندما وجدها هكذا ! :- متشكرنيش يا مدام دة واجبي ، أنا هستنى برة لحد ما تفوق علشان أوصلكم ، وهبقى ابعت حد يجيب عربيتك من قدام الشركة .
أومأت له بخفوت، بينما خرج وما إن غلق الباب خلفه أردف بتعجب وهو يضع يده على قلبه الذي لم يتوقف نبضه المتزايد بعد :- و بعدين معاك ؟! غريبة ! قلبي بيدق بطريقة غريبة ودي أول مرة تحصل .....
بقلم زكية محمد
______________________________________
ليلاً أتت كلتا العائلتين لرؤية العروسين ، و اضطرت مريم للخروج وما طمأنها هو وجودهم ، فلن يستطيع أن يفعل شئ أثناء وجودهم .
كانت المواجهة مشحونة إلى حد ما ، و استمر اللقاء ما بين رضا و سخط ، تشبث أحمد بوالدته فاضطروا أن يتركوه ، وكم سعدت هي لهذا القرار ، و ما إن غادروا كانت تحتضن الصغير تستمد منه الأمان ، أما هو أخذ يطالعها بنظرات ذئب مفترس يتربص بفريسته .
أخذت تتراجع للخلف بخوف ، ولم تلحظ تلك الطاولة التي إصتدمت بها ، وكادت أن تهوي بالصغير ، و لكنه كان الأسرع حينما جذبهما معاً ناحيته لتقبع رأسها على صدره و الصغير بينهما .
تكاد تجزم أن دقات قلبها وصلت لمسامعه التي تتراقص على ألحان عشقه ، فرغ ثغرها بذهول ، تستوعب مدى اقترابها منه ، يا للقدر ! أهي الآن بين ذراعيه ، و ليس ذلك فقط بل رأسها تتوسط صدره ! شعرت بدوار عنيف يضربها دون هوادة ، و تراخت أطرافها ، فكاد أن يسقط الصغير ، إلا أنه كان الأسرع وحمله منها ، و ابتعد ليضعه على الأريكة ، و استدار ليرى ما بها ، فوجدها تغلق عينيها مع تراخي قدميها وسقطت لتقبع مجدداً بين ذراعيه ، فمددها على الأريكة برفق ، بينما تعالت صرخات الصغير قائلاً :- ماما...ماما...أثحي...ماما ..
هتف بهدوء ليطمأنه :- ما تقلقش يا حبيبي هي نامت و هتفوق .
أخذ يربت على وجنتيها بهدوء في محاولة منه لإفاقتها ، إلا أنه لم يتلقى منها أي رد فنهض بسرعة ، و ولج للداخل ليغيب لثوانٍ ليخرج بعدها وهو يحمل قنينة عطر ، نثر بعضاً منها على يده ، ومن ثم رفع رأسها لتستقر على صدره ، و قرب يده من أنفها ، و استمر ذلك للحظات قبل أن ترمش بعينيها لتفتحها ، لتستنشق رائحته التي أسقطتها أرضاً منذ قليل عندما كانت قريبة منه إلى حد مهلك ، لتستوعب بعدها أنها ما زالت بذلك القرب ، ظنت أنه حلم لذيذ تعيشه بمخيلتها ، إلا أن صوته أعادها للواقع حينما هتف بهدوء :- مريم أنتِ كويسة ؟
لا هذا كثيراً جداً على قدرة تحملها ، يا الله لنطق اسمها بين شفتيه سحر خاص ، نغمة بيتهوفن أطربت مسامعها .
ابتعدت عنه عندما عادت لرشدها ، ورأت وضعيتها لتجلس معتدلة قائلة بحرج و صوت خافت :- الحمد لله كويسة .
قفز أحمد على قدميها و احتضنها قائلاً بطفولية :- ماما أنتِ ثحيتي ! ما تناميش دلوقتي لثة بدري .
قبلته من وجنته قائلة :- حاضر يا حبيب ماما .
أردف إسلام بمرح :- طالما مش قد اللعب بتلعبي ليه ؟ أغمى عليكي بسرعة كدة يا جبانة !
نظرت له بحنق قائلة بثبات مخادع :- أنا مش خايفة منك على فكرة ، و يا ريت تبطل أسلوبك دة .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- أسلوبي ! اممممم الظاهر الهانم نسيت عملت إيه و محتاجة حد يفكرها.
جحظت عيناها بصدمة قائلة بتهديد مبطن بالخوف :- لو قربت مني ه....ه...ه ...
قاطعها قائلاً بتسلية :- هت.. إيه ؟! أحب اسمع .
أردفت بنبرة منكسرة :- مش هعمل حاجة يا إسلام مش هعمل ، بس أرجوك خلي في بينا احترام على الأقل قدام أحمد .
تنهد بعمق قائلاً :- ماشي يا مريم .....ثم أردف بتهديد :- بس ما تفكريش إني هسكت على كدة و أرضى بالأمر الواقع، أنا هنبش في الموضوع، و يا ويلك يا سواد ليلك لو كان ليكي علاقة بالموضوع ، و أوعدك محدش هيقتلك غيري .
أردفت بحزن :- اعمل اللي أنت عاوزه مبقتش فارقة على الأقل تريحني من العذاب اللي أنا فيه دة .
قطب حاجبيه قائلاً بتعجب :- قصدك إيه وضحى أكتر ؟!
ودت لو تصرخ في وجهه و تخبره بأنه هو أكثر ما يعذبها و يجلد روحها ببطئ ، وتخبره بأنها كيف ستتحمل تلك الليالي العجاف دون أن تهنئ بدفء ذراعيه ، وكيف تخبره أنه محرم عليها على الرغم من وجودهم تحت سقف واحد ؟! ، و كيف ستتحمل دقات قلبها الخائنة التي تزداد محدثة صوتاً رناناً في ضلوعها وكأنه هناك حفل صاخب ، و كيف تتحمل وجوده معها أمامها دون أن يشعر بها ، وكيف أنه داءها و دواءها ، وكيف ..... وكيف؟!
نهضت من مكانها بسرعة لتتوارى بعيداً عنه ، و تزرف تلك الدموع التي تهددها بالسقوط ، و أردفت بهدوء :- هروح أشوف أحمد ..
قالت ذلك ثم انصرفت من أمامه بسرعة الريح ، بينما نظر هو في أثرها بتمهل ، و لا إرادياً رفع أصابعه التي لامست وجنتيها نصب عينيه ، وهو يسترجع تلك اللحظات ، حينما شعر بقشعريرة سرت بأوصاله ، و رائحتها التي ملأت عبقه حينما كانت بين ذراعيه .
رنت أجراس الخطر بعقله فجأة ، و ضم قبضته بقوة قائلاً بتوبيخ :- إيه اللي أنا بفكر فيه دة ؟! دي أولاً مرات أخوك ، ثانياً دي واحدة ست يعني خداع و زيف ورا وش طيبة ، مستعد تجرب و تتوجع تاني ؟ لا طبعاً مش هيحصل .
نهض و ولج إلى غرفته ، و مكث بها وعقله يصارع الكثير و الكثير ....
______________________________________
في اليوم التالي كانت منكبة على أوراقها تعمل بجدية حينما صدح هاتفها بالرنين ، تركت الأوراق و نظرت للهاتف ، وما إن رأت المتصل أجابت على الفور على الفور :- ها طمني النتيجة إيه ؟
اتسعت عيناها بذهول قائلة :- بجد ؟ طيب كويس جداً ، أقولها أنا ولا حد يقولها ؟
أومأت برأسها قائلة :- أوك مفيش مشكلة تمام سلام ..
وضعت الهاتف بجوارها ، و أردفت بابتسامة :- ربنا يسعدك يا رحيق تستاهلي كل خير ...
بالخارج بعد أن انتهت من عملها ، جلست مع صديقتها تثرثر معها قائلة بتذمر :- زي ما بقولك كدة لوح تلج بالظبط ، لا يمكن دة التلج بيسيح لكن هو لا ، عامل نفسه big boss و مسيطر ، و بيكلمنا من مناخيره ، الود ودي كنت طبقت في زمارة رقبته .
تعالت ضحكات صديقتها قائلة :- لا ، شوقتيني أشوفه لوح التلج دة يا ريتني روحت معاكم .
زمت شفتيها بضيق قائلة :- يعني هتشوفي الأملة ! ولا التاني قليل الأدب يا أختي دة مصيبة كمان .
ضحكت بصخب على حديثها ذاك قائلة :- هههه ، عمل إيه دة كمان ؟ مش دة اللي أخدك المستشفى ؟
أومأت بموافقة قائلة بغل :- أيوة هو يا أختي ، بس أما أقابله الوقح دة ، إزاي يشيلني ؟ ! والله لأطربق الدنيا فوق راسه هو فاكرها سايبة ولا سايبة !
أردفت بتساءل :- ليه بس ؟! دة جزاته يعني ! و بعدين هو ما شالكيش يحب فيكي هو شالك من باب المساعدة مش أكتر .
صكت على أسنانها بعنف قائلة :- قليل الأدب من أول ما دخلنا المخفي على عينه الأصانصير قام غامزلي ابن الهرمة .
ضحكت و هي تضرب كف بآخر قائلة بمرح :- لا ملوش حق قليل الأدب .
و على ذكر السيرة ، دلف للمكان يمشطه بعينيه بلهفة بحثاً عنها ، و على وجهه إبتسامة مشرقة ، وكأنه حلم يصعب تحقيقه . سأل أحد الموظفين عن مكان تواجدها ، و ما إن أشار له على المكتب أنطلق كالقذيفة نحوه ، و فتح الباب بدون استئذان ، فانتفضن في مجلسهن ، و رفعن أنظارهن نحوه ، و ما إن نظرت له عرفته على الفور فتأهبت حواسها للخوض في معركة طاحنة إذ هتفت بشراسة :- هو أنت !
بقلم زكية محمد
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
خيم السكون المكان ، و الصدمة و الذهول حليفهم . فرغت آلاء ثغرها حتى كاد أن يصل للأرض عندما رأت ذلك الغريب يحتضن صديقتها ، و لم تختلف حالة الأخرى عنها ، حيث تخشب جسدها ، و تعالت دقات قلبها ، وعندما أدركت الوضع المحرج الذي هي فيه ، قامت بزجه بقوة بعيداً عنها قائلة بحدة وهي ترفع يدها لتصفعه :- أنت عملت إيه يا حيوان ؟
مسك رسغها ليظل متعلقاً بالهواء ، و ضحك بخفة قائلاً :- أهدي يا مجنونة و اعقلي .
حدجته بصدمة قائلة :- نعم ! أنت مستوعب عملت إيه ولا أنت شارب حاجة على الصبح ؟!
هز رأسه بنفي قائلاً بتلاعب :- لا مش شارب ، و ممكن أحضنك تاني على فكرة و أبوسك في خدودك الحلوين دول كمان .
شهقة عالية صدرت من آلاء عقب حديثه الوقح ، بينما تحول وجه الأخرى إلى اللون القرمزي دلالة على الغضب الشديد ، و صرخت بوجهه وهي تحاول جذب يدها من قبضته الفولاذية :- أنت قليل الأدب و واطي ، سيب أيدي يا مجنون ، والله لأروح أعملك محضر في القسم و أخرب بيتك .
أردف بضحك :- يا بت أهدي الله يحرقك ..
أردفت بشراسة :- ولا أنت هتصاحبني ولا إيه ؟ سيب أيدي بدل ما أقلع اللي في رجلي و أنزل بيه على دماغك .
ترك يدها ، يحدق بها بذهول قائلاً :- ولا ! لا أنتِ محتاجة ضبط مصنع ..
حررت يدها من قبضته أخيراً قائلة بحدة :- وأنت مالك ! و بعدين ماتوهش ، إزاي تحضني يا قليل الأدب ؟ هو أنت فاكرني واحدة من إياهم ولا فاكرني ضعيفة هسكتلك ؟
هز رأسه بيأس منها ، و أردف بحدة جعلتها تصمت فوراً :- ممكن تهدي و تقفلي ماسورة المجاري اللي اتفتحت دي ، و نتكلم بالعقل ؟
أردفت بحدة مماثلة :- عقل ! و هو أنت خليت فيها عقل يا أبو عقل !
جز على أسنانه بعنف ، و بدون سابق إنذار كمم فاهها بيده قائلاً بصرامة :- هتسمعيني يعني هتسمعيني فأهدي و اعقلي كدة ....
أخذت تتلوى بعنف ، إلا أن قوته كانت الكفة الراجحة ، حيث لم تستطع الفرار ، فأخذت تهمهم تحت يده ، إلا أنه أردف بحزم :- أنا حذرتك فمتلوميش غير نفسك .
ولوهلة شعرت بالخوف منه فهي لا تعلم نواياه تجاهها بعد ، أما آلاء فاقت من حالة الصدمة وهي تشاهد ذلك الغريب يتعامل بذلك النحو مع صديقتها فامسكت حقيبتها ، و قامت بضربه بقوة على ظهره قائلة بشجاعة مزيفة :- أبعد عنها يا حمار بدل ما أنادي الأمن .
ضيق عينيه وهو ينظر ناحيتها قائلاً ببعض الوجع :- لا الحكاية مش ناقصة تخلف هي ، بس يا بابا !
خرجت بسرعة تهرول تستغيث بسندس ، إذ فتحت الباب على حين غرة قائلة بذعر :- إلحقيني يا مدام سندس في واحد ماسك رحيق ومش عارفة عاوز منها إيه !
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- واحد مين دة ؟! تعالي وريني .
توجهن نحو المكتب ، وما إن دلفت ، حلت الصدمة على وجوههن حينما رأوا شادي منبطح على الأرض وهي فوقه تكيل له اللكمات بحقيبتها ، و هو يحاول أن يتجنبها قائلاً بصراخ :- يا بنت المجنونة كفاية هفطس ..
نظرت سندس لالآء قائلة بريبة :- متأكدة من اللي قولتيه من شوية دة ؟!
أردفت بتأكيد :- اه والله زي ما قولتلك يا مدام ، بس شاطرة يا رورو أيوة أديله كمان يستاهل ..
سمعن صراخه قائلاً :- حد يلحقني من الهبلة دي ..
هتفت سندس بحدة :- رحيق بس كفاية !
ابتعدت عنه، ونهضت قائلة بتذمر :- يا مدام سندس دة واحد قليل الأدب و محتاج يتربى ..
نهض هو بدوره قائلاً بضيق :- روحي يا شيخة وأنتِ عاملة زي علبة الكبريت كدة ، صحيح اجتنبوا شر من اقترب من الأرض .
نظرت سندس له قائلة :- هو أنت لسة ما قولتلهاش ؟!
هز رأسه نافياً وهو يقول بغيظ :- وهي أدتني فرصة أتكلم ، دي مفترسة والله .
حدجته بشراسة قائلة :- شكلك عاوز تضرب تاني صح ؟
ثم نظرت لسندس قائلة بضيق وهي على وشك البكاء :- يا مدام دة ...دة حضني وقال كلام مش محترم زيه ، خديلي حقي منه ، انا عاوزة أبلغ البوليس .
تقدمت منها قائلة بحذر :- رحيق أهدي يا حبيبتي مفيش حاجة....
قاطعتها قائلة بصراخ :- مش ههدى محدش يقولي أهدي ، إزاي المحترم يعمل كدة هو محدش قالك أن دة حرام ولا أنت ما تعرفش ؟!
أردف بندم :- رحيق أهدي وأنا هفهمك كل حاجة .
صرخت بوجهه قائلة :- متنطقش اسمي على لسانك ، فاهم ؟
صرخ بوجهها بانفعال قائلاً :- أنا أخوكي ...افهمي أنا أخوكي يا رحيق .
نزل عليها الخبر كالصاعقة في ليلة شتاء قارس ، و أخذت تتطلع له ببلاهة و ضياع ، شعرت بتخدر في أطرافها ، فلم تستطع أن تحملها قدميها ، فاقتربت منها سندس وامسكت بيدها ، بينما كانت آلاء متجمدة كحال رفيقتها .
اقترب شادي منها أكثر قائلاً بحنو :- أيوة يا رحيق أنا أخوكي ، بابا ليه سنين بيدور عليكي لحد ما فقد الأمل إلا أن عناية ربنا لطفت بينا ..
هتفت بضياع :- أنت... أنت.بتقول إيه ؟ أخويا إيه ، و أبويا إيه دة كمان ، أنت هتشتغلني ؟!
هز رأسه بنفي قائلاً بتأكيد :- لا أنا بتكلم جد ، أنتِ رحيق مجدي المرشدي بنت رجل الأعمال مجدي المرشدي .
صمتت قليلاً قبل أن تدلف في نوبة ضحك هستيري وسط دهشة الجميع ، بينما أردفت هي بضحك وهي تنظر لآلاء :- اسمعي يا آلاء بيقول إيه الجدع دة ! إنما نكتة بصحيح .
أقترب منها وهتف بقلق :- رحيق بطلي ضحك ، أنا مقولتش نكتة !
و ما إن هم ليمسك يدها ، نفضتها بعيداً عنها قائلة بصراخ :- أبعد عني ماتقربليش ، يا مدام سندس خليه يمشي من هنا أرجوكِ .
جذبها من كتفيها ببعض القوة قائلاً بجدية وهو ينظر بعينيها مباشرة :- رحيق فوقي ، أنا اسمي شادي مجدي المرشدي أخوكي سامعة ولا لا ؟ سواء برضاكِ أو غصب عنك أخوكي ولا يمكن أسيبك تاني ، بابا هيفرح اوي لما يشوفك .
أردفت بدموع عالقة :- بابا ! يعني أنا عندي أب ؟ ! هو رجع خلاص من الخليج ! و أنت إزاي أخويا أنا أمي مخلفتش غيري ، أرجوك بطل لعب بأعصابي ، أنا مش هستحمل كفاية اللي أنا فيه .
هز رأسه بنفي قائلاً بحنو :- حبيبتي أنا مبضحكش عليكي ، طيب استني كدة ..
التقط حافظة نقوده و أخرج بطاقته الشخصية و مدها لها قائلاً :- شوفي أهو إتأكدي من اسمي ، اسم بابانا واحد ..
تطلعت للبطاقة ، ثم قطبت جبينها قائلة باقتضاب :- دة اكيد تشابه أسماء أنا مليش أخوات .
أردف بحذر :- ما أنا أخوكي من الأب بس ، بابا متجوز واحدة تانية اللي هي أمي ، و معاكي أخت تانية أصغر منك بشوية .
أردفت بذهول :- نعم ! أنت عاوز تجنني يا جدع أنت ! ولو كلامك صح أنا مش عاوزاكم ..
ثم أضافت بفؤاد ذبيح :- دلوقتي افتكرتوني ؟! كان فين أبويا وأنا مرمية ليا سنين عند خالتي ، بدل ما يطبطب عليا راح أتجوز و خلف ولا كأن عنده بنت و سابنا كلنا عايشين في كدبة أنه سافر الخليج ، مش عاوزة حد أبعدوا عني أنا اكتفيت ..
ثم صرخت بانهيار في وجهه :- أطلع برة أطلع ..
تدخلت سندس بقلق من تأزم حالتها قائلة :- أستاذ شادي يا ريت تطلع دلوقتي و تستنى في مكتبي .
هتف بأسى :- بس ...
قاطعته قائلة بهدوء :- يا ريت تطلع دلوقتي أنت مش شايف حالتها !
طالعها بحزن وهز رأسه بهدوء، ثم انصرف مسرعاً ، بينما تقدمت هي منها و احتضنتها بحنو ، و هنا انهارت رحيق حصونها ، إذ أخذت تبكي بصوت مسموع بحرقة بوجع على ما سمعته منذ قليل .
أخذت سندس تربت على ظهرها بحنو ، وهي تشرد بذاكرتها وتعود للخلف منذ أسبوع حينما أتت سميحة لمقر العمل و طلبت أن تقابل رحيق إلا أن الأخرى رفضت بعد أن اتهمتها في عرضها ، فتوسلت لتقابل سندس لأمر ضروري ..
عودة للخلف ، بعد أن أوصدت رحيق جميع أبواب الغفران بوجهها ، لم تجد غير سندس ، فتوجهت لها قائلة برجاء :- وحياة أغلى حاجة عندك لتسمعيني يا هانم ، في حاجة مهمة بخصوص رحيق عاوزة أقولك عليها.
هتفت بضيق :- حضرتك عاوزة تقولي إيه ؟ إيه اللي هيتقال بعد اللي حصل ؟!
أردفت بندم :- غصب عني إحنا يا هانم غلابة و محلتناش إلا شرفنا ، لما شوفت الصور عقلي وقف وصدقت زي ما الكل صدق ، الناس في الحارة على قد حالهم ميعرفوش شغل الفيتو ... إيه دة مش عارفة أقول اسمه ، بس المهم حصل خير ، و براءتها ظهرت و رفعت راسها وسط الخلق ودة بفضل ربنا و بعدين أنتِ ..
أومأت بضيق قائلة :- اممممم و بعدين ؟
بللت شفتيها و تابعت :- رحيق طيبة و تستاهل كل خير ، و علشان كدة أنا هقولك على سر خطير يخصها بس وحياة الغاليين عندك ما تجيبي سيرة لحد ، و تخلي بالك منها .
انتبهت لها قائلة بقلق :- مالها رحيق اتكلمي .
هزت رأسها بخفوت، ومن ثم راحت تقص عليها كل شئ يخصها تحت أنظارها المصدومة ، و بعد ذلك تركتها بعد أن أوصتها بأن تنتبه لها .
على الجانب الآخر عند عقد الصفقة لاحظ مراد اسمها الذي كان موقعاً بين الأوراق ، فتوجه لسندس على الفور و تحدث معها بأمرها ، فأخبرته حينها بكل ما يتعلق بها ، و طلب منها أن تجري لها تحليل DNA دون أن تعرف ليقطع الشك باليقين ، وهذا ما حدث بالفعل حينما أكدت النتيجة نسبها لعائلتهم ، وأنها هي من ظل عمه يبحث عنها طيلة حياته ، و أسند له مهمة البحث عنها ، و ها هو القدر قد ساقها نحوهم دون أدنى مجهود يذكر .
أخبر شادي بالأمر الذي أتى فوراً لرؤيتها ، وحدث ما حدث ...
عودة للوقت الحالي ، نظرت لتلك المسكينة التي نالت منها الحياة بقدر كبير ، سارت بها نحو الأريكة ، و هتفت بهدوء وهي تمسح لها عبراتها:- رحيق ممكن تبطلي عياط و نتكلم ؟
هتفت بصوت متحشرج :- هنتكلم نقول إيه ؟ هو دة حلم صح ؟ أنا بحلم يلا صحيني علشان دة كابوس بيخنقني ..
أردفت بروية :- أنا عارفة الصدمة كبيرة عليكِ و صعب تستوعبي كل دة مرة واحدة ، خدي وقتك براحتك ، آلاء !
هتفت تلك المتخشبة كالتمثال :- نعم يا مدام سندس !
أردفت بهدوء :- اقعدي مع رحيق هنا على ما أروح أشوف شادي و أرجع . بقلم زكية محمد
_______&&&&&&&&&&&&&&________
بعد مرور أسبوع ، عادت البسمة لوجهه لتنيره من جديد ، أشرق وجهه بمعرفته في العثور على ابنته ، تلك الجوهرة الباقية من طيف الراحلة التي غادرت دون أن يعلم عنها شئ عندما اختفت في ظروف غامضة.
هتف بابتسامة تشق ثغره منذ زمن :- شكلها إيه يا شادي دلوقتي ، وعاملة إيه ، و قاعدة فين ؟
ابتسم بحنو قائلاً بعبث :- شبه مامتها يا بابا مزة يعني ..
نهره بحدة قائلاً :- ولد ! بطل لماضة .
ضحك بصخب قائلاً :- الله يا حج مش بقول الحقيقة! و متخافش هي قاعدة في مكان آمن لحد ما ربنا يهديها و تيجي هنا .
أردف بحزن :- هي لسة بردو مش راضية تيجي ؟
هز رأسه بنفي قائلاً بأسف :- لا لسة دماغها عنيدة ، أنا مش عارف طالعة لمين !
ابتسم بحنين قائلاً :- طالعة لمامتها كانت راسها انشف من الحجر .
غمز له بعبث قائلاً :- اه يا بابا يا شقي ، طيب قولنا بقى كنت بتروضها إزاي بما إنك خبرة وكدة .
أردف بغيظ :- والله لولا حالتي لكنت قومت و وريتك شغلك .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
جلس بجواره قائلاً بحزن حاول مداراته قائلاً:- أديني جتلك أهو بنفسي ، أعمل فيا اللي أنت عاوز تعمله .
وضع كفه على يد ابنه قائلاً بحنو :- أنا مش عارف من غيرك أنت و أختك كنت هعيش إزاي و أكمل ! و أديني أهو لقيت بنتي التانية اللي ليا سنين بدور عليها ، بس خايف ...خايف عليها هي لوحدها وأنا مشلول هحميها إزاي ؟
أردف بعتاب :- وأنا روحت فين يا بابا ، متقلقش أنا أقدر احميها كويس ، أنا عارف إنك خايف عليها من ماما و رد فعلها لما تعرف.
أردف بحزن :- مش ناريمان بس يا شادي ، خايف من جدك و جدتك ليعملوا أي حاجة و يفرقوها عني تاني بعد ما لقيتها .
ربت على يده قائلاً :- متقلقش مش هتحصل حاجة من دي ..
ثم أضاف بمرح :- بس إيه يا عم بنتك دي إيه متوحشة عليها سنان ما شاء الله سمكة قرش علطول ، كانت قطة مغمضة هي و صغيرة لما كنت تاخدني معاك عندهم .
ابتسم بحب قائلاً بلهفة :- شوقتني أشوفها يا شادي ، حاول معاها تاني وتالت و عاشر لحد ما ترضى تيجي ، قولها أبوكي مشلول هتيجي علطول ..
أردف بدموع مكبوتة :- هيحصل يا بابا قريب إن شاء الله و دة وعد مني .
قاطع حديثهم دلوف ناريمان التي هتفت بغيظ :- إيه مالكم قطعتوا النفس كدة ، ما تتكلموا ولا دي أسرار مش عاوزني أعرف حاجة عنها .
أردف شادي بمرح :- أسرار إيه بس يا ماما ! دة أنا كنت بقوله عن أحوال الشغل و إزاي ماشي علشان ميقولش عليا مستهتر شوفت أهو ..
نظر له بامتنان قائلاً :- شوفت يا لمض ، يلا روح علشان متتأخرش و مراد يشوف شغله معاك .
أردف بفزع :- يا نهار مش فايت أنا نسيت دة هيكدرني النهاردة ، سلام يا حج ، سلام يا حجة ..
جعدت أنفها بضيق قائلة باذدراء :- حجة ! ولد أنت بتجيب الألفاظ دي منين ؟
أردف بضحك :- حد يطول يبقى حج يا ماما ، ربنا يوعدنا ..يلا سلام .
انصرف مسرعاً لعمله ، بينما تساءلت بريبة :- بقالك كام يوم مش مظبوط و عمال تتهامس مع شادي شوية و مراد شوية في إيه ؟
أردف بضيق :- مفيش حاجة يا ناريمان هيكون في إيه يعني ! هو الكلام بقى عيب !
جزت على أسنانها بعنف قائلة :- ماشي يا مجدي براحتك ، أنا نازلة النادي وهاخد شيري معايا ، تشاو .
قالت ذلك ثم غادرت الغرفة ، فنظر لطيفها بحزن ، فهي لم تكلف نفسها أن تسأل على حالته حتى و تساءل بسخرية :- أين ذاك الحب الذي أدعته من قبل والذي بسببه بقي هو معها بعد أن خططت بنجاح للإيقاع به منذ زمن ؟!
تنهد بقهر وهو يتذكر تلك التي كان إلى جوارها طفلاً وليداً ، و برحيلها رحلت روحه معها فلم يتبقى غير شبح باق ، جسد بلا روح يزفر و يستنشق الأنفاس لا أكثر .
بقلم زكية محمد
______________________________________
بكاء الصغير و استماتته على رأيه بالنزول لرؤية جده موسى ، جعلها ترضخ له ، و بداخلها يخشى الخروج من الأساس فبأي وجه سيقابلونها بعدما حدثت تلك الواقعة ؟!
أثناء نزولها درجات السلم ، لاحظت بعض النسوة وهن يطالعنها بازدراء و ضيق دب الرعب بقلبها ، و تساءلت ماذا حدث يا ترى لتنال تلك النظرات التي بمثابة الرصاص الحي ؟
وصلت أخيراً للطابق المتواجد به عمها ، و وضع الصغير كفه الرقيق كعادته على الجرس ، ففتحت زوجة عمها الباب التي طالعتها بضيق خفي ، لاحظته الأخرى لتزدرد ريقها بتوتر ، فهتفت بشفاه مرتجفة و ابتسامة تتراقص على جمر :- صباح الخير يا مرات عمي ، هو ...هو عمي موسى موجود ؟ أصل أحمد عمال يعيط و عاوز جده .
اغتصبت ابتسامة مصطنعة قائلة :- أدخلي يا مريم ، موسى جوة بيفطر .
دلفت وهي تشعر بالصقيع يسري بأوردتها رغم دفئ الجو . تململ الصغير لينزل سريعاً من على ذراعي والدته و يركض ناحية جده بحماس ، ليحمله موسى و يضعه على قدميه بحنو قائلاً :- صباح الفل يا أبو حميد ، إزيك يا مريم عاملة ايه ؟
ابتسمت بوجه شاحب قائلة بأدب :- صباح الخير يا عمي ، الحمد لله بخير ، انتوا عاملين ايه ؟
أردف بود :- فضل و نعمة يا بنتي الحمد الله ، تعالي افطري .
هزت رأسها بنفي قائلة :- أاا....لا قصدي بالهنا يا عمي ، أصل معايا شغل هروح اخلصه ، أنا بس جبت أحمد علشان ينزل معاك الوكالة ، بالإذن ..
انصرفت سريعاً لتتفادى نظرات زوجة عمها الحارقة ، بينما زفرت عواطف بضيق قائلة :- نقول إيه أدي الله و أدي حكمته ، شوفت شورتك يا حج شوفت ، أدينا أتفضحنا وسط العمارة و الهانم عاملة من بنها .
أردف بضجر :- يا عواطف خلي اللي يقول يقول هو من إمتى الناس بتسكت ؟!
مطت شفتيها بضيق قائلة :- مش جوازة إسلام يا حج ، ظلمت الواد معاها .
أردف بصرامة :- عواطف ! الكلام دة ما يتفتحش تاني ، شوفي وراكي ايه و اعمليه .
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- حاضر يا حج لما نشوف اخرتها ايه ..
تجر ساقيها اللذين أصابهما التخدر ، فلم تستطع أن تحملهما ، و دقات قلبها تعلو بصخب ، لا تعلم أي معجزة قادتها و جعلتها تصل لشقة والدها ، و رفعت يدها التي أصابها الشلل الجزئي المؤقت ، و طرقت الباب وهي تسترجع كلمات النسوة أثناء صعودها " بنات آخر زمن ما صدقت أخوه مات راحت تكوش على التاني " " صاحبة خاينة للعيش و الملح " .
فتحت الباب والدتها التي ابتسمت لها بتوتر ، سرعان ما اختفت حينما لاحظت وجه ابنتها الشاحب فهتفت بقلق :- مريم مالك يا بنتي ؟ مالك يا ضنايا ؟
جذبتها برفق للداخل ، و جلستا على الأريكة ، فأردفت توحيدة بقلق :- مريم انطقي يا ضنايا ، فيكي إيه ؟!
هزت رأسها بضياع يميناً و يساراً قائلة :- مش عارفة ، الناس بتبصلي وكأني عاملة عملة ..هما ...هما عرفوا باللي حصل ؟
هزت رأسها بأسى قائلة :- هو أنتِ عرفتي ؟
اتسعت عيناها بذعر قائلة :- ققصدك إيه بعرفتي ؟ يا مصيبتي يا مصيبتي ، حرام عليكم والله ما عملت حاجة ، قالوا إيه يا أما و عرفوا إيه ؟
أردفت بحزن :- بيقولوا إنك خطفتي إسلام من أسماء بعد ما أمه اتفقت على الخطبة و قراية الفاتحة .
شهقت بصدمة قائلة :- نعم ! خطفت إسلام ! هي حصلت يقولوا عليا كدة ، أنا مخطفتش حد أنتوا اللي غصبتوني قوليلهم يا أما بالله عليكي قوليلهم .
أردفت بذعر من حالتها :- حاضر يا حبيبتي حاضر ، أهدي يا قلب أمك ...
ألقت بنفسها بين ذراعي والدتها ، و انهارت في موجة بكاء عميقة تقطع نياط القلوب ، لم كل شئ يسير عكس ما تريد ، حتى الشخص الوحيد الذي تمنت قربه ، لم يتركوا لها الفرحة .
سالت دموعها على ابنتها ، تشعر بالعجز تجاهها ، تلك الشعلة التي انطفئت قبل أوانها .
خرج صوت مريم الباكي قائلة بوجع :- تعبت يا أما والله تعبت ، هما ليه مستكترين الفرحة عليا ؟ مش من حقي يعني ! مين اللي قال الكلام دة يا أما ؟
أردفت بحذر :- أسماء و أمها ..
تخشب جسدها ، و انقطعت وتيرة أنفاسها، و أردفت بتلعثم :- أس....أسماء ! هي اللي قالت عني كدة ؟ لا لا هي ما قلتش كدة دول كدابين .
أردفت بضيق و قسوة :- لا مش كدابين أنتِ اللي هبلة يا مريم ، أديكي اللي بتدافعي عنها ومش راضية تقولي سرها هي اللي قالت الكلام دة ، فوقي بقى فوقي ..
أردفت بدموع :- هي دي جزاتي يعني ! بعد كل اللي عملته معاها تكون دي النهاية !
أردفت توحيدة بانتباه :- أيوة بقى قوليلي عملت إيه وأنا هفضحهالك بت المفضوحة دي ..
هزت رأسها بعنف قائلة :- لا يا أما حرام ، مينفعش حرام عليا خافي ربنا .
مسكتها من ذراعها بعنف قائلة بصراخ :- وهي ماخفتش ربنا ليه ؟ بطلي عبط بقى ..
أردفت بضياع :- أنا هروحلها لازم أواجهها ..
مسحت عبراتها بعنف ، ثم توجهت للخارج بجنون ، بينما أردفت هي بغيظ :- بت دماغها حجر بصحيح ، ربنا يستر لما تعرف باقي اللي إتقال عليها ، بس يلا علشان تتعلم و تبطل الهبل اللي هي فيه دة .
وصلت بسرعة البرق للأسفل ، و طرقت الباب بحدة و ألسنة اللهب تتصاعد منها . فتحت الباب والدة أسماء التي قوست شفتيها بغل ، تجاهلته مريم ببراعة قائلة بهدوء :- صباح الخير يا خالتي نسمة ، أسماء موجودة ؟
هتفت بضيق فشلت في إخفاءه :- اه قاعدة جوة بتذاكر .
أردفت بهدوء :- طيب ممكن أشوفها ؟
تنحت قليلاً من أمام الباب ، و أشارت لها بالدلوف ، فولجت هي على الفور و فتحت الباب كالعاصفة ، فظنت الأخرى أنها والدتها :- في إيه يا أم....
توقفت الكلمات على لسانها ، و شعرت بجفاف حلقها حينما وجدت مريم ماثلة أمامها ، و سرعان ما أخذت تنظر لها بغل ، فلم تتحمل تلك النظرات التي تطلقها نحوها فهتفت بانفعال :- بتبصيلي كدة ليه ها ؟ نفسي أعرف إزاي جاتلك الجرأة إنك تقولي عليا كدة ! بعد كل اللي استحملته علشانك ! دة جزاتي يا أسماء دة أنا خدت ضرب من أبويا الحمار ما بيخدهوش و دة كله علشانك ، علشان خايفة عليكي تقومي تعملي كدة ؟ ساكتة ليه انطقي..
نهضت ببرود من مكانها و توقفت قبالتها و صرخت بوجهها بغضب قائلة :- علشان إنتي السبب في كل اللي حصل ، انتي اللي خططتي لكل دة ، إنتي قصدتي تأذيني يا جبروتك يا شيخة ....
______________________________________
تعمل بجدية غير مسبوقة منها حتى تهرب من الواقع ولا تسمح لعقلها مجرد الاقتراب من تلك الأسئلة و الحديث الذي سمعته من ذاك المدعو أخيها ، الذي يأتي يتودد لها يومياً بأن تذهب معه لرؤية والدها ، إلا أنها كانت ترفض ذلك في كل مرة ، فهي لم تستوعب الأمر بعد .
بالخارج أتت سندس لرؤيتها و هتفت بهمس لآلاء :- لسة برضه قاعدة ؟
مطت شفتيها بأسى قائلة :- أيوة لسة بتشتغل ، دي عاملة زي الآلة اللي بتشتغل بالأمر .
هزت رأسها بحزن قائلة :- طيب أنا هدخلها و أشوفها ، دي رافضة تتكلم معايا في البيت في الموضوع إياه ..
دلفت بعد أن طرقت الباب ، و جلست بهدوء مقابلتها ، ثم تنحنحت قائلة بمرح :- إيه يا رحيق يا حبيبتي مش نفسك تاخدي break و تشربي عصير فراولة من اللي بتحبيه .
هتفت بجمود :- مش عاوزة ورايا شغل عاوزة أخلصه .
زفرت بضيق من صمتها القاتل ذاك ، و ردودها المقتضبة ، و لكن يجب من وضع حد للأمر و إنهاءه ، فأردفت بصرامة :- رحيق بصيلي هنا و اسمعيني لحظة .
نظرت لها بانتباه قائلة بهدوء :- أيوة يا مدام سندس !
أردفت بصرامة :- بصي بقى الموضوع طول و بقي سخيف أوي ، ممكن أفهم ليه مش راضية تقابلي أهلك لحد دلوقتي ، و أخوكي شوية و هيبوس رجلك وأنتِ مصدراله الوش الخشب !
طالعتها بصدمة ، وقد فهمت الأمور بشكل خاطئ حيث أردفت بانكسار :- أنا مش عاوزة أروح عند حد ، و لو متقلة عليكي هاخد هدومي و أمشي ، ربنا ما بينساش حد .
جحظت عيناها بصدمة قائلة :- نعم ! هو أنتِ مفكراني بقولك كدة علشان تمشي ؟ لا دي راحت منك خالص ! رحيق أنا بس عاوزاكي تعيشي في وسط أهلك و تحسي أن ليكي سند في ضهرك ، إنما موضوع إنك تمشي دة يشهد ربنا إني مش عاوزة أسيبك أبداً ، بس أنا مش هكون أنانية .
أردفت بوجع :- عاوزاني أروح عند ناس معرفهاش لوحدي ، وأقعد وسطهم ! واحد بيقول أنه أبويا مسافرش زي ما بيقولوا لا دة متجوز و مخلف عادي و رماني ملطشة للكل ! لا لا مش هقدر أنا مكتفية بيكم ، مش عاوزة أتوجع كفاية اللي شفته كفاية .
قوست شفتيها بأسى قائلة :- حبيبتي أي حد بيروح مكان جديد عليه بيحس الاحساس دة لما تتعودي هتحبيهم .
رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- والله ! أحبهم ! أحب مرات أبويا ! بتهزري صح ؟! لو سمحتي أنا عاوزة أقعد لوحدي أنا هروح ..
و كالعادة تركتها فهي تخشى المواجهة ، وليست في أتم الاستعداد لها .
نزلت للأسفل ، و قد غلفت دموعها طبقة كرستالية فالبكاد ترى ما أمامها بتشوش ، تشعر بالنقيض ، تريد أن تركض لوالدها لتنعم بحنان الأب الذي لم تجربه من قبل ، و عقلها ينهرها أنه لم يسأل عنها و تركها تعاني بمفردها .
ظهرت فجأة سيارة سوداء على آخر الطريق ، و بلحظة تم جذبها لداخلها ، و ما كادت أن تصرخ حتى شعرت بخدر يسري في أوصالها عندما وضع أحدهم مخدر على أنفها فغابت عن الوعي سريعاً ، ولا تعلم إلى أين سيكون مصيرها .؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
هزت رأسها بعدم فهم ، و كاد الجنون يعصف بها ، فهتفت بعصبية شديدة :- قصدك إيه بإني السبب ها قصدك إيه ؟
هتفت بخفوت لكي لا يصل الحديث لوالدتها ، كما أنها شكرت القدر لعدم وجود والدها في تلك اللحظة :- أنتِ اللي كلمتي الولد و خلتيه يقرب مني و يستغلني علشان ألجألك ، و روحتي معايا علشان تظهري في دور البطلة اللي أنقذتني ، بس طبعاً بعد ما تخلي إسلام يشوفني هناك علشان يصرف نظر عن الموضوع ، وبجد هايل أديكي أتجوزتيه زي ما أنتِ عاوزة بالظبط.
هزت رأسها بعنف وهي لا تصدق أن أسماء الضعيفة التي أتت لها تترجاها أن تخلصها من تلك المحنة هي نفسها من تقف أمامها و تلقي عليها بتلك الاتهامات! فأردفت بدموع مكبوتة :- أسماء قوليلي أنك بتهزري صح ؟ قوليلي الله يخليكي .
أردفت بتهكم :- و دي حاجة يتهزر فيها ! إيه عاوزة تبرأي نفسك من عملتك دي ؟!
أردفت بذهول و الصدمات تتلاحق عليها :- حرام عليكي ، إزاي أنا هعمل كدة فيكِ وأنا مكنتش أعرف حاجة غير لما جيتي قولتيلي ، إزاي تتهميني بالقرف دة ؟ دي آخرتها !
أردفت بجمود :- مش دة جزء من خطتك ولا متهيألي ؟! هو قالي على كل حاجة و عرفني الإتفاق اللي بينكم وقالي كمان أنه هيشوف شغله معاكي استلقي وعدك يا حلوة ، شوفتي بقى الكفة كلها اتقلبت ضدك ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها ..
صاحت بدفاع عن نفسها :- أنا معملتش أي حاجة من اللي بتقولي عليها دي يا أسماء ، أنتِ زي أختي هعمل فيكِ كدة ! صدقيني .
دلفت والدتها في تلك اللحظة قائلة بضيق :- جرا إيه يا دلعدي جاية تتهجمي على البت في بيتنا ، عمالة تتلوني عليها علشان تسامحك بعد اللي عملتيه ! على العموم بنتي قمر وألف مين يتمناها روحي أشبعي بيه إسلام ..
أردفت بصراخ :- و سمعتي اللي حطتوها في الأرض أنتِ وبنتك مين هيرجعهالي ها ؟ ردوا عليا .
رفعت حاجبها قائلة بقسوة :- دة بس علشان تحرمي و تعرفي أنتِ بتلعبي مع مين يا حلوة .
طالعتهن بقهر ، و زمت شفتيها بأسى قائلة :- لأول مرة في حياتي هكره نفسي و هكره شوية مبادئ وصلتني للي أنا فيه دة ، و لأول مرة أستاهل اللي يجرالي طالما ماشية ورا شوية قواعد ملهمش تلاتين لازمة في الزمن دة ، و بجد ندمانة إني ساعدتك ، بس أنا أحسن منك مش هفضحك ، حسبي الله ونعم الوكيل هسيب حقي لربنا وهو اللي هياخدهولي منكم ومن كل اللي ظلمني ..
أنهت كلماتها و غادرت بسرعة المكان ، و قلبها ينزف بجروحه الغائرة ، و تمنت في تلك اللحظة أن تُوارى تحت الثرى ، بينما هتفت نسمة بحدة :- تفضحك إزاي يا بت ؟
أردفت بتلجلج :- أاا...دي بتكدب يا أما و بتقول أي كلام ، دي مش ساهلة ..
أردفت بتأكيد :- أيوة ربنا يرحمنا من شرها بت توحيدة دي ..
تلقتها على السلم فهتفت بذعر :- مريم ...مريم حبيبتي أنتِ سمعتي باللي حصل ؟
ألقت بنفسها بين ذراعيها قائلة ببكاء :- هموت يا بثينة قلبي وجعني و حساه بينزف .
أخذت بيدها إلى الأعلى، و دلفتا لشقتها ، ثم جلستا على الأريكة فأردفت بعتاب و ضيق :- شوفتي ! شوفتي أخرتها أهي طلعت من الليلة و لبستيها لوحدك .
أردفت ببكاء :- مكنتش فاكرة أنها هتعمل كدة ، و بعدين أنا معرفش مين دة اللي بتقول أن أنا اللي خططت معاه ، و الله ما استاهل أبداً اللي عملته .
زمت شفتيها بعبوس قائلة :- علشان طيبة و الطيبة في الزمن دة ما بتوكلش عيش يا مريم ، كله بيدوس على كله علشان مصلحته ، دة أنتِ حتى مرضتيش تقوليلي عن سبب مرواحك معاها ، و أعرف زيي زي الغريب ، أنا مش بلومك بس مش عاوزاكي تتعاملي مع الكل بصفو نية .
أردفت بوجع :- مقدرش أشوف حد محتاج مساعدتي و أقوله لا .
أردفت بانفعال :- و أديكي أهو مدتيلها إيدك لكن هي عملت إيه ؟! عضتها يا مريم و رمتها ونكرت الجميل.
أومأت بخفوت قائلة :- عندك حق يا بثينة أنا اللي غلطانة و أستاهل ضرب الجزمة ، أنا كل اللي بيحصلي لحد دلوقتي بسبب غبائي .
أردفت بهدوء :- لا متقوليش كدة العيب مش عندك ، و بعدين ما أتعودتش عليكي كدة أنا فين مريم القوية اللي ما بتستسلمش بسهولة كدة .
أردفت بتهكم :- خلاص ماعدتش تتحمل أكتر من كدة ، جبت آخري يا بثينة ، يا رب أموت و أرتاح و أريحهم مني ..
أردفت بعتاب :- بعد الشر عنك متقوليش كدة يا مريم متنسيش أحمد اللي محتجالك .
ابتسمت بحب على ذكر هذا البرئ الصغير قائلة :- صدقيني هو الحاجة الوحيدة اللي مصبراني على مر الأيام.
أردفت بحنو :- يبقى متقوليش الهبل دة تاني ، سامعة ؟
احتضنتها بحب قائلة :- ربنا يخليكي ليا يا بوسبوس ، أنتِ الوحيدة اللي بتستحملي قرفي .
ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- مش هرد عليكي ، قومي يا بت قومي فرفشي كدة ، ألا بالحق إيه أخبارك مع اللي ما يتسمى؟
قوست شفتيها بعبوس قائلة :- متقوليش عليه كدة .
رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- من امتى؟! ولا السنارة غمزت ولا إيه العبارة ؟
تنهدت بحزن قائلة :- لا غمزت ولا نيلة دة بني آدم رزل أصلاً و ما بيحسش .
ضحكت بصخب قائلة :- لا دة أنتِ شكلك معبية منه على قلبك قد كدة ! قوليلي عمل فيكي إيه المزغود ؟
_____________________________________
أمام قصر فخم مصمم على الطريقة الحديثة ، توقفت سيارة سوداء ، و نزل منها ذلك المتعجرف، وتوقف للحظات قبل أن يلمح سيارة ابن عمه .
قطب جبينه بتعجب، و وقف يشاهد ارتجال شادي السريع ، و إلتفافه يميناً و يساراً بشكل يثير الريبة ، فوقف يراقبه بفضول .
اتسعت عيناه بصدمة حينما رآه يفتح الباب الخلفي ، و يميل قليلاً ليحمل ذلك الجسد والذي لم يكن سوى لرحيق ، ثم غلق الباب بقدمه ، واستدار ليدلف بهدوء .
ما إن سار للداخل بحديقة القصر ، أوقفه صوته الجامد قائلاً بدهشة :- بتعمل إيه يا حيوان ؟!
اعتصر عينيه و زفر بغيظ ، ثم استدار ناحيته قائلاً :- زي ما أنت شايف .
رفع حاجبه بشك قائلاً :- هي نايمة ولا أنت مخدرها ؟!
ابتسم ببلاهة قائلاً :- إزاي عرفت ؟ أيوة أنا مخدرها .
أردف بتهكم :- و ملقتش طريقة غير دي تجيبها بيها هنا !
أردف بضجر :- أهو كان على إيدك ، دماغها الحجر دي اللي عاوزة تتكسر مش نافع معاها اللين يبقى نتعامل بالقوة ، أنا هوديها لبابا اللي هيموت و يشوفها .
أردف بجمود :- و الباقي يعرف باللي يحصل ؟ مهدتلهم يعني ولا اتصرفت بغباء كالعادة من غير ما تدرس أبعاد الموضوع !
رفع شفته العليا قائلاً بتهكم :- أبعاد ! ليه هرسم مجسم !
هز رأسه بيأس قائلاً ببرود وهو يهم بالدلوف :- براحتك اعمل اللي أنت عاوز تعمله .
دلف للداخل بسرعة ، بينما توقف هو يستوعب كلماته قائلاً بخفوت :- هو قصده إيه بكلامه دة ؟ ما هما مسيرهم هيعرفوا ، أنا هدخل بيها وخلاص ما هو الموضوع لازم يتعرف هنفضل نخبي فيه لحد إمتى ؟
ثم ألقى نظرة على تلك الغافية قائلاً بضحك خافت :- مين يصدق القطة الشرسة هي نفسها الملاك اللي نايم دة ! اه لو تفضلي كدة من غير ما تنشفي راسك .
دلف للداخل وهو في حالة تأهب ما إن يراها أحد معه ، حبس أنفاسه و خطى بخطا رزينة ووجد ما توقعه .
كانت والدته تجلس برفقة زوجة عمه و جدته اللاتي طالعنه بذهول ، عندما وجدوه يحمل جسد فتاة غائبة عن الوعي .
نهضت ناريمان بسرعة البرق و هتف بحدة :- مين دي يا شادي ؟ وازاي تجيبها هنا بالشكل دة ؟
هتف بحذر :- دي ...دي رحيق يا ماما ..
تصلب جسدها بذهول ، و حاولت تكذيب القادم حينما سألته بحذر :- أيوة يعني رحيق دي جايبها من أي مصيبة ؟
أردف بضيق :- رحيق أختي يا ماما ..
صاحت بغضب عارم :- أختك مين أنت اتجننت ! شيري بس اللي أختك، أمشي أرمي الزبالة اللي معاك دي برة و كفاية تخاريف .
أردف بضيق :- يا ماما دي أختي مش زبالة ، بابا عاوز يشوفها .
صاحت بجنون :- أيوة قول كدة باباك ! بقى هو اللي باعتك بيها ، مش كنا خلصنا منها ومن أمها .
ضيق عينيه بانتباه قائلاً :- قصدك إيه ؟
انتبهت لما تفوهت به قائلة :- ما اقصدش ، تعالي شوفي يا سلوى هانم حفيدك و عمايله !
نهضت هي بدورها صائحة بقسوة :- بنت الخدامين دي استحالة تقعد هنا ثانية واحدة ، أطلع وديها مطرح ما جبتها يا شادي .
أردف بجمود :- والله بابا هو اللي هيقرر....
تخطاهن ، و صعد للأعلى بها ضارباً بكلامهم عرض الحائط ، بينما صاحت ناريمان بجنون :- إلحقي يا سلوى هانم مصيبة ! إيه اللي جابها تاني مش ماتت خلاص ...مش ..
نهرتها بغضب كي تكف عن الثرثرة قبل ان يفتضح أمرهما قائلة بصرامة وهي تتطلع إلى لميس :- أخرسي هتفضحينا ! أهدي و اعقلي لحد ما نشوف الموضوع إيه ..
اشتعلت النيران بصدرها ، فهي تمقتها لأنها ابنة غريمتها التي فضلها عليها ، و ظنت أنها قد تخلصت منهما ولكن للقدر رأي آخر .
صعدت للأعلى وهي تزفر بغيظ وغضب لو تجسد لحرق الأخضر و اليابس ، بينما نظرت سلوى أمامها بذهول ، فقد ظهرت تلك المرة ابنتها ، ابنة تلك التي أخذت منها ابنها و جعلته يتخلى عن ثراءه و ينزل لمستواها المتدني ليرتبط بابنة السائق خاصتهم رغم أنف الجميع ، فلم يعبأ باعتراضهم ولا بأي شئ آخر و تزوجها.
جزت على أسنانها بغضب ، فيبدو الماضي لم تغلق أبوابه بعد ، وأن عليها أن تتوخى الحذر في الآتي و توابعه ، و أخذت تتوعد لها بداخلها .
طرق الباب و فتحه بصعوبة ، و دلف وعلى وجهه ابتسامة مشرقة و حماس لرؤية رد فعل والده ما إن يراها .
كان يقرأ في أحد الكتب عندما دلف هو لتنسحب أنفاسه ، و يتوقف العالم من حوله ، و أخذ يرمش بسرعة لعله يحلم .
ابتسامة عريضة توسطت وجهه قائلاً بتلعثم و فرحة تغزو أوصاله :- ه...هه...هي بنتي ...بنتي رحيق ..
أومأ له بتأكيد قائلاً بحنو :- أيوة يا بابا هي رحيق بنتك .
أردف بقلق بالغ حينما لاحظ سكونها :- طيب هي ليه كدة ساكتة ؟! هو حصلها حاجة ؟
قاطعه قائلاً بهدوء :- متقلقش يا بابا هي كويسة ، أنا هنيمها جنبك علشان لما تصحى تشوفك .
أردف بلهفة و فرحة طفل ليلة عيد بملابسه وهو يعدل من وضعية الوسادة :- هاتها هنا يا شادي ، حطها جنبي خليني أشوفها و أشبع منها .
ممدها برفق وخلع حذائها برفق ، و دثرها جيداً بالغطاء ، بينما تجمعت الدموع سريعاً في مقلتي مجدي وهو في حالة عدم تصديق أنه أخيراً رأى ابنته بعد عملية بحث عنها دامت لسنوات في الخفاء .
مد يده المرتجفة يلمس وجهها بحنان أبوي ، و ابتسم بحب فهي نسخة من زوجته الراحلة .
نظر لشادي قائلاً بلهفة :- هي مالها يا شادي نايمة في الوقت دة ، مش غريبة ؟!
تنحنح بحرج قائلاً بحذر :- أصل يا بابا ... أنا.. أنا خدرتها علشان أعرف أجيبها هنا .
حدق به بذهول قائلاً :- عملت إيه ؟! أنت متخلف ولا جرا لعقلك حاجة !
أردف بضيق و تذمر :- يا بابا يعني رضيت تيجي معايا بهدوء و أنا قولت لا !
هز رأسه بيأس قائلاً :- هتفضل كدة مجنون لحد إمتى دة حتى أنت الكبير .
أردف بمرح :- جرا إيه يا حج هي رحيق هتكوش على قلبك و تاخدك مننا ولا إيه .
ابتسم لابنه قائلاً :- أنتوا التلاتة غلاوتكم واحدة عندي ، أنتوا اللي طلعت بيكم ، بس مشتاقلها شوف كام سنة وأنا بدور عليها لحد ما يئست .
هندم ملابسه بغرور مصطنع قائلاً :- علشان تعرف بس العبد لله قدها و قدود .
ضحك بخفوت قائلاً :- اه لو ناريمان هانم تسمعك .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردف بذعر وهو يطالع الباب :- لا أبوس إيدك بلاش مش عاوز اسمع محاضرة مطولة أنا ، طيب أنا هسيبك مع الجو شوية و راجعلك..
بعد خروجه ، بينما أخذ هو يمسد على حجابها بحنان ، و مال على جبينها و قبله بقوة ، ثم سند رأسه على خاصتها ، و نزلت دموعها بغزارة قائلاً بندم :- سامحيني يا بنتي ، عشتي عمرك دة كله لوحدك من غير ما أعرف عنك حاجة ، و الله يا بنتي يشهد ربنا إني مبطلتش أدور عنكم لحظة بعد ما اختفيتوا من غير ما أعرف حتى أختفيتوا ليه ، ويوم ما أعرف أخبار عنكم أتفاجئ بأن فاطمة ماتت وإنتي الله أعلم فين ، بس أنا مش هسيبك أبداً بعد كدة ، يلا فوقي و فتحي عيونك الحلوة دي ، و بعدين هاخدلك حقك من شادي الحمار دة .
____________________________________
يجلس على مقعد خارج الوكالة خاصتهم ، ينظر أمامه بشرود ، حتى أتى صديقه محمد ، و جلس قبالته ، و لوح بيده أمام وجهه قائلاً بضحك :- مالك يا عم ؟ اللي واخد عقلك !
نظر له قائلاً بتهكم :- يتهنى بيه ، مفيش يا محمد ، أخبارك إيه ؟
أردف بود :- الحمد لله يا صاحبي ، طمني أنت عليك يا عريس ، بقى هو في واحد لسة متجوز يدوب كمل أسبوع ينزل الشغل !
كشر بضيق قائلاً :- أومال عاوزني أعمل إيه ؟
أردف بعبث :- أقعد كل عسل يا عم ، يعني أنا اللي هقولك !
أردف بضيق :- محمد نقطنا بسكاتك الله يخليك .
ضحك بصخب قائلاً :- ياض الله يخرب بيتك وأنت عامل زي الست النكدية كدة ، مالك يا أبو الصحاب بجد ؟
زفر بضيق قائلاً :- مش عارف تايه !
أردف بمرح:- أبسط يا عم لاقيتلك بيتكم تاني عمارة على......
قاطعه قائلاً بضجر :- محمد !
وضع يده على ثغره قائلاً :- خلاص مش هتكلم هسمعك و بس .
صمت قليلاً قبل أن يردف بشرود :- مش مستوعب لحد دلوقتي إني اتجوزت لا ومش كدة وبس دي مرات أخويا اللي مات ، ساعات بحس إني ندل و ساعات بحس إني مظلوم مش عارف ، أنا مش عارف أعيش طبيعي معاها و خصوصاً بعد ما ........
صمت قليلاً بما سيخبره ، فذلك السر الذي لا يعلمه سوى أفراد العائلة من وجهة نظره ولا يريد أن يعلم به أحد حتى وإن كان أقرب الأقربين ، فغير الموضوع قائلاً :- متلخبط مش عارف أعمل إيه يا محمد .
هز رأسه بتفهم قائلاً :- فاهمك يا صاحبي فاهمك ، بس أنت أتجوزتها ليه لطالما أنت شايف إن دة خيانة لأخوك ؟
أردف بكذب :- علشان دي رغبة بابا أنه مش عاوز ابن ابنه يتربى بعيد عنه فعلشان يضمن دة أتجوزتها ، أنت عارف كويس أوي أن موضوع الجواز دة برة حساباتي دلوقتي .
مط شفتيه بسخرية قائلاً :- إيه لسة بتحن لست الحسن بعد ما أتجوزت ؟!
أردف بضيق :- لا طبعاً إيه اللي أنت بتقوله دة ؟ دة أنا مبقتش بكره حد قدها .
أردف بشك :- مش واضح يا إسلام إنك نسيتها وإلا كنت عشت مع مراتك بشكل طبيعي .
أردف بحدة طفيفة :- يا بني آدم أفهم بقولك دي مرات أخويا .
قاطعه قائلاً بتوضيح :- كانت مرات أخوك إنما دلوقتي مراتك أنت ، أتغلب على نفسك يا إسلام و حارب مينفعش تبقى في الحتة دي أبداً ، ولا تخلي ماضي يتحكم فيك .
زفر بضيق قائلاً :- ربك يسهل يا محمد .
قاطع حديثهم مجئ الصغير قائلاً بطفولية :- إثلام عاوز أروح عند ماما ..
ضحك محمد قائلاً بمرح :- لا واضح إن أحمد بيحترمك أوي! إزيك يا أبو حميد مش هتسلم على عمك محمد
مد أحمد يده نحوه مصافحاً إياه قائلاً :- إزيك يا عمو محمد .
بعثر خصلات شعره قائلاً :- إزيك أنت يا أبو حميد ..
أردف بتذمر :- مش تلعب في شعري بوظته .
ضحك محمد عالياً وقدم له عبارات الاعتذار بينما أردف الصغير بإلحاح :- يلا يا إثلام وديني فوق عند ماما .
نهض قائلاً بحنو وهو يحمله :- ماشي يا لمض تعال أوديك .
بعد أن انتهت وصلة بكائها الحار ، غادرت بثينة بعد أن اطمأنت عليها ، فنهضت هي بتثاقل لتعد للصغير وجبه طعامه .
تقف أمام الموقد ، تشعر بثقل كبير برأسها ولم لا وهي أرهقت نفسها كثيراً منذ الصباح وحتى تلك اللحظة .
أنت بخفوت فالجرح جديد و لم يلتأم بعد لينضم في القائمة التي تعلن عن زيادة الجروح مولوداً جديداً آخر ، و قد فاض بالقائمة معلنة أنه هناك إنفجار سكاني ، وهي غير قادرة على إيجاد أية حلول .
أطفأت الموقد بعد أن تأكدت من استواء طعام الصغير ، و توجهت بصعوبة لغرفتها ، تشعر بتصاعد ألسنة اللهب بداخلها فتزيدها حرارة .
ألقت بنفسها على الفراش ولم تشعر بعدها بأي شئ آخر ، و لا بدلوف إسلام وأحمد .
بالخارج هتف إسلام بحنو وهو ينزله أرضاً :- يلا يا بطل روح شوف مامتك علشان أنزل الشغل.
دلف الصغير لغرفة والدته ، فوجدها تغفو على الفراش أو هذا ما ظنه . تقدم ناحيتها ، و بصعوبة صعد على الفراش وجلس إلى جوارها ، و هزها برفق قائلاً :- ماما إثحي أنا جعان ....ماما ...ماما ...
وما إن وضع يده على وجهها أبعدها على الفور قائلاً بطفولية :- وثك ثخن يا ماما ، هو أنتِ عيانة ..ماما إثحي ..
ثم قوس شفتيه استعداداً للبكاء و بالفعل انفجر الصغير في البكاء بصوت عال سمعه إسلام فأسرع للداخل و القلق حليفه.
هتف بقلق حينما رأى جسدها الساكن ، و الصغير يبكي بجوارها :- ميدو حبيبي في إيه ؟
أردف الصغير ببكاء :- ماما مش راضية تثحى و كمان ثخنة ، حط إيدك يا إثلام كدة .
أذعن لطلبه ، وما إن لمس وجنتها أردف بذعر :- دي مولعة خالص !
قال ذلك ثم حملها فجأة ، و لم يفكر كثيراً، إذ خرج و توجه بها ناحية المرحاض، و قام بوضعها في المغطس و فتح المياه الباردة عليها ، فأخذت ترتجف و أسنانها تصطك ببعضها بقوة ، بينما أخذ يبحث في رف الأدوية ولحسن حظه وجد ما يبحث عنه .
حملها مجدداً، و دلف بها لغرفتها وهنا أصابته الحيرة ، ماذا سيفعل بملابسها المبتلة ! أيذهب ليجلب أخته و تقوم بتلك المهمة أم يقوم هو بتلك المهمة ؟!
نظر للصغير و هتف بحرج :- ميدو حبيبي روح اتفرج على التلفزيون على ما أجي .
هز رأسه بنفي قائلاً :- لا أنا هقعد مع ماما لما تثحى .
أردف بروية :- هتحصى إن شاء الله ، بس ماما هتغير هدومها و مينفعش تقعد .
أردف ببراءة :- طيب ما أنت هتقعد !
جز على أسنانه بعنف فهذا ليس وقت يستخدم فيه الذكاء فهتف بهدوء مصطنع :- لا أنا هطفي النور يلا يا ميدو ماما تعبانة .
و بالفعل خرج الصغير ، بينما وضعها على الأريكة برفق ، و توجه للخزانة ليخرج لها ملابس اختارها بعشوائية والتي كانت عبارة عن بنطال يصل لما بعد الركبة و بلوزة بنصف كم .
بدل ملابسها بحرص شديد وهو يتحاشى النظر إليها ، و بعد أن انتهى مددها برفق على الفراش ، ثم التقط الحقنة وقام بإعدادها ، وهو يراقبها بتمعن ولأول مرة يراها دون حجاب و بملابس بيتية لطالما كانت متحفظة أمامه .
سمع همهمات تصدر منها ، فمال برأسه ناحيتها ليسمع ما تقول و لكنه لم يتبين شئ . مد ذراعها برفق ثم غرز فيه الإبرة ، فأصدرت شهقة متألمة ، و كأن حواسها انتبهت فهي تخشى الحقن ولا تمقت سواها .
أخذ يدلك مكان الإبرة برفق حتى عاد وجهها لطبيعته بعد أن كانت تقطب جبينها بألم . دثرها جيداً ، و ازدرد ريقه بتوتر حينما اقترب بوجهه ناحيتها وهو يدثرها ، فلم يشعر بذاته وهو يحدق بتفاصيل وجهها ، ولا بدقات قلبه الذي كاد أن يقفز من مكانه ، و كأنه يخبره أنه سيتمرد عليه .
ما إن وقع بصره للأسفل قليلاً شعر برغبة قوية في التقاط كرزيتها في رحلة طويلة ، و عند تلك النقطة دقت أجراس الخطر بعقله ، ليبتعد عنها فوراً ، يشد شعره بقوة مزمجراً بغضب مكبوت :- إيه اللي كنت هتهببه دة بس ؟ فوق بقى فوق ..
خرج مسرعاً بعد أن شعر بثقل أنفاسه بالداخل ، فأخذ يتنفس بسرعة و كأنه حُرم من الهواء في محرابها بالداخل ، توجه للغرفة المجاورة ليسحب أحد قمصانه و يرتديها بدلاً من ذاك الذي أبتل و خرج ليرى الصغير الذي هتف بسرعة :- ماما ثحيت ؟
تنهد بعمق قائلاً :- لا لسة يا ميدو ، أدتها حقنة تخفف السخونية و هتبقى كويسة بإذن الله .
شهق بخفوت قائلاً :- بث ماما بتخاف من الحقنة هروح أجبلها شكولاتة من عندي علشان مش تعيط .
أردف بدهشة :- بتخاف من الحقن ! أومال دكتورة صيدلانية إزاي ! طيب يا بطل معاك شيكولاتة ولا أنزل أشتري ؟
أردف بتأكيد :- لا معايا كتير ماما بتحطهم جوة في الدولاب بث أنا مش هلحق تعال أنت جيب أنت من جوة .
دلفا للداخل مجدداً عندها ، و توجه إسلام ناحيتها يتحسس جبينها ، تنهد براحة عندما وجد حرارتها انخفضت كثيراً عن ذي قبل .
هتف أحمد بطفولية :- الثخونية راحت ؟
ابتسم له بخفوت قائلاً :- اه راحت الحمد لله و بقت كويسة .
قفز الصغير على الفراش ، ومن ثم جلس على بطنها وأخذ يضرب وجنتيها برفق قائلاً :- ماما إثحي ..ماما .
ثم أخذ يقبل وجنتيها بحنان مثلما تفعل وهو مريض قائلاً :- أهو بوثتك علشان تخفي يلا قومي ..
وبعد عدة محاولات بدأت تحرك جفنيها و فتحت مقلتيها بضعف ، وهي تتأوه بخفوت ، فهتف الصغير بفرح :- ماما ثحيت ..
قطبت جبينها قائلة بتعجب :- ميدو أنت جيت ! أكيد جعان يا قلبي أنا محقوقالك ثانية و أكلك يبقى جاهز .
- مفيش داعي أنا غديته إرتاحي أنتِ.
انتفضت على إثر صوته فإلتفت ناحيته قائلة بفزع :- إسلام !
ثم اعتدلت في جلستها قائلة بتلعثم :- هو ...هو إيه اللي حصل ؟ وأنت إيه اللي دخلك هنا ؟ قصدي ...يعني ....
أردف الصغير بتقرير :- ماما أنتِ ثخنة وعمو إثلام شالك و وداكي تحت الدش ..
شهقت بصوت مسموع وهي تتطلع له بذهول ، بينما عض هو على شفتيه قائلاً بخفوت :- الله يحرقك يا أحمد ما بتسترش أبداً ..
مهلاً مهلاً ، نظرت لهيئتها ، وهنا تذكرت أنها عندما دلفت لهنا كانت ترتدي ملابس غير تلك ، ازدادت ضربات قلبها بعنف ، فجذبت الغطاء لتداري ما يمكن مداراته قائلة بحدة رغم وهنها :- أنت عملت إيه يا قليل الأدب ؟
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- نعم قليل الأدب! أنتِ ناسية إنك مراتي ، وإني يحقلي أعمل أكتر من كدة !
تحولت وجنتيها للون النبيذي و قاطعته قائلة بصراخ :- إيه اللي أنت بتقوله دة ؟ الولد قاعد احترم نفسك ، و بعدين بأي حق تعمل كدة ؟
رفع حاجبه قائلاً بتهكم :- الحق عليا يعني ، كنتي سخنة و بتفرفري أسيبك يعني ؟ !
تحاشت النظر إليه قائلة :- كنت بعت سامية ولا ماما .
أردف بتهكم :- ولما يجوا و يشوفوا وضعنا دة هيقولوا إيه يا أم مخ تخين ! الحق عليا كنت سبتك تفرفري كدة علشان تعرفي إن الله حق .
ذمت شفتيها قائلة بضيق :- أنت هتزلني ! متشكرين يا سيدي نردهالك لما تمرض .
حدق بها بذهول قائلاً :- بتتمنيلي المرض يا مريم ، يعني دي أخرتها ! اه من لسانك دة اللي عاوز يتقطع .
أردفت بغيظ :- لو سمحت ما تغلطش فيا ، فاهم ؟ و بعدين ماتوهش إزاي تغيرلي هدومي يا قليل الادب ؟
ضحك مغلوباً على أمره قائلاً :- والله العظيم يا جدع !
ثم نظر لها قائلاً بجرأة و وقاحة :- أيوة غيرت هدومك وشوفت كل حاجة يا رب ترتاحي بس !
ثم أردف بخبث كاذب :- وكمان إيه كنتي وحش ، هو أنتِ مش فاكرة حاجة ؟ يا خسارة ! على العموم هبقى أفكرك بس وقت تاني ..
أنهى كلماته وهو يغمز لها بعينه ، بينما تراجعت للخلف بصدمة ، و تراخت أعصابها ، وهتفت بخوف :- عععع......عملت إيه ؟ أرجوك قولي ..
نظر لها بتسلية وهو يتابع شحوب وجهها فمال على أذنها يهمس لها بكلمات ما إن نهاها ، تراخى جسدها و فقدت الوعي على الفور .......بقلم زكية محم
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ظل طيلة الوقت الغافية فيه يراقب كل تفصيلة فيها دون كلل ، تلك الغائبة التي ستعوضه رحيل الأخرى و ستدخل الفرح لجدران قلبه المعتمة .
شعر بها تتململ دليل على استيقاظها فأخذ يطالعها بحماس ، وهو يرتب كلماته التي سيخبرها إياها .
فتحت عينيها بضعف ، و أخذت تجول بأنظارها في المكان ، فوجدت نفسها بغرفة عصرية حديثة ، أخذت تطالعها بإنبهار شديد ، فجلست نصف جلسة ، تدرس كل تفصيلة بها ، غافلة تماماً عن ذلك الذي يود زرعها بين أضلعه ولا يتركها أبداً .
بدأت تتساءل بداخلها عن هوية ذلك المكان ، ومن قام باحضارها إلى هنا ؟!
وقع بصرها على والدها الممدد بجوارها ، فأطلقت صرخة عالية ، و قفزت من مكانها بذعر قائلة بخوف و تلعثم :- أنت.... أنت مين ؟
ابتسم لها بوجع قائلاً :- مش عرفاني يا حبيبتي !مش فكراني ؟!
هزت رأسها بنفي قائلة بذعر :- لا أنا مش عرفاك .... أنا... أنا عاوزة أروح ..روحوني.. أنتوا عاوزين مني إيه ؟
أردف بحنو و دموع علقت بعينيه :- أنا باباكي يا رحيق ، باباكي يا حبيبتي ، تعالي قربي مني نفسي أحضنك و أشبع منك .
نظرت له بصدمة قائلة :- أنت .... أنت أبويا ؟
أومأ بتأكيد قائلاً بلهفة :- أيوة يا قلبي أنا أبوكي يا رحيق ، أبوكي اللي هيموت عليكي كل السنين اللي فاتت كلها و يشوفك .
نظرت له بتهكم قائلة :- والله ! كنت فين السنين دي كلها و أمي بتموت ، وأنا اللي الدنيا بتلطش فيا ، دلوقتي جاي تقولي أبوكي ! أنا عاوزة أمشي، مش هقعد هنا أبداً ، أنت فاهم ؟
وما إن همت لتغادر الغرفة ، أردف بوجع و توسل :- يا بنتي تعالي بس كلميني ربنا يهديكي أنا مش قادر أقوم .
أردفت بتهكم قاس :- ليه مش قادر تقوم ؟! رجليك منملة !
هز رأسه قائلاً بوجع :- لا علشان مشلول يا بنتي ، أنا لو بقدر أمشي كنت قومت حضنتك و مخلتكيش تفارقيني أبداً .
أردفت بتلعثم :- ممشلول!
هز رأسه قائلاً بابتسامة عريضة :- أيوة يا بنتي مشلول ، قربي مني بلاش تتعبيني .
رق قلبها له حينما رأت نظراته المتوسلة لها ، و سارت بخطوات مرتجفة ناحيته ، و جلست على استحياء بالقرب منه ، فابتسم لها بحب قائلاً :- بتبصي للأرض ليه ، مش عاوزة تشوفيني ولا تحضنيني ؟! تعرفي أنا بقالي ثلاث ساعات ببص عليكي وأنتِ نايمة بحفظ ملامحك جوة قلبي ، و أنا طاير من السعادة إني أخيراً لقيتك .
ثم فتح ذراعيه لها قائلاً برجاء :- ممكن أحضنك يا بنتي ؟
شعرت بالذنب ينهش أعماقها من ترجي والدها لها بهذه الطريقة ، فأومأت برأسها بسرعة ، و اندفعت نحوه كالقذيفة لتستقر بين ذراعيه ، احتضنته بقوة وكم شعرت بالدفئ ، وكأنها تملك العالم وحدها ، و سرعان ما شقت دموعها مجراها .
أخذ يقبل رأسها بلهفة و ندم قائلاً :- سامحيني يا بنتي، سامحيني . ليكي حق تكرهيني بس والله دورت عليكم كتير ملقتكمش ..
قاطعته قائلة بلهفة :- أنا... أنا مش بكرهك يا بابا .
ابتسم لها بحب قائلاً بحنين :- يااااه من زمان ما سمعتهاش منك يا نور عيني ، آخر مرة شوفتك فيها كنتي عيلة بضفاير أربع سنين قبل ما تختفوا أنتِ و مامتك .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- نختفي ! أنا مش فاهمة حاجة خالص .
أردف بحيرة هو الآخر :- ولا أنا يا بنتي ! في حلقة ضايعة في النص ، بس مش مهم أهم حاجة إنك معايا و جنبي من تاني ، أنا مش هسيبك أبداً و هعوضك عن كل حاجة ، بس أنتِ سامحيني و أديني فرصة .
أردفت بابتسامة عريضة :- بس أنا مسمحاك يا بابا ! بس متضايقة منك إزاي تنسى ماما و تتجوز عليها و تخلف ، أنا افتكر إنها كانت بتحبك أوي و فاكرة كلامها ليا ، هي ما تستاهلش أبداً كدة !
سحب نفساً طويلاً قائلاً :- دة موضوع طويل مش وقته ، خليني أشبع منك الأول .
أردفت برجاء :- لا قولي دلوقتي .
تنهد بعمق قائلاً :- ماشي يا ستي ، أولاً أنا اتجوزت أم شادي الأول مش العكس .
شهقت بصدمة قائلة :- ها ! يعني ماما مراتك التانية ؟
أومأ بتأكيد :- أيوة ، بس لولا الظروف كانت هتبقى هي الأولى و الأخيرة . زمان يا بنتي أتحديت أبويا و أمي والكل علشان أتجوزها بس هما وقفوا في طريقي ، أمي طبعاً كانت مختارة ليا عروسة من الوسط المخملي تشرفها قدام الهوانم بتوعها ، ولما عارضتهم مش قادر أوصفلك عملوا إيه علشان يمنعوني .
نظرت له بفضول قائلة :- عملوا إيه ؟
ابتسم بخفوت عليها قائلاً بوجع :- بلاش أقولك أنتِ أبرأ من إني أقولك حاجة زي دي ، المهم اضطريت أتجوزها و بعدها بمدة خلفت شادي ، كنت عايش من غيرها جسم من غيرها روح ، مقدرتش أعيش من غيرها روحت أتجوزتها وسكنت معاها في شقة لوحدنا بعدما أترجيت أبوها يوافق ، عشت معاها أجمل خمس سنين في عمري كله ، راحت ومش هلاقي زيها تاني لحد ما في مرة روحت لقيتها اختفت بيكي من غير ما أعرف ليه !
ومن وقتها وأنا بدور عليكم زي المجنون ، و مرت سنة ورا سنة وأنا ما اعرفش عنكم حاجة ، لحد ما في مرة كنت سايق ومش واخد بالي فعملت حادثة و اتشليت بسببها زي ما أنتِ شايفة .
أدمعت عيناها بحزن عليه قائلة :- أنا آسفة يا بابا والله ما كنت أعرف .
مسح عبراتها بحنان قائلاً :- ما تتأسفيش يا حبيبة بابا ، أنتِ مش عارفة دلوقتي أنا فرحان قد إيه ، حاسس بجزء من روحي رجعتلي تاني ، و دة كفاية عليا أعيش بيه اللي باقيلي .
قبلت يده بحب قائلة :- بعد الشر يا بابا ، دة أنا ما صدقت بقالي أب ، بس يا بابا هو مين جابني هنا ؟! أنا آخر حاجة فكراها إني كنت ماشية في الشارع وفجأة حسيت بحد بيكممني بمنديل و أغمى عليا بعدها .
ضحك بصخب على ذلك الأبله قائلاً :- دة واحد مجنون أعذريه ، شادي أخوكي ..
جعدت أنفها بضيق قائلة :- البارد قليل الأدب ! ثم أردفت بتدارك :- قصدي يعني في الأول مكنتش فاكرة أنه أخويا وكدة .
ابتسم بحنو قائلاً :- دة بيحبك أوي وكان بيجي معايا ساعات ويشوفك ويلعب معاكي ، بش شكلك كدة فقدتي الذاكرة .
أردفت بحرج :- شكله كدة لأن مش فاكرة ، يمكن علشان كنت صغيرة وقتها ، بس دة ما يمنعش أنه مجنون في حد يعمل كدة !
ضحك بخفوت قائلاً :- لا دة طاقة منه ، بس وقت الجد بيبقى راجل و يعتمد عليه ، دة لما عرف إنك لسة عايشة كان هيموت من الفرحة ، أحلى حاجة فيه أنه واخد مني مش من والدته .
أردفت بود :- طيب و أختي ؟ هو قالي أن عندي أخت برده .
ربت على يدها بحنان قائلاً :- أيوة أختك شيري هي أصغر منك بسنة لسة في الجامعة بتدرس ..
صمت قليلاً ليردف بحذر :- رحيق ! في شوية حجات عاوزك تعرفيها هنا ، و مش عاوزك تقلقي أنا هقف معاكي وفي ضهرك .
أردفت بقلق :- حجات إيه دي يا بابا ؟
ضيق عينيه قائلاً بحذر شديد :- بصي هنا هتلاقي البلد مقسومة نصين ، بمعنى أوضح في ناس هتتقبلك وناس لا ، الناس اللي هتتقبلك هما عمك ومراته و مراد عادي الأمر سيان بالنسباله و ضيفي عليهم شادي كمان أما بالنسبة للباقي ..
قاطعته قائلة :- مش مرحبين بوجودي ومش طايقني ، مش كدة ؟
هز رأسه بأسف ، بينما استرسلت هي بهدوء :- بس أنا أقدر أعيش مع مدام سندس ، و هبقى أجي أشوفك كل يوم ، مش عاوزة أسبب لحضرتك مشاكل ، ولا حتى للموجودين هنا .
أردف بعتاب :- تعيشي في مكان تاني و أبوكي لسة على وش الدنيا ! اسمعي يا رحيق مش بعد ما لقيتك تقوليلي إيه ومش عارف إيه ، أنتِ هتقعدي هنا غصب عن الكل ، و لو حد ضايقك أنا اللي هقفله .
أردفت باعتراض :- بس يا بابا ...
قاطعها بصرامة قائلاً :- مفيش بس ، كلامي بس اللي يتسمع ، مفهوم ؟
هزت كتفيها باستسلام قائلة :- حاضر يا بابا ..ثم تابعت بشراسة :- بس مش هسكت لحد يهيني هنا علشان تبقى عارف .
ضحك بصخب قائلاً :- أيوة هو دة اللي عاوزه منك ، عاوزك قوية علشان تقدري تواجهيهم كلهم ، تعالي بقى أحكيلي عنك طول السنين دي بالتفصيل الممل ، مش عاوزك تفوتي حاجة مهما كانت تافهة .
_______\\\\\\\\\\\ بقلم زكية محمد//////////////____
بعد أسبوع كانت تضع الأطباق على الطاولة بعنف و غيظ شديدين ، بينما أخذ هو يتابعها بابتسامة مكبوتة ، و يتمعن بدقة لوجنتيها اللتان اصطبغتا بلون الدماء ، و شرد في ما حدث منذ أسبوع .
عودة للزمن للخلف ، أصابته الصدمة حينما رأى جسدها متراخي بين يديه فأردف بتذمر وهو يتطلع للصغير الذي يتابعهم ببراءة :- علي النعمة أمك دي ما تنفع ياض يا ميدو طبت من أول كلمة وهبلة ما شاء الله بتصدق كل حاجة ! ثم أخذ يضربها برفق على وجنتيها قائلاً :- مريم ...مريم فوقي الله يخربيت اللي يهزر معاكي .
وبعد عدة محاولات فتحت عينيها ، وما إن وجدته قريب منها بهذا الشكل زجته بخجل شديد ، و سرعان ما أدمعت عيناها قائلة بخفوت :- أنت بتضحك عليا صح ؟ قولي اه بالله عليك ، أنا.... أنا معملتش كدة ..
أردف بضحك :- طبعاً مش صح ، أنا بس بشتغلك .
اتسعت عيناها بذهول ، و سرعان ما فارت الدماء بعروقها ، و انهالت عليه تضربه في صدره بكل ما أوتيت من قوة متناسبة لكل شئ ، وهي تردف ببكاء :- يا بارد ..يا تنح.... أنت معندكش دم ..
احكم قبضتيها بقبضتيه القوية قائلاً بضحك :- بس يا هبلة ..بس يا بابا .
صرخت بتذمر :- أنا مش هبلة وسيب أيدي يا بارد .
هتف الصغير بعدائية مدافعاً عن والدته :- ثيب ماما يا إثلام ، أنت وحش و هقول لجدي موثى .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ابن أمك بصحيح ! كدة يا ميدو تبيع عمك بردو ! أنا بلعب مع ماما يا حبيبي زي ما بلعب معاك ، يلا روح استخبى علشان الدور الجاي عليك .
ركض الصغير ينفذ طلب عمه ، بينما هتفت هي بتذمر وهي تحاول الفكاك من حصاره :- سيبني بقى الله !
تركها و رفع يديه باستسلام:- خلاص أهو بس أهدي .
أردفت بانفعال :- يا برودك هو بعد كلامك دة عاوزني أهدى !
ضيق عينيه قائلاً بخبث :- أنتِ اللي ساذجة و بتصدقي أي حاجة ، و بعدين رد فعلك كانت بتدل على حاجة واحدة بس ...
صمت قليلاً ليغمز لها بعينه قائلاً بعبث :- إنك خايفة لتفضحي اللي جواكي قدامي .
دق قلبها بعنف قائلة بتلعثم :-أاا.... أنت بتقول إيه ؟ لا طبعاً دة متهيألك ..
ثم استرسلت بغضب لتخفي ذلك الاضطراب بداخلها :- وبعدين يا ريت تلتزم بإتفاقك وتطلع برة .
أردف بفحيح :؛ مش معنى إني ساكتلك من الصبح تقومي تعلي صوتك عليا ، للمرة الأخيرة هحذرك ، وهطلع برة قال يعني طالع من الجنة !
ثم أردف بتهكم قصداً منه أن يضع حداً بينهم ، حتى لا تأخذه جوارحه إلى منعطف لا يريد أن يصل إليه بتاتاً :- أوعي تفكري إني نسيت اللي حصل وهتعامل معاكي عادي ، فياريت أنتِ اللي متتخطيش حدودك و تخلي عقلك يصورلك حجات مش هتحصل أصلاً.
ألقى بكلماته و غادر ، ولم يعبأ بالشرخ الذي أحدثه بداخلها . لمعت دموعها سريعاً بعينيها سرعان ما محتهم بعنف قائلة بغضب وقهر :- لا ...لا مش هعيط تاني كفاية ...كفاية .. أنا و الوجع بقينا صحاب يعني لا جديد علينا يزود جرح ولا ينقصه ، أيوة مش هعيط
ثم أردفت بوعيد :- ماشي يا إسلام أنا هوريك و هندمك على اللي قلته دة كويس أوي
عودة للوقت الحالي و منذ ذلك الوقت وهي تحاول أن تتجنب الحديث معه ، و تتعامل معه في أضيق الحدود ، و هذا ما زاده غيظاً، ولكن هي محقة في ذلك بالأخير .
هتف بمرح وهو يرى ألسنة اللهب تتصاعد منها :- يا ساتر يارب على النار اللي طالعة دي ! عاوزين خرطوم يا ميدو ونطفي الحريقة .
هتف الصغير ببراءة :- فينها يا إثلام ؟
أردف بعبث :- طالعة من ماما حتى شوف .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ضيقت عينيها وهي تصوب له سهاماً حارقة تكاد تفتك به ، بينما أردف الصغير بتعجب :- فين النار يا إثلام ؟ أنت مش بتشوف !
انفلتت منها ضحكة صاخبة على كلمات الصغير وهتفت بتأكيد :- أيوة يا ميدو ما بيشوفش نبقى نوديه للدكتور و نكسب فيه ثواب .
أردف بغيظ :- اتفقتوا عليا يعني ! طيب هاتي العيش دة خليني أكل لقمة و أقوم أنزل الشغل .
أردف أحمد بلهفة :- وأنا يا عمو إثلام عاوز أروح معاك .
ضحك بصخب قائلاً :- بتبقى مؤدب أوي عند مصلحتك ، ماشي يا حبيب عمو ، يلا خلص فطارك الأول.
بعد تناولهم لوجبة الإفطار ، نهض إسلام قائلاً بهدوء :- يلا يا ميدو ، بس استنى الأول عاوزين نصالح ماما أصلها زعلانة مني .
فكر قليلاً ثم أردف ببراءة :- جبلها حلاوة كتير و بوثة هنا .
قال جملته الأخيرة وهو يشير لوجنته ، بينما اتسعت عينا مريم بصدمة ، فأردف إسلام بخبث :- ماشي يا ميدو دلوقتي مفيش حلاوة نجيب لما ننزل ، بس البوسة مقدور عليها .
قالها وهو يغمز لها بعبث ، بينما أخذت تطالعه بذهول وكأن على رأسها الطير ، و تحول وجهها لمحصول فراولة شهي يذهب بالعقول .
شهقت بقوة ، و تراجعت للخلف عندما وجدته يميل ناحيتها فأردف بعبث :- إيه أثبتي أنا بنفذ نصيحة ابنك .
خرجت حروفها المتقطعة بصعوبة :- أااا... أنت هتعمل ايه ؟ أبعد يا قليل الأدب !
طبع قبلة سريعة على وجنتها ، خطفت أنفاسها، و شعرت بدوار عنيف أجتاحها بضراوة ، وبدأت تتنفس بثقل .
أردف بقلق :- إيه ؟ هتفيصي تاني ولا إيه ؟ لا أهدي كدة واتنفسي واحدة واحدة ...
بدأت تنفذ تعليماته حتى عادت أنفاسها لطبيعتها ، وانصرفت للداخل تختبئ من تلك المشاعر حتى لا تظهر أمامه و يفتضح أمرها ..
_____________________________________
ليلاً تجلس على إحدى الأرائك بالحديقة الشاسعة المساحة الخاصة بالقصر ، متخذة مكان بمفردها بعيداً عن هؤلاء الذين تشعر بالغربة معهم ، على الرغم من أنهم جزء منها وهي كذلك .
أتذرف الدموع و تنعي حظها العثر ؟ لا لا هذا ليس خياراً متواجداً في قاموسها .
زفرت بضيق بسبب كومة الأوراق التي أمامها ، و التي تخطط فيها ببعض الكلمات . أخذت تبعثر في الأوراق بشكل عشوائي قائلة بتذمر :- و بعدين بقى هتصرف مع شوية الحوش دول لوحدي إزاي ؟
ثم امسكت ورقة لتقرأ ما بداخلها قائلة :- الحرباية ناريمان هتصرف معاها إزاي ! والحجة اللي مش عاوزة تكبر دي بردو ؟ البت شيري مقدور عليها ، إنما دول عاوزين تكتيك عالي نحطهم على جنب و ناجي للي اسمه جدي دة اللي كل ما يشوفني ضغطه بيعلى .
ضحكت بخفة قائلة بإطراء لذاتها :- بس كويس من يومك حرقاهم يا بت يا رحيق . ثم صرخت بحماس قائلة :- اه لقيتها أنا عرفت هعمل إيه ، أنا هطفشهم هخليهم يقولوا حقي برقبتي ، ماشي استنوا عليا بس .
ثم أردفت بتذمر :- مطلعتوش للست السكرة مرات عمي دي ليه ، ولا عمي ربنا يباركلهم ، اللي غايظني البارد عليه برود يطفش قارة بحالها ، اه يا عيلة بنت تيت بصحيح .
ثم راحت تتأمل ذلك الفناء الواسع قائلة بغل :- و قاعدين في الهلمة دي كلها يا كفرة والناس قاعدة فوق بعض في الحارة ، هتروحوا من ربنا فين يا ظلمة ؟!
- الله يحرقك ! وأنا أقول ليه من الصبح كل حاجة مش مظبوطة أتاري سيادتك بتنقي علينا !
صرخت بفزع قائلة بحدة :- إيه الهمجية دي ؟! مش تكح ولا تقول احم ولا دستور !
قطب جبينه قائلاً بعدم فهم :- يعني إيه اللي قولتيه دة ؟
مطت شفتيها بسخرية قائلة :- دي حجات صعب عليكم يا بتوع دادي و مامي تفهموها .
ضربها برفق على مؤخرة رأسها قائلاً بضحك :- يا بت لمي لسانك و احترمي أخوكي اللي أكبر منك .
أردفت بتذمر :- إيدك تقيلة يا شادي الله !
أردف بضحك :- حقك عليا يا ستي ، ها بتعملي إيه وقاعدة تقري ليه ؟ بتحسدينا يا رورو !
أردفت بحرج :- أنت سمعت !
ضحك بصخب قائلاً :- كله ...كله ..
شهقت بصدمة قائلة :- ها ! طيب استر عليا ربنا يستر عليك .
جعد أنفه بتعجب قائلاً :- أستر عليكي ! هو أنا قافشك في شقة مفروشة ! أنتِ هبلة يا بت !
زمت شفتيها بضيق قائلة :- يا عم يعني داري عليا و متقولش لحد .
غمز بمكر قائلاً :- متقلقيش سرك في بير يا كبيرة ، وايه الورق دة ؟
أخذ ينظر فيه بدقة قائلاً بدهشة :- يا شيطانة بتخططي لإيه ، لا أنا كدة هخاف منك .
أردفت بابتسامة بلهاء :- لا متقلقش أنت برة القايمة .
تنهد براحة قائلاً :- الحمد لله، يعني أنا براها !
أطلق ضحكاته العالية حينما قرأ ما تلقب به كل شخصية قائلاً :- حرباية ، أم قويق ، الحجة سلوى ، أبو شنب مترين ، الفريزر ! هههههه اه لو سمعك الفريزر يبقى أقري على روحك الفاتحة ، الأحسن تولعي في الورق دة كله .
أردفت باعتراض :- لا دة تعبي من اول ما قعدت ، أنت عاوز تضيع تعبي على فشوش ، أنا هطلع بيه فوق و أحطه في أوضتي ولا من شاف ولا من دري.
ابتسم لها بحب قائلاً :- قاعدة لوحدك ليه ؟
تنهدت بثقل قائلة :- كدة مرتاحة أكتر ، مش عاوزة اسمع حاجة منهم توجعني ، أنا قاعدة هنا علشان بابا و علشان ما اكسرش بخاطره .
عارف يا شادي ! أنا لو أبويا كان واحد عادي ساكن في حارة و في حب و دفى في البيت صدقني أحسن بكتير من هنا ، هنا في مظاهر و استعراض مين الأحسن ، بس الدفى و الرضا مكانهم مش هنا ، مكانهم وسط قلوب ناس طيبة مش جواها شر ولا غل وعلى إيه ما إحنا كلنا هنمشي في الآخر ، فقير غني كله هيدخل بورة ضيقة ومش هياخد حاجة معاه ، لازمتها إيه أكره ، أخطط علشان أذي غيري ، والله مش مستاهلة أبداً .
نظر لها قائلاً بإعجاب من طريقة تفكيرها ، و بشئ من المرح لكي يخفف عنها :- إيه دة أنتِ طلع عندك مخ و بتقولي كلام حكم أهو .
ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- تقصد إيه إن مش عندي عقل ؟
هز رأسه قائلاً بمرح :- أيوة مفيش عقل خالص .
ضيقت عينيها بوعيد وهي تشمر ساعديها قائلة بغل :- ماشي يبقى أنا مجنونة ، أنت اللي جبته لنفسك ..
قالت كلماتها الأخيرة ، ثم انقضت عليه تضربه بغضب ، و حينما وجدته يضحك وأن قبضتها لم تؤثر فيه ، قامت بدفعه فسقط أرضاً بعدما اختل توازنه ، ولم تعطيه الفرصة حينما غرست أسنانها الحادة بذراعه ، فأطلق صيحة متألمة قائلاً :- بس خلاص يا زفتة ، أبو اللي يهزر معاكي يا شيخة ، يا بت كفاية مش عاوز أزعلك .
تركت ذراعه قائلة بشراسة :- لا زعلني أنا عاوزاك تزعلني !
هز رأسه بوعيد قائلاً :- كدة ! يبقى أنتِ اللي جبتيه لنفسك . لم تستوعب كلماته ، إذ قام بقلب الوضع لتصبح هي مطروحة أرضاً ، ثم انهال عليها يدغدغ بطنها ، و هي تتلوى وتطلق ضحكاتها الرنانة وبعض الصرخات الحادة تنهره فيها بأن يتوقف .
- إيه اللي بيحصل هنا دة ؟!
توقف الإثنان فوراً عند سماعهم لهذا الصوت الجامد ، فاعتدلت هي على الفور بحرج ، و هتفت بغيظ بداخلها :- وايه اللي جاب الفريزر دة عندنا ؟!
نهض شادي قائلاً بمرح :- زي ما أنت شايف أخ وأخت بيهزروا مع بعض .
رفع حاجبه قائلاً بجمود :- أظن البيت دة محترم وانتوا مش صغيرين على حركات الأطفال دي !
هتفت باندفاع :- تقصد إيه يا جدع أنت؟ يعني ايه البيت محترم ، هو أنت شايفنا بنشرب منكر !
لم يعطيها اهتمام ، و أردف ببرود :- يا ريت يا شادي تعلم أختك قواعد البيت و أصوله ، و ياريت إن أمكن تجبلها خبيرة أتيكيت تعلمها الكلام كويس .
قال ذلك ثم انصرف للداخل ، بينما صاحت هي بصوت مسموع :- مين دي يا عمر اللي تعلمها الكلام كويس ؟ كلمني هنا أما إنك فريزر بصحيح ، خد ياض....اممممممم
لم تكمل حديثها عندما كمم شادي ثغرها قائلاً بضحك خافت :- خلاص الله يحرقك بدل ما يورينا الوش التاني .
أبعدت يده قائلة بضيق وحنق :- هو فاكر نفسه مين يعني ؟ دة أنا رحيق اللي علمت على شباب الحارة هيجي دة يستقل بيا ! لا وألف لا .
أردف بمهاودة :- بقولك إيه ما تيجي ندخل جوة وتروحي أوضتك و تخططي في الورق بتاعك !
هزت رأسها بتذكر قائلة :- اه صح فكرتني ، ماشي هروح علشان أقعد أمخمخ مع نفسي .
لملمت أوراقها ودلفت للداخل ، بينما ضحك هو عليها قائلاً :- والله مجنونة ! بقلم زكية محمد
_____________________________________
في صبيحة اليوم التالي نزل لمحل عمله كعادته ، بينما شعرت هي بالضجر ، فمنذ تلك الواقعة وهي حبيسة المنزل ولو خرجت للخارج سيتم قتلها هذه المرة .
عبست ملامحها الجميلة بحزن لمقاطعة والدها و شقيقها إياها، وعلام ؟ على من لا يستحق ! .
ابتسمت بوجع على سذاجتها ، وأنها أوقعت نفسها في مشكلة عويصة ، يا ليتها ما ذهبت ، ولكن مهما ندمت فلن ينفع الندم بعد زلة القدم .
تنهدت بوجع و قررت أن تصعد لوالدتها في الأعلى، نعم ستتعرض للحديث اللاذع الذي سمعته بالأمس ، ولكنها لن تعطي للأمر أهمية .
نزلت درجات السلم بحذر ، وهي تخشى أن تقابل أحداً يقوم بمضايقتها ، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، إذ قابلت تلك المدعوة أسماء التي أظهرت لها وجهاً آخر لم تتوقع يوماً رؤيته ، جزت على أسنانها بغضب تلك المرة فهي لا تضمن نفسها وما ستفعله إن تحدثت عنها بالسوء .
كانت برفقة أحدى السيدات التي كانت تواسيها عندما هتفت :- معلش يا حبيبتي بكرة يجيلك سيد سيده هي الرجالة خلصت ولا أنتِ وحشة ! دة أنتِ قمر وألف مين يتمناكي ..
ثم عبست ملامحها فجأة حينما ظهرت مريم أمامها لتردف بضيق :- يلا ربنا على المفتري و الستات الكهنة اللي تتمسكن لحد ما تتمكن ، و أردفت بتأكيد وهي تطالعها بخبث :- أيوة يا خالتي ، بنات مش ساهلة أبداً و بتطعن في الضهر من غير خشا ولا حيا ، ربنا يبعدهم عننا و يكفينا شرهم .
نفخت بضيق ، ولم تعيرهن أي اهتمام و أكملت طريقها ، مما أثار غيظ أسماء التي تُلقى عليها بالكلمات السامة حتى تثير غضبها ، ولكن ما تراه يعكس توقعاتها لتردف مجدداً :- أنا مش عارفة ليها عين تمشي وسط الخلق إزاي بعد عملتها دي ! ضحكت عليه و خلته زي الطرطور ماشي وراها.
إلى هنا وكفى ، فلكل شخص طاقة تحمل ، وهي تحملت ما فاق الجبال ، إذ التفت لها فجأة، وقامت بسحبها بقوة صارخة بوجهها بحدة :- سكتالك من الصبح وأنتِ بكل بجاحة عمالة تغلطي فيا ، وأنتِ الغلط راكبك من ساسك لراسك ، حطي في بوقك جزمة قديمة و اسكتي أحسنلك ، سامعة ؟
أردفت الأخرى بغضب وهي تحاول التملص منها :- ابعدي إيديكي دي عني ، واه بتكلم عليكي يا خطافة الرجالة .
اتسعت عيناها بذهول فأردفت بصدمة :- خطافة مين يا عيون طنط ؟ أنتِ ملكيش دعوة عيلة في بعضينا أنتِ مالك ، إيه اللي حشرك بينا ، واه خطفته أرتحتي ؟
أردفت بصوت عال تجمهر عليه بعض السيدات و الفتيات بالعمارة :- شوفوا يا ناس أهو بتعترف بغلطها أهو ، صحيح بجحة و أهلك معرفوش يربوكي .
أحمرت عيناها بغضب حارق قائلة بوعيد :- طيب و ربنا لأوديكي علقة مخدهاش حرامي غسيل علشان تحرمي تقفي تاني في طريقي .
أنهت كلماتها ، و انهالت عليها بالضرب ، و تشد شعرها ، و سقطتا أرضاً سوياً ، وكانت الأخرى تدافع عن نفسها ، و تضربها و تشدها من شعرها الذي سقط عنه الوشاح بفعل الشد و الجذب بينهما ، كأي عراك بين إثنتين .
خرجت سامية والبقية ، لتهتف بصدمة ما إن تبينت وجهها :- يا نهار مش فايت ! دي البت مريم ، طول عمرها عاقلة ايه اللي خلاها تعمل كدة بس !
هتفت توحيدة بضيق :- أكيد اللي ما تتسمى لقحت عليها كلام ، بالله عليكي لتتصلي بإسلام ولا أخوها يجوا يحوشوا الخناقة دي على ما أشوفها .
أومأت بموافقة و توجهت للداخل ، بينما هتفت عواطف بضيق :- ولسة يا ابن بطني ولسة ، أنا مش عارفة إيه الشبكة السودة دى !
بعد دقائق طوى درجات السلم سريعاً للوصول للأعلى ، ثم عبر بصعوبة وسط هذا التجمهر من النسوة ، وهتف بصدمة حينما رأى ما يحدث :- إيه دة ؟! بقلم زكية محمد
ثم صاح بصوته الجهوري :- مرررررررررررررريم ...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
توجهت لغرفة والدها،وطرقت الباب،ودلفت بعد أن تأكدت من عدم تواجد زوجة أبيها بالداخل.
رسمت ابتسامة عريضة حنونة قائلة :- صباح الخير على أحلى بابا في الدنيا .
بادلها الابتسامة قائلاً بحب :- صباح الورد على أحلى بنت في الكون كله .
مسكت الكرسي المتحرك الجالس عليه من الخلف قائلة بمرح :- طيب يلا يا بابا علشان تفطر و تاخد دواك .
أردف بحنو :- حاضر يا قلب بابا .
سارت به للخارج بحذر،فوجدت شادي مقدماً عليهم قائلاً :- يا صباح الفل على الحلوين،إيه النشاط دة يا ست رحيق! تعالي بقى أما أساعدك علشان ننزل بابا تحت .
بالأسفل كان الجميع يجلس على مائدة الطعام،منهم من يجلس ببرود،ومنهم من يجلس بأريحية،و آخرون الغيظ يأكلهما بداخلهما.
هتفت ناريمان بغل واضح :- و بعدين في المصيبة دي يا سلوى هانم ؟ وجود البنت دي هنا بيخنقني !
هتفت لميس بحسن نية :- لا ملكيش حق يا ناريمان البنت قمراية خالص و......
قاطعتها قائلة بحدة طفيفة :- لميس please محدش طلب رأيك،أظن الموضوع ما يخصكيش.
حكت طرف أنفها بحرج من ردها اللاذع،بينما حدجها مراد بنظرات غاضبة،فعند والدته يُذاب الجليد الذي يحيط نفسه به،إذ هتف بجمود :- و الموضوع بردو أظن ما يخصكيش،اللي يقرر دة هو عمي وهو عاوز بنته هنا،فأظن رأيك ملهوش لازمة،بعد أذنكم شبعت .
نهض وتوجه للخارج بسرعة،بينما أخذت تطالعه بغل تارة،و لأمه تارة قائلة بحقد دفين بداخلها :- لسة زي ما أنتِ يا لميس بتدافعي عن بنتها زي ما كنتِ تعملي زمان مع أمها،ماشي أنا هوريكم هعمل إيه ويا أنا يا هي في المكان دة .
أردفت سلوى بغل وهي توجه حديثها للمرشدي :- أنت لازم تتصرف بسرعة بنت الخدامين دي استحالة تقعد هنا أكتر من كدة .
إلا أنه فاجئها حينما هتف بصرامة :- إحنا مضطرين نتقبل وجود البنت دي في حياتنا فعلشان كدة أنا مع قرار وجودها .
نظرن له بصدمة،فهتفت شيري بكره :- إيه اللي بتقوله دة يا جدو ؟! أنا استحالة أعيش مع الrags دي في مكان واحد،أقول إيه لصحابي البنات لما يشوفوها ؟no,no,it can't be .
أردف بصرامة :- مش عاوز كلام في الموضوع دة تاتي،انا ما صدقت ابني رجع يبتسم تاني،و حالته إتحسنت كتير خليها جنبه لو دة هيخليه كويس بالشكل دة .
نهضت ناريمان قائلة بسخرية :- أنت اللي بتقول كدة يا مرشدي بيه ! بجد مش قادرة أصدق .
أردف بمبالاة :- والله دي حاجة ترجعلك .
انصرفت مسرعة،و بداخلها يزداد حقدها عليها،و تتوعد لها بالمزيد والمزيد .
وصلوا لطاولة الطعام،فسحبت هي أحد المقاعد وجلست إلى جوار والدها قائلة بضيق مكتوم :- صباح الخير عليكم جميعاً .
ردوا التحية مابين اقتضاب و ود،و آخرون تمنوا لو يقتلوها في الحال . شعرت بالتوتر حيال النظرات المصوبة نحوها،فهتفت بابتسامة حنونة وهي تضع بعض الزبد بالمربى على الخبز،ومن ثم مدته لوالدها قائلة :- إتفضل يا بابا أفطر،ومش عاوزة اعتراض،فاهم؟ أنا هزغطك النهاردة .
ضحك بخفوت قائلاً بخوف مصطنع :- علم و ينفذ يا أفندم.
لم تتحمل المكوث أكثر من ذلك،إذ قامت بمسح ثغرها بالمحرمة،بضيق قائلة قبل أن تغادر :- oh,god . it's unbearable!
أخذت تنظر لأصناف الطعام بعدم رضا،و تنهدت بضيق،فمالت على شادي،و أردفت بهمس :- هو أنتوا معندكمش أكل تاني غير دة ؟
قطب جبينه قائلاً بتعجب :- قصدك إيه؟ عاوزة أصناف غير دي ؟ قولي عاوزة إيه وأنا هبعت الخدم يعملوه .
هزت رأسها بيأس قائلة :- لا مش عاوزة أنا ليا أكتر من شهر باكل أكلكم دة من ساعة ما سبت الحارة،نفسي في طعمية وفول و بتنجان مخلل و طبق بثارة .
فتح عينيه على اخرهما قائلاً بدهشة :- ها ! قولتي إيه معلش ؟
أردفت بضجر :- بقولك عاوزة فول و طعمية و بتنجان مخلل و بثارة .
ابتسم ببلاهة قائلاً بخفوت :- كلي من اللي قدامك أحسنلك،دول لو شافوا الأكل اللي بتقوليه دة يمكن يرموكي بالنار .
ضربت على صدرها بقوة و شهقت قائلة بصوت مسموع :- يا نهار مش فايت ! هو أنتوا بتقتلوا اللي بياكل فول و طعمية ! اه يا كفرة يا .......
نهرها من بين أسنانه حينما رأى البقية يتابعونها :- بس يا رحيق إيه اللي أنتِ بتقوليه دة،دة وقت هزار بردو !
عندما كادت أن تتحدث،حدجها بنظرات صارمة،ثم همس بين أسنانه :- أخرسي ومشيها هزار .
هزت رأسها بنعم،ثم امسكت خبز التوست المطلي بالزبدة والمربى تأكله،و أخذت تتناول الأومليت قائلة بتلذذ :- الله على الأكل جميل بشكل ! فول إيه و طعمية إيه اللي أنت عاوز تاكلهم يا شادي أنت أتجننت !
طالعها بذهول،و غيظ شديد،فأشار لها بوعيد أنه سيلقنها درساً لن تنساه،بينما هتفت سلوى بغلظة،و تعالي :- إيه القرف اللي أنت عاوز تاكله دة يا شادي،انت بتهزر !
جعدت رحيق أنفها قائلة بضيق :- نعمة ربنا يتقال عليها قرف يا جدتي !
كتم الجميع ضحكه على كلمتها الأخيرة،فهي لا تسمح لأحد بأن ينعتها بالجدة،فهي سيدة الطبقة العالية،و تفضل لقب "سلوى هانم " وعندما سمعت كلمتها أردفت بحدة :- لا البيت بقى مهزلة،و مفيش قواعد ولا قوانين يتمشي عليها دي بقت حاجة تقرف !
أردفت رحيق بخبث :- ليه يا جدتي دة كله ملتزم بكل حاجة،كله ماشي بالمسطرة زي الإنسان الآلي بالظبط .
صكت أسنانها بعنف،ومن ثم غادرت المكان دون أن تنبت بحرف،بينما تابعت رحيق إطعام والدها .
بعد أن انتهت،و أعطت والدها الدواء،قبلته بوجنته قائلة بحنان :- استناني على ما أرجع من الشغل وخليك هنا في الجنينة تريح نفسيتك بدل ما تحبس نفسك فوق .
أومأ لها بموافقة قائلاً :- حاضر يا قلبي متتأخريش عليا،وصلها يا شادي .
أردف بوعيد :- حاضر يا بابا أنت تؤمر .
اذدردت ريقها بتوتر،وسارت خلفه بحذر،وما إن غابوا عن الأعين،أطلقت لساقيها العنان لتركض بأسرع ما لديها،و انطلق الأخير بدوره يركض خلفها قائلاً بوعيد :- استني عندك دة أنا هوريكي،بتجري دلوقتي !
أطلقت ضحكاتها الرنانة عليه،وهي تركض قائلة :- بهزر معاك يا شيدو يا حبيبي .
أردف بإصرار :- ولو، مش هتثبتيني بكلمتين حلوين من بتوعك دول .
وعندما لم تجد مخرج،أخذت تفكر في حيلة،فسقطت أرضاً فجأة،وهي تصيح بألم مصطنع :- اه رجلي ..
ثم أتقنت الدور حينما تساقطت دموعها الغير بريئة بالمرة قائلة :- رجلي يا شادي ..
اعتراه الخوف ما إن رأى حالتها،فجلس بجوارها قائلاً بقلق جلي :- مالك حصلك إيه؟
نظرت أرضاً تهرب من عينيه قائلة بألم مصطنع :- رجلي أتلوت أنا و بجري .
أسندها بقلق قائلاً وهو يقف :- طيب تعالي نروح للدكتور يشوف رجلك .
اتسعت عيناها بتوتر قائلة بتلعثم :- لا.. أنا كويسة خالص،قصدي وديني عند مدام سندس وهبقى تمام .
ضيق عينيه ليستوعب أخيراً أنها تخدعه،فتنهد براحة كونها بخير،ونظر لها بخبث وهو يبتعد عنها،فوقفت دون أن تلاحظ أنها تقف بشكل طبيعي :- ماشي يبقى أوديكي لمدام سندس،بس يا ريت ما تكدبيش تاني علشان قلقت عليكي،و بردو مفيش مفر من العقاب،مردودلك قريب يا مُزة يلا بينا .
جعّدت جبينها بضيق قائلة :- بطل تقولي الكلمة دي ! و بعدين إزاي واحد زيك يقول الألفاظ دي ؟!
ضحك بصخب قائلاً :- لا أنتِ معايا هتشوفي العجب . بقلم زكية محمد
_____________________________________
انتبهت حواسها لصوته،فتراخت أطرافها،ونظرت له بتعجب من سبب مجيئه هنا،ولوهلة شعرت بالخجل من فعلتها،ولكنها لم تتحمل الإهانة دون أن ترد اعتبارها .
تقدم متخطياً ذلك الحشد،يطالع هيئتها المزرية قائلاً بصرامة :- غطي شعرك وعلى فوق دلوقتي حالاً .
هتفت باعتراض :- بس...
قاطعها بصرامة قائلاً بصوت جهوري سرى الخوف بداخلها :- لما أقول فوق يبقى فوق .
طالعته بغيظ،و امتثلت لأوامره،فسحبت الوشاح و وضعته على شعرها،وطالعت أسماء بغل،ومن ثم صعدت للأعلى بخطوات سريعة،بينما أردف هو بصوت عالٍ صارم :- يلا المولد خلص ! كل واحد يروح لحاله ..
طالعته أسماء بغيظ،ثم هتفت بكره :- بص مراتك عملت فيا إيه ؟ دة بدل ما تغلطها ! لكن نقول إيه ما هي سحباك وراها ..
صك على أسنانه بغيظ،و ود لو يقتلع عنقها على حديثها ذاك،ولكنه تحلى بالجمود قائلاً :- لولا أنك بنت كنت حاسبتك على كلامك دة كويس،وملكيش دعوة بمراتي،أنتِ سامعة ؟
أردفت بحقد :- بعد كل اللي عملته دة و بتقول مراتي ! ولا سيرتك اللي بقت على كل لسان في العمارة .
فجرت كلماتها و انصرفت من أمامه مسرعة،بينما احتلت جهنم عينيه،و برزت عروقه قائلاً بهدوء مغاير للخراب الذي يحدث بداخله وهو يوجه حديثه للماثلات أمامه :- عاوز توضيح للي بيحصل من ورا ضهري دة .
هتفت عواطف بامتعاض :- يعني مش عارف بيقولوا إيه ! من ساعة اللي حصل و سرتنا بقت على كل لسان،أوعى كدة أنا مش ناقصة .
نزلت لتدلف لشقتها،وهي تتمتم بكلمات غير مسموعة،ولكن تعبيرات وجهها توحي بالكثير،وجه أنظاره لزوجة عمه قائلاً بتساؤل :- في إيه يا مرات عمي ؟
هتفت توحيدة بتلعثم :- والله يا ابني مش عارفة أقولك إيه ! بس أنت عارف كلام ستات كلها يومين تلاتة و يروح لحاله...
قاطعها قائلاً بصرامة :- أيوة يعني بيقولوا ايه ؟
لم تجد مفراً منه لذا أردفت باستسلام :- بعدما أمك أتفقت مع أم أسماء على كل حاجة وأنت اتجوزت مريم الستات طلعوا كلام إن مريم ضحكت عليك و خلتك تتجوزها ، وأنها عملت دة علشان تشوه سمعة أسماء.
أردف بصدمة :- بتقولي إيه؟
هزت رأسها بحزن قائلة :- هما عارفين أنها شوهت سمعتها بس ميعرفوش كل التفاصيل أسماء اللي قالت و.......
لم ينتظر سماع كلماتها إذ نزل على الفور ليستفسر من حقيقة الأمر عند تلك الأسماء .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
طرق الباب بحدة ففتحت أسماء التي هتفت بضيق :- إيه هي الهانم عبتك وجاي تفضيهم فيا ؟!
أردف بغيظ :- أخرسي خالص وقوليلي حقيقة الموضوع والكلام اللي سمعته دة ؟
ابتسمت بخبث وقد وجدتها خطة مناسبة للانتقام منها :- هو أنت ما تعرفش ! أش حال مكنتوش جايبينها من شقة عزاب و ضحكت عليا و أخدتني معاها،قال إيه هتزور صحبتها أتاريها كانت بتخطط ليا علشان توقعني ولما رفضت هددتني بصور ليا مش كويسة هتوريها لأهلي لو اتكلمت ، مريم دي واحدة شيطانة بتتلون ورا طيبتها و برائتها اللي بتظهرهم للكل .
وكأنها أصابته بمقتل،حينما سمع جملتها الأخيرة التي عانى بسببها لسنوات مع واحدة أخرى .
طالعها بصدمة لتؤكد حديثها حينما تابعت :- وكمان صوري معاها في شقة أبوها تقدر تروح تدور عليها هناك . و بدل ما تلومني أنا الضحية روح شوفها هي عملت إيه الأول،بعد أذنك هقفل الباب أصل أمي مش موجودة .
أنهت كلماتها ثم أوصدت الباب وهي تبتسم بمكر حينما رأت تعبيرات وجهه المصدومة والتي توحي بتأثره بحديثها،بينما شعر هو بصدمة شديدة ضربته كالفيضان المدمر،ولم يهيئ له الشيطان في تلك اللحظة سوى إنها محقة،فيتذكر جيداً أن والدها أتاه إتصال يخبره بوجود ابنته في مكان ما جعله ينتفض في مكانه كالملسوع من هول الصدمة،و أسرع للخارج كالمجنون،فما كان منهم سوى أن يتبعوه هو و والده .
أخذ يتنفس بعمق،وهو لا يصدق أنها خدعتهم جميعهم، نهر نفسه بشدة عندما قرر أن يسمع لحديث صديقه و يبدأ معها من جديد،أي بداية وهي تكرر المثل الخداع والخيانة،وهذا أكثر ما يمقته .
صعد لشقة عمه،وبعدها لغرفتها وهو يبحث عن تلك الصور بجنون،وهو يتمنى أن لا يجدها،ولكن خاب ظنه حينما وجد ذلك المظروف أعلى خزانة الملابس.فتحه وهو يحبس أنفاسه،وما إن وقعت عيناه على الصور،وضعها بمحلها بسرعة البرق من هول ما رأى .
صعد لشقته و بركان الغضب يتصاعد بداخله . اغلق الباب بعنف محدثاً دوياً عالياً،وجال بعينيه في المكان،فلم يجدها،فعرف أنها بغرفتها،فدلف للداخل كالإعصار .
كانت تتأوه بألم إثر الدفعة العنيفة التي تلقتها من تلك الماكرة عندما دفعتها على الحائط فاصتدم ذراعها به بقوة،فهتفت بغيظ :- طيب والله لأوريكي،خلاص مريم اللي انتوا تعرفوها ماتت،دلوقتي هتشوفوا مني واحدة تانية.
لم تكمل جملتها،إذ انتفضت بمكانها حينما وجدت إسلام يقتحم الغرفة بهذا الشكل لطالما احترم خصوصيتها سابقاً.
هتفت بامتعاض :- أنت داخل زريبة و........
بلعت باقي حروفها،و انتابها الخوف عندما رأت هيئته تلك،فكادت عروقه تنفر للخارج . تقدم نحوها،وبلحظة قبض على ذراعها،حتى كاد أن يهشمه تحت قبضته.
أنّت بخفوت قائلة :- سيب دراعي،انت عاوز مني ايه؟!
هتف بغضب مكتوم :- أعمل فيكِ إيه ها أعمل فيكِ إيه؟
أخذت تتململ بعنف للفكاك من قبضته قائلة :- أوعى بقولك أنت أتجننت..
أردف بغضب وحدة :- أنا اللي أتجننت ولا أنتِ اللي ما تربتيش!
قطبت جبينها بذهول قائلة :- إيه ؟
أردف بانفعال :- شيليه...شيليه مش لايق عليكِ أصلاً ولا على عمايلك.
أردفت بضياع :- أشيل إيه؟ إسلام أرجوك فهمني في إيه بالظبط ؟!
دفعها بعنف،و رمي المظروف ناحيتها قائلاً باذدراء :- خدي شوفي أقصد ايه يا هانم ..
التقطت المظروف الذي ما إن طالعته،دق قلبها بعنف،فهي تعرفه تمام المعرف،فنظرت له قائلة بتلعثم :- أنت... أنت إيه اللي جاب دة عندك ؟
أردف بتهكم :- يعني عارفاه! ما شاء الله على البجاحة ..ثم أردف بحدة :- أنتِ صنفك إيه بالظبط ؟ بجد غلبت فيكِ ! بتستدرجي واحدة لشقة واحد غريب !
هزت رأسها بعدم فهم قائلة بتقطع،وهي على وشك الإنهيار :- حرام عليك فهمني أنا مش فاهمة حاجة ..
صفق لها بإعجاب قائلاً :- كات هايل يا فنانة،إبدااااع ! ماشي هفهمك أنا بتكلم على أسماء اللي ضحكتي عليها و بتبتزيها بالصور دي علشان تسكت،فهمتي دلوقتي ولا لسة ؟
شعرت بدوامة عنيفة تجرفها نحو الأعماق حيث المزيد من الآلام والجراح،وكانت ردة فعلها غريبة،إذ هزت رأسها بموافقة قائلة بجنون :- أيوة..أيوة أنا اللي وديتها وأنا اللي عملت الصور دي علشان أبتزها زي ما بتقول،وأنا اللي عملت كل حاجة،إرتحت ؟ بص أي إتهام موجه ليا اعتبرني عملته ..
ثم أخذت تصرخ بجنون وهي تدفعه للخارج :- أطلع برة ....أطلع برة ... أنا بكرهك و بكرهكم كلكم ... أطلع برة و سيبوني في حالي ..
وما إن خرج،صكت الباب بالمفتاح،و وقعت أرضاً إلى جواره،و انطلقت في موجة بكاء حارة،وهي تشعر بجروح العالم أجمع تجمعت بداخلها،وكم شعرت بالقهر الشديد لتحالف و تكاتف الجميع عليها .
هتفت بحدة وهي تعنف نفسها :- تستاهلي يا مريم اشربي أنتِ اللي جبتيه لنفسك،حد قالك أمشي ورا مبادئك المثالية ! أهي نفعتك بأيه ؟ لبستك تاني في أجدعها حيطة،اشربي المر زي كل مرة ....
وقف بالخارج كالتمثال في محاولة منه لاستيعاب ما حدث للتو،و سمع بكاءها،و حديثها الذي لم يفهم معظمه،ولكنه لم يسمح لذاته بالتأثر،بل قرر أن يضع النقاط على الحروف،وأنه لن يمرر الأمر مرور الكرام هذه المرة .
شعر بتأنيب الضمير لسماعه بكائها الذي يفطر القلوب،فركل المقعد الذي قبالته بعنف،ونزل مسرعاً للأسفل وهو يشعر بالنيران تحرقه بصدره وغير قادر على إخماده . بقلم زكية محمد
______________________________________
في مكان آخر تضغط على يديها بغيظ،ويدها الأخرى تمسك بالهاتف تنتظر الطرف الآخر،و ما إن رد هتفت بغيظ :- إيه يا أخويا فينك كدة بعد ما أخدت القرشين خلعت و مورتناش وشك !
أتاها صوته قائلاً بغلظة :- مش عملت المطلوب ! عاوزة إيه تاني ؟
جزت على أسنانها بغيظ قائلة بغضب مكتوم :- وأحنا دافعين دم قلبنا علشان الخطة تنجح بس أنت منفزتش اللي قولتلك عليه يا منيل !
أردف بضجر :- الله ! أنتِ هتشتمي ! لا دة أنا صايع اتقي شري أحسنلك ، وبعدين هو في حد إداني فرصة أنفذ،أنا يدوب كنت هاخدها جوة لحد ما ييجوا و يشوفونا متلبسين،إلا إنك اتصلتي بدري عليهم،بتغلطيني ليه أنا دلوقتي؟
أردفت بتأفف :- خلاص على العموم الخطة يعني ما بظتش خالص،بس اللي قاهرني أنه أتجوزها،و الطربيزة أتقلبت بينا لكن أنا لحقت أتصرف ودلوقتي عاوزاك في خطة كدة تنفذها بالحرف ولو نجحت المرة دي هديك قد المرة اللي فاتت و أكتر .
لمعت عيناه بجشع قائلاً :- أؤمري وأنا أنفذ ..
ابتسمت بخبث قائلة :- بص هو طلب صعب حبتين،بس متخافش هتاخد اللي تستحقه،فتح عنيك شوية و اسمعني كويس أنت هتعمل.........
______________________________________
في إحدى النوادي المرموقة،وعلى إحدى الطاولات تجلس مع مجموعة من الشباب بمختلف الجنسين.
هتفت إحداهن بتعجرف :- ياي،ازاي مستحملة البنت دي ؟! ما تطردوها و ترتاحوا .
غرزت أصابعها في خصلات شعرها تعبث بهم بدلال قائلة بضيق :- ما أعرفش يا رودي بابا عاوزها معانا،بس محدش طايقها في البيت غير عمو و مراته وبابا وشادي بس.
أردفت بلهفة،و عيناها تلمع ببريق إعجاب :- و مراد موقفه إيه ؟أوعي يكون في صفها ؟
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا طبعاً أنتِ عارفاه يدوب مستحمل روحه،وما أظنش أبداً أنه مهتم بالبنت البيئة دي .
تنهدت بإرتياح قائلة :- طيب كويس ريحتيني،أمتى بقى يحن ؟
رفعت حاجبها قائلة باستنكار :- يحن ! أنتِ بتحلمي يا رودي،مراد البنات ما بتأثرش فيه نهائي يا ما كتير حاولوا قبلك،نصيحة مني بتضيعي وقتك على الفاضي .
غمز أحد الشباب بعبث قائلاً :- طيب ما تخليكي معايا أنا مش هتندمي .
تأففت بضيق قائلة :- ماجد ! أنت ما بتزهقش أبداً،البنات كتير حل عن دماغي بقى !
تدخل لؤي قائلاً :- خلاص يا جماعة مش كل مرة هتتخانقوا،ها البارتي هتبقى عند مين النهاردة ؟
أردفت سما بضحك :- عندي أنا طبعاً،دي هتبقى بارتي هايلة كله معزوم مفيش كلام،هتيجي أكيد يا شيري؟
أومأت بتأكيد قائلة:- sure يا سيمو جاية هزوغ من الزفت مراد وأجي.
نهرتها رودي قائلة :- متشتميش مراد كدة تاني يا شيري !
أردفت بتهكم :- ok..ok بس المهم ما يكونش موجود،بابي معينه جارد عليا،دي بجد حاجة تخنق.
لمحت شاباً وسيماً يسير بعنجهية،يرتدي ملابس رياضية من ماركة عالمية،و نظارة سوداء ذادته جاذبية.
هندمت ملابسها،وهبت واقفة قائلة بعيون لامعة :- قوليلي يا رودي شكلي حلو ؟ باسم جاي علينا.
أردفت بضحك :- أهدي.. أهدي أنتِ perfect يا بيبي .
أرسلت لها قبلة بالهواء،وهي تهم بالرحيل :- باي بقى دلوقتي،أشوفكم بعدين .
نهضت بسرعة لتقفز بين ذراعي الآخر قائلة بهيام :- باسم وحشتني .
حاوط خصرها قائلاً بعبث :- وأنتِ أكتر يا روحي، يلا نروح نقعد مع الشلة.
زمت شفتيها المصبوغة باللون الأحمر الناري :- لا،خلينا نقعد لوحدنا أحسن،أنت وحشتني أوي .
غمز لها بمرح قائلاً :- وماله يا بيبي نقعد لوحدنا .
سحب يدها،و توجها إلى إحدى المقاعد،و جلسوا عليها يكملون حديثهم. بقلم زكية محمد
____________________________________
يجلس على المقعد بخارج الوكالة و صدره يعلو و يهبط بعنف،فالنيران لم تنطفأ بعد .
سحب محمد المقعد المجاور والذي يعمل بمحل لبيع المفروشات وهتف بتعجب :- مالك يا شِق ؟ أنت لسة في طريقك المسدود دة ؟
أردف بكذب :- مفيش يا محمد .
أردف بعبث :- لا واضح أوي أنه مفيش !
تأفف بضجر قائلاً :- محمد ! نقطني بسكاتك ..
نهض من مكانه قائلاً قبل أن يدلف للداخل مجدداً :- براحتك يا صاحبي .
أخذ يهز قدمه بعصبية شديدة،وانتصب في وقفته فجأة،بينما كان يحلل بعض الأمور بعقله،فصعد للبناية التي يقطن بها،ومن ثم دلف شقته،وأخذ يبحث عنها بعينيه فوجدها تجلس على الأريكة بشرود وحزن مسيطر على وجهها،جلس إلى جوارها دون أن ينبت بكلمة،بينما لم تعيره أي إهتمام،فما بداخلها يكفي.
فاقت على صوته قائلاً بهدوء :- سامعك .
تطلعت له بتعجب،وهتفت :- مش فاهمة !
زفر بضيق قائلاً :- سامعك أحكي قولي اللي عندك بخصوص موضوع إتهامك اللي كان من شوية .
أردفت بسخرية :- إيه هتسمعني دلوقتي ! مش خلاص حكمت من شوية ! جاي تقول إيه تاني؟ لسة في إتهام عاوز تضيفه ؟
تنهد بضيق قائلاً :- استغفر الله العظيم،يا بنت الناس ما تهمدي كدة و خلينا نتكلم بهدوء.
وضعت يدها في خصرها،و اعتلت الأريكة قائلة بغيظ :- شوف مين اللي بيتكلم ! أهدى أنت يا شبح وقول يا مسا .
رفع حاجبه بذهول قائلاً :- نعم ! بتقولي إيه ؟! ثم صاح ببعض الحدة :- أنتِ هتجننيني يا بت ! مش كنتي بتولولي من شوية و قلباها دراما ؟!
أردفت بضيق :- ملكش دعوة أهو كيفي كدة وقوم يلا من هنا عاوزة أقعد لوحدي .
هدر بعنف :- بت أنتِ أخرسي و اتعدلي بدل ما أعدلك، بلاش وقفة الرقصات دي !
أتسعت عيناها بصدمة قائلة بغيرة :- رقصات ! و شوفتهم فين دول الرقصات ها ؟ عاملي فيها محترم وأنت بتلف على الكابريهات و.....إممممممم
لم تكمل حديثها حيث جذبها نحوه فجأة،فالتصقت بصدره،و وضع يده على ثغرها قائلاً بغيظ :- بس أهمدي الله يخربيتك عاوزة تلبسيلي مصيبة ؟
توردت وجنتيها من قربه الزائد،و تواجدها بالقرب منه هكذا يزيد من دقات قلبها،حتى كادت تجزم أنه يسمع خفقانه.
انسحبت أنفاسها،وشعرت بالتخدر هكذا حالها كلما اقترب منها .
تطلع لعينيها،و لوهلة شرد بهما هاتان البندقيتان الواسعتان اللتان تحيطهم رموش كثيفة طويلة،شعر بقشعريرة انتابته،ليبتعد عنها قائلاً بصوت جاهد أن يخرج طبيعي :- يا ريت تهدي و تقوليلي دلوقتي اللي حصل،أنا مش هحكم من غير ما أسمع للطرفين .
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- شوف سبحان الله يا جدع ! إيه ضميرك نقح عليك فجأة ؟
أردف بغيظ وهو يكور قبضته :- ما تخلنيش أتغابى عليكي،ويا ستي محقوقلك كنت متعصب ولما هديت عرفت غلطي،و دلوقتي يلا اتكلمي قولي كل حاجة من غير ما تخبي .
أردفت بحزن :- هي كدابة،و الصور دي بتاعتها،وأنا ما أعرفش عنها أي حاجة صدقني،انا مش زي ما قالت،ولا زي ما هما بيقولوا،حرام عليكم والله تعبت منكم،أنا بني آدمو بحس زيكم و بتوجع زيكم،وبموت ألف مرة من كلامكم،سيبوني في حالي أنا أتعذبت كتير،حتى الحاجة الوحيدة اللي حبيت........
بترت كلماتها،و نظرت له بحب تكنه له منذ نعومة أظافرها،ودت لو تخبره أنه الشئ الوحيد الذي أحبته،والذي بعيد عنها كل البعد وصعب المنال،ودت لو تحتضنه و تبكي و تشكو له كل ما يجول بخاطرها،و بالفعل فقد تغلبت العاطفة على العقل،إذ بلحظة تهور منها احتضنته بقوة،بكل معاني العشق الذي يوجد له بداخلها،و انفجرت في نوبة بكاء مرير .......... بقلم زكية محمد
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
عادت من العمل برفقة شادي الذي أتى و اصطحبها معه، ولكنها لاحظت الأجواء على غير العادة فهتفت بتعجب :- واد يا شادي هو في إيه ؟ الحركة مش طبيعية في البيت النهاردة!
هتف بصرامة مصطنعة وهو يمسكها من ملابسها كالأرنب :- واد ! بلعب معاكي أنا ! اسمها أبيه أي نيلة على عينك، يا بت أنا أكبر منك .
أردفت بتذمر وهي تحاول الفكاك منه :- يا عم مش لما تحترمني أنت الأول، بدل ما أنت عمال تمطوح فيا كدة .
تركها بغيظ قائلاً :- أديني سيبتك، يارب بس تلمي لسانك اللي زي المبرد دة .
أردفت بتساؤل وهي تتطلع للعمال الذين يعملون بهمة ونشاط :- بس مقولتليش ياض في إيه عندكم ؟ ولا دي أسرار عليا !
هز رأسه بيأس قائلاً :- اه منك اه، لا يا ستي مش أسرار ولا حاجة كل الحكاية أن ابن عمك عاصم راجع هو بنته النهاردة .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- مش اسمه مراد ولا متهيألي ! و بنت مين هو أتجوز ؟
ضربها على رأسها برفق قائلاً :- لا يا أم الغباء، دة أخوه وهو مسافر لندن وجاي النهاردة .
أومأت بتفهم قائلة :- مش تقول كدة يا عم بدل ما الواحد تايه كدة ! بس قولي في حد تاني ما أعرفهوش ولا خلاص على كدة أتعشت ؟
ضرب كتفها بمزاح قائلاً بتهكم :- لا يا شبح مفيش حد تاني، أمشي يا بت مش ناقصة جنان .
ضيقت عينيها بوعيد، وعلى حين غرة دفعته بقوة، و ركضت للداخل قائلة :- اللي يعرف أبويا يجي يقوله .
انتصب في وقفته بعد أن أختل توازنه ضارباً يد بأخرى قائلاً :- عليه العوض ومنه العوض، ماشي يا مجنونة .
ولجت للداخل فوجدتهم جميعهم بالأسفل حتى والدها، فابتسمت له بحنو، و ردت عليهم التحية، ثم توجهت لوالدها، و قبلت يده قائلة بمزاح :- شطور يا بابا هبقى أجبلك شكولاتة علشان سمعت الكلام . أخدت الدوا ولا لسة ؟
ضربها بخفة على رأسها قائلاً بضحك :- يا بكاشة عيل صغير أنا ! اه يا ستي أخدت الدوا وكله تمام .
ربتت على كتفه بإرتياح قائلة :- ربنا يكمل شفاك على خير يا بابا .
تدخل عمها قائلاً بابتسامة :- سيدي يا سيدي كل الحب دة واخده لوحدك يا مجدي.
وجهت أنظارها نحوه قائلة بمرح :- حاضر يا عمي هجبلك شيكولاتة.
ضحك بصخب قائلاً بمزاح :- لا أنا عاوز حبة من الحنان دة .
أردفت بضحك :- ماشي، بس متكونش لميس موجودة علشان ناخد راحتنا .
قطبت جبينها بضيق مصطنع قائلة :- إيه يا ست رورو عاوزة تاخدي جوزي مني ؟
رفعت كتفيها قائلة ببراءة واهية :- مش عمي ! يعني ما أدلعش الراجل !
ضحكت بخفوت قائلة :- وماله يا رورو دلعيه بس مش أوي ...
أردفت بتذكر :- ألا صحيح يا مرات عمي أنتوا ليكم ابن عايش برة و متقوليش .
ابتسمت بود قائلة :- مجاتش مناسبة يا حبيبتي، الحمد لله ربنا هداه وهيرجع بعد 3 سنين غربة .
شهقت بصدمة قائلة :- 3 سنين ! يلا ربنا يرجعه بالسلامة، بس قوليلي هو فريزر بردو ولا لا ؟
هزت رأسها بعدم فهم، فأسرعت الأخرى تسب نفسها بداخلها على تسرعها، و أردفت بابتسامة :- قصدي يعني هو طويل ولا قصير ؟ بقلم زكية محمد
أردفت بهدوء :- لا هو طويل زي مراد .
تمتمت بداخلها :- ربنا يستر و ميكونش فريزر زي أخوه . ثم تابعت بصوت مسموع :- شادي قالي أنه معاه بنت ؟
هزت رأسها بحزن قائلة :- اه عندها ست سنين، مامتها ماتت بعد ولادتها بسنتين في حادثة .
قطبت جبينها بأسى قائلة :- يا حبيبتي ! ربنا يرحمها، شوقتيني أشوفها أوي، هما هيجوا إمتى ؟
- يعني ساعتين تلاتة كدة .
رفعت بصرها بمكر قائلة :- إزيك يا جدي، إزيك يا جدتي، عاملة إيه يا مرات أبويا؟ ما بتردوش ليه ؟! سنانكم وجعاكم ! طيب أنا طالعة فوق .
قالت ذلك ثم توجهت للأعلى، بينما أردفت ناريمان بكره :- يا رب ما تلحقي تنزلي و تموتي ونرتاح منك .
______________________________________
الجمته الصدمة عندما وجدها تتشبث به كالغريق، وعلى الفور ازدادت ضربات قلبه بعنف، و ازدرد ريقه بصعوبة، ولا يعلم ما عليه فعله، إذ ظل كالجماد لا حركة له.
أخذت تنتحب بمرار لعلها تفرغ بعضاً من الثقل الذي تحمله، بكت كما لم تبكي من قبل، تركها هو تفرغ شحنة حزنها لعلها ترتاح بعد ذلك، بينما ظلت ذراعيه معلقة بالهواء، لا يعرف أيحاوطها و يبعث لها الأمان، أم يظل هكذا حتى تبتعد هي ؟!
بدأت وتيرة أنفاسه تزداد، و شعر بنقص الهواء بالمكان، ربما نقلت له عدوتها، أو هو على مشارفها .
ما إن أدركت فعلتها و وضعها، شعرت و كأنها تذوب كالزبد من فرط الخجل، لاحظ هو تيبسها، فأسرعت تجلس بعيداً عنه، و أحنت رأسها للأسفل كي تتحاشى النظر إليه، و بدأت تضغط على أصابعها حتى كادت أن تدميها .
خرج صوتها بتلعثم تبرر فعلتها قائلة :- أنا،أنا،مممم، ما أقصدش،أنا مش عارفة عملت كدة إزاي !
هز رأسه بهدوء قائلاً كي يرفع عنها الحرج :- مفيش مشكلة، يلا أتكلمي و قولي اللي حصل .
رفعت عينيها الدامية نحوه قائلة بقهر :- و هتصدق ؟
أومأ بتأكيد قائلاً :- أيوة هصدق ..
أخذت نفساً عميقاً، ثم بدأت تقص عليه كل شئ من بداية مجيئها لطلب المساعدة منها حتى تلك اللحظة، وسط تعبيراته التي كانت ما بين الذهول والصدمة والتعجب و الغيظ والغضب تجمعت بداخله، وما إن انتهت أردفت بدموع حبيسة :- والله العظيم هو دة اللي حصل، أنا معرفهمش، روحت معاها من باب الإنسانية، ولو أعرف إن كل دة هيحصل كنت رفضت، بضرب نفسي مية جزمة إني ساعدتها .
طالعها بفاه يصل للأرض، وهتف بعدم تصديق :- يعني أنتِ استحملتي ضرب أبوكي، و كلامنا اللي زي السم علشان بس ما تفضحيهاش ؟
أومأت بضعف قائلة :- أيوة استحملت كل دة علشان الحديث بيقول :- عن مسلمة بن مخلد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن فك عن مكروب كربة فك الله عز وجل عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"
بس هي مسبتش حاجة عدلة، قلبت الطربيزة عليا، و دلوقتي يا إسلام يا ريت متقولش لحد، أنا بس so قولتلك علشان مش قادرة استحمل نظرات الإتهام دي منك واسكت .
أردف بانفعال :- نعم ! مقولش لحد ! أنتِ هبلة ؟ إزاي مقولش لحد ؟ و سيرتك اللي بقت على كل لسان في العمارة، وعلاقتك بأبوكي و أخوكي اللي تقريباً باظت ؟ بقلم زكية محمد
أردفت بحزن :- الناس هتنسى، أما بابا مش أول مرة علاقتنا تبوظ بالشكل دة، أنا أكتر حاجة وجعاني أنه موثقش فيا في بنته اللي عايشة تحت عينه .
أردف بنفي :- بس أنا هقول للكل ومش هسكت .
قال ذلك ثم خرج مسرعاً، بينما جلست و وضعت يديها على وجهها قائلة برجاء :- ربنا يستر و تعدي على خير، سامحني يا رب غصب عني .
_____________________________________
نزل لشقة أسماء، وطرق الباب، ففتحت والدتها الباب، وهتفت بضيق :- يا أهلاً إيه جاي تكمل على البت مكفاكش اللي عملته مراتك ؟
هتف بهدوء مصطنع :- أنا جاي أعتذر يا خالتي لأسماء يا ريت تناديها.
أردفت بضيق :- و متجيش ليه هي الهانم ولا على رجلها نقش الحنة !
زفر بضيق قائلاً بضجر :- بعدين هجبها تعتزر .
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- لما نشوف ! إتفضل يا إسلام على ما أناديها .
دلف للداخل وهو يحمحم بصوت عال قائلاً :- يا ساتر .
بعد دقائق، جلست قبالته قائلة بضيق :- خير يا أستاذ إسلام !
حمحم قائلاً :- ما تعملينا كوبايتين شاي يا خالتي، وحشني الشاي بتاعك .
ابتسمت بانشراح قائلة :- من عنيا يا إسلام ..
تابعها بعينيه حتى اختفت، فنظر لأسماء قائلاً بغيظ :- بقى مراتي هي اللي صورتك، وهي اللي ودتك هناك ؟
زاغت عيناها بتوتر قائلة :- أيوة .
أردف بوعيد :- اممممم طيب حيث كدة بقى إيه رأيك يا حلوة الصور دي هوديها لأبوكي تحت دلوقتي ..
اتسعت عيناها بذعر قائلة :- لا لا أبويا لا الله يخليك بلاش .
أردف بمكر :- ليه ؟ دة علشان يجبلك حقك !
هزت رأسها بعنف قائلة بتلعثم :- أنا، أنا مسمحاها خلاص.
ضيق عينيه بغل قائلاً :- مش عيب عليكي يا أسماء تكدبي ؟ أنا هنزل لأبوكي و هقوله إنك كنتي مصاحبة الواد دة اللي في الصور و شوفي بقى الحج هيعمل إيه ؟
ارتجفت أوصالها، و أردفت برعب وهي تهم بتقبيل يده قائلة :- أبوس إيدك بلاش أبويا يعرف، دة هيموتني و هيرجعني الصعيد ومش هيخليني أكمل علامي .
أبعد يده سريعاً قائلاً بغيظ :- ومش حرام عليكي تتهمي غيرك في ذنب أنتِ عملتيه ؟ إيه يا شيخة دة إبليس يتعلم منك ! عملتي كدة ليه دة جزاتها أنها ساعدتك .
جزت على أسنانها بغضب،فلم تتوقع أبداً أن تخبره، لطالما هي كاتمة الأسرار ولا تخبرها لأحد مهما كلفها الأمر، إلا أنها أخبرته تلك المرة، فأردفت بغل :- هي كدابة على فكرة بتحاول تبرأ نفسها قدامك.
زم شفتيه باستنكار قائلاً :- برده هتقولي كدابة ! شوفي يا بنت الناس أنا هعمل اعتبار لأبوكي الراجل الكُبرة دة ومش هتكلم، بس قصاد إنك تمسحي الكلام اللي نشرتيه من عقول النسوان بأستيكة، فاهمة يا شاطرة ؟ اتقي شري أحسنلك، و اه الصور هتفضل معايا لحد ما تنفذي .
ثم نهض قائلاً باذدراء :- سلام يا ...يا حلوة .
انصرف مسرعاً، وظلت كما هي شاحبة الوجه، و حديثه يتردد في أذنيها، بينما أتت والدتها وهي تحمل الشاي قائلة بتعجب :- أومال الجدع راح فين ؟
لم تجبها، بل ظلت شاردة في ملكوتها، فتابعت والدتها بحدة طفيفة :- بت يا أسماء أنتِ يا بت !
انتفضت في مكانها قائلة :- خير يا أما ؟
- فين إسلام ؟
أردفت بتلعثم :- اااا، معرفش قصدي مشي معاه مشوار مستعجل، أنا داخلة أكمل مذاكرة .
تركتها وانصرفت للداخل و بداخلها خوف من القادم .
______________________________________
صعد لشقة عمه، وجلس معه منفرداً قائلاً بمزاح :- إيه يا عمي مش ناوي تنورنا في الشقة و تتعشى عشوة حلوة كدة من بنتك !
عبس قليلاً قائلاً :- لما أفضى من شغل الوكالة.
تنهد بعمق من عمقه العنيد الذي تشبهه ابنته في الكثير من الصفات، و أردف بهدوء :- لا أنت بكرة إن شاءالله هتاجي تتعشى معانا أنت و العيلة كلها ودة آخر كلام يا عمي هزعل بجد، و مريم هتزعل أكتر .
أردف بغيظ :- بالله عليك ما تجيب سيرتها دة إحنا اتفضحنا من تحت راسها .
أردف بحذر :- عمي مريم ما عملتش حاجة كل دة كدب .
هتف بانفعال :- واللي شوفناه كدب ! دة أنت حتى كنت معانا يا راجل !
زفر بتعب، ثم أخذ يقص عليه ما حدث، ولم تكن صدمته أقل منه، فأردف بغضب عارم عندما انتهى إسلام من سرد الحقيقة عليه :- اه يا بنت ال.......
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ثم نهض متابعاً بغل :- طيب وديني لأوريها بت ال.....دي .
مسكه إسلام مانعاً إياه من الخروج قائلاً بروية :- أهدى يا عمي مش كدة، أهدى و فكر بالعقل، أنا بس قولتلك علشان أبرأ مريم قدامك، إنما نعمل مشاكل خلينا إحنا الأصلة .
أردف بانفعال وغضب من نفسه :- والكلام اللي سمعته عن بنتي، هنصلح دة إزاي؟ هنروح نقول لكل واحد وواحدة دة كدب من غير مبرر ؟
هز رأسه بنفي قائلاً بمكر :- أطمن يا عمي أوعدك زي ما قالت عنها الكلام الوحش دة هخليها تصلح كل حاجة.
أردف بحنق :- والأستاذة اللي فوق ساكتة ليه؟ ما نطقتش و برأت نفسها ليه ولا غاوية تعب والسلام !
ثم تابع بندم شديد :- دة أنا ضربتها لأول مرة في حياتي أرفع إيدي عليها .
مط شفتيه بضيق قائلاً :- بنتك ضحت بنفسها علشان واحدة ما تستاهلش، وإن كان على مريم بكرة تيجي بعلبة بسبوسة حلوة كدة و تصالحها بيها، يلا هسيبك أنا بقى تصبحوا على خير .
بعد وقت دلف وهو يحمل الصغير الذي يغفو بسلام على كتفه، أسرعت مريم نحوه لتمسك الصغير و تضعه بالفراش قائلة :- يا حبيبي أنت نمت !
حملته برفق، و رفعت أنظارها نحو الآخر قائلة بهدوء خجل :- غير هدومك علشان تتعشى، هروح أنيم ميدو و أحضر الأكل علطول .
أومأ لها بابتسامة خفيفة، بينما دلفت هي لتضع الصغير برفق على الفراش، و قبلته في وجنته المكتنزة بحنان، ثم دثرته جيداً، لتخرج بعدها و ترص الطعام على الطاولة ريثما ينتهي هو.
جلست تنتظره، فخرج مرتدياً ملابس بيتية مريحة، ومن ثم جلس ليتناول طعامه .
نظرت له بحذر قائلة :- عملت إيه ؟
ابتسم بهدوء قائلاً :- متقلقيش عملت كل خير، ثقِ فيا .
ابتسمت له بامتنان،فظهرت غمازتها التي يلاحظها لأول مرة، قائلة بشكر :- شكراً على اللي عملته معايا، و شكراً إنك صدقتني.
قطب جبينه قائلاً بمرح :- بتشكريني على إيه يا هبلة ؟ أنتِ ناسية إني جوزك، وإن دة واجبي ناحيتك
قرع قلبها كالطبول بين ضلوعها، و اصطبغت وجنتيها باللون القرمزي، وكم دغدغت الكلمة مشاعرها برقة، اقشعر بدنها على إثرها، فهزت رأسها بخفوت، ونظرت للطعام تلهي ذاتها كي تهرب منه، بينما أخذ هو يطالعها بمشاعر جدت عليه لم تكن أبداً في الحسبان، فهو بين عقل ينهره، وقلب يخبره بأن يقترب ولم لا طالما هي زوجته، ولكنه لا يزال حبيس ذكريات مؤلمة له، و بعيداً عن هذا يشعر بأنه يقترف خطأً جسيماً كلما تذكر أنها كانت يوماً زوجة أخيه . تنحنح بخشونة قائلاً :- بكرة إن شاءالله هيكون في عزومة عندنا بابا وعمي ومحمود وكله .
هزت رأسها قائلة برقة :- طيب كويس قولتلي من دلوقتي علشان أعمل حسابي، بس في حجات ناقصة كدة .
- اكتبِ اللي ناقص في ورقة وأنا هجيبه.
إلتزم كلاً منهم الصمت، حتى أنهوا طعامهم، وبعد أن لملمت الأطباق و غسلتها، أردفت بتوتر :- تحب تشرب حاجة ؟
عبث في خصلات شعره قائلاً :- اه يا ريت كوباية نسكافيه .
أومأت له، و ولجت للداخل،بينما امسك ياقة الفانلة الصيفية التي يرتديها، و أخذ يحركها بعشوائية لينبعث الهواء له قائلاً :- و بعدين معاك بقى ؟ هو النفس بيتشفط من المكان كدة ليه ؟ شكلك مش هتجبيها البر معايا .
أدار التلفاز، و أخذ يقلب في القنوات حتى استقر على أحد الأفلام الأجنبية الشهيرة، فأخذ يتابعه بتركيز شديد على الرغم من أنه شاهده العديد من المرات .
أتت وهي تحمل كوبين و وضعتهم على الطاولة الصغيرة، وما إن رأت الفيلم هتفت بصوت حماسي :- الله ! مملكة الخواتم، خليه يا إسلام بالله عليك، أنا بحبه أوي.
أردف بضحك :- أهو قدامك مش هقلب، تعالي نتفرج عليه سوا .
أومأت بابتسامة اخترقت صدره كالرصاصة، ولكنها أحدثت نغماً هادئاً محبباً بداخله . جلست إلى جواره قائلة :- دة الجزء الأول followship of the ring حلو جداً، كدة نسمع على رواقة ..
ظلا يشاهدا الفيلم بانسجام شديد، و بمرور الوقت، شعر بثقل على كتفه، فوجه مقلتيه ناحيتها وجدها تغفو على ذراعه بسلام، وكادت رأسها أن تسقط لولا يده التي حالت دون ذلك، فمال بظهره على الأريكة، و أراح رأسها على صدره و سرعان ما سمع دقات قلبه السريعة مجدداً.
رفع يده التي كانت ترتجف قليلاً، و أزاح خصلات شعرها التي تحجب عنه رؤية وجهها، و أخذ يسير بأصابعه على بشرتها الناعمة يتلمس ملامحها ببطئ،وجدها تجعد أنفها بضيق أثر فعلته، فابتسم بعبث و كرر الفعلة، فهتفت بنعاس :- بس يا ميدو عاوزة أنام.
كتم ضحكته بصعوبة و كرر الفعلة، فصدمته حينما أردفت بنعاس، وهي مغمضة العينين حينما رفعت رأسها قليلاً، ثم جذبت رأسه ناحيتها وقبلته في وجنته بعمق قائلة :- أديني بوستك أهو يلا بقى سيبني عاوزة أنام .
قالت ذلك ثم عادت أدراجها لتتوسد صدره مجدداً، تنام بعمق وهي تشعر بالدفئ يغلفها، فأحتضنته أكثر لتهمهم بسعادة وكأنها تطير فوق السحب، ولا تعي لذلك الذي كاد أن يصل ثغره للأرض بعد فعلتها، لو كان عداءاً بمارثون يركض فيه لما كانت حالته كهذه، أخذ صدره يعلو و يهبط بعنف، و حبات العرق تجمعت فوق جبينه، فهتف بتوتر:- أنا قولت من الأول أنها مش هتجيبها البر .
قال ذلك ثم نهض بحذر من جوارها كالملسوع، و ازدرد ريقه بتوتر، وكاد أن يدلف لغرفته ليهرب من تلك المشاعر اللعينة التي تطارده في الآونة الأخيرة، لا يريد أن يعترف بها، ولكنها ترغمه في كل مرة على الاعتراف، وكأنها تخبره لا مفر من الهروب، نظر لها وجدها تنام بعدم راحة، فتنهد بصعوبة قائلاً بتبرير زائف :- يووه أنا هشيلها و أنيمها مكانها وخلاص .
سحب نفساً طويلاً لعلومه نقص الأكسجين قرابتها، حملها برفق وتوجه لها ناحية غرفتها، ومن ثم مددها برفق، و وجد نفسه يقبلها بوجنتها بخفوت، وفعل المثل مع الصغير ودثرهما جيداً، ومن ثم خرج من الغرفة، وهتف بابتسامة حالمة :- شكلك بتتكلم صح يا محمد لازم أتغلب على كل حاجة و ابدأ معاها من جديد . بقلم زكية محمد
_____________________________________
قبل ذلك بساعات قليلة كانت العائلة تجلس مع الابن الغائب والذي أشتاق إليه الجميع، وكانت الطفلة تجلس على قدم رحيق التي اندمجتا معاً سريعاً و أحبت رحيق الفتاة كثيراً، ولكن ما أثار دهشة عاصم هو معرفته أن لديه ابنة عم أخرى على قيد الحياة فقد ظنها أنها ماتت مع والدتها فهتف بتعجب :- بس إزاي دة لقتوها فين ؟
هتف شادي بعملية :- كانت عند خالتها و بابا لقاها هناك .
هز رأسه بعدم اكتراث للتدخل في تفاصيل أكثر قائلاً :- أها أوك الحمد لله أنها بخير و لقتوها .
عند رحيق كانت تود النهوض للقيام بأمر ضروري، فهتفت بحنو للصغيرة :- جوجو حبيبتي روحي لتيتة يلا، أنا هروح فوق ورايا شغل .
هزت الصغيرة رأسها برفض قائلة :- no,no أروح معاكي يا رحيك .
ابتسمت بحنان قائلة :- بصي خليكي هنا وأنا هجبلك حجات حلوة كتير .
أردف شادي بضحك :- يا سلام يا ست رحيك سحرتي للبنت بسرعة كدة لدرجة أنها مش عاوزة تسيبك، شوفت يا عاصم ؟
هتف بابتسامة ودودة :- جوري تعالي هنا يا حبيبتي.
توجهت لوالدها، بينما صعدت الأخرى للأعلى بخفة حتى لا يشعر بها أحد، و ولجت غرفتها و أبدلت ملابسها بسرعة، و بعد أن انتهت توجهت لغرفة شقيقتها ، و وقفت في جانب غير مرئي بحيث لا تراها عندما تخرج، وما هي إلا ثوان حتى خرجت الأخرى ترتدي ملابس سهرة فاضحة، و تسير ببطئ شديد تنظر يميناً و يساراً كاللص حتى نزلت، فأسرعت الأخرى تسير خلفها بحذر حتى لا تشعر به من في المقدمة .
خرجت من الباب الخلفي من خلال المطبخ، ومن ثم أسرعت في مشيتها ناحية السور الذي وضعت عنده سلم حديدي حتى يتسنى لها الهروب دون أن يراها الحرس وعندها سيخبرون مراد و سيفشل مخططها حين إذ، بعد أن صعدت قفزت من الجانب الآخر بحذر فهي معتادة على ذلك، و نهضت تنفض هندامها قائلة بضجر :- أوف دي بقت حاجة تخنق، بس كله يهون علشان بسومتي.
سارت للأمام لتقفز خلفها رحيق التي تألم قدمها قليلاً فقالت بعبوس :- اه يا قردة عملتيها إزاي دي ؟ !
استقلت الأولى سيارة أجرة، وفعلت الثانية المثل و أخبرت السائق بأن يتبعها وأن لا تغيب عن مرمى بصره.
استرجعت بذاكرتها قبيل ذلك بقليل حينما كانت تسير صدفة، ولكنها وقفت بصدمة حينما سمعتها تتحدث مع شاب، و قد تواعدا بأن يتقابلا بمنزل أحدهم، فمنذ ذلك الحين ساورها القلق حيال الموضوع، ولهذا هي تسير خلفها الآن و تراقبها .
بعد وقت توقفت السيارة أمام فيلا كبيرة، فترجلت منها و دلفت للداخل بعد أن تأكد الحارس من هويتها، فنزلت الأخرى لتفعل مثلها إلا أن الحارس منعها من الدلوف، فرجعت تجر أذيال الخيبة، ولكنها لم تستسلم حيث أخذت تنظر هنا وهناك إلى أن لمحت سيارة تقف بجوار السور، فسارت بسرعة و أعتلت السيارة بصعوبة، ومن ثم تسلقت السور، و نظرت تحتها لتغلق عينيها وتقفز لتطلق صرخة عالية قائلة بألم :- كان مالي بس يا ربِ ما تروح مطرح ما تروح، اه يا رجلي يا عضمك يا رضا ! أما أقوم أشوف المتسهوكة دي راحت فين وهتعمل إيه ؟
سارت للأمام لتسمع صوت موسيقى صاخبة فتوجهت نحو الصوت، لتُفاجئ من وجود مجموعة من الفتية يتراقصون على أنغام الموسيقى، وكذلك الفتيات اللاتي يرتدين ملابس لا تقل فضاحة عن أختها.
شهقت بصدمة قائلة :- إيه قلة الأدب دي ! العيال دي ملهاش أهل يربوهم ؟
استشاطت غضباً عندما وجدت شيري تجلس بجوار شاب، وذلك الشاب يحاوطها من خصرها يقربها منه، فتوجهت نحوهما كالصاروخ و سحبتها من ذراعها بقوة لتقف قبالتها قائلة بحدة :- إيه اللي بتعمليه دة؟
تطلع لها الموجودن بتعجب من تواجد تلك الغريبة بينهم، بينما طالعتها شيري بذهول، ولكنها هتفت بغضب :- وأنتِ مالك و بعدين إيه اللي جابك هنا، أنتِ بتجسسي عليا ؟
أردفت بغضب :- جيت إزاي بنفس الطريقة اللي جيتي بيها هنا، أما بتجسس عليكي دي فأنا مليش دعوة بيكي نهائي بس لما الموضوع يخص بابا و سمعته يبقى لازم أتدخل، قدامي على البيت من سكات .
دفعتها بقوة كادت أن تطرحها أرضاً قائلة بحدة :- أنتِ ملكيش دعوة بيا أنتِ فاهمة ، أنا هخلي الحرس يرموكي برة .
تدخل أحدهم قائلاً بعبث :- مين المزة دي يا شيري، ما تعرفينا ؟
بينما أخذ باسل يطالعها بإعجاب واضح قائلاً بهدوء :- أهدي يا شيري أعصابك يا بيبي، مين دي ؟
أجابته وهي تطالع رحيق بازدراء:- دي اللي قولتلك عليها قبل كدة ..
هز رأسه بتذكر قائلاً :- اه دي أختك ؟
أردفت بانفعال :- متقولش أختي أنت هتعمل زيهم .
هز رأسه بنفي قائلاً بروية :- أوكي أوكي مش أختك بس أهدي وأنا هتصرف .
ربعت يديها قائلة :- لما نشوف يا باسل !
تقدمت رودي منها قائلة بخفوت وهي تمعن النظر في رحيق :- هي دي اللي قولتي عليها ؟
زفرت بضيق قائلة :- أيوة هي، الهانم ماشية ورايا وعرفت مكاني انا خايفة لمراد يجي و تبقى مصيبة .
حدجتها رودي بحقد،فهي تبدو فاتنة على الرغم ما ترتديه من ملابس محتشمة، فشعرت بغل تجاهها خشية أن تؤثر على مراد، فأخذت تفكر في حل للإيقاع بها، وما إن توصلت له، مالت على أذن الأخرى لتخبرها بما يدور بمخيلتها، و سرعان ما ازدادت ابتسامة الأخرى بخبث وهي تهز رأسها بموافقة.
أسرعت شيري تردف بود مزيف :- رحيق بليز ما تقوليش لحد أنا عملت كدة علشان محدش هيرضى يخليني أسهر، هقعد شوية و همشي علطول، روحي وأنا هحصلك.
هزت رأسها بنفي قائلة بإصرار :- لا رجلي على رجلك هنمشي دلوقتي مع بعض، وبعدين إيه اللي أنتِ لابساه دة يا هانم مبين جسمك، لو مش خايفة من أبوكي وأخوكي خافي ربنا .
جزت على أسنانها بغيظ، ولكنها أظهرت عكس ذلك قائلة بهدوء مغاير :- تعالي بس متخافيش، طيب إيه رأيك تستنيني و نمشي سوا، منها أقعد شوية ومنها أقعد قدامك تحت عينك أهو .
أردفت باستسلام :- ماشي لما نشوف أخرتها إيه معاكي، واه متتلزقيش في الواد الملزق دة .
هزت رأسها قائلة بابتسامة مصطنعة :- حاضر يلا أقعدي بقى دة أنا هجبلك عصير انما إيه صنف جديد مجربتهوش قبل كدة .
أتت رودي وهي تحمل أكواب و قدمتها لهن قائلة بابتسامة مزيفة :- اتفضلوا العصير.
تناولت منها الكوب لتتجرعه بنهم، لشعورها بالعطش الشديد، و بعد أن أفرغت الكوب هتفت بتعجب :- العصير دة بيحرق في الزور أوي !
أردفت شيري بخبث وهي تناولها كوباً آخر :- دة عصير كوكتيل جديد خدي اشربي تاني دة حلو أوي .
و بالفعل تناولت منها الكوب لترتشف منه، بينما أخذتا تطالع كل منهما الأخرى وعلى وجههن ابتسامة انتصار لنجاح مخططهم.
على الجانب الآخر ما إن وصلت له الأخبار، نهض يلملم أغراضه بغضب شديد، و يتوعد لهن، وغادر المكان بسرعة قصوى ، وانطلق بسيارته ونيران الغضب تلاحقه . بقلم زكية محمد. 
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
نظرت للشراب بتردد، ولكن ما إن رأت البقية يرتشفون منه طمأنها ومن ثم شربته على الفور، لتعطي لها شيري كوباً آخر وشربته لشدة شعورها بالعطش من الجهد الذي بذلته، وكأسان كانا كافيين لجعلها في حالة سكر تامة .
أخذت تضحك بهستيرية، فهتفت بترنح :- شيري أنتِ واقفة مقلوب ليه؟
أجابتها بتشفي :- أبداً يا روحي، خدي اشربي كمان.
التقطت منها الكوب قائلة بسُكر :- العصير اللي بيحرق في الزور !
أنهت جملتها و تجرعته بأكمله، ثم أخذت تضحك بصوتها العالي وقالت بتفكير :- شيري أنا عاوزة أرقص .
رفعت حاجبها بدهشة قائلة :- ترقصي ! وماله يلا تعالي أرقصي، دي شكلها هتحلو أوي .
أخذت تتمايل على أنغام الموسيقى قائلة بدون وعي :- يلا يا بسمة هاتي الطرحة .
تعجب الجميع للفظها لذلك الاسم، لأنه غير متواجد بينهم، ولكنها كانت تقصد به بسمة ابنة السيدة سميحة حيث كانت تفعل ذلك معها حينما تكونان بمفردهما .
ابتسمت رودي بخبث و ناولتها الوشاح الخاص بها والذي يلتف حول جيدها قائلة :- أدي ال scarf اللي أنتِ عاوزاه .
أردفت رحيق وهي تنظر لشيري :- هاتي أغنية حسن شاكوش يا بسمة .
أومأت بمكر قائلة :- حاضر يا روح بسمة . بينما غمزت لأحدهم بأن يصور ما يحدث .
لفت الوشاح حول خصرها، وأخذت تتمايل باحترافية، و ضحكاتها تملأ المكان، و نظرات الشباب تكاد تأكلها، اجتمع من بالمكان حولها و أخذوا يصفقون و يطلقون صافرات الإعجاب بتلك الجميلة الغائبة عما تفعل .
توقفت السيارة الخاصة به ونزل منها و خلفه الحرس، كانت النيران متجسمة بعينيه، و دمائه غلت بعروقه حتى كادت أن تنفجر.
دلف للداخل لتتوقف قدماه عن الحركة، لتلجمه الصدمة مما رأى، لطالما كان جامداً لا يظهر ما يشعر به على وجهه، إلا أنها نجحت في ذلك، حيث اتسعت عيناه على آخرهما، و كاد ثغره أن يصل للأرض من هول الصدمة.
بدأت أنفاسه تتثاقل، والبركان الذي بداخله يثور معلناً عن انفجاره . تقدم منها بخطوات سريعة، و جذبها بعنف من ذراعها قائلاً بصوت عال، صمت كل شيء على أثره، جعلت جدرانه الجليدية تتآكلها تلك النيران التي تصاعدت وهو يراها بتلك الهيئة :- إيه اللي أنتِ بتهببيه دة ؟
نظرت له بتذمر قائلة وهي تبعد يده عنها :- أنت مين ؟ اه اه عرفتك أنت مراد الفريزر البارد .
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- أخرسي خالص قدامي، وفين الهانم التانية؟
كانت ترتعش حرفياً فور رؤيتها له يدلف كالأعصار و ازدردت ريقها بصعوبة خوفاً من القادم. ما إن أبصرها، شعرت بهروب الدماء من وجهها، فصاح بغضب :- قدامي على العربية.
هزت رأسها بخوف، و ركضت من أمامه تنفذ ما طلبه، بينما أخذ يهز التي تترنح أمامه قائلاً :- وأنتِ حسابك بعدين .
شدت ذراعها الذي كان تحت قبضة يده قائلة بحنق :- يووه أنت مالك أنا عاوزة أرقص، أنت بارد كدة ليه ؟ ثم ضحكت قائلة بتكرار وهي تصفق بيديها :- مراد البارد ....مراد الفريزر....يا فريزر يا فريزر..
جذبها خلفه وهو يكاد يحطم أسنانه، وأخذ يسير بسرعة بها، ركضت هي خلفه لتلحق به قائلة بصراخ :- سيبني يا بارد ..سيبني، يا بسمة ليه جيبتي الفريزر دة عندكم ؟ مشيه مشيه ..
رفع حاجبه قائلاً بتهكم واضح:- وكمان سكرانة !
تعثرت قدمها فسقطت قائلة بوجع :- رجلي..رجلي يا فريزر استنى الله يخربيتك، قطر ماشي !
عض على شفته بغيظ، يود لو يفصل رأسها عن باقي جسدها فهتف بحدة :- أنتِ هتستهبلي! اخلصي قومي .
أردفت بدموع :- رجلي وجعاني يا فريزر !
زفر بضيق، وما جعله يستشيط غضباً هو نعتها له ب"الفريزر"، جلس قبالتها وفك ذلك الوشاح الذي يتوسط خصرها و ألقاه بعنف، وحملها على حين غرة فشهقت قائلة بضحك :- الله ! أنت هتمرجحني ؟ طيب براحة علشان بدوخ .
اصطكت أسنانه ببعضها محدثة صوتاً من شدة غضبه و ضيقه من تلك المعتوهة التي تنجح في كل مرة أن تزيد من غليان دمائه.
سقطت رأسها على صدره فرفعت وجهها نحوه قائلة بسكر :- مراد! أنت بارد . ثم رفعت كفها ومشت بأطراف أصابعها تتلمس بها وجهه قائلة بضحك خافت :- دقنك بتشوك ! احلقها يا فريزر...
ولم تتحدث بعدها حيث سقطت يدها و ارتخى جسدها، فنظر لها بانتباه وجدها سقطت في النوم .
وصل للسيارة فقام أحد الحرس بفتح الباب الخلفي ليضعها ببعض القوة بجوار شيري التي كانت مصدومة من فعلته، أذلك الذي يرفض أن تقترب أي أنثى منه يحمل فتاة بين ذراعيه !
بعد وقت توقفت السيارة بداخل القصر، فنزلت شيري تمشي بخطوات أشبه بالركض للداخل، بينما لم يجد مفراً من أن يحملها مجدداً و دلف بها للداخل .
كان عاصم ما زال متيقظاً برفقة والده و عمه وشادي وجده بالصالة الكبيرة وكانت الصغيرة قد غفت .
ما إن وضعت شيري قدمها على أول سلمة، صرخ مراد باسمها قائلاً :- شيرين أقفي عندك!
التف الجميع نحو مصدر الصوت، فأصابتهم الصاعقة حينما وجدوه يحمل رحيق الغافية. نهض شادي قاطعاً ذلك الصمت قائلاً بذهول :- مراد إيه اللي بيحصل هنا دة ؟ فهمني !
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- أبداً بلم الفضايح اللي بيعملوها أخواتك.
نظر له بضيق مزمجراً بغضب :- احترم نفسك يا مراد، وشوف نفسك بتقول إيه ؟
قال ذلك ثم حمل رحيق عوضاً عنه بحنق، و دلف بها إلى إحدى الغرف القريبة و وضعها بها، ولاحظ ثمة رائحة كريهة تنبعث منها من خلال تنفسها، ولكن لا وقت لذلك، بل عليه معرفة الأمر، إذ خرج سريعاً ليردف بانفعال :- أنت كنت شايل أختي بالطريقة دي ليه؟ وجايبهم منين؟
أردف بسخرية :- أبداً جبتهم من فيلا واحد وكانوا هناك....
صمت غير قادر على نطق تلك الكلمات، لطالما رأى فيها الفتاة الملتزمة، فزفر بغيظ قائلاً وهو يشير لشيري :- الهانم و الليدي التانية كانوا في حفلة مع شباب و بيشربوا خمرة، و الأستاذة التانية بترقص ولامة حوليها الشباب .
هتف مجدي بصدمة :- بتقول إيه ؟
أردف بأسف وهو يمط شفتيه بضيق :- للأسف يا عمي دي الحقيقة .
التف شادي نحو شقيقته وطالع هيئتها التي جعلته يغلي كالمرجل، و بلحظة قبض على شعرها قائلاً بحدة :- كام مرة أنبه عليكي اللبس دة ما يتلبسش يا هانم ها كام مرة ؟
أخذ صدرها يعلو و يهبط بعنف وهتفت بتلعثم :- اااا.. أنا أنا..
لطمها بقوة قائلاً :- الظاهر الحنية مش جايبة معاكي بفايدة، و أنا أتساهلت معاكي بما فيه الكفاية .
صرخت بوجهه قائلة :- أنت بتضربني ليه ؟ بدل ما تروح تضربها هي، اه ما هي من أول ما جات وأنت عمال تدلع فيها وناسي إني أختك طبعاً مش هتغلطها.
طالعها بصدمة قائلاً :- إيه الهبل اللي بتقوليه دة ؟ أنتوا الاتتين أخواتي، وكوني إني بضربك و بحاسبك دلوقتي يبقى يهمني أمرك زيك زيها يا ريت بس تطلعي الأفكار اللي مش تمام دي من دماغك، ومين قالك إني مش هعاقبها؟
ثم وجه مقلتيه نحو مراد قائلاً بعدم تصديق :- مراد فهمني اللي حصل أنا هتجنن، و رحيق إزاي تعمل كدة دي متعرفش حد، مش ممكن!
أردفت بحقد :- مش ممكن ليه ؟ على العموم لو مش مصدق مراد شاف كل حاجة .
أردف بثقة :- رحيق متعرفش حد هنا علشان تروح عنده، ورحيق اللي رفضت إني أحضنها وكانت هتضربني على الرغم من أني أخوها استحالة تعمل كدة .
أردفت بانفعال :- قصدك إيه؟ بتلمح لايه ها ؟
أردف بغيظ :- وكمان ليكي عين تقاوحي!
هتف عمران بصرامة :- بس يا ولد أنت وهي، إيه مش محترمين اللي أكبر منكم ! وأنت يا مراد اتكلم مش هنشحت الكلام كمان.
أردف بجمود :- ما أنا قولت يا بابا اللي شوفته، ويا ريت تتصرفوا معاهم بدل ما اسم العيلة يتلطخ بسبب بنتين، بعد أذنكم.
صعد للأعلى، بينما أردف مجدي بعدم تصديق :- بناتي بيعملوا كدة! مش ممكن لا أكيد في حاجة غلط في الموضوع، روح صحيها يا شادي أنا لازم أعرف كل حاجة دلوقتي.
أردف شادي بروية خوفاً على والده :- بابا أهدى. هي صعب تفوق دلوقتي أوعدك أول ما تفوق هعرف منها كل حاجة.
نظر مجدي لابنته الأخرى بأسى قائلاً :- وأنتِ يا شيري؟ دي جزاتي ! مديلك حريتك و واثق فيكِ شباب وخمرة يا شيري ! علشان اتشليت يعني قولتي بابا مش هيشوفني؟
أردفت بسخط :- وفيها إيه يا بابي دول صحابي وأنا معملتش حاجة غلط، إحنا في القرن 21 بلاش الدقة القديمة بتاعتك دي على رأى مامي.
كاد أن يتقدم منها ليلقنها درساً على حديثها الغير أخلاقي مع والدها، إلا أن مجدي أردف بسخرية :- سيبها يا شادي. مامي! اممممم قولتيلي مامي، العيب مش عليكي، اسمعي أما أقولك الكريدت كارد هتتسحب منك و مفاتيح العربية ومن النهاردة هتمشي بحرس وكل نفس هتتنفسيه هيكون بعلمي، حطي كل حاجة و اطلعي على أوضتك.
نظرت له باعتراض شديد، ولكن ما إن رأت الإصرار بعينيه التقطت المفاتيح و البطاقة و ألقتهم بحدة على الطاولة، و هرولت لغرفتها بسرعة، و بداخلها كره يتصاعد للأخرى.
قطب عاصم جبينه بعبوس قائلاً :- إزاي طلعوا ؟ مش قالوا إنهم طالعين فوق! وازاي الحرس يسيبهم يعدوا كدة ؟
أردف شادي بغيظ مكبوت :- أنا هروحلهم و أشوف شغلي معاهم وهحاسبهم على الاستهتار دة .
أنهى حديثه ليغيب في الخارج لدقائق معدودة، ليدلف بعدها بوجه مكفهر فتسألهم أعينهم بما فعل وإلام وصل، فيهتف بسخرية :- الهوانم طلعوا من على السور و استخدموا السلم، بجد برافو !
هتف المرشدي بغلظة :- شيري ما تعملش حاجة زي كدة أبداً، دي تصرفات ناس جاية من الشارع، و أظن أنتوا عارفين مين اللي عمل كده كويس !
تطلع له ابنه قائلاً بحزن :- بابا اللي بتغلط فيها دي تبقى بنتي و حفيدتك فبلاش كلام من دة إذا سمحت.
زفر بضيق قائلاً :- أياً كان! اللي اتعمل دة أكبر غلط، ونقطة سودة لعيلة المرشدي، لما بكرة تلاقي صورهم منورة الجرايد، وزي ما عاقبت شيري يا ريت تعاقب اللي أنت مش شايف غيرها من أول ما جات.
أردف بانفعال :- أقتلها يعني و أريحكم؟ دي بنتي ! بنتي يعني ليها زي ولادي الباقيين بالظبط و حاضر يا بابا هعاقبها ، بس اسمعها الأول.
أردف بغيظ :- و اشمعنا دي بالذات اللي هتسمعلها؟
تنهد بعمق قائلاً :- لأني متأكد أنها استحالة تعمل كدة، أكيد في حاجة دفعتها أو حاجة خلتها توصل للحالة دي، و قبل ما تتكلم وتقول واثق فيها و شيري لا، أنا واثق في تربية فاطمة بس مش واثق في تربية ناريمان، أنا من زمان وأنا حاطط حراسة عليها يراقبوا تصرفاتها، يعني مش دلوقتي لما ظهرت رحيق، من زمان يا بابا . بقلم زكية محمد
تدخل عمران قائلاً بروية :- دلوقتي لازم نتابع السوشيال ميديا و نتصل بمعارفنا في الصحافة علشان لو حد جاب ليهم صور يلحقوا يتصرفوا.
______________________________________
فتحت مقلتيها لتستقبل يوماً جديداً، مررت ذراعها على الفراش ناحية الصغير، إلا أنها لم تجده، فجلست نصف جلسة و بعثرت خصلات شعرها بعشوائية قائلة :- راح فين الشقي دة بس ؟
لتندرج الحمرة لوجنتيها قائلة بخجل و حب :- وإسلام هوريه وشي إزاي بعد اللي حصل ؟ دة شالني لحد هنا و نمت على دراعه و محستش بنفسي يا رب ميكونش لبخت في حاجة تانية مش فكراها .
ثم تابعت بشرود و عينيها تلمع ببريق عشقه :- هو أتغير أوي و مبسوطة أنه صدقني، ياااه لو تعرف يا إسلام بحبك قد إيه ومن إمتى؟ أكيد هياجي اليوم اللي هقولك فيه كدة .
صمتت قليلاً لتردف بخوف مبهم :- بس يا ترى هتتقبل حقيقتي و لا هتسبني من أول ما تعرف! يلا أنا مش هفكر في بكرة هخلي بكرة لبكرة...
بعد دقائق خرجت لتجدهم على طاولة الطعام يعدون المائدة، فنظرت لهم بدهشة قائلة :- إيه دة ؟ انتوا بتعملوا إيه؟
هتف إسلام بمرح :- صباح الخير الأول.
أردفت بحرج :- صباح النور، بس انتوا مصحتونيش ليه أحضر الفطار ؟
أردف بمرح و مزاح :- يا ستي إحنا شايلينك للتقيلة، أنتِ ناسية إن عندنا عزومة النهاردة ولا إيه ؟ هبقى أناديلك سامية تساعدك لأحسن تتعبي لوحدك.
هزت رأسها بنفي قائلة بعند :- لا ولا تعب ولا حاجة أنا أقدر أعمل كل حاجة لوحدي، كتبتلك الحجات اللي ناقصة.
أومأ بتفهم قائلاً :- ماشي تمام أبقي فكريني بيها قبل ما أنزل، يلا أقعدي أفطري .
جلست بجوار أحمد و قبلته من وجنته بعمق قائلة :- صحيت من غير ما أخد بوسة الصبح يا ميدو !
أردف إسلام بمكر :- لا خدها من زمان أوي.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
قطبت جبينها بتعجب، فأسرع يقول :- قصدي يعني أنا بوسته الصبح.
هزت رأسها بتفهم، بينما هتف الصغير :- ماما إثلام ب...مممم
لم يكمل حديثه، حيث كمم إسلام ثغره بيده، وحمله واضعاً إياه على فخذه قائلاً بهمس وحنق شديد :- إحنا اتفقنا على إيه يا أبو حميد؟ هو دة إتفاق الرجالة برده!
نظر له الصغير بتذكر قائلاً بهمس بعد أن أزاح يده :- اه ثح نثيت يا إثلام، تمام أنا مش هقول وعد .
أردف بحنو :- كدة تبقى راجل وأنا هجبلك اللي أنت عاوزه لما ننزل .
أردف بحماس :- ماشي يا عمو إثلام، أنا عاوز اللعبة اللي قولتلك عليها امبارح.
ضحك بغيظ قائلاً :- محترم أنت أوي يا ميدو عند مصلحتك، ماشي يا بطل هجبلك اللي أنت عاوزه.
نظرت لهم بتعجب قائلة :- هو أنتوا بتقولوا ايه؟
ابتسم إسلام بتكلف قائلاً :- لا أبداً ما تخديش في بالك إحنا بس بنتفق على اللعبة اللي هنجبها لميدو .
هزت كتفيها بتعجب، و شرعت في تناول الطعام، بينما أخذ إسلام يطالع الصغير بغيظ وهو يسترجع بذاكرته ما حدث منذ ساعتين، حينما استيقظ بنشاط وابتسامة أعتلت ثغره، و تلقائياً لامس وجنته موضع قبلتها بالأمس، بعد أن أغتسل و أدى فرضه، توجه ناحية غرفتها و فتح الباب بهدوء حذر، فوجدها تغفو بسلام وإلى جوارها الصغير الذي ينام بطريقة مضحكة، فتوجه ناحيتهم وجلس بخفة إلى جوارها تاركاً جوارحه هي من تتولى زمام الأمور، تحركه وهو ينقاد خلفها بطواعية .
رفع يده ليبعد تلك الخصلات عن وجهها التي تحجب عنه رؤيتها، لا يعلم كم مر من الوقت وهو يراقبها دون كلل منه أو ضجر، بل وجد استمتاعاً في مراقبتها على ذلك النحو.
شعر بمغناطيس هي الشحنة السالبة وهو الموجبة فالتصق بها بجرأة منه، ليرد لها فعلتها بالأمس بكرم وسخاء . شعر ببركان انفجر بداخله، ولا يريد الابتعاد بل يريد أن يروي ظمأه وأن ينهل المزيد والمزيد من ذلك النعيم .
انتفض في مكانه حينما أتاه صوت الصغير الناس :- إثلام أنت بتبوث مامي عيب !
سب نفسه بداخله وعلى انجرافه على ذلك النحو . نظر للصغير بحرج بالغ، وقد تبدلت الأدوار ليشعر بأنه طفل أذنب أمام معلمه، وفجأة أخذ الصغير وحمله وخرج به كي لا تستيقظ و تتساءل عن سبب مجيئه إلى هنا. وضع الصغير على الأريكة وجلس قبالته، بينما أردف أحمد ببراءة :- عمو إثلام أنت بوثت مامي، عيب يا عمو .
مسح على وجهه بضيق قائلاً :- ميدو حبيبي أنا كنت.....كنت بشوفها سخنة ولا لا علشان لو عيانة أديها حقنة.
هز رأسه قائلاً بتفكير :- لا هي بتشوف الحرارة لما بتبوثني هنا وهنا.
قالها الصغير وهو يشير لوجنته و جبينه، فعض إسلام على شفته السفلى بغل من تفكير هذا الصغير، فأردف بكذب :- ما الصغيرين بس اللي بيتباسوا هنا لكن الكبار .....ولا ..ولا أنت هترغي كتير أنا مش محتاج أبررلك على فكرة .
أردف الصغير وهو يهز رأسه :- يعني الكبار مش زي الثغيرين .
أومأ له بتأكيد، فأردف بحذر :- بس بقولك إيه متقولش لحد .
هز رأسه بموافقة قائلاً :- ماشي يا إثلام، و دلوقتي أنا جعان .
أردف بحنو :- بس كدة ! يلا بينا على المطبخ و أنا هعملك أحلى فطار .
دلفا معاً و أعدوا الطعام، ولكنه غَفِل تماماً عن نقطة أنه طفل و بإمكانه اخبارها ذلك بسذاجة منه، لذا قام بمنعه عن مواصلة الحديث، وهو يشعر بتوقف دقات قلبه خشية أن يخبرها مجدداً، لذا عليه الخروج به من المنزل ليتحدث معه بالأمر.
بعد وقت نزلا للأسفل في طريقهم للوكالة، فأخذه على جانب وهتف بحذر :- شوف يا ميدو عاوز أقولك على حاجة كدة .
هتف بانتباه :- إيه يا عمو؟
أردف بحنو :- مش أنت راجل كبير دلوقتي، ولا لسة عيل صغير بيعملها على روحه؟
امتعضت ملامحه قائلاً بتذمر :- لا أنا راجل مش عيل .
أومأ بانتصار قائلاً :- تمام، شوف بقى الرجالة ما بتفتنش ولا بتروح تقول لحد على حاجة لما بتحصل، علشان بيبقى سر كبير .
أردف بطفولية :- أنا مش بقول ثر لحد .
أردف بغيظ :- وأحنا مش اتفقنا متقولش لماما على اللي حصل الصبح ؟
أردف بضيق :- بث أنت مقولتش ثر !
ضغط على فكه بقوة قائلاً :- يعني لازم أقول سر ؟ ماشي يا سيدي دة سر و متقولش لأي حد أياً كان، تمام؟
هز رأسه قائلاً بموافقة :- ماشي يا إثلام، يلا بقى هاتلي اللعبة .
عض على شفتيه قائلاً بغيظ:- ماشي يا مصلحجي لما نشوف أخرتها معاك..
صمت قليلاً ليردف بخفوت :- ومع أمك ..
ثم ابتسم بعبث قائلاً بتوبيخ لنفسه :- بس مكانش المفروض تعمل كدة، تستغلها هي ونايمة! لو عاوز تعمل دة أعمله في النور بدل ما أنت بتسرق زي الحرامية.
مر على صديقه محمد، و ألقى عليه التحية فهتف محمد بمرح :- إيه يا برنس شكل الغزالة رايقة، و الضحكة من الودن للودن، هي السنارة غمزت ولا إيه؟
هتف بغيظ :- قُر يا أخويا قُر، هو أنا إيه اللي جايبني ورا غير قرك دة !
ضحك بصخب قائلاً :- هو أنا هكرهلك الخير يا عبيط! ها طمني رفعت راسنا ولا؟
ضحك بغلب قائلاً :- والله أنت فايق و رايق، و بتقول كلام والسلام، أنا مش فاضيلك .
أومأ برأسه بتفهم قائلاً بعبث :- وماله يا كبير ، أهرب أهرب، بس مسيري هعرف.
ضحك الآخر مقرراً تجاهل أسئلته حتى يضع النقاط فوق الحروف، و يقف على أرض صلبة و ليتأكد هل هي تريد أن تُكمل في تلك الزيجة .
يا لك من أحمق لو تعلم مدى العشق الذي تكنه لك لأصابك الجنون و الصدمة. بقلم زكية محمد
_____________________________________
فتحت عينيها بتثاقل، و وضعت يدها على رأسها قائلة بتذمر :- اه يا راسي،صداع رهيب!
نهضت من مكانها وجلست نصف جلسة، و أخذت تحدق بالمكان قائلة بتعجب :- إيه دة ؟ أنا إيه اللي جابني هنا وأنا فين ؟
وما إن تذكرت البارحة ضمت نفسها بحماية قائلة برعب :- يا لهوي! أنا... أنا مش فاكرة حاجة..
- صباح الخير يا ....يا هانم!
انتفضت في مكانها على صوته، فالتفت ناحية صوت قائلة :- شادي!
أردف بتهكم :- أيوة شادي، أومال أنتِ كنتي متوقعة حد تاني ؟
مطت شفتيها بتعجب من حديثه قائلة :- حد تاني مين يعني؟ أنا مش فاهمة حاجة، هو مين جابني هنا، و شيري فين؟
أردف بغضب مكبوت :- سيبك من شيري و اللي جابك هنا، أنا عاوز توضيح منك فوراً للي حصل امبارح.
هزت رأسها بعدم فهم قائلة :- حصل إيه امبارح ؟ أنا مش فاكرة حاجة .
ضحك بتهكم قائلاً:- اه طبعاً هتفتكري إزاي وأنتِ سكرانة؟!
اتسعت عيناها بذهول قائلة :- إيه؟ بتقول إيه؟ إيه سكرانة دي كمان!
أردف بانفعال :- هنستعبط دلوقتي مش كدة! رحيق ما تعصبنيش.
ارتعشت يديها تزامناً مع شفتيها بتوتر قائلة بصوت يوشك على البكاء :- لا لا والله ما فاهمة. أنا مش فاكرة حاجة، غير إني روحت ورا شيري خفت تكون بتعمل حاجة غلط، و خصوصاً لما لقيتها بتنط من فوق السور.
رفع حاجبه قائلاً باستنكار :- سور! ما شاء الله. اه و بعدين .
أردفت بدموع :- و بعدين روحت وراها المكان اللي راحتوا، و فعلاً كان في شباب وهي كانت قاعدة مع ولد، و لما زعقتلها قالتلي أنها مش بتعمل حاجة غلط، أنا مكانش قدامي غير أن استناها، وبس جابتلي عصير و شربته و مش فاكرة حاجة تاني.
هز رأسه بتهكم قائلاً :- يعني مشربتيش خمرة ؟
هزت رأسها بفزع قائلة :- لا والله أنا شربت عصير بيحرق في الزور بس، شيري قالتلي أنه عصير فخم كدة من بتوع الزوات .
رفع حاجبه بذهول قائلاً :- لا والله! فرقت هي يعني، العصير بيختلف بالمستوى!
أومأت بتأكيد قائلة :- أيوة زي ما في حجات هنا أول مرة أشوفها فأكيد العصير دة واحد منهم .
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- طيب شوفي يا غبية اللي شربتيه دة مكانش عصير، دة كان خمرة ايه رأيك بقى ؟
شهقت بصوت عال قائلة بخوف و دموع :- خمرة! أنا شربت خمرة؟! لا لا لا أنا كدة عصيت ربنا، دي كبيرة من الكبائر. يا لهوي يا مصيبتي، لا لا سامحني يا رب مكنتش أعرف مكنتش أعرف..
أخذت تردد تلك الكلمات، و انهارت في موجة بكاء حارة والندم حليفها على ما أقترفته من ذنب.
نظر لها بشفقة، وقد تأكدت شكوكه الآن، فهي بعيدة كل البعد عن أن تقترف مثل ذلك الجرم، فاقترب منها قائلاً بحنو :- رحيق أهدي خلاص أنتِ مكنتيش تقصدي .
نظرت له بوجه دامي، و الدموع تغرق وجنتيها قائلة ببكاء و شهقات متقطعة :- والله ما أعرف لو كنت أعرف أكيد مكنتش هقرب ناحيتها منك لله يا شيري أنتِ و صحبتك. كان مالي ما كنتي غورتي في ستين داهية .
ربت على ظهرها بحنو قائلاً :- خلاص أهدي وقومي كدة علشان نشوف هنعمل ايه في الباقي .
نظرت له بحذر قائلة:- ليه هو أنا عملت حاجة تاني؟ يا مصيبتي يا مصيبتي!
هتف بحدة :- ممكن تسكتي و تبطلي صويت؟
هزت رأسها بموافقة، بينما زفر هو بضيق قائلاً :- للأسف في حد صورك امبارح أنتِ و بترقصي .
شعرت وكأنها تسقط من فوق ناطحة سحاب، فسقطت أرضاً و تهشمت إلى فتات قائلة بذعر :- رقصت ! كمان رقصت ! يا لهوي يا لهوي، أعمل إيه أوري وشي للناس إزاي؟
هتف بحدة :- قولتلك بطلي صويت، الفيديو الحمد لله ما اتسربش و لحقنا الموضوع.
تنهدت براحة، ولكن زادت ضربات قلبها مجدداً حينما تابع :- بس في مشكلة تانية!
أردفت بنحيب :- في إيه تاني؟
نظر لها بحذر قائلاً :- في صور أتسربت للصحافة و السوشيال ميديا ليكِ و لمراد وهو يعني... أااا شايلك، وفي أوضاع أخدوها بذكاء علشان تبين حاجة تاني .
اتسعت عيناها بذعر قائلة :- حاجة إيه؟ وايه دخل مراد في الموضوع؟
أردف بتوضيح :- ما هو مراد اللي جابكم امبارح و لما كنتي سكرانة و وقعتي من طولك اضطر أنه يشيلك..اللي صور كان ذكي و قدر يصوركم في أوضاع توحي أنه يعني.....يعني... احم...
قاطعته قائلة بخجل :- بس بس خلاص فهمت . يا مصيبتي كان مستخبيلي فين دة ؟ يا فضيحتك يا رحيق ، يا شماتة أبلة طاظا فيا .
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- أبلة طاظا مين؟
صرخت بحدة قائلة :- أخرس!
رفع حاجبه يطالعها بغرابة، بينما هتفت بحرج :- سوري اندمجت شوية في المشهد .
ضيق عينيه قائلاً بغيظ :- يا بت أتعدلي إحنا في إيه ولا في إيه! هنعمل ايه في المصيبة دي، أحسنلك تخليكي هنا و متطلعيش مراد على آخره برة ومش عارف يبرر للصحافة باللي عندهم دة بإيه ؟
وضعت يدها في خصرها قائلة بوجه ممتعض :- نعم يا عمر! ليه كنت خايفة منه ولا خايفة منه؟
أردف بسخرية :- أيوة روحي زي الشاطرة كدة و قوليله البوقين دول، دة مش بعيد يدفنك مكانك، كان فين عقلك كان فين؟
أردفت بتذمر :- أنا كنت خايفة عليها لا تكون بتعمل حاجة غلط، و بعدين هي فين دة أنا هشرب من دمها، أوعى كدة .
خرجت من الغرفة بسرعة البرق، وعيناها تجوب المكان بحثاً عنها، وما إن وجدتها تجلس إلى جوار والدتها، ضيقت عينيها بغيظ و وعيد، و انطلقت نحوها كالقذيفة، صرخت الأخرى حينما رأت نفسها ممدة على الأريكة، و الأخرى فوقها تشد خصلات شعرها قائلة بغضب :- والله لأربيكي يا كلبة بتشربيني خمرة؟!
أنهت كلماتها وغرزت أسنانها الحادة في ذراعها، بينما أطلقت العنان لصراخها الذي ملأ المكان .
أخذت ناريمان تدفع رحيق بغضب قائلة بكره :- ابعدي يا متوحشة عن بنتي. بقلم زكية محمد
أتى من بالقصر على صراخهم، فأسرع شادي يحمل رحيق قائلاً بحدة :- بس خلاص كفاية .
هتفت بوجه دامي من فرط الجهد وهي تطالعها بشراسة :- سيبني يا شادي لازم أعلم عليها، هي فاكراني مش هعرف أجيب حقي!
- بس أخرسي خالص!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
خيم الصمت للحظات، و ألجمتها الصدمة من وجوده أمامها و تدرجت الحمرة القانية لوجنتيها عندما تذكرت ما أخبره إياه شقيقها .
هتف المرشدي بحدة و غطرسة :- البيت بقى فوضى من ساعة ما دخلت البنت دي فيه و المصايب عمالة تنزل فوقينا.
أومأت سلوى قائلة بكره :- أيوة فعلاً، دي هتشوه اسم العيلة اللي لينا سنين محافظين عليه وجات هي عملت مشكلة لحفيدي مش عارف يطلع منها إزاي ؟
على الرغم من ألمها الداخلي جراء حديثهم، لم تعبأ بهم، و إنما توجهت لوالدها الذي يبدو على وجهه الأسى، وجلست لتكون في مقابلته قائلة بدموع :- أنا آسفة يا بابا والله غصب عني، سامحني يا بابا أنا استاهل منك أي عقاب، ولو عاوزني أمشي همشي و أريحكم مني، نار حاتم ولا إني أقعد مع ناس مش طايقين وجودي.
أردف بوجع :- ليه يا بنتي مُصرة توجعي قلبي
قبلت يده قائلة بلهفة :- بعد الشر عنك يا بابا من أي وجع .
مد يده ليمسح عبراتها بحنان قائلاً :- يبقى تخليكي جنبي، أنا مش هستحمل تبعدي تاني و أقعد أدور عليكي، أنا عارف إنك عملتي كدة غصب عنك.
أومأت بتأكيد قائلة :- اه والله يا بابا، آسفة كنت غبية بس أنا معرفش شكلها و للأسف صدقتها .
هز رأسه بتفهم قائلاً :- حصل خير علشان تاخدي بالك بس المرة اللي جاية .
أردفت سلوى بغطرسة :- بدل ما أنت عمال تدافع عنها كدة شوفلنا حل في المصيبة دي .
نظر الجميع لمراد الجامد والذي لم يتبين عليه أي تعبير بعد و أخذوا يراقبوا ردة فعله بحذر، بينما تقدمت الصغيرة من رحيق و ربتت على ذراعها قائلة :- ?what's going on، أنت ليه تبكي؟
ابتسمت لها بخفوت قائلة :- أبداً يا حبيبتي أنا مش بعيط، دة التراب دخل في عيني.
قطبت جبينها بضيق قائلة :- في دوشة كتير وأنا مش عارفة أنام!
ربتت على شعرها قائلة :- معلش يا حبيبتي في مشكلة صغيرة، يلا روحي خلي الدادة تحضرلك الفطار و بعدين نبقى نلعب سوى .
أومأت بموافقة، و انصرفت لتنفذ ما طلبته منها، بينما هتف عمران بحذر:- مراد أتكلم أنت ساكت ليه؟! الصحافة برة القصر و الميديا كمان هنفضل محبوسين هنا ؟
رفع بصره تجاه تلك البلهاء التي تسببت في كل تلك المشاكل، هو الذي لم تقترب منه أنثى ولم يعرهن أي إهتمام رغم توددهن له حتى أن الصحافة و وسائل الإعلام لقبته " قاهر السيدات"، أتت تلك لتهدم كل ذلك في لمح البصر، بعد أن تناولت الصحف صوراً تجمعه بها أُلتقطت بحرفية شديدة لتثير البلبلة و تؤكد أنهما على علاقة وطيدة ببعضهما.
لأول مرة يشعر بنيران تحرقه بداخله لطالما كان الجليد مخيم في أوردته.
حالة من الذهول شُكِّلت علي وجوههم، حينما قبض على ذراعها على حين غرة، ثم سار بها ناحية الخارج، بينما ظلت هي تحت تأثير الصدمة، حاولت أن تتحرر من قبضته إلا أنها كفت عن المقاومة حينما خرج صوته الأشبه بفحيح الأفعى :- بطلي حركة و أمشي من سكات، ومش عاوز أسمع منك نفس و يا ويلك لو عملتي حركة تافهة من بتوعك دول .
سرى الخوف بدمائها وهي ترى الغضب متجسد في عينيه، ازدردت ريقها بصعوبة و سارت معه مسلوبة الإرادة تنتظر القادم وما سيفعله.
أمر الحرس بأن يفتحوا بوابة القصر، فشهقت بصدمة حينما رأت هذا الجمع الغفير من الصحفيين و لمراسلين القنوات الإخبارية، دق قلبها بعنف فهي لأول مرة تقف في مثل هذا الموقف، بينما وقف هو جامداً ثابتاً يطالعهم بعدم اكتراث.
تقدم الحشد منه و أمطروه بوابل من الأسئلة التي تعتبر تدخلاً سافراً في الشؤون الشخصية وحياته بوجه خاص.
حك طرف أنفه و هتف بثبات :- أنا مش محتاج أبرر لحد اللي حصل ولا حتى يهمني، بس علشان أرضي فضولكم السخيف و المتطفل دة، دي بنت عمي جت من لندن من كام يوم و اتخطبنا و هنتجوز آخر الشهر . أظن دي خصوصيات محدش ليه دعوة بيها بس منعاً للغلط والكلام التافه اللي أنتوا كتبتوه امبارح اضطريت اقابلكم و تاخدوا من وقتي دقايق راحت على الفاضي.
أردف أحدهم بضيق من ردوده :- بنت عمك إزاي ؟ إحنا نعرف كويس أوي أن دي مش بنت عمك؟
أردف بجمود :- والله أنا مش هسيب شغلي و اللي ورايا و أقعد أقول معايا بنات عم و بنات خال، أظن كدة أرضيت فضولكم.
قال ذلك ثم دلف بها مجدداً للداخل، بينما منع الحراس الحشد من الولوج والذي بدأ في الرحيل تدريجياً.
ظلت على صدمتها لم تفق بعد، بينما وقف قبالتها قائلاً بغيظ شديد :- يا ريت تكوني مبسوطة بالمشاكل اللي عملتيهالي!
نظرت له أخيراً قائلة بتقطع :- أنت... أنت إيه اللي قولته من شوية دة؟
أردف بجمود وهو يضع كلتا يديه في جيوبه :- اللي سمعتيه!
أردفت بانفعال :- بأنهي حق تقرر عني حاجة زي كدة ها؟ الهبل اللي قولته من شوية دة تنساه خالص.
أردف بغيظ وحدة :- صوتك دة ميعلاش عليا، وأنتِ ملكيش الحرية أنك تتكلمي بعد اللي حصل لو أنتِ مش هامك صورتك فأنا يهمني .
ثم أضاف بسخرية :- يعني معملتش كدة علشان سواد عيونك.
أردفت بشراسة :- حوش ياض أنا اللي واقعة في دباديبك! دة أنت فريزر متنقل.
ضم قبضته بقوة قائلاً بفحيح :- لسانك دة أنا هعرف أوقفه عند حده كويس والكلام اللي قولته هو اللي هيتنفذ، شكلك مشوفتيش الكلام ولا الصور علشان كدة فاردة جنحاتك أوي كدة! اتفضلي يا هانم شوفي !
أنهى حديثه وهو يوجه ناحيتها الهاتف الخاص به، لتتسع أعين الأخرى بفزع، و وضعت يدها على ثغرها لا تصدق ما ترى .
ابتسم بتهكم قائلاً:- إيه شايفك خرستي يعني!
هزت رأسها بعدم تصديق قائلة بتلعثم :- اااا.. أنت إزاي تشيلني يا قليل الأدب ما هو كله من عمايلك مكانش دة حصل.
ابتسم لأول مرة قائلاً :- كمان! يعني أنتِ دلوقتي بتغلطيني؟ تصدقي أنا غلطان و المفروض كنت سبتك لحد ما الآداب جو خدوكم.
شهقت باستنكار قائلة :- إيه الكلام اللي بتقوله دة ؟ ما تحسن ملافظك.
لوح بيديه بعدم اكتراث قائلاً ببرود :- الكلام معاكي مضيعة للوقت وأنا مش فاضي .
أنهى حديثه ليدلف للداخل، بينما وقفت تنظر في أثره بغل واضح .
بالداخل هتف شادي بصدمة عندما علموا بما فعله :- أنت ازاى تعمل حاجة زي كدة؟ بتقرر من نفسك، ملهاش أهل ؟
أردف بهدوء :- عندك حل تاني؟
أردف بانفعال :- بطل برودك دة و كلمني زي البني آدمين، ملهاش اب أخ ترجعلهم؟ و لا أنت طبعاً أهم حاجة مظهرك قدام الناس !
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- لاحظ إنك عمال تغلط فيا، ولولا احترامي للموجودين كنت رديت عليك ردي المناسب و أظن أنت عارفه كويس، أما بقى لمظهري قدام الناس فأنا متهمنيش حاجة و أقدر عادي أطلع من الموضوع بسهولة، بس اللي هيتضر أختك و سمعتها.
ثم توجه ناحية عمه قائلاً بهدوء :- عمي أنا متأسف بس صدقني أنا عملت كدة علشان أنقذ سمعتنا و صورتنا كلنا، وهي كانت أكتر حد هيتضرر .
هز رأسه بهدوء قائلاً :- أنا عارف و مقدر دة كويس، وأنا لو قعدت اشكرك مية سنة لقدام مش هوفي حقك واللي عملته مع بناتي و متزعلش من شادي هو بس مندفع حبتين.
هز رأسه بتفهم قائلاً :- مفيش حاجة يا عمي، و بالنسبة للطريقة كل حاجة هتمشي زي ما أنت عاوز يا شادي بعد أذنكم دلوقتي أنا ورايا شغل .
قال ذلك ثم انصرف بهدوء، بينما هتف شادي بغيظ :- شايف بروده شايف؟
أردف عمران بروية :- خلاص يا شادي أنت عارف مراد هتوه عنه يعني! و يا سيدي بكرة بالليل لينا قاعدة مع بعض و نبقى نتفق و نمشي الأمور بالعرف اللي بينا.
انفردت ناريمان بسلوى قائلة بحقد :- شوفتي يا سلوى هانم أهو الهانم بدل ما توقع في مصيبة هتتجوز مراد حلم كل بنت .
هتفت بغطرسة :- زمان ابني اتجوز أمها و دلوقتي هي جاية تتجوز حفيدي، حفيدي أنا يرتبط بالبنت دي!
أردفت بغل :- طيب وهنعمل إيه هتسكتي يعني، احنا لازم نتصرف و بأسرع وقت..
هزت رأسها بموافقة، وبداخلها يفكر و يدبر لخطة لابعادها عن مرماهم تماماً.
صعد لسيارته و صدره و يعلو و يهبط بعنف قائلاً بغيظ :- الغبية الغبية مكانتش كدة هي و صغيرة! بس ماشي يا رحيق مبقاش مراد إلا لو علمتك الأدب من أول وجديد .. بقلم زكية محمد
______________________________________
جاء الليل سريعاً، فهتفت بثينة قبل أن تغادر :- يلا هسيبك بقى أنا يا مريومة دلوقتي قبل ما حد يجي من الجماعة .
ابتسمت بود قائلة :- تسلميلي يا بوسبوس ساعدتيني و خلصت بسرعة، إسلام لو عرف هيشمت فيا و يقولي تستاهلي مش قولتلك نادي سامية تساعدك.
ضحكت بخفة قائلة :- لا يا ستي أنا همشي أهو و محدش هيعرف حاجة، سلام.
انصرفت بثينة لتنظر مريم لهيئتها قائلة بتذمر :- أما ألحق أستحمى و اظبط نفسي قبل ما يجوا.
بعد وقت بدأ الوفد في القدوم، حيث دلف محمود برفقة سامية و ابنهما فاستقبلتهم بحفاوة، و تلي ذلك قدوم عمها و زوجته التي تعاملها بجمود منذ أن تزوجها إسلام، وتلاهم والدها و والدتها برفقة إسلام و أحمد.
وقفت قبالة والدها وهي تطالعه تارة، و تحدق بالأرض تارة أخرى، فهتف هو بندم :- إزيك يا مريم يا بنتي؟
هتفت بخفوت وتوتر :- الحمد لله يا بابا، أخبار حضرتك أنت إيه؟
ربت على رأسها بحنان قائلاً :- بخير الحمد لله يا بنتي.
نظرت له بدهشة من تحوله المفاجئ معها، فدلف للداخل ليلحق بالبقية، بينما مال إسلام على أذنها قائلاً بهمس ومزاح :- إيه رأيك في المفاجأة الحلوة دي؟ أنا اللي عملتها.
ابتسمت له بخفوت قائلة :- اه حلوة فعلاً، شكراً يا إسلام.
قطب جبينه بتذمر قائلاً :- شكراً! هو دة رد المعروف!
رفعت حاجبها بتعجب قائلة :- أومال إيه؟
أردف بمرح وهو يشير لوجنته قائلاً :- بوسة صغنتوتة كدة هنا..
شهقت بصدمة من تغيره المفاجئ، و تراجعت للخلف قليلاً، و تحول وجهها إلى شعلة نار، راقبها هو بتسلية قائلاً بخبث :- طيب خلاص هاخد أنا..
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
مال مقبلاً وجنتيها برقة، و انصرف مسرعاً للداخل وهو يكتم ضحكه على منظرها بصعوبة، بينما ظلت هي محلها كالجماد، شعرت بتوقف العالم من حولها و بهروب أنفاسها منها، و شعرت بتخدر في أطرافها، وصارت قدميها كالهلام فكادت أن تسقط لولا ذراعيه التي حاوطت خصرها قائلاً بضحك خافت :- كنت عارف والله إنك هتعملي كدة علشان كدة جيت.
حدجته بنظرات زائغة، و دقات قلبها تفضحها فخرجت حروفها المتقطعة بصعوبة :- أااا... أنا.. أنا مش قادرة أتنفس .
قالت ذلك ثم سقطت فاقدة الوعي، فحملها قائلاً بقلق :- يخربيتك ! هو أنا كل ما هاجي جنبك تفيصي مني بالشكل دة! يا فضيحتك يا إسلام هتعمل ايه و هتقولهم إيه؟
ولج للداخل فشهقن النسوة بقلق، و أسرعت والدتها تقول بذعر :- مالها مريم يا إسلام؟
حمحم بحرج قائلاً بكذب :- لا أبداً أصلها ضعيفة اليومين دول و بتوقع كتير، أكيد من المجهود اللي عملته النهاردة لوحدها، متقلقوش هفوقها حالاً.
دلف بها لغرفتها، و مددها برفق على الفراش، فأسرعت سامية وأتت له بقنينة عطر، فرش القليل على يده و قربه من أنفها، و بعد عدة محاولات استجابت و فتحت عينيها ببطء، وما إن رآها أردف بقلق :- أنتِ كويسة ؟
هزت رأسها بصمت، وهي على حالتها فأردف بخفوت بالقرب من أذنها:- أتعدلي بدل ما أرزعك واحدة تانية في حتة تانية قدام أختي.
سعلت بقوة في محاولة منها لاستيعاب حديثه الذي سيقودها للجنون، منذ متى وهو بتلك الوقاحة ؟!
اقتربت سامية منها قائلة :- ألف سلامة عليكِ يا مريومة، مش كنتي تناديني طالما تعبانة !
ما إن همت لتخبرها أنها ليست مريضة، كان إسلام الأسرع حينما ضمها بخبث قائلاً :- لا هي بقت كويسة دلوقتي يا سوسو، هي بس عاوزة تعرف غلاوتها عندنا.
ختم جملته مودعاً قبلة عميقة على رأسها كادت أن تطيح على ما تبقى منها، بينما أردفت سامية بمرح :- سيدي يا سيدي على الحب، طيب يلا يا أختي نحضر الأكل بدل ما محمود ياكلني.
ضحكت مريم على مزحتها، ولم تعي لذلك الذي يراقبها بشغف عندما اخترق صوت ضحكتها قلبه الذي يتعطش للمزيد والمزيد من قربها.
بعد وقت كان الجميع على طاولة الطعام و شرعوا فيه، أما هي كانت في عالم آخر منفصلة تماماً عنهم وكل ما يدور بمخيلتها الآن ما فعله معذبها للتو، وهي تكاد تصاب بالهذيان .
هتف موسى يثني على طعامها :- الأكل جميل كالعادة تسلم ايدك يا بنتي.
وكزها إسلام برفق بقدمه أسفل الطاولة لتنتبه، فتنحنحت بحرج قائلة :- ربنا يبارك في حضرتك يا عمي بالهنا والشفا.
هتف أيوب بهدوء في محاولة منه لتصليح الجدار المنهدم بينهما :- مريم نفسها حلو أوي في الأكل، ما بتكليش ليه يا بنتي؟
أردفت بخفوت :- باكل أهو يا بابا .
هتفت توحيدة بعتاب :- مش تاخدي بالك من صحتك يا مريم،بدل وشك اللي أصفر كدة و مخطوفة.
هتفت عواطف بسخرية مبطنة :- تلاقيها حامل ولا حاجة يا توحيدة..
وقف الطعام في حلقها مانعاً عنها التنفس وهي تفتح مقلتيها على وسعهما، و بدأت تسعل بشدة حتى تحول وجهها إلى اللون القرمزي.
اقترب منها إسلام بقلق بالغ و أخذ يضرب على ظهرها بخفة و ناولها كوب الماء قائلاً :- خدي اشربي ..اشربي..
ارتشفت القليل من المياه حتى عادت وتيرة أنفاسها لطبيعتها، ولكن لا زالت على صدمتها بعد، بينما هتف إسلام بخفوت مبطن بالسخرية :- حامل! حامل إيه يا أما دة أنا بوستها أغمى عليها، اسكتي الله يخليكي، قال حامل قال!
انقضت الأمسية بخير وسط الجو الأسري الدافئ، و بعد أن انصرفوا وقفت هي بالمطبخ تنظف الأطباق و ما خلفته تلك الدعوة، تهرب منه وعقلها لا يزال مصعوقاً و دقات قلبها أعلنت الحرب لخوض معركة طاحنة، جففت نثرات العرق على جبينها بيد مرتجفة، بينما صرخت فجأة حينما سمعت صوته قائلاً :- أساعدك في حاجة؟
ضحك بصخب قائلاً :- إيه يا مريم، إيه يا ماما ما تجمدي قلبك شوية كدة! مش معقول كل حاجة كدة على أعصابك .
هتفت بضيق :- ما أنت داخل من غير احم ولا دستور!
أردف باستنكار:- حاضر هبقى أرن الجرس المرة الجاية، المهم مش عاوزة مساعدة ؟
جعدت أنفها قائلة بتعجب :- تساعدني ! غريبة!
قطب جبينه بتساؤل، فأردفت بتعجب :- أصل يعني أنت راجل وكدة..
قاطعها قائلاً :- اه و شغل سي سيد دة! لا أنا مش كدة، وخصوصاً انك وقعتي من طولك و وقفتي اليوم كله تحضري الأكل لوحدك، فأكيد مش هروح أحط رجل على رجل وأقول تتفلق عادي، عادي جداً أساعدك دي حاجة مش هتنقص من رجولتي.
رفعت حاجبها بذهول قائلة :- يعني أنت هتغسل المواعين ؟
ثم أضافت بابتسامة بلهاء :- طيب تمام مفيش مشكلة، روح يا شيخ اللهي يخليك للغلابة اللي زيي، أهو كل حاجة عندك أنا هروح أريح عند التلفزيون شوية.
اتسعت عيناه بصدمة وهو يشاهد انسحابها من المطبخ قائلاً :- خدي يا بت تعالي هنا دي عزومة مراكبية الله يحرقك!
إلا أنها تركته بالفعل وتوجهت لتشاهد مسلسلها المفضل، بينما ضغط على يديه بقوة قائلاً بسخط :- ما بتصدقي الكلمة !
ثم أضاف بغيظ من نفسه :- وأنت كان لازم يعني تقول كدة، طيب ألبس أهو يا بطل.
بعد وقت من الصراع بينه وبين تلك الأطباق انتهت بفوزه بصعوبة، خرج ليجدها تشاهد التلفاز باستمتاع، فعض على شفتيه بغيظ قائلاً :- الله الله على الهانم اللي سايبة جوزها يغسل الصحون وهي قاعدة تتفرج قدام التلفزيون!
شهقت بخفوت قائلة ببراءة :- مش أنت قولت أنك هتساعدني!
أردف بغيظ :- اه قولت أساعدك مش تلبسيلي الليلة كلها!
ابتسمت بمكر قائلة :- بس إيه طلعتي ست بيت شاطرة أهو.
رفع حاجبه باستهجان قائلاً :- والله!
ضحكت بصخب قائلة:- منظرك وأنت بتغسل المواعين تحفة.
هز رأسه قائلاً بوعيد :- أيوة إيه تاني، تقلي من العقاب تقلي.
صمتت فوراً حيال سماعها كلمته الأخيرة، فأردفت بابتسامة بلهاء :- و جدع وحلو روح يا شيخ إلهي ما يوقعك في ضيقة أبداً، تاكل كيك؟ هجبلك كيك..
أنهت كلماتها و فرت للداخل خوفاً من العقاب الذي يتحدث عنه، بينما هز رأسه بضحك مكتوم قائلاً:- مجنونة!
عادت بعد دقائق وهي تحمل الأطباق المرصوص عليها قطع الكيك، و كوبين من النسكافيه و وضعتهم على الطاولة قائلة :- أهو المكافأة بتاعتك أهو.
أردف باستنكار:- عيل صغير أنا! أحمد هتضحكي عليه بحتة كيكة!
أردفت بتوتر :- أنا مش بضحك عليك، أنا عارفة إنك بتحبها و شلت حتة كبيرة عشانك.
أردف بعبث :- اه بحبها وأنتِ عرفتي منين إني بحبها؟
زاغ بصرها في المكان، و بدأت تفرك أصابعها بقوة قائلة بتوتر :- أاا..عرفت من مرات عمي قالتلي.
هز رأسه بتفهم قائلاً :- طيب يلا تعالي كلي معايا..
أردفت بسرعة :- لا لا أنا هروح أنام، تصبح على خير.
انصرفت من أمامه في طرفة عين، لتختبئ بغرفتها وما إن دلفت أخذ قلبها يتراقص فرحاً على أنغام العشق، و ابتسامة عريضة أشرقت وجهها بعد ليال عجاف أرقتها في مضجعها.
تمددت جوار الصغير و احتضنته بحب، ثم أوصدت عينيها لتسافر إلى رحلة نوم هانئة منذ زمن، بعد أن كانت تستقل رحلات الوجع والآلام في دروب عشقه.
______________________________________
تسير جيئة و ذهاباً بغيظ شديد بغرفتها بعد أن رفض والدها و شادي أن تخرج لتباشر عملها في تلك الأيام، أخذت تقطم أظافرها بغل و هي تتذكر حديثه الذي ما زادها إلا حقداً عليه فهتفت بانفعال وهي تركل الفراش بقدمها :- بقى يقولي كدة وأنا أقعد ساكتة من غير ما أنطق ولا أتكلم! اه يا ناري، تسيبيه يعلم عليكي يا رحيق!
ثم صرخت فجأة بصوتها العالي كي تنفث عن غضبها.
صدح رنين هاتفها بالغرفة فالتقطته وما إن رأت المتصل أجابت على الفور قائلة بحذر :- أنا آسفة يا مدام سندس مش هعرف أجي النهاردة، بابا مش راضي يخليني أخرج بعد الفضايح اللي حصلت امبارح.
أتاها صوت الأخرى قائلة بدهشة :- بصراحة أنا لما شفت الخبر ما صدقتش، بس الكلام اللي مكتوب تحت الصور و......حجات يعني أكيد أنتِ شوفتي.
عضت على شفتيها بغيظ قائلة :- ولاد الهرمة مش يشوفوا الأول قبل ما يتكلموا عالم فاضية بصحيح، بس متقلقيش المشكلة اتحلت.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردفت بتعجب :- إزاي مش فاهمة ؟!
أردفت بحنق :- الفريزر قال إننا هنتجوز .
أردفت بحدة :- نعم ! دة اللي هو إزاي؟
إجابتها بهدوء :- زي ما سمعتي هي الأخبار لسة ما نزلتش ولا مش فاضيين بس غير للفضايح!
ثم أضافت بشكوى :- اسكتي يا سندس يا أختي، مش الفريزر يقرر بالنيابة عني وأنا قاعدة مصدومة، بس دلوقتي فوقت ومش هسكت و هطربق الدنيا فوق دماغه .
أردفت بضحك :- يا مجنونة اعقلي ! أكيد هو عمل كدة للصالح العام و لمصلحتك.
أردفت بتذمر :- يقوم جاررني وراه زي الجاموسة ولا كأن ليا لازمة! دة أنا هوريه .
هزت رأسها بيأس قائلة بروية:- خلاص يا رحيق أعمل إللي أنتِ عاوزاه، بس يا ريت تفكري كويس علشان المشكلة ما تتوسعش، و أخبار مرات باباكي إيه؟
ضيقت عينيها بغل قائلة :- اسكتي يا أختي جيبي سيرة عدلة، بس متقلقيش عليا دة أنا مورياها الويل هي و جدتي و بنتها إلهي تتشك في صباعها الصغير هي أصل المصيبة دي كلها، دي عيلة ما يعلم بيها إلا ربنا.
قطبت جبينها بتساؤل قائلة :- ليه هي عملت إيه؟
يجلس ينظر أمامه بشرود فانتبه للذي يسحب المقعد و يجلس إلى جواره قائلاً بضجر :- صباحك فل يا عمنا.
هتف بهدوء :- صباحك فل يا مدحت.
أردف بتساؤل :- مالك شايل طاجن ستك ليه؟
زفر بغيظ وغل قائلاً :- يعني أنت مش عارف ليه!
ضيق عينيه بمكر قائلاً :- طيب والعمل؟ هتسيبها كدة بعد ما توتوها و اكلتوها و علمتوها، ما يطولكش من الحب جانب؟ صحيح ناكرة للجميل ما صدقت مشيت لا بصت على أهل حارتها ولا أفتكرتهم.
أردف بحنق :- و هتيجي إزاي يا فالح بعد اللي عملته، إزاي تعمل كدة من غير ما ترجعلي؟ دي حتى أم بسمة غلطت فيها هتيجي لمين يا حدق؟
أردف بخبث :- طيب ما تتصرف أعمل أي حاجة بدل ما هي متنغنغة في العز وأنت طافح الكوتة هنا .
نظر أمامه قائلاً بتصميم :- أنا لا يمكن أسيبها تتهنى لوحدها بالعز دة، سيبني اقلبها في دماغي وبعدين هشوف هعمل إيه؟
أومأ له بهدوء وهو يبتسم بخبث لنجاح كلماته و تأثره بها، فهو لن يهنأ باله أبداً طالما ابتعدت عن مرمى بصره، و سيفعل أي شيء لتكون ملكه..
في مكان آخر، تغلي كبرميل البارود غضباً وهي تتطلع للشاشة أمامها والتي تعرض صورة لمراد مع تلك الفتاة الدخيلة عليهم.
كانت بجوارها صديقتها التي تراقبها بحذر خشية حدوث أي عواقب و هتفت بتوتر :- أهدي يا سالي دي اكيد أخبار fake أنتِ عارفة الصحافة بتحب الحجات دي وكدة .
هتفت بغضب حارق :- واللي قاله من شوية برده كلام صحافة؟ بقى يسيبني أنا علشان دي !
أردفت الأخرى بروية :- ما أنتِ عارفاه لا عمره شوفناه مع واحدة ست ولا أي حاجة بس غريبة فعلاً أول مرة أشوفه في الوضع دة مع بنت.
أردفت بحدة :- بيري ! أنتِ بتفوري دمي زيادة بكلامك دة .
أردفت بحذر و توتر :- لا أنا ما أقصدش، إيه رأيك تكلمي ناريمان هانم و تستفسري منها عن الموضوع؟
هزت رأسها بموافقة وهي تنظر أمامها بغل قائلة :- أوك هعمل كدة، أنا استحالة أسمح للمهزلة دي تحصل . بقلم زكية محمد
______________________________________
بعد أسبوع ليلاً تجلس بضجر و ملامح الضيق مرسومة على وجهها، فقد سافر معشوقها لبورسعيد من أجل توريد البضائع التي بحاجة لها الوكالة ونفذت منها، وها هو غائب عنها لمدة ثلاثة أيام وقد اشتاقت إليه حد الهوس، وسرعان ما صبرت نفسها بأنه سيصل غداً بأمر الله، و ستروي قلبها أخيراً برؤيته سالماً أمامها فقد أدمنته و انتهى الأمر.
فاقت من شرودها على صوت الصغير قائلاً بتذمر:- يلا يا ماما علشان نقول happy birthday و نطفي الشمعة.
جثت على ركبتيها لتكون في مستواه و احتضنته بحب قائلة :- يا روح مامي أنت كبرت سنة و بقى عندك أربعة يا روحي، عقبال ما أشوفك أحلى عريس، كل سنة وأنت طيب ومعايا يا قلب ماما .
قبلها في وجنتها قائلاً:- وأنتِ طيبة ماما.
مسكت يده و خرجا معاً للصالة بعد أن ارتدت ملابس بيتية مريحة .
حملت الصغير ليجلس على المقعد و قامت بإشعال الشمعة التي تحمل العدد أربعة، و بدأوا يغنون معاً و يتراقصون، حتى أطفأ الصغير الشمعة بحماس و فرح .
التقطت الهاتف و بدأت تلتقط لهما الصور سوياً، وهم يمرحون بسعادة.
بالأسفل وصل باكراً عن معاده لتيسر الظروف، بعد أن تمم على البضاعة مع عمه و والده هتف بهدوء :- طيب عاوزين حاجة تاني أنا طالع أدي أحمد الهدية بتاعته قبل ما ينام.
هز موسى رأسه بنفي :- لا يا ابني أطلع ارتاح وبكرة بإذن الله نبقى نتمم على الحسابات .
أومأ بهدوء وصعد للأعلى وهو يطالع تلك العلبة المغلفة والتي أحضرها ليهادي بها الصغير فلم ينسى أن اليوم هو عيد ميلاده الرابع .
صعد بسرعة وما إن توقف أمام الشقة، سمع بعض أصوات الموسيقى فابتسم بمكر فهو لم يخبرهم بعودته ليصنع لهم مفاجأة.
فتح الباب بحذر و هدوء كي لا يشعران بوجوده، واغلقه بنفس الهدوء ليمشي على أطراف أصابعه نحو مصدر الصوت فكاد أن يتحدث بصوته العالي ليخبرهم بقدومه، إلا أنه وقف مصعوقاً يشاهد تلك الجنية تتمايل على أنغام الموسيقى و تضحك للصغير الذي يحاول تقليدها. بقلم زكية محمد
أخذ يتفرسها بنظرات تكاد تلتهمها من رأسها لقدميها.
خرج صوته قائلاً بإعجاب صارخ وهو يتأمل ما ترتديه فيبدو أنها انتهزت غيابه لتبدو بتلك الفتنة وكم هو ممتن للظروف التي لو أخرته ما كان سيقف هنا و يرى تلك المتمردة، خرج صوته العابث قائلاً :- ألعب! يا هوت شورتاتك يا عتبة !
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
يجلس الجميع في البهو الكبير، وفي المنتصف يجلس المأذون وعلى يمينه مراد و على يساره مجدي لبدأ مراسم كتب الكتاب، و على مقربة منهم كانتا تجلسان و الحقد يتصاعد منهن كألسنة اللهب فهن ظنوه أنه يقول هكذا ليخرس ألسنة الصحافة و الإعلام، و لكنه مستمر في تلك اللعبة .
بالأعلى تزفر بضيق بينما تقف زوجة عمها إلى جوارها و صديقتها آلاء التي هتفت :- بسم الله ما شاء الله على عروستنا القمر.
امتعض وجهها بضيق قائلة :- دي جوازة الندامة يا أختي!
هتفت زوجة عمها بهدوء :- ليه يا حبيبتي ألف بعد الشر، ربنا يجعلها جوازة العمر و يسعدك العمر كله.
عضت على شفتيها بغيظ قائلة :- يعني أنتِ مش عارفة يا مرات عمي ! دي لعبة و مسيرها تنتهي وأنا اللي هطلع خسرانة في الليلة دي لما أطلق و سيرتي تبقى على كل لسان.
ربتت على ظهرها بحنو قائلة :- لا يا حبيبتي خير بإذن الله، مين عارف مش يمكن الجوازة دي تستمر علطول!
رفعت حاجبها قائلة باستنكار :- علطول! ومع الفريزر دة! سوري يا مرات عمي ما اعتقدش.
ضحكت بخفة قائلة :- لا صدقيني مراد كويس جداً و بصراحة أنا أكتر واحدة فرحانة أنه خلاص أخيراً أتجوز بعد ما كنت شوية كمان و هفقد الأمل فيه.
أردفت بتبرم :- اه وكل واحد هيحقق أمنيته على قفايا! ما أنا اللي استاهل ضرب الجزمة من الاول، كان لازم أعمل فيها سبع رجالة في بعض و أروح ورا الهانم .
تدخلت آلاء قائلة بروية و مرح :- يا بت ما تبقيش كئيبة كدة افردي وشك دة ويلا علشان ننزل الناس مستنية تحت.
زمت شفتيها بعبوس قائلة:- ماشي يا أختي أدينا نازلين.
بعد وقت تم كل شيء و ارتبط اسمها إلى جوار اسمه تحت ميثاق الزواج، أما هي كانت في موقف لا تحسد عليه فكانت تشعر بالضياع وسط كل ما مرت به وتمر، و لوهلة تساءلت ما الذنب الذي أقترفته لتُعاقب عليه؟ سرعان ما استغفرت ربها وأنه القدر لا مفر منه.
نظرت لوالدها لتجد في عينيه دموع ولكنها دموع فرح، ربما لثقته بابن أخيه الذي لا تعرفه جيداً، و حولت مقلتيها لتلك الأفاعي المتجسدة في جسد إنسان، و رأت الغضب و الحقد مرسوم بأعينهن، فابتسمت بخبث فما أسعدها عندما ترى الحنق مرسوم على وجوههن، فأخذت تبتسم باصطناع لترسل لهن أن ما يحدث يروق لها.
على الجانب الآخر كان والدها ينظر لها بحب، وعاد بذاكرته للخلف و بالتحديد في الصباح حينما أخبر مراد بأن يعجل في الزواج كي يخرس ألسنة الجميع، و أيضاً لسبب آخر خوفه عليها فهو لن يكون قادراً على أن يحميها وهو قعيد كرسي متحرك، فلتكن إلى جواره هو و مسؤوليته التي وكله إياها فهكذا سيكون مطمئناً عليها أكثر، لأنه يعلم مراد جيداً إن عبث أحد مع شيء يخصه ينسفه و يمحوه تماماً.
توالت المباركات و التهاني عليهم عدا المذكورين في السابق، تحدث عمران لتلطيف الأجواء المشحونة :- إيه يا مراد، ما تاخد مراتك و تقعدوا مع بعض شوية في أي حتة برة.
هتفت رحيق بتسرع :- لا! أنا قصدي ....مش عاوزة أطلع يعني و كدة..
أردف بتفهم :- طيب خلاص على الأقل اقعدوا مع بعض شوية أهو تتعرفوا على بعض أكتر ولو برة جنينة القصر.
كان يبدو من الخارج جامداً، ولكن بداخله كان يود الإعتراض، خاب أمله حينما هتفت لميس بحماس:- اه كويس جداً يلا يا مراد يا حبيبي..
جز على أسنانه بقوة، و أومأ لهم بموافقة، ومن ثم خرجا معاً تحت ضغطهم، وتحت نظرات الغل الأخرى التي كانت تتابعهم.
ما إن وصلا للمسبح جلس هو على المقعد المجاور له و أخرج هاتفه وأخذ يتصفحه، غير مبالي بالتي تقف و تغلي كالمرجل و تهز ساقيها بعصبية وهي تراقب بروده قائلة بخفوت :- فريزر فريزر مغلطتش يعني!
سارت بعض الخطوات لتجلس على المقعد بجواره تارة تنظر للماء اللامعة على الاضواء و تارة تنظر أمامها حتى أصابها الضجر، فتأففت بضيق قائلة :- أظن كدة كفاية حرقة دم!
وما إن نهضت هتف بصوت صارم :- أقعدي!
هتفت بغيظ :- نعم! لا مش هقعد، هقعد أعمل إيه؟ دة حتى الجو يخنق .
جز على أسنانه بعنف قائلاً بتهديد :- بقولك أقعدي يعني تقعدي..
جلست بعنف قائلة بتذمر :- أنا عارفة أنها جوازة شوم من الأول محدش صدقني! طيب أتكلم معايا أعمل أي حاجة بدل ما أنا قاعدة كدة..
رفع حاجبه بتهكم و رمقها بنظرات سخرية ثم تابع ما يفعله. استشاطت غضباً وخاصة عندما رأته يبتسم للشاشة فعلمت أنه يحدث شخصاً ما ولكنها لا تعلم من بالتحديد، فقامت بسحب الهاتف منه قائلة بحدة :- على فكرة أنا بكلمك بطل برودك دة!
أردف من بين أسنانه:- هاتي الفون.
هزت رأسها بنفي قائلة بإصرار :- لا مش هدهولك إلا لما تحترمني الأول، الزفت دة مش أهم مني.
أردف بضجر :- هاتي الفون و بلاش دراما و اه الفون لما يكون فيه شغلي يبقى أهم منك.
ازدادت وتيرة أنفاسها، وبلحظة تهور ألقت الهاتف خلفها والذي لم يكن سوى داخل المسبح، فاتسعت عيناها بذعر خاصة عندما رأت نظراته التي يرمقها إياها والتي بمثابة أسهم حارقة، إذ هتفت بتلعثم :- أااا..... أنا ما ...ماأقصدش يا مراد والله، أنا كنت قاصدة أرميه على الأرض.... أنا... أنا همشي..
وما إن استدارت لتفر و تلوذ بالنجاة، وجدت من يطبق على ذراعها بقوة حتى كاد أن يهشمه. تبادلا النظرات ما بين خوف و غضب نهاه حينما أردف بفحيح :- انزلي هاتي الفون.
قطبت جبينها بتوتر قائلة :- أنا....مش ..مش بعرف أعوم....
قاطعها قائلاً بعدم اكتراث :- مش مشكلتي يلا هاتي الفون..
أردفت بحنق:- هو أكيد باظ هتعوزه في إيه؟
دفعها بحدة قائلاً بجمود :- يلا.
هزت رأسها بخوف عندما رأت الإصرار بعينيه، فنظرت للمسبح و توجهت ناحيته، و بلحظة رددت الشهادة و قفزت بداخله لتحرك ذراعيها بعشوائية تناضل للعيش، وهي تحاول البحث عن الهاتف، فشعرت بأنها النهاية فاستسلمت للأمر الواقع، وما هي إلا لحظات حتى سكن جسدها في الماء.
ظن أنها تكذب لذلك أصر على أن تحضره، و لكن انتابه القلق حينما وجدها ساكنة هكذا في الماء، فقفز خلفها على الفور وقام بإخراجها و مددها على الأرضية، و أخذ يضغط على قفصها الصدري و لجأ لانعاشها بالتنفس الصناعي، و بعد عدة محاولات شهقت بقوة و أخذت تسعل بشدة و تتنفس بصعوبة، بينما هتف هو بغيظ :- اتنفسي براحة..
فعلت ما املاه عليها، ثم أخذت تضربه بقبضتيها في أماكن متفرقة قائلة بحدة :- كله بسببك يا جلاب المصايب مش هترتاح إلا لما تموتني!
نظر لها باستنكار قائلاً :- شكلك ناسية اللي عملتيه!
نظرت لملابسها بضيق قائلة :- هدومي اتبلت هدخل إزاي قدامهم كدة ؟
أردف بخبث :- زي الطريقة اللي طلعتي بيها من الفيلا المرة اللي فاتت.
اصطكت أسنانها بغضب قائلة :- بطل تلميحاتك الزفت دي، كان يوم أسود.
أردف بجمود وكأنه شيئاً لم يكن :- تعالي ورايا..
قال ذلك ثم سلك طريقاً آخر من الخلف للوصول للأعلى دون أن يراهم أحد، فكورت قبضتها بغل و سارت خلفه، و لكن ما لم يكن في الحسبان شاهدتهم ناريمان التي هتفت باذدراء والتي كانت تشاهد لحظة اقترابه منها عندما كان ينعشها وقد فسرت الأمور بشكل خاطئ :- إيه قوام سحرتيه! مش غريبة عليكي مامتك عملتها قبلك.
غلت الدماء بعروقها فهتفت بحدة :- بقولك إيه يا ست أنتِ كله إلا أمي مش هسمحلك ولا هسمح لأي حد يجيب سيرتها بالوحش.
أردفت بسخرية لاذعة :- و منظرك دة تفسريه بأيه مش قادرين تصبروا لحد الفرح!
صرخت بحدة أفزعت من أمامها :- أخرررسي!
تدخل مراد منهياً ذلك الجدال قائلاً ببروده المعتاد :- أظن أنها مراتي و بعلم الكل يعني أي حاجة تحصل بينا لا هي غلط ولاحرام .
أنهى حديثه و امسك يدها و صعد بها للأعلى، بينما رفعت حاجبها بشر قائلة :- لا بقى دة أنا لازم أتصرف بأسرع وقت مش هستنى كتير.
أردفت بخفوت وغيظ :- سيب أيدي يا جدع أنت.
ولكنه كالأصم لم يتركها إلا عند باب غرفتها قائلاً بجمود قبل أن يغادر :- يا ريت بعد كدة متتصرفيش بغباء تاني.
اختفى بلمح البصر، لتلكم الجدار بيدها بقوة قائلة بغل :- اه يا ابن الناس الطيبين! و حياة مقاصيصي لأوريك يا فريزر.. بقلم زكية محمد
______________________________________
شعرت بدلو ثلج سُكب عليها في شهر يناير، فاصطكت أسنانها ببعضهما بقوة، و سرعان ما تحول الفصل لتشعر بالحرارة تغزو وجنتيها و سائر جسدها.
اتسعت عيناها بذهول وهي تراه ماثلاً أمامها يبادلها ابتسامة عابثة، و لوهلة شعرت بالخوف حيال نظراته المصوبة نحوها والتي لا تبشر بالخير.
أطلقت صرخة عالية فجأة وهي تدور حول نفسها كالمجنونة قائلة :- غمض عنيك، غمض عنيك يا قليل الأدب.
ضحك بخبث قائلاً :- و ربنا ما أنا سايبك النهاردة، كدة يا مريومة يا بخيلة أول ما أغيب تلعلعي كدة!
راقبت تقدمه منها بأنفاس تكاد تجمعها من الهواء الذي هرب من حولها، بينما أخذ يتفحصها قائلاً بمكر :- ما شاء الله، من أين لكي هذا؟
أردفت بخجل زائد :- إسلام بطل الولد قاعد .
نظر للصغير الذي يطالعه ببراءة قائلاً :- إزيك يا أبو حميد كل سنة وأنت طيب يا بطل، بص شوف جبتلك إيه؟
أنهى حديثه وهو يمد له تلك اللعبة، فركض الصغير نحوه و التقطها منه و فتحها بحماس وما إن رآها فرغ فاهه بدهشة قائلاً بفرح :- الله حلوة أوي يا إثلام.
مال عليه مقبلاً إياه بوجنته بحب قائلاً :- قلب إسلام أنت يا أبو حميد، يلا يا بطل روح أوضتك عاوز أقول لماما كلمة سر.
أومأ بتفهم قائلاً :- ماشي، بث بعدين نلعب مع بعض؟
هز رأسه بموافقة قائلاً :-حاضر يا أبو حميد.
ركض الصغير للداخل، بينما انتصب هو في وقفته و نظر لمريم التي كادت أن تنصهر كالجليد من فرط الخجل، والتي سحبت غطاء الطاولة و لفته حولها، فانفجر ضاحكاً عليها قائلاً :- لا يا مريومة مفناش من كدة ما تبقيش بخيلة أومال، ولا أحمد بس اللي ليه كل حاجة ! طيب اعتبريني ابنك يا شيخة والله الواد أحمد دة محظوظ حظ، أوعدني يا رب نص حظه.
اقترب منها قائلاً بخبث :- شيلي المفرش شيلي خلينا نتفرج كويس، قصدي يعني نتكلم مع بعض كويس.
أردفت بتقطع :- أنا..... أنا دايخة.
أردف بفزع :- لا أبوس إيدك ما تفيصيش دلوقتي، بصي اتنفسي واحدة واحدة و هتبقي زي الفل.
اقترب منها ليتخلص من ذلك الغطاء بخبث، ثم أخذ بيدها و جلسا معاً على الأريكة قائلاً بحنو :- أهدي و اتنفسي براحة كدة ..
أطاعته و بدأت تتنفس بتمهل حتى هدأت، فأردف بحذر وهو يناولها كوب الماء :- خدي اشربي المياه هتهدي أكتر.
تناولت منه الكوب، و ارتشفت منه القليل وهتفت بتوتر وخجل :- أنا... أنا هروح أشوف أحمد.
امسك يديها قائلاً بعبث :- أحمد جوة بيلعب، خلينا في عم أحمد و ام أحمد.
شهقت فجأة قائلة بضياع :- ها ؟
ابتسم بهدوء و أعاد خصلات شعرها خلف أذنها قائلاً بهمس وجرأة :- إيه القمر دة!
اتسعت حدقتيها بمزيد من الصدمة، و فجأة أخفت وجهها بصدره قائلة بتوسل و خفوت :- ما تبصليش كدة، أنا خايفة !
اهتز قلبه بعنف بين اضلعه و اذدرد ريقه بتوتر من قربها الزائد، إلا أنه لم يحرم ذاته من التقرب منها، إذ دفن وجه بجوف عنقها قائلاً وهو يطبع قبلة هادئة على شريانها النابض، انتفض سائر جسدها على أثر ذلك، وهتف بصوت مبحوح :- خايفة ليه؟
شهقت بصوت مسموع، وما إن همت لتغادر حاوط خصرها قائلاً بمكر :- رايحة فين بس! عاوز أقولك حاجة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- حاجة إيه؟!
لم يستطع مقاومتها أكثر من ذلك، فاقترب منها كالمغيب يروي ظمأ ليال عجاف . بعد وقت ابتعد عنها ليسند رأسه على خاصتها قائلاً بعاطفة جياشة :- وحشتيني وكنت عاوز أسلم عليكي.
لا لن يتحمل قلبها الصغير هذا الكم من الصدمات على دفعة واحدة، شعرت بدوار عنيف يعصف بها و استسلمت لتلك الظلمة فأغلقت عينيها و استكانت بين ذراعيه، بينما زفر هو بضيق قائلاً :- لا وربنا كدة كتير! مريم مريم فوقي الله يحرقك مكانتش بوسة دي!
بعد محاولات عدة منه لافاقتها استجابت أخيراً له، و فتحت مقلتيها قائلة بضعف و كأن عقلها يرفض تصديق ما حدث للتو :- هو في إيه؟
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ما شاء الله يعني من أول ما أقرب يغمى عليكي و تصحي فاقدة الذاكرة! يا فرحة أمي بيا.
قطبت جبينها قائلة بدهشة :- أنت تقصد إيه؟
أردف بغيظ :- لا صحصحي معايا كدة، أنتِ مش فاكرة اللي حصل خالص ؟!
عادت للخلف بذاكرتها لتسترجع تلك اللحظات لتستوعب أنها حقيقة و ليس حلم كما تخيلته، لتغزو الحمرة وجنتيها بخجل زائد.
ابتسم بمكر وهو يسير بأطراف أصابعه على وجنتيها قائلاً :- شكلك أفتكرتي يا خلبوصة!
نهرته بخجل :- إسلام!
أردف بعبث :- الله! هو اسمي حلو كدة وأنا ما أعرفش!
صرخت بحدة قائلة:- أنت بقيت قليل الأدب كدة ليه؟ أوعى سيبني.
ضحك بخبث قائلاً :- هو حد يشوف القمر دة و ميبقاش قليل أدب!
وضعت يدها على جبينه قائلة بتعجب :- أنت سخن؟!
أردف بإعياء مصطنع :- اه سخن أوي حتى شوفي كدة.
ضيقت عيناها بغيظ، حينما كُشِفت لعبته فوكزته بذراعه قائلة :- بطل كدب.
ضحك عالياً وهو يقول :- اعملك إيه طيب؟! مش أنتِ اللي بتسألي أسألة غير منطقية وملهاش أي دخل بالموضوع!
طالعته بحذر قائلة :- إسلام أنت بتعمل كدة ليه؟ أنا مش فهماك!
تنهد بعمق قائلاً بحيرة :- ولا أنا فاهم نفسي يا مريم، بس أنا ببقى مبسوط وأنا جنبك، اليومين اللي غبتهم حسيت بفراغ كبير أنتِ كنتي ملياه وأنا مش واخد بالي، مريم أنا مش عاوز نبقى كدة عاوز نبقى زي أي اتنين متجوزين من غير مشاكل.
أردفت بضياع :- ها أنت قولت إيه؟
أردف بتأكيد:- اللي أنتِ سمعتيه يا مريم، ها موافقة نكمل ولا نفضل على اتفاقنا اللي أول مرة ؟
لم ترد عليه وكيف ترد و أخرستها الصدمة تماماً، أيسألها إن كانت موافقة أن تكمل حياتها معه! وهي التي تتمنى البقاء بجواره إلى أن يأذن الله؟
لمع الدمع بعينيها بعدم تصديق لما تسمع، بينما أردف هو بحذر :- مالك يا مريم، هو كلامي دايقك؟
اعتصر عينيه بعنف وهو يحلل سبب الدموع بشكل خاطئ ليردف بهدوء مصطنع :- اعتبري إنك مسمعتيش حاجة و آسف لو ضايقتك و فرضت نفسي عليكي.
وما إن هم ليقف، وجدها تتشبث بيده فنظر لها وجدها تهز رأسها بنفي و دموعها تهطل بغزارة، فتراجع فوراً وجلس إلى جوارها قائلاً بقلق :- طيب أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي؟
لم تجب وانما ازدادت في البكاء، وهي تخشى أن تخبره بحبها له حينها سيتهمها بالخيانة لأخيه و هذا ما لن ترضى به أبداً.
مد يده ليمسح عبراتها بحنان قائلاً:- طيب ممكن تبطلي عياط؟
هزت رأسها بموافقة لتحاول كبت دموعها التي نزلت رغماً عنها، لطالما تظاهرت بالقوة أمام أعينهم، فأردف هو بروية :- ها سامعك عاوزة تقولي إيه؟
نظرت أرضاً قائلة بخفوت :- ممكن تديني شوية وقت؟
هز رأسه بتأكيد قائلاً:- طبعاً خدي الوقت اللي أنتِ عاوزاه بس يا ترى فيه أمل و لو حتى بسيط؟
هزت رأسها بخفوت وخجل بنعم، فابتسم قائلاً :- تمام، يبقى خدي وقتك براحتك و أهو فرصة نتعرف على بعض أكتر من غير ما نتخانق مع بعض.
ثم أضاف بعبث وهو يشير لها :- بس بشرط ما تقطعيش بعادتك دي.
لم تفهم ما يرمي إليه إلا عندما نظرت إلى ما يرمي إليه بصره، فشهقت بخجل و سرعان ما نهضت وهي تركض للداخل صارخة بتذمر :- قليل الأدب.
هز رأسه بضحك قائلاً بصوت عال :- يا ميدو تعال يا حبيب عمو تعال ..ثم تابع بصوت خافت يملئه الغيظ :- تعال على ما أمك تحن علينا .
بالداخل وضعت يدها على ثغرها بعدم تصديق وابتسامة واسعة أفتقدتها منذ زمن بعيد و قلبها يقيم حفل غناء راقص يحتفل بما سمعه منذ قليل، تمددت على الفراش وهي تتطلع للسقف و عينيها الحب منها يفيض ومن ثم أخذت تقفز بسعادة و ودت لو تصرخ بجنون الآن فلن يلومها أحد على ما هي فيه فيالها من سعادة غمرت روحها التي كاد أن يتآكلها الحزن.
______________________________________
في الصباح الباكر تقف بركن بعيده بالقصر تضع على أذنها تنتظر رد الطرف الآخر الذي ما إن أجاب هتفت بحذر :- ها عملت اللي قولتلك عليه؟
- أيوة يا ناريمان هانم.
أردفت بنشوة انتصار :- طيب هستنى اللي طلبته منك في رسالة فوراً دلوقتي .
أنهت المكالمة لتأتي لها رسالة بعد ذلك، ما إن قرأت ما بداخلها نظرت أمامها قائلة بشر :- مش هستنى لما سلوى هانم تقول هعمل إيه و مهعملش ليه، أنا لازم أتصرف و أخلص الموضوع دة بنفسي.
____________________________________
استيقظت صباحاً بنشاط و أعدت الطعام، و وقفت تعض على إصبعها بخجل وهي تتطلع لباب الغرفة التي يقبع بها، و بالأخير حسمت الأمر إذ دلفت بخطا حذرة لتراه مازال غافياً.
تقدمت نحو الفراش و أخذت تتطلع إليه بحب تتأمله بعشقها المكنون له منذ زمن. مدت يدها لتوكزه بخفة بذراعه قائلة بخفوت :- إسلام.. إسلام أصحى.
صرخت بفزع حينما وجدت نفسها مكبلة بين ذراعيه و قريبة منه حد الهلاك حينما جذبها نحوه فجأة فهتفت بعتاب :- إسلام خضتني!
ابتسم لها بحب قائلاً :- سلامتك من الخضة يا قمر، طيب بزمتك في حد يصحي حد كدة! بالرقة دي مش هيصحى خالص.
أردفت بخجل وهي تحاول أن تبتعد عنه لتستطيع التنفس :- طيب قوم علشان تفطر.
قطب جبينه بتذمر قائلاً :- كدة من غير ما تصبحي عليا يا مريومة !
عضت على شفتيها بخجل قائلاً :- صباح الخير.
لم يستطع الصمود أكثر من ذلك إذ جذبها نحوه و روى ظمأه. ابتعد عنها بعد وقت قائلاً بخبث :- أحلى صباح دة ولا إيه!
و حينما رأى جسدها المتخشب أردف بحذر :- أوعي تقولي هيغمى عليكي!
دفعته بعشوائية لتفر من أمامه، بينما هتف هو بضحك :- الحمد لله المرة دي مفيصتش مني شكلها كدة خدت مناعة.
بعد وقت جلست بجوار أحمد الذي هتف بطفولية :- إثلام صحي ولا لسة أنا جعان.
أتاه صوته المرح قائلاً :- لا يا ميدو إثلام صحي أهو.
جلس هو بدوره و شرعوا في تناول الطعام، و وسط ذلك صدح هاتفه برنين معلناً عن وصول رسالة فقام بفتحها قائلاً بضجر :- يا دي العروض و الباقات اللي مش هتخلص.
وما إن فتح الرسالة و قرأ محتواها تجمد كالجليد، و تجهم وجهه و غلت الدماء بعروقه و تعالت وتيرة أنفاسه و سلط وجهه على الرسالة تارة و على مريم تارة أخرى، و دقق في محتوى الرسالة و أخذ يقرأ كلماتها مراراً و تكراراً " مراتك بتخونك و بتستغفلك"
نظرت له بتعجب من تغيره المفاجئ فسألته بقلق :- مالك يا إسلام؟ خير إن شاء الله.
أردف باقتضاب :- مفيش! ثم نهض قائلاً بجمود :- أنا نازل الشغل خليك أنت يا أحمد النهاردة.
أنهي كلماته ثم غادر مسرعاً، بينما أخذت تطالع أثره بتعجب شديد قائلة :- يا ترى إيه اللي غيَّرك كدة؟!
فاقت من شرودها على صوت الصغير قائلاً:- ماله إثلام يا ماما زعلان ليه ومش خدني الكوالة؟
ربتت على شعره قائلة بحنو :- مش عارفة يا ميدو لما يجي نبقى نسأله، يلا كل فطارك علشان هنروح لسامية. بقلم زكية محمد
_____________________________________
بعد مرور أسبوع لم يحدث به شيء سوى عودة رحيق للعمل مع سندس بعد محاولات عدة في ترجي والدها و أخيها حتى وافقا على ذلك، و تتعامل بتحفظ مع مراد منذ آخر موقف.
استمر هذا الرقم المجهول في إرسال الرسائل التي تخبره في كل مرة أنها خائنة، تخونه وأنها على علاقة بآخر وهو يكاد يجن حتى بات يراقبها و يتصرف معها بجمود أثار دهشتها و حزنها في ذات الوقت فقد عاد لما كان عليه بعد أن أخبرها بأنه يريد أن تستمر حياتهم الزوجية بشكل طبيعي و لكنه لم يجد أي شيء يثبت صدق الكلمات و فكر أخيراً أنها مجرد كلمات لزرع الشك بينهما لذا عليه تجاهلها و الاستمرار قدماً.
في الشركة الخاصة بالدعاية والإعلان شعرت بالجوع فنظرت لآلاء قائلة:- أنا جعانة و عاوزة أكل هنزل أجيب أجبلك معايا؟
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا متشكرة يا رورو مش جعانة .
نهضت بدورها و نزلت للأسفل، و ما إن تخطت الجانب الآخر و سارت وهي تنظر أرضاً، شعرت بشخص خلفها و سرعان ما جذبها و وضع يده على ثغرها و سار بها قليلاً ليختفي عن الأعين بأحد الجوانب، ومن ثم فتح باب السيارة وقذفها فيه وجلس هو بجانبها، و سرعان ما انطلقت بهم السيارة إلى وجهتها .
أخذت تتلوى بعنف لتتحرر من قبضته و تصرخ بصوت مكتوم، إلا أنه هتف بتهديد :- أخرسي خالص بدل ما أخلص عليكي.
أخذت تطالعه بنظرات مذعورة و توقفت عن المقاومة، بينما أردف هو بفحيح :- مفكرة نفسك هتروحي مني فين؟ لو فكرتي إنك اتخلصتي مني يا رحيق تبقي غلطانة، أنا بس كنت سايبك بمزاجي وجه الوقت اللي هاخد فيه حقي منك.
تساقطت دموعها بقهر وهي تشعر بالذعر و دقات قلبها تطرق بعنف كالطبول وهي تدعو الله بداخلها بأن ينجيها من براثن ذلك الذئب.
______________________________________
جلست بحيرة على الأريكة وهي تفكر في سبب تغيره نحوها بهذا الشكل، زمت شفتيها بعبوس قائلة :- يكون حد قاله حاجة تانية؟ بس هيقوله إيه؟ما هو عارف كل حاجة، أنا هتجنن! مش راضي يتكلم و مش عارفة ماله.
سمعت صوت الجرس فسحبت حجابها و وضعته على رأسها و توجهت لترى من الطارق؟
شهقت بصدمة حينما رأت الماثل أمامها، و سرعان ما دلف للداخل واغلق الباب خلفه قائلاً بخبث :- إزيك يا حلوة ! فاكرة إني مش هوصلك؟!
بدأ صدرها يعلو و يهبط بعنف، و خرج صوتها المتقطع قائلة :- أنت... أنت بتعمل ايه هنا؟ أطلع برة.. أطلع بدل ما أصوت و ألم الناس عليك .
أردف بمبالاة :- وماله صوتي ساعتها هقول إني جايلك بمزاجك وأنتِ اللي طلبتي دة.
هزت رأسها برعب قائلة :- حرام عليك عاوزين مني إيه تاني؟ بعد ما خربتوا حياتي، عاوزين إيه؟
أردف بخبث :- جاي نكمل اللي بدأناه هناك عندي في الشقة .
جحظت عيناها بصدمة قائلة :- بدأنا إيه يا حقير؟ طيب والله لأصوت وشوف بقى هيحصلك إيه؟
وما إن همت لتصرخ، كمم ثغرها بيده و أحكم حركتها رغم مقاومتها الضارية، ثم جذبها نحوه لإحدى الغرف والتي لم تكن سوى خاصتها، ثم قذفها على الفراش وعلى وجهه ابتسامة ماكرة.
قبل ذلك بدقائق معدودة وصلت له رسالة على أن " أطلع شوف مراتك جايبة عشيقها لحد البيت " .
جن جنونه و هب واقفاً و انصرف مسرعاً للأعلى وصل بوقت قياسي وكأنه في مضمار مع الزمن .
دلف للداخل ليسمع صوت صراخ مكتوم ليدلف للداخل، ليُصعق وهو يرى رجلاً يحضنها وهي تأن بضعف، حيث كان يكمم فاهها و يثبتها جيداً لتبدو الأمور للآخر طبيعية.
نزعه بقوة من فوقها لتصيبه الصدمة مرة أخرى عندما تعرف عليه، اندلعت بداخله حرائق غابات الأمازون ليضربه بكل قوته قائلاً بوعيد و غضب يحرق الأخضر و اليابس :- النهاردة محدش هيخلصك من إيدي.
أخذ يضرب فيه بعنف، و الآخر يسدد و يتلقى ولكن قوة إسلام كانت الكفة الراجحة، لذا ليهرب من براثنه أخرج المُدية التي كانت بحوزته و قام بتصويبها بشكل عشوائي لتصيب ذراعه بقوة ليتركه إسلام و ينتهز الآخر الفرصة و يلوذ بالفرار بعد أن حقق ما أتى لأجله. بقلم زكية محمد
صرخت هي بفزع وهي ترى الدماء تجري على طول ذراعه، و ما إن همت لترى ما به، حدجها بنظرات لو كانت رصاصاً لأردتها صريعة في الحال، و رفع يده بأن لا تقترب منه، بينما أخذت تهز رأسها بعنف، وهي تخبره بعينيها بأنه لم يحدث شيء كما يظن، وأن عناية الله التي تمثلت فيه هي من أنقذتها .
تقلصت ملامحه بألم وهو يضغط على ذراعه بقوة حتى يمنع نزيف الدماء، بينما كاد قلبها أن يتوقف مكانه من قلقها عليه، وهي في موقف يحسد عليه وكم ألمها نظرات الإتهام التي يمطرها إياها........
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
غرق وجهها بالدموع و اقتربت منه قائلة بخوف :- علشان خاطري خليني أشوف الجرح بتاعك و بعدين أعمل إللي أنت عاوزه، الله يخليك..
صرخ بعنف قائلاً :- أخرسي! مش عاوز أسمع نفسك.
إلا أنها لم تصغي له و أردفت ببكاء :- و حياة أغلى حاجة عندك خليني بس أعالجك، أقعد هروح أجيب علبة الاسعاف حالاً .
أنهت كلماتها و ركضت مسرعة للخارج وهي تشهق بعنف، بينما جلس هو بإهمال وقد داهمته عاصفة هوجاء فاجتثت جذوره فخر على قدميه فما عادت له قوة بعد ذلك.
لا يصدق أنه وقع ضحية للمرة الثانية في فخ الأنثى بكل غباء منه، وتلك المرة غير سابقتها فالضربة أقوى و أصابته بمقتل .
دلفت في تلك اللحظة و وضعت العلبة بجوارها، و بدأت تطهر له الجرح الذي يتطلب غرزتين فقطبتها له، أما هو كان يشعر بأن لمساتها لذراعه بجمر يحرقه، فما إن انتهت ابتعد عنها و كأنها شيء معدي تألم قلبها لأجل ذلك و بدأ ينزف من جديد بعد أن ضُمدت جراحه قليلاً.
أخذ يسير بالصالة كالمجنون لا يعلم ما يفعل؟ أيذهب و يفصل رأسها عن جسدها، أم يذهب و يخبر والدها و يتخلص منها؟
لو أتوا له بمياه المحيطات والبحار والأنهار وكل ما يوجد على سطح الأرض من مياه لن تطفئ تلك النيران المشتعلة بداخله، أمغفل هو لهذه الدرجة لتتلاعب به وهو كالأبله صدقها و صدق ذلك الوجه الذي يشع براءة ؟
ركل المقعد بقدمه بعنف قائلاً بتوبيخ لنفسه :- قولتلك، قولتلك يا حمار!
بداخل غرفتها سمعت صراخه، فانتفضت بخوف ولكنها يجب أن تخرج لتبرئ نفسها، إذ خرجت بخطا أشبه بالسلحفاة ازدردت ريقها بتوتر و هتفت بخفوت :- إسلام!
زفر بغل وهو يحدجها بنظرات لو كانت سهاماً لأخترقت صدرها في الحال، و سرعان ما جذبها بعنف بذراعه السليم قائلاً :- عاوزة إيه من زفت إسلام ها؟ المرة دي هتبرري عملتك دي بإيه بحجة إيه؟ أنتِ إيه يا شيخة !
أردفت بدموع و ألم :- والله مظلومة يا إسلام و....
صرخ بغضب :- اسمي ما يتنطقش على لسانك، أنتِ سامعة؟
هزت رأسها بخوف، بينما دفعها بقسوة وهو على حالته، وما إن همت لتتحدث، وجدت صفعة قوية نزلت على وجنتيها صرخت على إثرها، بينما أردف هو بغل :- القلم دة كان لازم أدهولك من أول ما جيتي هنا، بتوسخي بيتي يا........
أردفت ببكاء :- لو سمحت كفاية أنا سكتلك كتير وأنت سايق فيها .
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- دة أنا! بجيبه من عند أمي أظن ولا بتبلى عليكي! واللي شوفته من شوية دة؟ اه فعلاً بهينك لدرجة إني المفروض أقتلك، بس واقف متكتف هقول إيه لعمي و محمود ؟ ما يستاهلوش أبداً..
صرخت بقهر تدافع عن نفسها قائلة :- والله مظلومة، أنا فتحت الباب لقيته في وشي و بعدين ....و بعدين دخل و قفل الباب، هددني هيقولكم إني جايباه بمزاجي هنا لو صوت، و بعدين سحبني لجوه و......
نهرها بغضب قائلاً :- أخرسي متكمليش.
أردفت بوجع :- لا هكمل أنت لازم تسمعني أنا معملتش حاجة غلط و ربنا يشهد .
حدجها بغضب قائلاً :- اللي زيك ما ينطقش اسم ربنا على لسانه، يا بجاحتك ما أنا شوفته وهو.....
صمت زافراً بغضب، بينما هتفت هي بصدق :- والله كان قافل بقي بأيده و مكتفني، كان أقوى مني صدقني.
أردف بغيظ :- أنتِ عارفة كام مرة يتبعتلي رسالة بيتقالي فيها إنك خاينة و بتستغفليني، انا ما صدقتش كل دة في كل مرة، بس لما أجي ألاقي راجل غريب في بيتي وعلى سريري عاوزاني أعمل إيه أشجعكم؟
صرخت بقهر قائلة :- قولتلك محصلش بينا حاجة .
أردف بتهكم :- اه سوري لو جيت في وقت مش مناسب و قطعت لحظاتكم الزبالة .
أردفت بحدة وهي تهم لصفعه :- أخرس!
امسك يدها قبل أن تلطم وجنته قائلاً بفحيح :- متخلنيش واحد تاني أنا مش عاوز أكونه، ما تطلعنيش عن شعوري وإلا ساعتها هتكرهي اليوم اللي أتولدتي فيه.
نفض يدها بعيداً عنه قائلاً بازدراء:- مش عاوز أشوف وشك قدامي، بس أجيب أمه ابن ال.....و أنا هطلقك، استحالة أعيش مع واحدة زيك.
أردفت بحدة وقد فاض بها الكيل :- أنا اللي مش عاوزة أعيش معاك و أول ما أثبت برائتي تطلقني علطول، أنا اللي استحالة أعيش مع واحد شكاك زيك.
ركل الطاولة بعنف قائلاً :- أمشي من وشي أمشي.
بلحظة كانت بداخل غرفتها و سقطت أرضاً في إحدى زواياها، و أخذت تنتحب بمرار وهي تبتسم بسخرية وتهتف بداخلها :- متى ابتسمت الأيام لكِ؟
______________________________________
بعد عدة ساعات هتفت سندس بقلق :- أنتِ متأكدة أنها قالتلك أنها رايحة تجيب أكل؟
هزت رأسها بموافقة قائلة بدموع :- اه والله يا مدام أنا خايفة عليها أوي هتكون راحت فين؟
أردفت بقلق مماثل :- أنا هتصل بأخوها أشوفها لو كانت معاه ولا لا .
وبالفعل قامت بالاتصال به، وما إن رد عليها هتفت بحذر :- إزيك يا شادي ؟
أردف بهدوء و مرح :- أهلاً يا مدام سندس، البت رحيق عملت حاجة ولا إيه؟ قوليلي هشدهالك من ودانها.
أردفت بقلق أكبر :- يعني هي مش معاك ولا مع مراد
هز رأسه بنفي قائلاً :- لا مش هنا، تلاقيها زمانها روحت.
اغلقت عينيها قائلة بسرعة :- أصل حاجتها هنا، وهي نزلت من ساعتين تقريباً وقالت إنها هتجيب أكل و مجاتش لحد دلوقتي.
اتسعت عيناه بصدمة قائلاً :- بتقولي إيه؟ طيب اقفلي وأنا هتصرف.
أنهى المكالمة و اتصل على زوجة عمه بالقصر لتخبره بأنها لم تعد بعد، فأسرع يهرول لمكتب مراد حيث فتحه بعنف، فهتف الأخير بسخط :- أنت إزاي تدخل بالشكل دة يا .......
قاطعه قائلاً بخوف :- رحيق مش موجودة مختفية!
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- مختفية! إمتى دة حصل؟
أردف بسرعة :- سندس اتصلت عليا و بتسأل لو كانت يعني جات هنا، هتكون راحت فين بس؟
نهض من مكانه قائلاً بهدوء:- أنا هتصرف
أردف الآخر وهو يركض للخارج :- وأنا هروح مكان شغلها و هشوف. بقلم زكية محمد
______________________________________
توقفت السيارة بعد مدة قضتها في السير، ثم ترجل هو منها و سحب الأخرى قائلاً بتهديد وهو يكمم ثغرها :- لو طلعلك نفس اتشاهدي على روحك .
صعد بها للبناية و دلف بها لإحدى الشقق الفارغة، ثم زجها بداخلها بعنف و أوصد الباب خلفه .
هتفت بصراخ :- أنت جايبني هنا ليه؟ أنا عاوزة أمشي أفتح الزفت الباب دة.
ضحك بشر قائلاً :- أنتِ بتحلمي ! أنتِ مش هتعتبي عتبة الباب دة .
أردفت برجاء :- أرجوك يا حاتم خليني أمشي بابا هيقلق عليا.
أردف باستهجان :- أنسي أبوكي دة خالص، من النهاردة في حاتم وبس .
هزت رأسها بذعر قائلة :- أرجوك يا حاتم خليني أمشي، بالله عليك يا حاتم أنا بنت خالتك بردو!
أردف بحدة :- و بنت خالتي تروح تتمرمغ في العز لوحدها و ناسية ابن خالتها! شوفي مين اللي غلطان.
أردفت بحذر :- خلاص أنا... أنا هخلي بابا يدفعلك اللي أنت عاوزه بس سيبني بالله عليك أمشي.
أردف بمكر :- لا يا حلوة بعد إيه! ما أنا خلاص هطلع من وراكي بمصلحة إنما إيه لوز اللوز..
ركضت بسرعة نحو الباب لتلوذ بالفرار، ولكنه كان الأسرع حينما جذبها عنوة فأخذت تصرخ بصوت عال :- إلحقوني يا ناس، حد يلحقني..اااااه.
تلقت صفعة قوية طرحتها أرضاً، بينما مال عليها ليجذبها من حجابها بقسوة قائلاً:- أخرسي يا بنت ال....، صوتك ما اسمعهوش.
هزت رأسها بنفي قائلة بإصرار :- لا مش هسكت و هفضحك في المكان دة .
ضحك بصوته العالي قائلاً :- هو أنا مقولتلكيش! العمارة فاضية و المكان فاضي و لو صوتي لبعد بكرة محدش هيسمعك.
تعالت وتيرة أنفاسها وهي تطالعه بذعر، و عقلها يصور أسوأ السيناريوهات التي بإمكانه أن يفعلها. ازدردت ريقها بصعوبة قائلة :- أنت بتعمل كدة ليه؟
أردف بغل :- ملكيش دعوة و دلوقتي يا حلوة هطلع القديم والجديد، أنتِ تحت رحمتي دلوقتي و مبقاش حاتم إن مخليتك تبوسي رجلي علشان أرضى بيكي و وقتها هقولك شطبنا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تراجعت للخلف بخوف وهي تكاد تقع مغشياً عليها من كلماته تلك فأردفت بدموع :- أنا... أنا متجوزة حرام عليك، طيب أعمل حساب لخالتي الله يرحمها مش دايما كانت تقولك راعيها؟ هتنهش في لحمي علشان شوية فلوس يا حاتم! هي دي الرجولة؟
طالعها بمكر قائلاً :- لا الرجولة دي هوريهالك جوة.
صرخت بفزع حينما اقترب منها فجأة ثم جذبها خلفه بقوة، بينما هي تقاتل بكل ما أوتيت من قوة وهي تغرز أظافرها بوجهه، وحينما رأت إصراره وأنه لن يتراجع عما ينويه وأنها هالكة لا محالة، تصنعت الإغماء لعل ذلك ينجيها منه، و بالفعل خارت قواها ولم تتحرك.
تفقدها هو بحذر قائلاً بغلظة :- أوعي يكون شغل التمثيل دة هياكل معايا لا فوقي يا بت ..
وحينما لم يجد منها رد حملها للداخل، بينما كاد قلبها أن يقف مكانه، وضعها على الفراش و نظر لها برغبة قائلاً :- هتروحي مني فين أدينا قاعدين و اليوم طويل يا مزة.
أنهى كلماته و ترك الغرفة لتلتقط أنفاسها براحة وهي تحمد الله و ترجوه بأن ينجيها منه، ضربت على رأسها بعنف حينما تذكرت أنها نست الهاتف بالشركة فهتفت بهمس :- لو معايا دلوقتي كنت عرفت أتصرف! يا رب نجيني منه يا رب، يا ترى يا بابا عامل إيه دلوقتي؟
بالأسفل ترجل من سيارته و تبعه بعض الحراس الخاصين بحراسته، و دلف لتلك البناية ومن ثم للشقة التي بداخلها.
طرق الباب بغضب عاصف ففتحه حاتم الذي تلقى لكمة قوية أطاحت به أرضاً، فنهض ليحاسب من قام بتلك الفعلة و لكنه تسمر مكانه وهو يجده واقفاً يطلق سهاماً نارية نحوه، و ما لبث أن لكمه مجدداً و مسكه من تلباب ملابسه قائلاً بفحيح :- هي فين؟
هتف بتلعثم :- مم ..مفيش حد هنا غيري.
لكمه مجدداً وهو يقول :- أكتر حاجة بكرهها في حياتي هي الكدب.
نظر لرجاله قائلاً بأمر :- امسكوه و أوعى يهرب منكم.
حدجه بوعيد قائلاً :- لو بس لمست شعرة منها صدقني الموت هيكون أرحملك بكتير.
قال ذلك ثم ولج للداخل ليبحث عنها من بين الغرف، و ما إن فتح الأخيرة تم ضربه بقوة على رأسه ومن قوة الضربة وقع على الأرض فاقداً الوعي في الحال.
سمعت هي أصوات قريبة من الغرفة فأخذت تبحث عن أي شيء تحتمي به فوقع بصرها على إحدى المزهريات فمسكتها و وقفت خلف الباب، وما إن فتحه هو حتى قامت بضربه بكل قوتها وهي تهتف بشراسة :- والله لأقتلك يا حاتم الكل......
هربت الحروف من على لسانها و تجمدت أطرافها، حينما تحققت من هويته، إذ ضربت بيديها على قدميها بقسوة قائلة بذعر :- يا مصيبتي! دة الفريزر! يا لهوتي يا خرابي، إيه اللي أنتِ هببتيه دة يا رحيق الجزمة؟ هترملي نفسك بدري بدري، قتلتي الراجل يا أختي..
جلست أرضاً بجواره ثم أخذت تهزه برفق قائلة بخوف :- مراد فوق والله ما أقصد، أنا كنت فكراك الزفت حاتم .
وعندما وضعت يدها على رأسه وجدت أنها ملطخة بالدماء، فشهقت برعب و أخذت تصرخ بصوتها كله تترجاه بأن يستيقظ.
اهتدت أخيراً لهاتفه عندما عبثت في جيوبه و مسكت يده لتضع إصبعه على البصمة لُيفتح الهاتف فوراً، لتتصل بعدها على شادي الذي ما إن أتاها صوته هتفت ببكاء :- إلحقني يا شادي مراد مات!
توقف بالسيارة بصدمة بعد أن كاد أن يفتعل حادث قائلاً بعدم فهم وهو تحت تأثير الصدمة :- رحيق! مش دة تليفون مراد؟!
أتاه ردها قائلة ببكاء :- أيوة ..أيوة تعال بسرعة بالله عليك، أنا ضربته أنا مكنتش أقصد والله... أنا آسفة..
أردف بخوف :- رحيق رحيق ركزي معايا كدة، أنتوا فين؟
أردفت بضياع وهي تتطلع حولها بانهيار :- مش عارفة ...مش عارفة
أردف بقلق :- طيب بصي أكيد مراد معاه الحرس بتوعه هو مش بيمشي من غيرهم، أدي التليفون لأي حد منهم..
نهضت بدون تفكير لتخرج، و عندما رأت الحرس ممسكين بحاتم تراجعت للخلف بحذر، بينما أردف هو بحدة :- مفكرة نفسك هتهربي مني! ماشي يا رحيق ماشي.
نظرت لأحدهم قائلة بلهفة :- لو ...لو سمحت خد كلم شادي. بقلم زكية محمد
أذعن لطلبها و التقط منها الهاتف ليتحدث معه ببضع الكلمات في إحدى الجوانب، و بعدها ينهي المكالمة ليتوجه للداخل بعد أن أملى على البقية بأن يحتفظوا بحاتم ، بينما ركضت هي خلفه بخوف و بداخلها يدعو أن يكون على قيد الحياة.
______________________________________
بعد وقت كان ممدداً على الفراش بإحدي المستشفيات الكبرى، و يحاوطه عائلته الذين يتابعوه بقلق، بينما كانت رحيق منهارة في أحضان شقيقها و الآخر يمسد على ظهرها بحنو، و يلقي عليها ببعض الكلمات المطمئنة لها ليهدأ من روعها و ما عانته في تلك الساعات القليلة .
على الجانب الآخر كانت ناريمان تطالعها بحقد دفين، وهي تجز على أسنانها بغضب من فشل مخططها وهي تتعجب من كيفية وصوله لها بتلك السهولة!
لما حدث قبل ذلك، عودة للزمن بساعات للخلف حيث وقفت سيارة ضخمة في حي شعبي، و ترجلت منها سيدة من الطبقة العليا ولم تكن سوى هي.
أخذت تطالع المكان باذدراء واضح، و لكن عليها فعل ذلك لكي تتخلص منها . صعدت للأعلى حيث شقته و طرقت الباب و انتظرت قليلاً حتى فتحه حاتم الذي هتف بتعجب :- أفندم؟!
هتفت بكبرياء :- عاوزة أتكلم معاك شوية.
أشار لذاته قائلاً بدهشة :- أنا!
أردفت بتأفف :- أيوة انت أومال هيكون مين يعني .
نظر لها بريبة قائلاً :- اتفضلي قولي اللي عندك.
مطت شفتيها بسخرية قائلة :- إيه هنتكلم على الباب كدة !
كشر بحاجبيه قائلاً وهو يفسح لها الطريق :- اتفضلي.
دلفت للداخل وهي تنظر لما حولها بتعالي، و جلست على المقعد قائلة :- أنت ابن خالة اللي ما تتسمى رحيق مش كدة؟
هز رأسه قائلاً:- أيوة ابن خالتها، ليه، هي عملت حاجة؟
زفرت بغل قائلة :- بص أنا هعرض عليك عرض كدة أنا عرفت أنك طمعان فيها من زمان و عاوزها لنفسك، إيه رأيك تاخدها و تبعدها عن القصر و تعمل فيها اللي أنت عاوزه و هديك مبلغ مش بطال، أهم حاجة مترجعش القصر نهائي، ها إيه رأيك؟
حك مؤخرة رأسه بتفكير قائلاً بتساؤل :- لا مؤاخذة أنتِ مين، و إيه مصلحتك من كدة؟
أردفت بغلظة :- دة شيء ما يخصكش، ها هتعمل اللي قولتلك عليه ولا أشوف حد غيرك؟
هز رأسه مسرعاً وهو يقول :- لا موافق طبعاً بس هطلع بكام من المصلحة دي؟
أردفت بجمود :- 400 ألف جنيه.
قطب جبينه برفض قائلاً:- لا يا هانم أنتِ فاكرة العملية سهلة ولا إيه؟ دي مصاريف و قعاد و بيات ، لا شخللي جيوبك شوية.
جعدت أنفها بعدم فهم قائلة :- إيه؟
زفر بضجر قائلاً :- يعني زوديهم شوية عاوز الضعف وإلا كدة يفتح الله.
أردفت بغيظ :- أوك موافقة بس تعمل دة بأسرع وقت و يا ريت النهاردة.
أردف بثقة :- أضمن أن الفلوس في جيبي أعملك اللي أنتِ عاوزاه.
و بالفعل بعد أن تأكد من وصول النقود على حسابه أسرع بتنفيذ الخطة التي باءت بالفشل، وها هي تجني منها ثمار الحسرة على مجهودها الذي بذلته سدى.
عادت للوقت الحالي وهي لا زالت على حالتها، لم تستطع أن تمكث بمكان واحد هي فيه، فخرجت مسرعة للخارج ريثما يستيقظ هو.
فتح عينيه أخيراً لينتبه له الموجودون و أولهم والدته، التي اقتربت منه و تساءلت بلهفة :- أنت كويس يا حبيبي؟
ابتسم لها بحنو كي لا يقلقها قائلاً :- أنا كويس يا أمي متقلقيش.
أردفت بحنو وهي تمسد على شعره :- حمدا لله على سلامتك يا حبيبي.
توالت عليه العبارات التي تحمل السلامة و العافية له، بينما خرجت رحيق بسرعة ما إن علمت أنه بخير فهي تشعر بالذنب الشديد يأكلها كما تأكل النيران الحطب. أبعد أن خاطر بنفسه و أتى لإنقاذها يُلاقي منها ذلك؟
رفعت عينيها المغرورقة بالدموع لتجد سندس و آلاء، فأسرعت فوراً لتلقي ذاتها بين ذراعيها قائلة ببكاء :- أنا السبب، أنا السبب!
احتضنتها بحب قائلة :- هششش بس خلاص أهدي، دة قدره و الحمد لله هو كويس دلوقتي يلا بقى متبقيش كئيبة كدة، يلا علشان ندخل نطمن عليه.
ابتعدت عنها و نظرت أرضاً قائلة بخجل من نفسها :- لا، روحوا أنتوا أنا هقعد هنا، أنا مش قادرة أبص في وشه بعد اللي حصله بسببي، أنا غبية أوي.
أردفت بمرح :- يا روحي أول مرة تعرفي إنك غبية!
جعدت أنفها بحنق قائلة :- أنا بس اللي أقول على نفسي كدة.
ضحكت بخفة قائلة :- ماشي يا رورو، يلا بقى تعالي دة جوزك مش حد غريب!
هزت رأسها باستسلام و دلفت معهم، إذ ألقوا التحية و تمنوا له الشفاء العاجل .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ما إن وقع بصرها عليه صدفة شعرت بمن ينزع روحها منها ببطيء، و سكين حادة تمزقها بداخلها، بينما أخذ هو يطالعها بسخرية و اتهام و تشفي. لم تستطع أن تمكث بالغرفة أكثر من ذلك، فرسمت شبح ابتسامة على صفحة وجهها الباهت و تعللت بالخروج لعمل مكالمة هاتفية ضرورية.
هتف شادي بمرح :- طيب يلا بينا يا جدعان نطلع إحنا و نسيبهم لوحدهم شوية.
تطلعت له برجاء، فأخبرها بعينيه بأن لا بد من تلك المواجهة .
انصرف الجميع لتظل هي واقفة أمامه كالتلميذ الذي ينتظر العقاب من مدرسه.
تطلع لها هو بغيظ من تهورها و غبائها الغير منتهي. رفعت عينيها نحوه بحذر و هتفت بتوتر :- حمدا لله على سلامتك.
هتف بجمود :- الله يسلمك.
تابعت برقة :- أنا مكنتش أقصدك أنا كنت فكراك هو علشان كدة ضربتك، أنا متشكرة أوي على أنك أنقذتني.
أردف بهدوء :- أنا عملت كدة علشان عمي اللي مش هيستحمل يسمع عنك حاجة وحشة.
أردفت بغيظ :- بس؟
هز رأسه قائلاً ببرود :- أيوة بس أومال هيكون في إيه تاني؟
أردف و بانفعال :- مفيش يا أخويا مفيش. ثم تمتمت بصوت خافت :- قال وأنا اللي كنت خايفة عليه ليجراله حاجة، ما هو زي القرد أهو !
و فجأة دلفت سالي كالإعصار وهي تقترب منه و تتفحصه بعينيها قائلة بقلق :- مراد أنت كويس؟ حصلك حاجة؟ ألف سلامة عليك، أنا كنت هموت من الخوف عليك.
طالعتها الأخرى بحاجب مرفوع يصيبها الذهول مما تراه أمام عينيها قائلة بتهكم و خفوت :- و دي مين دي كمان؟ بقلم زكية محمد
______________________________________
بالخارج أخذت تلتقط أنفاسها بصعوبة، و يديها ترتعش بشدة وهي تهتف بتشجيع لنفسها و دموعها ملئت مقلتيها وعلى وشك أن تفيض لتغرق وجنتيها :- بس خلاص أهدي، أنا قوية مش ضعيفة، مفيش حاجة بس أهدي..
جلست على الكرسي الموجود بالطرقة و لكنها تفاجئت بصوته الساخر قائلاً :- أهلاً بمدام سندس، معقولة الدنيا صغيرة كدة و نتلاقى تاني بعد السنين دي!
وقفت بصعوبة وهي تطالعه بصدمة، وما إن همت لترحل أردف بتهكم :- إيه معندكيش حاجة تقوليها ! أخبار زوجك المصون إيه؟ أوبس قصدي طليقك.
أردفت بصوت ضعيف :- من فضلك ما تتكلمش.
ضحك بسخرية قائلاً:- مش دة اللي فضلتيه عليا؟ اشربي بقى .
صرخت بحدة قائلة بدموع متساقطة :- اسكت اسكت أنت مش فاهم حاجة.
هز رأسه قائلاً باودراء:- ولا عاوز أفهم، أنا بس جيت أشوف الليدي سندس اللي باعت حبها علشان شوية فلوس، ها كسبتي الفلوس؟ بالعكس أنتِ خسرتي كل حاجة، أنا جيت أأكدلك بس إنك متعنيش ليا بحاجة فبلاش تستخبي زي الحرامية و إتعاملي عادي.
أنهى حديثه و تركها لتقع على الكرسي بإهمال وهي تتنفس باختناق و تهتف بوهن :- إيه اللي جابك يا عاصم بس؟ يا رب صبرني و خليك جنبي مليش غيرك ..
على الجانب الآخر ضرب الجدار بقبضته بقوة وهو يصك أسنانه ببعضها وهو يؤنب نفسه على ما حدث و لكن يجب أن يفعل ذلك ليرجع جزءًا من كرامته المهدورة على يدها منذ أكثر من ست سنوات حينما أخبرته صريحة بأنها تريد الزواج بآخر من أجل ماله، ولن تعيش معه لأنه سيبدأ من الصفر رغم امتلاك والده لأكبر الشركات، إلا أنه أخبرها أنه سيستقل بذاته وعلى الرغم من أنها كانت مرحبة بتلك الفكرة إلا أنها تغيرت في عشية و ضحاها لتخبره بأنها لن تكمل معه، وكم صدمه ذلك و أوقعه صريعاً، ليخرج من شروده و يهتف بقسوة :- تستاهل، تستاهل خليني أدوقها شوية من اللي شربتهولي.
______________________________________
ليلاً بعد أن طلبت من والدتها أن تعتني بالصغير هذه الليلة جلست على الأريكة تفكر بشرود و قد حسمت أمرها في أن تخبر إسلام بالحقيقة و تبرئ نفسها عندما تقدم له دليل برائتها، وعلى الرغم من أن هذا الدليل سيفتح أبواب النار على أشياء أخرى أكثر خطورة، إلا أنها مضطرة لذلك فهي كانت ستخبره عن ذلك الأمر في كلا الحالتين فهي كانت بحاجة لترتب أمورها و تخبره بكل شيء.
وضعت يدها موضع قلبها الذي ينزف بغزارة، و تساقطت دموعها قائلة بتشجيع :- أنا عارفة إنك موجوع و هتتوجع زيادة، أنا عملت كل حاجة علشان أرضيك و منفعتش علشان كدة هنبعد دة الأحسن صدقني،انا أتوقعت الكل يوجعني إلا هو بس طلع هو أكبر وجع ليا، أنا هخلص الموضوع دة بسرعة و همشي مش هوري حد وشي تاني، أنا تعبت نفسي حد يحس بيا، لكن لا الكل جاي عليا.
مسحت عبراتها بعنف عندما سمعت صوت الباب فعلمت أنه عاد، لتتأهب كل حواسها استعداداً لما هو قادم.
ولج وعلى وجهه علامات الأرق، فهو يتعمد أن يأتي متأخراً لكي لا يراها بوجهه، و يغادر المنزل باكراً إلا أنه تفاجئ عندما وجدها لا زالت مستيقظة، زفر بضيق و توجه للداخل مباشرة، إلا أن صوتها الصارم أوقفه حينما هتفت بجمود :- عاوزة أتكلم معاك.
هتف باقتضاب :- وأنا مش عاوز أتكلم .
أردفت بانفعال :- بس أنا عاوزة أثبت برائتي علشان أخلص من وشك دة.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بغيظ :- هتثبتي براءتك إزاي؟ ماشي قولي اللي عندك لأني مصدع عاوز أنام.
نظرت أرضاً وهي تشعر بتفتت كرامتها إلى قطع صغيرة قائلة بقهر مغلف بالخجل :- قربلي وأنت تعرف.
رفع حاجبه بعدم فهم قائلاً بسخرية :- أقربلك إزاي يعني؟
توقف قليلاً ليستوعب مرمى حديثها فأردف بتهكم :- بالطريقة دي!
ثم انفجر ضاحكاً بسخرية قائلاً :- وحشك البيه و عاوزة تعوضي غيابه؟
أردفت بدموع ذليلة :- لو سمحت كفاية إهانات ليا لحد كدة مش أنت عاوز دليل برائتي، وأنا بقولك أهو بالطريقة دي بس هثبتلك .
هز رأسه قائلاً بخبث و تفكير :- وماله أهو نستفاد بأي حاجة من الجوازة دي بدل ما كله ماشي في إتجاه واحد.
قال ذلك ثم حملها ليدلف بها للداخل وهو ينوي القسوة معها، إلا أنه وجد ذاته يعاملها كقطعة زجاج يخشى عليها من أن تتهشم، ليدلف معها إلى عالم جديد لم يختبره من قبل، ليشعر بأنه يدلف الجنة و يتنعم بنعيمها، ليتمم زواجه بها ليصبح فعلي، ليبتعد عنها بعد وقت كمن أصابته صاعقة رعدية وهو ينظر لتلك البقعة التي على الفراش بذهول و كمن على رأسه الطير، و داخله يتساءل كيف لها أن تظل إلى الآن عذراء؟!!!!!!!!!! بقلم زكية محمد
______________________________________
يا ترى إيه السر اللي مخبياه مريم؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تجلس بغيظ تبكي على الأطلال لفشل مخططها، عندما انتفضت في مجلسها فور رؤيتها لمراد، فابتسمت ابتسامة باهتة و هتفت بتوتر :- إيه يا مراد مش كنت ارتاحت يا حبيبي بدل القومة دي!
ثم تابعت بكره وهي تصك أسنانها بعنف :- منها لله الغبية اللي عملت فيك كدة، قولتلكم قبل كدة وجود البنت دي هيسبب المشاكل محدش صدقني.
أردف بهدوء :- ما هو علشان كدة أنا جاي أتكلم معاكي .
تهللت أساريرها قائلة بلهفة :- إيه هتطلقها؟أحسن بردو دي واحدة مش من مستواك و ما تلقش بمركزك و لا بعيلتنا.
قطب جبينه بضيق قائلاً :- بس أنا ما قولتش إني هطلقها !
تبدلت ملامحها لتهتف بغل مكبوت :- أومال هتعمل ايه؟
أردف بجمود :- مش لازم أعرف مين اللي خطفها الأول.
زاغت انظارها لتردف بتوتر :- تلاقيها عاملة لعبة هي وابن خالتها دة.
أردف بمكر :- وايه عرفك أنه ابن خالتها؟
اذدردت ريقها بتوتر قائلة:- سمعت...سمعت شادي بيقول كدة .
قوس شفتيه بعدم اقتناع قائلاً :- هو فعلاً اللي خطفها دة ابن خالتها بس وراه حد طبعاً سانده وإلا كدة مكانش هيجرؤ يعمل دة.
رمشت بسرعة و دقات قلبها تعلو مع وتيرة أنفاسها، و أردفت بتلعثم :- هو، هو أنت عرفت مين اللي عمل كدة؟!
أومأ بتأكيد وهو يراقب اضطرابها باستمتاع قائلاً :- اه طبعاً أومال إيه اللي هيعرفني مكانها بسهولة كدة و خصوصاً في المكان المقطوع اللي هي كانت فيه؟ مش بس كدة أنا عارف مين اللي عمل كدة قبل ما تتخطف أصلاً، بس حبيت اسكت علشان أبينله أنه ذكي و عارف يخطط.
كاد أن يتوقف قلبها قائلة بتلعثم :- و، و يا ترى مين دة اللي عمل كدة؟
أجابها بجمود وهو ينظر بعينيها مباشرة :- اللي عمل كدة واقفة قصادي دلوقتي وعاملة نفسها بريئة وهي متعرفش إن لعبتها مكشوفة.
شعرت بجفاف في حلقها كصحراء قاحلة لا ماء فيها، بينما أردف هو بتهديد :- أنا دلوقتي بتكلم معاكي لوحدي ومش هعرف حد باللي حصل مش علشانك لا، علشان عمي ولو حاولتي تعملي أي حاجة هتشوفي مني وش مش هيعجبك.
أردفت بنفي كاذب :- أنا، أنا معملتش كدة، أنت أتجننت!
أردف بصرامة :- تحبي أوريلك المكالمات بتاعتك ولا مرواحك هناك لبيت الزفت دة ؟ أنا مبعيدش كلامي مرتين، وأنا حذرتك فمتجيش تلوميني بعد كدة.
أنهى كلماته، ثم غادر من أمامها، بينما خرجت سلوى التي كانت تسمع حديثهم منذ البداية قائلة بتوبيخ :- قولتلك ما تتصرفيش من دماغك، أهو عرف لوحده دة مراد يا ناريمان يعني مش أي حد.
هتفت بكره :- أعمل إيه يعني؟ مكانش قدامي غير كدة علشان أخلص منها، أتاري البيه مأمنها كويس و عارف كل حاجة.
أردفت الأخرى بغل :- البنت دي مش ساهلة ضمت الكل لصفها و كأنها بتطلع لينا لسانها و بتقول شوفوا قاعدة على قلبكم طظ فيكم.
صمتت قليلاً لتردف بكره :- علشان كدة لازم نتخلص منها بس نهدى و نرتب على رواقة.
_____________________________________
بالداخل تجلس بجوار والدها تهز قدمها بعصبية شديدة، وهي ترى تلك المدعوة سالي التي لم تغادر منذ أن أتوا.
طالعتها بغضب وهي ترى محاولاتها للتقرب من كتلة الجليد، و رغم أنه يصدها و يعاملها بنفس الجمود، إلا أن هذا يشعل فتيل اللهب بداخلها ولا تعلم ماهيته بعد.
طالعها والدها بتعجب قائلاً :- مالك يا رورو متضايقة ليه يا قلب بابا؟
أردفت بحنق :- هي الزفتة دي اللي ما تتسمى تسالي هتغور إمتى؟
جعد جبينه بعدم رضا قائلاً بعتاب :- مينفعش كدة يا رحيق دي مهما كانت ضيفة.
اصطكت أسنانها بعنف قائلة :- ضيفة مقولناش حاجة، إنما دي عمالة تدحلب ورا الفريزر من وقت ما جه من غير خشا، جاتها بلوة وهي حلوة كدة استغفر الله العظيم.
ضحك بخفوت قائلاً بمرح :- بس الفريزر أهو مش مديها وش يا رورو، اطمني. ثم أضاف بمكر :- و بعدين أنتِ متضايقة ليه؟
هزت كتفيها بعدم معرفة قائلة :- مش عارفة، بس حاسة إن في نار جوايا يا بابا مش هتطفي إلا لما أروح أجيبها من شعرها و أديها العلقة التمام.
ضحك بصخب قائلاً بمكر :- كل دة و مش عارفة!حبيبة أبوكي أنتِ.
رفعت حاجبها بتعجب قائلة:- حضرتك بتضحك على إيه؟
كتم ضحكته بصعوبة قائلاً:- لا أبداً أصل شايف ناس هنا الغيرة هتجننها وهي مش عارفة.
أردفت بتعجب :- نعم! غيرة! مين دي اللي تغير؟ أنا أغير من الصفرا أم بدوي دي؟
أردف بتسلية :- مش كانت حلوة من شوية إيه اللي غير رأيك؟ وأنا مقصدش أنك غايرة منها بالشكل اللي أنتِ فهمتيه، أنتِ غيرتِ منها علشان هي قاعدة طول الوقت جنب مراد وأنتِ واقفة هنا زي الخايبة.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة وهي تشير بإصبعها نحوها :- دة أنا! أنا أغير على الفريزر! نكتة حلوة أوي يا بابا.
هز رأسه نافياً وهو يقول :- لا يا حبيبة بابا دة اللي أنا شايفه حتى ولو كنتِ بتداريه جواكي أو مش عارفة تحددي مشاعرك و متلخبطة.
أردفت بإصرار :- لا طبعاً دة متهيألك .
نظر لمراد الذي دلف لتوه، فسرعان ما التصقت به الأخرى تحاول التودد إليه فهتف بمكر :- إلحقي مراد جه أهو.
رفعت أنظارها نحوه لتضغط على شفتيها بغل قائلة :- لا بقى مبدهاش يا أنا يا أنتِ يا أم بدوي!
أنهت كلماتها و انطلقت نحوهم كالقذيفة بينما ابتسم مجدي قائلاً بتأكيد:- و الله بتحبيه يا رحيق.
وقفت إلى جواره و حدجت الأخرى بنظرات أشبه بسهام تلقيها بها و ابتسمت باصطناع قائلة :- منورة يا تسالي يا أختي، أقعدي واقفة ليه؟
تأففت بضيق منها قائلة :- شكراً ليكِ .
ثم تجاهلتها قائلة بنعومة :- ها يا مراد هتصمم القرية السياحية لدادي إمتى ؟ بابا مش راضي حد يصمم غيرك.
أردف بجمود :- إن شاء الله هبتدي فيه أول الأسبوع يكون خلصت الشغل اللي في أيدي.
أسرعت تقول بلهفة :- طيب إيه رأيك نقعد برة نتكلم شوية أنا عاوزة أتكلم معاك شوية.
ضيقت الأخرى عينيها قائلة بخفوت :- مش هنولك اللي في بالك أبداً.
قالت ذلك ثم أسرعت تمسك ذراع مراد قائلة بجمود تعلمته منه أخيراً:- سوري أصل مراد تعبان و محتاج يرتاح شوية، بعد أذنك.
سارت معه نحو الأعلى و الأخير يتبعها باستسلام منه، وما إن دلفا للغرفة سحبت ذراعها بعنف قائلة بحدة :- عاجبك أوي يا أخويا اللي بيحصل تحت دة! البت الملزقة دي مش طايقاها أصلاً، وهي عمالة تتسهوك سهوكة بنات بصحيح و أنت الموضوع جاي على هواك و......
احتجزها فجأة لتصطدم بالجدار خلفها، و لم يعطيها الفرصة إذ أقترب منها حد الخطر ينهل من رحيقها دون توقف .
بعد مدة ابتعد عنها قليلاً ليجد وجهها تحول إلى جمرة مشتعلة وعلى وجهها إمارات الصدمة، ابتسم بخفوت لأول مرة قائلاً بمكر :- ملقتش طريقة أفصلك بيها إلا دي، مبحبش الكلام الكتير و اللي ملهوش لازمة.
سحبت نفساً عميقاً تسترد به أنفاسها التي سلبها إياها منذ لحظات وهي تشعر بتصاعد وتيرة دقات قلبها على غير الطبيعة. حاولت التحدث ولكنها وجدت صعوبة بالغة في جمع الحروف إلى جوار بعضها بعد أن أثار زوبعة عنيفة بداخلها فنطقت أخيراً بتلعثم :- أنت... أنت...عملت إيه؟ والله لأروح أقول لبابا يا قليل الأدب، دة جزاته أنه مأمنك على بنته!
أردف بجمود :- والله بنته هبلة و مش مستوعبة إن إحنا متجوزين.
أردفت بانفعال :- يا برودك يا فريزر ولا كأن في حاجة حصلت !
شهقت بخوف حينما وجدت ذاتها محاصرة مجدداً يطل عليها بقامته الممشوقة، و مال على أذنها يهمس بفحيح :- لو الكلمة دي اتقالت تاني مش هيحصلك كويس، سامعة؟
هزت رأسها بموافقة، بينما تابع هو بانتصار:- شطورة و بتسمعي الكلام.
ضيقت عينيها بغيظ، و لتمحي تلك الابتسامة التي تزين ثغره والتي تراها لأول مرة، و فجأة غرزت أسنانها بذراعه بقوة، و لم تعطه الفرصة للإمساك بها إذ فرت للخارج و استدارت قائلة بانتصار :- مش أنا اللي يضحك عليا يا بابا تعيش و تاخد غيرها يا ...يا فريزر.
ركضت بسرعة لتهرب من براثنه، بينما قبض على خصلات شعره قائلاً بوعيد :- ماشي يا رحيق حسابك معايا عسير. بقلم زكية محمد
___________—––___________——________
لازال على حالته يقف كالتمثال الذي لا حركة فيه ولا حياة، يحاول عقله المصعوق أن يستوعب مدى الصدمة التي تعرض لها منذ قليل، بينما أخذت تبكي بصوت مكتوم، ترثي كرامتها المهدورة و جروح فؤادها الغائرة .
تنحى عن كونه تمثالاً أخيراً ليتوجه ناحيتها قائلاً بعدم تصديق :- إزاي دة ؟ ازاي؟
لم يتلقى منها أية ردود سوى دموعها التي تهطل بغزارة و صوت شهقاتها التي تملأ المكان، فصرخ بانفعال :- انطقي إزاي؟ إزاي أنتِ لسة بنت؟ و أحمد؟ ردي عليا ..
انتفضت بخوف من صياحه المتكرر عليها فخرج صوتها قائلة بخفوت :- ابني!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
صاح بغضب :- أنتِ هتجننيني؟ أومال إيه دة؟ استني استني هو أحمد ابن علي أصلاً؟
هزت رأسها بتأكيد قائلة :- اه والله ابنه، ابنه.
ضرب على الحائط بجوارها قائلاً بجنون :- إزاي؟ إزاي ابنه؟ مريم ! اتكلمي أنا على آخري.
أردفت بخفوت :- طيب ممكن تطلع برة الأول.
زفر بحنق قائلاً باستسلام:- ماشي يا مريم أنا هستناكي برة لما نشوف اخرتها إيه؟
قال ذلك ثم التقط قميصه ليرتديه و خرج ينتظرها بالصالة ريثما تتبعه، و ما هي إلا دقائق معدودة حتى ظهرت أمامه تسير بخطوات متمهلة، و تنكس رأسها للأسفل، ومن ثم جلست قرابته قائلة بوجع وهي تحدق بسجادة الأرضية :- قبل ما أتكلم يا ريت تنفذ كلامك و تطلقني لأن استحالة أعيش معاك تاني.
أردف بمهاودة ليعرف ما المخفي خلف تلك الجدران التي بنتها دون أن يعلم أحد بوجودها من الأساس:- ماشي هعملك اللي أنتِ عاوزاه، بس الاول قوليلي إزاي دة حصل؟
مسحت عبراتها التي لم تستطع التحكم فيها تلك المرة و خاصة أمامه هو، و شردت في نقطة ما وهي تسترجع تلك السنوات حيث بداية ألمها وهي، عندما أخبرها والدها بأنها ستتزوج من ابن عمها علي، و عندما اعترضت لم يعبأ لعدم موافقتها البتة، بل خطط كل شيء مع أخيه حتى تمت الزيجة بشكل مفاجئ للطرفين .
بعدما انتهى الزفاف صعدا للشقة الخاصة بهم والتي سيمكث بها للغد قبل أن يغادر للأسكندرية حيث مقر عمله هناك حيث يعمل مهندساً لإحدى الشركات الضخمة .
ارتجفت أوصالها بخوف من القادم لطالما رفضت تلك الزيجة التي لم تكن في الحسبان و أتت فجأة. ارتجف قلبها الصغير في قفصها الصدري، فكم تمنت في أحلامها الوردية أن تكون زوجة أخيه وليس هو. شهقت بخوف عندما سمعت صوته الأجش قائلاً :- أدخلي يا مريم هتقعدي عندك كتير!
هزت رأسها بضياع وهي تشعر و كأنها تُساق لمنصة الإعدام. صدح هاتفه بالرنين وما إن نظر لشاشته و رأى المتصل زفر بضيق و نظر لها قائلاً بتهرب :- أدخلي جوة يا مريم على ما أرد على التليفون.
خرج للشرفة ليرد على الهاتف قائلاً بهدوء :- أيوة يا بسمة.
أتاه صوتها قائلة بغضب :- جرا إيه يا دلعدي ما بتردش على التليفون ليه؟
أردف بغضب مكتوم :- هرد إزاي وأنا في الفرح اللي المفروض بتاعي يا نجيبة عصرك؟
أردفت بسخرية :- فرحك! اه قولتلي شكلك نسيت الاتفاق يا حبيبي!
زم شفتيه بضيق قائلاً :- لا منسيتش يا بوسبوس لسة على اتفاقنا.
أردفت بدلال :- أوعى تنسى بسبوستك حبيبتك.
ابتسم بهدوء قائلاً :- استحالة انساكي يا روحي هو أنا أقدر!
أردفت بحب :- في مفاجأة محضرهالك و عاوزة أقولهالك.
أردف بعبث :- دلوقتي! دة حتى النهاردة دخلتي.
أردفت بحدة :- طيب أبقى اعملها يا علي و شوف هعمل إيه؟
ضحك بخفوت قائلاً :- بحب غيرتك دي أوي، ها يا ستي قوليلي إيه هي المفاجأة؟
أردفت بفرح وهي تضع يدها على بطنها :- أنا حامل يا حبيبي.
وقع عليه الخبر كالصاعقة فلم ينبس بحرف، بينما أردفت هي بسعادة:- النهاردة عرفت لما نفسي غمت عليا و قعدت أرجع كتير و الدكتور قالي حامل في شهر.
و عندما لاحظت صمته أردفت بتعجب :- لولو أنت ساكت ليه يا حبيبي، أنت زعلان؟
أردف بتيه :- أنتِ حامل؟!
أومأت بموافقة وهي تقول بتذمر :- أيوة حامل بس الظاهر أنك مش مبسوط بالخبر دة، هو أنت هتقول إمتى لباباك إن إحنا متجوزين؟
أردف بشرود :- لما الأمور تهدى بعد ما بابا يكتبلي الأرض اللي في اسكندرية و تبقى باسمي، لو عرف إني متجوز من وراه مش هيسكت و خصوصاً لو عرف إنك......
صمت لتتابع هي بتهكم :- رقاصة مش كدة! بس أحب أفكرك يا عنيا إن لولايا مكنتش هتوصل للي وصلتله.
أردف بلوم :- الله! إيه لازمة الكلام دة بس دلوقتي؟ أنا مقصدش.
أردفت بعتاب و حزن :- ولا تقصد يا علي، واضح إنك عمرك ما هتتقبل إني كنت في يوم رقاصة قبل ما تقنع أبوك .
أردف بروية :- الموضوع مش كدة أنتِ عارفة أنه ميفرقش معايا لأني عارف ظروفك كويس، بس أبويا مش هيقبل دة بسهولة سيبيني أخطط بس.
أردفت بغيرة و غضب :- و السنيورة اللي عندك ! عارف بس لو لمست أيدها هعمل منك كفتة أنت فاهم؟
ضحك بغلب قائلاً :- دي مراتي دلوقتي يعني المفروض يحصل اللي بالي بالك ولا إيه؟
صرخت بحدة قائلة:- علي! بلاش تستفزني، أنا قولتها كلمة لو قربت منها هاجي عندك و أطربقها فوق دماغك.
أردف باستسلام :- خلاص يا بوسبوس، مش هقربلها حاكم أنا عارفك متهورة و تعمليها.
رفعت حاجبها بانتصار قائلة :- أيوة يا حبيبي ربنا يكفيك شر مكر العوالم، هقفل معاك و نام في اوضة لوحدك واه هكون على إتصال بيك الليل كله أنا فاضيالك النهاردة.
زفر بضيق قائلاً :- سلام يا بسمة سلام.
أنهى المكالمة معها و دلف للداخل لتصيبه الصدمة حينما وجدها تقف بوجه شاحب، فصك على أسنانه بغيظ قائلاً :- أنتِ واقفة هنا ليه؟
هتفت بتلعثم وهي تكاد تخر أرضاً من هول ما سمعت :- أااا، ممممم....
قاطعها قائلاً بغضب :- أنتِ إيه انطقي.
أردفت بخوف منه:- أنا، أنا كنت، جيت، أسألك على مكان الاوضة.
أردف بغضب عاصف :- أنتِ سمعتي إيه؟
أردفت بوجه شاحب :- ممممم، ما سمعتش أنا مليش دعوة..
وما إن استدارت لتفر من بطشه، قبض على ذراعها بقوة ألمتها بشدة و أردف بغلظة :- تعالي هنا و كلميني..
نظرت له بذعر من هيئته فقالت بخوف طفولي :- مش هقول لحد والله، مش هقول.
جز على أسنانه بغيظ و هو يزفر بضيق فبالتأكيد سمعت ما قاله ليطالعها بنظرات نارية خشية أن تخبر أحد من العائلة و عندها سيحدث مالا يحمد عقباه، لذا شدد من قبضته قائلاً بفحيح :- لو اللي سمعتيه دة إتقال لحد هقتلك أنتِ سامعة ؟
هزت رأسها برعب قائلة :- حاضر يا أبيه علي..
قطب جبينه بتعجب، ألا زالت تنعته بتلك الصفة و قد صار زوجها! هز رأسه بعدم اكتراث قائلاً بقسوة :- أختفي من قدامي دلوقتي.
و بلحظة تبخرت و حبست نفسها داخل إحدى الغرف ولازالت على نفس صدمتها به، بينما جلس هو يزفر بضيق فقد سار كل شيء عكس ما يخطط و خاصة عندما سمعت مكالمته الهاتفية فهو غير مستعد لأي مواجهة الآن مع والده.
انقضت الأمسية سريعاً ليحل الصباح لينطلقا معاً نحو الاسكندرية بحجة قضاء شهر العسل، وكم كانت تود أن تظل إلى جوار والدتها فهي تشعر بالخوف كلما رأته..
ما إن خطت قدمها الشقة دب الخوف بقلبها لتعتليها الصدمة حينما رأت فتاة في مقتبل العشرينات تجلس واضعة ساق فوق أختها و تطالعها بعدم رضا.
نهضت من مكانها و وقفت قبالتها ثم أخذت تحدجها بتفحص قائلة بسخط :- هي دي العروسة يا علوة؟ أمممم، مش بطالة.
طالعتها مريم ببراءة قائلة :- أنتِ مرات أبيه علي؟
رفعت كلا حاجبيها قائلة بدهشة :- هو قالك ؟ هههه و كمان بتقولك يا أبيه حلوة دي! اه يا حبيبتي مراته و أم ابنه.
قالتها وهي تضع يدها على بطنها لتتراجع الأخرى بصدمة، بينما أردفت بسمة بتعالي :- شوفي يا حلوة في شوية قواعد كدة هقولك عليها، شايفة الأوضة دي؟
هزت رأسها بموافقة قائلة :- أيوة .
أردفت بحاجب مرفوع:- دي هتبقى أوضتك اللي هتعيشي فيها الكام شهر اللي جايين دول على ما الموضوع يخلص.
اعترض علي قائلاً :- بس يا بسمة..
قاطعته قائلة بإصرار:- اللي قولته هيتسمع يا علي، و دلوقتي أختار يا أنا يا هي.
جعد أنفه بضيق قائلاً :- إيه اللي أنتِ بتقوليه دة ؟ أنتِ عاوزاني أتخلى عن بنت عمي في الغربة؟!
أردفت ببراءة مصطنعة :- لا يا حبيبي أنا مقصدش كدة، أنا أقصد أختار مين اللي هتبقى مراتك فعلياً واظن أنت فاهمني كويس.
جز على أسنانه بغيظ و جذبها من ذراعها بعيداً قائلاً بضيق :- إيه اللي أنتِ بتقوليه قدامها دة؟ دي عيلة!
أردفت بشهقة معترضة :- ولو يا عمري أنا ما أضمنش الظروف ولا أضمن الرجالة، مش يمكن تحلى في عينك بكرة ولا بعده؟
أردف بمهاودة :- يا بت أنتِ اللي في القلب هو في بعدك برده!
مصمصت شفتيها بعدم رضا قائلة :- كل بعقلي حلاوة كل، و أوعى كدة أنا زعلانة منك هي دي وحشتني بتاعتك!
غمز بعينيه لها بعبث قائلاً :- أظبط الأمور بس وأنا هوريكي وحشاني قد إيه؟
أردفت بوقاحة :- لا الدنيا متظبطة تعال أنت بس. ثم أردفت بصوت عال :- البيت بيتك يا مريومة طبعاً خدي راحتك، بعد أذنك هندخل جوة نريح شوية أصل لولو وحشني أوي.
قالت ذلك ثم سحبته من ياقة قميصه لإحدى الغرف، بينما وقفت هي كالجماد لا تعلم ما تفعل و كأنها في حلم توجهت للغرفة التي أشارت لها بسمة سابقاً، و وضعت حقيبتها أرضاً لتجلس بشرود على الفراش وهي تفكر بحالها الذي يشبه الكابوس الذي تتمنى أن ينتشلها أحد منه عما قريب.
زفرت بضيق قائلة :- أنا هتصل بالبت عزة تقولي النتيجة طلعت ولا لسة .
و بالفعل اتصلت بها لتجيبها الأخرى بفرحة :- مريم حبيبتي؟ أنتِ وصلتي؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
هتفت بخفوت :- أيوة يا عزة وصلنا من شوية.
ابتسمت بود قائلة :- حمداً لله على سلامتك، بس في عروسة تسيب عريسها و تقعد تتكلم مع صحبتها بالشكل دة!
ابتسمت بوجع قائلة :- لا عادي هو معندوش مشكلة، طمنيني على النتيجة.
ابتسمت بحماس قائلة :- ألف مبروك يا عروسة جبتي %98 .
ابتسمت بسعادة غامرة قائلة :- بجد! أنا جبت كدة؟
أومأت بتأكيد قائلة :- أيوة يا روحي ألف مبروك وأنا جبت %95 .
أردفت بحب :- ألف مبروك يا زوزو .
أجابتها بفرح :- الله يبارك فيكِ ها هتدخلي صيدلة زي ما قلتي؟
هزت رأسها بنفي قائلة بحزن :- لا يا عزة ما أنتِ عارفة بابا مش راضي يخليني أكمل تعليم بيقولي كفاية عليكي الثانوي، أنتِ بقى هتدخلي إيه؟
أردفت بحماس :- أنا هدخل كلية علوم بإذن الله أنا و البت سهام.
ابتسمت بمرار و أردفت بدموع مكبوتة :- ربنا معاكم و يوفقكم، سلميلي على سهام لما تشوفيها سلام.
أنهت معها المكالمة لتسقط على الفراش تنتحب بصوت مكتوم وهي ترثي حلمها الضائع قائلة بخفوت :- حرام عليك يا بابا تحرمني من كل حاجة حلوة.
بعد مرور أسبوع استمرت فيه بسمة بالحيطة و الحذر تجاه مريم كي لا ينفرد علي بها، فهي تقف بينهما كالحاجز و تقريباً تضعه كالخاتم في إصبعها فلا يعصي لها أمراً.
كانوا يجلسون على الطاولة يتناولون الطعام بهدوء حتى قطعته هي حينما أردفت بخفوت :- علي ممكن أطلب منك طلب؟
نظر لها بانتباه قائلاً :- اتفضلي يا مريم.
فركت أصابعها بتوتر و أردفت برجاء :- أنا جبت %98 في الثانوية العامة و يعني ....يعني كنت عاوزة أدخل صيدلة ممكن تخليني أكمل و أروح الكلية، وحياة بسمة عندك.
ثم طالعت بسمة قائلة برجاء :- بالله عليكي قوليله يوافق أكمل ، وأنا والله مش هضايقكم خالص، و هعمل شغل البيت كله كمان علشان حضرتك حامل يعني وكدة.. بقلم زكية محمد
لاحت ابتسامة انتصار على ثغرها فهي فرصة مناسبة فستغيب كثيراً عن المنزل و ستشغل ذاتها بالاستذكار لذا هزت رأسها قائلة بحنو زائف :- متقلقيش يا حبيبتي أكيد علي معندهوش مانع، الكلية قريبة هنا و مفيش مشكلة، إيه رأيك يا علي؟
هز رأسه بتفكير قائلاً :- أنا ممكن أوافق بس بشرط.
أردفت بلهفة :- قول بسرعة وأنا هنفذ ..
أردف بهدوء :- ما تحكيش أي حاجة بالموضوع دة لا لأهلي ولا لأهلك ولا أي مخلوق برة.
هزت رأسها بفرح قائلة :- حاضر حاضر والله ما قُلت ولا هقول، اطمن.
و بالفعل التحقت بالجامعة و اهتمت بدروسها جيداً، أما علي كان همه يزداد يوماً بعد يوم وهو لا يعلم كيف سيتصرف في الجنين القادم، و كيف سيقدمها لهم على أساس أنها زوجته فوالده لم يبت في موضوع كتابة الأرض التي هنا بالإسكندرية له فهو في أمس الحاجة لها لكي يسدد ديونه التي تغرقه منذما تعرف على تلك المدعوة زوجته و رفاق السوء خاصته الذين سحبوه نحو قاع مظلم لا مجال للعودة منه بسهولة، منذ أن تعرف عليهم في إحدى صالات الرقص عندما ذهب مع رفاقه و منذ تلك اللحظة وهو انخرط في عالمهم و تتبع شيطانه ورغباته و سلم ذاته لهم، فتوسطت له ليحصل على مركز مرموق في الشركة وهو مستمر في أفعاله الغير أخلاقية معها إلى أن تزوجها .وها هو يجني ثمار ذلك فقد أصبح مدمناً للمخدرات التي جعلت الديون تتكاثر عليه من قبل هؤلاء اللذين يطالبون بنقودهم، ولذا هو في أمس الحاجة لبيع قطعة الأرض تلك.
ولم ينتهي الأمر عند ذلك ليفاجئ أن والده قد حدد موعد زواجه من ابنة عمه التي لا يعرف عنها سوى اسمها و بعض الملامح لها لعدم رؤيته لها لسنوات طويلة، فما كان منه سوى الموافقة لكي لا يصغر والده أمام عمه، و ها هو في نيران ألقى بنفسه بها ولا يعرف ما يفعله للنجاة، فلا منفعة من الندم الآن.
أخذت تلح عليه بأن يخبر أهله و لكنه أخذ يتهرب منها فبأي وجه سيواجه والده فيجب أن يقف على أرض صلبة .
بعد مرور شهرين دلف لغرفتها كالعاصفة حينما سمعها تتحدث مع أحدهم و علامات الغضب على محياه.
ازداد خفقان مضغتها بين ضلعيها قائلة بتلعثم :- أااا، خير يا علي في إيه؟
هتف بغضب :- مين اللي بتحبيه دة إن شاء الله؟ طرطور أنا! هو أنا علشان سايبك بمزاجي هتاخديني على قفايا؟
هزت رأسها بنفي قائلة :- أااا، مبحبش حد، أنت، أنت سمعت غلط.
جذبها من خصلات شعرها بغضب قائلاً :- هو مين انطقي بدل ما أشرب من دمك.
أخذت تصرخ و تتلوى بين يديه قائلة :- اه سيب شعري حرام عليك.
صفتها بقوة قائلاً بعصبية شديدة :- دة أنا هقتلك النهاردة لو ما نطقتيش .
قال ذلك ثم انهال عليها بوابل من الصفعات حتى هتفت أخيراً بضعف :- إسلام، إسلام..
توقفت يده في الهواء وهو يحدجها بصدمة قائلاً:- إسلام! إسلام مين؟ أخويا؟
هزت رأسها بخفوت بنعم، بينما صاح هو بغضب :- ولما أنتِ بتحبيه كدة قبلتي تتجوزيني ليه؟
أردفت بوجع :- أنا مليش دعوة هما اللي قالوا وعملوا كل حاجة، كفاية حرام عليك ما تضربنيش تاني.
كور يده بغضب و لوهلة شعر بمدى حقارته أمامها، فيبدو أنه ليس هو الوحيد الذي أُجبر على تلك الزيجة. زفر بضيق قائلاً :- خلاص بطلي عياط.
ثم أردف بابتسامة مطمئنة :- بتحبيه أوي كدة؟
نظرت له ببلاهة، بينما كرر هو سؤاله قائلاً :- مجاوبتيش يعني؟
نكست راسها. أرضاً ولا تعلم لما تجيبه، أتخبره أنها تعشقه منذ نعومة أظافرها منذ أن تعلمت كيف تمشي برفقته حينما يصطحبها للوكالة الخاصة بهم، كيف تخبره بكل ذلك وهو زوجها الآن، و ليس الآخر الذي طعنها بخنجر حينما علمت أنه يحب جارتهم التي كانت معه بالجامعة.
ربت على كتفها فانتفضت بدورها فأردف مسرعاً :- متخافيش مش هعملك حاجة، أنا عاوزك تذاكري دلوقتي و بعدين ربنا يسهل.
قال ذلك ثم خرج قائلاً بندم خافت:- أنتِ لسة صغيرة لدرجة أنك متستاهليش واحد زيي.
خرج للصالة ليجد بسمة تصوبه بسهام حارقة و هتفت بتبرم :- خير يا أخويا إيه اللي دخلك عند السنيورة ؟
هتف بحنق :- دي مراتي يا بسمة زيها زيك.
شهقت باستنكار قائلة :- نعم! من إمتى دة يا أخويا ؟ لا يا حبيبي أنا براوية و لحمي مر، أنا زي الفريك محبش شريك، كفاية راضية أنها على ذمتك لحد دلوقتي و مطلقتهاش. بقلم زكية محمد
أردف بخزي من نفسه :- هطلقها يا بسمة مش علشانك لا علشان بس أنا مستهلهاش.....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
وضعت يدها في خصرها قائلة بحنق :- و مستني إيه يا أخويا ما تطلقها دلوقتي، بدل ما أنت عمال تدينا حكم و مواعظ، من إمتى؟
أردف بغضب :- لأني فوقت من الدوامة اللي غرقتوني فيها، فقت بس متأخر.
مصمصت شفتيها قائلة :- هو حد ضربك على إيدك؟
هز رأسه بنفي قائلاً بحزن :- في دي عندك حق، بس في إيدي أصلح كل حاجة.
أردفت بسخرية :- إزاي ومنين يا حسرة؟ أنت ناسي الفلوس اللي عليك اللي صرفتها على مزاجك للناس اللي مستعجلة على فلوسها، لولايا أنا كان زمانك مفضوح دلوقتي و مشرف في السجون.
زفر بضيق قائلاً :- بسمة مش كل شوية هتقعدي تزني بأم الكلمتين دول .
أردفت بحاجب مرفوع :- لا يا حبيبي أنا ما بزنش بس بعرفك إنك زيك زينا يعني متطلعش نفسك برئ و لا مظلوم.
ثم تابعت بدموع زائفة :- وبعدين أنت معاملتك أتغيرت ليا من ساعة ما حملت هو أنا يعني كنت جبته من الشارع ولا جبته من الشارع، أوعى تقول بتشك في إنه مش ابنك؟
جعد أنفه قائلاً بضيق :- لا طبعاً، هو أنا لو مش متأكد من دة كنت خليتك واقفة دلوقت تكلميني؟
لفت ذراعيها حول رقبته قائلة بدلال :- و أهون عليك دة أنا أم ابنك، بقولك إيه ما تيجي أرقصلك شوية؟
رفع حاجبه قائلاً باستنكار :- ترقصي! و اللي في بطنك دة إن شاء الله؟
أردفت بتذمر :- حاسة إني نسيت الرقص من وقت ما اتجوزتك.
أردف بضيق :- إيه بتحني للقديم ولا إيه؟
اقتربت منه بإغواء قائلة :- لا قديم ولا جديد أنا بحن بس للي قدامي دة.
و بدهاء أنثى استطاعت أن تؤثر عليه ليخضع لها في كل مرة، أما بالداخل كانت تضع يدها على ثغرها بصدمة مما سمعت.
بعد مرور ثلاثة أشهر ألحت عليه بسمة في أن يخبر أهله، فأخبرها بأن تعطيه مزيداً من الوقت، فوالده لم يبت في الأمر بعد، فالوضع مزري فهو يخشى أن يذهب بها لعائلته حينئذ لن يقبلوا ولن يقبلوه هو بالمرة، لطالما رسم لهم صورة الشاب المثالي المكافح الذي يعمل بجد و نشاط و ترقى لحسن خلقه في العمل، زادت حيرته في أمر ابنه القادم، فماذا سيفعل ؟
بدرت على ذهنه فكرة لجأ لها كحل مؤقت لذا لا مفر من التحدث معها في هذا الأمر، تحدث مع مريم بأن تتصل بالعائلة و تخبرهم بأنها حامل في ثلاثة أشهر، فتفاجئت الأخرى و ألجمتها الصدمة، ليلجأ بدناءة لمساومتها بين تعليمها وأن تفعل ذلك، و بالطبع رجحت الكفة الأولى فنفذت له كل شيء وكم سعدوا هم بذلك الخبر و أخبروها بأن تأتي تقضي شهور الحمل فارتبكت و لكنها أخبرتهم بهدوء، ليس الآن ما زال هناك كثيراً وأنها بصحة جيدة وما إن علمت الأخرى استشاطت غضباً قائلة :- لا والله! و جاي على نفسك ليه؟ أنت إزاي تنسب ابني للسنيورة دي، مش بقولك مستعر مني، ومش راضي تقول لأهلك، بس لا عليا و على أعدائي .
أردف بغضب :- بسمة أهدي و خلي ليلتك تعدي، بعدين هفهمك. بقلم زكية محمد
أصابها الحرج فهتفت بخفوت :- أنا هدخل أوضتي.
تركتهم ليجذبها بقوة قائلاً بغيظ :- و بعدين معاكي ما تهمدي!
أردفت بسخط :- بقولك إيه أنت هتلعب بديلك من ورايا ولا إيه؟
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- أنا لا بلعب من وراكي ولا من قدامك، أنا بهيأ بس الظروف لأني مش عارف بابا هيكتب الأرض ليا إمتى و خايف أكلمه تاني في حاجة.
أردفت باستنكار :- أومال قولتلها ليه تقولهم أنها حامل؟
أردف بروية :- علشان لسة ما قولتلهمش إني متجوز واحدة تانية غير اللي جوزوهالي.
قطبت جبينها بضيق قائلة :- و ناوي إمتى يا عنيا تقولهم ولا هي هتاخد الواد على الجاهز .
أردف بغيظ مكبوت :- ما هتخدش حد أنا بس بظبط الأمور، و يا ستي دة كلام لا راح ولا جه،كل حاجة تهون علشان الأرض دلوقتي يا بوسبوس.
لمعت عينيها بمكر قائلة :- بجد يا لولو يعني مش بتضحك عليا زي كل مرة؟
هز رأسه قائلاً بصدق :- لا مش بضحك عليكي، كلها شوية وقت بس علشان خاطري.
هزت رأسها باستسلام قائلة :- ماشي يا لولو. ثم أضافت بغيرة :- طيب و بنت عمك دي؟
ابتسم بخفوت على غيرتها فهي ترفض تسميتها بزوجته و أردف بهدوء :- زي ما قولتلك إني هطلقها بس الصبر يا بوسبوس.
أردفت بحنق :- ماشي لما نشوف أخرتها يا علي!
بعد أيام كانت تتصل بأحدهم، بعد أن انتهزت فرصة غيابه في العمل قائلة بضيق :- أهو يا أخويا قعدتني قباله و خلتني أحمل منه، و أبوه لسة ما كتبش الأرض باسمه.
أتاها رد الطرف الآخر قائلاً بروية :- الصبر حلو يا بوسبوس، فات الكتير ما بقى إلا القليل .
أردفت بحنق :- مش باين يا أخويا أنا طهقت نفسي أرجع للصالة تاني و الرقص بدل الحمل و الخلفة و القرف اللي أنت ورطتني فيه دة، أنا مش عارفة إزاي سمعت كلامك.
أردف بغيظ :- إيه يا بسمة ما تهدي كدة، إحنا هنكمل اللعبة لآخرها ، و هو زي ما قالك خلينا وراه لحد ما أبوه يكتبله الأرض وأنتِ و شطارتك بقى تخليه يتنازل عنها و بعدها نخلع سوا.
أردفت بحنق :- واللي في بطني دة أوديه فين؟ ما كنت باخد برشام الأول!
أردف بتهكم :- علشان يا حلوة يبقى باقي عليكي ما يخلعش و يسيبك يا فالحة، استحملي بس أنتِ كدة على ما تبقى كل حاجة في إيدنا .
تأففت بضيق قائلة :- ماشي يا أخويا لما نشوف، يلا سلام لأحسن يجي. بقلم زكية محمد
بعد مرور شهر آخر استمرت فيه العائلة بالاطمئنان عليهم وعلى سير حمل مريم المزعوم، استمرت مريم تتابع محاضراتها و انشغلت بها حتى أصبحت بالكاد تراهم فباتت لا تعبأ من الأساس لا بهم. و لا بمشاكلهم.
ذات يوم توجهت لرؤية ذاك الذي تحدثه مراراً من خلف زوجها واتفقت معه مسبقاً على ذلك المخطط الدنيء للإيقاع بعلي، فأتت لتتحدث معه و تعرف ما هي الخطوة التالية بعد أن نفذت المطلوب، و ما إن كادت أن تضع يدها على مقبض الباب لتفتحه، وقفت محلها واحتلت الصدمة محياها وهي تسمع حديثه بالداخل.
هتف فريد بتساؤل :- وهتعمل ايه دلوقتي يا نديم؟
أجابه بضحك خافت :- ولا حاجة هستنى الهانم تبصمهولي على الأرض و اخدها وابني الكابريه اللي نفسي فيه .
ضيق عينيه قائلاً :- طيب وهي هتعمل معاها ايه؟
أردف بتهكم :- هرميها في الشارع يا حبيبي بعد ما تمضيلي العقد بيع وشرا، دة أنا مستحملها بالعافية.
أردف بحذر :- يعني أنت مش هتكمل معاها؟
ضحك بصخب قائلاً :- أكمل مع مين يا ابني دي أنا اللي عاملها، و زي ما عملتها قادر في لحظة أمحيها.
لم تتحمل المزيد من ذلك الحديث، إذ دلفت للغرفة بدون استئذان، فطالعها بتوتر خشية أن تكون قد سمعت أي شيء فهتف بشبح ابتسامة :- إزيك يا بوسبوس، عاملة إيه وحشتيني يا بيبي؟
رفعت شفتها العليا باستنكار قائلة :- والله! لا واضح فعلاً.
نظرا لبعضهما بشك و تساورت المخاوف بداخل نديم خشية أن تكون قد سمعت أي شيء، إلا أنه تأكد من ظنونه حينما أردفت بحدة :- بقى عاوز تضحك عليا و تقرطسني؟ أخص عليك يا نديم دة إحنا عشرة والعشرة مش بتهون غير على ولاد الحرام.
أردف بتلعثم :- أااا...في إيه بس يا بسمة كلام إيه اللي أنتِ بتقوليه دة؟ أكيد سمعتي غلط ..
قاطعته قائلة بغضب :- لا يا أخويا الكلام سمعته كله و خرم ودني كويس أوي، أيوة كدة أظهر وبان على حقيقتك يا راجل يا دون يا واطي..
أردف بغلظة :- الله ! ما تلمي لسانك يا بسمة و أقعدي نتفاهم.
هزت رأسها بسخرية قائلة :- نقعد و نتفاهم هو بعد اللي سمعته عاوزني اقعد و نتفاهم ! لا يا عمر شيل دة من دة يرتاح دة عن دة .
ضيق عينيه قائلاً بريبة :- قصدك إيه يا بسمة ؟
أردفت بحاجب مرفوع :- قصدي إنك تنسى الإتفاق يا روح طنط يبقى بتحلم لو بس شميت ريحة الأرض دي.
نهض من مكانه قائلاً بخشونة :- أهدي بس كدة يا بسمة و أقعدي نتفق.
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- هنتفق على إيه يا عنيا إزاي هتألف كدبة جديدة و تلعب بيها عليا؟ اسمع أما اقولك من اللحظة دي ملكش دعوة بيا ولا بعلي، أنت فاهم؟. بقلم زكية محمد
أردف باستنكار :- لا يا حلوة أنتِ اللي ملكيش دعوة بعلي من هنا و رايح أنتِ ناسية إن أنا اللي عرفتك عليه؟ يعني أنتِ اللي تطلعي منها.
ابتسمت بسخرية قائلة :- لا يا عمر دة أنا هروح و أقول لعلي على كل حاجة و ههد المعبد على الكل.
جذبها من ذراعها بقسوة قائلاً :- لا يا حلوة مش بعد دة كله أسيبك تبوظي كل حاجة دة أنا أقتلك.
سحبت ذراعها منه بعنف قائلة :- أوعى إيدك جات قطعها، والله لأندمك يا نديم..
ما إن استدارت لترحل، فوجئت بشئ صلب يضرب رأسها فالتفت لتجده ممسكاً بماسورة معدنية إلتقطها بعشوائية وبلحظة تهور ضربها بها.
استندت على الجدار ووقعت وهي تشعر بتراخي جسدها، بينما هتف فريد بخوف :- إيه اللي أنت عملته دة يا مجنون دي مصيبة!
أردف بجمود وهو يشاهد حالتها المزرية :- دة اللي كان لازم يحصل، يلا بينا نهرب ولا من شاف ولا من دري لحد ما تتصفى وتطلع روحها.
وبالفعل تركاها تأن بألم، فمدت يدها بصعوبة لتتصل بعلي و ما إن أتاها الرد هتفت بوهن :- علي ألحقني.
أتاها رده قائلاً بقلق :- بسمة مالك؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردفت بتعب :- اسمعني مفيش وقت سامحني أرجوك أنا.... أنا كنت بضحك عليك علشان.... علشان ناخد الأرض بتاعتك.....نديم ضحك عليا.... و دلوقتي ضربني بماسورة وهودع أمانة عليك لتسامحني و خلي بالك من نفسك منه.
أردف بضياع :- طيب أنتِ فين ؟ فين قوليلي..
أملته العنوان بسرعة لينهي المكالمة و يسرع نحوها ، لتشعر بألم شديد ببطنها فتضع يدها عليها قائلة :- سامحني مقدرتش أحافظ عليك..
قالت ذلك قبل أن تغيب عن الوعي، وبعد ساعات خرج الطبيب من الغرفة وعلى وجهه إمارات الأسى فهتف على بلهفة :- مراتي عاملة إيه يا دكتور ؟
هز رأسه بأسف قائلاً :- الحالة جات متدهورة جداً و مقدرناش ننقذها البقاء لله شد حيلك، ابنك هيتنقل للحضانة و هيقعد فيها يومين و لا تلاتة كدة.
هز رأسه بضياع قائلاً :- ابني!
أومأ بتأكيد قائلاً :- أيوة ابنك الحمد لله قدرنا ننقذه، لو إتأخرت كمان دقايق كنت هتترحم عليهم هما الاتنين، خليك جاهز للمحضر اللي هيتفتح دلوقتي لأنهم هياخدوا أقوالك.
جلس بإهمال وعلى وجهه علامات الصدمة وهو يسترجع حديثها في أنها كانت تخدعه، كيف لها أن تفعل مثل هذا الشيء؟ أبعد ما فعله معها يلاقي الخيانة والغدر منها؟
بعد وقت قام بالاتصال بمريم التي أتت على الفور وعلى وجهها إمارات الهلع، وهتفت بخوف :- علي هو هو بسمة فين وايه الكلام اللي أنت قولته؟
هتف بتيه:- بسمة ماتت، و ضحكت عليا...و كلهم ضحكوا عليا..
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- ضحكوا عليك إزاي؟
هز رأسه بضياع ثم هتف :- أنا لازم أتأكد من حاجة .
قال ذلك ثم توجه للداخل لإجراء فحص حمض نووي ليتبين له ما إن كان هو اب هذا الطفل أم هو أيضاً جزء من مخططهم الدنيء .
وبعد ساعات خرجت نتيجة التحاليل لتثبت نسب الطفل له، فحمد الله على ذلك و تساقطت دموعه ندماً على ما أقترفت يداه.
بعد مرور أسبوع بعد أن سُجلت القضية ضد مجهول، أخذ الصغير الذي ما إن وضعه بين ذراعيه شعر بالأسى قائلاً بأسف :- أنا آسف يا ابني آسف حقك عليا معرفتش أختار أمك صح، مشيت ورا شيطاني لحد ما وصلت للي أنا فيه..
دلف به للداخل فوجد مريم التي كانت تطالعه بحزن منذ أن علمت ما حدث، و نظرت للصغير باشفاق و حزن، فولِد ولم يرى أمه نصب عينيه و ما أصعب الفقد منذ الصغر.
تقدم ناحيتها قائلاً بصوت أجش :- مريم من النهاردة أحمد هيبقى مسؤوليتك و كمان هتصل على الجماعة وأقولهم أنك ولدتي بدري على 8 شهور عادي بتحصل.
اتسعت عيناها بذهول قائلة :- بس، بس إزاي تقول إني أمه ؟
أردف بإصرار :- بقولك إيه مش ناقص خوتة أنتِ هتنفذي اللي قولتلك عليه من غير نقاش و كلمة كمان هقعدك من الكلية اللي أنتِ فرحانة بيها، و هتمم جوازي منك غصب عنك و أنسي أي حاجة قولتها..
هزت رأسها بخوف من هيئته تلك و ما كان منها سوى الإذعان، وهي تطالعه بذعر خائفة منه فما سمعته عنه ليس بقليل..
سافرت العائلتين للإسكندرية ما إن علموا بولادة مريم المزعومة، و مكثوا معهم لأيام أمتدت لشهر، وبعدها طلب من مريم أن تتوجه بالصغير معهم للقاهرة حتى يسوي أموره هنا فهو خائف عليها وعلى الصغير من هؤلاء الذين تسببوا في مقتل زوجته والتي أتفقت معهم مسبقاً للتخلص منه.
مرت الشهور بعد ذلك عليهم فعلي قرر أن يغير كل شيء و يتغير، إذ ترك منصبه لمن يستحقه وعمل بجد وكد لجمع الأموال لإعطائها لهؤلاء المدنسين ليتخلص من شرهم نهائياً دون الحاجة لبيع تلك القطعة وكم هو ممتن للظروف التي أظهرت له حقيقتهم فهم خدعوه من أجل أن ينصبوا عليه و يأخذوا النقود و يتخلصوا منه، ابتسم بمرار على ما فعله بنفسه و للحظة أقر بأنه يستحق أكثر من ذلك فما فعله ليس بهين، كما أنه خطا في تلك الطريق طواعية دون أن يجبره أحد على ذلك.
استمر في الإتصال بمريم للاطمئنان على الصغير الذي اعتبرته الأخرى ابنا حقيقياً لها فكانت تعامله بحنان نابع من عاطفة الأمومة عندها، و وازنت بينه و بين دراستها .
غاب عاماً كاملاً، استطاع فيه أن يتخلص من ذلك الثقل الذي وقع على عاتقه، حارب نفسه و جاهدها جهاداً فولاذياً حتى استطاع أن يتلغب على مشكلة الإدمان لديه ليعود لابنه و زوجته كي يبدأ معهما حياة جديدة دون أية خطوط سوداء بالطريق، استطاع أن يسدد النقود لأصحابها الذين ما كره مثلهم. رُسمت ابتسامة عريضة على ثغره منذ زمن وهو يستنشق نفحات الهواء باستمتاع و كأنه كان في قاع البحر و تم إنقاذه.
على الجانب الآخر كان فريد و نديم يغليان كالمرجل فهم شعروا بالخسارة الفادحة منذ أن فشل مخططهم فصاح فريد بغيظ :- هتعمل ايه أدي كل حاجة راحت علينا يا نديم!
نظر أمامه بشر قائلاً :- البيه دفع الفلوس مفكر أنه خلاص كدة هيفلت مني..
أردف الآخر بكره :- و هتعمل ايه دي كل حاجة باظت!
لمع الشر بعينيه قائلاً :- مش هسيبه يتهنى بيها أبداً و هتشوف هعمل إيه؟
ضيق عينيه بحذر قائلاً :- هتعمل ايه؟
أردف بخبث :- هسجنه هو فاكر أنه كدة ناصح، دة أنا زورت وصولات الأمانة اللي أدتهاله و بكدة هقدر أقدم الأصلية للمحكمة و بعدين يبقوا يتصافوا.
ضحك بمكر قائلاً :- يا ابن اللعيبة يعني هتاخد المبلغ مضاعف؟
أومأ بتأكيد قائلاً بشر :- أيوة نديم ميطلعش بلوشي من ورا أي مصلحة.
و بالفعل تفاجئ علي في اليوم التالي بوجود رجال الشرطة الذين أخذوه دون أن يعرف ما السبب وما إن وصل للقسم وعلم السبب صاح بانفعال :- والله سددتهم إمبارح و الوصولات معايا في البيت.
أردف رجل الشرطة بغلظة :- وطي صوتك يا روح امك مش قاعد في سوق التلات هنا، ثم إن الوصولات أهي قدامنا وأنت مسددتهاش في المعاد يبقى تتحبس..
أخذ يعارض معهم و يؤكد لهم بأنه دفع المبلغ البارحة لهم، و عندما أحضروا الوصولات التي أخبرهم إياها وجدوها مزورة، و عندما لم يستطع دفع المبلغ تم الحكم عليه بعامين ( معلش يا جماعة مش عارفة الحكم إيه بالظبط فعدوها 😂)
قضى تلك المدة في السجن ولم يخبر أحد، و كان يتصل بهم خلسة من داخل السجن و أخبرهم أنه اضطر للسفر إلى إحدى دول الخليج و سيمكث هناك مدة و بعدها سيعود.
استغل فترة السجن في أن يعود لله و يستغفره عما اقترف من ذنب في حق خالقه، ندم أشد الندم على كل معصية أبعدته عن طريق الله .
ما إن خرج و أنهى مدته أسرع يهندم مظهره لينطلق كالريح لرؤية ابنه و أهله، وقد ابتاع لعبة زهيدة الثمن للصغير الذي بلغ العامين و نص ولم يراه إلا في الصور. بقلم زكية محمد
أثناء الطريق وعلى مقربة من القاهرة انقلبت الأجواء فجأة و أصبح هناك شبورة بالكاد رأى منها السائق، و انتهى الأمر بانقلاب الأتوبيس و اصتدامه بشاحنة كبيرة على الطريق السريع.
بعد وقت وصلت الفاجعة لعائلته الذين انطلقوا بسرعة البرق نحو المشفى المتواجد به، و تعالت الصرخات و النحيب حينما أخبرهم بوفاته منذ لحظات حيث تعرض لإصابة خطيرة في الرأس و الصدر، و صعدت الروح لخالقها.
حزنت عليه كثيراً و نظرت للصغير الذي بين ذراعيها و دموعها لم تتوقف عن الجريان، و ضمته بحنان لصدرها وهي تهتف بداخلها :- بقيت يتيم الأم والاب يا أحمد.
ثم هزت رأسها قائلة بتصميم :- لا لا أنت مش يتيم يا حبيبي مش يتيم أنا هكون ماما و هكون بابا هعوضك ومش هحرمك من أى حاجة، ربنا يرحمهم و يغفرلهم ذنوبهم.
أقيم العزاء و خيم الحزن على المنزل لابنهم الفقيد، لتمر الأيام بعدها بحلوها و مرها على الجميع، تابعت مريم دراستها في القاهرة بعد تحويل أوراقها من الإسكندرية تحت ضغط كبير على والدها لإتمام مرحلتها الجامعية، واعتنت بالصغير الذي كان شمسها المشرقة والذي أعاد البسمة لوجهها و للجميع فهو العوض عن فقيدهم و ذكرى منه.
دفنت مريم ذلك السر في أعماقها و أقامت جداراً صلباً صعب اختراقه، لتظل صورته أمام أهله كما زينها هو لهم، فماذا إن علموا سيصابوا بالخذلان، كما أنها خافت على مستقبل الصغير لذا التزمت الصمت، و تابعت دور كونها والدته الحقيقة و بالفعل لم تبخل عنه بشيء فأغدقته بحنانها و عطفها فبات الصغير متعلقاً بها وكم غمرتها السعادة للفظه إياها ب" ماما".
عادت لمحطة الواقع بعد أن استقلت رحلة إلى الماضي الأليم، الذي كان نتيجته أحمد ذلك البرئ الذي تشفق عليه حتى الآن كلما تذكرت والديه، و لكنها بات عندها شيئاً رئيسياً بحياتها فهو ابنها الروحي بالفعل.
مسحت عبراتها التي أغرقت وجهها حتى أصبحت عينيها بلون الدماء، و صوت شهقاتها يعلو ويعم الغرفة.
ظل محدقاً بها و هو أشبه بأبو الهول لم يتحرك قيد أنملة، و لولا أنفاسه البطيئة لقلنا أنه بالفعل تمثالاً حجرياً. و كيف له أن ينطق بعد سماعه لكل ذلك، أهذا شقيقه الذي كان يدعي الأخلاق الحميدة و الشخصية المثالية يفعل ذلك؟!
يا الله لقد كاد يصيبه الجنون وهو يستمع للحقائق التي تسردها عليه. حرك مقلتيه لتقع على وجهها الدامي و تساءل بداخله كيف تحملت كل ذلك دون أن تشتكي أو تمل، فهي ليست مجبرة على أن تتحمل مسؤولية طفل ليس ابنها، كما أنها ليست مضطرة لأن تخفي ذلك السر عنهم، ذلك السر العظيم الذي قلب كافة الموازين.
ما هذا الجبل الذي تحمل كل تلك الصعاب؟! فهو لن يقول عليها غير ذلك فهذا اللقب مناسباً لها، فمن يمر بتلك الظروف منذ البداية حتى الآن بالفعل جبل و منحه الله قوة تحمل غير موجودة في أي مخلوق آخر.
ألهذا السبب عندما كان يقترب منها ترتجف و كأنها تعيش ذلك لأول مرة، و هو كالأبله لا يعلم أنها بالفعل المرة الأولى أن تجرب هذه المشاعر إلى جواره، شعر بنغزة قوية حينما تذكر اعترافها بأنها تحبه لا بل ومن الصغر، أي غفران سيطلبه منها الآن بعدما ارتكبه في حقها، فهو أصبح مثلهم الجلاد الذي أدمى روحها النقية و هي أبعد ما يكون عن ذلك.
أراد التحدث ولكن ما أثقل الحروف على لسانه فماذا سيقول، فلن يجدي أي شيء لإصلاح الأمر الآن.
نهض من مكانه و توجه ناحيتها بخطا متعثرة كطفل يتعلم المشي حديثاً، جلس على مقربة منها، و رفع ذراعه ليضعه على منكبها، إلا أنها انتفضت مبتعدة عنه قائلة بصراخ ينبع من قلب ذبيح ذُبح على يد الجميع و أولهم هو:- ما تقربليش أنت فاهم؟
نهضت قائلة بدموع و حدة :- مش محتاجة لا عطفك ولا شفقتك، و يا ريت تكون عند كلمتك و تطلقني.
هتف بمهاودة :- اسمعي يا مريم...
قاطعته قائلة بوجع :- أسمع إيه؟ مفيش حاجة تتقال أصلاً يا أستاذ إسلام بعد اللي عملته...
قالت ذلك ثم هرولت لغرفتها لتلقي بنفسها على الفراش تبكي على تلك الجروح و الندبات التي فُتحت من جديد، مع زيادة الجروح لوجع آخر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
وضع رأسه بين راحتي يده و الندم حليفه على ما أقترف بحقها.
انقضى الليل ما بين بكاء و عض على أنامل اليد لينسدل الستار على الليل و تشرق شمس يوم جديد تحمل الكثير في طياته.
فتح عينيه و اعتدل يبعثر خصلات شعره وهو يتطلع حوله، فقد غفي البارحة دون أن يشعر بعد أن ظل طيلة الليل يسير بالصالة ذهاباً و إياباً، يشعر بالعجز وهو يسمع صوت بكائها الذي يقطع نياط القلوب غير قادر على الدلوف و ترميم ما يمكن إصلاحه قدر المستطاع . بقلم زكية محمد
لاحظ الهدوء المريب بالشقة فنهض بفزع خشية أن يصيبها مكروه، و فتح الباب كالعاصفة، و لكنه لم يجدها فخرج ليبحث عنها في باقي الغرف، و انتهى المطاف بعدم وجودها في المكان بأكمله، انتابه القلق الحاد و صرخ باسمها بلوعة قائلاً :- مرررررررريم..
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
صعد للأعلى بجنون بعدما أدرك أنها ليست بالمنزل، و ضرب باب الشقة الخاصة بعمه بعنف، حتى فتحته توحيدة التي ما إن رأته و رأت حالته المزرية هتفت بقلق :- خير يا إسلام يا ابني في حاجة؟
هتف بلهفة وعقله يرفض أي إحتمال آخر :- مريم عندك صح؟ هي جوة، صح يا مرات عمي، مش كدة؟
هزت رأسها بنفي قائلة بتوضيح :- لا يا ابني هي اه جات و خدت أحمد من يجي ساعة كدة و نزلت تاني، هي مش في الشقة؟
هز رأسه بضياع قائلاً :- لا لا مش موجودة، مش موجودة.. أنا هنزل أشوفها تحت عند أبويا أكيد عنده.
طوى درجات السلم تحته حتى وصل لشقة والده وطرق الباب بعنف، فانتبها له من بالداخل فهتفت عواطف وهي تضع يدها على قلبها :- يا ساتر يا رب مين اللي بيخبط كدة على الصبح؟
فتح موسى الباب ليجد ابنه الذي ولج يبحث عنها كالمجنون بالداخل، بينما ظل والديه يطالعانه بذهول من تصرفاته الغير طبيعية بالمرة.
هتف موسى بتعجب :- مالك يا إسلام بتدور على إيه يا ابني؟ بقلم زكية محمد
هتف بتيه :-. مريم، مريم يا بابا مريم مجاتش هنا؟
مصمصت عواطف شفتيها بتهكم قائلة :- لا مجاتش يا ابن بطني، و مالك مدلوق عليها أوي كدة؟ دة أنت حتى مقولتش صباح الخير، و لسة هنشوف..
قاطعها موسى قائلاً بصرامة :- عواطف بس اسكتي.
ثم التف لابنه قائلاً بروية :- لا مش موجودة يا ابني تلاقيها عند أمها ولا حاجة؟
نزلت في ذلك التوقيت توحيدة التي هتفت بقلق وهي تدلف للداخل :- لقيتها يا ابني؟ أنا شوفتها عند محمود و ملقتهاش و كمان صحبتها.
شعر بالاختناق و كأنهم سحبوا الأكسجين من المكان، فجلس بإهمال على المقعد قائلاً بضياع :- مريم ضاعت مني خلاص.
تقدم منه والده و أردف بدهشة :- قصدك إيه يا إسلام؟
نهض قائلاً بتذكر :- اكيد عند عمتو هي قريبة من هنا هروح أشوفها.
و بلحظة اختفى من أمامهم، و الصدمة ما زالت على وجوه البقية ليردف موسى بانفعال :- فيه إيه؟ أنا مش فاهم حاجة!
أردفت توحيدة بدموع قلقة :- مريم مش موجودة في البيت هي و أحمد.
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- مش موجودة! تلاقيها راحت تشتري حاجة ولا راحت مشوار، طيب ما تتصلوا عليها.
هزت رأسها بنفي قائلة :- سألنا و مش موجودة و تليفونها هنا في البيت، هتكون راحت فين بس؟
أردفت عواطف بسخرية :- يعني هتكون اتخطفت ولا اتخطفت زمانها تيجي من الحتة اللي هي فيها، مش عارفة قالبين الدنيا على ليه!
أردفت توحيدة بعتاب :- دي بنتي يا عواطف مش عاوزاني أقلب الدنيا عليها إزاي بس، بالله عليك تتصرف و تعمل حاجة يا حج موسى دي غلبانة و ملهاش حد إلا إحنا.
هز رأسه قائلاً بخفوت :- حاضر يا توحيدة روحي بلغي أيوب و محمود علشان نعرف هنعمل ايه.
في غضون دقائق كان أمام باب شقة عمته التي تسكن في الشارع المجاور لهم، و طرق الباب بلهفة وهو يأمل بداخله أن تكون بالداخل.
فتحت عمته منال الباب بوجه مقبوض فهتف هو بخوف من الإجابة:- إزيك يا عمتو ؟ هي مريم عندك؟
لم ترد عليه وانما أخذت تطالعه بغيظ شديد أربك الذي يقف أمامها، فكرر سؤاله بتلعثم :- عمتي أنتِ ساكتة ليه؟
هتفت بغيظ :- عاوز إيه يا إسلام؟
جعد أنفه بدهشة من طريقة حديثها قائلاً :- عمتو أنتِ بتكلميني كدة ليه؟!
جذبته من أذنه و سحبته للداخل قائلة بحنق :- تعال هنا يا روح أمك و قولي عملت إيه في البت؟
لم يعبأ لألم أذنه و أردف براحة و طمأنينة:- يعني هي عندك؟ مريم عندك! طيب هي فين أنا عاوز أشوفها.
زادت من ضغطها على أذنه قائلة بغيظ :- كلمني هنا و رد عليا الأول يا حمار.
أردف بتذمر و ألم :- حمار! الله يسامحك يا عمتو، طيب سيبي ودني طيب..
تركته قائلة بغل :- و ربنا المعبود لأوريكم واحد واحد يا عيلة الأحمدي، البت جيالي خلصانة لولا الدكتور الله أعلم كان هيحصلها إيه!
أردف بقلق بالغ :- ليه مالها، هي فين؟ أنا هدخل أشوفها .
و ما إن هم ليدلف للداخل و قف بسبب صوتها الحاد الصارم قائلة :- أقف عندك يا إسلام! و يا ريت لو تطلع برة و تورينا عرض اكتافك
جز على أسنانه بغيظ و هتف بهدوء مغاير :- عمتو أنا عاوز أشوف مراتي.
أردفت بجمود :- مش قبل ما نتكلم يا إسلام.
زفر بضيق قائلاً :- حاضر يا عمتي هنتكلم بس طمنيني عليها أرجوكي.
أردفت بتهكم:- غريبة بتسأل عنها يعني و قلقان عليها وأنت السبب في اللي هي فيه.
نظر لها بوجه شاحب قائلاً:- هي حكتلك؟!
أردفت بجمود :- هو سؤال واحد عملت إيه في البت وصلها للي هي فيه دلوقتي، دي كانت هتموت روحها من العياط لولا الحقنة اللي أدهالها الدكتور نجدتنا، و أحمد يا يعيني اللي كمل عياط هو الآخر خايف على أمه.
أردف بانتباه :- أحمد! هو فين طيب؟
أردفت بهدوء :- جوة في الأوضة بيلعب في لعب مازن ابن عادل بعد ما هدي، و دلوقتي مستنية جوابك يا إسلام، حرام عليك دي مريم ضفرها برقابيكم يا ولاد أخويا، دي هي اللي بتسأل عليا لو مجتش يبقى في التليفون.
حك مؤخرة رأسه بحرج قائلاً :- إيه يا عمتي يعني إحنا مش بنسأل عليكي! دة اول الأسبوع كنت عندك.
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- أنت هتذلني يا واد! قصره قولي عملت إيه في البت؟
نظر للأرض بحرج و حزن قائلاً :- الموضوع كبير أوي يا عمتي، و أنا بدل ما أكحلها عميتها.
أردفت بحنق :- عملت إيه يا منيل أحكي حاكم أنا عارفاك إيدك سابقة لسانك.
تنهد بعمق قائلاً :- صدقيني يا عمتي الحكاية كبيرة أوي، أكبر مما تتخيلي علشان كدة هحكي و الكل يكون موجود لأننا كلنا غلطنا في حقها مش بس أنا.
نظرت له بعدم فهم قائلة :- يعني إيه؟ أنا بدأت أقلق منك يا واد!
مسح وجهه بكف يده قائلاً بتعب :- هتعرفي يا عمتي بس شوية كدة كمان.
- عمو إثلام.
رفع بصره تجاه مصدر الصوت ليطالع كتلة البراءة تلك بحب قائلاً وهو يفرد له ذراعيه :- حبيب عمو تعال يا ميدو، تعالى يا حبيبي.
تقدم الصغير جرياً فضمه بذراعيه و رفعه ليجلسه على فخذه، و من ثم احتضنه بحب و أغلق عينيه يحاول ألا تنزل عبراته تأثراً بذلك الصغير الذي لا ذنب له أن يولد لأم كتلك ولا لأب كهذا، احتضنه بقوة حتى تألم الصغير قائلاً بتذمر :- كفاية يا إثلام خنقتني.
ابتسم له بحنو و قبله من وجنته بقوة قائلاً :- معلش يا ميدو يا حبيبي حقك عليا.
أردف بضيق :- عمو إثلام عاوز أشوف ماما، هي كانت بتعيط و الدكتور جه و أداها حقنة..
ربت على شعره قائلاً بحب :- متخافش يا أبو حميد ماما كويسة، يلا روح كمل لعب على ما أخلص كلام مع تيتة. بقلم زكية محمد
هز رأسه قائلاً :- لا أنا عاوز أقعد معاك و كمان ماما.
ضمه لصدره فاستكان الصغير بين ذراعيه و أخذ يعبث في اللعبة التي بيده، بينما نظر هو أمامه بشرود و خوف مبهم من القادم.
______________________________________
بعد مرور أسبوعين كان العمل على قدم و ساق في حديقة القصر استعداداً لحفل زفاف حفيد العائلة بابنة عمه التي ظهرت من العدم.
تتأمل هيئتها بذلك الفستان الذي صمم خصيصاً لها من أشهر دور الأزياء العالمية، تطالع نفسها بالمرآة و مشاعر جمة تهاجمها ما بين القلق و السعادة و الخوف و الطمأنينة، لا تعلم إن كان استمرارها في تلك الزيجة هو القرار الصائب أم لا، ولكن كل ما تعرفه أنها يجب عليها الإقدام في تلك الخطوة من أجلها و من أجل والدها، زمت شفتيها بعبوس وهي تتذكر كتلة الجليد الذي بات يلعب مؤخراً على وتيرة مشاعرها و ما تشعره بقربه، و مع هذا كله ما زال متحفظاً بقناع الجمود فهي لم تخطئ أبداً حينما أطلقت عليه لقب " الفريزر" ، ذلك المتبلد الذي باتت تبحر في دروبه دون أن تفهمه.
لاحت سحابة حزن على وجهها وهي تتذكر والدتها التي في أمس الحاجة لها في يوم كهذا، شعرت بها آلاء و سندس اللاتي يقفن بجوارها، فاحتضنتها سندس بحنان قائلة بوجع خفي :- متعيطيش و تبوظي الميكب، أنا حاسة بيكي و عارفة إزاي الإحساس دة صعب، بس أهو ربنا عوضك بينا و بمرات عمك اللي هي زي مامتك دلوقتي، متعيطيش يا روحي.
هتفت بصدق :- أنا مش عارفة عملت إيه حلو علشان ربنا يبعتك ليا، ربنا يخليكي يا مدام سندس.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تدخلت آلاء قائلة بمرح :- أخص عليكي يا رورو من لقى أحبابه ولا إيه!
ابتسمت لها بخفوت قائلة :- و دي تيجي بردو أنتِ صحبة عمري، عقبالك كدة قريب.
بعد وقت دلف شادي بمرحه المعتاد، و نزل بصحبتها و كان بالأسفل يقف مراد بانتظارها برفقة والدها و والده، و ما إن وصلا للأسفل احتضنت رحيق والدها بقوة والذي بادلها عناقاً حاراً و أدمعت عيناه قائلاً:- ألف مبروك يا حبيبة بابا، ربنا يسعدك يا حبيبتي.
تماسكت بقوة حتى لا تنهار، فتدخل شادي بمرحه و استطاع أن يرسم الابتسامة على وجوههم .
وضعت يدها بيده و تأبطا و سارا للخارج لمتابعة مراسم الزفاف. بقلم زكية محمد
انسلت من بين الموجودين لتجلس بمكان خال و تسمح لعبراتها التي كبحتها كثيراً في الهطول، أخذت تبكي بصمت و قد أتتها ذكرى زواجها المشؤوم، اليوم الذي زجها فيه أخيها نحو الجحيم بعد أن حرمها من حق اختيار شريك حياتها من أجل مصالحه، و خبث الآخر الذي خطط كل شئ حتى يفوز بها و كأنها إحدى المقتنيات لتكتشف بعدها أنه خائن يخونها يومياً، و ما إن ملَّ منها و من شكواها الدائم و هذا ما زاده ضجراً ليلقي بها حيث أتت، لتصيبها الصدمة عندما لم يرحب شقيقها بوجودها معهم، ليلقي لها بحفنة من النقود من ورثها المستحق، و ما أقسى من أن تأتيك الطعنة من أقرب الأقربين!
وضعت يدها على ثغرها كي لا يصدر منها صوت شهقاتها، لتنتفض في مكانها حينما شعرت بيد تربت على ظهرها قائلة بصوت طفولي:- أنتِ بتعيطي ليه يا طنط؟
ابتسمت لها بوجع حاولت مداراته قائلة وهي تأخذ بيد الصغيرة و تجلسها إلى جوارها على العشب قائلة:- أبداً يا حبيبتي أنا مبعيطتش في تراب دخل في عيني.
أردفت الصغيرة بطفولية:- أنتِ قاعدة لوحدك ليه؟
هزت رأسها بخفوت قائلة :- لا هقوم أهو، قوليلي بقى أنتِ سايبة الفرح و جيتي هنا ليه؟
أردفت بتوضيح :- كنت thirsty و جيت أشرب و بعدين سمعت صوتك.
- جوري بتعملي إيه عندك؟
قالها عاصم الذي كان يبحث عنها بقلق، و تعجب من رؤيته لابنته برفقة سندس، بينما نهضت جوري قائلة :- بابي طنط بتعيط..
أردف بغضب مكتوم :- طيب يلا اسبقيني وانا هحصلك..صمت ليتابع بسخرية :- وأنا هشوف طنط اللي بتعيط دي!
أومأت له بموافقة و انصرفت، بينما وضع يديه في جيوبه قائلاً بتعالي :- و يا ترى المدام زعلانة و بتعيط ليه؟
مط شفتيه بتهكم ليقول بقسوة متعمدة :- ايه عينك كانت على أخويا بس طار منك، أهو يبقى صيدة جديدة.
نهضت من مكانها وهمت لتصفعه على إهانته إياها قائلة بحدة :- أخرس! و بعدين أنت ملكش دعوة،فاهم؟
مسك يدها بعنف وضحك بسخرية قائلاً :- و الشو اللي عملتيه مع بنتي من شوية دة كان إيه، واضح إنك بترسمي على تقيل.
نظرت له بازدراء قائلة :- أنت بني آدم حقير وقلة الكلام معاك أحسن.
قبض على رسغها بشدة حتى كاد أن يكسره قائلاً بحدة :- لمي لسانك أحسنلك، و شوفي كويس مين الحقير فينا!
دفعته بغضب حتى تحررت منه قائلة :- إحنا خلاص صفحة و اتقفلت فبلاش تنبش في الماضي و حجات راحت مش راجعة.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- وأنا مين قالك إني يهمني الماضي، ولا تكوني فاكرة إني بجري وراكي دة أنتِ تبقي عبيطة أوي! أنا بس جاي أحذرك تبعدي عن بنتي و يا ريت بلاش من الحوارات الفكسانة دي!
أردفت بانفعال :- أنت قصدك إيه بكلامك دة؟
أردف بغيظ :- قصدي متستغليش البنت في إنك تقربي مني.
نظرت له بذهول قائلة بضحك موجع :- أستغل إيه و نيلة إيه! ثم تابعت بقوة زائفة لرد اعتبارها من الكلمات الموجعة التي وجهها لها منذ لحظات :- و أقرب منك ليه إن شاء الله! دي بس أوهام في خيالك يا بشمهندس، شوف مين اللي بيعترض طريق التاني و بيخلق أي حاجة علشان يكلمه بيها ساعتها بس هتفهم مين بيستغل مين.
قالت ذلك ثم انصرفت للداخل بسرعة لتجفف دموعها العالقة، بينما ضغط بقوة على قبضته حتى برزت عروقه و بعدها ضربها بالجدار بقوة قائلاً بوعيد :- ماشي يا سندس أنا هعرف أخد حقي منك كويس أوي.
قال ذلك ثم انصرف هو الآخر للحفل.
على الجانب الآخر كانت رودي تطالع المشهد بحقد قائلة :- البنت دي مش ساهلة و عملت اللي فشلت فيه اي واحدة تعمله، نفسي أقتلها أنا اللي مفروض أبقى مكانها البيئة اللوكل دي!
هتفت شيري بكره :- تعيشي و تاخدي غيرها يا رودي، بس عندك حق دي مش سهلة أبداً أنا أول مرة أشوف مراد كدة! لا دة معجباته النهاردة هيموتوا من الغيظ.
أردفت بسخط :- شيري! هو أنتِ فرحانة فيا!
هزت رأسها نافية تقول :- لا أبداً يا بيبي، بس بصراحة الموضوع ممتع بصي كدة سالي!
قالتها وهي تشير لسالي التي بحاجة لسيارة المطافي لإخماد الحريق الذي نشب بداخلها.
زمت رودي شفتيها بضيق قائلة :- okay أنا أصلاً مش زعلانة، أنا بس زعلانة على الأيام اللي قضيتها و أنا بأيام وردي بس يا خسارة راحت على الفاضي.
ربتت على كتفها قائلة بمكر :- متخافيش يا روحي، خليها تتمتعلها يومين قبل ما تترمي من هنا رمية الكلاب، يلا بقى تعالي نشوف البنات راحوا فين.
على الجانب الآخر كانت ممسكة بكأس العصير و عروقها قد برزت من كثرة ضغطها عليه، وهي تطالعهم بغل و كره شديدين. اصطكت أسنانها بعنف و نيرانها لم تُخمد بعد، وهي تشاهد مراد يحاوط خصر رحيق و يلتقطان بعض الصور .
وإلى جوارها صديقتها هايدي إلى تتطلع لها بحسرة و بعض التشفي، فقد سئمت من غطرستها الغير منتهية، وهي تكرر في كل لحظة أن مراد لن يكون لأي امرأة أخرى سواها، و ها هي خابت جميع توقعاتها فقد ارتبط بواحدة أخرى غيرها، فلربما هذا ينتشلها من مستنقع الغرور التي هي به، و تستيقظ و تعي حقيقة الأمور.
خرج صوتها هادئاً تقول :- سالي أنتِ كويسة؟
هتفت بغضب مكتوم و صدرها يعلو و يهبط بعنف من فرط الإنفعال:- كويسة! أنا الود ودي أقوم أخنقها بإيدي و استريح.
أردفت بروية :- سالي take it easy,darling أعصابك يا حبيبتي هتحرقيها على ناس مش مستاهلة.
أردفت بغل وهي تحدجها بكره :- مش سالي اللي تخسر بسهولة كدة.
على مقربة منهم وقفتا مرغمتان حفاظاً على مظهرهما أمام هؤلاء الذين يدعون الثراء، و اضطروا أن يكذبوا في حقيقة رحيق حيث أخبروهم بأنها كانت تدرس بلندن وعندما أنهت الدراسة أتت ليعلن بعدها مراد خطبتهم و زواجهم بعدها بفترة.
هتفت ناريمان بغيظ :- قعدتي تقولي اصبري اصبري لحد ما أهو أتجوزها و هتقعد هنا غصب عن عين التخين.
هتفت الأخيرة بسخط قائلة بنوع من الاستسلام :- يعني عاوزاني أعمل إيه و مراد عينه في وسط راسه مش بتتحرك خطوة وإلا عارف بيها.
ضيقت عينيها بحدة قائلة :- يعني إيه هترضي بالأمر الواقع، هترضي ببنت فاطمة هنا وسطنا اللي السبب في اللي حصل لابنك!
مطت شفتيها بضيق قائلة :- ناريمان بقولك إيه يا ريت تهدي، لو على المكان اللي هي موجودة متقعديش فيه .
طالعها بذهول قائلة :- إيه؟! أنتِ اللي بتقولي كدة!
ثم أضافت بسخرية لاذعة :- لا شكلك كبرتي و خرفتي.
اتسعت عيناها قائلة بغضب :- ناريمان! إلزمي حدودك كويس أوي و شوفي بتكلمي مين.
رفعت حاجبها بدهشة قائلة بتهكم :- لا عارفة كويس أوي بس يا ريت كمان ما تنسيش عمايلك.
قالتها بتهديد مبطن و اختفت من أمامها، بينما تمتمت سلوى بضيق :- و دة وقتك أنتِ كمان، طلعتي مش ساهلة يا ناريمان مش ساهلة أبداً و يتخاف منك.
تتأفف بضيق وهي تتابع المتواجدين تارة و تنظر له بطرف عينيها تارة، بينما ظل هو جامداً يتابع المراسم بهدوء ثلجي.
هتفت بضجر:- بقولك إيه يا أخينا هي القعدة هتطول، ضهري وجعني من الصبح وأنا واقفة و أيش حمام مش عارفة إيه و ميكب إيه و......
ثم أخذت تثرثر بعبوس، بينما ضيق عينيه بملل من ثرثرتها التي لم ينتبه لحرف مما قالته، و ما إن انتهت و وجدته على نفس حالته أردفت بضيق :- لكن بكلم مين " فريزر" بصحيح!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
مال على أذنها قائلاً بهمس خطير :- سمعتك على فكرة و هعرفك الفريزر هيعمل إيه كمان شوية.
اتسعت عيناها بخوف قائلة ببلاهة :- لا أنا بهزر يا ميرو مبتهزرش يا راجل خلي البساط أحمدي..
طوي كفه و ضغط عليه بقوة، و بداخله يتساءل ماذا فعل ليبليه الله بتلك القصيرة الماكرة؟!
بعد إنتهاء الزفاف صعدا للجناح المخصص لهم، و ما إن دلفا للداخل توجه هو آلياً ليبدل ملابسه تحت نظراتها المزعورة فصرخت بحدة قائلة بوجه متوهج خجلاً :- أنت بتعمل إيه يا قليل الأدب؟ مش شايف إن في واحدة قدامك!
هتف بجمود :- وهي فين الواحدة دي؟
اصطكت أسنانها بعنف قائلة بغيظ :- نعم يا عمر ! ليه قالولك عليا راجل ولا راجل!
أردف بخبث :- والله أنا مش شايف غير كدة، كلامك شكلك ميدلش غير على كدة . بقلم زكية محمد
وضعت يدها في خصرها قائلة بشراسة :- مين دي اللي راجل ياض دة أنا رجالة الحتة كانوا يتمنوا نظرة مني.
رفع شفته العليا بتهكم قائلاً باستفزاز :- دول عميوا أو معندهمش زوق .
ضيقت عينيها بوعيد قائلة :- ماشي اما وريتك.
دلفت للمرحاض وهي تبتسم بظفر، بينما ضحك هو بخفوت على تلك البلهاء قائلاً :- دي عبيطة و شكلي هستغل دة لصالحي كتير..
إلا أنه وقف مصعوقاً يشاهد هيئتها الجديدة عليه التي خرجت بها، و رغم أن الخجل يقتلها إلا أنها تحلت ببعض الشجاعة لتقف قبالته قائلة بابتسامة منتصرة وهي تطالع نظراته نحوها :- بتبصلي كدة ليه، مش أنا راجل!
ثم اقتربت منه قائلة بخفوت :- علشان بس تعرف إنك أنت اللي أعمى يا ....يا فريزر.
حاوط خصرها بتملك مما جعل خلاصها منه مستحيلاً و أردف بخفوت مدمر لأعصابها :- أنتِ قد اللي عملتيه دة؟
هزت رأسها بنفي قائلة بتوتر و وجهها الذي أصبح كتلة جمر متوهجة :- لا طبعاً، أنت هتعمل عقلك بعقلي يا. ....فري....قصدي يا مراد.
رفع حاجبه قائلاً بخبث :- أنا قولتلك قبل كدة أنك هتندمي لو نطقتي الكلمة دي تاني، و أنا بقى هعاقبك كويس أوي.
أردفت بتخبط و صوت خافت :- هتعمل ايه؟
- هعمل كدة..
قال ذلك ثم مال ليتجرع الرحيق الذي أدمنه من أول لحظة اقتطفه فيها، ثم غرق معها في بحور العشق معاً.
____________________________________
متمددة على الفراش تنظر للفراغ بشرود و قد طغى الحزن عليها، وهي تتذكر آخر ما حدث منذ أسبوعين حيث أتى بقية أفراد العائلة، و هنا تحدث إسلام و أخبرهم عن ذلك السر الخطير الذي أخفته طيلة تلك السنوات دون أن يعلم به أحد.
و ما إن انتهى من سرده حلت عليهم صاعقة ، ولم تختلف حالتهم عن خاصته شيئاً و كلاً منهم يسبح في واديه.
أيوب الذي يأكله الندم و الحسرة عما أقترف بحقها في كل مرة فهو لم يظلمها مرة بل كرر ذلك العديد من المرات دون أن يعبأ بشيء آخر.
تساقطت دموع توحيدة قهراً على ابنتها التي لم تذق يوماً هنيئاً، فهي تعلم بعشقها لإسلام الذي تراه مسطر في عيني ابنتها و مدى تعلقها به منذ أن كانت طفلة، وكم هي سعيدة بتلك الحقائق التي ستغير موزاين ابنتها التي ظُلمت مراراً و تكراراً افتراءً و ظلماً ليس إلا.
موسى الذي شلته الصدمة عن الحركة، لا يصدق أن ابنه فعل كل هذا، كيف كان يرتدي قناع المثالية بينما يختبئ خلفه حياة مليئة بالمعاصي، كيف خدعهم طيلة هذه المدة و هم صدقوه؟ يا للحسرة التي اعترته! فهو يقف والخزي حليفه هنا فبأي وجه سيواجه أخيه، و بالأخص هي ذلك الجبل العتيد الذي تحمل الكثير دون أن يخر أرضاً. أخذ يطلب له الرحمة فلا يجوز الآن عليه سواها.
عواطف التي شعرت بتجمد في أطرافها وهي تسمع حقيقة ابنها الذي مارس الزيف عن جدارة وكم كان بارعاً به، يا الله! لو أحد ينتشلها من ذلك الكابوس، نعم هي تشعر و كأنها بكابوس ستصحو منه قريباً. كم شعرت بالدونية و الندم لظلمها إياها، تلك التي تحملت كل شيء من ابنها ولم توشي به لأحد، و عندما اضطرت لفعل ذلك لتبرئ نفسها. حمدت الله أن الوضع لم يسؤ بعد، فالأمور يمكن اصلاحها الآن.
كان الغضب هو المتحكم بها و هي تسمع لتلك الحقائق الدنيئة التي ودت لو كانت جميعها أكذوبة. وكم شعرت بالشفقة تجاهها وما عانته بمفردها، تلك الحنونة الغالية التي تحظى بمكانة عالية بقلبها، تساقطت دموعها رغماً عنها وهي في حالة ذهول من قدرة تحملها لكل ذلك! و لم تختلف حالة سامية و محمود عنهما شيئاً.
انتبهوا جميعهم و خرجوا من تلك الحالة التي خيمت عليهم على صوت الصغير الذي خرج وهو يعبس بطفولية قائلاً :- جدو موثى.
ثم ركض ناحيته و حمله الآخر بعينين تفيضان من الدمع و احتضنه بقوة و كأنه يرسل له أسفاً كبيراً له، فنظر الصغير له بحزن قائلاً :- جدو أنت ليه بتعيط، و إثلام كمان.
ثم أخذ يطالع الجميع فوجدهم على نفس الحالة فهتف بتذمر :- كله بيعيط حتى ماما جوة بتعيط.
انتبهت حواس إسلام ليردف بلهفة :- صحيح يا ميدو يعني ماما صاحية دلوقتي؟
هز رأسه بنعم قائلاً :- أيوة يا إثلام ثاحية .
هتف بتماسك وهو يتوجه ناحية الغرفة التي تقبع بها :- أنا هروح أشوفها.
وقف أمام باب الغرفة وهو في حالة تردد من دلوفه فهو يخشى أن يصيبها مكروه بسبب رؤيتها له بعدما فعل. حبس أنفاسه و فتح الباب بحذر، لينشطر فؤاده نصفين وهو يراها متكورة كالجنين على الفراش و تبكي بصمت.
اصطك فكه بعنف غضباً من نفسه و ليس أحداً آخر، وكم ود لو يبرح نفسه ضرباً عنيفاً على تهوره و تسرعه في الحكم عليها.
زادت عبراتها نزولاً عندما شعرت بدلوفه، و كيف لا تشعر به وهو إدمانها!
تقدم منها حتى جلس على الأرض ليكون قبالتها و هتف بحزن وهو يشعر بعبراتها خنجراً يغرز في قلبه في كل مرة فيزيده ألماً :- ممم..مريم ..مريم أنا... أنا آسف كنت غبي و متهور، أنا عارف إنك موجوعة و مني أنا بالذات بس أعذريني حطي نفسك مكاني، للأسف اللي عمل كدة نجح أنه يزرع جوايا الشك، بس أوعدك هدور وراه ومش هسكت إلا لما أعرف مين هو و ساعتها هندمه على اليوم اللي أتولد فيه، مريم..مريم كلميني أرجوكي متقعديش ساكتة كدة.
مد يده ناحية وجهها ليمسح عبراتها إلا أنها بقت عالقة بالمنتصف عندما وجدها تنكمش بنفور منه و تغلق عينيها، وكم ألمه ذلك ! و علم حينها أن الطريق لوصالها صعباً، صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
نهض من مكانه ثم مال عليها مقبلاً إياها بقوة على رأسها و كأنه من خلالها ينقل لها ندمه و أسفه، ثم انتصب واقفاً و غادر الغرفة وهو يجر أذيال الخيبة خلفه، فتطلع له الموجودون و أعينهم تتساءل بلهفة، و لكنهم تراجعوا بحزن عندما قرأوا الإجابة المرسومة على وجهه.
دلفت والدتها لها التي مكثت معها وقتاً طويلاً تطمئن فيه عليها، و بعد وقت غادروا بعد أن أوصوا منال بأن تعتني بها.
و منذ ذلك الحين وهو يأتي يومياً طلباً للعفو و المسامحة، و لكنها ترفض بكل حسم فما فعله ليس بهين.
فاقت من شرودها على دقة الباب و دلوف عمتها بعدها لتقول بابتسامة بسيطة :- مريومة حبيبتي في حد برة عاوز يشوفك.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
نظرت لها بتعجب قائلة بصوت مبحوح :- حد مين دة؟
أردفت بهدوء :- بيقول أنه محمد، يلا قومي علشان تشوفيه جاي ليه، أنا هطلع أستناكي.
نهضت من مكانها بتثاقل، و ارتدت حجابها بعناية ثم خرجت لترى من ذاك الذي طلب رؤيتها!
ما إن خرجت للصالة ورأته عرفته على الفور فهو صديق إسلام، تأففت بضيق و نهض هو بدوره ليمد يده ليصافحها، ليضمها بحرج عندما وجدها تطالعه بحاجب مرفوع على فعلته تلك، تنحنح بحرج قائلاً :- إزيك يا مريم؟
قطبت جبينها بتعجب و جلست إلى جوار عمتها قائلة بجمود :- الحمد لله.
أردف بابتسامة بسيطة :- يا رب دايما أنا جيت علشان ......
قاطعته بحدة قائلة :- لو جاي تدافع عن صاحبك و تعمل من البحر طحينة يبقى وفر تعبك أحسن.
هز رأسه قائلاً بتفهم :- يعني أنا معرفش اللي بينكم بس مفيش أمل حتى؟!
رفعت حاجبها قائلة بسخرية :- أمل ماتت و شبعت موت يا أستاذ يا ريت تقول للي باعتك يبطل شغل العيال دة، لإني مستحيل أرجعله و قوله يا ريت يحس على دمه و يطلقني زي ما قال.
عبس وجهه قائلاً بروية :- أفهم من كلامك دة خلاص الباب اتقفل بينكم.
هزت رأسها بتأكيد قائلة :- البيبان و الشبابيك وكل حاجة.
نهض من مجلسه قائلاً بهدوء :- طيب تمام بعد أذنكم، اه و يا ريت محدش يقول لإسلام على مجيتي هنا علشان أنا جيت من وراه ولو عرف هيزعل. بقلم زكية محمد
أومأت منال له بهدوء، بينما انصرف هو إلى حيث أتى. جلست على الأريكة وهي تشعر بالإختناق الشديد، و اه من قلب ذليل و عقل عزيز!
جلست عمتها إلى جوارها و احتضنتها دون أن تنبت بكلمة، فهي تعلم جيداً بحالة التخبط التي تعيشها فهي تقع في نيران عشقه و لا مفر لها من الهروب.
هتفت بهمس موجع :- قلبي واجعني أوي يا عمتو، نفسي أرتاح بس مش عارفة!
هتفت بدموع مكبوتة :- ألف بعد الشر عليكي من الوجع يا حبيبتي، أنتِ بس محتاجة وقت تبعدي عنهم شوية الاوباش دول اللي مزعلين مريومة حبيبتي.
ابتسمت بخفوت قائلة :- وجعوني أوي يا عمتو ومحدش فيهم صدقني، كله قال عليا مش محترمة وهما عارفين إني تربيتهم، وهو أكتر حد جرحني، كنت مستنية منه يطمني بس هو عمل زيهم و ألعن، و أسماء بعد دة كله برده جاية تدمرني...ااااه يا عمتو هموت والله مش قادرة..
ضمتها بخوف شديد و بدأت تقرأ عليها بعضاً من آيات الذكر الحكيم، و قد عزمت على شيء و عزمت على تنفيذه، فهي لن تظل هكذا مكتوفة الأيدي تشاهد سقوطها دون أن تساعدها.
______________________________________
في إحدى النوادي العامة، يجلس يهز ساقيه بانتظارهم و ما إن رآهم مقدمين عليه، ابتسم بخفوت قائلاً :- يا مراحب بالحلوين.
جلسا قبالته وهتف محمد بسعادة :- يا أهلاً بيك يا رأفت يا وش السعد .
هتف بحذر :- إيه كل حاجة تمت خلاص؟
هزت بثينة رأسها بموافقة قائلة بفرح شديد :- أيوة الخطة نجحت و الهانم مشيت أكيد إسلام هيطلقها أو طلقها في الحالتين مش هنخسر كلها شوية وقت.
.
تدخل رأفت قائلاً :- طيب وأنا لا مؤاخذة نصيبي فين من دة كله، دة لولايا مكنتوش قعدتوا منشكحين كدة .
أردف محمد بغلظة و هو يدس يده بجيبه ومن ثم أخرج بعض الورقات النقدية :- خد يا رأفت ياكش يطمر بس.
تناول النقود منه وهو يعدها بشراهة قائلاً :- من يد ما نعدمها يا زُمُل.
ثم نظر لبثينة قائلاً :- وأنتِ يا حلوة الحلوين، إيه النظام؟
رمت له النقود على الطاولة بحنق قائلة :- أهو يا أخويا، إيه ما بتشبعش!
أردف بضحك :- هو في حد يقول للفلوس لا؟
نظر له محمد قائلاً بملل :- طيب يا رأفت يلا هوينا مش خدت اللي يلزمك.
وضع النقود بملابسه، و نهض قائلاً وهو يغمز بعبث :- اه يا شوية أشرار هتخططوا إيه تاني؟ على العموم لو في جديد أنا في الخدمة يلا سلام يا معلمة.
انصرف رأفت ليهتف محمد بهدوء :- و دلوقتي هنعمل ايه؟
أردفت وهي تمط شفتيها :- هنستنى لحد ما يطلقوا انت تاخد اللي ليك وأنا أخد اللي ليا.
حك مؤخرة رأسه قائلاً بقلق :- بس أنا خايف مترضاش بيا و توافق عليا.
أردفت بخبث :- جرا إيه يا حمادة شوية تسبيل على شوية إهتمام و الدنيا هتظيط معاك، سبني أنا بس أتكتك.
غمز بمكر قائلاً :- اه حبيب القلب اللي أنتِ مش عارفة توصليله! بقلم زكية محمد
رفعت شفتها باستنكار قائلة :- جرا إيه يا حبيبي، إحنا هنقعد نقطم في بعض ولا إيه؟ ما أنت كمان البت ما عبرتك في مرة، أنت هتعملهم عليا.
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- خلاص يا بثينة مش لازم تفكريني و تنكدي على اللي جبوني.
أردفت بضيق وهي تهم بالنهوض :- طيب يلا يا أخويا بينا لأحسن حد يشوفنا.
أردف بتساؤل :- على فين كدة ما أدينا قاعدين بندردش سوى!
أردفت بابتسامة لئيمة :- أخص عليك يا حمادة أنت مش عاوزني أقف جنب صحبتي في ظروف زي دي ! لا أبداً دة أنا لازم أواسيها، مش صحبتي يا جدع!
طالعها بدهشة قائلاً :- لا دة أنتِ إبليس يضربلك تعظيم سلام، و يقولك يا أستاذة، يخربيتك ايه دة؟صحيح إن كيدكن عظيم .
تأففت بضجر قائلة :- سلام يا حودة أشوفك بعدين.
_____________________________________
استيقظ قبلها بغيظ شديد وهو ينظر لتلك الغافية، لا ليست بسلام وإنما كأنها في معركة طاحنة، تركل و تضرب ما تقع عليه يدها أثناء نومها، وها هو قضى بقية الليل على ذلك الحال، و عندما غفي أتت لتركله ببطنه حيث أنها تقلبت أثناء نومها لتكن قدميها ممدة فوقه و رأسها عند آخر الفراش حتى خاف أن تسقط رأسها أرضاً، و كم هي تغفو بعمق و كأنها لم تفعل شيء.
مسح على وجهه بإرهاق وهو يبتسم بخفوت عليها، تلك الفاتنة الساحرة التي ألقت عليه تعويذتها منذ الصغر فباتت تسكن بداخله رافضة أن تتزحزح أنش واحد حتى مدت جزورها لأعماقه فأصبح من المستحيل بترها.
لم تتغير طباعها، سليطة لسان، مندفعة، متهورة، شرسة،لينة، حنونة، لا يحمل قلبها ذرة كره، ولكن إن تعدى أحد حدوده معها تقف له بالمرصاد، قوية، هشة، بها كل شيء و نقيضه، و نجحت في ما فشل فيه سابقاتها من اللواتي توددن له و تمنوا فقط لو ينظر لهن، لتأتي هي و تخطف لُبّه بعد أن نجحت في أسره طيلة هذه المدة، كما نجحت في أهم شيء أن تلقي بمياه مغلية على ذلك الجليد الذي يظهره لينصهر و يذوب، لم ينجح أحد في إثارة انفعالاته سواها، إلا أنه يحفظ ماء وجهه عندما يتحكم بتأثيرها عليه فلا يظهر عليه شيء تلاحظه وهذا ما يرغبه، فغروره الذكوري لا يزال يتحكم في زمام الأمور.
فاق من شروده على دفعة أخرى منها، فهتف بحنق :- دة أنتِ لو في حلبة مصارعة مش هتعملي كدة!
تنهد باستسلام لينهض و يعدل وضعيتها جيداً، بينما هي لا تشعر بشيء ثم تمدد جوارها مجدداً وهو يتطلع لها بحب، و شرد في هؤلاء المحيطين بها و كيف سيتصرف معهم فلن يسمح لأي منهم أن يمسوها بسوء.
بدأت ترمش بأهدابها الطويلة، و فتحت مقلتيها وهي تتمطئ بكسل غافلة عن تلك الأعين التي تتفرسها بإفتتان، اتسعت عيناها بذعر من رؤيتها له بجوارها فشهقت قائلة :- أنت بتعمل إيه هنا جنبي؟ اه بان على حقيقتك يا واطي يا قليل الأدب يا..........
ابتلع باقي حروفها بجوفه، ليوقف وابل الشتائم التي يطلقها لسانها البذيء، وابتعد عنها بعد فترة قائلاً بحنق :- أنا بصراحة حطيت صوابعي العشرة في الشق منك، عاوز أشتريلك كُتيب يقولي إزاي أفهم اللي جوة دماغك دي..
ثم أضاف بسخرية :- دي لو كان في دماغ أصلاً.
انكمشت بخجل وقد تذكرت ما حدث بينهما البارحة، وضمت الغطاء لتختفي تحته، بينما تعجب هو لحالتها قائلاً :- أنتِ بتعملي إيه؟ رحيق!
هتفت بتلعثم:- هذا الاسم غير موجود بالخدمة من فضلك أطلبه في وقت لاحق..
كبح ضحكاته قائلاً بعبث وهو يدرك خجلها منه :- خدمة إيه بس! ومالك مستخبية عندك كدة؟
أردفت بتذمر :- الجو حلو هنا..
أردف بخبث وهو يسحب الغطاء :- وريني كدة طيب.
هزت رأسها بعنف قائلة بصراخ :- لا لا مش حلو أنا بكدب عليك..
حاوط خصرها بتملك قائلاً بمكر:- أنا اللي هقرر إن كان حلو ولا لا.. بقلم زكية محمد
و عندما همت لتعترض تبخر رفضها في مهب الريح وهي في حضرة هيبته الطاغية مستسلمة لتلك المشاعر التي تغزوها بضراوة.
بعد وقت ضربته بصدره قائلة بتذمر و شراسة :- مكنتش أعرف إنك قليل الأدب كدة يا فريزر..
وعندما لاحظت نظراته الصارمة نحوها أردفت بتوتر :- قصدي ....يا مراد أنا... أنا مقصدش..
ضيق عينيه بغيظ قائلاً :- ماشي هعديها بمزاجي المرة دي..
أردفت بخجل :- طيب أبعد أنا عاوزة أروح أشوف بابا..
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- تروحي فين معلش! رحيق أصطبحي و قولي يا صبح، ما تفوريش دمي وأحنا لسة في بداية اليوم.
أردفت بحنق :- دة بابا يا مراد وأنا عاوزة أشوف أخد الدوا ولا لا.
أردف بتهكم:- لا متخافيش عمي أخد الدوا وزي الفل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردفت بتعجب :- أنت عرفت إزاي؟ هو قالك؟
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- اه قالي، رحيق اسكتي الله يخليكي أنا على آخري منك.
شهقت بتذكر، ليهتف الآخر بقلق :- في إيه؟
أردفت بجبين مقطب :- أنا جعانة أوي و عاوزة أفطر!
قبض على يده بقوة، وهو يعض على شفتيه بغيظ قائلاً:- قومي يا رحيق قومي و روحي الحتة اللي تعجبك.
قال ذلك ثم دلف للمرحاض و أغلق الباب خلفه بعنف أرتجفت على أثره قائلة بحنق :- يا باي عليك يا فريزر..
ثم وضعت يدها على ثغرها وهي تتطلع للباب خشية أن يسمعها و عندها لن يمرر الأمر مرور الكرام.
______________________________________
ليلاً صعد للأعلى و بيده باقة زهور حمراء، وهو يتذمر بداخله قائلاً:- و أديني أهو جبت الورد زي ما قالت عمتي بعد ما اللي يسوا و ميسواش بصولي وكأني عامل جريمة، ياكش ياجي بفايدة.
ضغط على الجرس، لتفتحه منال بسرعة، فدلف للداخل بهدوء وهمس لعمته :- هي فين؟
هتفت بغيظ :- طب قول السلام عليكم الأول!
أردف بحرج :- إزيك يا عمتي يا عسل أنتِ؟
مصمصت شفتيها بعدم رضا قائلة :- أهو كلام و ضحك على الدقون، ربنا يخليك يا ابن أخويا يا اللي بتسأل عني في اليوم يجي خمس ست مرات..
أردف بحنق بداخله:- مش هنخلص النهاردة.
ثم تابع بصوت مسموع:- الواد أحمد نايم وكله تمام؟
هزت رأسها بتهكم قائلة :- اه يا أخويا وهي قاعدة في الأوضة دي.
ابتسم بأمل قائلاً :- طيب حيث كدة بقى نشوف شغلنا. بقلم زكية محمد
أنهى كلماته ثم توجه ناحية الغرفة، و فتح الباب و دلف للداخل بهدوء، فوجدها تقف قبالة الشرفة تنظر أمامها بشرود، وقف للحظات يطالعها يختلس النظر والامعان فيها، قبل أن تقوم العاصفة ككل مرة.
تقف تشاهد المارة بروح خاوية نُزِعت منها الحياة، تتساءل متى سترسي سفينة راحتها على البر، فقد تعبت من العواصف البحرية و التيارات التي تجدف بها بمفردها، لم تعد هناك قدرة لديها للمواصلة فقد خارت وأصبحت رفاتاً.
عصرت مقلتيها بعنف عندما شعرت به يقف خلفها، معذب روحها و بلسم جروحها، أي جنون هذا؟!
وضع باقة الزهور على المقعد، واقترب منها بخطوات حذرة حتى توقف خلفها مباشرة، و حاوط خصرها قائلاً بلهفة ظمآن بالصحراء ولم يجد له نقطة ماء تروي عطشه:- وحشتيني.
اقشعر بدنها من قربه المهلك لها، إلا أنها أخذت تناضل حتى لا تخسر في تلك الحرب القائمة، إذ هتفت بحنق :- أوعى إيدك دي عني كدة..
أحكم حركتها بذراعيه قائلاً برفض قاطع :- لا أنا مش هبعد مهما تعملي، أنتِ وحشتيني اوي هو أنا موحشتكيش!
أردفت بشراسة :- يا برودك يا أخي و لا كأنك عملت حاجة و جاي تضحك عليا بكلمتين، لا يا حبيبي أنا مابيكلش معايا الكلام دة.
تغاضى عن حديثها إلا كلمة واحدة و أردف بمكر :- الله كلمة حبيبي طالعة من شفايفك حلوة أوي، ما تدوقيني منها شوية..
أخذت تدفعه بغضب قائلة بغيظ مغلف بالخجل:- أدوقك إيه يا قليل الأدب! أبعد كدة.
أردف بخبث :- أنا قصدي تدوقيني من الكيك اللي أنتِ عملتيه النهاردة، أنتِ اللي ضميرك مش سالك.
ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- والله!
أردف ببراءة :- أيوة طبعاً، أومال أنتِ بالك راح لإيه يا خلبوصة؟
أخذت تقاتل بضراوة لتتحرر من أسره قائلة بحنق:- طيب سيبني بقى، و بطل عمايلك دي لأنك مهما تعمل مش هسامحك، و مستنية ورقة طلاقي منك قريب.
اصطك فكه بعنف قائلاً بغضب مكتوم :- كلمة طلاق دي لو جات تاني على لسانك هقطعهولك، أنتِ سامعة؟
أردفت بسخرية :- يا سلام! مش دة كان كلامك ليا ولا أنا غلطانة! متضايق ليه دلوقتي أديني أو هخلصك مني علشان ترتاح.
خيم الحزن على عينيه قائلاً بندم :- ومين قالك إني كدة مرتاح؟ مريم أرجعي ماشي أزعلي مني و أعملي اللي أنتِ عاوزاه بس وأنتِ معايا، أنا مبعرفش أنام من وقت ما سبتي البيت ولا عارف راحة ولا أي حاجة، مريم أنا اكتشفت إن حياتي من غيرك ولا حاجة..
أردفت بجمود وهي تحارب تأثير كلماته عليها :- أبقى أشتريلك منوم علشان تعرف تنام دي مش مشكلتي.
أردف بغيظ :- مش مشكلتك! طيب اسمعي بقى لو مجتيش البيت على آخر الأسبوع كدة، متلومنيش في اللي هعمله.
أردفت بتحدٍ :- اللي معاك أعمله أنا مش خايفة منك ها.
أردف بوعيد :- ماشي يا مريم لما نشوف شجاعتك دي هتوصلك لفين!
وقع بصره على الورود فالتقطها قائلاً بسخط وهو يقدمه لها :- خدي الورد دة يا مشحتفاني، دة أنا اتجرست بسببه في الحتة و كله بسببك.
وضعت يدها في خصرها قائلة بحنق :- وأنا مالي أنا قولتلك جيبه!
هز رأسه بيأس قائلاً :- أنا أصلاً استاهل ضرب الجزمة إني جبت زفت ورد.
و بلحظة ألقى بها أرضاً بعنف، ثم أخذ يدعس عليها بقدمه قائلاً بانفعال :- و أدي الورد يقطع الورد واللي اشترى الورد...
راقبته بذهول فأردفت بحدة :- الورد يا مجنون أنت بتعمل إيه، أوعى كدة..
أردف بغضب :- وأنتِ خليتي فيا عقل، بت أنتِ أوعي تكوني فاكراني هسكت على الوضع كتير، إذا كنت ساكت دلوقتي فدة بمزاجي.
أردفت بشراسة :- أمشي أطلع برة أنا مش عاوز أشوفك. بقلم زكية محمد
مط شفتيه بسخرية قائلاً :- والله دة بيت عمتي واقعد في الحتة اللي تعجبني..
- خلاص يبقى أنا اللي همشي.
وما إن همت لتغادر الغرفة جذبها ناحيته بعنف، و احتجزها بينه و بين الحائط خلفها، فتوترت قائلة :- أنت... أنت... أبعد..
أردف بهدوء :- هبعد بس بعد ما أخد جرعتي..
لم تفهم مرمى حديثه، إذ أقترب ليروي ظمأه بعد أن أصبحت جدار قلبه صحراء قاحلة، بينما كانت هي كالمغيبة في حضوره الذي يخدر أطرافها و قربه الذي يشفي جروحها على الرغم من أنه المتسبب في ذلك.
شعرت بالخزي لاستسلامها ذاك، لطالما نوت معاقبته على ما ارتكب في حقها، دفعته بعيداً فاستجاب لها و استدارت لتخفي نفسها عنه، بينما تفهم هو موقفها فهي تشعر بالتخبط وأنها في المنتصف غير قادرة على البعد وغير قادرة على الرجوع.
قبل رأسها بقوة قائلاً :- أنا همشي دلوقتي و هستناكي بعد يومين في بتنا.
قال ذلك ثم انصرف، بينما كورت يدها بغيظ قائلة :- واثق أوي من نفسه الأستاذ، طيب لما تشوف حلمة ودنك يا إسلام مش راجعة.
ثم تابعت بخزي وهي تحدث قلبها اللعين الذي يتأثر بأقل شيء منه :- وأنت هتفضل تهيني تاني لحد إمتى؟
بالخارج خرج و وجهه يغني عن ألف حديث، ما إن رأته عمته هتفت بروية :- معلش يا ابني عندها حق بردو، اللي حصل مش هين.
أردف بغيظ :- يعني مشفعش مجيتي هنا في اليوم بالتلات و الأربع مرات و أنا بتذللها ترجع مش راضية، أبوس أيدها ولا رجلها أحسن!
ضربته بخفة على رأسه قائلة :- وكمان بتقاوح! استلم أنت اللي جبته لنفسك، حد قالك أتهور و تعمل فيها تور.
أردف بغيظ مكبوت :- عمتي!
أردفت بمرح :- يا واد بناغشك فكها كدة هتبقى أنت وهي!
أردف بمراوغة :- بقولك إيه يا عمتي يا حبيبتي، ما تقعدي معاها كدة تليني دماغها الحجر دي و تخليها ترجع بدل ما أكسرهالها.
ضيقت عينيها بغيظ قائلة :- و عاوزها ترجع معاك! ينيلك يا بعيد، خد يا واد هنا و قولي عملت إيه؟ هو أنت اتكلمت معاها كدة؟
أومأ بتأكيد :- أيوة طبعاً أومال هكلمها إزاي، ألماني!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
مصمصت شفتيها بسخرية قائلة :- لا جدع يا إسلام، أنت عاوز تشلني يا واد! فين الحنية و الكلام الحلو اللي قولتلك عليه؟
عبس وجهه قائلاً :- لا الكلام الحلو دة يقولوه العيال اللي لابسين سلاسل إنما أنا أحب أدخل دغري في الموضوع علطول. بقلم زكية محمد
أردفت بغيظ :- يخيبك!
أردف بانفعال :- هي كلمة هديها مهلة لحد آخر الأسبوع، جات من سكات يبقى استبينا، مجاتش يبقى تستحمل اللي هيجرالها.
أردفت بروية :- براحة عليها يا ابني، أصبر شوية كمان علشان خاطري.
أردف بحنق :- يا عمتي أنا عاوزها ترجع البيت علشان أفضى على رواقة لابن ال....... اللي كان ورا الموضوع و أعرف اجيبه، لكن طالما هي بعيدة كدة أنا مش عارف أعمل أي حاجة..
ربتت على كتفه قائلة بابتسامة :- عشت و شوفتك يا ابن موسى متشحتف كدة، لا دة أنت واقع أوي لدرجة أنك مش قادر تصبر على بعادها و باعت صاحبك يلين دماغها....
انتبه لكلمتها الأخيرة و هتف بتعجب :- صاحبي! صاحبي مين؟
تلجلجت في الحديث عندما تذكرت أنه لا يخبره حتى لا يسبب مشكلة بينهم فأردفت بتوتر :- لا أبداً أنا قصدي صاحبتها هي جات هنا تشوفها.
أردف بإصرار :- عمتي قوليلي صاحب مين اللي جه دة لأني مش هتنازل.
هزت رأسها باستسلام قائلة :- صاحبك جه اسمه محمد و جاي يشوف الوضع إيه و هيرسى على إيه، و قالنا ما نقولكش علشان متزعلش منه.
ضيق عينيه بدهشة قائلاً :- ما أزعلش منه! إمتى جه دة؟ وقال إيه بالظبط؟
قصت عليه كل شيء وما قالته مريم له، فهز رأسه بتفكير و من ثم انصرف، فأردفت هي بحيرة :- ربنا يهدي سركم مش هقول غير كدة.
____________________________________
تجلس في المنتصف بينهن، و إلى جانبهن لميس تلك السيدة الحنون التي تعاملها بكل الحب منذ أن وطأت قدميها إلى هنا لطالما هي ابنة فاطمة التي كانت تحبها كثيراً لولا الظروف التي فرقتهم.
هتفت آلاء بخبث :- إيه الحلاوة دي يا رورو، ايه أخبار الفريزر؟
حدجتها بغضب حتى لا تتحدث أمام والدته هكذا، فأسرعت الأخرى تقول :- أتصلح ولا لسة ما بيتلجش أصل إمبارح كان بايظ.
ضحكت سندس بخفوت عليهما قائلة :- اه أتصلح يا آلاء يخرب عقلك أعقلي شوية كدة أنتِ وهي.
هتفت لميس بود:- ربنا يكملك بعقلك يا سندس حكم الاتنين دول طاقة منهم على الآخر.
أردفت رحيق بغيظ :- اه فعلاً عاقلة! عاقلة لدرجة إنها بتعيط زي العيال الصغيرة لما بتاخدي منهم حاجة ..بقلم زكية محمد
حدجتها بغضب، بينما ضحكت لميس قائلة :- خلاص يا بنات أنتوا هتاكلوا بعض لو فضلتوا أكتر من كدة.
أردفت آلاء بمرح :- اه والله عندك حق.
أتت الصغيرة لتفتح رحيق ذراعيها لها، فتركض الأخرى و تلقي بذاتها بين ذراعيها، لتقبلها الأخرى بقوة قائلة :- جوري حبيبة قلبي، وحشتيني الكام ساعة دول.
هتفت بتساؤل :- أنتِ كنتي فين سألت كتير عليكي بس قالولي إنك روحتي مشوار.
أردفت بحرج :- اه يا قلبي معلش هبقى أخدك معايا المرة اللي جاية.
لاحظت سندس فأردفت بابتسامة :- طنط، عيونك خفت دلوقتي ولا لسة بتوجعك؟
أردفت بابتسامة مرتجفة :- اه يا حبيبتي خفت، يسلملي قلبك الطيب.
أردفت رحيق بتعجب :- ليه مالها عيونك يا سندس؟
عبثت في حجابها بتوتر قائلة :- لا أبداً متاخديش في بالك، أصل إمبارح عيني دخل فيها تراب و جوري شافتني علشان كدة بتسأل.
أردفت بطفولية :- هخلي بابا عاصم يكشف على عيونك و يخليها تخف..
وعلى ذكر السيرة وجدته يدلف من الباب فانسلت من بين ذراعي رحيق لتركض لوالدها، بينما نهضت الأخرى قائلة بتماسك :- طيب أنا همشي يا رحيق افتكرت مشوار ضروري لازم أمشي... أنا... أنا...ماشية يلا سلام...
رحلت بسرعة البرق تحت نظرات الأخريات المتعجبة من تصرفها، بينما بدأ الشك يتسلل بداخل الأخرى وهي تضيق عينيها بتفكير شديد.
كان لا يزال واقفاً يحتضن ابنته، وما إن مرت بجانبه رمقها بنظرات تهكمية بينما لم تستطع أن ترفع عينيها فيه، فشغلها الشاغل أن تختفي من أمامه، فهو يلقي اللوم عليها في كل مرة دون أن يعرف لم فعلت ذلك.
في اليوم التالي دلف للمحل الخاص بمحمد وهو في حالة يرثى لها، بينما كان الآخر مشغولاً في تنزيل البضاعة للداخل، جلس على المكتب ريثما ينتهي، بينما هتف الآخر من الخارج بصوت عال :- هات الدفتر بتاع الحسابات يا إسلام من عندك.
أومأ له بموافقة، وأخذ يبحث في الأدراج عنه، ليفتح آخر درج لتتسع عيناه بصدمة و ذهول لما رأى.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
شعر بدوار شـ.ـديد ضـ.ـر.ب رأسه بحدة وهو يشاهد صوراً لذلك الحقير الذي سبق أن رآه في شقته في ذلك اليوم، و صوراً أخرى لأسماء، و ما زاده صدmة رؤيته لصورة لمريم و مفاتيح الشقة الخاصة به.

بالخارج يتابع الرجـ.ـال وهم يحملون البضاعة من السيارة و يضعوها بالمخزن، أرتجفت أوصاله حينما تذكر أنه يضع كل شيء بالدرج و إسلام بالداخل يبحث عن الدفتر، أزاح العامل من أمامه بسرعة و ركض للداخل شاحب اللون، فوجد الأخير يبحث على الدفتر فوق المكتب و ما إن رآه هتف بثبات :- فين يا عم الدفتر دة مش لاقيه.

أردف بتنهيدة راحة :- لا خلاص أنا هجيبه تعال أنت بس تابع مع العمال برة.

نهض من مكانه قائلاً بهدوء مريب :- اه وماله يا صاحبي.

خرج هو ليفتح الآخر الدرج بلهفة، وما إن رأى الأشياء بمحلها تنهد براحة قائلاً :- أكيد هو مشفهاش وإلا مكانش منظره بقى كدة.

أي معجزة هذه التي ألقت عليه هذا الثبات المخادع، فبداخله بركان يغلي تتصاعد ألسنته ولن يهدأ له بال إلا بعد أن يصب حممه المنصهرة عليه وعلى من معه، ولكنه يجب أن يصمت الآن حتى يعرف لغز وجود هذه الصور و أيضاً مفاتيحه الخاصة بشقته، يجب أن يتريث قدر المستطاع من أجلها فيبدو أن الخطر لازال يحيط بها و أنهم يحيكون لأمراً آخر.

قضى تلك اللحظات الثقيلة على قلبه كالجبل، و انصرف بهدوء متعللاً بالعمل حتى يبدو طبيعياً أمامه، و ما إن دلف لداخل الوكالة توجه ناحية محمود قائلاً بخفوت :- محمود عاوزك في حوار .

انتبه له قائلاً :- خير يا ابن عمي!

جلس قبالته و نظر يميناً و يساراً قائلاً  :- فتح ودانك معايا كويس و مش عاوز حد يعرف أي حاجة بالموضوع دة.

بعد وقت نهض قائلاً بغضب مكتوم :- أنا رايح مشوار صغير كدة، وأنت نفذ اللي طلبته منك دلوقتي و حذاري أي غلطة في الموضوع.

بعد دقائق كان أمام باب شقة عمته للمرة التي لا يعلم عددها، و طرق الباب ففتحته عمته فهتف بسرعة :- إزيك يا عمتي، فين مريم؟

وكزته بذراعه قائلة بمرح :- ما تتقل يا واد!

أردف بضجر :- عمتي مش وقت هزار ناديلي مريم بسرعة هنا حالاً.

قطبت جبينها بتعجب، ولكنها تمثلت لطلبه ودلفت للداخل قائلة :- مريم كلمي إسلام عاوزك، و قبل ما تعترضي شكله كدة في حاجة حصلت أطلعي شوفيه وأنا هقعد مع أحمد.

ما إن التقط الصغير اسم عمه هتف باعتراض:- لا أنا كمان عاوز أشوف إثلام يا ماما.

هزت رأسها باستسلام و خرجوا جميعهم لرؤيته، وما إن خرجت و رآها لوهلة نسي لم هو قادm و أخذ يمعن النظر فيها باشتياق، عاد لرشـ.ـده قائلاً :- مريم تعالي أقعدي عاوزك في كلمتين ضروري.
هتفت بحنق :- كلام إيه دة إن شاء الله؟!

أردف من بين أسنانه :- مريم! أتعدلي معايا و تعالي أحسنلك هنا.

امتثلت لأوامره و جلست بضجر فركض الصغير ناحيته ليحمله إسلام بحنان و طالعها قائلاً بحذر :- مين جه البيت في الفترة اللي كنا فيها مع بعض؟

جعدت أنفها قائلة بغـ.ـيظ :- إيه عاوز تتهمني في حاجة تانية؟

جز على أسنانه بعنف قائلاً بغضب مكتوم :- والله أقوم أكـ.ـسرلك راسك دي، ما تتعدلي كدة أنا مش جاي أتنيل أتهمك بحاجة أنا بس عاوز أعرف و ضروري يا مريم.

أردفت بحنق :- محدش جه مين يعني هيجي؟

مسح وجهه بكف يده بعنف قائلاً:- استغفر الله العظيم، يا بـ.ـنت الناس أنا مش قصدي حاجة قوليلي مين جه عندك حتى لو كان الحد دة أمي وصلت؟

هزت رأسها بتذكر :- لا مرات عمي مجتش وأنت مش موجود، مفيش غير أمي و سامية و بثينة..

أردف بحاجب مرفوع :- بثينة! إممممممم.

أردفت بغيرة :- أيوة يعني عاوز إيه منها بثينة، ولا تكونش هتتجوزها بعد ما تطلقني!

أردف بنبرة يقصد من خلفها إثارة حنقها :- تصدقي فكرة بردو، مش عارف أودي جمايلك فين الصراحة.

نظرت أعنتها قائلة بتذمر :- شايفة يا عمتي شايفة، علشان أقولك دة تور ما بيحسش!

حدجها بذهول قائلاً و هو يشير لنفسه:- دة أنا دة؟! قوم يا احمد قوم لما نشوف أمك المؤدبة دي!

أنهى كلمـ.ـا.ته و وضع الصغير على الأريكة و انتصب واقفاً يسير ناحيتها و نظراته تنذر بالشر، بينما تراجعت للخلف لتختبئ خلف عمتها قائلة بخـ.ـو.ف :- إلحقيني يا عمتي!

أردف بسخرية :- راحت فين الشجاعة اللي كانت من شوية دي؟ بقى أنا تور! ماشي يا مريم ليكِ يوم. طيب أنا ماشي ..

أردفت بتهور مصحوب بالضيق لعدm اهتمامه بها ككل مرة :- بس؟ يعني أنت جاي تقول الكلمتين دول بس؟

وضع يده بجيبه قائلاً بخبث :-اه جيت بس علشان أقول الكلمتين دول، ولا أنتِ عاوزة حاجة تانية!

حدجته بغضب و قد تحول وجهها للأحمر النبيذي قائلة بحدة طفيفة :- لا مش عاوزة حاجة شرفت.

اصطك فكه بقوة قائلاً بغـ.ـيظ :- مع السلامة يا عمتي.
ثم نظر لها قائلاً بعبث :- أما ألحق أشوف بثينة..

انصرف بخفة بينما أردفت بغل :- بثينة! ماشي يا إسلام الكـ.ـلـ.ـب، شايفة يا عمتي ابن أخوكي بيعمل إيه؟

ربتت على كتفها قائلة بروية :- يا حبيبتي دة بيناغشك، يعني اللي مخليه يجيلك هنا كل شوية علشان ترجعي هيبص لواحدة تانية! هو بس عاوزك تغيري.

هزت رأسها بعدm اقتناع و بداخلها غيرة عمياء تحرقها، فهو غير مسموح أن يلفظ اسم أنثى غيرها.
1

______________________________________

بعد يومين يجلس كعادته مكفهر الوجه، فرآه محمد الذي هتف بخبث مبطن :- مالك يا صاحبي بس؟ ليك كام يوم مش مظبوط كدة!

هتف بضيق :- يا عم سيبني في حالي كفاية الغلب اللي أنا فيه.

رفع حاجبه بدهشة مصطنعة قائلاً :- لا دة شكله الموضوع خطير، فيه إيه يا صاحبي؟

ضيق عينيه بغـ.ـيظ من تكرار كلمة صديقي التي يهتفها مراراً و تكراراً، ألا يشعر بالخذي عند تفوهه بها؟!
مط شفتيه بضيق قائلاً :- المشكلة اللي أنا فيها محدش يقدر يحلها يا محمد .

هز رأسه بنفي قائلاً :- لا بس قولي في إيه، مش يمكن نلاقي حل سوا.

أردف بجمود :- ما اعتقدش يا محمد لأن الموضوع دة ما يتحلش دة بينتهي وبس. أنا هطلق مريم.

لمعت بوادر السعادة بعينيه قائلاً بلهفة :- بجد؟ ثم عاد لرشـ.ـده ليقول:- ليه كدة يا إسلام بقى دة اللي اتفقنا عليه، مش قلنا تدوا لبعضكم فرصة.

أردف بحنق :- لا هديها فرصة ولا نيـ.ـلـ.ـة طريقنا مش واحد يا محمد علشان كدة هطلقها .

أردف بروية :- طيب استهدى بالله يا صاحبي كدة و كل حاجة هتبقى تمام، بس ليه يعني هتطلقها؟

أردف بغـ.ـيظ :- مبحبهاش، انا اكتشفت إني مش عارف أنسى أمل خالص حتى بعد ما أتجوزت، أنا مخـ.ـنـ.ـوق أوي و عاوز أخلص منها لولا أبوها كنت طلقتها من زمان علشان كدة وديتها عند عمتها..

أردف بتعجب :- يعني مش علشان زعلانة منك؟!

أردف بغضب مكتوم :- مين قالك الكلام دة؟ ما تزعل ولا تتفلق، بقولك إيه أنا قائم أشوف مصالحي.

أنهى كلمـ.ـا.ته لأنه شعر بأنه لو تحدث بحرف آخر سيطرحه أرضاً، لذا تحجج بالعمل كي لا يقــ,تــله قبل أن يحقق مبتغاه، بينما طالعه الآخر بابتسامة عريضة منتصرة قائلاً :- ولا الخطة جات بفايدة و هتلعب و هتحلو. بقلم زكية محمد

دلف للداخل وهو ينظر يميناً و يساراً بحثاً عن أية شيء يفرغ بها شحنته الغاضبة فلم يجد غير محمود الذي باغته بلكمة قوية أوقعته أرضاً في الحال، بينما وضع الآخر يده على موضع الكدmة و نهض قائلاً بحدة :- في إيه يا حـ.ـيو.ان؟ هو هيعبيك من هنا هتاجي تفضيهم فيا من هنا! خف الغباوة شوية.

صك على أسنانه بعنف قائلاً :- مش قادر أكمل، مش قادر أضحك في وشه وأنا نفسي أقــ,تــله.

أردف بشر :- ومين سمعك أنا نفسي أنزل كرشه دلوقتي بس اللي مصبرني أعرف مين معاه و طريق الواد إياه و ساعتها محدش هيرحمه مني.

أردف بحذر :- جبت اللي قولتلك عليه؟

أومأ بنعم قائلاً :- أيوة كله جاهز بس فاضل التنفيذ.

أردف بتصميم و عزيمة :- الموضوع هيخلص الليلة، الليلة لازم أعرف إن كان شكي طلع في محله ولا لا.

______________________________________

ليلاً كانوا يجلسون معه بداخل المحل الخاص به بحجة قضاء وقت معاً يتسامرون فيه كما السابق.
التفوا حول الطاولة التي تحمل لعبة الشطرنج وهم يلعبون بتركيز و يرتشفون الشاي الساخن .

أخذا يتابعوه بانتباه وهم يشاهدون متى سيبدأ مفعول المنوم الذي وضعوه له في الشاي، حتى أنهم انتابهم القلق من فشل مخططهم.

ما إن رأوا رأسه تهتز بتثاقل، غُرِس الأمل مجدداً بصدورهم و انتظروا حتى يغفو تماماً لينفذوا ما جعلهم يلجأوا لتلك الحيلة حتى وإن كان بها بعض الدونية.

أزاحه إسلام بعنف و غـ.ـيظ ليرتد الآخر على الأريكة وهو غائب عن الوعي لا يشعر  بشيء، ليلتقط الآخر الهاتف بسرعة من جيبه ثم مسك بإصبعه و وضعه على البصمة الخاصة بالهاتف و لحسن الحظ فُتح معهم، فأسرع إسلام يبحث فيه عن المكالمـ.ـا.ت و الرسائل و بجواره محمود اللذان صُدِما حينما وجدوا محادثات بينه و بين تلك المدعوة بثينة، و ذلك الحقير الذي فر هارباً ولم يلحق به، و كم صُعِقوا من تفكيرهم الشيطاني و تخطيطهم الدنيء للإيقاع بهما وكم نجحوا في ذلك و بجدارة .

دون الأرقام الخاصة بهما إلى هاتفه الخاص و بعث رسالة لهما من هاتف محمد تنص على أنه يريد مقابلتهما في ****** ومن ثم مسح تلك الرسائل على الفور من الهاتف و كأن شيئا لم يكن.

نظرا له بغضب عارم فهم إسلام ليخـ.ـنـ.ـقه إلا أن يدي محمود أوقفته قائلاً بغـ.ـيظ مكبوت :- سيبه يا إسلام لسة عاوزينه دلوقتي، أنا عارف أنه مش بني آدm معندهوش ضمير و خان صاحبه و طعنه في ضهره بس استنى بس لبكرة علشان كل حاجة تنتهي مع بعضها و نخلص.

أخذ صدره يعلو و يهبط بشـ.ـدة قائلاً بانفعال :- و ربي ليشوفوا مني يوم أسود من قرن الخروب.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردف محمود بروية :- أنا عاوز أقــ,تــله قبلك بس لازم نستنى، خلينا نقعد على ما يتزفت يصحى و نغور من هنا.

أردف بانتباه :- متنساش إني هعمل نائم أنا كمان و تصحيه هو الأول علشان ميشكش في حاجة.

أومأ بتأكيد بينما يطالعانه بنظرات مملوءة بالكره و الازدراء.

____________________________________

تجلس على الفراش و أمامها جهاز الكمبيوتر المحمول، تكتب بعض الكلمـ.ـا.ت على محرك البحث جوجل وهي تهتف بتذمر :- أجيبها إزاي دي؟ اه لقيتها اكتبِ دي يا بت يا رحيق كيف تتعامل مع شخص فريزر؟

ولكن لم تأتها النتائج المطلوبة، فكتبت وهي تقول بصوت عال :- كيف تتعامل مع مراد الفريزر؟ هوف حتى الكمبيوتر مش عارفلك كاتلوج!
2

كان على وشك الدلوف و لكنه تسمر عند الباب حينما سمعها تنعته مجدداً بذلك اللقب الذي يكرهه، فأتكأ بذراعه الأيمن على الجدار يشاهد ما تفعله بسخرية، بينما صرخت بحدة :- يوووه و بعدين بقى أنا غلبت.

- و يا ترى إيه اللي مغلب حرمي المصون و مخليها هتتجنن كدة؟

غلقت الحاسوب قائلة بتـ.ـو.تر :- لا ...لا أبداً دة ....دة أنا كنت بدور على وصفة كدة في النت.

ضيق عينيه بغـ.ـيظ قائلاً :- و لقيتي اللي بتدوري عليه؟

أردفت بحنق :- لا للأسف ملقتش، أصل الوصفة صعبة أوي بعيد عنك و صعب تتلاقى.

أردف بعبوس مصطنع وهو يلتقط الحاسوب من أمامها بلحظة قائلاً :- وريني كدة اللي بتدوري عليه دة.

أردفت بسرعة :- لا لا خلاص مش مهم هبقى أشوفها في حتة تانية. بقلم زكية محمد

فتح شاشة الحاسوب لينظر لما تكتبه، لتزدرد الأخرى ريقها بتـ.ـو.تر وحينما رأت نظراته الحادة المصوبة نحوها هتفت بتبرير أخرق :- دة أنا كنت بشوف إزاي يصلحوا الفريزر أصل التلاجة بايظة تحت و قلت أشوف يمكن أعرف اصلحها.

أردف بتهكم :- والله!

هزت رأسها قائلة بتلعثم وهي تنهض لتلوذ بالفرار منه :- أيوة طبعاً أومال هيكون في إيه يعني؟ أنا... أنا رايحة أشرب..

ما إن همت لترحل وجدت من يجذبها نحوه بقوة حتى التصقت به ليهتف بحدة :- أنتِ إزاي عاوزة تنزلي تحت بالشكل دة ها؟

أردفت بخـ.ـو.ف من القادm :- أنا...مش .... أااا..هو...

قاطعها قائلاً بسخرية :- إيه لسانك اتربط مش عارفة تقولي جملة مفيدة!

زاغت أنظارها ولم تعرف ما عليها فعله للخروج من هذا المأزق، بينما أردف هو بغـ.ـيظ :- مش قولتلك قبل كدة الكلمة الزفت دي ما تتنطقش تاني؟

أردفت بلهفة :- أنا مقولتش جوجل هو اللي بيقول، أنا مليش دعوة حاسبه هو مش أنا.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :-دة بجد!

هزت رأسها بموافقة قائلة ببراءة مصطنعة :- أبقى أكـ.ـسره ولا أرميه علشان يحرم بعد كدة.

أردف بوعيد وهو يقترب منها :- أنا فعلاً هكـ.ـسر و هقص لسانك كمان ..

ازدردت ريقها بصعوبة قائلة :- لساني! ليه يا عم هو أنا قولت إيه؟

أردف بخبث :- أنا هعرفك قولتي إيه دلوقتي.

و بلحظة كان ينهل من رحيقها دون توقف و كأنه غريق و وجد مرساه، ليغرق معها في بحور من نوع آخر.

______________________________________

بعد وقت ليس بقليل كان في منزل عمته التي تأففت بضجر قائلة :- و بعدين بقى، من كتر المحبة يا ابن أخويا، خير!

ضحك بصخب قائلاً :- الله يا عمتي بحبك .

مصمصت شفتيها بسخرية قائلة :- بتحبني انا برده!

اقترب منها مقبلاً إياها برأسها قائلاً :- طبعاً يا عمتي أومال مبحبكيش أنا جاي أنفذ إتفاقي اللي اتفقته مع بـ.ـنت أخوكي، فينها؟

قطبت جبينها بتعجب قائلة :- إتفاق إيه دة؟

جلس على المقعد قائلاً :- ناديها الأول يا عمتي ربنا يبـ.ـاركلك أنا تعبان و على آخري.

هزت كتفيها باستسلام قائلة :- ماشي يا أخويا لما نشوف أخرتها إيه معاكم.

خرجت هي تقف قائلة بجمود :- يا نعم!

رفع حاجبه قائلاً بتهكم :- لا شكل القعدة هنا قوِّت قلبك جـ.ـا.مد ما شاء الله! يلا قدامي على البيت .

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مش هرجع معاك في حتة.

جز على أسنانه بعنف قائلاً بهدوء مريب :- بقولك أدخلي إلبسي و روحي معايا بالذوق وإلا.........

صمت لتهتف هي بحنق :- وإلا إيه أنت كل شوية هتهددني!

هز رأسه نافياً وهو يقول بوعيد :- لا يا حبيبتي أنا مش جاي أهدد أنا جاي أنفذ بس.

أردفت بمبالاة و تحدي :- وأنا أو بقولك مش رايحة، و وريني بقى هتعمل ايه!

حك طرف أنفه قائلاً بوعيد :- لا من ناحية هعمل فأنا هعمل كتير.

و بلحظة حملها عنوة و وضعها على كتفه لتصبح رأسها بالأسفل و قدmيها بالأعلى، فأطلقت صرخة عالية وهي تقول بحدة ممزوجة بالخجل :- بتعمل إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.ن نزلني.

أردف بابتسامة انتصار :- لا أنتِ لسة مشفتيش جنان، أنا بقى هوريكي الجنان على حق.

أنهى حديثه و توجه بها نحو الباب لتردف هي بحذر :- إسلام أنت... أنت هتعمل ايه؟

أردف بخبث :- هنروح بيتنا يا روحي.

اتسعت عيناها بذعر قائلة :- ها كدة و أنت شايلني! لا لا نزلني الناس هتشوفنا، بالله عليك لا يا إسلام.

مط شفتيه بدون اكتراث قائلاً :- والله دي مش مشكلتي في إيدك كل حاجة يا توافقي تروحي معايا برضاكي ساعتها هنزلك و هخليكي تلبسي و تيجي معايا، مرضتيش يبقى هتروحي بلبس البيت و بالشكل دة ها أخترتي إيه؟

صمتت ولم تعرف بما تجيبه، أما هو ما إن رآها هكذا تظاهر بالنزول فهتفت بصراخ :- خلاص خلاص هاجي معاك نزلني..

خرجت منال على صوتهما وما إن رأتهم هتفت بدهشة :- في ايه؟

أردفت مريم باستغاثة :- إلحقيني يا عمتي، شوفي المـ.ـجـ.ـنو.ن دة عاوز ينزلني الشارع كدة.

أنزلها لتقف على الأرض قائلاً بغـ.ـيظ و صرامة :- طيب يلا يا حلوة على جوة و نفذي اللي قولتلك عليه بدل ما أنفذ تهديدي التاني.

دبت الأرض بقدmيها بحنق، ومن ثم دلفت للداخل وهي تتمتم بكلمـ.ـا.ت غير مفهومة ولكنها بالطبع حانقة عليه.

هنـ.ـد.م ملابسه بغرور مصطنع قائلاً :- الحمشنة حلوة برده.

ضـ.ـر.بت منال كف بآخر قائلة :- و الله أنتوا جوز مجانين و عاوزين السرايا الصفرة.

بعد دقائق خرجت وهي مرتدية ملابسها الخاصة بالخروج، وهي تمط شفتيها بتذمر و ضيق، بينما تحمل الصغير الذي غفا منذ لحظات قليلة.

طالعها بابتسامة ظافرة زادتها غضباً، و تقدm منها وحمل الصغير عوضاً عنها، و من ثم ودعوا منال و أنصرفا لشقتهم الخاصة.

دلفا معاً فتوجه مباشرة و وضع الصغير في فراشه، و من ثم دثره جيداً و أودع قبلة هادئة على وجنته، ومن ثم خرج ليرى تلك التي تتصاعد منها الأدخنة أثر الحريق الناشب بداخلها.

لا زالت تقف كما هي تهز قدmيها بعصبية شـ.ـديدة، و قد داهمتها الذكرى لتتذكر آخر مرة كانت بها هنا و ما حدث لتشعر بالاختناق و لمعت بوادر الدmـ.ـو.ع بعينيها، شعرت به يقف أمامها فتظاهرت بالقوة وهي بالحقيقة غصن هش إن مسه أحد سيقع في الحال.

أقترب منها و احتضنها بحب قائلاً وهو يعض على أصابعه نـ.ـد.ماً علام فعل :- آسف.. آسف لكل و.جـ.ـع، لكل جـ.ـر.ح، لكل لحظة بكيتي فيها وأنا كنت السبب في دة، أرجوكِ سامحيني، أوعدك إني هجبلك حقك من اللي عمل كدة كلها ساعات كدة و كل حاجة تخلص.

أخذت تقاومه إلا أنها استسلمت أخيراً لقوته و عدm خنوعه في الأمر، و بكت بحرقة قائلة :- أنت و.جـ.ـعتني و هنتني يا إسلام..

قبل رأسها بقوة قائلاً :- حقك عليا يا روح إسلام، سامحيني و أديني فرصة، يهون عليكِ إسلام!

أردفت بو.جـ.ـع و عتاب و خفوت :- ما أنا بردو هنت عندك .
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أردف بنـ.ـد.م :- كنت غـ.ـبـ.ـي و مش هتتكرر تاني، أنا خلاص أتعلمت، أهم حاجة أنول الرضا يا جميل.

لم تتحدث و إنما ظلت ساكنة بين دفء ذراعيه الذي أفتقدته منذ مدة تبكي و تشهق بخفوت، بينما أخذ يمسد على ظهرها بحنو، و اليد الأخرى تحاوطها بتملك خشية فقدانها.

بعد وقت هتف بمرح :- مريم! أنتِ نمتي ولا إيه؟

ابتعدت عنه بخجل وهي تمسح دmـ.ـو.عها التي بللت قميصه، بينما هتف هو بمزاح :- ينفع كدة بليتي القميص!

أردفت بخفوت :- أنا آسفة مخدتش بالي.

أردف بحب وهو يجفف عبراتها بحنان :- فداكِ القميص و صاحب القميص، هو أنا عندي كام مريومة حلوة كدة.

أحمرت وجنتيها بخجل بينما أردف هو بعبث :- لا وكمان بنحمر لا عدينا، بقولك إيه متعمليلي كوباية نسكافيه من إيديكي الحلوة دي واكسبي فيا ثواب، أنا ليا يومين مطبق منمتش و تعبان جداً.

أردفت بقلق وهي ترى معالم الأرق على وجهه :- مالك أنت تعبان؟

ضيق عينيه بتعب مصطنع قائلاً بفرحة داخلية وهو يرى قلقها عليه :- اه مصدع أوي يا مريم..

قال ذلك ثم جلس على الأريكة وهو يضغط بيديه على رأسه وإمارات الألم مرسومة على وجهه، فاقتربت هي منه قائلة بخـ.ـو.ف :- إسلام أنت كويس؟

أردف بهدوء متعب :- لا مفيش حاجة أنا كويس.

مسكت يديه بخـ.ـو.ف حقيقي قائلة بدmـ.ـو.ع مهددة بالنزول :- طيب أنا هروح أجبلك مسكن للصداع من جوة. بقلم زكية محمد

قالت ذلك ثم هرولت للداخل، بينما أخذ يتابع اختفائها بعيون ذئب ماكر، ونهض قائلاً بخبث :- استعنا على الشقى بالله.

دلف لغرفتهم و نزع قميصه، و تمدد على الفراش ليكمل باقي عرضه اللئيم مثله.
عادت بكوب من الماء و قرص مسكن و لكنها لم تجده، فأردفت بتعجب :- راح فين دة؟!
ثم سمعت صوت أناته الآتية من الغرفة فأسرعت للداخل و قد وقعت الفريسة في فخ الصياد.

شهقت بخجل لرؤيته بتلك الهيئة فتقدmت نحوه ببطء قائلة وهي تمد له الماء و المسكن، فألتقطه منها و تظاهر بوضعه بفمه ثم ارتشف بعضاً من الماء، و ما إن رآها تغادر تأوه بخبث لتعود له بلهفة قائلة :- في إيه تاني؟

أردف بخبث :- شكلي سخن، شوفي كدة.

بطيبة قلب و حسن نية أذعنت لطلبه، و جلست جواره و وضعت يدها على جبينه لتهتف بتعجب:- لا مفيش سخونة يا إسلام، تلاقيك مصدع بس..

أطلقت صرخة خافتة عنـ.ـد.ما وجدت نفسها مكبلة بذراعيه و يطالعها بخبث، لتفهم مؤخراً أنه يخدعها، أخذت تتململ قائلة :- بتكدب عليا يا غشاش!

ضحك بمكر قائلاً :- طيب أعملك إيه وأنتِ مش راضية تسامحيني بقى .

جعدت جبينها بضيق قائلة :- يعني بالشكل دة هسامحك!

أومأ بتأكيد قائلاً بخبث :- اه أنا هصالحك كدة ..

أردفت باعتراض :- إسلام ...

إلا أنه كبح اعتراضها بطريقته الخاصة ليعتذر منها بطريقته الخاصة.

______________________________________

في اليوم التالي تجلس بشرود وهي تعض على شفتيها بأسى من استسلامها المخزي له ليلة أمس، لطالما نوت معـ.ـا.قبته و الإبتعاد عنه، و لكنها فوجئت بانهيار حصونها أمامه ليعلن عشقه راية الانتصار في كل معركة تخوضها معه.
في المقعد المجاور كان يجلس يراقب تعبيراتها قائلاً :- مريم! مالك؟

هزت رأسها قائلة بتخبط :- مفيش.

اصابه ذلك بمقــ,تــل و علم أنها تفكر فيما حدث بينهما، و السؤال هنا هل هي نادmة على ذلك ؟ لذا نظر لها قائلاً بشكل مباشر :- مريم أنتِ نـ.ـد.مانة على اللي حصل بينا صح؟

لم ترد عليه فابتسم بحـ.ـز.ن قائلاً :- ماشي، أنا متأسفلك لو فرضت نفسي عليكي بالشكل دة، و دلوقتي يا ريت تروحي تلبسي علشان ورانا مشوار مهم.

كانت سترد عليه ولكن جذبها جملته الأخيرة فهتفت بتعجب :- رايحين فين ؟

أردف بجمود :- هنحط النقط فوق الحروف.....
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تطلعت له بقلق و خاصة نبرة صوته الجـ.ـا.مدة التي لا تدل على خير. هتفت بتساؤل :- رايحين فين يعني؟
+

هتف بصوت بـ.ـارد :- ما قولتلك هنحط النقط على الحروف. ثم تابع بنبرة صارمة :- يلا قومي بسرعة .

ارتجفت أوصالها من القادm، و نهضت تنفذ ما طلبه تجنباً لصياحه عليها مرة أخرى.
بعد وقت نزلا معاً بعد أن تركوا الصغير مع جدته، و انطلق بها إلى حيث هؤلاء السفلة الذين خططوا لتدmير حياتهم الهنيئة، فلم ينسى إسلام أن يخبر محمد أنه يريده في أمر ضروري في نفس المكان الذي أخبر البقية بالتواجد فيه .

وصلا للمكان باكراً فهتفت بثينة بتعجب :- ما قلكش ليه عاوزنا محمد؟ غريبة!

هز رأسه بنفي قائلاً :- لا مقالش، اهو شوية يجي و نشوف.
أومأت بموافقة و صمتا ينتظران وصوله.

وصل في الوقت المحدد فترجلا من السيارة و دلفا للداخل، فمسكت يده بخـ.ـو.ف قائلة :- رايحين فين يا إسلام؟ أنا... أنا مكنتش أقصد اللي فهمته و....

قاطعها قائلاً بابتسامة هادئة يطمئنها بحنو :- متخافيش أنا معاكِ .

دفن أناملها بين أصابعه بتملك وحب، و كم شعرت هي بالراحة لكلامه ذاك.
ما إن خطوا للمكان و رأوا بعضهم البعض خيمت الصدmة عليهم وحالة ذهول كبيرة على مريم التي ما إن رأت رأفت تراجعت للخلف بخـ.ـو.ف قائلة بخفوت :- إسلام أنت جايبني هنا ليه؟ أنا عاوزة أمشي.

ربت على ظهرها بحنو قائلاً :- متخافيش يا حبيبتي أنا جبتك هنا علشان بس ت عـ.ـر.في الحقيقة و ت عـ.ـر.في مين السبب للمشاكل اللي كانت بينا دي.

نظرت له بعدm فهم، بينما شحب وجه الأخرى، وما إن رأى رأفت الوضع أطلق لساقيه العنان، و لكن وجد من يقف له بالمرصاد حيث كان محمود و بعضاً من الفتية ظهروا من العدm أمامه فقال محمود بسخرية :- على فين يا هدهد الجناين؟

أنهى كلمـ.ـا.ته و تبعها بلكمة قوية أوقعته أرضاً، ثم رفعه من ياقة قميصه بغضب و جره خلفه فتحفظ عليه الفتية.

في ذلك التوقيت ظهر محمد الذي تسمر مكانه حينما رأى المشهد،فهتف إسلام بسخرية مو.جـ.ـعة وهو يشعر بألم الطعنة التي سببها له :- إزيك يا ....يا صاحب عمري، تعال شرف جنب اخواتك هنا ، الفيلم لسة في أوله.

ازدرد ريقه بتـ.ـو.تر قائلاً:- إسلام في إيه؟

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- والله ! ماشي همشي معاك للآخر دة يا سيدي معرفتك الزبـ.ـا.لة رأفت و دي طبعاً بـ.ـنت حتتنا اللي غنية عن التعريف بثينة اللي ما تفرقش حاجة عنك في ندالتك ولا وساختك.

أردف بدهشة مصطنعة وهو يدعي عدm الفهم :- يا إسلام بتتكلم عن إيه؟ أنا مش فاهمك.

اقترب منه ليقف في مواجهته ثم باغته بلكمة عنيفة قائلاً بانفعال :- بتكلم عن خيانتك و قلة أصلك يا حـ.ـيو.ان يا حقير، أنت إزاي تعمل كدة؟ أنت يا صاحبي يا عشرة عمري! آخر حاجة أتوقعها إنك تكون بالخساسة دي.
ثم استدار ليردف بتهكم:- وأنتِ يا أستاذة يا اللي عاملة فيها الصحبة الجدعة، وأنتِ طعنتيها في ضهرها بسكين تلمة، إزاي أصحاب أنتوا إزاي؟ ملعون أبو الصحاب لو كانوا شبهكم كدة.

صمت قليلاً ليردف بو.جـ.ـع :- دة أنا كنت بحكيلك كل حاجة و سرنا واحد أتاريك بتخدعني وأنا ما أعرفش، إيه الحقد دة يا أخي إيه! بس تعرف إنك مش راجـ.ـل ! أيوة اللي يلجأ للأساليب الرخيصة دي ميبقاش راجـ.ـل، عملت كدة ليه ها، ليه؟

أردف بكره وحقد :- علشان بحبها!

طالعه بصدmة ليردف الأخير بتشفي وغل :- أيوة بحبها، أنت متستحقهاش، أنا عارف أنها بتحبك من زمان بس أنت اعمى ما بتشوفش، سيبهالي أنا أولى بيها.

لم يستطع التحمل أكثر من ذلك، إذ انقض عليه كالأسد يضـ.ـر.به بعنف وهو يصـ.ـر.خ بجنون :- اه يا زبـ.ـا.لة يا حـ.ـيو.ان، مريم خط أحمر فاهم، إياك ثم إياك تجيب سيرتها تاني على لسانك الزفر دة.

أخذ يلكمه والآخر يبادله و يستقبل و أردف بكذب :- متضايق ليه؟ مش أنت بتحب أمل و ما بتحبش مريم .

كان رده أنه ازداد ضـ.ـر.به له وهو يفرغ حممه المنصهرة بداخله فيه، فلم يشعر بنفسه و كلما رنت كلمـ.ـا.ته بأذنه تشتعل الحمم أكثر، كاد أن ينهي حياته إلا أن محمود الذي أتى و سحبه من فوقه بقوة فأخذ يصيح إسلام بحدة :- سيبني اقــ,تــله الوا.طـ.ـي دة، أنا هخليه عبرة لغيره.

نظر محمود له بغضب قائلاً :- سيبني أنا اللي هخلص عليه .
قال ذلك ثم سقط عليه يكمل ما بدأه إسلام، إلا أن صوت موسى الحاد الصارم منعه من أن يكمل قائلاً :- محمود أقف و قوم .

نهض بعد أن لكمه بقوة في بطنه بعنف ثم بصق عليه.
تقف ترتجف في مكانها و قلبها يدق بعنف وهي تطالع ما يحدث بذعر ولا تفهم شيء كما المـ.ـخـ.ـد.رة، ولا تفهم حديثه عن صديقتها بعد فتقدmت نحوها و مسكت يدها قائلة بحروف متقطعة :- أااا...بثينة هو في إيه؟ وأنتِ بتعملي هنا إيه معاهم؟

عض على شفتيه بغـ.ـيظ منها فتقدm نحوها و جذبها بعنف من ذراعها قائلاً بحدة أخافتها :- أنتِ غـ.ـبـ.ـية ما بتفهميش! ثم أشار ناحية بثينة قائلاً بصوت عال :- دي واحدة خـ.ـا.ينة افهمي، دي هي السبب في كل اللي حصلك كله من تحت راسها، الصور و مرواح الزفت دة للشقة و آخر مشكلة بينا، افهمي بقى.

سقطت الصدmـ.ـا.ت عليها واحدة تلو الأخرى كالنيزك فاقــ,تــلع جذورها من الأعماق دون هوادة، أخذت تهز رأسها بشكل هستيري و عقلها يرفض تصديق ما سمعته و كيف تصدق و الماثلة أمامها صديقة عمرها! طالعتها بوجه شاحب شحوب المـ.ـو.تى و أردفت بصوت مخـ.ـنـ.ـوق :- صحيح يا بثينة؟ صحيح اللي سمعته ؟ ردي عليا أرجوكي ردي، للدرجة دي كنت هبلة و أتخدعت فيكِ ! قوليلي إسلام كـ.ـد.اب قوليلي و أنا هصدقك.

و حينما لم تجد منها رد صرخت بقهر قائلة :- بقولك ردي عليا، عملتي فيا كدة ليه؟ ليه؟

تعثرت في خطواتها فكادت أن تسقط لولا يديه التي حاوطتها بقلق لتنظر له بعينين مغرقة بالدmـ.ـو.ع :- إسلام أنت بتهزر صح؟ بقلم زكية محمد

نظر لها بقلب منشطر، ما كان عليه أن يحضرها معه و لكنه اضطر لذلك حتى يبين لها حقيقة الأمور، و أنها كانت مخدوعة طيلة هذا الوقت في صديقة مزيفة كحاله مع محمد.

أردف بحنو وهو يضم رأسها لصدره :- مريم أهدي يا حبيبتي متستاهلش، والله ما تستاهل.دي واحدة خـ.ـا.ينة باعتك علشان تاخد جوزك منك، شوفتي بقى! أنا مبكدبش و محمود شاهد معايا و الدليل الزفت اللي كانت قاعدة معاه.

انفجرت باكية وهي تدفن رأسها بصدره قائلة بقلب ذبيح :- حـ.ـر.ام عليكم عملت ليكم إيه علشان تعملوا فيا كدة؟ يا رب خدني و ريحني ..

حاوطها بخـ.ـو.ف غير عابئ بالموجودين والقلق ينهشه عليها، وما هي إلا لحظات حتى فقدت الوعي ليخر قلبه أرضاً وهو يهتف باسمها بلوعة.
حملها بحذر ليردف محمود بصرامة :- إسلام خدها من هنا واحنا هنتصرف في الباقي يلا بسرعة كفاية عليها كدة.

أومأ له بموافقة ومن ثم خرج بها من هذا المكان ليضعها في السيارة برفق و حيطة و يصعد هو بدوره ليقود العربة بأقصى سرعة لديه إلى أقرب مشفى للاطمئنان عليها.

______________________________________

بعد مرور أسبوعين نجحت بعنادها و تصميمها على الذهاب لمتابعة عملها مع سندس، تجلس على مكتبها شاردة فيه لقد أحتل أسوار قلبها و تربع على عرشه معلناً الانتصار في تلك المعركة الطاحنة التي يقودانها عقلها و قلبها طوال تلك الفترة، لتفهم مؤخراً أن جميع هذه الاضطرابات التي تحدث بداخلها وخاصة عنـ.ـد.ما يكون هو جوارها حيث يحدث بداخلها عاصفة هوجاء تدmر حصونها شيئاً فشيئاً إلى نجح في التوغل لداخل أعماقها .

ابتسمت بهيام عنـ.ـد.ما لاح طيفه أمامها لتلاحظها آلاء التي هتفت بمرح :- الله الله يا ست رحيق سايبة الشغل و سرحانة!

انتبهت لها فهتفت بانتباه :- ها بتقولي ايه؟

ضحكت بخفة قائلة :- لا دة أنتِ مش هنا خالص، اللي واخد عقلك.

أردفت بتـ.ـو.تر :- ها لا مفيش كنت .....كنت بفكر في حاجة تخص الشغل كدة .

ضيقت عينيها قائلة بمكر :- شغل برده! هو الشغل هيخليكي هيمانة كدة ولا الفريزر! اعترفي إنك بتحبيه مفيش مهرب .

هزت رأسها بعناد لطالما لم يبادر هو باعترافه بأنه يحبها فهي لن تفعل حتى وإن كانت كذلك فلن تعترف لا أمامها ولا حتى بين قرارة نفسها و أردفت بنفي كاذب :- لا طبعاً استحالة، دة فريزر يا بـ.ـنتي فريزر. بقلم زكية محمد

شهقت آلاء بصدmة وهي تتطلع خلف رحيق، بينما وقع قلب الأخيرة بين قدmيها قائلة :- أوعي تقولي هو؟

هزت رأسها بأسف توافقها على ما تقول، فغلقت عينيها بعنف و أخذت تردد الشهادة بداخلها، لطالما يمقت هذه الكلمة منها وحذرها كثيراً ألا تتفوه بها مجدداً و لكنها تفعل في كل مرة ضاربة بأوامره عرض الحائط.

نهضت من مكانها لتلتف خلفها، ولكنها لم تجد أحد و علمت حينها أن صديقتها تخدعها، فنظرت لها بشر قائلة بوعيد :- ماشي يا جزمة أنا هوريكي بوظتي أعصابي.

أخذتا تركضان في المكتب إلى أن أمسكت بها رحيق، التي غرزت أسنانها بذراعها بغـ.ـيظ، فما كان من الأخرى إلا أن صرخت بألم وهي تحاول أن تبعدها، ولكنها لم تبتعد بعد أن أخذت بثأرها لتردف بانتصار بعدها :- علشان بس تحرمي.

أردفت آلاء بو.جـ.ـع وهي تمسك بذراعها :- حـ.ـر.ام عليكِ يا شيخة دراعي طلع في سنانك، إيه دة دب قطبي!

مدت لها لسانها قائلة :- أحسن حد قالك تهزري الهزار البايخ دة.

أردف و الأخرى بمكر :- دة علشان بس ت عـ.ـر.في إنك جبانة.

جزت على أسنانها بغـ.ـيظ قائلة :- يا بت هقوملك تاني.

أردفت الأخرى بذعر :- لا خلاص و على إيه أنا مالي ما تولعوا في بعض.

حدجتها بغضب لتصمت الأخرى على الفور، و ما هي إلا دقائق حتى عادوا لمتابعة عملهم، نهضت رحيق بعد مدة لترى سندس فيما تريدها.

جلست قبالتها على المقعد فهتفت الأخرى بروح خاوية :- خدي الملف دة يا رحيق خلي مراد يمضيه و أبقي هاتيه معاكي بكرة.

قطبت جبينها بتعجب قائلة :- طيب ما نروح الشركة دلوقتي، من إمتى و الملفات المهمة بتروح البيت؟

أردفت بحدة و انفعال :- يوووه اعملي اللي قولتلك عليه أنتِ هتناقشيني!

انتفضت الأخرى في مكانها و أصابها الذهول فهي لأول مرة تراها هكذا، فنهضت قائلة بهدوء يغلفه الحـ.ـز.ن :- حاضر يا مدام سندس.

أردفت الأخرى بنـ.ـد.م :- رحيق استني أنا آسفة مقصدش أنفعل عليكِ يا ريت متزعليش مني.

هزت رأسها بتفهم قائلة بحـ.ـز.ن على حالتها في الآونة الأخيرة فهي تراها تذبل يوماً بعد يوم :- مدام سندس مالك فيكِ إيه ملاحظة إنك في الفترة الأخيرة مش مظبوطة.

نهضت من مكانها و التقطت كوب الماء تتجرع منه كي تهدأ قليلاً، إلا أنها شلت عن الحركة و سقط الكوب منها أرضاً حينما أردفت الأخرى :- هو أبيه عاصم ليه علاقة بالموضوع؟

جلست تلملم قطع الزجاج بأيدي مرتجفة، ولم تلحظ تلك الزجاجة التي جـ.ـر.حتها لتنزف دmائها في الحال تزامناً مع نـ.ـز.يف قلبها.
أسرعت الأخرى نحوها ومسكت يديها و ساعدتها على النهوض و السير بحذر كي لا تتأذى حتى وصلت للأريكة فجعلتها تجلس عليها لتلتقط بعضاً من المناديل الورقية و تنظف بها الدmاء العالقة بيد الأخرى و تأكدت أنه جـ.ـر.ح سطحي فاطمئنت بداخلها و قد تأكدت شكوكها الآن فلابد وهناك أمراً يجمعهما معاً بالنهاية .

هتفت بهدوء :- مدام سندس أنا مقصدش أتدخل في خصوصياتك بس والله معجبنيش حالك دة أبداً، و دلوقتي إتأكدت إن أبيه عاصم ليه علاقة بالموضوع.

هزت رأسها بنفي قائلة بتـ.ـو.تر :- لا لا وأنا.... وأنا أعرفه منين يعني علشان يكون ليا علاقة بيه!

نظرت لها مطولاً قائلة :- طيب بصيلي في عنيا و قوليلي إنه ملهوش دعوة بأنه يخليكِ مش على بعضك كدة.

أردفت بهروب :- رحيق أنتِ مكبرة الموضوع ليه؟

أردفت بحزم :- لا الموضوع كبير أصلاً و أنا مش هقعد أتفرج عليكي كتير كدة، زي ما وقفتي جنبي أنا كمان هقف جنبك و مش هسيبك أبداً، قوليلي مالك مش إحنا أخوات؟

هزت رأسها بنعم قائلة بتأكيد :- طبعاً أخوات أنتِ عوض ربنا ليا اللي مهون عليا الأيام.

أردفت بتذمر :- طيب ممكن تقولي لأختك إيه اللي مزعلك كدة؟

مسحت عبراتها سريعاً قائلة بو.جـ.ـع :- اللي مزعلني مش هتقدري تداويه لأنه صعب.

أردفت بابتسامة بسيطة :- طيب جربي ولا أنتِ مش واثقة فيا؟ ثم ضيقت عينيها بحذر قائلة :- هو أنتِ بتحبيه؟

تجمعت العبرات سريعاً في مقلتيها قائلة :- ولو قلتلك اه دة مش هيغير حاجة، هو عنده حق يعمل كدة بس ميعرفش قد إيه بيقــ,تــلني بكلامه في كل مرة من غير ما يحس.

صمتت قليلاً لتنظر أمامها بشرود لتقص عليها ذلك الماضي المؤلم الذي تعرضت له، و بعد أن انتهت أردفت بو.جـ.ـع و توسل :- أنا بس عاوزاه يسيبني في حالي كفاية اللي أنا فيه.

تساقطت دmـ.ـو.عها بغزارة وهي تستمع لمعاناتها و جروحها العميقة التي لم تلتأم بعد، يا الله! كيف لها أن تتحمل ذلك وهي تضحك و تخفف من أعباء الآخرين.

احتضنتها دون تردد لتنفجر الأخرى في موجة بكاء مرير فلم يعد بمقدورها تحمل المزيد فقواها قد خارت، أخذت تهتف بضعف و تهذي بدون تعقل :- قولوله يسبني في حالي، كلامه بيوجـ.ـعني بيمـ.ـو.تني في كل مرة، إيه اللي رجعه تاني؟ أنا لازم أفض العقد مش هستحمل أشوفه تاني و يهيني في كل ما هيشوفني أيوة هو دة القرار المناسب..
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ربتت على ظهرها قائلة بحنو :- خلاص أهدي واللي يريحك أعمليه، بس أهدي و بطلي عـ.ـيا.ط علشان خاطري. ثم أردفت بمرح وإن كان به بعض الجد :- خلاص والله هعيط معاكي لو مبطلتيش.

ابتعدت عنها و أردفت بابتسامة باهتة :- لا وعلى إيه حكم أنا عارفاكي تحبي النكد زي عنيكي.

أردفت بابتسامة بسيطة :- طيب بطلي وأنا مش هقلبهالك نكد. بقلم زكية محمد

جففت دmـ.ـو.عها ليعم الصمت المكان للحظات حتى قطعته هي قائلة بحذر :- بس يا مدام سندس بصراحة يعني هو لازم يعرف، أنتِ بعدتي غـ.ـصـ.ـب عنك.

أردفت بحـ.ـز.ن :- مبقتش فارقة يا رحيق أنا بس عاوزة يبعد عن طريقي و يسبني في حالي .

أردفت بخبث :- يعني بطلتي تحبيه؟!

ابتسمت بمرار قائلة :- مش هكدب عليكِ يا رحيق، اه لسة بحبه، بس ساعات الصح بيجي في الوقت الغلط. آخر مرة مشيت فيها من عندكم كان نفسي أخـ.ـنـ.ـقه من غـ.ـيظي منه، أنا معنديش الشجاعة الكافية إني أواجهه.

مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- أومال عملالي مديرة و عمالة تشخطي و تنطري على الفاضي، يا خيبتك!

رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- دة أنا!

أردفت بابتسامة سمجة ما إن أدركت ما تفوهت به:- إيه دة مش تقولي إن أنتِ المديرة مخدتش بالي.

جزت على أسنانها بعنف قائلة بصرامة :- على مكتبك يلا.

ركضت من أمامها قائلة :- فُريرة . ثم غلقت الباب لتفتحه على حين غرة قائلة بجدية :- لو مكانك هاخد الملف و هروح الشركة ليه هو شخصياً يمضي عليه، و مش هسمحله أبداً يقلل مني أياً كانت الأسباب، بالعربي كدة هطلع عفاريتي عليه.

قالت ذلك ثم غلقت الباب و انصرفت، بينما أخذت تطالع أثرها قائلة بتفكير و تحد :- وليه لا!

______________________________________

ترقد طريحة الفراش وهي لم تفوق من الصدmة بعد، فالسكين أكثر حدة هذه المرة لتقطع قلبها إلى أشلاء، فما أو.جـ.ـع من الضـ.ـر.بة التي تأتيك ممن ظننته أنه مستحيل أن يفعلها!
كيف كانت تحكي لها أسرارها و أمنتها عليها و وثقت بها ثقة عمياء، لتأتي لها طعنة الغدر منها، ممن ظنتها أختاً لها، حمدت ربها أنها لم تكشف لها سر أحمد من قبل و سرها الذي أخفته عنهم، لكانت استخدmته لصالحها أشر استخدام، وهذا مالا لن ترضى به أن تلحق بالصغير الأذى.
تساقطت دmـ.ـو.عها قهراً على خيانتها لها، فهي لا تستحق هذا منها، كانت تقص عليها معاناتها وهي تستلذ بعـ.ـذ.ابها و قد نجحت في استخدام هذا في الإيقاع بها، فأسماء لم تكن أبداً المقصودة بل هي من كانت، يا للسخرية تلاعبوا بأخرى كي يحققوا مطامعهم! ولكن كان الله لهم بالمرصاد.

دلف الصغير بصحبة إسلام الذي يحمل الطعام بابتسامة جذابة و وضعه بجوارها ليهتف بحب :- صباح الفل على أحلى مريومة، يلا علشان تفطري، أنا و ابنك اتشقلبنا في المطبخ على ما حضرنا الفطار.

هزت رأسها قائلة بروح لا ترغب بالحياة:- مليش نفس.

زفر بضيق ثم جلس على الفراش و سحبها برفق لتنهض و تجلس نصف جلسة، فهتف بهدوء و روية :- ممكن أعرف آخرة دة إيه؟ أنتِ شايفة إنها تستحق تزعلي الزعل دة كله؟

أردفت بو.جـ.ـع شـ.ـديد :- أنا مش زعلانة عليها أنا زعلانة على نفسي اللي آمنت لواحدة زي دي، إسلام هو أنا وحشة علشان كل دة يحصلي؟

ضمها لصدره قائلاً بهدوء :- هششش بس متقوليش كدة، دة اختبـ.ـار من ربنا " إذا أحب الله عبداً ابتلاه" ولا أنتِ مش عاوزة ربنا يحبك!

أردفت بسرعة :- لا عاوزة.

أردف بحب :- يبقى توكلي أمورك لله و تصبري على ما ابتلاكي، و بعدين أنا اللي هقولك يا شيخة مريم مش المفروض إنك عارفة الكلام دة، دة أنا اللي أتعلم منك. بقلم زكية محمد

ثم نظر للصغير قائلاً :- شوف يا ميدو مامتك مش راضية تاكل، شوفلك صرفة يا عم.

حاوط الصغير وجهها بكفيه الدقيقين قائلاً بحـ.ـز.ن طفولي :- ماما كُلي علشان خاطري، أنتِ مش قولتي إن اللي مش بيفطر مش شاطر! و أهو أنتِ مش شاطرة وأنا كمان مش هاكل.

قبلته من وجنته بحنان قائلة :- لا يا روحي أنا هاكل علشان أنت تاكل، تعال يا قلبي.

وضعته على ساقيها و بدأت في إطعامه وسط تهليلات الصغير و ضحكه الذي كان بمثابة الشعاع الذي أنار ظلمة غرفة قلبها، بينما طالعها إسلام بغـ.ـيظ قائلاً بغيرة :- طيب و بالنسبة للأهطل اللي عمل الفطار ولا هو ابن البطة السودة!
1

نظرت له بدهشة قائلة :- إسلام دة ولد صغير هتعمل عقلك بعقله!

نهض من مكانه قائلاً بحنق :- لا لا سمح الله ، أنا سايبهالكم و ماشي.

أنهى كلمـ.ـا.ته ثم غادر الغرفة بضيق، وهو لا يصدق أنه يغير من طفل تعدى الأربع سنوات منذ مدة قصيرة.
زمت شفتيها بعبوس قائلة وهي تنظر للصغير :- إسلام زعل مننا يا ميدو، هو عنده حق أنا زودتها كتير، مش هفضل في مكاني كدة الحياة مبتقفش على حد و خصوصاً لو كان ميستهلش.

تابعت إطعام الصغير لتنتهي بعد مدة قليلة، ومن ثم نهضت لتبدل ملابسها و تنظر في المرآة فتتأمل وجهها الشاحب بحـ.ـز.ن، ومن ثم أخذت تضع بعض المساحيق الخفيفة لمداراة شحوبها حتى يعود وجهها لطبيعته كما السابق، و تركت الصغير يلعب بألعابه، لتخرج و تراه يجلس على الأريكة بالصالة يهز ساقيه بعصبية و ينظر أمامه بحنق وهو يتظاهر بأنه يشاهد التلفاز.

ابتسمت بخفوت و طالعته بحب فهو الوحيد الذي لم يتركها بمفردها في الآونة الأخيرة، لم يكل منها أو يتعب، بل ظل بجانبها يرطب جراحها إلى أن شُفيت، أنه محق لا بد ومن السير قدmاً فما مضى قد مضى.

وضعت الطعام أمامه وجلست بجواره قائلة بشجاعة وهي تقترب منه بشـ.ـدة لطالما تذوب في كل مرة خجلاً ما إن أقترب منها :- إسلام أنا... أنا عاوزة أفطر معاك.

نظر لها بدهشة وكأنها تبدلت ليست تلك التي نالت الحياة منها، و رفع حاجبه لجرأتها الواهية فهي ترتعش حرفياً فابتسم بخبث عليها، و سرعان ما نظر أمامه قائلاً بعبوس مصطنع :- لا مش عاوز أفطر روحي أفطري مع ابنك.

ضحكت بنعومة أذابت جدران قلبه الصلبة، إلا أنه تظاهر بالثبات وظل على موقفه، فزفرت هي بحنق قائلة :- عاوزني أعملك إيه دلوقتي يعني، أنا ما فطرتش مع ميدو علشان خاطرك.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ميدو! إلا عمرك ما عملتيها و قولتيلي كلمة عدلة يا مؤمنة.

قطبت جبينها بتعجب من حالته قائلة بروية :- اممم طيب أقولك إيه؟ سلومة...ولا سلامونتي ولا صاصا..

أردف بحنق :- صاصا! روحي يا مريم قفلتيني.

جعدت أنفها بضيق قائلة :- هوف يعني دة مش عاجبك ودة مش عاجبك أومال أعملك إيه؟

حاوط خصرها قائلاً بخبث :- ولا حاجة متتعبيش نفسك أنا اللي هعمل.
3

شهقت بخجل قائلة بتوبيخ :- إسلام الولد قاعد عيب على فكرة. بقلم زكية محمد

أردف بغـ.ـيظ :- بقولك إيه الواد دة تشيليه من دmاغك خالص، ومن هنا ورايح في إسلام وبس، و بعدين أنتِ اللي معطلاني افضلي أرغي لحد ما يزهق من اللعب و يطلع، ركزي معايا أنا الله يخليكِ.

لم يعطيها الفرصة للاعتراض و أخرسها بطريقته الخاصة.
2

_____________________________________

ليلاً تجلس على الأريكة بغرفتهم بعد أن انسحبت من بينهم فهي تشعر بالإختناق منذ أن أخبرتها سندس بحقيقة الأمر، وكم تتألم لأجلها فآخر شيئاً تتوقعه أنها تخفي كل هذا بأعماقها، لطالما تظاهرت بالمبالاة و الضحك و التخفيف عن الآخرين، ليكون هذا قناعاً تخفي خلفه جروحها و أوجاعها.

بدأت شهقاتها تعلو في المكان و أزداد نحيبها حيث لم تستطع أن تسيطر على نفسها.
في نفس الوقت دلف مراد بعد عناء يوم حافل بالعمل، لتلجمه الصدmة وهو يراها بتلك الحالة، فوالدها بخير وفي أحسن حال عن ذي قبل، إذًا ما الأمر؟!

ألقى بمتعلقاته و توجه ناحيتها ليمسكها من كتفيها قائلاً بقلق :- في إيه؟ بتعيطي ليه؟

ألقت بنفسها سريعاً ترمي برأسها على صدره العريض قائلة ببكاء :- أخوك حمار و حـ.ـيو.ان!...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
توقف جـ.ـا.مداً للحظات وهو يحلل كلمـ.ـا.تها التي تفوهت بها منذ قليل، و التي فهمها من خلال حديثها بشكل خاطئ ليهزها ببعض القوة قائلاً بحدة :- ماله أخويا عمل إيه؟ انطقي.

هتفت بخفوت أصابه بالذهول واشعل نيران الغضب بقفصه الصدري:- أخوك الحمار بيضايق سندس وهو مش فاهم حاجة.

ضم قبضته بقوة وهو على وشك أن يلكمها بغـ.ـيظ، فهو يعلم بقصتهما من قبل، و لكن طريقة حديثها هذه زرعت الشك بداخله تجاه أخيه في أن يكون قد مسها بأذى بأي شكل من الأشكال.

أردف بغضب مكتوم وهو على وشك الجنون منها :- بغض  النظر عن إنك غلطتي في الأكبر منك، عمل إيه عاصم مخلي الأستاذة منهارة بالشكل دة.

ابتعدت عنه و طالعته بغـ.ـيظ لتدفعه بصدره ببعض القوة قائلة بحنق وهي لا تعي ما تتفوه به :- يا برودك يا أخي! و كمان مش عارف عمل إيه، أما أنكم جوز فريزرات بصحيح.

رفع حاجبه بوعيد قائلاً بغضب مكبوت :- ها وايه تاني؟ دة الفريزر زاد واحد أهو..

اتسعت عيناها بشـ.ـدة و وضعت يدها على ثغرها، وهي تستوعب بعقلها الغـ.ـبـ.ـي كالعادة ما قالته، لتنهض بحذر قائلة بتلعثم :- أاااا.....مش أنت...مش أنت..دة عاصم بس و شادي..

وحينما رأت نظراته المصوبة نحوها والتي لا تنذر بالخير، ازدردت ريقها بصعوبة، وما إن رأته مقدmاً عليها صرخت بهلع و ركضت للخارج بسرعة البرق، وهو يلحق بها وقد تخلى عن كل ذرة تعقل لديه، فقد طاف الكيل منها ومن أفعالها.

أخذت تهتف بخـ.ـو.ف :- يا لهوي هيمـ.ـو.تني دة قلب على هولاكو، يا لهوي يا لهوي....

ركضت كالبلهاء وهي لا تعلم أين تذهب و تختفي منه وهي تشعر بخطواته خلفها، أسرعت من وتيرة ركضها لتنزل من على الدرج ثم تركض في ممر طويل، لتفتح بعدها غرفة نوم عمها دون أن تقصد لتجد لميس بمفردها التي ما إن رأتها هتفت بقلق :- في إيه يا رحيق؟

توجهت نحوها كالقذيفة و اختبأت خلفها قائلة بدقات قلب مسموعة للعيان :- إلحقيني يا مرات عمي ابنك هياكلني!

قطبت جبينها بدهشة قائلة :- ابني هياكلك! إزاي دة؟

صرخت فجأة ما إن رأته يدلف الغرفة لتلتصق بها أكثر قائلة بصراخ :- أهو أهو إلحقيني منه...

نظرت له قائلة بعدm فهم :- مراد فيه إيه؟

تقدm نحوهن وحاول الوصول لها إلا أنها كانت تراوغ و تتثبث بجسد لميس حيث كانت تحركها يميناً و يساراً في حركة منها للاختباء منه، فهتف هو بغضب :- اطلعي من عندك أحسنلك..

هزت رأسها بنفي قائلة بخـ.ـو.ف :- لا لا أنت هتضـ.ـر.بني.

جز على أسنانه بغـ.ـيظ قائلاً بتهديد :- بقولك تعالي هنا وبلاش لعب العيال دة.

أتى شادي و عاصم على الصوت وما إن رأى مراد أخيه نزع الجاكيت خاصته واقترب منها و قام بوضعه على رأسه و أحكم غلقه بحيث لا يظهر منها شيئاً، وعلى الرغم من أنه يعلم شقيقه جيداً إلا أن فكرة أن يراها أحد هكذا ولو بمحض الصدفة يضرم النيران بداخله فتقضي على الأخضر و اليابس.
هتف شادي بقلق :- في إيه يا رحيق بتصرخي ليه؟

عضت على شفتيها بحرج شـ.ـديد فبغبائها تسببت في حدوث جلبة بالقصر أثارت قلقهم، فتدخل هو ليهتف بحنق شـ.ـديد :- متقلقش يا شادي أختك العيلة و عمايلها الهبلة أنت هتوه عنها..

ضحك بمرح قائلاً :- عملتي إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.نة، يا قادرة قدرتي تعملي اللي فشل فيه غيرك كتير، عملتيها إزاي دي؟!

نظرت له بعيونها التي تظهر فقط من فتحة الجاكيت وهي تود لو تنقض عليه بأسنانها لتمحي بسمته الحمقاء هذه، بينما هتف عاصم بهدوء قبل أن ينصرف :- طيب خلاص يا جماعة حصل خير..

بعد أن انصرف عاصم، جذبها مراد من ذراعها قائلاً بحدة:- قدامي ..

إلا أنها تململت منه و دفعت ذراعه بعيداً عنها لتقول بحنق :- لا مش جاية معاك في حتة بعد ما تعتزر الأول.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً بصرامة :- اسمعي الكلام وبطلي عند.

هزت رأسها بإصرار قائلة :- لا أعتذر الأول أنت غلطت فيا وقلت عليا هبلة وأنا مش هبلة، أنت فاهم؟

كان شادي و زوجة عمه يتابعان المشهد بابتسامة خبيثة لما يحدث، وكيف نجحت تلك البلهاء في أن تثير حنقه الذي لم يجرؤ أحد أن يحرك عضله بوجهه لا بضحك ولا بحـ.ـز.ن، لتأتي هي لتضعه على شفا جرف من الجنون.

نظر لها مطولاً فهي تستغل وجود أمه و شقيقها، لذا ترتدي ثوب الشجاعة و تهذي بهذه الكلمـ.ـا.ت.
وضع يديه في جيوبه قائلاً بجمود :- براحتك، تصبحي على خير.

قال ذلك ثم انصرف ببرود كعاصفة ثلجية، بينما طالعت أثره بصدmة و قامت بالقاء الجاكت أرضاً بغـ.ـيظ قائلة بتذمر :- شايفين! شايفين!

اقتربت منها لميس و احتضنتها بحب قائلة بابتسامة محببة :- معلش يا حبيبتي أنتِ عارفة طبعه و بصراحة أنتِ زودتيها شوية.

أردفت بحنق :- يرضيكِ يقول عليا هبلة، يرضيكِ؟

كبحت ابتسامتها قائلة بروية :- لا ميرضنيش يا حبيبتي طبعاً، متقلقيش هشـ.ـدلك عليه..

ضيقت عينيها قائلة بإصرار :- و يعتذر؟

هزت رأسها باستسلام قائلة :- اه إن شاء الله نبقى نشوف الموضوع دة، يلا يا حبيبتي إلحقي جوزك.

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مش رايحة ورا حد أنا، لما يصالحني الأول.

تدخل شادي قائلاً بضحك :- أختي حبيبتي اللي مشرفاني، إيه دة بس يا وحش ! لا أنا هحجز عندك بقى و أخد دروس.

أردفت لميس بضيق وهي تنهره :- ولد! دة بدل ما تعقلها!

أردف بضحك :- أصل بصراحة يا مرات عمي أنا شمتان في ابنك جداً، خليها تطلع القديم والجديد عليه، دة ذنبي أنا و بتخلصهولي أختي.

هزت رأسها بتعب قائلة :- لا دة أنتوا مجانين خالص، استهدي بالله يا حبيبتي و متخليش شادي كلامه يأثر عليكِ.. بقلم زكية محمد

أردفت بخـ.ـو.ف :- لا طبعاً هو أنا مـ.ـجـ.ـنو.نة اروح عرين الأسد برجليا! دة مستحلفلي، معلش يا مرات عمي على الدوشة دي، تصبحي على خير بس يا ريت تديني حجاب علشان ما أخدتش بالي وأنا وبجري لأحسن يكون عاصم برة.

أومأت لها بموافقة و أحضرت لها حجاب و التقطت سترة مراد و اعطتهم لها، وضعت الوشاح على رأسها و أخذت منها السترة و انصرفا معاً .

بعد وقت توقفت أمام الغرفة وهي تفرك يديها بتـ.ـو.تر، تخشى أن تدلف فهي تهابه على ما فعلت منذ قليل، و لوهلة فكرت في الذهاب لإحدى الغرف الفارغة و البقاء فيها حتى الصباح.

هتفت بخفوت و توبيخ :- ما هو مكانش لازم أقوله كدة، يا لهوتي دة غير الفريزر اللي قولتها.
2

سحبت نفساً عميقاً قائلة بتشجيع لنفسها :- يلا أدخلي و زي ما تيجي تيجي، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله.
1

فتحت الباب فتحة صغيرة لتطل برأسها و عيناها تجوب بالغرفة، فتنهدت براحة قائلة :- الحمد لله مش هنا.

دلفت للداخل ونزعت عنها الحجاب، و ابدلت ملابسها ثم جلست على الفراش تحدث سندس لمعرفة آخر التطورات، و ما إن ردت عليها هتفت بابتسامة :- عاملة إيه دلوقتي؟ ها روحتي؟ احكيلي عملتي إيه؟ وهو كان رد فعله إيه؟

تأففت بضجر قائلة :- براحة يا ماما حاضر والله هرد بس مش كدة واحدة واحدة. أولاً يا ستي الحمد لله، ثانياً اه روحت.. صمتت قليلاً لتردف بغـ.ـيظ :- يا ريتني ما سمعت كلامك.

أردفت بانتباه :- ليه حصل إيه؟

تنهدت بعمق لتعود بذاكرتها للخلف تحديداً منذ أن دلفت للشركة الخاصة بهم، و صعدت المصعد لتتوجه بعدها لمكتبه بعد أن سألت عن مكانه، وما إن وصلت و مررت اسمها للسكرتيرة الخاصة به، خرجت لتخبرها بأن تنتظر بعض الوقت، فأومأت لها بتفهم وجلست على الأريكة المريحة تنتظره.

مر الوقت لتأفف بضجر وهي تنظر في ساعتها، فطلبت من السكرتيرة أن تعجله لأنها ليس لديها وقت فلديها أعمال مثله.
دلفت أخيراً بعد أن أمر الأخيرة بأن تجعلها تدخل، سحبت نفساً عميقاً في محاولة منها على الحفاظ على ثباتها الإنفعالي أمامه.

جلست على المقعد قبالته بعد أن ردت عليه التحية باقتضاب، ثم مدت له الملف الخاص بالعمل ليقرأه و يوقعه.
تناوله منها و وضعه إلى جواره وأكمل العمل الذي بيده حيث كان يراجع إحدى الملفات المهمة بصفقة تخصهم ولم يعيرها أي انتباه قاصداً إياه بخبث كي يثير حنقها.

أخذت تهز قدmيها بعصبية مكبوتة، وهي تراه يضع الملف بجانبه ولم يشرع النظر فيه، رفعت بصرها نحوه قائلة من بين أسنانها :- ممكن تمضي على الملف ورايا شغل ومش فاضية، وأنت عطلتني كتير النهاردة.

قطب جبينه بدهشة مصطنعة قائلاً :- بس أنا مقصدش إني أعطلك، زي ما أنتِ شايفة ...
ثم تابع بسخرية :- ولا أنتِ فاكراني زيك بروح أهش الدبان هناك.

اصطكت أسنانها بعنف منه، فهو يخرج أسوأ ما فيها بكلامه هذا، إذ ضـ.ـر.بت على المكتب بيدها قائلة بصرامة :- والله أظن دي حاجة متخصكش، امضي على الزفت خليني أمشي.

جز على أسنانه بغـ.ـيظ قائلاً :- أنتِ إزاي تجرأي ترفعي صوتك عليا؟

جعدت أنفها بحنق قائلة بتهكم :- ليه كنت مين إن شاء الله! ابن بـ.ـارم ديله!

نهض من مكانه و توجه ناحيتها بخطا دبت الرعـ.ـب بداخلها، و أخذت تلعن رحيق قائلة بنـ.ـد.م خافت :- الله يخربيتك يا رحيق، يا ريتني ما سمعت كلامك.

وقف قبالتها ليميل قليلاً ليكون في مواجهتها و وضع كلتا يديه على الكرسي يمنعها من الهرب، بينما انكمشت هي بمحلها تنتظر القادm منه.

أردف بفحيح ساخر :- إيه الشجاعة دي بس! بتردي عليا كمان.

أردفت بصوت متـ.ـو.تر وهي تتحاشى النظر لعينيه :- أنا... أنت اللي بتقول كلام ميعجبش.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- لا والله! أومال عاوزاني أعمل إيه مثلاً أتغزل فيكِ!

حدجته بغضب قائلة :- أنت قليل الأدب، و أوعى كدة.

لم يستجيب لطلبها بل ازداد دنواً منها قائلاً بسخرية :- إيه مستغربة الكلام دة ليه، مش كنتي شبعانة منه زمان!

أردفت بتماسك :- من فضلك أمضي على الملف عاوزة أمشي، أنت مبتفهمش!

صرخ بوجهها بحدة قائلاً :- أخرسي خالص، أنا على أخرى منك، متختبريش صبري .

ربعت يديها قائلة ببرود :- اللهم طولك يا روح، ماشي اتفضل سيادتك شوف شغلك خليني أخلص.

ضـ.ـر.ب المقعد بعنف بجوارها كي يفرغ بعضاً من النيران التي أشعلتها بداخله بسبب برودها، فصرخت هي بخـ.ـو.ف ظناً منها أنه سيضـ.ـر.بها.
ابتعد عنها وهو يضم قبضته بقوة كي لا يفتك بها، فكيف تقف هكذا جـ.ـا.مدة وهو يحترق! أين تلك الوعود المزيفة التي وعدته إياها! ابتسم بسخرية لطالما أنها مزيفة فما النفع منها الآن.

عاد أدراجه وجلس بجمود هو الآخر و مسك الملف الخاص بها ليراجعه بدقة و سرعة ومن ثم خط باسمه و قام بالقائه نحوها، مما زاد من حنقها ولكنها ابتسمت بمكر فها قد أتت خطة رحيق بثمارها و ثأرت لنفسها منه.
نهضت و مسكت الملف و غادرت المكتب، ليرتعش بدنها عنـ.ـد.ما سمعت صوت تهشيم بالداخل، لتسرع من خطواتها للخارج تهرب من عرينه وهي لا تصدق أنها نجت من تحت يديه.

بالداخل كان الوضع مزري إذ قام برمي كل ما على المكتب أرضاً فور خروجها، ثم أطلق زئيراً غاضباً و ضـ.ـر.ب بيده على سطح المكتب قائلاً بوعيد :- ماشي يا سندس وحياة الو.جـ.ـع اللي و.جـ.ـعتهولي لأدوقهولك أضعاف.

أما هي بالأسفل صعدت لسيارتها و قادتها بسرعة كمن تلاحقها الأشباح.
انتهت من قص ما حدث لتتعالى ضحكات الأخرى قائلة بانتصار :- جدعة تربيتي! يا بـ.ـنتي دول مينفعش معاهم غير كدة أسأليني أنا...

ضحكت الأخرى بصخب قائلة :- اه منك يا مـ.ـجـ.ـنو.نة دة أنا لو قعدت لحظة كمان كان مـ.ـو.تني، الحمد لله أنا عايشة و مومتش على أيده.

أردفت بضحك :- بس بزمتك مش مبسوطة من جواكِ؟ أنا بحب أوي أستفز مراد و أشوف عصبيته، دة أنا لسة حالاً عاملة مشكلة..

هزت رأسها بيأس منها قائلة :- اه منك أنتِ!
ثم سمعت طرقات الباب لتهتف بهدوء :- طيب ثواني خليكِ معايا هشوف مين...

توجهت نحو الباب لتفتحه، وما إن رأت الماثل أمامها أصابها دوار شـ.ـديد و تراخت أعصابها، بينما زجها ببعض القوة و دلف للداخل قائلاً بسخرية :- إزيك يا سندس، عاملة إيه يا بـ.ـنت أمي و أبويا؟

وقفت كالصنم للحظات لتستوعب أنه ماثل أمامها لتهتف بضياع :- أنت إيه اللي جابك هنا؟

هز رأسه بضيق قائلاً بعتاب مصطنع :- تؤ تؤ أخص عليكِ يا سندس بقى دي ضيافتك لأخوكي..

أشارت للباب قائلة ببعض الحدة :- أمشي أطلع برة.

عض على شفته بغـ.ـيظ قائلاً :- ولا وطلعلك لسان و بقيتي ت عـ.ـر.في تتكلمي.

صرخت بانهيار قائلة :- أمشي أطلع برة، عاوز مني إيه تاني حـ.ـر.ام عليك يا أخي سيبني في حالي بقى، ظهرت تاني ليه؟

ضحك بسخرية قائلاً :- المصلحة تحكم يا أختي.

نظرت له بصدmة قائلة بتلعثم :- مممصلحة! مصلحة إيه؟ أوعى يكون اللي بالي.

أومأ بتأكيد قائلاً :- أيوة أحبك وأنتِ زكية كدة .

هزت رأسها بعنف قائلة بحدة و انهيار :- لا ...لا ..مش هسمحلك تعمل اللي عملته فيا زمان تاني لا..المـ.ـو.ت عندي أرحم.. أمشي... أمشي..
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
صفعها بقوة قائلاً بصرامة :- ما تتهدي كدة سرعتيني، أنتِ هتعملي اللي هقوله وبس أنا أخوكِ الكبير

أردفت بضعف :- لا لا لو هتمـ.ـو.تني مش هعمل اللي في دmاغك أنا مش آلة تحركها زي ما أنت عاوز، ولا أداة تحقق بيها مطامعك، أنت فاهم؟

نظر لها بشر قائلاً :- هنشوف و دلوقتي لازم تتربي على طولة لسانك دي..

في نفس الوقت ركضت للأسفل بعد أن ارتدت الإسدال الخاص بالصلاة، و دmـ.ـو.عها تجري على وجنتيها خـ.ـو.فاً عليها، فهي منذ أن سمعت صراخها وقع قلبها بين قدmيها و استنجت من الحديث أنه شقيقها ذلك الحقير الذي لا يهمه شيء سوى مصلحته. بقلم زكية محمد

يجلس برفقة أخيه يتحدثان بشأنها، ليقف هو والقلق يعصف به ما إن رآها تركض ناحيته بتلك الهيئة، ولكنه تحلى بالثبات فويل لها إن كان هذا خدعة من قبلها سيقــ,تــلها في الحال .

وقفت قبالته ثم مسكت يديه قائلة بتوسل :- مراد تعال معايا أرجوك لازم نلحقها....يلا أرجوك.

مسكها من كتفيها قائلاً بخـ.ـو.ف :- أهدي.. أهدي..و كلميني براحة نلحق مين وفيه إيه؟

أردفت ببكاء :- أخوها جه و كان بيضـ.ـر.بها وهي بتصرخ يلا نلحقها بالله عليك.

تدخل عاصم ليهتف بقلق :- أنتِ تقصدي سندس؟

هزت رأسها بنعم، ليركض للخارج بسرعة الريح بينما ركض مراد خلفه قائلاً :- استنى يا عاصم أنا جاي معاك.

ركضت هي معه بدورها فأردف بحنق :- خليكِ هنا وأنا هطمنك عليها.

هزت رأسها بنفي قائلة بتوسل :-لا لا خدني معاك الله يخليك، أنا عاوزة أطمن عليها...

وأمام عينيها استسلم لطلبها و غادرا معاً يلحقوا بعاصم.
تجلس إلا جوار الأريكة أرضاً، تضم ساقيها بضعف بعد أن برحها ضـ.ـر.باً عنيفاً منذ لحظات، وجلس هو بعنجهية يطالعها بسخرية قائلاً :- علشان بس ت عـ.ـر.في أنا أقدر أعمل إيه كويس.

بكت بضعف فهي ليس أمامها سواه، فليس لديها أحد لتحتمي به، فهو شقيقها الذي من المفترض أن يشكل درعاً حامياً لها، لكنه ماذا فعل ؟ يستغلها من أجل المال!

سمع طرقات الباب العنيفة و صوت الجرس ليهتف بحذر :- أنتِ مستنية حد؟

هزت رأسها بنفي، بينما أردف هو بتهديد :- أنا هطلع أشوف مين، بس لو شيطانك وزك و سمعت ليكِ نفس هقطعهولك.

توجه ناحية الباب ليفتحه، ليفاجئ بلكمة عنيفة أطاحته أرضاً، وما إن رفع بصره نحوه اتسعت عيناه بذهول قائلاً :- عاصم!

لكمه مجدداً و يقول بغضب :- أيوة عاصم، فين سندس؟

قال ذلك ثم ولج للداخل لتصيبه حالة من الذهول وهو يراها متكورة كالجنين و أثار الضـ.ـر.ب عليها، لتفور الدmاء و تتصاعد بأوردته لينقض بعدها عليه وهو يسبه بأفظع السُباب، بينما كانت تنتفض بخـ.ـو.ف وهي تشاهده ينقض عليه بهذه الطريقة.
في نفس الوقت ولج مراد و رحيق بعد أن وجدوا الباب مفتوح على مصراعيه.
توجه مراد نحو أخيه يحاول أن يوقفه عما يفعل، بينما أسرعت رحيق نحو سندس وساعدتها على النهوض و دلفت بها للداخل كي لا ترى أكثر من ذلك.

ركله في بطنه بعنف قائلاً :- يا حـ.ـيو.ان بتضـ.ـر.بها ليه ها، ليه؟

نظر له قائلاً بتهكم :- أوو الفارس الشجاع!

ركله مجدداً بعنف قائلاً :- يا كـ.ـلـ.ـب ..يا كـ.ـلـ.ـب يا نجس..

مسكه مراد قائلاً بروية :- أهدى يا عاصم مش كدة، أعقل.

لم يسمع له وجذبه من تلابيب ملابسه قائلاً بعنف :- عملت كدة ليه؟

أردف بضعف من كثرة الضـ.ـر.ب الذي تلقاه :- إيه دة هي مقالتلكش! أومال عرفت إزاي؟

أردف بغضب :- متردش سؤال بسؤال، و رد عليا.

قاطعهم صوت صراخ رحيق التي صرخت بلوعة وهي ترى تراخي جسد سندس و توقفها عن الحركة.

دلف للداخل بسرعة و تبعه مراد اللذان توقفا عند الباب فقال عاصم بخـ.ـو.ف :- رحيق في إيه؟

أردفت ببكاء :- سندس مش بترد عليا ...

أردف بقلق :- طيب لبسيها على ما أجيب دكتور.

قال ذلك ثم خرج للصالة ليجد ذلك الجبان يحاول الفرار، إلا أن لكمة عاصم منعته حيث كانت القاضية فأفقدته وعيه في الحال ثم هتف بازدراء :- اطمن عليها الأول وبعدين أفضالك.

بعد وقت أتى الطبيب وفحصها وخرج و معالم الضيق على وجهه وهتف بعملية :- مين اللي عمل فيها كدة؟

هتف عاصم بغـ.ـيظ :- دة واحد تور و حمار بس متقلقش إحنا هنتصرف معاه، دلوقتي طمنا عليها.

مط شفتيه بأسف قائلاً :- هي اتعرضت للضـ.ـر.ب العنيف و دة سببلها بعض الكدmـ.ـا.ت و الجروح، كتبتلها شوية مسكنات و مراهم تنتنظم عليها وإن شاء الله هتبقى كويسة.

هز رأسه بأسى قائلاً :- ماشي يا دكتور شكراً لتعبك، مراد خد جيب الدوا دة ووصل الدكتور في طريقك.

أومأ له بموافقة، بينما طالعها هو بحـ.ـز.ن شـ.ـديد، فقد ظن أنه نساها منذ أن تخلت عنه ولكنه وجد نفسه أسيراً لها، فبعد أن تزوج زواجاً تقليدياً و اجنب ابـ.ـنته ورحلت زوجته لازال يحبها ولا زالت تتحكم فيه.
نظر لرحيق قائلاً بهدوء :- رحيق تعالي برة عاوز أتكلم معاكي شوية.

أومأت له بهدوء وهي تلقي بنظرة أخيرة على تلك الغافية ولا تشعر بشيء حولها.
جلست قبالته فهتف بهدوء :- أنتِ عارفة سبب اللي حصل دة ؟

هزت رأسها بموافقة قائلة بغـ.ـيظ :- أيوة عارفة زي ما أعرف حجات كتير، حـ.ـر.ام المسكينة اللي جوة دي متستاهلش أبداً تعملوا فيها كدة، أخوها يلطش يمين وأنت تلطش شمال!

ضيق عينيه قائلاً بعدm فهم :- إزاي مش فاهم أنا.

مطت شفتيها بسخرية، ثم راحت تقص له كل ما أخبرتها به لتوضح له سوء اللبس الذي حدث منذ سنوات، لتنتهي و تنظر له بتشفي وهي ترى الصدmة تزين وجهه.

أردفت بتهكم :- علشان بس تعرف إنك ما تفرقش حاجة عنه ! بقلم زكية محمد

أردف بذهول :- وازاي سكتت و مقالتش، إزاي؟

مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- علشان كانت خايفة على جنابك بس البعيد ما بيحسش!

رفع حاجبه باستنكار لتردف هي بسرعة :- قصدي يعني أنت كنت متسرع و مدتلهاش فرصة.

أشار لذاته بسخرية قائلاً :- دة أنا! أنا كنت هبوس أيدها علشان تفضل معايا و متتخلاش عني بس هي سابتني و و.جـ.ـعتني بكلامها يومها، أنتِ مش فاهمة حاجة.

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا فاهمة كل حاجة، هي حبتك بجنون وخافتت من تهديد أخوها و طليقها الله يجحمه خافت يؤذوك زي ما قالولها، وهي أهون عليها أنها تعيش مع حد غيرك على أنها تتحرم منك تماماً.

ضغط على فكه بعنف قائلاً بغضب وهو يسب الذي يقبع بالداخل :- يا ابن ال..... وجاي ليه دلوقتي؟ أكيد عاوز يساومها دة أنا هقــ,تــله النهاردة..

قال ذلك ثم نهض متوجهاً نحو الغرفة التي حبسه بداخلها، لتقف هي على آخر لحظة قائلة بتروي:- عاصم أهدى دة مش حل على فكرة، بلاش تودي نفسك في داهية علشان واحد زي دة .

مسح على وجهه بضيق قائلاً :- أبعدي من وشي يا رحيق أنا عفاريت الدنيا بتتنطط حواليا.

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا حـ.ـر.ام عليك طيب فكر فيها هي و في بـ.ـنتك لو اتهورت واتحبست هيعملوا إيه من غيرك.

و كأن كلمـ.ـا.تها كانت بمثابة الماء التي رُشت على حريق فأخمدته، فتراجع مستغفراً ربه فهي محقة ماذا إن تهور و حدث شيء وتم زجه للسـ.ـجـ.ـن ماذا ستفعل ابـ.ـنته بدونه و ماذا ستفعل هي؟

دلف مراد وهو يحمل الدواء قائلاً بتعجب من وقفتهما :- الدوا أهو، إيه اللي موقفكم هنا؟

أردف و رحيق براحة :- مراد تعال شوف أخوك عاوز يرتكب جناية في البيه اللي متلقح جوة دة، شوفلك صرفة معاه وأنا هروح أشوف سندس....

______________________________________

بعد مرور أسبوع في إحدى النوادي الراقية جلست هي بتـ.ـو.تر وهي ترتدي نظارة سوداء تخفي ملامحها، تلتفت يميناً و يساراً بقلق تنتظر قدومه بسرعة لتنهي الأمر.
تنهدت براحة عنـ.ـد.ما رأته مقدm نحوها، و خلع نظارته الشمسية وجلس قبالتها وهتف بصوت ساخر :-يا أهلاً بمدام المرشـ.ـدي، يا ترى طلبتي تقابليني ليه؟

نظرت نحوها وكأنها ارتكبت جريمة من جلوسها معه لتهتف بضجر :- أنا طلبتك بس علشان المصلحة العامة أنت هتستفيد وأنا كمان هستفيد.

ضيق عينيه بمكر قائلاً :- أحب أسمع الأول علشان أعرف هستفاد إزاي...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
نظرت له مطولاً، ثم زفرت بضيق قائلة بتكبر :- أنا عارفة إنكم على خصام و مفيش وفاق بينك ولا بين مراد.
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- إيه هتصالحينا على بعض! اطمني استحالة نكون أنا وهو في طريق واحد.

زفرت بملل قائلة :- يا ريت تسمع للآخر، أنا مجبتكش هنا علشان تتصالحوا أنا جبتك هنا علشان نتفق اتفاق كدة و صدقني أنت هتكون محتاجه أكتر مني.

ضيق عينيه بحذر وانتباه قائلاً :- اتكلمي أنا سامعك.

أردفت بشر :- أنا عاوزاك تخـ.ـطـ.ـف مـ.ـر.اته، تقــ,تــلها تخليها مش مهم الأهم إنها مترجعش القصر دة تاني أبداً.

رفع حاجبه بدهشة قائلاً :- مـ.ـر.اته! عاوزاني أخـ.ـطـ.ـف مـ.ـر.اته اللي هي بـ.ـنت جوزك! امممم دلوقتي فهمت سبب كرهك ليها.

أردفت بحنق :- أظن دي حاجة متخصكش، أنت ليك اللي يخصك بس.

مط شفتيه بتهكم قائلاً :- بس أنا لسة ما أعرفش وجه الإستفادة ليا.

أردفت بمكر :- هسلمك ملف لأي صفقة خاصة بيهم.

زم شفتيه بتفكير قائلاً بخبث :- ماشي اتفقنا، أضمن ملف الصفقة الجديدة في أيدي و بعدين أعملك اللي أنتِ عاوزاه.

أومأت بفرحة داخلية قائلة :- أوك ديل يا بشمهندس عز.

ابتسم بتكلف قائلاً :- ديل يا ناريمان هانم.

نهضت من مكانها قائلة بسرعة :- طيب أنا همشي بقى لأحسن حد يشوفنا مع بعض.

غادرت بسرعة، بينما أخذ يطرق بأصابعه على الطاولة بابتسامة خبيثة قائلاً بخفوت :- و رقبتك بقت تحت أيدي من غير أي مجهود، خلينا نتسلى شوية.

______________________________________

بعد أن انتهت من أعمال المنزل جلست على الأريكة لتستريح قليلاً تشاهد التلفاز، ولكن قاطع هدوئها ذاك صوت جرس الباب، فنهضت وتوجهت لترى من بالباب.
فتحته لتشهق بصدmة حينما وجدت أسماء قبالتها تقف و الدmـ.ـو.ع متحجرة في عينيها و تنظر لها بنـ.ـد.م.

ربعت مريم يديها بضيق و أشاحت بوجهها للجانب الآخر قائلة بجمود :- أفنـ.ـد.م؟

زمت شفتيها بأسى فيبدو ما أتت لأجله صعب المنال، ولكن لا بأس من المحاولة.
هتفت بنبرة متلعثمة :- ااا...مش هتدخليني طيب!

نظرت لها بسخرية قائلة :- بطلنا، مريم الهبلة اللي جاية تضحكي عليها بكلمتين مـ.ـا.تت، أنا خلاص لا عاوزة أعرفك ولا أعرف غيرك.

سقطت دmـ.ـو.عها بحـ.ـز.ن قائلة :- طيب اسمعيني الأول...

قاطعتها قائلة بصرامة و برود :- مش عاوزة اسمعك ولا اسمع غيرك، و يلا من غير مطرود.

نكست رأسها بأسى، ومن ثم عادت أدراجها وهي تجر أذيال الخيبة معها، فهي منذ أن علمت حقيقة الأمر وهي تعض أناملها بنـ.ـد.م على ما أقترفت، نعم كانت جزء من مخططهم و لعبوا بها هي الأخرى ولكن ما فعلته معها ليس بقليل أيضاً، يا لها من خسارة فادحة لها! فقد خسرتها بغبائها و عليها تقبل النتائج .
أما مريم جلست بإهمال على المقعد وقد ازدادت وتيرة أنفاسها بتـ.ـو.تر، لم أتت مجدداً؟ أأتت لتضحك عليها مرة أخرى و تخبرها بكلمـ.ـا.ت معسول وهي تصدقها ثم لتأتي و تطعنها في أي وقت!
لا لن تسمح لها أبداً، لقد تعلمت الدرس ولن تكرر الخطأ ثانية. بقلم زكية محمد

سمعت صوت الباب يُفتح فعلمت أنه أتى، وكم هي ممتنة لذلك إذ ما إن وجدته مقدmاً نحوها بابتسامة دافئة، انطلقت نحوه كالقذيفة و سكنت بأحضانه حتى كادت أن تخترق ضلوعه.
طوق خصرها بذراعيه يبادلها العناق بحب جارف، و عنـ.ـد.ما رآها صامتة للحظات هتف بمرح :- إيه يا مريومة، نمتي عندك ولا إيه؟!

تململت في صدره وهي تشم ملابسه بتلذذ بشكل أثار دهشته إذ أردف بتعجب :- مريم! أنتِ بتعملي إيه؟!

هتفت بحب وهي مازالت على نفس الوضعية :- ريحتك حلوة أوي.

رفع حاجبه بذهول قائلاً :-. ريحتي حلوة أوي! ربنا يجبر بخاطرك، بس مش غريبة!

ابتعدت عنه وهي تمسح طرف أنفها كما يفعل المدmن بعد أن يتناول جرعة المـ.ـخـ.ـد.رات، فأردف بصدmة :- هو أنتِ ليه محسساني إني سجارة بانجو! لا أنا بدأت أقلق منك أنتِ بتتعاطي إيه من ورايا.

نظرت له بضيق قائلة :- إيه اللي بتقوله دة؟ أوعى كدة.

قالت ذلك ثم تخطته و جلست على الأريكة بتذمر، فما كان منه سوى أن يرضيها إذ جلس إلى جوارها و جذبها لتستقر رأسها على صدره قائلاً بمرح :- خلاص يا ستي متزعليش أهو شمي براحتك و خديلي معاكي نفسين.

جعدت أنفها بضيق قائلة :- أنت بتتريق عليا!

هز رأسه بنفي قائلاً بضحك :- حاشا لله يا قلبي وأنا أقدر برده أنا بس مستغرب، و دلوقتي قوليلي بقى مالك شكلك كدة في حاجة.

نظرت أمامها بحـ.ـز.ن و شرود تتذكر مجيء أسماء، أما هو قبل رأسها بعنف قائلاً بقلق :- مريم مالك؟ حصل إيه؟

أردفت بو.جـ.ـع :- أسماء جات هنا.

كز على أسنانه بغـ.ـيظ قائلاً :- ودي عاوزة إيه دي كمان؟ تحمد ربنا إني مخليها في العمارة ما طردتهاش من الحارة زي المعفنين اللي غاروا بشرهم من هنا.

أردفت بابتسامة ساخرة :- جاية تقولي أنا آسفة وكأنها كـ.ـسرتلي طبق ولا كوباية، جاية علشان عارفة إن مريم الهبلة هتسامح.

مسد على شعرها بحنان قائلاً بحب :- لا مريم مش هبلة، مريم طيبة بشكل يخلي اللي قدامها يخجل من نفسه لو بس فكر أي فكرة مش كويسة عليها، مريم قلبها أبيض ما أتلوثش بشر ولا حقد البشر، مريم دي لو فضلت عمري كله أسجد لربنا أنه رزقني بيها مش هيكفي، عرفتي مريم إيه هي ومين؟ مش عاوز اسمع الكلام دة منك تاني.

أومأت بصمت وهي تشعر بكلمـ.ـا.ته كالنسيم في ليالي الصيف الحارقة، مر وقتاً قليلاً وهما بتلك الوضعية، ليقترب منها إسلام بخبث ويهمس في أذنها بوقاحة بكلمـ.ـا.ت جعلتها تقفز مبتعدة عنه قائلة بحدة وخجل :- يا قليل الأدب.
1

ضحك بوقاحة قائلاً بمكر :- قديمة ! هاتي حاجة جديدة نزلت في السوق، بقولك إيه أنا زوغت من الواد أحمد تحت، مش عامل دة كله علشان تقوليلي قليل الأدب.

أردفت بروية :- إسلام حبيبي أعقل!

ضحك بخبث قائلاً :- الله الله، قولي حبيبى كدة تاني.

قوست حاجبيها قائلة بتذمر و نبرة أطاحت بالباقي من لُبّه :- إسلام.

حاوطها من خصرها قائلاً بهيام :- يا روح إسلام وعقل إسلام، هتعملي فيا إيه تاني يا مريم! هتجننيني في مرة برقتك دي.
1

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

في اليوم التالي وقفت أمام الشركة الخاصة بزوجها بعد أن أحضرت إحدى التصميمـ.ـا.ت معها لرؤيتها و الإختيار من بينها، وفي الحقيقة لم يكن هذا هو السبب الحقيقي، فالسبب هو منذ أن علمت أن تلك الشمطاء التي كانت تتغنج و تتدلل على زوجها ستأتي للشركة اليوم و إعصار تسونامي اُضرِم بداخلها، فبالتأكيد ستكرر أفعالها المشينة للتقرب منه.
ضغطت على قبضتها بقوة قائلة بوعيد :- يا أنا يا هي النهاردة.

صعدت للأعلى وعلى درجات السلم كعادتها، حتى وصلت للطابق الذي يتواجد به مراد فجلست تلتقط أنفاسها ومن ثم تستعد لخوض المعركة.
  ارتشفت زجاجة كاملة من المياه، و بعد ذلك توجهت للمكتب الخاص به إلا أن السكرتيرة اخبرتها بأنه ليس بالداخل وإنما في غرفة الإجتماعات، فابتسمت لها بتكلف و توجهت إلى هناك.

فتحت الباب على مصرعيه فجأة، لتتوجه لها أنظار من بالداخل، حيث أصابها الحرج من فعلتها حينما رأت كل هذا الجمع يطالعها بدهشة لمقاطعتها إياهم، حيث يجلس أخيها وعمها وزوجها وأخيه و تلك التي تمقتها و والدها، ازدردت ريقها بتـ.ـو.تر قائلة بتلعثم :- ااا... أنا آسفة إني عطلتكم، بعد أذنكم.

قالت ذلك ثم انصرفت بسرعة تختفي عن أنظارهم وهي تتمنى أن يحدث شرخاً بالأرض فيبتلعها، جلست على المقعد بالخارج وهي تعنف ذاتها و تتحدث ببلاهة، وكل من يراها يطالعها بتعجب وكأنها أُصيبت بالجنون .

بعد أن انتهى الإجتماع خرج جميعهم، لتنهض و تسرع تختبئ في أي مكان بعيداً عنه تجنباً لغضبه فلم تجد غير المكتب لتختفي تحته، و أخرجت رأسها بحذر تراقب خروجه، فشهقت بخفوت وهي تراه متجهم الوجه يطوي الأرض تحته، فأغلقت عينيها بعنف قائلة :- الحمد لله مشافنيش..

وقفت بحذر بعد خروجه وهي تتنهد براحة، لتمتعض ملامحها فوراً وهي ترى سالي بوجهها فهتفت بحنق :- أوف دي إيه الخِلَقْ اللي الواحد مطتبح بيها دي!
ثم رسمت ابتسامة سمجة قائلة :- إزيك يا سالي أخبـ.ـارك إيه يا أوختشي؟

طالعتها باذدراء قائلة بتعالي :- هاي يا رحيق، مش شايفة أنك محتاجة تتعلمي الأتكيت شوية أصل كلامك سوفاج خالص.

أردفت بتهكم :- يا محنو! كلامي عاجبني يا حبيبتي وفري نصايحك لنفسك.

أردفت بمكر لتغرز الشكوك فيها :- هو أنتِ مش واثقة في مراد جاية وراه، اوه what a bitty.

جعدت أنفها بضيق قائلة :- أنا واثقة فيه طبعاً وبعدين أنتِ دخلك إيه؟

اقتربت منها قائلة بهمس ماكر :- دخلي كتير أنتِ خدتي حاجة مش بتاعتك و قريب أوي هيرميكي أصل ميرو بيزهق بسرعة بيحب يجرب و بعدين يرمي الحاجة دي عادي .

شحب وجهها، فابتسمت الأخرى بخبث وتابعت :- أنتِ ت عـ.ـر.في إيه عنه أصلاً؟ جيتي النهاردة و إمبـ.ـارح! نصيحة يا شاطرة متنتظريش أنه يحبك زي ما أنتِ بتعملي كدة..

أردفت بتحد ولكي تثأر لنفسها :- ومين قالك إنه ما بيحبنيش! مراد بيحبني طبعاً..

أردفت بمكر :- سمعتيها منه قبل كدة؟ الكلمة دي مبيقولهاش لحد إلا أنا، و أتحداكي أنه قالها..

بهتت ملامحها فهي على حق لم يخبرها يوماً بذلك فماذا تنتظر من شخصاً بـ.ـارداً مثله!
نظرت لها قائلة بثبات :- والله قالها مقلهاش كفاية إني شايفاها في عنيه و حساها جنبه مش لازم يعني، ولو أنتِ عاوزة تشوفي هو بيعترفلي بحبه أوريلك عادي..

رفعت حاجبها قائلة بإعجاب و تهكم :- أحب أوي وبكدة هثبتلك أنه مبيحبش إلا أنا..

جزت على أسنانها بغـ.ـيظ ولم تعقب على حديثها، بينما تابعت الأخرى :- يلا نفذي التحدي بقى ولا أنتِ مش قده!

هزت رأسها قائلة بتـ.ـو.تر :- لا قده طبعاً بس، بس استني مش دلوقتي..

ضحكت بخفة قائلة :- أوك وأنا مستنية، باي بيبي..

قالت ذلك ثم انصرفت، بينما رفعت رحيق يدها في الهواء وكأنها تضـ.ـر.بها و هتفت بتذمر :- مصـ يـ بـةإيه اللي حطيت نفسي فيها دي؟ قال يعني هيقول بحبك أوي! دة مش بعيد يقــ,تــلني لو شافني دلوقتي..

ثم هزت رأسها بتفكير قائلة بغباء :- أنا هروح أقوله يقولي أنه بيحبني ما أنا مش هخلي الصفرا دي تشمت فيا..

قالت ذلك ثم انصرفت لمكتبه بسرعة، طرقت الباب بعد أن أمرت لها السكرتيرة بالدلوف وساقيها تصطك ببعضها، ازدردت ريقها بتـ.ـو.تر وهي تقف تضغط على يديها ولا تعرف من أين تبدأ.

طالعها بسخرية قائلاً :- إيه الأدب دة، بتخبطي قبل ما تدخلي!

رفعت شفتها العليا باستنكار قائلة :- إيه الكلام اللي بتقوله دة؟ قالولك عليا قليلة أدب !
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
نهض من مكانه قائلاً بغـ.ـيظ :- و كمان بتقاوحي!

أخذت تتراجع للخلف وهي ترفع إصبعها بوجهه قائلة باعتراض واهي :- والله لو عملت حاجة هصوت واعملك فـ.ـضـ.ـيحة في الشركة وأقول المدير بيتـ.ـحـ.ـر.ش بيا.

رفع حاجبه بذهول قائلاً :- بتـ.ـحـ.ـر.ش بيكِ! هو أنا جيت جنبك!
ثم تابع بجمود :- وعلى العموم أنا ما بتهددش واعملي اللي أنتِ عاوزاه.

حاصرها بينه وبين الجدار قائلاً بحنق شـ.ـديد :- اعمل فيكِ إيه ها؟

أجابته ببلاهة :- قولي بحبك و بمـ.ـو.ت فيكِ..

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- قولتي إيه؟ رحيق أنا مش فاضي للهزار دة.

أردفت بحنق :- ولا أنا بهزر ولا أنت بس بتعرف تقول الكلام دة للصفرا اللي برة ؟

زفر بضيق قائلاً :- رحيق أنتِ بتتكلمي عن مين، وضحِ .

زمت شفتيها بعبوس قائلة :- أقصد الهانم سالي اللي أنت مغرقها بحبك، ومستكتر تقول لمراتك كلمة عدلة.

ضيق عينيه قائلاً بانتباه :- نعم! كلام إيه دة؟

زجته بغـ.ـيظ قائلة :- أيوة توه و أنكر، دة اللي بس فالح فيه..

جذبها من ذراعها بقسوة قائلاً بحدة :- وطي صوتك وأنتِ بتكلميني، و أسلوب البلطجية دة تبطليه، أنتِ سامعة؟

قوست شفتيها بألم قائلة بخفوت :- فاهمة.

تركها ببعض الحدة قائلاً بجمود :- أنا مش فاضي للعب العيال دة ورايا شغل..

قال ذلك ثم توجه لمكتبه وجلس يتابع عمله، بينما كبحت دmـ.ـو.عها بصعوبة ومن ثم غادرت المكتب بسرعة البرق وهي تسير بترنح و بالكاد ترى أمامها، راقبتها سالي التي ابتسمت بانتصار فمظهرها ليس بحاجة لتوضيح فهي فشلت في التحدي.

نزلت للأسفل و خرجت للخارج وأخذت تسير بالشارع وهنا سمعت لنفسها بالانهيار، حيث نزلت دmـ.ـو.عها بو.جـ.ـع وهي تشعر بألم شـ.ـديد في قلبها، هتفت بنبرة متشنجة :- وأنا مضايقة ليه ما يغور في ستين داهية، ماشي يا مراد والله لأوريك.

مسحت عبراتها بعنف وتابعت السير، وفجأة سمعت صوت رنين هاتفها فالتقطته وما إن نظرت له هتفت بشراسة :- مش هرد عليك يا فريزر ها ..

قالت ذلك ثم غلقت الهاتف نهائياً و لم تعبأ بأي شيء آخر.
في نفس الوقت وقفت سيارة ضخمة سوداء أمامها و تقدmت نحوها و نزل بعض الرجـ.ـال الضخام منها وقاموا بوضع مادة مـ.ـخـ.ـد.رة على أنفها ففقدت الوعي على الفور، و من ثم وضعوها في السيارة وقادوها بسرعة. بقلم زكية محمد

أما هو نفخ بضيق قائلاً بغـ.ـيظ :- ماشي يا رحيق.
قال ذلك ثم جمع متعلقاته وانصرف يلحق بها.

نزل للأسفل في ثوان من خلال المصعد، وأخذ يبحث عنها بعينيه في المكان فخرج ولم يجدها فأعاد الإتصال ولكنه وجده خارج نطاق الخدmة، فشـ.ـد على شعره بعنف و بداخله يتوعد لها.

صعد ليبحث عنها عند شادي ربما تكون معه، ولكنه لم يجدها فهدر بعنف :- شايف غباء أختك، مشيت من غير ما تركب العربية اللي فيها الحرس، لو حصلها حاجة دلوقتي أنا هشرب من دmها.

هتف بروية ليمتص غضبه :- أهدي بس كدة مش أنت حاطط ال gbs في الخاتم اللي هي مبتقلعهوش، هنمشي وراها وهنعرف هي فين..

زفر بحنق قائلاً بغضب أعمى :- اتفضل لما نشوف، وليا حساب مع الهانم عسير أوي معايا أنا هعرف أعدل دmاغها الزفت دي كويس أوي.

ركضا للخارج بسرعة ليستقلا السيارة و ينطلقا بها بسرعة الرياح، أخذ يحدد موقع تواجدها على الجهاز الذي بيده فأردف بتعجب :- دي رايحة فين دي؟

أردف بروية :- متقلقش أدينا وراها أهو..

صمت يزفر بضيق والقلق يأكله على تلك البلهاء التي ستقوده للجنون.

بعد وقت ازدادت صدmته حينما وجدها تتوجه لمنزل عدوه، فوقع قلبه بين قدmيه وعلم حينئذ أنها في خطر، فنظر له شادي قائلاً بحذر :- في إيه يا مراد؟

أردف بذهول :- رحيق في بيت الزفت عز..

اتسعت عيناه بصدmة قائلاً :- إيه؟ أنت بتهزر!

أردف بحدة :- بسرعة يا شادي بسرعة مفيش وقت..

بداخل فيلا عز كانت مقيدة بإحكام و على فمها لاصق وهي تحاول الفكاك و تصرخ وتصيح فيهم بصوتها المكتوم.

هتف عز وهو يطالعها بضجر فهو أمر رجـ.ـاله بوضع اللاصق كي تكف عن ثرثرتها الغـ.ـبـ.ـية و صراخها الحاد، فراحة له أن تظل هكذا:- أخيراً خلصت من دوشتك، تصدقي على الرغم إننا مش على وفاق إلا إني بشفق عليه كتر خيره الصراحة.

حدجته بغضب وهي تهمهم بكلمـ.ـا.ت غير مفهومة، بينما تابع هو بخبث :- ولو أنك قمر بصراحة واقع واقف مراد دة دائماً الفرص الحلوة بتترمي تحت رجليه، متقلقيش أنا بس بعد العد التنازلي اللي هيدخل فيه مراد هنا..

توقفت عن المقاومة وتابعته بتعجب بينما أردف هو بمكر :- عشرة ....تسعة ...... ثمانية....سبعة.....ستة....خمسة..... أربعة.....ثلاثة.....اتنين...واحد....

وبالفعل بمجرد أن انتهى من العد سمع صوته يهدر بالخارج باسمه بينما رجـ.ـاله يمنعوه من الدلوف هو و شادي، فأشار لهم بأن يسمحوا لهم بالولوج.

دلف للداخل يركض نحوه وما إن رآها هكذا مقيدة، فارت الدmاء بعروقه و قام بلكمه بعنف قائلاً :- يا حـ.ـيو.ان يا زبـ.ـا.لة كلامك معايا أنا واتعامل راجـ.ـل لراجـ.ـل.

نهض من الأرض وهو يمسح فمه قائلاً بتهكم :- هو أنا لو مش بتعامل معاك راجـ.ـل لراجـ.ـل كنت خليتك تعرف مكاني ولا كنت وصلتلي بسهولة كدة!

ركض شادي ليفك وثاقها، بينما مسك مراد عز من مقدmة قميصه قائلاً بحدة وغضب عاصف :- أنت إزاي تجرأ تخـ.ـطـ.ـف مراتي؟ دة أنا هسود عيشتك..

وعنـ.ـد.ما أقدm لضـ.ـر.به مجدداً مسك عز يده قائلاً بغـ.ـيظ :- مش معنى إني ساكتلك تفتكر إني مش قادر أواجهك، أنا سايبك بمزاجي ، مراتك لا تهمني ولا تعنيلي بحاجة و مش عز اللي ينتهز الستات في الشغل ولا العداوة اللي بينا.

أردف مراد بتهكم :- أومال خاطفها ليها، هتفسحها!

ضحك بسخرية قائلاً :- ومين قالك إني خاطفها؟ ثم أردف باستدراك :- اه أنت قصدك على التكتيفة، سوري أصلها رغاية أوي و مركبة سرينة إسعاف في زورها علشان كدة كتفناها.

هجم عليه مجدداً قائلاً :- إياك ثم إياك تتكلم عنها تاني بالشكل دة، أنت فاهم؟

أردف بتهكم :- مش معقول، أوعى تكون بتحبها؟ لا مش ممكن دي معجزة.

غمغم بسخط :- بقولك إيه رد عليا أحسنلك.

جلس و وضع ساق فوق أختها قائلاً بخبث :- أبداً أنا كنت بس بجاري ناس عبـ.ـيـ.ـطة كدة و كمان علشان أثبتلك أن اعدائك كترو والطعنة المرة دي من أقرب الناس ليك.

عقد حاجبيه بتعجب قائلاً :- ناس مين دي؟

نظر لشادي بمكر قائلاً :- ناريمان هانم والدة البشمهندس شادي، شوفت بقى لا ومش بس كدة دي جابتلي ملف الصفقة الأخيرة بتاعكم و بصراحة العرض كان مغري أوي علشان كدة خـ.ـطـ.ـفت مراتك علشان دة بند من الاتفاق.

خيم الذهول على الجميع و بالأخص شادي، بينما جز مراد على أسنانه بعنف فقد حذرها قبل ذلك ولكنها ضـ.ـر.بت بأوامره عرض الحائط، بينما خيم القهر على رحيق وهي تتساءل ماذا فعلت لها لكي تكرهها إلى هذه الدرجة و تريد أن تتخلص منها بأي شكل من الأشكال.

طالعهم عز بتشفي قائلاً :- تقدر تاخد مراتك يا مراد أنا زي ما قولتلك دي مش مبادئي، أما الصفقة بقى سوري أنا اتقدmلي عرض و أبقى غـ.ـبـ.ـي لو كنت رفضته.

أخذ صدره يعلو و يهبط بعنف وهو يريد أن يهشم رأسه، ولكن لا بأس تباً للصفقة فأهم شيء هو سلامة تلك البلهاء ثم أي شيء يعوض.
جذبها من ذراعها بعنف ثم حدجه بغضب أعمى قائلاً :- متفتكرش إنك فزت كدة لسة الجولات جاية كتير.

ضحك بتهكم قائلاً بوعيد :- وأنا مستني..

لم يرد عليه وإنما سار للخارج بخطا سريعة تبعه شادي الذي لا يزال على صدmته.
ما إن وصلا للسيارة هتفت بتذمر وهي تحاول الفكاك من قبضته :- سيب أيدي يا متوحش..

طالعها بغضب قائلاً :- أنتِ تخرسي خالص و متتكلميش نهائي..

هزت رأسها باعتراض قائلة بحدة :- لا مش هبطل و كمان ليك عين تتكلم....اااه..

بترت كلمـ.ـا.تها بسبب صفعته القوية التي نزلت على وجنتيها قائلاً بحدة :- الظاهر إن المهاودة مش جايبة معاكي نتيجة..
2

قال ذلك ثم فتح الباب و زجها بالسيارة بعنف وغلق الباب بحدة، بينما صعد للمقعد الأمامي خلف المقود حتى أتى شادي الذي صعد بجواره بشرود فانطلق نحو القصر و الشياطين تلاحقه.

_____________________________________

تعمل بجدية على الأوراق الموجودة أمامها، ولم تلحظ دلوف عاصم و جوري للداخل.
تقدmت الصغيرة منها بحذر ثم أصدرت صوتاً عال لتصرخ الأخرى بفزع و تهب من مكانها بخـ.ـو.ف وهي تنظر لها بصدmة، و سرعان ما وضعت يدها على قلبها قائلة بتذمر وهي لا تلاحظ وجود عاصم الذي يكبح ضحكاته بصعوبة عليها :- حـ.ـر.ام عليكي يا جوري خضتيني! بقلم زكية محمد

هتفت بنـ.ـد.م :- I'm sorry أنا كنت بلعلب معاكي، بابا عاصم قالي كدة..

سبها عاصم بداخله قائلاً :- اه يا ندلة. بينما نظر في هاتفه و تظاهر بأنه منشغل به، فطالعته بغـ.ـيظ قائلة بحنق :- بابا عاصم ! طيب يا حبيبتي متعمليش كدة تاني .

أومأت لها بموافقة ثم أردفت :- يلا تعالي معانا يا طنط سندس نروح نتغدى برة .

أردفت بحنو :- لا يا حبيبتي روحي أنتِ بالهنا و الشفا انا ورايا شغل كتير.

قالتها وهي تجلس لتتابع عملها، بينما نظرت هي لوالدها بمعنى ماذا تفعل، فأشار لها بأن تنفذ ما أتفقا عليه، فأومأت بخبث طفولي قائلة بتعب مزيف :- اه ..

انتبهت لها سندس لتنهض من مكانها وتجلس قبالتها قائلة بقلق :- مالك يا جوري يا روحي ؟

زرفت الدmـ.ـو.ع باحترافية قائلة :- أنا زعلانة منك .

شهقت بصدmة قائلة :- يا خبر! زعلانة مني ليه يا روحي؟

قوست شفتيها بعبوس قائلة بخبث :- علشان أنتِ مش راضية تروحي معانا، أنا مخصماكي..

قبلت كلتا وجنتيها لتهتف بحب :- يا روحي أنتِ لا خلاص هروح معاكي أنا مقدرش على زعلك أبداً يا قلبي.

احتضنتها بفرحة قائلة بصيحة طفولية :- هاااي يلا طيب يلا نروح..

ضحكت بخفة قائلة :- ماشي يا لمضة يلا نروح و أمري لله.

نظر لهن بابتسامة عريضة لنجاح مخططه فأردف بخفوت :- لا بـ.ـنت عاصم بصحيح.

خرجوا معه لتنظر له بضيق، بينما طالعها بتـ.ـو.تر لنظراتها تلك و هو يخشى القادm.
صعدوا للسيارة و قادها هو ليصلوا بعد وقت إلى مطعم ضخم، فنزلوا وهي تتطلع للمكان بإعجاب و انبهار شـ.ـديد، بينما مالت جوري على أذن والدها تهمس بمكر :- أي خدmة يا برنس عد الجمايل.

رفع حاجبه قائلاً بصدmة :- أنتِ بـ.ـنت مين؟ استحالة تكوني بـ.ـنتي، أنا لازم ارجع بيكِ لندن تاني.

غمزت له بخبث قائلة :- عليا أنا بردو طيب و المُزة هتسيبها لمين؟

أردف بذهول :- لا لا أنتِ لا يمكن تقعدي تاني مع رحيق..

أخذت تطالعهم وهم يتهامسون بتعجب، فتنحنحت بحرج ليقف هو قائلاً بابتسامة مهلكة :- اتفضلي..

مشت معهم للداخل حتى ولجوا للقاعة لتقف هي تنظر لما حولها بذهول و عدm تصديق......
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
نظرت للمكان بذهول فقد كان فارغاً و مزين ببتلات الورود في كل شق منه، وعلى إحدى الطاولات ترص بعض أنواع الأطعمة، و البلالين الملونة تزين السقف.

علت صيحات الصغيرة قائلة :- الله حلوة أوي يا طنط سندس، مش كدة؟

هزت رأسها بانبهار قائلة :- اه حلوة جداً يا حبيبتي.
لتشهق بصدmة وهي تراه يركع على ركبته ويخرج من جيبه علبة قطيفة ليفتحها و يظهر منها خاتم ذهبي مطعم بالماس وهتف بحب يكنه لها عبر الزمن لم يتغير ولم يندثر :- تقبلي تتجوزيني؟
3

ظلت واقفة كالتمثال، عينيها ثابتة عليه ولم تشعر بتلك الدmـ.ـو.ع التي جرت على وجنتيها، فأردف بمرح :- طيب إيه؟ مش هتردي بأي حاجة، رجلي و.جـ.ـعتني.

هتفت جوري بتشجيع :- قولي اه يا طنط قولي اه علشان خاطري..

هزت رأسها بخجل و موافقة، فتنهد هو براحة قائلاً بسعادة :- الحمد لله، أخيراً!

وقف قبالتها قائلاً وهو يمد لها بالعلبة :- خدي دة بقى خليه معاكِ أبقى ألبسهولك بعد ما نكتب الكتاب بإذن الله.

أذعنت لطلبه بحرج، بينما أردفت جوري بتذمر :- أنا جعانة!

ضحكت سندس بمرح، و أردف عاصم بحنق :- تعالي يا مرات أبويا تعالي.
1

جلسوا معاً على الطاولة و شرعوا في تناول الطعام في جو من الألفة و المرح الذي خلقته الصغيرة، و بعد أن انتهوا جلسا معاً على انفراد، بينما كانت الصغيرة على بعد تحت أنظارهم.

أخذت تضغط على أصابعها بتـ.ـو.تر وهي تشعر بمشاعر جمة، فلقد عاد ليحي ما دفنته بداخلها و بعثر كل ما في مقبرتها.

أردف بحذر :- ساكتة ليه؟

هزت رأسها بمعنى ماذا تقول، فتنهد هو بعمق قائلاً بحـ.ـز.ن :- مقولتيش ليه يومها بدل ما أنتِ جاية ترمي طوب، ساعتها كان نفسي اقــ,تــلك و أطفي ناري منك، دة أنا كنت مستحلفلك لحد وقتنا دة بس اللي حاشني إني عرفت الحقيقة .

أردفت بو.جـ.ـع :- هددني أنه هيقــ,تــلك، هما الاتنين هددوني و وقتها ماما الله يرحمها كانت تعبانة وهو أستغل دة كويس.

أردف بغـ.ـيظ :- يعني شايفاني عيل مش هعرف أحميكِ ! دة أنا كنت فعصتهم تحت رجلي بس غبائك و ضعفك هو اللي وصلنا للطريق دي.

أردفت بنبرة توشك على البكاء :- لو هتفضل تلومني كدة همشي أحسن.

زفر بضيق قائلاً :- إيه مش قادرة تواجهي نفسك قدامي و ت عـ.ـر.في إنك كنتِ غلطانة!

ارتعشت يديها قائلة برجاء :- عاصم كفاية.

ضم قبضته بشـ.ـدة وهي يراها على تلك الحالة وغير قادر على احتوائها لطمئنتها فأردف بهدوء مغاير :- خلاص يا سندس انسي كل حاجة راحت زي ما أنا كمان هنسى، هنبتدي من جديد من غير ما نخبي على بعض أي حاجة تحت أي ظرف مهما حصل، ماشي؟
هزت رأسها بموافقة، فأردف بابتسامة بسيطة كي يرفع عنها الحرج :- قوليلي بقى يا سيدة الأعمال أخبـ.ـار شغلك إيه؟

نظرت له بغـ.ـيظ قائلة :- كان في حد بيقول إني بنش دبان!

ضحك بمرح قائلاً :- قلبك أبيض بقى، ها يا ستي احكيلي.

ابتسمت بعذوبة و راحت تقص عليه عملها و المنتظر منها في الفترة القادmة، تثرثر بحماس وهو يتابع ذلك برحابة صدر، وكم اشتاق لتلك الأيام معها التي يتلهف شوقاً لاستكمال المتبقي منها معها.

قاطع حديثهم رنين هاتفه، وما إن رأى المتصل أردف بمرح :- دي أمي! حمـ.ـا.تك بتحبك.

رد على الهاتف لتتغير ملامح وجهه ما إن هتفت ببعض الكلمـ.ـا.ت فأردف بعدها بسرعة :- ماشي يا ماما أديني جاي أهو.

أنهى الحديث معها لتردف سندس بقلق :- فيه إيه؟

أردف بخـ.ـو.ف :- الدنيا مقلوبة في البيت أنا رايح أشوف في إيه.

أردفت بذعر :- طيب أنا هاجي معاك علشان رحيق.

و بالفعل انطلقوا بسرعة للحاق بتلك المعركة التي نشبت بالقصر.

______________________________________

ما إن توقفت السيارة أسرعت هي تخرج من السيارة تركض للداخل بهمة ولم تعطه الفرصة للحاق بها، فزفر بغـ.ـيظ و دلف للداخل مع شادي.

اصتدmت بشيري على درجات السلم التي هتفت بضيق :- أنتِ عامية مش......

بترت كلمـ.ـا.تها وهي ترى احمرار وجهها دلالة على الغضب و الحـ.ـز.ن، و أيضاً لاحظت دmـ.ـو.عها التي تحبسها بمقلتيها ولم تأذن لها بالخروج بعد.
مطت شفتيها بتساؤل قائلة :- في إيه؟

إلا أنها تخطتها و تابعت ركضها، بينما هزت شيري كتفيها باستسلام قائلة بعدm اكتراث:- وأنا مالي.

ولجا معاً للداخل فوجدوا الجميع باستثناء عاصم، فأخذ شادي يطالع والدته بخذي وعتاب جعلها ترتبك بداخلها، بينما هتف مجدي بتعجب :- مالكم يا ولاد، و فين رحيق؟!

خرج صوته قائلاً بجمود :- فوق، و كويس أنكم موجودين هنا علشان نتكلم كويس.

تطلع جميعهم إلى بعضهم البعض بغرابة، بينما نظر مراد لناريمان بغضب حارق و وقف قبالتها قائلاً بفحيح أمام الجميع :- كام مرة وأنا أقولك بلاش؟ أنا حذرتك أكتر من مرة و دلوقتي أنتِ استنفذتي رصيد الصبر اللي ليكِ عندي واللي يقرب لحاجة تخصني يبقى أفعصه بأيدي مهما كان مين.

هتفت بتلعثم :- أاا... أنت تقصد ايه؟

صرخ بعنف قائلاً :- ما تمثليش! كفاية أنا عارف كل حاجة فشيلي الوش دة خالص دلوقتي .

تدخل عمران قائلاً بتوبيخ :- مراد أنت بتعلي صوتك على مرات عمك!

نظر له بتهكم قائلاً :- والله يابابا لما تكون مرات عمي كانت هتبقى السبب في أذية مراتي يبقى لازم أعمل أكتر من كدة.

نزلت عليهم عبـ.ـارته كالصاعقة، فاتسعت أعينهم بذهول فأردف مجدي بضياع :- إزاي دة يعني؟ وفين بـ.ـنتي؟

طالع عمه بابتسامة مطمئنة قائلاً :- متقلقش يا عمي هي بخير .

تنهد براحة قائلاً بغضب وهو يحدج ناريمان باذدراء :- عملتِ إيه تاني؟ والله ما يكون اللي في
دmاغي ما هخليكِ على ذمتي لحظة، كفاية أوي اللي عملتيه.

نظر لمراد قائلاً بقلق :- عملت إيه يا ابني، طمني على بـ.ـنتي.

أردف بسخرية لاذعة :- ناريمان هانم اتفقت مع عدوي و أدتله ملف صفقة مهمة من بتوعنا قصاد إنه يخـ.ـطـ.ـف مراتي و يخلص عليها.

شهق بذهول قائلاً بعدm تصديق :- عملت إيه؟

تابع بتهكم :- و دي مش أول مرة هي بردو اللي راحت لابن خالة رحيق علشان يخـ.ـطـ.ـفها و دلوقتي بقى أنا عاوز حق مراتي، أنا ممكن بسهولة أمحيها من على وش الدنيا أو احطها في السـ.ـجـ.ـن، بس أنا هعمل اعتبـ.ـار ليك يا عمي وأنت اللي هتقرر.

ترقب الجميع مجدي الذي أخذ يطالعها بحقد خلفته سنوات أضاعها برفقتها من عمره، إذ خرج صوته قائلاً بقهر :- عملتلك إيه؟ كل دة علشان أمها فاطمة؟ فاطمة اللي محبتش غيرها ولا هحب بعدها! أنا صبرت كتير بس لحد بـ.ـنتي لا وألف لا مش هسمحلك، و يؤسفني بعد العمر دة كله أقولك أنتِ طالق، أنا اكتفيت منك ومن أفعالك ولولا عيالك كنت شوهت احترامهم ليكِ باللي عملتيه زمان.

نظرت له بصدmة وحقد من اعترافاته التي يمطرهم إياها حتى وإن كان بعضها ضمنياً، و كم شعرت بالنيران التي تشتعل في صدرها حينما أعترف صريحة بحبه لتلك التي لم تبغض مثلها، فهتفت بحدة و تعالي :- بعد دة كله و جاي تنهي دة؟

أردف بو.جـ.ـع :- أنتِ اللي نهتيه مش أنا.

أردفت بجنون :- كله من بـ.ـنت فاطمة ..

قاطعها بصوت عال :- إلزمي حدودك يا ناريمان و كفاية أوي لحد كدة.

نظرت لسلوى التي شحب لونها قائلة بغل :- بس أنا مش هغرق لوحدي، سلوى هانم كانت معايا في كل خطوة دي حتى هي اللي كانت السبب في إن فاطمة تمشي و متعرفش طريقها.

صاحت سلوى بتـ.ـو.تر :- أخرسي!

ضحكت بتهكم قائلة :- لا مش هسكت، إيه مش أنتِ اللي روحتي و هددتيها يا إما تبعد يا إما هتقــ,تــلي بـ.ـنتها، وهي هبلة خافت و مشيت علطول.

أردفت بغضب مفجرة القنبلة التي أطاحت بالجميع :- بس أنتِ اللي قــ,تــلتيها.

كان هذا التصريح بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، حيث كانت رحيق تقف بالأعلى على السلم و عنـ.ـد.ما سمعت أن والدتها تم قــ,تــلها دارت بها الأرض فوقعت واختل توازنها لتتدحرج على درجات السلم حتى وصلت إلى نهايته و سكن جسدها تماماً.

ما إن رآها صرخ باسمها بلوعة، ليعدو نحوها و يحملها بخـ.ـو.ف وهو يتفحص وجهها الشاحب شحوب المـ.ـو.تى، و بدون تفكير ركض بها نحو الخارج ليتبعه شادي الذي شعر و كأنما من قام بغرس سكيناً حادة في قلبه فقــ,تــلته في الحال.

وصل بها للمشفى بوقت قياسي وما زاد هلعه هو وجود تلك الدmاء التي لطخت فستانها. دلف للداخل وأخذ يصـ.ـر.خ في الممرضين ليحضروا أحد الأسرة المتحركة ومن ثم وضعها عليه برفق، ودلفت للغرفة للتشخيص وهو بالخارج يدعو الله بأن تكون بخير.

وصل شادي الذي وقف قبالته بصعوبة قائلاً بضياع :- رحيق جرالها إيه؟ هي كويسة مش كدة؟

نظر له ببعض الشفقة وهو في أمس الحاجة لمن يطمئنه، ولكنه تحلى ببعض الثبات قائلاً وهو يربت على كتفه :- إن شاء الله الدكتور هيطلع و يطمنا عليها.

أردف بدmـ.ـو.ع عالقة في مقلتيه :- أنا مش ...مش عارف إزاي هبص في وشها بعد كدة، كل اللي حصلها و بيحصلها بسبب أمي..

زم شفتيه بضيق على ذكرها قائلاً :- أنت ملكش ذنب يا شادي وهي عارفة كويس دة.

أردف بصوت متحشرج :- بس أطمن عليها ومش هوريها وشي أنا ما استاهلش أكون أخوها..

أردف بحدة :- أنت عبـ.ـيـ.ـط! كلام إيه اللي بتقوله دة، أنت أكيد مش في وعيك دلوقتي، لينا كلام بعدين بس نطمن عليها الأول.

جلس أرضاً بإهمال و وضع رأسه بين قدmيه يؤنب ذاته وكأنه المسؤول عما حدث، وكم يشعر بالقهر و الخذي مما فعلته والدته، آخر شيء ممكن أن يتوقعه أن تكون قـ.ـا.تلة! كيف تقدm على هذا الجرم، وكيف تمارس حياتها بشكل طبيعي وكأنه لم يكن هناك شيء؟!
1

خرج الطبيب بعد وقت وعلى وجهه علامـ.ـا.ت الأسى فنهض شادي بدوره ينتظر سماع كلمـ.ـا.ته بتلهف، بينما هتف مراد بقلق :- طمنا يا دكتور.

مط شفتيه بحـ.ـز.ن قائلاً :- للأسف ملحقناش ننقذ الجنين، شوية كدة وهتفوق و يا ريت تمهدولها الموضوع علشان متتصدmش و يجلها إنهيار..

قال ذلك ثم تركهم وانصرف، بينما ظلت كلمـ.ـا.ته تتردد في أذن مراد بذهول، أكانت تحمل صغيره في أحشائها؟ ولكنه قُتِل والسبب هي حتى وإن كان بطريقة غير مباشرة.
اتسعت عينا شادي بصدmة قائلاً :- كانت حامل، والبيبي نزل والسبب برده هي! لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله و إنا إليه راجعون..

وضع يده على رأسه وهو يشعر بدوار شـ.ـديد فأخذ يترنح لولا الحائط الذي استند عليه لتهطل دmـ.ـو.عه بحـ.ـز.ن على شقيقته.
ظل مراد على حالته واقفاً بجمود و بداخله مرجل يغلي، توجه لغرفتها لرؤيتها فوجدها ممدة على الفراش لا تتحرك قيد أنملة.
جلس بجوارها والتقط يدها و قبلها بنـ.ـد.م قائلاً وهو يتخلى عن رداء كبريائه :- قومي يا رحيق فوقي وأنا هقولك بحبك و بعشقك زي ما كنتِ عاوزة بس بلاش أشوفك كدة، أنا متعود عليكِ تناطحيني راس براس، قومي يلا زعقيلي قولي أي حاجة بس متفضليش ساكتة كدة، قومي وأنا هجبلك حقك والله ما هرحمها.
2

أنهى كلمـ.ـا.ته ثم أخذ يمرر يده على وجنتها التي سبق وأن صفعها عليها و الخذي حليفه من فعلته أعقبه بتقبيله إياها برفق وكأنه يعتزر لها عما بدر منه.

_____________________________________

ما أصعب من أن تتلقى الجـ.ـر.ح من هؤلاء الذين هم أقرب إليك من أي شخص آخر، و ما أصعب الخذلان إن حصلت عليه منهم .
أخذ يطالعهم بو.جـ.ـع وخاصة والدته التي ظلت تشاهد معاناته طيلة تلك السنوات ولم ترأف لحاله، شاهدت ألمه دون أن تساعده على الشفاء بل زادت من فوهة الجـ.ـر.ح بالمزيد والمزيد من الآلام.

هتف بنبرة ضعيفة يملؤها العتاب و القهر :- عملتي كدة ليه يا أمي، عملتي كدة ليه؟ كنتِ شايفاني بمـ.ـو.ت قدامك وأنتِ بتتفرجي عليا مستمتعة بعـ.ـذ.ابي، أهم حاجة منظرك قدام الناس!

صمت ليصـ.ـر.خ بدmـ.ـو.ع :- ملعون أبو الفلوس اللي تخلي الواحد يتخلى عن آدmيته، ملعون أبو المظاهر اللي تخلي الواحد يبقى مجرم، ارتحتي إزاي؟ ضميرك كان بيخليكِ تنامي؟ حـ.ـر.ام عليكِ يا أمي عارفة لو حد قالي إنك ممكن تعملي كدة هقول لا استحالة دي أمي اللي مش هترضى بالو.جـ.ـع ليا، لكني اكتشفت إنك و.جـ.ـعي و ألمي.

شهق بانهيار ليتابع وهو يشير لناريمان :-  هي دي اللي كنتِ فرحانة بيها قتالة القــ,تــلة دي! كنتوا سبتوني على عمايا طيب كنتوا سبتوني، يا رب، يا رب...
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تدخل عمران بخـ.ـو.ف على شقيقه قائلاً :- مجدي أهدى...

أردف بانفعال :- مش ههدى بلغ البوليس حالاً وحياة و.جـ.ـعي اللي عيشته السنين اللي فاتت كلها لأدوقهولكم..

هتفت شيري ببكاء :- بابي أنت هتسـ.ـجـ.ـن مامي؟

أردف بغضب :- أنتِ تسكتي خالص حسابك لسة مجاش، هعيد تربيتك من تاني لو كان دة آخر حاجة هعملها قبل ما أمـ.ـو.ت..

نظر لأخيه قائلاً الذي نفذ طلبه لتوه وطلب الشرطة:- أتصل على مراد شوف بـ.ـنتي جرالها إيه؟

هز رأسه بموافقة ليتصل به و ينهي الحديث بعدها قائلاً بحـ.ـز.ن :- هي كويسة بس فقدت الجنين.

اعتصر عينيه بألم فلم تسلم أيضاً ابـ.ـنته من شرها.

أردف بخـ.ـو.ف :- طيب خدني لهناك يا عمران أرجوك عاوز أشوف بـ.ـنتي دي ملهاش حد غيري.

أومأ له بموافقة قائلاً بروية :- ماشي هعملك كل حاجة.

و ما هي إلا لحظات حتى وصلت الشرطة لتلقي بالقبض على ناريمان التي تحولت كالمـ.ـجـ.ـنو.نة وهي تصرخ فيهم بأن يتركوها ولكن هيهات فالعقـ.ـا.ب حل بها في الدنيا لتنتظر عقـ.ـا.بها بالآخرة، فما أعظم من جريمة القــ,تــل التي حرمها الله.

____________________________________

عاد من عمله برفقة الصغير يحملان معهما بعض الاشياء التي ابتاعوها قبل أن يصعدوا للأعلى.
أخذ ينادي باسمها فخرجت من المطبخ وهي تبتسم لهم بعذوبة وما إن رأت ما يحملوه هتفت بشراهة :- الله! أنتوا جبتوا الحجات دي ليا أنا كلها، صح؟

ضحك بصوته كله قائلاً بمرح :- لا دة أنا بقيت أخاف منك، أنا خايف لأصحى في يوم ألاقي دراعي متاكل!

قوست شفتيها بعبوس قائلة :- كدة يا إسلام! ماشي.

قالت ذلك ثم دلفت للمطبخ بتذمر، بينما وضع أحمد أنامله على ثغره قائلاً بحـ.ـز.ن :- إثلام ماما زعلت!

بعثر خصلات شعره بمرح قائلاً :- لا متقلقش أنا هصالحها، خليك أنت هنا، تمام؟

هز رأسه بموافقة فدلف هو و يحمل الكيس المملوء بالحلوى و أنواعها و أكياس الشيبسي التي تطلبها بمبالغة في الفترة الأخيرة.
وجدها تعطيه ظهرها، تقف قبالة المقود تتابع طهي الطعام، فوضع ما بيده على الطاولة بهدوء، و وقف خلفها مباشرة و حاوط خصرها فشهقت بحنق قائلة :- أوعى كدة يا إسلام أنا مخصماك.

قبل شريانها النابض برقبتها قائلاً بعشق :- وأنا ميهونش عليا زعلك يا روح إسلام.

ثم أضاف بمرح وهو يلفها ناحيته و يدفن رأسها بصدره :- إيه مش هتاخدي الجرعة النهاردة؟

ابتعدت عنه وهي تجعد أنفها بتقزز قائلة :- لا ريحتك وحشة.

طالعها وكأنه برأسين و أردف بصدmة وهو يقرب قميصه يستنشقه مراراً يتحقق من صدق حديثها :- نعم! مش كانت حلوة الصبح!

هزت رأسها بنفور قائلة :- لا أنا قرفانة وعاوزة أرجع.

ضغط على يده بغـ.ـيظ قائلاً :- ماشي يا مريم لما نشوف اخرتها إيه.

أنهى كلمـ.ـا.ته و انصرف بغضب مكتوم وهو يشعر بأنها ضـ.ـر.بته في مقــ,تــل بنفورها منه، أما هي التقطت الكيس و أخذت تخرج ما بداخله و تتناوله بنهم كما لو أنها لم تأكل منذ أسبوع.

بعد وقت كان يجلس على الطاولة بعد أن أعدت الطعام، أخذ يلوكه بهدوء و إن حدثته يجيبها باقتضاب، فشعرت بالنـ.ـد.م على ما تفوهت به وهي تشعر بالتعجب من حالها، فبعد أن كانت تتجرع رائحته كالمدmنة تنفر منه الآن!

نظرت للطعام بدون شهية، وما إن قربت الملعقة لثغرها شعرت بالغثيان، فلم تتحمل و ركضت فوراً نحو الحمام تخرج ما في جوفها.

تابعها هو بقلق ونهض خلفها ما إن سمع صوتها، ليجدها تتقيأ فهتف بقلق بالغ :- مريم مالك؟

ازاحته برفق قائلة بحرج :- إسلام أطلع مينفعش تشوفني وأنا كدة.

نهرها ببعض الحدة قائلاً :- بطلي عـ.ـبـ.ـط بقى.

نظرت له والدmـ.ـو.ع تتلألأ بمقلتيها، فداهمها الغثيان مجدداً لتخرج ما بمعدتها بعنف وهي تشعر بروحها تُسحب منها.
أخذ يمسح على ظهرها بحنو و يمسكها جيداً، و ما إن انتهت غسل وجهها و فمها ثم حملها ليتوجه بها ناحية غرفتهما ليمددها برفق على الفراش، ثم التقط هاتفه و اتصل بالطبيبة المجاورة لهم في الحي.

أتت على عجالة و دلفت لتفحصها، بينما وقف هو بالخارج يعدو جيئة و ذهاباً و الخـ.ـو.ف حليفه.
خرجت وهي تبتسم بخفوت ليركض نحوها قائلاً بذعر :- مالها مراتي يا دكتورة طمنيني عليها..

ابتسمت بعملية قائلة :- متقلقش كلها تمن شهور و تبقى أب.

نظر لها ببلاهة فضحكت هي بخفوت قائلة :- ألف مبروك.

أردف بغباء :- يعني هبقى أم، قصدي أب؟

هزت رأسها تومأ له بتأكيد قائلة :- أيوة، أنا كتبتلها على شوية فيتامينات كدة تاخدهم بانتظام وهبقى أتابع معاها في العيادة.

أومأ لها بسعادة، وبعد أن انصرفت هتف أحمد بحـ.ـز.ن :- هي ماما عيانة؟

حمله واحتضنه بسعادة قائلاً :- متخافش يا حبيبي ماما كويسة، تعال نطمن عليها جوة.

دلف به وابتسامة واسعة تزين ثغره، فجلس إلى جوارها و وضع الصغير أرضاً، و مسك يدها وقبلها قائلاً بحب و سعادة :- ألف مبروك يا حبيبتي.

ابتسمت بحب وهي تضع يدها على بطنها تتحسسها بفرح :- الله يبـ.ـارك فيك يا إسلام، أنا حامل .

ربت على خصلات شعرها قائلاً بابتسامة عريضة :- أيوة يا روحي عقبال ما ينور حياتنا كدة هو وميدو.

نظرت أرضاً بخجل قائلة :- إسلام أنا آسفة ما أقصدش.....

وضع أصابعه على ثغرها يمنعها من مواصلة الحديث قائلاً بتفهم و مرح :- خلاص هعديها المرة دي، كله من ابن الكـ.ـلـ.ـب اللي جوة دة..

جعدت جبينها بضيق قائلة :- ما تشتمش ابني ولا تشتم أبوه..

غمز لها بعبث قائلاً :- يا بخت أبوه والله، احم أنا بقول نتلم أحسن الولد قاعد .

هتف الصغير بتساؤل :- ماما يعني إيه حامل؟

ضحكت بخفة وهي تشير لبطنها :- يعني هنا في نونو صغير هيطلع بعد شهور و هيبقى أخوك أو أختك.

أردف بانبهار :- يعني هيكون عندي أخ زي محمد ابن خالو محمود؟

هزت رأسها بموافقة قائلة بحنو :- اه يا حبيبي.

ضيق إسلام عينيه بغـ.ـيظ قائلاً بغيرة :- وصلة الحب دي هتخلص إمتى؟

ضحكت بخفوت قائلة بمهاودة :- إسلام حبيبي دة طفل صغنن..

أردف بخبث :- أيوة جريني للرزيلة وأنا بحبها، مليش دعوة أهو..

أردفت بحرج وهي ترجع خصلات شعرها خلف أذنها :-  إسلام عيب الولد!

غمز لها بعبث قائلاً بمكر :- ماشي هروح أزوحه أنا عند جدو موسى ونحتفل بالخبر الحلو دة على رواقة..

و بالفعل بعد أن أطعم الصغير و حمل الأطباق من على الطاولة نزل و أعطى الطفل لجدته عواطف وأخبـ.ـارها بكذب أن مريم مشغولة بتنظيف المنزل، وصعد بعدها ليدلف للغرفة وعلى وجهه ابتسامة عابثة، فهتفت هي بفرح :- إسلام قولتلهم تحت؟

هز رأسه بنفي قائلاً :- لا طبعاً أنتِ عاوزاهم يقطعوا عليا ولا إيه! دة لو قولتلهم هيطبوا كلهم هنا وهطلع أنا من المولد بلا حمص، خلينا نحتفل الأول وبعدين ربك يسهل.

هزت رأسها بضجر منه قائلة :- مـ.ـجـ.ـنو.ن!

اقترب منها بخبث قائلاً :- بيكِ يا جميل..

______________________________________

رمشت بخفة و فتحت مقلتيها بضعف، أنت بخفوت لينتبه لها مراد الذي أقترب منها بلهفة قائلاً :- رحيق أنتِ كويسة؟

حاولت الاعتدال إلا أنها تأوهت بصوت مسموع، وهي تضع يدها عند آخر بطنها قائلة :- في و.جـ.ـع هنا.

زم شفتيه بأسى قائلاً بحنو :- معلش كلها يومين و يروح.

هزت رأسها بتساؤل قائلة :- ليه في إيه؟

زفر بضيق فلابد من اخبـ.ـارها، إذ نظر لها بحذر قائلاً :- أنتِ كنتِ حامل و أُجهضتي .

طالعته بوجه شاحب قائلة بهمس :- حامل! ابني راح.

بدأت عبراتها بالهطول وهي تنظر حولها بضياع فاقترب منها إلا أنها أبعدته بيدها قائلة :- سيبني أنا عاوزة أقعد لوحدي..

أردف بهدوء وهو يحاول أن يحتويها :- رحيق أهدي.

صرخت بحدة :- بقولك سبني لوحدي مش عاوزة حد  ، مش عاوزة..

ابتعد عنها بخـ.ـو.ف من تأزم حالتها قائلاً باستسلام :- خلاص هبعد بس أهدي .

دلف شادي على صراخها و توجه ناحيتها قائلاً بحنو :- متزعليش يا حبيبتي، ربنا يعوض عليكِ..

هتفت ببكاء :- ابني مـ.ـا.ت يا شادي، ابني مـ.ـا.ت.

جلس إلى جوارها ومن ثم أخذها في أحضانه ليردف بحنو :- هششش خلاص أهدي، وحدي الله دي أمانة ربنا أخدها و بيبتليكِ هتعترضي.

هزت رأسها بنفي قائلة بو.جـ.ـع :- كان نفسي أحس بيه و يطلع على الدنيا و أشوفه وهو بيكبر قدام عنيا، بس يوم ما أعرف أعرف أنه مـ.ـا.ت..

قبلها برأسها بعمق قائلاً بروية :- إن شاء بكرة ربنا يرزقك بغيره..

أخذت تبكي بعنف، والآخر يشاهدهم و هو يشعر بجمرات الغيرة و الغضب يعصفان به، فهي رفضت اقترابه بينما تعانق غيره حتى وإن كان شقيقها، ضم كفه بغضب فهو المسؤول عن ذلك ما كان عليه أن يرفع يده عليها، فها هو يجني ما زرعه.
1

_____________________________________

يحتضنها بتملك وعلى وجهه ابتسامة خبيثة لتحقيقه ما يريد، بينما هتفت هي بخجل :- إسلام روح هات أحمد هيقولوا علينا إيه دلوقتي؟

قبل جبينها بحب قائلاً بمكر :- متخافيش أنا قولتلهم إنك بتنضفي البيت، شوفتي ساهلة إزاي!

زمت شفتيها بعبوس قائلة :- والله أنت قليل الأدب.

ضحك بعبث قائلاً :- هو أنتِ مت عـ.ـر.فيش إني خريج تجارة قسم قلة أدب؟

قوست حاجبيها بتعجب قائلة :- هو في قسم في تجارة اسمه كدة ؟ أنت بتشتغلني!

وقبل أن يرد عليها سمع رنين جرس الباب، فأردف بغـ.ـيظ :- مين ابن ال..... اللي جاي دة؟

أردفت بعتاب :- بطل تشتم كل شوية و روح شوف مين بقى.

نهض بعبوس قائلاً :- ماشي أديني رايح أهو..
ثم أردف بخفوت :- دة أنا هنفخ أمه.

ما إن فتح الباب، اتسعت عيناه بصدmة..................
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
شعر بالحرج الشـ.ـديد لوابل السُباب الذي أطلقه من ثغره كالمدفع عنـ.ـد.ما وجدها والدته و أحمد، فهتف بابتسامة عريضة :- تعالي يا أما اتفضلي.

ضيقت عينيها بغـ.ـيظ قائلة :- بالذمة أنت عندك دm!

بعثر خصلات شعره بحرج قائلاً :- فيه إيه يا أما بس؟

أردفت بحنق :- بقى مراتك حامل و متقولش! هنكرهلك إحنا يعني ولا هنكرهلك!
1

طالع الصغير بغـ.ـيظ قائلاً :- عملتها يا أبو حميد يا اللي ما مبتسترش أبداً.

ثم نظر لوالدته قائلاً بمرح :- أهدي يا عواطف أنا بس قولت أعملكم مفاجأة متكبريش الموضوع.

دلفت للداخل قائلة بفرح :- ألف مبروك يا عين أمك، فين مريم أبـ.ـاركلها.

أردف بابتسامة :- أقعدي يا أما وأنا هروح أديها خبر و أجيلك.

أنهى حديثه و دلف للداخل ليجدها تهاجمه و تضـ.ـر.به بعنف في صدره قائلة بوجه متوهج خجلاً :- شوفت أخرة قلة أدبك، أهى هتقول عليا إيه دلوقتي؟

ضحك بمكر قائلاً :- هتقول إيه واحد بيحب مـ.ـر.اته، يلا أنا هطلع أقعد معاها على ما تجهزي.

توجهت للخارج، ولكنه اعترض طريقها قائلاً بخبث :- إيه هتعدي كدة من غير ما تدفعي الضريبة.

لم يعطيها الفرصة للفهم و ابتعد عنها سريعاً فأردفت بحنق :- والله أنت معدتش عليك تربية.

قالت ذلك ثم أسرعت للمرحاض لتغتسل بينما خرج هو عند والدته وأحمد. بعد وقت خرجت مريم بوجه قاني وجلست جوار عواطف بعد أن سلمت عليها، لتربت الأخيرة على ظهرها قائلة بسعادة :- ألف مبروك يا مريم يا بـ.ـنتي.

بادلتها ابتسامة عـ.ـذ.بة قائلة :- الله يبـ.ـارك فيكِ يا مرات عمي.

أخذت تعد عليها بعض النصائح قائلة بلهفة :- متشليش حاجة تقيلة ولا تتعبي نفسك لحد ما تولدي بالسلامة بإذن الله.

هزت رأسها بموافقة قائلة :- حاضر يا مرات عمي، أنا واخدة بالي كويس.

أردفت ببسمة :- ماشي يا حبيبتي ولو في حاجة قولي لسامية وهي تساعدك...

وأخذت تثرثر معها بالعديد من النصائح و التوصيات.

______________________________________

بعد مرور سبعة أشهر حدث بها الكثير وفاة ناريمان التي أنهت حياتها بنفسها لتلاقي عقـ.ـا.بها بالآخرة، خيم الحـ.ـز.ن على شادي و شيري لعدة أشهر وهم في حالة صدmة مما فعلت و مصيرها الذي اختارت أن تنهي حياتها به.
حاولت سلوى في تلك الأشهر كسب عطف ابنها الذي كسبته أخيراً بعد عناء، فما فعلته ليس بهين و تعاملت بتحفظ مع رحيق التي ذبلت في بداية المدة تحت تأثير صدmتي وفاة والدتها مقـ.ـتـ.ـو.لة والتي علمت به للتو و وفاة جنينها الذي لم تعلم أنه يسكن بأحشائها لم يتركها مراد طيلة تلك المدة رغم اعتراضها فهي لم تنسى له تلك الصفعة التي لم يبادر حتى بالإعتذار منها عما بدر منه، و كم زاد ذلك من غضبها نحوه، ذلك الجـ.ـا.مد جبل الثلج المتحرك .
تم خطبة آلاء على إحدى الشباب بمنطقتها، كما تم عقد قرآن عاصم و سندس في جو أسري اقتصر على العائلة فقط، وكم شعرت باليتم لوجودها بمفردها إلا أن موقف مراد جعلها تبتسم بامتنان وأن الدنيا لا زال الخير يسكن بها حينما وكل نفسه بأن يكون وكيلاً لها ومنذ تلك اللحظة اعتبرته شقيقاً لها.

مريم التي أصبحت بشهرها الأخير من حملها والتي كانت تتدلل على إسلام يومياً و أحياناً تفتعل المشاكل بينهم بدون سبب وهو يتمنى أن يأتي اليوم الذي تضع فيه ذلك المولود ،والذي رفضت أن تعرف نوعه و تركته مفاجأة، ليرتاح قليلاً من العناء الذي تسببت له فيه، فقد أصابه الغـ.ـيظ والضجر من غيرتها و تقلباتها المزاجية التي ستقوده للجنون.

______________________________________

تلزم فراشها كعادتها، و أصبحت في حالة يرثى لها منذ أن توفت والدتها، سمعت طرقاً على الباب ولكنها لم تعبأ له بل ظلت على حالتها .
دلفت رحيق وهي تنظر لها بشفقة حتى وإن كانت والدتها هي من قــ,تــلت أمها، فهي ليس لديها أي ذنب في ذلك الجرم، و لم تكن تتخيل أن فتاة مثلها ستذبل بتلك الطريقة سريعاً.

جلست إلى جوارها على الفراش ولا تعلم من أين تبدأ أو ماذا تفعل، بينما أشاحت شيرين وجهها للجانب الآخر نحو النافذة العريضة التي تتوسط الغرفة قائلة بصوت متحشرج به بعض التهكم :- جاية ليه؟ جاية تشمتي فيا؟ بقلم زكية محمد

هتفت بسرعة :- لا طبعاً، أنا عمري ما هشمت في المـ.ـو.ت يا شيري، دي بقت بين أدين ربنا دلوقتي ميجوزش عليها غير الرحمة.

تجمعت العبرات في مقلتيها و سرعان ما تساقطت كالمطر في ليلة شتاء عاصف، نظرت لها بو.جـ.ـع من كلمـ.ـا.ت حُفِرت في ذهنها حفرتها المغفور لها بآلة حادة فبات من الصعب محوها :- أنتِ جاية ليه ؟ أديكي فزتي بكل حاجة بابا و أخدتيه زي ما مامتك عملت زمان  كرهته فينا .

رسمت ابتسامة باهتة تخفي بها تلك الندوب التي لم تطيب بعد :- ماما الله يرحمها مكانتش بتكره حد وإلا مكانش أتقــ,تــلت بالشكل دة، وأنا عمري ما حاولت أكرّه بابا فيكِ يا ريت تشيلي الأوهام دي من دmاغك.

صمتت قليلاً لتردف بصدق :- أنا جاية بس أقولك تعالي نبتدي صفحة جديدة من غير كره ولا حقد علشان دة آخرته وحشة أوي.

ثم اغـ.ـتـ.ـsـ.ـبت إبتسامة لترسمها على صفحة وجهها :- أنا هسيبك دلوقتي و فكري كويس ولو عوزتي أي حاجة تعاليلي.

قالت ذلك ثم اقتربت منها و أودعت قبلة حانية على رأسها ثم غادرت لتترك الأخرى تتابع أثرها وهي تعيد حساباتها لآلاف من المرات.

خرجت وهي على أمل في أن تتغير ولو قليلاً فيكفي معاناة في دنيا فانية.
نزلت الدرج لتجد نفسها تصتدm بجدار صلد، فرفعت مقلتيها نحو ماهية هذا الشيء لتجده هو، وسرعان ما تجهم وجهها و ارتدت ثوب الغضب معلنة عن عدm الاستسلام والرضوخ له، فتخطته وهي لا تعيره أي انتباه، لتشتعل النيران بصدره قائلاً وهو يمسك بذراعها :- رايحة فين؟

نظرت للجانب الآخر قائلة بجمود :- رايحة عند بابا و بعدين الشغل.

كز على أسنانه بعنف فيبدو أنها تستخدm برودها ضده كما يفعل هو ولكنه سئم من كل تلك الترهات ، فقد أشتاق قربها و الغرق في رحيقها حد الثمالة فأردف بهدوء :- رحيق تعالي عاوز أتكلم معاكِ.

زمت شفتيها بضيق قائلة :- وأنا مش عاوزة أتكلم معاك.

أردف ببعض الحدة :- ما تتعدلي بقى أنا سايبك بمزاجي.

جعدت أنفها قائلة بغـ.ـيظ :- إيه عاوز تضـ.ـر.بني تاني؟ اتفضل مش همنعك.

زفر بحنق و قد أيقظت تلك الذكرى التي كلما مرت أمام عينيه جعلت النـ.ـد.م يركض خلفه يلاحقه في كل مكان، نظر لها قائلاً بهدوء وكلمـ.ـا.ت الاعتذار تتسطر بمقلتيه :- مكنتش أقصد، أنا آسف أوعدك مش هكررها تاني.

زمت شفتيها بتهكم قائلة :- والله جاي دلوقتي تتأسف! إيه غرورك أخيراً أتنازل!

اصطكت أسنانه ببعضها محدثة جلبة قائلاً :- ولازمتها إيه الكلام دة أديني أهو أعتذرت.

أردفت بجمود :- أعتذارك مرفوض، It's too late .

قالت ذلك ثم ولته ظهرها، لتظهر ابتسامة خبيثة، ليمسكها الآخر من ذراعها يقربها منه قائلاً بغضب مكتوم :- رحيق لمي الدور أحسنلك.

رمشت بسرعة قائلة بوداعة :- عاوزني أسامحك؟

زفر بحنق قائلاً من بين أسنانه :- أممممم

طالعته بتشفي قائلة بمكر أنثوي :- قولي بحبك و بمـ.ـو.ت فيكِ قصاد سالي.

ضم قبضته بعنف قائلاً باستنكار:- نعم! وأقول قدامها ليه إن شاء الله هتشجعني ولا هتحييني على الأداء !
1

جعدت أنفها بضيق قائلة :- أيوة أهرب، قول من الآخر إنك ما بتحبنيش، صح؟

بلحظة كانت مقيدة بإحكام بقبضتيه وهو ينهل من رحيقها الذي أدmنه وبات له زمن لم يتجرع جرعته، فتناول الرحيق بنهم ضارباً بغروره عرض الحائط، وكل ما يهمه هو وجودها معه..

بعد وقت لم يذكر مدته، ابتعد عنها ليلصق جبينه بجبهتها قائلاً بحرارة :- بحبك و بمـ.ـو.ت فيكِ، ومش قادر على بعدك أكتر من كدة.

كاد ثغرها يصل للأرض من اعترافه الذي لامس أوتار قلبها فأحدث نغماً محبباً أشبع كيانها و زاد من عشقها له.
ولكن هيهات أبت الإعتراف أمام ذلك المغرور لتلقنه درساً قائلة بعدm استحسان وهي تمط شفتيها للأسفل :- الأداء مش حلو على فكرة، محستهاش قولها بضمير. بقلم زكية محمد

رفع حاجبه بذهول قائلاً :- نعم! رحيق أنا على أخرى منك أتجنبي شري أحسنلك.

دفعته بعيداً عنها قائلة بحنق :- أهو دة أكبر دليل على إنك بتمثل شوفت!

وضع أصابعه في خصلة شعره يشـ.ـده بعنف، يفرغ طاقته السلبية به بدلاً أن يقوم يهشمها الآن، عن أي تراهة تتحدث؟!

أخذ يعدو جيئة و ذهاباً بدون هوادة، و فجأة طرأ على ذهنه فكرة خبيثة، فهز رأسه بتأكيد وتقدm نحوها بخطوات جعلت أوصالها ترتجف فأردفت بتـ.ـو.تر :- خلاص مش عاوزة ...بص اعتبرني ما اتكلمتش هو أنت هتاخد على كلام واحدة هبلة برده!

كبح ابتسامته بصعوبة و حملها على حين غرة لتصرخ بخـ.ـو.ف بينما أردف هو بحدة طفيفة :- أخرسي خالص أنتِ هتلمي الناس علينا كدة، مش أنتِ الأداء مش عاجبك أنا هعيده تاني بقى وهنعرف ساعتها إذا كنت بمثل أو لا..

هزت رأسها بحذر قائلة :- أنت... أنت هتعمل ايه والله لأصوت و ......

لم تكمل حديثها حينما اقتطف رحيقها مجدداً ليهتف بخبث وهو يتأمل وجهها النبيذي :- صرخي وكل ما هتصرخي هتلاقي العقـ.ـا.ب دة علطول وأنا هكون سعيد جداً وأنا بقوم بالمهمة دي.

لم ترد عليه وإنما دفنت رأسها بخجل في صدره وهي تهمس بخفوت ولكنه وصل لمسامعه:- قليل الأدب.

أردف هو بمكر وانتصار :- شاطرة يا رحيق و بتسمعي الكلام و دلوقتي لازم نعيد الأداء ..

قال ذلك ثم صعد بها للأعلى لينعما سوياً في بحور عشقهم الخاصة.

______________________________________

تجلس على الأريكة و حولها الكثير من المأكولات و بيدها طبق من البسبوسة تأكلها بنهم و بطنها المنتفخة أمامها.
يتابعها الصغير بتذمر فكلما اقتربت يده من أي شيء ليتناوله تتحول إلى تنين مخيف بأن لا يقترب من أشيائها، تحذره بأن لا يقترب منها، فما كان منه سوى أنه وضع يده على وجنته يراقبها بتحسر، لتمتد يده بحذر نحو قطع الشيكولاتة و يلتقطها خلسة منتهزاً انشغالها و انتباهها المصبوب على شاشة التلفاز، فأخذ يتناولها سراً و بداخله فرحة عارمة انتصاراً بانجازه الطفولي.

دلف بانهاك بعد أن سحب العمل طاقته، ضيق عينيه بحذر عنـ.ـد.ما وجد السكون هو سيد الموقف فهتف بداخله :- راحت فين؟ يكون كلت الواد أحمد! أما ألحق أشوفها.

دلف للصالة ليزدرد ريقه بذهول وهو يراها هكذا، ليخطو بخطوات متمهلة و يجلس بجوارها وهتف بمرح :- عاملة إيه يا قلبي يا مفلساني أول بأول؟

طالعته بوداعة قائلة :- دة مش أنا، دة ابنك اللي عاوز ياكل كل دة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ضحك مغلوباً على أمره قائلاً :- اه طبعاً، يجي بس وأنا هعلقهولك .
ثم أضاف بمرح وهو يتابع سكون الصغير :- إيه يا ميدو يا حبيبي مش بتاكل ليه في الوليمة اللي عملاها مامتك دي؟!

قوس شفتيه بتذمر قائلاً :- مش راضية تديني يا إثلام قولها أنت.

فرغ بصدmة قائلاً :- حتى الواد يا مؤمنة! خد يا حبيبي مد إيدك على اللي أنت عاوزه متخافش.

صاح الصغير بفرحة وراح يلتقط ما تطوله يداه و بدأ في تناوله، بينما أردفت هي بتذمر :- لا دي الحجات بتاعتي أنا أبقى أشتريله .

أردف بمرح وهو يمسك بوجنتيها :- يا أختي خلاثي عسل بكرشك دة.

تقلص وجهها حـ.ـز.ناً قائلة بعبوس :- أنا بكرش يا إسلام! ماشي أنا هروح عند أمي ما أنت خلاص مبقتش طايقني.
ثم تابعت وهي تلقي بيديه بعيداً:- و أوعى أديك دي خدودي و.جـ.ـعتني.

أردف بضحك :- ما هما حلوين كدة وهما منفوخين.

ربعت يديها بضيق جلي و نظرت أرضاً وهي تكبح دmـ.ـو.عها، فعنـ.ـد.ما رآها هكذا اقترب منها و احتضنها، فأخذت تحاول الفكاك منه إلا أنها فشلت قائلة بتذمر وصوت أقرب للبكاء :- أوعى كدة يا رخم.

ضحك بخفوت قائلاً بحنو :- بهزر معاكي يا قلبي، دة أنتِ بقيتي قمر كدة و بطة بلدي عاوزة تتاكل الأكل ولولا قاطع اللحظات السعيدة دة كنت قومت كلتها دلوقتي.

نهرته بحدة قائلة :- إسلام!

رفع يديه باستسلام قائلاً بمرح :- حاضر هسكت علشان ما أبوظش الولد.

هزت رأسها بيأس منه، و فجأة جعدت جبينها بألم وهي تشعر بألم عنيف أسفل بطنها، ليردف هو بخـ.ـو.ف ما إن رأى حالتها :- مالك يا مريم؟ أوعي تكوني هتولدي!

أردفت بألم :- مش عارفة، بس في و.جـ.ـع جـ.ـا.مد...اااه..

صرخت بحدة عنـ.ـد.ما ازداد الألم لتبكي بصوت مسموع :- ألحقني يا إسلام، شكلي بولد.

أردف بغـ.ـيظ :- يعني مش هنروح المستشفى و نرجع زي كل مرة ...

صرخ بحدة عنـ.ـد.ما وجدها تمسك يده و تغرز أسنانها بها، سحبها منها بصعوبة قائلاً بصراخ :- يا بـ.ـنت المـ.ـجـ.ـنو.نة .

أردفت بصراخ :- بقولك بولد يا بـ.ـارد اتحرك، أعمل أي حاجة. بقلم زكية محمد

تعالت صرخات الصغير تزامناً معها ليردف إسلام بهدوء :- حبيبي أهدى ماما كويسة.

إلا أن الصغير لم يتوقف عن البكاء وتلك التي تصرخ بو.جـ.ـع فوقف عاجزاً بينهما للحظات .
فاق على صرخات مريم التي تقطع نياط القلوب فالتقط هاتفه ليتصل بمحمود أن ينزل هو وسامية على عجالة، وما هي إلا لحظات حتى امتلأ المنزل بالعائلتين، و حمل إسلام مريم و توجه بها نحو المشفى، وأخذت تصرخ طيلة الطريق وهي تسبه و توبخه بأنه المتسبب فيما هي فيه، أما الآخر أخذ يتوعد لها وعلى لسانها الذي أوشى بالكثير و سبب له الحرج، ولكن الآن أهم شيء سلامتها الآن.

بعد وقت أخذ يسير جيئة و ذهاباً بالطرقة وقد تمكن الخـ.ـو.ف عليها منه، وهو يسمع صراخها الذي رج المشفى وهو غير قادر على تقديم العون لها، ولو كان الو.جـ.ـع يُنتشَل لأقــ,تــلعه منها و زرعه في أضلعه.

انقطع صوت صياحها ليرتقب من بالخارج بقلق، وما إن خرجت الطبيبة أسىرعوا جميعهم نحوها فهتف إسلام بلهفة :- طمنيني على مراتي يا دكتورة .

ابتسمت بعملية قائلة :- ألف مبروك المدام رُزِقت ببـ.ـنت زي القمر وهي حالتها مستقرة و تقدروا تشوفوها .

انصرفت الطبيبة ليدلف الجميع لتتوالى التهاني و المبـ.ـاركات عليهما .
حمل مولودته برفق وهو يخشى أن تتهشم بين يديه، و شعور أبوي جديد غزاه ليميل مقبلاً جبهتها بحنان و رقة وكأنها زجاج يخشى عليها من الكـ.ـسر .

توجه ناحية مريم ليقبل جبينها بحب قائلاً :- مبروك علينا بـ.ـنتنا يا روحي.

ابتسمت بوهن قائلة :- الله يبـ.ـارك فيك، هات أشيلها.

أعطاها الصغيرة لتحتضنها بحنو أموي وهي تطالعها بسعادة، بينما أقدm الصغير يطالعها بانبهار قائلاً ببراءة :- دي أختي اللي كانت في بطنك.؟

أومأت بفرح قائلة :- اه يا روحي هي .

صعد على الفراش بجانبها ليردف بلهفة :- طيب خليني أشيلها شوية زي إثلام.

ضحكت بخفة قائلة :- لا يا حبيبي شوفها كدة أنت لسة صغير لتقع منك.

نظر لها بسعادة و مال مقبلاً إياها بوجنتها قائلاً :- ماما دي حلوة أوي و صغيرة أوي.

هتف محمود بابتسامة عريضة :- مبروك ما جالك يا إسلام أديني أهو هحجزها من دلوقتي للواد ابني علشان أجوزهاله.

نظر له أحمد قائلاً بغضب طفولي :- لا مصطفى وحش مش هخليه يتجوز أختي.

ضحك بصخب قائلاً :- بكرة نشوف يا ابن علي.

_____________________________________

مرت الأيام بسعادة على الجميع فتزوج شادي بعد عدة أشهر بإحدى زميلاته في العمل، و توطدت علاقة رحيق بشقيقتها في الآونة الأخيرة و تزوجت،  كما بدأ الجد و الجدة في تقبلها وسط العائلة، عاشت أيامها بسعادة إلى جوار مراد الذي لم يبخل في إغداقها بالحب و السعادة رغم جنونها المعتاد إلى أنه عشقها و انتهى الأمر ليصبح أسيراً لسـ.ـجـ.ـن عشقها الذي قيدته فيه بإحكام و ما أسعد السـ.ـجـ.ـن في بحور المغرمين .

بعد مرور سبع سنوات تركض الصغيرة التي تبلغ ثلاث سنوات نحو أبيها الذي احتضنها و قبلها من وجنتها المكتنزة قائلاً :- مالك يا روح بابا؟

هتفت بضيق طفولي :- بابي مامي بتزعق !

أردف بتساؤل :- و بتزعق ليه؟

هزت كتفيها ببراءة قائلة :-  آثل كثل الملاية في الأوضة وهي بتثرخ كتيل.

توجه بها ناحية غرفة ابنه قائلاً :- تعالي نشوف كدة.

دلف للداخل ليُفاجئ حينما وجدها تركض خلف آسر ابنهما ذو الستة أعوام، و الآخر يفعل حركات تزيد من جنونها عليه و هي تكيل له بالوعيد ما إن يقع تحت يدها .

خشي على الصغيرة فوضعها في مكان بعيد وأمرها بأن لا تتحرك، فتوجه ليقف قبالتها فأسرعت تقول بغضب :- أبعد يا مراد خليني أمسكه دة أنا همـ.ـو.ته، الأستاذ بيلعب كورة في الأوضة في حد بيلعب كورة كدة يا ناس.

احتمى آسر خلف والده قائلاً بضجر و برود :- بابا حوش مراتك دي عني، أنا مش عارفة مكبرة الموضوع على إيه؟

اتسعت عيناها بصدmة قائلة  :- يا برودك يا أخي وكمان مش عارف حجم المصـ يـ بـةاللي عملتها دة أنت كـ.ـسرت المراية بتاعتي الوحيدة اللي بشوف شكلي فيها حلو يا معفن، لكن هقول إيه بـ.ـارد و فريزر لأبوك.

نظر لها مراد باستنكار قائلاً بجمود :- إممممممم ها وايه تاني؟ بقلم زكية محمد

ازدردت ريقها بتـ.ـو.تر قائلة :- أااا....مراد حبيبى أوعى تفهم غلط أنا أقصد لعمه عاصم .

أومأ بصقيع جليدي ليهتف بهدوء مريب :- آسر خد جنا و روح لمرات عمك تحت .

أومأ الصغير بسرعة و قد وجدها فرصة للهرب، فأخذ أخته و انطلق بها للخارج بينما توجه هو نحوها قائلاً :- عيدي اللي قولتيه تاني كدة.

قوست شفتيها للأسفل وقد علمت أن لا محالة من العقـ.ـا.ب، فأردفت بخفوت :- مراد أعقل يا حبيبي احنا معانا عيال دلوقتي و....و.......لو قربت مني هصوت أهو أنا كبرت على الضـ.ـر.ب على فكرة !

حملها متوجهاً بها نحو غرفتهم قائلاً بخبث :- لا لازم نفكر المدام و نقرص ودنها شوية، و بالمرة تتعـ.ـا.قب العقـ.ـا.ب اللي هي عارفاه كويس.

ضغطت على شفتيها بغـ.ـيظ من نفسها وهي توبخ ذاتها، و لوهلة أردفت بداخلها :- تستاهلي يا رحيق أنتِ اللي جبتيه لنفسك..
لتستسلم بعدها لطوفان عشقه الذي يغمرها به.

______________________________________

كانت تعد الطعام حينما أتت لها ابـ.ـنتها التي هتفت بضيق :- ماما تعالي شوفي ابنك.

زمت شفتيها بضجر قائلة :-  عمل إيه ابني؟

قوست شفتيها بعبوس قائلة :- مش راضي يخليني أروح أقعد مع ندي بـ.ـنت خالو محمود.

زفرت بملل قائلة :- بقولك إيه اطلعي من نافوخي، أنا فيا اللي مكفيني لما نشوف أبوكي كمان اللي الهانم بـ.ـنت خالته قاعدة عندهم من الصبح وهو بيحكي معاها صدق ما لقاها.

ضـ.ـر.بت بقدmها الأرض بغضب طفولي قائلة :- يا ماما خليكِ معايا أنا، الله! روحي قولي لابنك بقى ملوش دعوة بيا.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تمتمت بخفوت :- كان يوم مطلعتلوش شمس يوم ما قولناله أنه مش أخوكِ هيبتديها تحكمـ.ـا.ت من دلوقتي المفعوص!

دلف أحمد عندهم قائلاً بصرامة رجل كبير وليس طفل لم يبلغ عامه الثاني عشر بعد:- ماما عقلي بـ.ـنتك مرواح فوق مش هتتطلع.

هزت رأسها بمهاودة قائلة :- حاضر يا عين أمك مش هتطلع، تعالي ساعديني يا فريدة على ما المحروس أبوكي يشرف، وأنت يا ميدو طُل على سيف شوفه صحي ولا لا.

أومأ لها بموافقة، بينما نفخت الصغيرة وجنتيها بغضب محبب لديه و شرعت في مساعدة والدتها.

بعد وقت صعد إسلام للأعلى وهو يحفز نفسه للمعركة التي ستنطلق الآن ما إن يدلف للداخل، حيث دلف بهدوء وما إن رآهم بانتظاره ورأى سهامها الحارقة التي تطلقها نحوه :- السلام عليكم يا أهل الدار، إيه دة أنتوا مستنيني حبايبي والله.

هتفت من بين أسنانها بغـ.ـيظ :- وعليكم السلام، يا رب القعدة تكون حلوة بس.

ضحك بخبث قائلاً :- يووه دي حلوة بشكل.

حدجته بغضب وهي تغرز السكين التي بحوزتها في الطاولة :- والله! امممم طيب مفيش عشا و روح اتعشى مع أم سحلول اللي تحت..

ضحك بصوته العالي قائلاً :- عليكي تشبيهات يا مريومة عسل زيك.

هزت رأسها بوعيد قائلة :- هنشوف يا إسلام هنشوف. بقلم زكية محمد

قالتها ثم أخذت تأكل طعامها بغـ.ـيظ تلوكه بعنف، بينما تحاشى هو النظر لها وبداخله يردف :- ربنا يستر.

بعد إنتهاء وجبة العشاء، نهضت هي تلملم الأطباق و عاونتها الصغيرة في ذلك، و بعدها تجاهلته عمداً حينما تخطته و توجهت نحو حجرة صغيرتها تستذكر لها الدروس، و بعد أن غفيت دثرتها جيداً و اودعت قبلة حانية على جبينها، ثم غادرت الغرفة لتذهب لغرفة أحمد  و سيف و ظلت معهم بعض الوقت، لتتركه بعد أن غفيا هما الآخران.

توجهت أخيراً لغرفتها لتجده متيقظاً يطالعها بغـ.ـيظ قائلاً :- ما لسة بدري يا مدام!

تجاهلته و توجهت للجانب الآخر من الفراش، ليغتاظ الأخير منها فسحبها نحوه قائلاً بحدة :- ممكن أعرف إيه الخلقة اللي مصدرهالي دي!

أردفت ببرود :- أبداً بس بحسسك بنفس احساسي وأنت معاها تحت ولو أنه مش هيوصل للتلت حتى.

زفر بغـ.ـيظ وهو يمسح على وجهه قائلاً بتهكم :- هو أنا قاعد أحب فيها لا سمح الله ، و بعدين دي متجوزة يعني شيلي الهبل دة خالص من دmاغك.

أردفت بحنق :- آه يعني دلوقتي أنا اللي بقيت وحشة و هتغلطني.

أردف بضجر قائلاً :- مريم بكرة هنروح للدكتورة أنتِ شكلك حامل أو أكيد، أصل جنونتك مش بتقوم غير لما تكوني كدة..

أردفت ببلاهة وقد تناست ما تقوله :- بجد يعني أنا حامل يا إسلام؟

هز رأسه قائلاً بتأكيد :- أقطع دراعي دة إنما كنتي حامل هو أنا هتون عنك دول عيلين يا أما وأنتِ أهو بتكرري كل حاجة بحذافيرها.

احتضنته بحب قائلة :- يا حبيبي يا إسلام أنا بحبك أوي.

بادلها العناق ليردف باستسلام وكأنها شخص آخر غير التي كانت مثل التنين المجنح منذ دقائق :- وأنا بمـ.ـو.ت فيكِ يا قلب إسلام.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا