رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3 بقلم شيماء الصيرفي
رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3 هى رواية من كتابة شيماء الصيرفي رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3
رواية بنت ابو علي الفصل الثالث 3
_ وعد انتِ كويسة يا حبيبتي؟
قالها بابا بخوف أول مفتحت عيوني، غمضت عيوني بتعب، اتكلمت ماما برجاء وقال...
_ عشان خاطري يا وعد افتحي عيونك، طمنيني عليكي هموت من الخوف.
سمعت كلمتها وفضلت مغمضه عيوني؛ لاني مش مصدقه إنها ممكن تكون خايفه عليا.
فتحت عيوني بعد فترة، كان في ناس كتيرة حواليا وكلهم بيحاولوا يكلموني، مكنتش برد على حد، كنت ببكي في صمت.
زعلانه إني لسه عايشة، بفكر أحمد هيعمل فيا إيه لما أخرج من هنا أكيد هياخدني غصب عني.
الباب خبط ودخل عمو حسين وأسامة، قرب عمو مني، فتكلمت طنط سهام وقالت...
_ من وقت مفتحت عينها وهي بتعيط ومش راضية ترد علينا.
قرب عمو وقال...
_ بطلي عياط عشان أقولك على خبر هيفرحك.
بصيتله بإهتمام فقال...
_ أمسحي دموعك دي بس.
مسحت دموعي وقلت..
_ إيه الخبر اللي يفرح؟
_ أنا وأسامة كنا في القسم وقدمنا محضر في جوزك باللي حصل وأخدنا تفريغ الكاميرا اللي قدام الشقة، واثبتنا اللي عمله، الحمدلله اتقبض عليه.
اتكلمت بفرحة وقلت...
_ صحيح يا عمو.
_ أه والله، هتاخدي حقك وحريتك هترجعلك.
_ أنا مش مصدقه.
قلت كلماتي وأنا بعيط، اتكلمت طنط سهام وقالت..
_ بتعيطي ليه بس دا خبر يخلي الواحد يزغرط.
_ بعيط من الفرحة مكنتش مصدقه إن اليوم دا ممكن ييجي.
بصيت لماما وبابا لاقيتهم بيبصولي بكسوف وخجلانين إنهم خذلوني ومجبوليش حقي والغريب هو اللي حررني وجابلي حقي.
رجعت بيت أهلي ورجعت لأوضتي اللي يأست في يوم من الأيام إني ممكن ارجعلها تاني.
أول مدخلت بصيت لكل ركن فيها بإشتياق، قعدت على مكتبي. سرحت وافتكرت لما مكنتش بفارق المكتب دا عشان أنجح وأوصل لهدفي وابقى معيدة في الكلية.
نزلت دمعة من عيني على الحلم اللي حلمته وضاع.
ضاع واندثر زي أحلام كتيرة ضاعت واندثرت بسبب أحمد ومامته، قومت من على الكرسي وأنا بحسبن عليهم بقلبي.
بدلت هدومي واتجهت لسرير، اكتشفت ان جسمي مليان كدمات ومش قادرة انام، جرح راسي مخليني مش لاقيه وضع مريح.
لوهله كنت هعيط، بس فضلت أهون علي نفسي إنه خلاص أخر وجع هحس بيه والفرج جاي، وبكرة ربنا هيغرقني في العوض.
صحيت تاني يوم على صوت حماتي ووالدتي، كنت خايفه أفتح باب أوضتي والاقي أحمد طلع وجاي ياخدني. فضلت اترعش واعيط من الخوف.
باب اوضتي اتفتح، فصرخت بخوف.
قربت ماما مني بحنان أول مرة اشوفه، ضميتني تهديني وتطميني. قالتلي حماتي برة ومصره تشوفني ومش راضية تمشي رغم إن ماما طردتها.
سألتها بخوف وقلت...
_ هي هي جاية تاخدني؟! انتِ هتسبيها تاخدني؟!
قلت جملتي والدموع بتنزل شلالات على خدي ودماغي بتعيد سيناريو حياتي قدام عيني.
ردت ماما وهي بتمسح دموعي بحنان وقالت...
_ محدش يقدر ياخدك من هنا، الرابط اللي بينك وبينهم اتقطع وعمره مهيرجع.
غيرت هدومي وخرجت، قابلتني بمقابلة أول مرة اشوفها، كانت بتترجاني إني اتنازل عن القضية واخرج ابنها من السجن.
اترجتني لدرجة انها باست ايدي، وقتها افتكرت في مرة ابنها كان بيضربني واترجتها تبعده عني، وفضلت تسخن فيه أكتر.
حسيت بإحساس نصر واتكلمت بكل كره وقلت...
_ تبقى غلطة عمري لو عملت كده، عارفه لو ابنك بيموت والدوا في إيدي هسيبه يموت قدامي.
اتبدل حالها وقالت...
_ دا انتِ طلعتي جاحده، طب اعملي حساب للعشرة والراجل اللي كنت عايشه في بيته وتحت جناحه.
_ لو كنت جاحده زي مبتقولي فانتِ وابنك اللي علمتوني الجحود.
علت صوتها وقالت...
_ كنا بنعمل فيكي ايه عشان تقولي كده؟!
رديت بغضب وقلت..
_ يا قسوة قلبك، بعد كل اللي عملتوا فيا ومش عارفه عملتوا إيه؟ دا ابنك كان هيقتلني قصاد أهلي.
قطعت كلامي وقالت...
_ عشان انتِ قليلة الرباية وعاوزة اللي يأدبك.
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم.
_ بتحسبني عليا في وشي يا بنت رانيا؟
رديت بغل وكره وقلت...
_ هفضل احسبن عليكي طول عمري. عارفه لو بينكم وبين الجنة مسامحتي ليكم فأنا مش مسمحاكم، وبكرة تشوفي كل اللي عملتيه فيا في بنتك اللي بتخافي عليها من الهوا الطاير.
صرخت في وشي أول مجت سيرة بنتها وقالت...
_ وديني يا وعد لأوقف حالك ومهخلي راجل على الدنيا دي يرضي يبصلك وبكرة تيجي زاحفه على بطنك عاوزة ضفر ابني.
نهت كلامها وخرجت من البيت.
قعدت على الكرسي بوهن وكلامها بتردد في ودني، فضلت أعيط بصمت. ماما كانت بتكلمي وتهون عليا وتقول متقدرش تعمل حاجة.
بس انا كنت في دنيا تانية وخايفة، رفعت عيني للسماء ونطق قلبي برجاء يطلب من ربه يجبره ويبعد عنه شر العيلة دي.
جروحي بدأت تلم واستعدت جزء من صحتي ونزلت شغلي تاني، بدأت ارجع لحياتي تدريجي.
اهتميت بصحتي الجسدية اللي كنت اهملتها، بدأت اعمل انشطة تساعدني إني ارجع لحياتي الطبيعية.
حاولت كتير أبقى إنسان طبيعي، للأسف مقدرتش ودا خلاني أتأكد إني محتاجة طبيب نفسي يساعدني إني اعالج واداوي كل الجروح والألم النفسي اللي بينهش فيا وفي قلبي. يساعدني اتخلص من الكوابيس والهواجس اللي بتجيلي، يساعدني أصدق إن خلاص مفيش أحمد تاني وبقيت حرة.
الكل كان بيتعامل معايا بود وحب وبيحاولوا بكل الطرق يخرجوني من صمتي وسكوني الطويل. للأسف أغلب محاولاتهم كانت بتبوء بالفشل، يمكن شوية بعد مروحت لطبيبة نفسية قدرت أكون متواجده.
العيلة اتلم شملها تاني بعد وقوف عمي جمبي في ازمتي، رجعنا نفتح شقة تيتا ونقضي فيها يوم الجمعة.
بقت ماما تصر إني احضر بعد مكانت بتكره التجمعات دي.
في اوقات كتيرة كنت برفض أنزل، رغم كده مكنوش بيسيبوني لوحدي. بنات عمي وعمتي كانوا يطلعوا ياخدوني غصب عني.
_ مستعده؟!
قالتها د نورا بحماس، رديت عليها وقلت..
_ إن شاء الله.
_ لو مش قادرة دلوقتي ممكن نأجل كلامنا في الجزء دا بعدين.
_ متقلقيش قادرة، أنا عاوزة اتخلص من كل الوجع والألم اللي جوايا.
نهيت جملتي وبدأت احكي عن كل شيء وجعني وألمني، حكيت عن كل كسرة وخذلان مريت بيهم.
بدأت احكي عن حياتي من طفولتي ومعامله أهلي، لامبالاة بابا.
عصبية وشدة ماما معايا، ضغطها المستمر إني ابقي أحسن حد سواء عاوزة دا أو لأ. حكيت عن إجباري في كل شيء في حياتي، سواء لبسي شكلي، تعليمي زواجي كل حاجة.
حكيت عن زواجي من أحمد وكل الذل والأذى الجسدي والنفسي اللي شوفته منه ومن أهله.
حكيت عن خذلان أهلي ليا في كل وقت استنجدت فيه بيهم.
صارحتها بالكره اللي بقا جوايا وبغضي للحياة وانعدام ثقتي بالبشر.
صارحتها بالنظره التشاؤميه اللي بدأت تنتصر عليا.
خلصت الجلسة واللي يعتبر كانت من أصعب الجلسات، مبطلتش عياط من أول مبدأت لغاية مخرجت، كنت في حالة صعبة جدًا لدرجة إني مقدرتش أرجع لوحدي واتصلت على والدي ييجي ياخدني.
موبيلي رن باسم بابا فعرفت إنه وصل، نزلت ومكنتش لاقياه. كنت لسه هتصل بس لاقيت عربية بتزمرلي، كانت عربية أسامة. نزل بابا وجه تجاهي يطمن عليا،
طمنته إني بخير ومشيت معاه، ركبت معاهم واتحركنا.
كنت بحاول امنع دموعي بس للأسف كانت بتخوني وبتنزل غضب عني. جوايا كنت متضايقه إن أسامة شايفني بالحالة دي، وزعلانه إنه عرف إني بتابع مع طبيبة نفسية.
خرجت مني شهقة قوية، مقدرتش اتحمل أكتر من كده، ودخلت في نوبة البكاء والصراخ اللي كنت بأجلها، مكنتش قادرة اتنفس من شدة البكاء.
وقفوا العربية على جمب وفتحوا الشباك ويحاولوا يهدوني، للأسف معرفوش ؛ لأن كل التراكمات اللي كانت في قلبي قررت تخرج.
بعد فترة بدأت انفاسي تنتظم وشهقاتي تقل، شربت ماية وبدأت أحس إني أحسن.
_ بقيت كويسة؟! حاسة انك أحسن؟
قال أسامة جملته هزيت راسي بهدوء وقلت...
_ أه الحمدلله.
اتكلم بابا وقال...
_ نتحرك؟
هزيت دماغي بأه وقلت...
_ ماشي.
اتكلم بابا وقال...
_ يلا يا أسامة.
رجعوا لـ أماكنهم واتحرك أسامة، غمضت عيوني وأنا حاسه نفسي في دنيا غير الدنيا، مش عاوزة ارجع البيت، كان نفسي اقوله ممكن تلف بينا شوية.
فتحت عيوني لاقيت أسامة بيصلي كل شوية من المراية، غمضت عيوني هربًا من الحصار اللي حسيت بيه، مفتحتهاش غير لما رجعنا البيت.
أول ماوصلنا نزلت أول واحده. طلعت بسرعة قبل ما اي حد يسألني عن شيء، دخلت اوضتي وقفلت عليا الباب بالمفتاح.
بمجرد مقفلت بالمفتاح، الباب فضل يخبط، استسلمت وفتحته.
_ وعد افتحي يا بنتي متقلقنيش عليكي.
فتحت الباب وبصيت لماما بلامبالاه وقلت...
_ غريبة قلقانه عليا؟ من أمتى وانتِ بتقلقي عليا!
_ انتِ كويسة؟
قالها بابا رديت وقلت...
_ من أمتى وأنا أمري يهمك، طول عمرك همك شغلك وثروتك.
_ وعد اتكلمي بأسلوب كويس، متنسيش انتِ بتكلمي بابا وماما.
ضحكت بإنهزام وقلت...
_ غريبة، بس حضرتك نسيت إن عندك بنت، يمكن افتكرتها لما اترمت جثة تحت رجلك.
_ وعد.
_ ايه يا ماما مش دي الحقيقة، انتو عمركم محسيستوني إني بنتكم ولا بتحبوها.
خرجت شهقه غصب عني وبعدين كملت كلامي وقلت...
_ ماما انتِ ولا مرة حسيستيني بحب الأم ولا حنانها، كل حاجة شخط وزعيق واوامر، عمرك سألتيني أنا عاوزة إيه أو نفسي في إيه.
كل حاجة في حياتي انتِ اللي بتعمليها وبترسميها، أنا بنسبالك عروسة لعبه بتحركيها زي مبتحبي، عمرك سأليني انتِ عاوزة دا.
ديما ضاغطه عليا عشان أوصل للمكان دا، سواء أنا عاوزة ولا مش عاوزة، قادرة أوصل ولا صعب عليا وعلى قدراتي.
بتضغطي وبس عشان بنتك تكون وصلت للي انتِ عاوزاه، عشان تقعدي مع صحباتك وتقولي بنتي عملت كذا وكذا... عشان شكلك مش أكتر.
انتِ دمرتيني ودمرتي حياتي. زوجتيني من شخص مش عاوزاه وكرهاه غصب عني، سلمتيني لواحد يكسرني ويضربني يعمل كل ما بداله، قفلتي بابك وحضنك في كل مرة بلجألك فيها، تقوتيلي كل ست بتتحمل، رغم أنك لو مكاني يا أمي، كنتي قلبتي الدنيا ومرضيتيش بيه لنفسك، بس رضيتي بيه لبنتك عشان شكلك عشان متبقيش ام المطلقة اللي فشلت في حياتها.
مسحت دموعي اللي نزلت وبصيت ل بابا وقلت...
_ مش عارفه ألومك على حاجة؛ لأنك بنسبالي عمرك مكنت موجود، عمرك مكنت أمان ولا سند ولا ضهر ليا، أنت مجرد اسم وبس.
في كل مرة كنت ترفض تسمعني فيها كنت اقول لنفسي ايه الجديد. بس كسرتني أوي يوم ...
حاولت اسيطر على شهقاتي وكملت وقلت...
_ كسرتني يوم مـ ذم فيا وفي شرفي وضربني قدامك، وانت متهزش ليك شعره ولا رمشلك جفن، ولا اكنك تعرفني.
نهيت كلامي ودخلت اوضتي، على عكس اللي توقعته معيطتش ولا حصلي انهيار تاني؛ يمكن لأني خرجت كل اللي كان في قلبي. وكل التراكمات والأذي اللي جوايا قل.
من هنا بدأت فصل جديد في حياتي، فصل اتمنيت أبدأه من زمان.
بدأت أعيش حياتي زي ما أنا حابه، مفيش حد بيفرض عليا رأيه أو يقيدني بشيء مش حباه، بقيت أعمل اللي عاوزاه ويريحني.
بدأ ماما وبابا يصلحوا علاقتهم بيا، في البداية كنت بصدهم، لكن بعد فترة سمعت ليهم إنه يخترقوا حياتي؛ لأني كنت محتاجه لدا، رغم كده مقدرتش انسى اللي حصل.
بدأت في الماجستير، هنا اكتشفت إن المذاكرة وحشتني واكتشفت قد إيه كنت بحب المذاكرة.
بدأت فيه لما الدكتورة قالتلي لازم أعمل أنشطة جديدة في حياتي، زي إني أجيب كتب تلوين وألون، أتعلم حرف يدوية.
قررت اسيت كل دا واعمل الماجستير، لما حكيتها شجعتني وقالتلي خطوة حلوة وجت في وقت المناسب.
مر سنة على طلاقي، بدأت أرجع لحياتي تدريجي واتعافى شوية بشوية. أخيرًا رجعت أضحك وأحس بطعم السعادة. وبدأت النظرة التشاؤمية اللي كانت عندي تختفي ورجع الأمل تاني.
رغم التغير النفسي اللي حصل في حياتي إلا إني لازلت مستمرة في قول " حسبي الله ونعم الوكيل " ومنتظرة ربنا ياخدلي حقي منهم في الدنيا والآخرة.
خاصًا بعد لما طلعوا عليا اشاعات كلها افتراء، قالوا إن أحمد كان بيضربي وهيموتني عشان كنت بخونه ودا السبب اللي خلاه يتسجن.
حماتي بخت كلامها لكل الناس، الأهل، الصحاب، الزملاء والمعارف. ومش بس كده كانت بتبعت ناس تتكلم عليا بسوء في شغلي وكل مكان بتردد عليه.
_ بعد اذنكم احترموا قراري.
قلت جملتي ردت ماما بإنفعال وقالت...
_ نحترم قرارك دا لو الشخص فيه عيب أو انتِ مش متقبلاه أو مش مرتاحه، أما سيادتك مش عاوزة تشوفيه ولا تقعدي معاه، إيه ناوية تترهبني؟!
_ أه يا ماما مش هتزوج خالص، كانت غلطة مش هتتكرر تاني.
_ طب شوفيه واقعدي معاه، ولو مش شايفه كويس مكنتش هقولك عليه أصلًا.
نهي كلامه، رديت بعصبية وخوف من تكرار التجربة وقلت...
_ واللي قبله مش كنتوا شايفينه كويس ووافقوا عليه. قصدي أجبرتوني واللي حصل بعد كده كان هيتقلني.
أنا مش مستعده اتزوج تاني وييجي واحد يضرب ويشتم ويطلع عقد النقص عليا، ولو طلبت نجده ملاقيش ضهر ولا سند.
اتكلم بابا بحزن باين في عيونه وقال...
_ انا عارف إني خذلتك كتير وسببتلك ألم نفسي عميق من سلبيتي معاكي. بس فوقت لما شوفتك هتروحي مني في ثانية. مكنتش متخيل إنه وحشي لدرجادي، كنت مفكرك بتبالغي.
صدقيني يا وعد الشخص دا مختلف كتير، أنا وافقت عليه؛ لأنه راجل وشايل مسؤولية من صغره، وافقت علشان شخصيته مش علشان اللي عند ابوه، إحنا غلطتنا مرة ومش هنكررها تاني.
كل اللي طالبه منك تشوفيه وتقعدي معاه والقرار بعد كده ليكي.
وافقت على مضدد وقولتلهم هصلي استخارة الأول ولو حاسه الدنيا متيسره ييجي.
مر يومين كنت بصلي فيهم استخارة بعد كل صلاة. داعيت في كل سجده سجدتها خلال اليومين دولي إن ربنا يختارلي الصالح ومش يخيرني.
عرفت بابا إني موافقه نعمل مقابله، وفي نفس اليوم العريس رد وقاله إنه هييجي بالليل.
كنت مستغربه ليه مستعجل كده، واستغربت أكتر على اصراره، لما عرفت إني دي مش المرة الاولي اللي يتقدم فيها.
_ يلا يا وعد قاعد برة في انتظارك.
قال بابا جملته، خرجت وراه وأنا كلي خجل، كنت مستغربه إنه ليه حاسه بكل الخجل دا.
دخلت الصالون وقعدت، ملقتش حد، بس استغربت من وجود أسامة وشياكته، قلت في بالي ممكن بابا يكون طلب منه يحضر بحيث يشوفه من نظرته كـ شاب هيبقى العريس كويس ولا لأ.
_ خرجتني ليه بدام لسه مجاش؟
قلت كلماتي بتعجب، رد عليا أسامة وقال...
_ مين اللي لسه مجاش منا قدامك أهو.
فضلت شوية استوعب كلماته وكأني فقدت قدرتي على الكلام.
_ أه أنا العريس، وأنا اللي طلبت من عمي إنه ميقولكيش.
نهى كلامه، اتكلم بابا وقال..
_ هسيبكم تتكلموا وأنا هقعد قدامكم هنا قصاد التليفزيون.
خرج بابا قعد قصادنا بالظبط، نقل أسامة قعدته وقعد قريب مني.
كنت ساكته ومنطقتش كلمه، بس دماغي كانت بتعيد عليا ذكراياتي مع أسامة، طفولتي، مراهقتي وشبابي.
بحاول استوعب إن الشخص اللي أعجبت بيه في أغلب فترات حياتي قاعد قدامي بيطلبني للزواج.
_ مالك ساكته وسرحانه كده ليه؟
أخدت نفس وقلت...
_ بصراحة يا أسامة وبدون لف ودوران، أنا كنت ناويه أطفش العريس اللي جاي، وبما إنه طلع أنت، فأنا بقولك بمنتهى الصدق أنا شايله فكرة الزواج دي من دماغي خالص.
نهيت كلامي، ابتسم وقال...
_ أول مرة تقوليلي يا أسامة مش يا باشمهندس.
حمحمت بحرج وقلت...
_ أنا بقول إيه، وانت بتقول ايه؟
عدل نضارته وقال...
_ أنا بقول نعمل كتب كتاب الأسبوع الجاي وبعدين نشوف الفرح بعدين.
_ يا الله، أنت بتتكلم في إيه بس؟
رد بجديه وقال...
_ انا بتكلم في اللي جاي ليه.
أخدت نفس كبير وقلت...
_ أنت حد كويس وطيب ونقي من جوا، تستاهل بنت أحسن مني بكتير، بنت تكون أنت أول زوج في حياتها، تكون طيبة ونقيه زيك، وتكون سوية نفسيًا وتقدورا تعيشوا حياة سوية وسعيدة.
رد بهدوء وحنين وقال...
_ بس أنا مش عاوز حد غيرك يا وعد، أدى نفسك فرصة.
بلعت ريقي وقلت...
_ كان ممكن أدى نفسي فرصة لو كانت التجربة الأولى ليا، بس صدقني أنا مينفعش أبقى زوجة.
أنا بقايا إنسان محطم بيحارب إنه يبقى كويس، مش هتقدر تعيش معايا.
اتكلم بتعجب وقال...
_ مين قالك كده؟! وعلى أي أساس حكمتي!؟
اتكلمت بضعف بحاول إني معيطتش.
_ أسامة أنا كل يوم بحلم بكوابيس، بصحى منها أصرخ وابكي بالساعات، حتي الآن بيظهرلي في أحلامي وهو بيضربني ويعذبني.
حسيت إن ملامح وشه اتغيرت ودا أكدلي إن كلامي أثر فيه.
_ أنت تستاهل كل حاجة حلوة. إن شاء الله ربنا يرزقك بزوجة طيبة تحبك وتعينك على طاعة الله وعبادته.
نهيت كلامي اتكلم بنبرة أول مرة اسمعها منه وقال...
_ بس أنا عاوزك انتِ، وعد أنا بحبك.
مكنتش مصدقة اللي سمعته، حسيت بإحساس غريب لما سمعت اعترافه، حسيت برعشه في قلبي وبدأ ينبض بعنف.
_ بحبك من وانتِ طفلة صغيرة، كل يوم حُبي وخوفي عليكي بيزيد عن اليوم اللي قبله، خوفي عليكي كان من نفسي قبل أي حد، كنت بحافظ عليكي من نفسي عشان ربنا يكرمني بيكي. كنت ولازلتي دعوتي المستمرة.
كنت بسمع كلامه وأنا بعيط، معرفش بعيط ليه، مكنتش قادرة أوقف دموعي.
مسحت دموعي وقلت...
_ انا بروح لدكتورة نفسيه، وشخصيتي مش متزنه ومش سوية.
_ عارف كل دا ومتقبله كمان .
نهى كلامه وحلت لحظة صمت، قطع الصمت وقال...
_ ساكته ليه؟
_ مش عارفه أرد بـ ايه؟!
اتكلم برجاء وقال...
_ ردي بإنك تفكري وتنسي كل الماضي وتخططي لحياتك الجاية وتحاولي تدي لنفسك فرصة ولو رفضتي هختفي من حياتك ومش هتشوفيني للأبد.
نهى كلامه وخرج.
قومت بعد فترة ودخلت اوضتي. قعدت قدام مرايتي، بصيت لنفسي وسرحت.
افتكر نظارته وخوفه عليا وقت تعبي لما عملت العملية، افتكرت كلامه معايا وخوفه اللي كان ظاهر لما اتأخرت عن معاد الدرس.
نظرة عينه اللي كان فيها حزن لما شافني قبل تحريري.
نظرة الخوف الممزوج بحب لما تعبت وجاتلي نوبة الانهيار في العربية. مواقف كتيرة فضلت تتكرر قصاد عيني وافتكر فيها نظراته ليا.
غمضت عيني محاوله إني أبطل أفكر، بس جملته الأخيرة فضلا تتردد في ودني " ولو رفضتي هختفي من حياتك ومش هتشوفيني للأبد"
مر أسبوع، خلال الأسبوع دا فضلت أفكر كتير واصلي استخاره. اتكلمت مع د نورا، شاركت معاها اللي جوايا وسمعت منها. استقريت على قراري وهو الرفض.
عرفتهم بقراري وبابا عرفه.
رفضي كان مبني على حاجات كتيرة وعميقه جوايا.
انا منفعش أبقى زوجة ولا أقدر اتحمل مسؤولية في الوقت الحالي دا ولا حتى بعد سنة.
محتاجة وقت كتير عشان أقدر اتعافى واخد خطوة كبيرة زي دي.
فكرت في الذرية وممكن ربنا يرزقني بمجرد زواجي، هخرجهم أسوياء ازاي وأنا مش سوية نفسيًا، ازاي هقدر اربي واعمل وأنا مش أهل دا.
فكرت في ردود افعالي اللي بقت عنيفه، قله ثقتي في كل اللي حواليا، الخوف اللي بقا زي الوحش بينهش فيا.
اعتراضي على أي قرار يخصني حتى لو صح.
حاجات كتيرة جدًا أسامة مكنش هيقدر يتأقلم عليها وكنا هنفشل بسرعة.
فكرت مليون مرة هل أنا قادرة إني أكرر التجربة دي تاني، واجابتي في كل مرة كانت لأ.
حتى لو كان في حب أو إعجاب كل دا هيتمحي باضطراب شخصيتي وطبعي اللي بقا صعب التأقلم عليه.
أسامة شخص كويس ويستاهل زوجة أفضل مني بكتير أوي.
أوقات بنختار اختيارات عكس رغباتنا وبتوجعنا، بس في المستقبل بتقى الأفضل لينا. في أهم القرارات لازم نسمع صوت العقل ونركن القلب والعواطف؛ لأنها في الغالب هتخلينا نختار غلط.
بعد رفضي لزواجي من أسامة، قدمت على منحة وسافرت ألمانيا أكمل دراستي هناك.
السفر جالي في الوقت المناسب، كنت محتاجة أبعد وأفصل مع نفسي. اداوي جراحي بعيد عن أي حاجة سلبية وأعيش حياتي لنفسي وأطورها.
بعد فترة من استقراري بألمانيا، بدأت أحس إني محتاجة اتابع تاني مع طبيب نفسي.
بعد بحث كتير لاقيت طبيبة لبنانية. كملت معايا مسيره د نورا وساعدتني كتير إني استرد ثقتي بنفسي وكياني. ساعدتني ابقى إنسان سوي، عالجت كل الجروح اللي في قلبي بس فضل الأثر اللي مهما حاولنا نعالجه هيفضل موجود.
خلصت ماجستير وبدأت في الدكتوراه، بعدها على طول اشتغلت في الجامعة وبقيت ادرس فيها.
حققت أحد أحلامي إني ابقى معلمة.
كنت سعيدة أوي لما حققت الحلم دا؛ يمكن لأني من طفولتي امنيتي ابقى معلمة مش طبيبة.
يومي كان مليان ما بين، دراستي وشغلي في الكلية والمستشفي. مكنتش بسمح لنفسي يبقى عندي وقت فراغ، ودا كان خطوة أساسية من طرق العلاج.
_ وأنا هلاقي د عمرو فين دا كمان؟!
قلت كلماتي بضيق وأنا ببص في التقرير اللي في إيدي.
خرج شخص من العدم ووقف قدامي وقال...
_ انا د عمرو.
اتخضيت ورجعت خطوة لـ ورا، أخدت نفس ،اتكلمت بالالماني اعتذرله لكنه رد بالعربي وقال...
_ مصرية صح؟
هزيت دماغي بأه، اتكلم بسعادة وقال...
_ أخيرًا شوفت حد مصري في المستشفى دي.
اتكلمت بتعجب وقلت...
_ حضرتك عربي؟
_ مصري كمان، أنا عارف إنك مستغربة من شكلي ولهجتي، والدي مصري ووالدتي ألمانية. بس انا مصري أوي أوي.
ابتسمت وقلت...
_ باين جدًا، التقارير دي قالولي إن حضرتك لازم تطلع عليها، وتعطي القرار هل هنعمل عملية ولا لأ.
أخد مني التقارير وقال...
_ هدرسها وأعرفكم بالقرار.
نهى كلامه ومشيت، لكنه نادي وقال..
_ دكتور
بصيتله بتعجب وقلت...
_ نعم.
ابتسم وقال..
_ لو احتاجتي حاجة، اعتبريني من أهلك.
_ ان شاءالله.
_ متعرفتش اسم حضرتك ايه؟
بصيت لـ lable اللي محطوط على البالطو بتاعي وقلت...
_ وعد.
نهيت كلمتي ومشيت، كنت مستغربة الشخص دا، عمري مكنت اتخيل إنه هيطلع عربي وبالأخص مصري، ملامحه أجنبية جدًا.
بس لما اتكلم اتأكدت إنه مصري من أسلوبه.
من اليوم دا وبدأت اشوف د عمرو في طريقى، أو يمكن بدأت أركز واخد بالي منه وهو كذلك بدأ ياخد باله مني.
_ د وعد انتِ كويسة؟!
قالها د عمرو بقلق، رديت بتوهان وقلت...
_ أه، أه.
قعدت وبدأت أحس الدنيا بتلف بيا.
_ شكلك تعبان أوي.
رديت بنفي وقلت...
_ لا انا بخير.
_ هنادي د هيلينا تكشف عليكي.
خرج وبعد دقايق جت د هيلينا، كشفت عليا، كان ضغطي عالي، أخدت دواء بعد فترة اتحسنت، استأذنت ومشيت.
اتجهت للعيادة النفسية، أخرج للطبيببة اللي حصل وسبب في رفع ضغطي وذكرني بألام قربت تتنسي.
اتكلمت معايا كتير وساعدتني ازاي أهدى نفسي وإني هقابل كلام زي دا كتير ولازم ابقي متزنه ومسمحش لكلام حد يأثر فيا.
نهيت جلستي وخرجت، قابلت د عمرو في العيادة.
كانت صدفة غربية جدًا، أنا وهو بنتعالج في نفس العيادة، بصينا لبعض ثواني، وبعدين خرجت ومشيت.
اتمشيت لغاية محطة الباص وأنا بفكر في اللي شوفته.
صدفة غريبة أوي، هل د عمرو كمان بيعاني من اضطرابات نفسية وبيتعالج ولا جاي مع حد وشافني صدفة.
استغربت من كم الصدف اللي بقا بيحصل وملاقاتي بيه طول الوقت، فضلت أفكر هل دي فعلًا صدف، ولا أنا اللي بدأت أركز وأفكر فيه.
عزمت جوايا إني مركزش في حاجة، ولا اسمح لـ أبواب مقفوله انها تتفتح، حتى لو البيئة اللي أنا فيها منفتحه وبتساعد على كده.
بقيت بحس إنه بيظهرلي في كل مكان في الشغل، حتى عند الطبيبة النفسية، ديما يصادف أما يكون قبلي أو بعدي.
أوقات كتيرة كنت بحس اني محتاجة احكي للدكتورة على اللي بيحصل، بس كنت أتراجع واخاف، معرفش ليه كنت بخاف، يمكن خوفي من إني أوهم نفسي وأصدق إن في إعجاب تجاهه واتفتن.
مر عليا خمس سنوات في غربتي، مدة كفيله إنها تغيرني وتشفي الآلام الماضي.
وصلت للنسخة اللي أنا عاوزاها وبقيت شخص سوي نفسيا قادر إنه يعيش ويواجه الحياة.
أخدت قرار إني انزل مصر بعد الغياب دا كله، يمكن لأني اشتقت لبلدي وأهلي، وحسيت اني محتاجه اشوفهم واقعد معاهم.
حجزت ونزلت بدون معرفهم، وصلت يوم جمعة وبالأخص الجمعة اللي العيلة كلها متجمعه فيها.
وصلت البيت، بمجرد مدخلت العمارة اتعاد قدامي شريط حياتي، ابتسمت بقوة إني قدرت انتصر على الذكريات الأليمه وقضيت على الشخصية الهشه والضعيفه اللي كانت جوايا.
دلوقتي رجعت وانا شخص تاني خالص، شخصية اقرب للمثالية زي مبيقولوا.
طلعت السلالم وأنا شامه ريحه الأكل اللي وحشني، قربت من باب الشقة اللي كان مفتوح، دخلت كانوا متلمين على السفرة.
اتكلمت بإبتسامة كلها فرح وقلت...
_ باين إن حماتي بتحبني أوي.
كلهم بصولي بصدمه ومش مصدقين، البنات صرخوا من الصدمة، ماما وبابا عيطوا.
قاموا من أماكنهم وسلموا عليا، اكتشفت إني اشتقت ليهم أوي. اتأثرت جدًا وأنا بحضن ماما وبابا، لأول مرة أحس بحب ليا في قلبهم، ضميتهم بإشتياق كبير، كان نفسي مخرجش من ضمتهم.
سلمت على العيلة كلها بحرارة وحب، وقعدت معاهم على سفرة الغداء. اتغدينا وقعدنا كلنا في جلسة عائلية.
_ والله دي أحلى مفاجئة، حمدلا على سلامتك يا بنتي.
قالها عمو حسين، رديت عليه بحب وقلت...
_ الله يسلمك يا عمو.
_ شكلك اتغير خالص، أنا معرفتكيش.
قالها عمتو، ابتسمت وقلت....
_ اتغير للأحسن ولا للأوحش؟
ردت بسرعة وقالت...
_ للأحسن طبعًا، أنا أول مرة اشوفك حلوة كده، وشك بدر منور.
نهت كلامها وفضلنا تضحك.
_ ناوية على إيه بقا في حياتك الجاية، هترجي ولا هتستقري هنا؟
قالتها طنط سهام.
_ لسه مقررتش، بس احتمال كبير أرجع.
ردت ماما بسرعة وقالت...
_ لا مفيش رجوع ولا غربة تاني، أنا مصدقت أشوفك.
اتكلمت عمتو وقالت...
_ كلام مظبوط، كفاية كده، احنا نشوفلك عريس ونجوزك، مفاضلش غيرك.
ضحكت بصخت وقلت...
_ عريس ايه بس أنا شيلت الموضوع دا من دماغي.
_ يا سلام، أول عريس هيخبط على بابك هتوافقي عليه وبكرة تقولي عمتي قالت.
ضحكت بصخب وقلت...
_ بكرة نشوف.
اتكلمت نورهان وقالت...
_ احكيلنا بقا عملتي ايه في المدة دي كلها.
_ كملت الماجستير وعملت دكتوراه، واستمريت بقا في الدراسة والابحاث، اشتغلت في الجامعة باقيت بدرس فيها، بالإضافة لشغلي الأساسي طبيبة في مستشفى.
تقدري تقولي إني حققت أحلامي.
_ ربنا يوفقك يا رب ويكتبلك الخير ويرزقك بالزوج الصالح.
قالت يارا جملتها ضحكت وقلت...
_ برضو الزوج الصالح.
اتكلمت عمتو وقالت...
_ ربنا لما خلق أدم خلق من ضلعه حواء وجعلها سكن ليه وهو كمان سكن ومأوي ليها. دي سنة الحياة يا بنتي كل واحد بيدور على السكن. مش معنى إن كان ليكي تجربة فاشلة إنك تيأسي، بالعكس دا يشجعك إنك تختاري صح.
أخدت نفس وقلت...
_ أنا مؤمنه إن كل شيء في الدنيا دي أرزاق وأنا لو ليا رزق في حاجة هاخدها.
عرفوني على الأفراد الجديدة اللي انضمت للعيلة من أزواج وزوجات وكذلك الأحفاد، فرحتلهم كلهم أن حياتهم مستقره وسعيدة والأهم من كل دا حياة سوية.
أكتر حد فرحتله من كل قلبي هو أسامة، خاصًا لما شوفت زوجته، اللي كانت زميله لينا.
اتبسط أوي إنه اختارها؛ لأنها جوهرة تستاهل حد زي أسامة وكذلك أسامة يستاهل حد زيها.
طلعت شقتنا ودخلت أوضتي، حسيت بحنين واشتياق ليها، بدلت هدومي ونمت على سريري.
غمضت عيوني وأنا بفتكر لما حكيت لدكتورة على أسامة واعجابي بيه ورفضي للزواج منه.
وافقتني الرأي وقالتلي إن قراري هو القرار الصائب، وضحتلي إن اللي كنت بحس بيه تجاهه هو إعجاب؛ لانه كان الشاب الوحيد في المحيط اللي أنا فيه، فطبيعي كنت بهتم بيه وأمره ودا السبب اللي خلاني أحس بكده.
انهاردة اتأكدت إن كلامها صح؛ لإني متأثرتش لما شوفته، كان بنسبالي شخص عادي، ومزعلتش ولا حسيت بغيره إنه اتزوج وخلف بالعكس فرحتله من كل قلبي، هنا بس اتأكدت إني اتعالجت ونضجت وبقيت شخص سوي نفسيًا.
_ د وعد.
بصيت ورايا لاقيت بنت بتنادي عليا، قربت مني فعرفتها.
_ اذيك يا أسماء عامله ايه؟!
_ الحمدلله، انتِ فكراني.
رديت وأنا ببتسم وقلت...
_ أكيد طبعًا.
_ من وقت ما اطلقتي وأنا نفسي أشوفك، فرحت إني شوفتك تاني.
نهت جملتها وحضنتني، بادلتها الحضن وقلت...
_ تعالي نشرب حاجة مع بعض.
دخلنا الكافية اللي كان بيبعد عننا خطوات، قعدنا بدأت هي الحديث بحماس وقالت...
_ ما شاء الله بقيت حلوة أوي.
ضحكت بكسوف وقلت...
_ شكرًا يا أسماء دا من زوقك.
_ أكيد حلاوتك زادت بعد معرفتي إن ربنا جابلك حقك.
رديت بتعجب وقلت...
_ ربنا جابلي حقي؟!
_ أه انتِ متعرفيش اللي حصل لـ طليقك وعيلته.
هزيت دماغي بنفي وقلت...
_ لأ، انا كنت برة مصر ولسه راجعه، ايه اللي حصلهم؟
_ ياااه دا حصلهم كتير أوي، الكل دلوقتي بقا يقول دا ذنب الدكتورة وعد.
بعد لما أحمد خرج من السجن مامته جوزته لبنت حلوة أوي، كانت بتسعى تجيب أحلى منك، كانت تقول لازم أكسرها. وبرضو جوزت بنتها لعيلة إيه ونسب إيه.
مفيش شهر ولاقينا الآية اتقلبت، مرات ابنها طلعت عليها القديم والجديد، شغلتها خدامه عندها وقلبت ابنها عليها وبقا زي الخاتم في صباعها، طلعت على حماتك كل اللي عملته فيكي.
أما بنتها بقا اتجوزت واحد أمه عملت فيها أكتر من اللي حصلك، من تاني يوم الفرح وهو بيصبحها بعلقه ويمسيها بعلقه، وحامتها شديدة شده متتخيليهاش.
البت زهقت من جوزها وحياتها وبيقولها والله اعلم انها كانت تعرف رجاله وجوزها قفشها، فضحها في الشارع، وضربها قدام الناس لغاية لما مامتت.
مأخدش فيها يوم؛ لأنه اثبت إنها خاينه.
أمها بعد اللي حصل جالها جلطه واتشلت، مبتقدرش تحرك إيدها ولا رجليها.
بقا يعاملوا زي العيل الصغير، بيغيرولها ويلبيسوها.
وحماكي خسر كل فلوسه وباع كل حاجة، وهنا بقا مرات طليقك متحملتش وطلبت الطلاق وأخدت كل اللي باقي عندهم وسجنت أحمد بالباقي.
حالهم بقا يصعب على الكافر وعايشين على الصدقات، بعد مكانوا مش لاقيين حاجة يصرفوا فيها الفلوس.
نهت كلامها، اتكلمت وقلت...
_ أعوذ بالله من تقلب الحال.
_ أنا فكرتك عارفه باللي حصل.
_ لا، خالص.
_ ربنا أخدلك حقك منهم وبكرة يعوضك بإبن الحلال اللي يستاهلك.
نهت كلامها وهي بتبص على إيدي.
_ اللهم أمين يا رب.
أمنت بقلبي قبل لساني.
انتهت جلستنا ورجعت البيت وكلام أسماء بيتردد في ودني، معقول كل دا حصلهم، مصدقتش إني دعوتي اللي داعتها عليها شافتها في بنتها.
مكنتش متخيله إن دعاء ( حسبي الله ونعم الوكيل ) الثابت على لساني يعمل كل دا.
رفعت راسي للسماء وحمدت ربنا، نزلت دمعة فرح من عيني، مش مصدقه اللي حصل وان ربنا انتقملي منهم.
في اللحظة دي حسيت إن أثار كل الجروح اللي قلبي اتمحت وخلاص هقدر أعيش وأكمل حياتي.
رجعت حكيتلهم اللي عرفته، اكتشفت أنهم كانوا عارفين بس مرضيوش يعرفوني خافوا اتأثر لما يفكروني.
حسيت إني محتاجه أكمل حياتي بشكل صحيح، لذلك وافقت إني أقابل العريس المتقدملي.
_ د عمرو.
اتعجبت لما شوفته قدامي.
ابتسم وقال...
_ اقعدي بعدين استغربت براحتك.
قعدت قدامه، وعقلي بيحاول يستوعب المفاجئة اللي قدامه، قطع الصمت وقال...
_ لما اتأكدت إني معجب بيكي ورضيت بيكي زوجة، قلت لنفسي لازم أتقدملك بالأصول، مش المصريين بيعملوا كده برضو.
ضحكت وقلت...
_ صح.
_ ساكته ليه؟!
_ مستغربه، خاصًا إنك معرفتنيش.
_ لو كنت عرفتك كنت هفتح علينا باب فتنه عظيم، إحنا بشر وبطبيعتنا ضعاف، خوفت نتبع خطوات الشيطان، لذلك عزمت جوايا إني أحافظ عليكي وعلى نفسي من الفتنه واتقدملك في بيتك.
_ مكنتش متخيله إنك ملتزم.
حسيت اني عكيت الدنيا، فتراجعت وقلت..
_ أقصد..
قطع كلامي وقال...
_ عيلة والدتي كلهم مسلمين، المسلمين برة بيبقوا ملتزمين شوية غير العادي، فهتلاقيني متربي على كده، بالإضافة بقا العرق المصري وتربيتي على الأصول.
الكلام سحبنا لمناقشات كتيرة، عرفت منه إنه كان عارف إني مطلقه، عرفني إنه هو كمان خاض تجربة زواج وفشل فيها وبسببها كان بيتابع مع الطبيبة النفسية. لما عرفت فضلت أضحك ووضحتله إني أنا كمان كنت بتعالج لنفس السبب.
اتناقشنا في حاجات كتيرة في حياتنا لو حصل نصيب بينا، هنستقر ونعيش فين، هنربي ولادنا ازاي.
أستخرت الله وأخدت وقتي في التفكير، وفي النهاية وافقت على زواجي من د عمرو.
اختياري المرادي كان عقلاني ومبني على حاجات كتيرة جدًا.
أتأكد بعد الزواج إنه اختيار صح، كان بيحترمني جدًا، احترم وقدر فكرة إن كل فترة بحتاج اتابع مع طبيبتي النفسية.
وأنا كمان احترمت وقدرت الجزء دا فيه، كان بيحاول بكل الطرق يفرحني ويعوضني عن كل سنين الجفاء اللي شوفتها في حياتي.
حنون جدًا وبيخاف عليا، كان بيغرقني في حبه واهتمامه.
في ليلة هادية ،الجو في نسمات بارده والقمر منور في السماء، لفيت نفسي بالشال أخدت قهوتي وقعدت في البلكونه اتأمل جمال الكون.
نسمات الهواء بدأت تخبط وشي، سرحت وبدأت ذكراياتي تتعاد قدام عيوني زي فيلم قديم.
شوفت شريط حياتي، شوفت كل لحظة وجع وحزن مريت بيها، كل دمعة نزلت من عيوني وكل كلمة كسرتني. كنت متوقعه إني هحس بالقهر بس دا محصلش حسيت بـ امتنان.
امتنان لكل لحظة ضعف خلتني قوية، لكل مرة وقعت فيها وقومت تاني من جديد.
ابتسمت وانا برفع راسي للسماء، عيوني كانت مليانه بالدموع، مش دموع حزن دموع راحه واطمئنان.
رفعت إيدي للسماء وقلت...
_ الحمد لك والشكر لك يا ربي انك انعمت عليا وعوضتيني خير عن كل لحظة حزن بفرح وعم كل كسره بجبر الحمدلله عن السلام والهدوء اللي جوايا.
أخدت نفس عميق مليت بيه صدري، بصيت قدامي وقلت لنفسي...
_ دلوقتي أنا وعد الجديدة، وعد اللي مبتخافش من حاجة، وعد اللي اختارت تعيش لنفسها وتعرف قيمتها. كل اللي فات كان مجرد بداية... واللي جاي أجمل مليان كرم وعوض من الله
ضحكت وأنا بكمل:
"مستعدة، مستعدة لكل خير كاتبولي يا رب."
فضلت قاعدة شوية، وقلبي مليان سلام. لأول مرة من سنين، كنت حاسة إن الحياة أخيرًا بتبتسم لي.