رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7 بقلم ندا حسن

رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7 بقلم ندا حسن

رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7 هى رواية من كتابة ندا حسن رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7

رواية سرداب الغرام بقلم ندا حسن

رواية سرداب الغرام الفصل السابع 7

"في الصباح"

"دلف "مراد رضوان" من بوابة المنزل الخاص بهم إلى الداخل ليقف "يوسف" صاحب السبع أعوام مُبتسمًا مرحبًا بعودته ابتسم إليه والده بجدية وأقترب من شقيقه "زيدان" الذي كان يجلس على الأريكة وبيده حاسوبه الصغير يلعب به وضع يده على رأسه في حركة حنونة وأقترب يقبله سائلًا عن أحواله فتنحى "يوسف" جانبًا تاركًا إياهم فلم يجد منه ذلك الإهتمام الذي نبع من قلبه تجاة ابنه الأكبر على الرغم من أنه دومًا يكون في انتظاره وانتظار ولو لحظة واحدة حنونة منه كما يفعل مع شقيقه..

-أنا هاخدك معايا النهاردة علشان تشتري كل اللي نفسك فيه

بعفوية طفل شديدة رغم أن نفسه كانت عزيزة تدلت الكلمة من بين شفتيه بسرعة حماسية:

-وأنا يا بابا

نظر إليه والده بجدية ثم أجابه بمنتهى الفظاظة وعدم الرحمة:

-هبقى ابعت معاك السواق يا يوسف مرة تانية

عاد للخلف خطوة ناظرًا إليه نظراتٍ غريبة كليًا على طفل مرح محب للحياة ولعائلته مثله، نظر إلى شقيقه بعين الغيرة القاتلة للوهلة الأولى والثانية فلما تدارك والده ذلك صاح عاليًا:

-في ايـه

أتت والدتهم سريعًا تنظر إليهم متسائلة:

-في ايه يا مراد

وقف على قدميه بعدما كان اتكأ ليقترب من ابنه صائحًا بصوت عال:

-شوفي ابنك ماله بيبص كده ليه ده

أقتربت منه وانحنت إليه تنظر إليه بحنان وهدوء تسأله:

-مالك يا يوسف يا حبيبي في ايه

أجابها والحسرة في عيناه ونبرة صوته تشتعل بالحرقة التي اختلجت صدر طفل منه تجاة والده:

-مافيش

وقفت لتتمسك بيده تأخذه بعيدًا:

-طيب تعالى معايا يا حبيبي

استمعت إلى صوت زوجها الذي قال برفق:

-جهزي زيدان هاخده معايا يشتري اللي هو عايزة

نظرت إلى "يوسف" بقلة حيلة، برفض لما يفعله زوجها، بحزن طاغي غطى كل ملامحها وتفهمت ما الذي حدث كي يكون هكذا!..

أبتعد بعيناه وداخله يحترق، يشعر بأنه منبوذ من والده أول الأشخاص والأقرب والأحب إليه، كيف ولما لا يدرك عقل طفل صغير مثله هذه الأمور ولكن ما يدركه أنه لا يحبه بل يحب شقيقه الأكبر.."

نائمًا على ظهره يتوسط الفراش وهي جواره تنام على جانبها تحتضن صدره بذراعها، كان يتصبب عرقًا، جبينه يقطر مياة وجسده تصلب بعدما كرمشت ملامح وجهه وكأنه يخضع لكابوس وقد كان كذلك..

ارتفعت أنفاسه وشعر بحرارة الغرفة من حوله وكأن النيران مشتعلة بها، أزاح الغطاء الخفيف عنه ليظهر صدره العاري، وأبتعدت يدها عنه، شعرت بحركته المفرطة على الفراش ففتحت عينيها لترى أنه ربما يخضع لكابوس فـ ملامح وجهه وذلك العرق الذي ظهر عليه أكد لها ذلك..

جلست على الفراش تعدل من هيئتها، عادت بخصلاتها الغجرية التي كانت متناثرة حول وجهها تزعجها للخلف ووضعت يدها على صدره تهتف باسمه بهدوء والنعاس مازال أثره عليها:

-يوسف

لم يستجب لنداءها واستدار للناحية الأخرى بعدما أصدر صوتًا دليلًا على انزعاجه فلم تتركه محاولة مرة أخرى الإقتراب منه:

-يوسف حبيبي

فتح عيناه على مصراعيهما ينظر إليها بهلع يتخلل نظرته اللهفة، للحظات بقيٰ يحاول استيعاب ما حدث ثم اعتدل على الفراش يبعد نظرة عنها ماسحًا على وجهه بعنف يسب داخله تلك الذكريات التي تراود عقله على هيئة كوابيس تجعله كلما تغاضى عن مرارة الواقع استعصى عليه نسيان الماضي..

أبعد عينه إلى الكومود جواره فلم يجد مياة فأعتطه المياة التي جوارها سريعًا في الكوب تمد يدها إليه وهو ينظر إلى البعيد:

-ماية

أخذها منها رافعًا إياها على فمه عطشًا ثم هبط بها فارغة لتأخذه منه تضعها مكانها وتسائلت بهدوء:

-شوفت حلم وحش؟

تنهد بعمق وهو يبتعد لبداية الفراش ثم اتكأ يهبط على الأرضية يلتقط قميصه القطني الداخلي وعاد مرة أخرى جوارها يرفعه على وجهه يزيل به العرق الذي عليه ثم إلى صدره المتعرق هو الآخر وتفوه بأسى:

-كل أحلامي الوحشة اتحققت يا مهرة

وضعت كف يدها على وجنته وأعتدلت تغير جلستها لتبقى أمامه لا جواره ثم قالت معاتبة بنظراتٍ خبيثة:

-بس أنا كنت حلم..

رفع يده فوق يدها يقبض عليها بحنان وابتسم بعد أن رأى نظرتها الماكرة قائلًا بصدق:

-الحلم الوحيد الجميل اللي مش عايز اصحى منه أبدًا

عادت للخلف بنظرات ثعلبية ماكرة:

-بتثبتني

حرك كتفيه محاولًا التغلب على الحالة الذي هو بها:

-بقولك الحقيقة

نظرت إلى عينيه غريبة المظهر ربما بالنسبة إليها، فهي تجد بها كم من الراحة والأمان لا تدري من أين يتمتع بهما:

-تعرف ايه هي الحقيقة اللي بجد؟

سألها مضيقًا عينيه عليها:

-ايه

تنهدت ممسكة بكف يده بين يديها تنظر إليه بعمق تتحدث بما يضج عقلها وقلبها تبثه بالكثير مما يستحق، تعلم أن أحلامه وتلك الكوابيس ناتجه عن معظم الأشياء التي كان يقصها عليها، لا تحب أن تسأله لأنها ترى الانزعاج بعيناه فتتجه إلى طريق آخر يأخذ حقه به:

-إنك مافيش منك ولا زيك ولا قبل كده ولا هيجي حتى حد بعد كده.. الحقيقة أنك مكسب كبير أوي أوي في حياة أي حد علشان كده أنا مكوشه عليك

ابتسم بهدوء أكثر وجذب يده من بين كفيها ليرفع كفه هو إلى خصلات شعرها الغجرية الطويلة المبعثرة والتي بعثرت كيانه، نبع من داخله ما تفوه به:

-أنا عارف إنك زعلانه.. عارف إن جواكي كتير شيلاه واللي بتعمليه دلوقتي علشاني

أجابته بحبٍ لا حدود له:

-أنت كمان بتعمل كتير علشاني

تذكر حديثها بالأمس وكم كانت محقة وهو معترف بكل الأخطاء الذي ارتكبها بحقها ولكن والله كلها ما نتجت إلا من كثرة حبه لها:

-أنا خبيتك عن العالم.. دفنتك

سريعًا تحدثت نافية ما يقوله معبرة عن رضاها التام لكونها معه هو فقط:

-أنا راضية.. راضية إني أندفن عن العالم كله طالما معاك أنت أنا حية وكأني في الجنة

وضع وجهها بين كفي يده وأقترب منها إلى الحد الذي جعله لا يستطيع الإبتعاد يتنفس تلك النسمات الخارجة منها يستنشقها وكأنها اكسجين، تحدث برفق يعلم كم الألم الذي تعاني منه محاولة مداراته عنه شفقة لما يمر به:

-مهرة أنا مش هتجوزها.. صدقيني وغلاوة مهرة عندي مش هتجوزها أنا في أسرع وقت هاخدك ونمشي من هنا خالص.. هنسيب البلد كلها بس شوية وقت أأمن الدنيا

رقص قلبها من السعادة عندما استمعت إلى بداية الكلمات اللي خرجت منه ثم استغربت حديثه واستمعت إليه باذان صاغية:

-بس.. هنروح فين ولمين يا يوسف.. على الأقل هنا مامتك عز وآية وجدتي أنا لأ مش عايزة نمشي

أجابها بأكثر قسوة ناظرًا إليها بعمق يذكرها بأن هناك على الطرف الآخر الأكثر شرًا وحقدًا:

-هنا بردو رضوان بيه.. هنا عمامك

قالت بجدبة وهي تعتدل لتبتعد يداه عنها:

-أنت قولت قبل كده مهما بعدنا هيلاقينا

كرمشت ملامح وجهه عندما أجابها بجدية يوضح لها ما توصل إليه.. ثم أدرك أن كل الطرق تؤدي إلى الهلاك:

-ولو فضلنا هفضل تحت رحمته خايف على اللي ليا.. خايف على أمي وعليكي.. حتى لو هو مش عارف بوجودك وحتى لو مش هيأذي أمي يا مهرة.. هيأذيني أنا وده وقتها أذى ليكي..

ناظرها بأعين غرامية، يتوقع الأسوأ له ولا يستطيع النظر على نتائجه لها فيحاول الهرب منه بأقصى سرعة ممكنه فقط لأجلها:

-أنتي متجوزاني في السر.. أيوه جدتك تعرف بس غيرها لأ.. ده غلطي من الأول بس وقعنا فيه خلاص.. هسيبك إزاي ولمين؟

أقتربت منه تحتضنه تلقي برأسها على صدره العاري قائلة بعتاب:

-بعد ألف شر عنك أنت مش هتسيبني أبدًا.. اوعدني يا يوسف

أكملت برجاء عندما ابتعدت للخلف تبصره بخوف وهلع:

-اوعدني إن عمرك ما هتسيبني يا حبيبي

قال ضاحكًا عليها تعتقد أنها هي من تحتاج إليه في كل مرة ولكنها لا تدري أن احتياجه أكبر بكثير:

-أنا اللي محتاج منك الوعد ده يا مهرة.. أنا روحي معاكي

برفق ابتسمت وأخرجت من بين شفتيها تلك الكلمات التي طالب بها دون تردد أو خوف:

-أوعدك أنا عمري ما اتخلى عنك يا حبيبي في يوم

جذبها إليه برفق وضع يده حول خصرها وقربها بأحضانه فرفعت يدها إلى عنقه تحاوطه واستمعت إليه:

-وأنا اوعدك إني اعوضك بقى بخروجه تنسيكي الدنيا كلها ايه رأيك

اتسعت عينيها عليه غير مصدقة:

-بجد هنخرج

أومأ إليها قائلًا بجدية:

-بجد

سألته باستغراب:

-أيوه بس إزاي

حرك رأسه بخفه وأجاب متحمسًا ضاحكًا بوجهها:

-مش بتاعتك.. دي مفاجأة ومتأكد أنها هتعجبك أوي أوي أوي

رفعت يدها اليمنى لتقرص وجنته قائلة بدلال:

-أنا بموت فيك يا روحي أنت

ضرب بيده بخفه على خصرها قائلًا:

-حضريلنا فطار بقى يا حلوة طالما صحينا بدري..

ناظرها بقوة ثم عاد بحديثه وهو يلقي بها على الفراش قائلًا:

-ولا أقولك تعالى أفطر أنا الأول

ارتفع صوت ضحكاتها العالية فجأة بعدما ألقى بها متناثرة خصلاتها حولها تظهر إليه باغراء واضح فمال عليها سريعًا:

-يخربيتك هتفضحينا الجيران تقول ايه

قالت ضاحكة أكثر:

-هو ده كمان فسيخ هيشموا ريحته

أقترب من وجهها قائلًا بمرح:

-والله لما يشموا الفسيخ أهون عليهم لما يتخيلوا اللي بيحصل

سألته بخبث ترفع إحدى قدميها ليتحرك القميص كاشفًا عنها:

-هو ايه اللي بيحصل

غمزها بعينيه وتناسى كل ما حدث بين يديها ليقول بوقاحة وهو يميل أكثر:

-هتعرفي دلوقتي

-كلي أذان صاغية

أمسك بيده ورود الغرام، المعروفة برائحتها الجذابة المُسكرة للعقول، وبمرح بدأ بنثرها في كل مكان قابلة بها، تقابلة برحابة صدر وأخذ مقابلة بشفتاه كل ما خصه منها.. كل قطرة عسل هبطت من وردة واحدة من وروده الغرامية..

❈-❈-❈

دلفت "يمنى" زوجة "زيدان" إلى غرفة الصالون لتجد بها "نورا" تجلس واضعة قدم فوق الآخرى تمسك بهاتفها بين يديها تتصفح به، تقدمت لتجلس جوارها ثم نظرت إليها قائلة بنبرة ماكرة:

-مبروك يا نورا يا حبيبتي

تركت الهاتف من يدها ورفعت بصرها ترمقها بجدية:

-الله يبارك فيكي يا يمنى

عادت للخلف تضع قدم فوق الآخرى مثلها تفرد ظهرها قائلة بمكر ونبرة خبيثة:

-مبسوطة إن أخيرًا يوسف وافق واتخطبتوا

رفعت "نورا" أحد حاجبيها تنظر إليها بملامح حادة تعرف ما الذي تريد قوله ولكنها رددت بغيظ:

-أخيرًا

أشارت بيدها وكأنها تتحدث بعفوية تحرك ملامح وجهها بينما شفتيها لم يقطر منها إلا الخبث والدهاء:

-من زمان أوي وعمي بيقول أنه هيتجوزك عدى وقت كتير وانتوا لسه بس دي خطوة كويسه

أكملت أسفل نظراتها المغتاظة:

-المهم تخلي بالك منه

سألتها وهي تعتدل لتتوجه إليها:

-قصدك ايه

ضيقت ما بين حاجبيها متفوهة بنبرة ماكرة:

-أصل يوسف مش سهل.. خالص مش سهل

افتعلت "نورا" حركة بفمها تنظر إليها بسخط وتحدثت ساخرة:

-وده عرفتيه لوحدك ولا حد قاله ليكي

بدأت أن تدس السم في العسل معتقدة أنها تستطيع فعل ذلك:

-من عشرتي معاه يا حبيبتي عرفت إنه مش سهل لازم تاخدي بالك منه وتحافظي عليه

ثم تحولت إلى أخرى تنظر إليها ببراءة تقوم بتقديم النصيحة لها:

-وأنا لو منك أمسك فيه بايدي وسناني

بنظراتٍ أكثر دهاء وبملامح مهددة واعية لكل ما تقوله أتى الحديث منها:

-لأ متخافيش.. لأن الصعب عندي بيبقى سهل وأوي كمان

ثم ألقت كلمات أخرى وهي تعتدل بفخر وتعدل من هيئتها ومظهرها المغري الذي من المؤكد لم ولن تحصل عليه "يمنى":

-وأنا مش محتاجه أمسك فيه.. أصله مجاش بالغصب بالعكس.. ده بالرضا القوي كمان

تابعتها بأعين مشتعلة بالغيرة لما فعلته وتوصل إليها وبالحقد الدفين لأنها يبدو ستكون متعبة للغاية، ارتدت ثوب البراءة مرة أخرى:

-أنا دلوقتي مش مرات ابن خالك أنا بقيت في مقام أختك ولازم أنصحك عمري ما اضرك أبدًا

ابتسمت بسماجة مجيبة إياها:

-حبيبتي يا يمنى مش عارفه أقولك ايه ربنا يخليكي بس النصايح دي متنفعش معايا

حركت كتفيها قائلة:

-بشوقك

عادت لتمسك الهاتف مرة أخرى رافعة قدمها كما كانت وقالت بنبرة ساخرة:

-لو بقى في جديد قوليلي

لم تستوعب "يمنى" عن أي شيء تتحدث فرددت باستفهام:

-جديد!

رمقتها مبتسمة بتهكم مردفة:

-نصايح يا حبيبتي

وقفت "يمنى" على قدميها ناظرة إليها بغيظ قائلة بصوتٍ حاد:

-آه أكيد

ثم تركتها وخرجت من الغرفة، في بداية ولوجها إلى هنا كانت معتقدة أنها تستطيع السيطرة عليها، أن تجعلها بيدها خاتم مثل زوجها ترتديه وقتما تشاء وتلقي به وقتما تشاء ولكن الأخرى فاجأتها بدهائها ومكرها الوافر كما لو كانت هي بالضبط..

وهذا ما لم تكن تتوقعه أبدًا فلم يكن لها صوتًا هنا في المنزل منذ أن أتت ورأتها، الآن مؤكد فردت أجنحتها ستكون زوجة "يوسف رضوان" ليس ذلك الابلة زوجها..

❈-❈-❈

عاد "يوسف" إلى المنزل في نفس اليوم، أثبت حضوره وللأسف الشديد بات مضطر أن ينظم وقته أكثر من ذلك بعد أن أصبحت "نورا" خطيبته، حاولت أن تخرج معه وتتدلل عليه ليس بحسنها بل باغراءها له ولكنه كان صلب للغاية أمامها ولم تحرك شعرة واحدة من رأسه.. مثل أنه مرهق للغاية ولا يستطيع الذهاب معها إلى مكان ولكن مع وعد بعد الحاحها أن يخرج معها في يوم قريب ثم ذهب إلى غرفته ليبتعد عنها ذاهبًا للتحدث مع حبيبته الذي تركها وحدها وليغفو على صوتها..

"اليوم التالي"

ذهب "يوسف" في اليوم التالي في الصباح الباكر قبل أن يرى والده في يوم إجازته، أخذ سيارته وخرج عائدًا إلى الشقة عند "مهرة"

كانت مهرة قبل ذلك الوقت استيقظت من النوم باكرًا هي الأخرى كما تحب يوم الجمعة دومًا، فتحت صوت القرآن ليعلوا في الشقة مع رائحة البخور الذي أشعلتها ودارت بها في انحاءها ثم تركته على رخامة المطبخ ودلفت إلى المرحاض لتأخذ حمام بارد تنعش به جسدها وتبدأ اليوم بنشاط وحب..

فتح باب الشقة، استنشق رائحة البخور واستمع إلى إذاعة القرآن الكريم الذي بعثت داخله الراحة والطمأنينة، أغلق الباب وترك المفاتيح قبل أن يدلف إلى الداخل...

ولج إلى الغرفة فلم يجدها استمع إلى صوت المياة في الخارج فعلم أنها بالمرحاض، خلع جاكيت بدلته وألقى به على الفراش بحماس ثم حذاءه وتقدم من الخزانة الخاصة بها وبدأ بالتفتيش عن ملابس لها يريدها في الحال سريعًا..

أخرج من الخزانة قميص طويل من قماش الحرير بحمالات رفيعة وفتحة صدر واسعة كمعظم ملابسها التي تفضلها لونه زيتوني غريب بلمعة خفيفة للغاية، نظر له باستحسان ووضعه على الفراش ثم عاد إلى الخزانة يبحث عن غيره بنظراتٍ راضية حماسية..

أخرج واحدًا غيره بنفس التفاصيل طويل بحمالات رفيعة وفتحة واسعة لونه أحمر قاتم مزخرف بورود من نفس اللون، شقت الابتسامة وجهه وهو ينظر إليه ثم وضعه هو الآخر على الفراش جوار شقيقه..

أتجه إلى المرآة التي وضع عليها مستحضرات التجميل الخاصة بها فلم يجذب انتباهه سوى تلك الرائحة الخلابة التي تخطف أنفاسه كلما استنشقها، أخذها وألقى بها على الفراش، ضرب على رأسه وعاد إلى الخزانة ليفتح الخاصة به هذه المرة وأخرج منها شورت رجالي أبيض اللون وقميص قطني مثله ثم وضعهم فوق اشياءها

فتح أزرار قميصه ووقف في الغرفة بينما هي خرجت من المرحاض مرتدية الرداء الخاص به منحنية على نفسها تجفف خصلاتها الطويلة في المنشفة بتعثر، دلفت الغرفة فرفعت رأسها لتجد من يقف أمامها وقعت المنشفة من بين يديها وهلع قلبها منطلقة منها صرخة فزع أوقعت قلبه هو الآخر بين قدميه..

صرخت بعنف وهي تضع يدها فوق موضع قلبها تنظر إليه باستياء حقًا:

-أنت مش هتبطل حركاتك دي قولتلك مليون مرة أنت بتخضني

أبصرها بملامح عابثة فلم يكن يقصد حقًا هذه المرة اخافتها ولكنه ارتعب من صرختها مثلها:

-المرة دي مكنتش أقصد بجد أنا آسف

أشاحت بيده بهمجية وهي تنطلق نحوه تنهره بعنف وغلظة تخرج من لسانها السليط:

-مكنتش تقصد ايه مش عارف تقولي إنك موجود

أقترب منها ببطء وتغيرت ملامحه إلى اللين قائلًا:

-مخدتش بالي بجد يا مهرة حقك عليا

تأفأفت زافرة بحنق قائلة بانزعاج:

-هقطع الخلف بسببك وتقولي حقك عليا

أزاح الرداء من على جسدها ناحية قلبها ليكشف عن مقدمة صدرها يميل عليها مقبًلا موضع قلبها هاتفًا برقة:

-خلاص معلش ادي قلبك ابوسه

سخرت باستهزاء:

-والله

أومأ إليها بسخافة متصنعًا البراءة:

-والله.. شوفتي أنا حنين إزاي

نظرت إلى الفراش من خلفه لتجد ملابس لها وله قد وضعها فوقه بعد أن أخرجها من الخزانة فأعادت النظر إليه متسائلة باستغراب:

-أنت بتعمل ايه ومطلع الهدوم دي ليه وبعدين أنت مقولتليش إنك جاي

أبتعد عنها للخلف يخلع عنه قميصه بعد أن فك ازراره:

-عندك معاد مثلًا

كرمشت ملامحها بسخرية وأكملت:

-بايخ أوي.. بتعمل ايه بقولك

-مش قولتلك إني عاملك مفاجأة

أومأت إليه برأسها:

-آه

أجاب سريعًا وهو ينزع باقي ملابسه:

-هي دي.. يلا البسي علشان هننزل

سألته مضيقه ما بين حاجبيها مستغربة من حديثه:

-هنروح فين دلوقتي

وقف بالسروال أمامها بعدما انتهى ليقول بجدية يوضح لها ما يريده أن يحدث سريعًا:

-ممكن بلاش أسئلة كتير اعملي اللي بقوله وبس.. البسي وهاتي شنطة نحط فيها الهدوم دي وأي حاجه أنتي عايزاها علشان هنقضي اليوم بره

تأفأفت تنظر إليه بضيق وحنق:

-مش هعرف كده فضولي هيموتني قولي رايحين فين ولا هنعمل ايه

تحدث "يوسف" بعجلة وهو يبتعد عنها إلى الخارج:

-مهرة.. مش عايز كلام كتير يلا متضيعيش الوقت دي مفاجأة

-طيب

خرج من الغرفة تاركًا إياها وهو يتحدث:

-هدخل أخد شاور أخرج الاقيكي خلصتي

ابتعدت إلى الخزانة الخاصة بها وأخرجت منها ملابس للخروج وضعتهم على الفراش ثم تقدمت من المرآة تنظر إلى مظهرها وجمالها الخلاب الهادئ الأفضل بكثير من مليون مظهر لها وهي تضع مستحضرات التجميل ولكنها دومًا تفضل الظهور بكامل زينتها أمامه..

جففت خصلات شعرها الغجرية وأعتنت به ليعود كما كان شعر أسود غجري طويل ينساب على ظهرها بطوله، ارتدت ملابسها التي كانت عبارة عن فستان أسود طويل إلى كاحليها محتشم مغلق من الصدر والاكمام يتوسطه حزام من نفس لونه بلمعه فضية خفيفة.. بدأت بوضع كحل أسود اللون يبرز جمال عينيها الرمادية غريبة الرسمة والسحر، ثم وضعت أحمر الشفاه الذي تفضله دومًا مع القليل من مورد الوجنتين لتظهر في أبهى صورها

خرج يوسف من المرحاض لينظر إليها بعينان مشتهية كل ما يأتي منها ولو كانت نظرة كمثل الآن تخطف الأنظار وتسلب الأنفاس منه لتتركه وحيد في طريق خالي من الأكسجين يصارع الزمن للخروج منه لاهثًا..

كيف لها أن تكون بكل هذه الفتنة، كيف لها أن تمتلك كل هذا الجمال وحدها! كيف لها أن تخطف قلبه وتأثر عينه وتأخذ كل ما به لها دون مقابل أو مادة للشراء..

أقترب ليقف أمامها قائلًا بنظراتٍ تائهة في سحر أعينها:

-سبحانه اللي حط فيكي كل الجمال ده

ابتسمت برضاء تام وخجل ظهر في نظرتها ولمعة عينيها على الرغم من تلك الجراءة التي تتمتع بها إلا أن تلك الكلمات منه تملئ قلبها بالحب والغرام الذي يفيض منه وإليه..

تنهد بعمق ثم نظر إليها بجدية في لحظة واحدة تغير بها حالة عندما أدرك أنها لم تنتهي بعد:

-أنتي لسه مخلصتيش كل ده

تفاجات بذلك التحول الغريب ونظرت إليه بحنق مجيبة:

-لأ خلصت خلاص على ما تلبس هحط الهدوم دي في الشنطة بس

أبتعدت لتأتي بحقيبة خاصة بها لكنها كبيرة قليلًا وضعت بها الملابس الذي أخرجها من الخزانة بعد طويها وتلك الرائحة العطرة المحببة إليه بعد أن نثرت القليل منها عليها لتثيره فاستدار سريعًا:

-مترشيش من أمها هنا كفاية بقى مش هنمشي كده

وضعتها في الحقيبة:

-خلاص أهو

ثم أخذت بعض الأشياء التي تريدها ووقفت أمامه قائلة بصوتٍ مستهزء:

-اديني خلصت وأنت لسه

كان قد ارتدى بنطال أسود وقميص أبيض رافعًا أكمامه لساعديه ومشط خصلات شعره سريعًا ونثر العطر الخاص به عليه ثم قال:

-وأنا خلصت أهو يلا بينا

ارتدى نظارته الشمسية وفعلت المثل متسائلة بينما تُسير خلفه إلى الخارج بعدما أخذ الحقيبة منها حاملًا إياها:

-مش هتقولي رايحين فين

أخذت هاتفها وهو الآخر ثم فتح باب الشقة وأخرجها ليغلقه قائلًا:

-بطلي تسألي علشان مش هجاوبك

التزمت الصمت إلى أن وصلت معه إلى الأسفل ليأخذ سيارته من الجراش الخاص بسيارات العمارة، صعدت إلى جواره وذهب بها، قليلًا من الوقت وصل إلى منزل صديقة "عز" لم تكن تعرفه لأنها لم تأتي إلى هنا أبدًا بسبب والدته، لكنها نظرت حولها تميل رأسها قليلًا فوجدت "آية" تقف في الشرفة تنظر إليها مُشيرة بحماسٍ وفرحة

نظرت إليه عابثة:

-أنت جايبنا نقضي اليوم عند آية وعز

-اصبري

هبط من السيارة مشيرًا إليها أن تبقى كما هي ليجد "عز" في انتظاره، رأته وهو يعطيه مفاتيح ثم تركه وذهب صاعدًا إلى بيته مرة أخرى وعاد "يوسف" إليها قائلًا:

-انزلي يلا

هبطت من السيارة فأخذت معها الحقيبة وعاد هو إلى حقيبة السيارة في الخلف ليخرج منها أكياس عدة حملها في يده ثم أغلقها جيدًا وأشار إليها أن تُسير ناحية سيارة أخرى والتي كانت الخاصة بـ "عز"

وضع بها الأكياس وصعدت إليها ثم فعل المثل لكنها لم تستطع الصمود أكثر قائلة بفضول:

-أنت بدلت العربية مع عز ليه ما تفهمني

تحرك بالسيارة مبتعدًا وأجابها:

-علشان نمشي بيها.. مش عايز أمشي بعربيتي يا مهرة مالك كأنك مش فاهمه

تنهدت قائلة:

-طب شغلنا حاجه بقى لحد ما نشوف رايحين فين

نظر إليها ثم أعاد نظرة إلى الطريق مبتسمًا:

-عيوني لمهرة قلبي

بدأ في محاولة تشغيل شيء يعجبها ولكن لم يصل إلى الاستحسان منها فقالت بنزق:

-ايه الأغاني دي وقف وقف أنا هشغل على موبايلي

بعد لحظات مرت كانت قد بدأت تدندن مع كلمات الأغنية تنظر إليه بحالمية ونظرات الغرام تقطر من عينيها إليه، مالت تقترب منه تعانقه بينما وهو يسير ببطء بهدوء نثرت شفتيها كلمات الأغنية بكل العشق الذي داخلها:

-مهما يحاولوا يطفوا الشمس، مهما يزيدوا علينا الهمس، مهما يقولوا، مهما يعيدوا أنت في قلبي أنت وبس

رفع كف يدها إلى فمه مُحتضنًا إياه يقبلة بامتنان وهي تُكمل بسعادة وشغف:

-كل كلامهم مش هيأثر وأنا ولا هبعد ولا هتغير يمكن حتى هقرب أكتر مهما يحاولوا الناس بالعكس

بقيت تدندن كلمات الأغنية وغيرها والطريق لا ينتهي، لم تسأله مرة أخرى بل بقيت تستمتع بالرحلة جواره بابتسامة سعادة وفرحة والحماس يتملك منها..

بعد وقت رأت لافتة كتب عليها الإسكندرية، وهي لم تكن تلتفت إلى الطريق من الأساس نظرت إليه باستغراب متسائلة:

-إحنا جاين اسكندرية ليه

رمقها بنظرة سريعة:

-علشان نقضي اليوم سوا بعيد عن كل البشر وبعدين خلاص بلاش أسئلة كتير إحنا قربنا نوصل

وصل إلى شاطئ خاص هبط من السيارة بصحبتها أخذ الأشياء الخاصة بهم معه ليتجه سيرًا ناحية الشاطئ الذي كان يقف به الكثير من المراكب والذي توجه إلى واحدًا منهم وأشار إليها

نظرت إليه باستغراب أكثر من السابق:

-على فين؟

أشار إلى اليخت قائلًا بجدية:

-اليخت يا مهرة

سألته بعدما نظرت إليه مرة أخرى:

-ده بتاعنا؟

أومأ إليها مبتسمًا بهدوء:

-آه تعالي يلا

صعدت معه إليه ببطء وهدوء، تركت ما بيدها وفعل المثل على أحد المقاعد الذي قابلتها، بدأت قدميها تسير به تنظر إلى ما يحتويه في الأسفل أريكة كبيرة مستديرة هذا أول ما وقعت عينيها عليها ومساحة واسعة وأحد المقاعد، سلم يؤدي إلى الأعلى في السطح وغرفة أمامها على بعد قليل..

بينما هي كانت تمتع نظرها به وبمظهر المياة من حولها وجمالها الخلاب الذي خطف أبصارها كان حرر اليخت من وقفته على الشاطئ وعاد إلى الداخل متحركًا به في عمق البحر..

توجهت إليه في الداخل وجدته يقف ينظر إلى الأمام موجهًا اليخت إلى المكان الذي يريده أن يسير به، تابعته قائلة بصوتٍ منبهر:

-أنت بتعرف تتعامل معاه

أجابها بفخر:

-طبعًا.. اومال مشيت بيه إزاي

تابعت بعدما أقتربت منه تقف جواره:

-عمرك ما قولتلي

حرك شفتيه قائلًا:

-مجاتش فرصة قبل كده

نظرت أمامها وتأملت المظهر الذي ستبقى تتمتع به إلى أن تعود ولن تمل أو تكل منه، مالت عليه محتضنة ذراعه قائلة بلين اختلج قلبها:

-مكنتش أعرف أن المفاجأة هتبقى حلوة بالشكل ده.. أنا فعلًا محتاجه الخروجه دي أوي.. معاك أنت بس وسط البحر والسماء وعشقي ليك

مال عليها ليقبل أعلى رأسها برفق ثم تفوه:

-الكلام الكبير ده خليه كمان عشر دقايق بس نبعد عن الشط وهسمعك الأحسن منه مليون مرة

ابتسمت بثقة:

-واثقة من ده

-اطلعي فوق في اوضه غيري هدومك

أومأت إليه برأسها ثم تحركت تعود من جديد لتصعد إلى الأعلى تبدل ملابسها، وجدت مرحاض صغير فدلفت إليه تأخذ حمامًا مرة أخرى بعد طول طريق السفر ولكنها لم تبلل خصلاتها.. ارتدت ذلك القميص الذي الزيتوني، بحملات رفيعة وفتحة واسعة متدلية قليلًا، عانق جسدها بحريره ولامس فتنتها وأنوثتها الفريدة من نوعها، أبصرت نفسها باستحسان كبير بعدما وجدت لون عينيها تحول ليتناسب مع لون الفستان ووضعت القليل من أحمر الشفاه فوقه لامع براق ووجها لم يكن من الأساس يحتاج إلى شيء ليظهر جماله وفتنته، حركت خصلاتها الغجرية بيدها أكثر من مرة لتنعشها حول وجهها وتتدلى على طول ظهرها في مظهر رائع.. ابتسمت ثم تقدمت للخروج ولكنه قد فتح الباب ليدلف إليها بعدما وقف بالخيت بعيدًا في وسط المياة..

نظر إليها ثم وضع يده على قلبه في حركة درامية نابعه منه ليست ساخرة:

-يخربيت جمالك اللي قاتل قلبي

أقتربت بدلال ورقة قائلة:

-بعد الشر عن قلبك

أشار إلى نفسه وهو يلتقط خصرها بين يديه محيطًا إياها بذراعيه ناظرًا إليها بشغف:

-الجمال ده كله ملكي أنا

وضعت يدها على صدره قائلة بنبرة ذات مغزى ولكنها جعلتها ساخرة مرحة:

-شوفت.. على الله بقى عينك دي تزوغ أو يعني شيطانك يوزك يقولك استفيد

ضغط بيده على خصرها يقربها إليه مُجيبًا بشغف وصدق أغرقها به:

-أنتي أكتر واحدة عارفه أن عيني عمرها ما تزوغ على غيرك وعمر شيطاني ما وزني استفيد

مال عليها يستنشق أنفاسها قائلًا أمام وجهها مباشرة:

-دا أنتي مهرة قلبي.. عارفه يعني ايه يعني قلبي ده موجود علشان مهرة بس غير كده مافيش قلب أصلًا

ضربت بخفة على صدره بيدها:

-خلاص حلاوة كلامك غلبتني

-يابت

أومأت إليه ضاحكة:

-آه والله

أبتعد يتقدم إلى الداخل قائلًا بجدية:

-هغير وجايلك.. انزلي افتحي الاكياس اللي تحت في مطبخ جنب الاوضه وحضريلنا الأكل من ايدك الحلوة

تسائلت من باب الفضول:

-اكل ايه ده

أجابها بفخر وغرور ووقف يتابعها:

-فسيخ

أردفت بعنف غير مصدقة:

-ايه؟

أومأ إليها بهدوء:

-والله جايب فسيخ ورنجة وبطارخ وكمان سردين علشان عيون مهرة قلبي.. النهاردة اليوم كله بتاعك وتحت أمرك وكمان ياستي كله مخلي يعني مش هتتعبي نفسك

أقتربت منه سريعًا تلقي نفسها عليه:

-أنت إزاي حلو كده.. ايه القمر ده

طبعت على وجنته قبلة سريعة حماسية ثم لم تعطي إليه الفرصة لفعل شيء بل تركته وذهبت سريعًا لترى تلك الأطعمة المحببة إلى قلبها الذي أتى إليها بها..

بعد تناول الطعام ومرور وقتًا عليهما وقفت بين ذراعيه في الأمام تشاهد المظهر، جمال البحر والسماء المحيطين بها من كل الاتجاهات بعد أن أبتعد كل البعد عن الشاطئ وبقي في عمق البحر..

-تعرف أنا ممكن أعيش هنا العمر كله معاك بين البحر والسما

جعلها تستدير إليه لتبقى أمامه يبحر ببحر عينيها:

-ياريت يا مهرة.. ياريت اخطفك من الدنيا كلها وأفضل معاكي لوحدك

ابتسمت بهدوء ولمعت عينيها بغرابة وكأنها تخطط لشيء ما ثم قالت:

-قريب أوي هيحصل كده حتى لو مش مخططين

سألها مستغربًا تغيرها:

-اشمعنى بقى

قالت بتعقل وأجابته إجابة مقنعة:

-ربنا أكيد مش هيفرقنا إحنا حبنا لبعض نقي وصافي، أنت متعرفش تعيش من غيري ولا أنا مقدرش اسيبك لحظة

أومأ إليها زافرًا برفق:

-إن شاء الله خير.. خير

سألها بحماس وهو يجذبها:

-تيجي ننزل الماية!

أردفت برفض مُتخفي بعدم خبرتها أو حتى معرفتها السطحية للسباحة:

-أنت عارف أنا مش بعرف أعوم

-وأنا بعمل ايه معاكي؟

-لأ لأ بلاش

أصر عليها وهو يجذب يدها ليهبط بها إلى المياة:

-تعالي بس بلا

أمسكت هي الأخرى يده لتعيده يقف أمامها تكمل برفضها القاطع:

-لأ بجد مش عايزة يا يوسف لأ

سألها مستغربًا على الرغم من استمتاعها الكبير بالاجواء حولها:

-ليه الله

أكمل وهو يبتعد بحماس:

-طب هنزل أنا

جذبته بقوة رافضة نزوله المياة هو الآخر والخوف يلعب على أوتار قلبها:

-لأ بردو لأ خليك معايا

تابعها بهدوء وفهم ما الذي تشعر به فسألها:

-أنتي خايفة

هربت من الإجابة بكلمات أخرى قائلة بقوة وهي تتعلق به:

-علشان خاطري بقى أنت قولت اليوم بتاعي أنا.. ولا أنت ولا أنا هننزل الماية

أومأ إليها برفق مستمعًا إلى حديثها وموافقًا عليه:

-خلاص طالما مش هننزل الماية نعمل حاجه أهم

ثم مال وانحنى إلى الأسفل ليأخذها بين ذراعيه رافعًا إياها غامزًا إليها بعينيه وهو يذهب إلى الغرفة التي بالاعلى ليقضي بقية الوقت معها بينما تقابله بكل الحب والرضا لكل ما يحب ويرضا..

دومًا تكن أسلم الحلول في حرب خاسرة هي الانسحاب، هنا تكمن الجرأة بقلبها منذ اللحظة التي فكرت بها بالتخلي عن قرار كان بينهم مما أدى إلى وقوفها في منتصف الساحة وحدها تحارب..

انتهى اليوم بهما في المساء وعاد بها إلى القاهرة مرة أخرى، بدل السيارات وأوصلها إلى الشقة ثم ودعها وذهب بعدما قضى اليوم بأكمله في الخارج دون أن يخبر أي أحد أين هو وكان مغلق هاتفه، عليه العودة إلى المنزل لأن هناك أعين خفية أصبحت متربصة له ولكل خطأ يقع به قد يؤدي إلى انكشاف وجودها.. أعين أبلاه بها والده..

❈-❈-❈

"مساء اليوم التالي"

جالسًا على الفراش في الغرفة بالداخل يضع الحاسوب على قدميه الممدة أمامه وبيده سيجارة يدخن تبغها، دلفت إليه "مهرة" قائلة بصوتٍ حاد:

-ما تبطل السجاير دي أنا كنت نسيتها

نفث الدخان ورفع رأسه مجيبًا ببراءة مصطنعة:

-دي واحدة

ضيقت عينيها عليه صائحة:

-كداب

دق جرس الباب قبل أن تتيح له الفرصة للرد، اعتدل ليذهب يفتحه ولكنها تحدثت بجدية وهي تذهب:

-خليك دي زمانها مرات البواب جايبه الحاجه

أومأ إليها وعاد مرة أخرى بجلسته المريحة بينما ذهبت هي فتحت درج الكومود المجاور للباب تأخذ منه نقود ثم فتحته معتقدة أنها زوجة بواب العمارة ولكنها تغيرت ملامحها وتفاجات حتى أن الرجفة أصابت قلبها قبل جسدها وهي تنظر إليه..

من أكل الشيب خصلات شعره البيضاء وجعد الزمن ملامحه والتي تحمل القسوة والتجبر الذي يظهر إليها فقط من خلال رأيتها له ولنظرات عيناه..

عادت للخلف تقبض على ملابسها بيدها المرتعشة تنظر إليه برعب بينما هو دفع الباب وتقدم للداخل ينظر إليها بغلظة والحدة تقطر من نظراته..

وضعت يدها على بطنها بخوف وهلع رآه بوضوح واستوعب تلك الحركة في ثوانٍ تبتعد للداخل وهو يقترب دون أي حديث فقط نظرات تختلف مئة وثمانون درجة من الخوف والهلع إلى القسوة والجبروت..

استمعت إلى صوت زوجها الذي بدأ أن يهتف باسمها ولكنها لا تستطيع الإجابة الصدمة ألجمت لسانها إلى أن وجدته يضع يده بجيب جاكيت بدلته يخرج منه مسدس ناري فأنطلقت صرختها باسمه عاليًا:

-يــوســف

وجه السلاح عليها دون أي تغيرات على ملامحه بل كان التحدي يقوده، رأت بعينه حديثًا كثير وأول ما فهمته أنه لن يرحمهم لما فعلوه دون علمه..

خرج "يوسف" من الغرفة بعد صرختها مستغربًا ما الذي يحدث ليجد والده يقف رافعًا سلاحه عليها وهي في مواجهته لم يستطع أن يأخذ الوقت الذي يستوعب به ما الذي يحدث بل فقط بعد أن رآهم في أقل من الثانية وجه إليه والده نظرة بقسوة وتحدي وعاد إليها مع خروج طلقة نارية وحيدة اخترقت صدرها..

لم يسعفه فعل أي شيء سوى أنه صرخ باسمها صرخة واحدة قطعت أحباله الصوتية ولم يكن تعبير مجازي بل بالفعل قطع صوته من بعدها..

واخترق قلبه ذلك الألم الذي كان يخافه دومًا.. الألم الذي لم يستوعبه قلبه فوقع قتيلًا بجانبها..

❈-❈-❈

"يُتبع"

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا