رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم نهال مصطفي

رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم نهال مصطفي

رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31 هى رواية من كتابة نهال مصطفي رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31

رواية اصرة العزايزة هارون وليلة الفصل الواحد والثلاثون 31

عندما سألوا قيس عن ليلتـه : 
‏- هَل ماتتْ لَيلى ؟
” لَيلى لاتمُوت، لَيلى فِي قلبِي، أَنَا لَيلى “
هذا هو الحُب أن مات كل شيء لا يموت حبيبك بقلبك سيظل حيًا مهمـا توهمت النجاة منه فهو حي ، يتنفس معك ، يعيش معك الحلم والحب وأي شعور جميل يسكنك .. 
هذا هو تعريفي للحُب … لا ينتهي حتى وأن انتهينا نحنُ فهو حي يرزق في دفاتر الحُب المُخلدة … 
#نهال_مصطفى ..
عنوان الفصـل : 
" من يعيـد لي قلبي ..
من يعيد لي ليلـي….  "🌼
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
" يعزّ علي قلب المُحب إغلاق الباب الذي تمنى أن يظل مفتوحًا لآخر عُمره "
إن حَناني الذي ذقتَهُ على يدي ، كان كل ما أعتصرَه قلبي لأجلك ، كان كل ما لديّ . . لِمَ مشيت !! ألم أغريك بالبقاء أم أغراك غيري بالذهاب !!
مرت أسوأ _ليلة وضُحاها_ على قلب " ليلة " التي اعتزلت الحياة والعالم كله هاربة تحت لحافها الذي يحميها من ظُلم العالم ، لا يوجد شيء أقسى من أن يخذلك من ظننت أنه نجاتك بهذه الحيـاة .. لتتأكد مقولة أبيها ذات مرة "فِي زمننا هذا، إياكِ أن تشعري أحد باحتياجك لهُ"
 مرت الساعات على قلبها ببطء شديد ، اختفى صوت هارون تمامًا خاصة بعد ما سمع رسائلها فضرب عرض الحائط بهاتفه ، وسيلة الاتصال الوحيدة بينهم تحطمت على الأرض .. كما تحطم كل شيء بينهم .. كمحاولة لنسيانها ، محاولة لقطع السُبـل .. ولكن الحقيقة هي لا شيء يُرسخ الأشياء في القلب ، كالرغبة في نسيانها …
جاء اليوم الجديد الذي حسمت فيه ليـلة قرارها بذهابها للـ" عزايزة " استعانت بمصاحبة " عم حسن" سائق أبيها والشخص الذي كان ونيس رحلة عمرها .. تجاهلت أوامر أمها ، توسلات أصدقائها ومحاولة إقناعها بـالبث الهوائي الذي سيعرض بعد يومين ، ولابد أن تتحرك نحو القاهرة وليست قنـا !! ولكن كيف يمكن إقناع بُوصلة قلب حسم نقطة جهته ووجهته ومقصده وقِبلتـه .. 
وقبل فجر هذا اليوم الجديد انطلقت ليـلة بدون علم أمها للعزايزة .. سكة سفر طويلة كانت برفقة ذكرياتهم معًا و بصوت منيـر .. مرت الساعات الطويلـة حتى وصلت لمقصدها مع غروب الشمس نفس اليوم .. فتح لها الحارس البوابة بترحاب ، فدلفت من السيارة طالبة من السائق أن ينتظرها متحررة من حقيبتها وقالت :
-هارون بيه فين يا عم جابر !!
-لساته داخل من دچايچ يا ستِ ليلة .. اتفضلي اتفضلي !! 
لم يكد يمضي القليل من الوقت لانفراد أحلام بقلب ابنها البكري ، فزفت له فردوس خبـر لم يتوقع حدوثه قط ، خاصة بعلمه الحتمي بأنها من المفترض أن تكون بالقاهـرة !! نزع عباءته الصعيدية بقلب يزُف فرحًا لرؤيتها .. ووثب ملهوفًا :
-عن اذنك يا أحلام ..هي كيف چات هِنه!!
صاحت أحلام متأملة في تجمع الأحبة :
-أبقى هاتها يا هارون وتعالى .. مستنياكم ياولادي ..
حملقت عيني صفية برؤيتها وخاصة بعد ما انكشف سر هارون برغبته فيها أمام العالم ، تراقصت شفتيها المذمومة :
-ودي عاوزة أيه ما تسيب الواد في حاله .. حيـة وبچحة عاوزة أيه من واحد فرحه بعد يومين …. 
ثم صرخت :
-شهلي يا فردوس ، العفش الچديد بتاع العرسان قـرب يوصل …
‏لا يمكن للإنسان أن ينسَى ما حّلَّ على قلبه بصُحبته.. رأته من بعيد فاندفعت نحوه بلهفة الشوق التي تغمرها وعينيها المتورمة وهي تلومه محاولة إخفاء الشوق الساطع بقلبها عنه :
-هونت عليك يا هارون متكلمنيش كُل ده .. شوفت أنا أجدع منك أزاي يا عُمدة .. أنت فين كُل ده ؟!
رغم شوقه لها الذي يفتت قلبه ، ارتدى قناع الجدية :
-چيتي ليه يا ليلة !!!
تلقت سؤاله بصدمة :
-يعني أيه جيتي ليه !! مسافة فوق الألف كيلو وبتسألني جيتي ليه !! هي دي حمدلله بسلامتك يا عمدة !! آكيد جاية عشانك !! 
"كنَّا حَبِيبَيْنِ والأيّامُ مُؤْنِسَةٌ ‏صرْنَا نتفارقُ والأيّامُ وقلبي تَرْتَعِدُ"
أشاح بنظره لبعيد كي لا يضعف أمامها فقالت :
-هارون ، ممكن تبص فـ عينـي وتكلمني !! أنت بتبص بعيد كده ليـه !! وأيه الأسلوب ده !! 
اقتربت منه متشبثة بكف يده المسنود على السيارة والدموع تنهمر من بحيرتي عينيها وأكملت بنبرة هستيرية :
-أنا غصب عني لقيت قلبـي بيتعلق بك .. بقيت حابـة وجـودك حابة اكلمك كل شوية .. بقيت كُل حاجة بالنسبـة لي  .. وأكبر دافع خرجني من اللي كُنت فيـه .. عارفة أن الكلام مش وقته وأنت خلاص هتتجوز بس .. بس لأزم أقوله قُدام عيونك .. 
تمزق قلـبه أربابًا .. فأردف بجفاء بريء منه :
-روحي يا ليلة ، أنتِ أيه اللي جابك ؟! روحي أرچعي بلدكم .. الحديت ممنوش فايدة دِلوق .. وبعدين هنتكلموا . 
ردت باندفاع تحت سُحب عينيها المنخرطة بالدمع :
-قلبي .. قلبي اللي جابني من اسكندرية لحد عندك .. وبردو هو نفسه قلبـي اللي واقف قُدامك وهيبص في عينيك ..
ثم ارتعشت نبرة صوتها بماس الاعتراف بـ دينامو الحُب الملتهب بصدرها :
-هيبص في عينيـك ويقول لك أنه صدق ما لقاك . رغم المستحيل اللي ما بينا حبك ، واتمنى قُربك ، أنا أول مرة قلبي دق فيها كانت ليـك أنتَ وبس .. ومعرفش ده حصل ازاي وامتى ولا أيه نهايته متسألنيش  ، بس أنا مش قادرة اخبي مشاعري أكتر من كده !! مشاعر جوه بتحرق قلبي يا هارون .. عايزاك تبقى لآخر العمر عايش معايا .. 
ثم تمسكت بيديه راجيـة وتتوسل إليه :
-طمنـي وقول لي أن جوازك من زينة كذبة  ، طمنـي وقول لي الحُب ده هيستمر وإنك هتعمل المستحيل عشانه ، الحُب ده مصيره أنا وأنت نكون مع بعض ومحدش يقدر يفرقنـا .. طيب بُص في عيني وقول إنك بتحبني زي ما بحبك .. أنا قلبي حاسسها وعايشها والله من غير ما تقولها .. بس نفسي أسمعها منك .. قولها وهستناك بعدها سنين والله.
أحس بذعر واتفاضة جسدها أمامه وهي تُكمل باكية :
-طمني بس وحياتي عندك ، وأنا والله مستعدة استناك عمري كله ، بس المهم أنك تيجي بس أوعدني تحاول عشاني أنت بقيت كُل حاجة بالنسبة لي .. هارون .. 
ثم جلى حلقها تحت ضباب السماء الملبدة بالغيوم كمصير قلوبهما :
-هارون أنا حبيتك غصب عني ..
متوجعش قلبـي أنتَ كمان .. 
كل ما آلفه ، يُغرّبني ويغرقني بضبابـه ، لِمَ ها هو حال قلوبنا أن أحبت !! لِمَ خُلق الفراق التؤام الملاصق للحُب !! لِمَ الهزيمة أمامها وأنا واقف مُكبل مغلول الأيدي والدمع !! يستعصى على قلبي المغرم أن يرى دموعك ويعجز أن يكفكفها بحضنه !! تنهد بآهات ملتاعة :
-ليلة مچيتك أهنه مش صح ، أنتِ متعرفيش حاجة روحيِ روحي وبعدين هفهمك…. 
-يعني أيه أروح !!! أنا لو مشيت من هنا مش هتشوف وشي تاني يا هارون .. هو ده اللي أنتَ عايزه !! حتى مش هتحاول عشاني!! أنا مستهلش طيب!! 
بتر قلبه من مكانه وقال منفذًا لوعده مع أبيه وهو يعصر جفونه المتحجرة من كثرة الدمع  :
-يعني روحي يا ليلة دِلوق مش عاوز حد يوعاكي .. خلاص .
-طيب وقلبـي !! هارون أنت كنت بتكذب عليا !قول لا عشان خاطري متسبنيش كده! 
-أنا موعدتكيش بحاچة ومنفذتهاش كل اللي وعدت بيه نفذته .. و 
جاء هاشم خلفه بعد طلب أحلام أن يبلغه رسالتها ، فلاحظ حِدة الحديث بينهما "وليلة" تخرج عن صمتها وحبها وتصرخ بوجهه :
-تصـدق أنا غلطانة أني جيت لك وغلطانة أني حبيتك ووثقت فيك !! غلطانة لما فكرت أنك مختلف عن كل اللي قابلتهم .. أنت طلعت ولا حاجة ولا حاجة يا هارون .. يا خسارة نزلت أوي من نظري..واعتبر دي آخر مرة هتشوفني فيها !! كان لازم من الأول أعرف أنه لا ومستحيل وو
ثم أشارت نحو هاشم الوقف خلفه و بصرخة متقنة الإخفاء في مكان خالٍ :
-هيبة وصيت وجسم رياضي يصارع الأسد ، بس للاسف فاضي من جوه يا عمدة .. طلعت جبان ، جبان زي أخوك بالظبط ….. 
كان يود ولو يقطع  حَديثها واتهامها القاسي له بِـ : "قُبلـــــــــــــة !"
قُبلة طويلة في الخلاء تمحـو كل ما قالته تنزع شوك روحه المتوقة إليها  ، قبلة يفضي بها نيران شوقه ، قبلة أن طالها سيحترقا معًا بها ولا يهتم لوجود أحد ..  
قيـل: ((لاَ البَوحُ يَطفِأُ مَا في القَلبِ مِنْ 
‏وَجعٍ ولا الدُّموعُ تُسَلِينِي فَتنهَمِرُ
و‏عَلِقتُ مَا بينَ كِتمانٍ يُؤرِّقُنِي
‏وبينَ قلبٍ مِنَ الخذلانِ يَنصَهِرُ .))
رمت قذيفـة اتهامها وركضت نحو سيارتها حاملة هموم بثقل جبال ودموع بقدر بحـر .. رمقتها بأسهم الخسة وهي تستقل سيارتها وتودع حلمها وقلبها الذي نبت بهذا المكان .. تودع الحُلم الذي خُلق معـه وهو يودع معها الحياة التي أراد أن يُكملها بحضنها ويستقبل حياة الجحيم التي فُرضت عليه ،  لقد.  أسرف بالكتمانِ حتى تآكلت روحه فلم يبقى منه شيء ، اطمئن قلبه على وجود السائق معها ثابتًا راسخًا عن مبدئه الذي دعس به قلبه وما يحويه بقسوة ... حك هاشم أنفه بارتباك متمتمًا بشكٍ حول اتهامها  :
-أحم وهاشم ماله بس !! هو في أيه يا هارون تقصد أيه بكلامها !! 
هتف باختناق لرغبته في سماع صوتها :
-هاشم اديني محمولك !!
-ليه يا هارون!! أنت لسه مصلحتش محمولك لدِلوق ولا چبت واحد !! 
زفر بضيق وهو يلوح بيده :
-خلاص مش عاوز منك حاچة ولا عاوز محاميل من أصلو !! 
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
طمرت القـلوب في أكفان أقدارهـا ومصائرها .. عادت ليلة لاسكندرية ترتمي في حضن الأفعى ، حضن أمها التي لم تكُف عن تقديم الاعتذار لهـا ، وتترجاها أن تُسامحها أن تغفر لها ذنب تكذيبها  ، ألقت ليلـة نفسها في جوف النيران التي قُدمت لها الفُرصة على طبق من ذهب ، تخلصت "نادية" من كل أدويتها الطبية وجاءت بأدوية أخرى تنفيذًا لمخططها ولكن هذه المرة كان صوت الذنب يصدح بقلبها ، دورها كأم منحتها الأيام هدية مثلها اشتعل بقلبها صوت الضمير والندم  ..ولكن  ودومًا ما جاءت تهديدات رشدي لتحرق كل أحاسيسها هذه وبخ سُمه بمسامعها … بدأت نادية في رحلتها بقتل ليلة بجُرعات مكثفـة حتى تصل لمرحلة معينـة تتولى فيها السيطرة عليها وعلى كل ما تملك بالإضافة لإقناعها المستمر بالعودة لـشريف … 
لا يوجد ألم أكثر فظاعة من الألم الذي يحمله الإنسان في روحه.. كان سيجن جنونه حول فكرة الوصول إليها ، حول الاطمئنان عليها ، حول كيف سينفذ أبيه وعده الذي يقضي على روحه قبل أن يناله ، كانت ثقته في أبيه عمياء حد الاستسلام لأوامره بشرط أن لم يمر الشهر ولم تُكتب على ذمته سيترك العزايزة ويذهب لعندها حتى ولو كان الثمن حياته ، هو ليس جبان ولم يوهمها الحب ، ولم يعش شعورًا زائفًا معها ، كله كان حقيقيًا للغاية وأكثر توهجًا مما تظن ولكن المسألة باتت مسألة وقت لا أكثر .. الفاصل أيام وتعود له حبيبته الجميلة ، كيف ومتى وأين !! لا يعلم ولكن قلبه يؤمن برب ضارة نافعة !!
ربما لو أستطعنا الطيران لأزدحمت السماء بالهاربين .. مثلما قررت رغد التي علمت بحقيـقة زواج هاشم من ابنة خاله في هذه الليلة التي تضُب فيها حقائب سفرها وتلحق بأمها بسبب تأخر بعض أوراقها .. كان الأبم أشبه بخناجـر تطعن بروحها، أن تجرد روحك من جسدك وتغادر ، تغادر صوب المجهول .. لم تخلٌ حقيبتها من ملابس هاشم التي لم يهن عليها أن تتركها بمفردها فريسـة للغبار .. رغم أنها هانت عليه وتركها فريسة للغياب !! الغياب مصيرها النهائي !!! 
"لَو أَني أعرِفُ خاتمتي ما كُنتُ بدأت "
~ العزايــــــزة ..
لقد حل اليوم الموعود على العزايزة والمشئوم على قلب هارون وهاشم ..الجميع يركضون على قدم وساق لإعداد الحفل في ساحة قصر العزايزة الواسعة .. 
الوجوه محقونة بالغضب لكل منها علتهـا .. تجلس أحلام على المقعد المُطل على الحديقة تلف أحجار سبحتها السوداء بسواد ليلتها التي ترى فيها تدهور حالة أولادها وكسرة قلوبهم أمام عينها ظلت تستغفر ربها كثيراً حتى لمحت مرور هاشم الصامت عكس عادته  فنادت عليه بصرامة :
-هاشم !!!
زفر بضيق وهو يرمى هاتفه بجوارها ويجثو على ركبتيه أمامها :
-خير يا أحلام ! أنا فيّ اللي مكفيني مش ناقص والله . 
-خير أنت يا ولد يدي !! كلمت مرتك وصلت لها ؟! 
أحمر وجهه بجمر الغضب والعجز :
-مالهاش أثر يا أحلام لا بترد ولا عارف لها طريق .. ومش عارف اللي أنا بعمله ديه صح ولا غلط رأسي هتشت .. شايفها في كل حتة حوليّ .. ملازماني زي ضلي .
-اللي بيعفر عفار يا ولدي بيجي على رأسه؟ 
كظمت غضبها بالاستعانة بذكر الله والاستغفار :
-وحكيت لنغم الحقيقة ..؟
رد بكلل :
-محكتش يا أحلام .. وعاوز أسيب البلد كلها وأهج .. نغم متعلقة فيَ كأني طوق النجاة ليها من العزايزة .. وأنا حاسس إني اتورطت ومش عارف أعمل أيه .. قلبي عند رغد وعقلي هنه وسط أهلي وناسي !! وحشتني يا أحلام مش عارف أنا عملت فيها إكده كيف !
فركت  أحلام كفوفها بعجز وقلة حيلة :
-وناوي تقول لنغم ميتي !! هتكدب عليها هي كمان !! هاشم أنت لو مصارحتش البت أنا اللي هقولها .. 
ثم زفرت بضيق :
-دانتو كتب كتابكم بعد ساعة !! غلط يا هاشم .. غلط يا ولدي ظلم الولاية ..
تنهد تنيين الهم من داخله :
-طيب يا أحلام هقولها ..بس أنا كيف يدي هتقدر تلمس واحدة بعد رغد !! عقلي مش مستوعب يا أحلام .
عاتبته بوشوشة :
-وأيه اللي رماك على المر غير العصبية والتهور اللي أنت فيهم !! بدل ما تهدى وتحل المشكلة مع مرتك وتعرف راسك من رجليك معاها .. رايح تتجوز واحدة غيرها !! وتدخلها بينكم .. تمن اللي أنت عملته يا هاشم هيدفع واعر قوي ..أنا حزينة حزن سنين عليك وعمالة أقول ربنا يسترها عليك !!
رد بأسفٍ :
-ممسوك من قلبي المرة دي يا أحلام.. قلبي مش عاوز يخون رغد بس عقلي عاوز ينساها بواحدة تانية ، كنت فاكر الجواز هو الحل بس طلع نار فوق النار .. ومش عاوز أطلع عيل قصاد أبوي وناس نغم بعد ما اتفقنا ؟
مسحت على رأسه بحنية أم انفطر قلبها وجعا على ابنها :
-يبقى تسمع كلامي .. تعرف نغم الحقيقة وتتقي ربنا فيها يا ولدي .. وتسافر لمرتك تحكي لها كل حاجة طالما قلبك رايدها.. وعرفها هي قابلة جوازكم يبقى على السنة العمر كله !! هل قابلة متخلفش منك !! هل قابلة واحدة تانية بقت مرتك قصاد الخلق ؟! 
ثم تنهدت بحرقة وهي تقاوم دموع عينيها :
-ديه الحل الوحيد لو عاوز تاخد كل حاجة لروحك .. حل أناني وظالم قوي يا هاشم ميرضيش ربنا وربنا يسامحني عليه .. بس مش هاين على يا ولدي أشوف قلبك محروق بنار قلة الحيلة والحب ..
ثم ربتت على كتفه وأتبعت :
-قوم عدي ليلتك وبعدين يحلها ربك من عنده .. 
~بغُرفة هاجر ..
كانت تستعد لحفل زفاف أخوتها وهي ترتدي الملابس الأنيقة و الجلباب الصعيدي المتميز الذي يضيف على جمالها جمالاً .. كانت تتغنج وتتمايل أمام المراة فتذكرت حضن أخيها هلال وهو يستقبل زوجته أمام المحطة غير مكترثاً بالمارة حولهما .. فضحكت متوعدة وهي تثني حجابها :
-طب يا هلال والله ما مفوتاهالك !! دانا كنت أحضنك قصاد مخلوق يركبك مية عفريت !! الحب يعمل المستحيلات يا ولاد !!
جربت لون الوشاح على وجهها لترى مدى تناسبه مع العباءة .. فتراجعت وهي تهذي مع نفسها ساخرة على أخيها وهي تُقلد نبرة صوته :
-شُرب المية فتنة !! ديه فتح لنا مائدة رحمن في العربية !! أه ياناري منك يا هلال يا ولد صفية والله ما حد هيخلص حقي منك غير أبو الهياثم ..
ثم أخذت تدندن مع نفسها ببعض الكلمات "الحلوة الحلوة الحلوة .. برموشها السودة الحلوة شغلتني نادتني خدتني "
ثم تنهدت مغرمة بصوتها :
-والله صوتك طرب يا بت يا هاجر .. ادينا ورثنا حاجة من مولانا !!
ما كادت أن تضع دبوس حجابها فتراجعت أثر رنين هاتفها .. شبح ابتسامة خفيفة بدّ على ملامحها عند رؤيتها لرقم المتصل .. فردت بعفوية :
-وبعدهالك عاد !! دي مكنتش حركة جدعنه عملتها معاي هتتصل كل هبابة !!
مدد شريف على فرشته مبتسما مواصلا سير خطته بعد ما اقتحم حياتها بمخطط دنيء مثله :
-أيه الوش ده كمان .. ما كنا حلوين !!
-أحنا مش اتفقنا متكلمنيش واصل طول منا في العزايزة ..وأنت وافقت وقولت أمين !!رچعت في اتفاقك ليه !!!
-مكنتش عامل حساب للشوق يا بنتي .. ورجعت في كلامي عادي!!
-الصعايدة ماعيرجعوش في كلامهم واصل!
-بس عندنا في اسكندرية الحب له استثناءات عادي .. خليكي معايا تكسبي.
لمعت بوجهها كلمات الحب التي تحتاجها كل فتاة بيومها فقالت مترنحة :
-وبعدهالك !! أحنا صحاب وبس .. هغير رأيي ومش هتعرفلي طريق !!
-لا أنا عارف كل طرقك !! طريق بيتكم .. طريق جامعتك .. طريق سكنك .. والأهم طريق قلبك !!
تحررت من حجابها وهي تعبث بشعرها بشرود :
-لا والله !! وايه هو طريق قلبي يا شريف بيه ..عشان شكلك سبت الداخلية واشتغلت بوسطجي ...
انفجر شريف ضاحكاً وهو ينسج سحره كأنثي العنكبوت حولها وقال :
-معنديش مانع اشتغل بوسطجي طول ما أنا هبقى مرسال في بحر هواكِ..
أحمر وجهها خجلاً :
-هقفل على فكرة ..
-خلاص خلاص وعلى أيه الطيب أحسن .. فرح أخوتك الليلة ؟..
-أيوة عقبال فرحك !!
-اسمها عقبال فرحنا عشان أنا خلاص نويت ..
ردت ساخرة :
-نويت في أحلامك السعيدة .. أنا عزايزية يا بني .. فوق وأعرف أنتَ عتكلم مين .
-مش مهم هخطفك ومحدش يعرفلنا طريق ..بس مش هسيبك .
خفق قلبها بحماس لسماع المزيد منه ولكن عقلها حضر وهي تقول :
-يا وقعة سودة.. أقفل أقفل .. أمي عاوزاني تحت !!
أنتهت المكالمة بوجهه وغاصت في الضحك الغير مبرر وغاص هو في بحر أوهامه ومخططاته الخبيثة متوعدا :
-مبقاش شريف أبر العلا يا عزايزة لو ما خليتكـم تحفوا ورايا .
ثم قطع تفكيره اتصال أبيه الذي يخبره :
-أنت فين يا شريف ... ما بتردش ليه ؟
كذب قائلا :
-كنت نايم يا بابا خير ؟!
فتح رشدي زر قميصه وهو يجلس على مقعد مكتبه :
-مبروك يا سيدي نادية لسه قافلة معايا وقالت لي ليلة موافقة تكتبوا الكتاب مع أول أجازة ليك ..مبروك يا عريس البت جات تحت  أيدك وسلمت ..فوق بقا للعب التقيل.
تأفف بضيق لسماعه الخبر ولكن لا صوت يعلو على صوت المصلحة فقال :
-وادي ورطة كمان ..أوامرك يا رشدي بيه ..وأدي ضربة جديدة لهارون العزايزي .. ابن حلال ويستاهل .. يلا بالشفـا . 
•••••••••••
~بغرفــة هلال .. 
-"كلهم يطيروا العقل يا شيخ هلال .. تسلم مجايبك والله .. بس تعبت روحك"
كانت رقية واقفة أمام المرآة تستعد لحضور حفل زواج كل من هاشم وهارون وهي تقيس الملابس الجديدة التي أحضرها هلال طوال فترة غيابها بأسيوط .. تغنجت أمام المرأة بفستانها الأسود من الخامة القطيفة و أكمام فضفاضة ويغطي كعب قدمها من الوراء بحزام خصر يفصل بين مواطن جمالها الأنثوي التي أغرقت رجل دين يود أن يُقيم بمخيمها كافة حدود الله ، رجل هادئ تقي  تاه وضل على شط هواه المحُلل ..
حك ذقنه وهو يراقبها بعيونه المائلة التي تتفحصها بحرية من رأسها للكاحل .. كل شيء متناسق كما قال الكتاب إلا شيء واحد فقط ، ألا وهو رباط رأسها الذي لم تتخلى عنه في حضرته أبداً ..
اقترب منها ليفصل بينها وبين صورتها المنعكسة بالمرآة كأنه أراد أن ينفرد بجماله لوحده لا يريد أن تشاركه فيه حتى المرآة .. وقف أمامها صامتاً ذائباً في حرم حسنها .. ورغم وزنها المفقود كثير إلا أن كل هذا لم يؤثر قط على سحر جمالها الغالب .. ويقول متغزلًا :
-"يكادُ حُسنكِ أن يُغوي ملائكةً،
فما تظُنين بابنِ الطينِ والماء !؟"
تأرجحت عينيها بخجل من جراءة نظراته وهي تسأله بخدود متوردة :
-شيخ هلال .. هو فيه أيه ..بتبصلي كِده ليـه !! أنا فيّ حاچة !! وأيه الكلام الكبير ديه !! 
ارتسمت معالم الجدية على وجهه :
-هناك أمران لا ثالث لهما ..
ثم حملق بوجهها الأبيض :
-تحلو اسامي الأحبة أن سبقها ياء الملكية أو ثمة غزل يوحي بذلك .. فالألقاب ما هي إلا مسافات تبعدنا وتُشتتنا .
تراقصت جفونها بتوجس :
-يعني أيه .. قصدي يعني أيه يا شيخ هلال ..؟!
-يعني بدون شيخ يا رقية .. أي شيخ هذا الذي تذكرونه في غُرفتنا !!غُرفة نومنا .. فـ مثلمـا نتجرد من كُل شيء بيننا ، فما الحاجة بوجود ألقاب خانقة !! 
تفرغ فاهها بصدمة :
-يعني أيه بردك .. هو أنت مش شيخ ! ولا أنا قولت حاجة غلط ؟ طب أقول لك أيه !
فرك حاجبيه بتحير في أمرها :
-كلا .. شيخ ولكن خارج هذه الغرفة .. أما بيني وبينك فأنا هلال أو على الأحرى زوجك .. وعلى الأحب رفيق روحك .. وعلى التودد فأنا حبيب عمرك وشريك أنفاسك هذه .. كلها ملكي .
غار الورد منها ففجر حمرته بوجهها الخجول من شدة غزله فتراجعت خطوة للوراء وهي تتحاشى عينيه المركبتين :
-أومال أقول أيه ؟؟ قصدي مش هعرف أقول غيرها .. لا لا أنت شيخ هلال وبس ..
استغفر ربه سراً :
-لا .. هلال وبس إلي أن يحن هذا اللسان بألقاب أخرى .. بدون شيخ .. 
ثم اقترب منها الخطوة الفاصلة بينهما وقال معترضاً على حجابها :
-ألا تسمعين بقول أمنا عائشة رضي الله عنها "سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب "
ردت بتوتر سيطر على عقلها اليقظ دوما :
-يعني ايه !!
تسللت أنامله تحت حجابها الأسود المربوط للوراء لينزعه عن رأسها بجرأة غير معهودة وهو يقول :
-ألا تدرسين عن أهمية الهواء للشعر و للقلب تحديدًا لقلبي !! .. لِمَ تكفني هذه النعمة في قطعة قماش بالية..
لم يتوقف عند حد نزع حجابها فقط بل امتد كفه ليحرر شعرها الأسود الطويل المرسل خلف ظهرها .. لقد كان بلمعة و نعومة ثوب أسود من الحرير ليتأوهه أمام حسنها معبرا :
-اوووه الله أكبر .. سبحان الخالق فيما أبدع وصور.
ثم أشاد بحسنها مُستعينًا بأحد الأبيات الشعرية :
-هل يا ترى من بعدِ شَعْركِ سوف ترتفعُ السّنابل؟
لم تشعر بنفسها إلا وهي تغطي شعرها بكفوف يدها كمحاولة لإخفاء خجلها منه .. أحس باضطرابها وتعريها أمامه وأمام عينيه التي لم ترحمها لم تتنازل عن إفشاء رغبته فيها كلياً بجراءة .. أمسك بكفوفها وبنظرة تحذيرية :
-رقية انتهى الأمر وهذا أمر مني .. لا تخفي عني ليلك مثلما لم تخفيه السماء عنا .
أودت الهرب منه وغيرت مجرى الحديث :
-طب أنا عاوزه أكمل لبسي .. الناس هتيجي وأنا متأخرة !!
دارت نصف دورة حول نفسها مزهرة عباد الشمس ثم عادت إليه لتسأله :
-أنت ليه مش هتكتب كتاب أخواتك ..أنت بردك مش مأذون ؟!
تبسم بهدوء :
-أنا لا أكتب عقدا إلا على قلوب الأحبة .. أما ما يفعلونه بالأسفل أنا بريئ منه ليوم الدين ..
-يعني ايه مفهمتش ؟!
لجأ للهجته الصعيدية :
-يعني هارون واضح أن زينة مش اختياره .. والرضا مش موجود بيناتهم .. 
وهاشم مش فرحان ومش عارف أوصل للي في راسه حاسه تايه  وفي حاجة مش مريحة قلبي وعقلي ..
أومأت متفهمة وهي تستأذنه بعيونها بحياء :
-طب عاوزة أكمل لبس ممكن توعى من قِدامي ؟!
ثم أعقبت :
-كل الحاجات اللي جبتها حلوة قوي قوي تسلم يدك .. 
رفع حاجبه متعزلا :
-هتحلى بيكي .. انتظري ....
ثم تحرك نحو ضلفة دولابه وأخرج منها علبة قطيفة ثم عاد وفتحها أمامها :
-شبكتك يا رقية .. اعذرني جبتها على ذوقي ويارب تعجبك بس اللي مش عاجبك نغيروه عادي ..
شهقت بفرحة وهي تتطلع بكفوف يدها الخالية من محبس زواجها .. كأي عروس ترى شبكتها تبرق أمام عينيها ..فتحت العلبة أمامها لتجد به سلسال كالشمس يشبهها كثيراً .. وثلاثة غوايش وحلق ومحبس زواجهما واساورة بخاتم أنيقة .. وخاتم آخر بطول أصبعها .. انبهرت بجمال اختياراته فارحة :
-دي حلوة قوي .. الله كل ديه ليّ !!
-الدنيا كلها تحت رجليكي يا رقية .. 
ثم غمز بطرف عينيه :
-ماينفعش مراة هلال العزايزي تنزل على الناس ويدها فاضية !! أنت عاوزاهم يأكلو وشي ويقولوا متچوزك بلوشي !
تأمل ابتسامتها الخفيفة التي فتحت طاقة من النور بقلبه .. دار ووضع العلبة على التسريحة ثم أمسك بخاتم زواجهم وطلب يدها :
-يدك عاد عشان ألبسهالك !!
مدت كفها المهزوز لراحة كفه التي تستقلبها بكل حب .. وضع ختم ملكيته بأصبعها ثم رفع كفها لمستوى ثغرها يلغفه بقُبلة أحدثت زلزالا بقلب المسكينة .. 
كانت قبلة بمذاق الشوق والشوك .. رغم حنانها إلا أن ملمس لحيته أثار قشعريرة غريبة بجسدها ثم أرسل لها غمزة وهو يراقب تغير ملامحها التي يخترقها شيئا فشيئا .. ثم عاد ليلبسها باقية حٌلي يدها متعمدا لمسها بكافة الطرق التي تسرب حبه لقلبها المتجمد .. أن يصهر بلمساته قلبها الجليدي!
ما فرغ من يدها انتقل لجدار عنقها ليزينه بحبه .. لمس شعرها بحرية ولملمه كله أقصى اليمين فازداد الحلى والحٌلي بعينيه وهو يتنهد بشوق لاذع :
-يالله !!!!هذا الجمال كثيراً عليّ ..برب محمد قلبي أضعف من أن يتحمله !!
وقف أمامها مخترقاً قوانين المسافات بدون أدني شفقة على المسكينة التي تنهار خجلا بين يديه متعمدا قفل السلسال على رقبتها .. فدمدم بسُكره المُحلل مُنشدًا :
-أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ وَأَعجَبُ مِن ذا الهَجرِ وَالوَصلُ أَعجَبُ
ذاب في قربها وذابت في عطره الذي جعلها تقفل جفونها ساكرة ثملة منها .. تاهت اعينه في خيوط الليل فأراد أن يستدل بخريطة عنقها الذي أغراه بنفسٍ ثم ملامسة لطيفة ثم قبلتين بمذاق الشوق والتردد والأذن .. 
ابتعدت أنفاسه قليلاً وكأنه يمنحها فرصة للاعتراض كي لا يخترق حصونها عنوة .. فلم يجد أمامه إلا  فراشة مضمومة جناحيها وهي تتنفس رحيق الزهرة وتنكمش بحضنه.. ابتدت قبلاته الخفيفة من تحت أذنها ليشبع كل إنشاً بها بماء حبه .. تجرأ في شوقه أكثر وهو يلف ذراعه حول خصرها ويقربها منه أكثر مكملا مهمته ويغرق في بحرها شيئا فشيئا وبين كُل قبلة والأخر يتنهد رحيق هواها ...فيحرك ألف ساكن بكيانها النحيل !
كانت لمساته على قلبها كسقوط قطرات الغيث على أرض جافة أوشك أن تموت ثمارها ، بقبلته لذة غامضة .. كان شعور غريب لا تعرف معناه أ هل له صدي العجب أو النفور .. ولكنها كانت مستسلمة تريد المزيد من جملة المشاعر المبهمة التي احتلتها حتى تفهم معناها .. سرت الصدمات الكهربائية بجسدها الهزيل وهي تغرق في بحر حبه الهادئ المنهمر فوق قلبها .. وبين الموج الثائر الذي اخترق حصونها قهرا وظلما .. شتان الفارق بين هنا وهناك .. شتان الشعور بين كون قلبي بيد أمينة مثله وبين وضعه بين أنياب الذئب المكار !! 
كان حبه المتدفق يزداد شيئا فشيئا مع كل قبلة تنهار قواها للدرجة التي لم تقاومه فيها بعد .. اختلطت لمساته الحرة والحنونة مع خربشات الذئب المتوحش للتذكر تفاصيل هذه الليلة المُرة التي عاشتها .. لتخمد كل مشاعر الانثى التي أحياها شوقه وتثور مشاعر النفور والرفض .. 
وفي اللحظة التي ظن هلال أنه امتلكها حتى ولو سيفوته الفرح والزفاف والناس المهم يكسر الحاجز بينهما مستعدا لخوض معركته الآدمية مع قلبها التي تنسيها كل مُر مر عليها .. باغتته بدفعة قوية وهي تعلن رفضها القاطع لقربه  .. تعلن خوفها رغم انجذابها لقربه الساحر والمميز .. تعلن أنها لم تستطع التخلص من الماضي وأن هذه العلاقات السامية لا تليق بقلبها المخدوش والمُتهري .. تخشى أن تعيش نفس الألم مرتين .. جملة من المشاعر منحتها القوة الكافية لتخلصها من أسره ليرتطم ظهره بالمرآة وهو يحاول استيعاب تصرفها الغامض لتقول ببكاء وهي تتأهب هاربة من سطو عتابه واعتذارها :
-أعذرني بس ماقادراش !! 
••••••••
‏تتعدّد الآمال، وتمتد المخاوف و يهون السفر الطويل في مناكب الأيّام باليقين وحده، بالإيمان بأنّك في معيّة مدبّر الأمر كله
~بغُرفة هارون ….
• "العايز اهبل ، وانا مستغني عن الدنيا بحالها"
•"حب الحريم يذل ، وأنا ما عاش ولا كان الـ يذلني"
كان يذكر نفسه بوعوده التي كسرتها و مبادئه ومعتقداته بالحيـاة وأدخلته في سجن  حبها المستحيـل حتى وقف أمام صورته معترفًا :
-الصبي اللي بيرعى الغنم كُل صُبح ، حر اكتر مني .. ياريتني كنت بداله..
يقف أمام المرآة يستعد لاستكمال مسرحيـته مع أبيه التي عقـد على نفسه وعدًا بالوفاء !! ماذا لو كانت هي وحدها ليلتها ستُزف إليه هذه الليل !! ماذا لو كانت الليالي الخالية من صوتها تُكافئه الليلة وتأتي بها كلها بين ذراعيـه ؟! ماذا ولو تحول المستحيل لممكن !! والفراق لقُرب !! والغياب لعناق طويل تقرقع فيه عظامنا !! ماذا لو !!!! 
~بمدينـة الانتاج الإعلامي " القاهرة "
كانت " ليلة" جالسة أمام المرآة شاردة بعالم آخر ، الجميع يتهامس من ورائها يتراهنون على فشلها ، تقف الفتاة المختصة بالتجميل لوضع اللمسات الجمالية على ملامحـها الشاردة بعيدًا وبالأخص إلى " العزايزة " التي آسرت قلبهـا .. لا تسمع لأي صوت حولها إلا صوت قلبها الذي يصدح بصراخ الرفض والفراق والإعدام على جنين حُبها قبـل أن يولد ، لقد قُتلَ في زحمة الأعراف والقوانين وظلم البشر، وظلم شخصًا مزيفًا اتخذته حبيبـًا ..
أقبل أحد أشخاص الإعداد الذي يتهامس مع رفيقه بضيق والعين المرصودة من رشدي:
-أنا مش عارف دي هيطلعوها هوا تفضحنا !!
فهمس له الآخر :
-وسايط يا عم ، أحنا مالنا !
-قصدك فضايح .. دا أحنا هنشوف العجب ..
ثم فتح غُرفة البروڤو وصاح:
-يلا يا أستاذة …
قفلت " نادية " هاتفها وتقدمت نحو ليلة التي حُشيت خلايا جسدها بالأدوية السامة ، ربتت على كتفهـا ممثلة دور الأم ببراعة :
-يلا يا ليلة ، بيستعجلوكي ..
فأتبعت جوري معترضة:
-طنت نادية !! ليلة هتطلع أزاي هوا بالشكل ده !! دي مش معانا أصلًا !!! 
أبعدت الفتاة عنها بدون ما تفحص هيئتها ثم وثبت قائلة بهدوء ما يسبق العاصفة ، فلم تكترث أي أهمية لوجع رأسها مُقارنـةً بصراخ قلبها .
حتى لو اقتضى الأمر أن تخلع قلبك وتمضي من دونه، المهم أن لا تبقى مرهونا بالمشاعر التي تمرر لجوفك القلق والأذى وتبقيك راكدًا ... وقالت:
-أنا جاهزة ….. 
ما كادت أن تخطو خطوة فأصيبت بالدوار فتلقتها أيدي صديقتها صارخة باسمها ثم أتبعت:
-طنت نادية دي تعبانة أوي ..
استجمعت نفسها مستندة على عكاز الوجع وقالت بمقاومة:
-أنا تمام .
ثم نظرت للمُعد الذي يُراهن علي فشلها :
-يلا  … 
~غُرفة هاشـم …. 
وفي النهاية تموت الأشياء والشعور، وتبقى الذكريات مغبرة على رف النسيان، يصبح كل شيء باردًا وهادئًا، تكاد تكون كالجثة متبلد الأطراف والشعور وأنت مُشاهد فقط !! 
فتح هاشم غرفته وخرج منها بخطوات عاصية غير راضية تمامًا على تصرفه الذي ورط نفسـه فيـه مع كل خطوة كان يسترجع خطوات يومه مع رغد وتفاصيلها ومشاعرها !! أين ذهبت جُملة هذه المشاعر خلفها!! 
 فرغن العرائس من ارتداء ملابس الزفاف بأحد غُرف البيت واحتشد الجميع في انتظار العرسان ، شباب العزايـزي …
-""شوفي ياخَيتي  وكمان صيغها وجايبلها شيء وشويات""
-""مرزقة بت صفاء من يومها ""
كانت رُقية تسير خائفة تتمسح بالجدران من هول النظرات الخبيثة عليها وهمسات النسوة التي تتجاهلها بصعوبة ، حتى داهمها فجأة وجود "هلال" الذي امتلك خصرها النحيل إثر سماعه لبعض الكلمات المزعجة وتعمد أن يقربها له أمام الجميع ويطبع -قبلة- إعلان ملكيته على رأسها وفخره بها رغم خلافهم ، رغم رفضها له وكسر قلبه الذي تحمس لملكيتها دهرًا ،  ولكن كل هذا لم يُقلل شعوره بدعمها ومساندتها .. نظرت له بامتنان ، فحذرها ناصحًا :
-أنتِ هِنه صاحبة البيت واللي مش عاجبه يمشي يا رقية .. أرفعي رأسك دي !! أنتِ مراة هلال العزايزي ..وأنا چارك لو عُوزتي حاچة . 
-أهم حاجة يا عمتي قصقص ريش طيرك أحسن يلوف على غيرك !!
كانت السعادة تتقاذف بمعالم وجه زينة التي تتهامس مع عمتها وتجلس بجوار أبيها المُعارض للزواج ولكنه لم يعارض فرحة ابنتـه .. لكزتها صفية بحرقة:
-جاكي قص لسانك يا فقرية ، بعد الشر على ولدي..
كانت أحلام سجينة غُرفتها ، فلم تطأ أقدامها أعتاب الحفل الذي يُخالف لرغبة القلوب وهي تدعي ربها جهرًا وعلانية أن يحل مأزق أولادها .. بالخارج هتف هيثم مُعلنًا بوصول المأذون …
تقدم هاشم مناديًا على نغم التي ترتدي فستان أبيض من الستان بسيط للغاية وقال بهدوء:
-نغم ؛تعالي عاوزك …. 
•على الجهـة الآخرى من العزايزة ..
تسللت نجاة ليلًا مرتدية عباءتها السوداء برفقـة صغيرها وهي تختبئ تحت الجدران بعد ما هيأت لها أسماء الطريق ، لتستقل سيارة رؤوف الذي ينتظرها أمام الباب الخلفي ، صعدت هو وولدها بالكنبة الخليفة وانطلق رؤوف على الفور وهي تسأله:
-صح اللي عنعملوه ديه يا رؤوف !!
-صح وچيه متأخر كمان يا نچاة .. خلصت ..
~عودة للبث المباشر . 
لحظات قليلة باقيـة على خروجها على الهواء مباشرة وعلى أكبر القنوات التلفزيونية التي دُفع لها بواسطة " هاورن"  كي تقبل برنامجـها .. كانت واقفة بكامل أناقتهـا وبيدها باقات عناوين الحلقـة ، بدأ العد التنازلي لفتح الكاميرات معلنًا استعدادها حتى هتف المخرج بكلمته الآخيرة صارخًا :
-يلا هووا ….. 
أخذت نفسًا عميقًا وهو تتطلع بالكاميـرا الموجهه إليهـا ومع ابتسامة مزيفة قالت :
-يا مساء الخـير على حضراتكم وعلى كُل اللي بيشوفني لأول مـرة ، أحب أعرفكم بنفسـي ، أنا الإعلاميـة ليـلة الجوهري .. وهكون معاكم في برنامج حكاوي الليلة مع ليـلة .. 
أحدثت نفضـة مخفية بجسدها وهي تنظر للكاميرا الثانيـة وأتبعت :
-فكرة البرنامج قائمـة ما بين الحقيقة والخيـال .. هنتكلم كُل أسبوع عن مكان مميز في مصر وبالأخص عن خبايا وأسرار المصريين القُدماء ، دايمًا مُؤمنة اللي ميعرفش الماضي مش هيعرف يعيش الحاضر ، هنعرف أيه قصتـه وأيه حكايتـه وأزاي أحنا نتعلم منـه .. هعرفكم من خلالـه عن أسطورة المكـان وأيه علاقتها المشهورة وازاي جـت وهل هي حقيقة أم كذبة !! 
ثم أخذت نفسًا هادئًا وأتبعت :
-وده اللي هيأكدهولنا نُخبة مميزة من علمـاء ودكاترة الآثـار .. اللي هينورونا كُل حلقـة .. والنـهاردة وما بين الكـذب والحقيقـة ، الأسطورة والواقع ، القلب والعقـل .. ومن المفترض هتكون البدايـة من صعيد مصر ، وهي معابـد دندرة.. ااه أول مكان صورت فيه !
ثم ولت وجهها نحو كاميـر 3 مثل ما طلب منها المُخرج خلف نظرات السُخرية من أعين لصوص "رُشدي" .. فاجأت ليلة الجميـع وبدون أي مقدمات قامت بتمزيـق الباقة الإعلامية بيدها ووقعت كُلها تحت قدميها وتحت ذهول وأعين مندهشة من فعلها الجنوني والمهمات أتبعت بحرقة :
-بس مش صح ، البدايـة المفروض تكون من هنا ، من عند ليـلة سامح الجوهري .. مبدئيًا مش عايزة حد يقطع الإرسـال وبقدم كامل احترامي للدكتـور "___" مش هقدر استضيفه النهاردة ، عشان هيكون معانا ضيف تاني !!
ثار الجميع من خلف الكاميـرا كُل منهما يجع مقترحًا بوقف البث عنهـا ، ولكنها تجاهلت كل ذلك وأتبعت وهي تشيـر نحو قلبها :
-ضيف الحلقة دي هو قلبي .. وقلبك وقلب كُل بنت وولد بيتابعونا دلـوقتي .. أنا عيشت عمري كُله نفسي شخص واحد بس يسمعني ويسمع صوت قلبي .. 
لكن دلوقتي وأنا قُدامكم حابـة اتكلم والدنيا كُلها سمعاني … 
الحكـاية ابتدت من عند بنـت عاشت واتربت في ظروف صعبـة رغم المستوى الأجتماعي المتميز اللي هي منـه ، بس هي مكنتش عايشـة .. كانت طول الوقت تايهـة بتدور على مكان تنام فيه وهي مطمنـة .. 
البنت دي اتربت بعيد عن أهلها ، ملهاش حد .. أهلها جابوها في الدُنيـا عشان تتعذب وبس .. من بعد جدها وباباها هي تاهت مكنتش لاقيـة أيد حنينة تطبطب عليها .. 
ثم أغرورقت عينيها بالدمع وتقدمت خطوة للأمام :
-البنت دي كان عندها حلـم ، نفسها تحققه ؛ ولأنها في الحياة لوحدها ملهاش سنـد وقعت كتير أوي ، بالمختصر اتفرمت في عجلة الحياة  ، كُل ما تقدم في قناة تشغلها تترفض لسبب محدش يعرفه …
لحـد ما قررت أنها تاخد بنصيحة جدها وتكشف المجهول ، وتزور المكان اللي اتربت على حكاياته .. " نجع العزايـزة " .. الفضـول أخدها لاكتشاف العيلة دي ، والحكايات الكتيرة اللي جدها زرعها جوا طفلة متعرفش أي حاجة .. افتكرت أن هي دي نقطة البداية ..
قررت هتروح وتعرف العالم كله عن العيـلة دي .. من هما وأيه حكايتهم ؟! أعذروني مش هقدر اتكلم عنهم و أشهر بيهم .. أنا هتكلم عن المتاح وبس ..
تقدمت خطوتين بثقل جبل وهي تلتفت لكاميرا 2:
-القـدر عاندها تانـي ، ووقعها في حاجة عُمرها ما سعت ليها ، وقعت في الحُب ، حُب أكتر شخص ما ينفعش يكون نصيبها حتى في حِلم .. 
صرخ واحد من أصحاب القناة الذي حركته نادية :
-أقفل البث !!!! 
فأتاه الرجل الآخر المسئول عن ذلك بالرفض القاطع : 
-فوزي بيه المشاهدات بتزيد بطريقة وهمية مش هقدر أوقف البث ..
صرخت نادية معارضة :
-يعني أيه مش هتوقفــه !! دي هتودينا في داهية ….بقول لك اقفل البث ! 
عودة لليلة التي سيطرت على الثلاثة كاميرات وبلمعت الحُب التي نافست الإضاءة فوقها :
-فجاة القدر رماها قُدام عينيه ، ساعدها كتير أوصل ، قدم لها الدعم المعنـوي اللي عاشت سنين عمرها تدور عليه  .. ايده الوحيدة اللي اتمددت لها بعد ما كانت خلاص بتغرق بتستسلم .. 
سالت دموع عينيهـا وأكملت :
-معاه حست بحُب أغاني شادية ، ودلع سعاد حسني .. ورقـة فاتن حمامة .. عيشها حلم جميـل اتمنت انه مينتهيش أبدًا .. عرفت يعني أيه حُب حقيقي على أيده ..
ثم خيم على ثغرها ضحكة الآسى :
-في مرة سألتـه تفتكر يوم هوصل لحلمي وأكون مبسوطة !! أكدلها وقال هتوصلي .. هي  فعلاً وصلت ، بس وهي مش مبسوطة ولا عارفة تتبسط بأي حاجة عشان هو مش معاها .. 
ظننتك لقلبي فجرًا ، لكنك غربت كما تغرب الشمسِ ، ثم جلى حلقها :
-الشخص ده وبعد التضحيات دى كلها باع بسهولة ، واستسلم لأعرافهـم الظالمة اللي بتحتم جواز الدم وغيرها من الظُلم ، والنهاردة كتب كتابه على بنت مش …
قطعت الحديث عن زينة و بدأت حروفها من قلبها ترتعش وتذوب في قطرات الدمع:
-كلامي عنه بيخليني أشعر بالحياة ونبضها بقلبي .. جوه قلبي نار مفيش قوة في العالم ممكن تطفيها غير رجوعه ليـا وفي نفس الوقت قلبي زعلان منه أوي وعمره ما هيسامحه ولا عايزة اشوفه تاني !! طيب هو ليه دخل حياتي وهو عارف أنه هيمشي …..
خرت جميع قواها على الأرض وهي تواصل باكيـة :
-بين الحقيقة والكذب ليه أوحى لقلبي أنه عمره ما هيسيبني !! مين الصادق فينا طيب !! قلبي ولا عقلي !! بس الغريب الاتنين متفقين عليه وأنه مستحيل يعمل كده !! 
ثم جففت عبراتها وأكملت بهزل :
-البنت دي واضح أوي انها تبقى أنا ليلة الجوهري اللي دايما بتختار كل حاجة غلط ، عشان هي بتعامل الناس  بقلبها في زمن كله خبث ومكر وكذب وأنانية !! زمن مفيهوش حب ولا قلب ولا بيرحم حد كله بتاع مصلحته وبس !! والسؤال هنا ؛ من سيعيد لي قلبي !!!!!.
ما أتبعت جملتها حتى سقطت مغشيًا عليها على الهواء أمام الجميـع بعد ما تفجرت الحلقة بالمشاهدات وتحولت حديث اللحظة ، فلم يتحمل قلبها جُملة هذه الأوجاع القاسية وفقدت كُل شيء تحت تأثير الجرعات المُكثفة من الأدوية السامـة …..
~العزايـزة …
رفع المأذون صوته مُعلنـا زينة وهارون زوجان على كتاب الله وسُنـة رسوله .. فضرب هارون الأرض بقدمه متسائلًا بمرارة " من سيعيد لي ليلي !!
 تجاهل يد الحية  المدسوسة بذراعه ليميل نحوها متوعدًا :
-يا ويلك من اللي هتشوفيه مني يا زينة !! متفرحيش قوي ….
جاء هيثم راكضًا من الخلف وينادي عليه بفزع :
-هارون عاوزك ….. 
قدمت فردوس الشربات للمأذون ليستعـد لكتب كتاب نغـم وهاشـم .. وبأحد الزوايا ، وقفت هيام تستمع للتسجيل الصوتي المُرسل من " عمار " لانها ترددت كثيرًا قبل ما ترسل لها صور التحاليل حتى حسمت أمرها وأرسلتها عصر اليوم .. رفعت السماعة على أذنها وهو يقول :
-ازيك يا انسة هيام عاملة أيه ، مبدئيًا كل التحاليل دي توحي أن الست اللي قدامنا عقيـم عندها مشاكل وصعوبات كتير في الإنجاب … 
خفق قلب هيام من أثر ما سمعته فطافت عينيها باحثـة عن هارون لتُخبره ، كيف وليلة أكدت عليها بأن هذه التقارير خاصة بأمها !! 
كان هارون يقف بالخارج يُشاهد حلقة ليلة التي زلزلت الميديا وحوارها عنه الذي عصر قلبه عصرًا حتى جاءت اللحظة الحاسمة بسقوطها أرضًا ، لم يتحمل البُعد عنها للحظة ، أخرج مفاتيح سيارته متأهبا للمغادرة فسأله هيثم :
-على فين يا هارون!!
-معدش ينفع أسيبها يا هيثم …
جاءت هيام تركض خلف أخيها وتترجاه:
-هارون اسمعني في حاجة حصلت بخصوص ليلة لازمًا تعرفها ..
أوقف خُطاه سماعه اسمها ، فأتبعت هيام لتروي له أمر التقارير الطبية وحقيقة إرسالها لعمار:
-بصراحة انا اترددت يا خوي وقولت لا ماينفعش يكون معاه نمرتي ، بس عشان ليلة ما تزعلش قومت بعتهم ، والله والله ما زودت ولا قولت كلمة ديه حتى سألني ازيك عاملة ايه ، مردتش عليه واصل!!
نهر أخته بنفاذ صبر:
-هيام اخلصي !قال لك أيه ؟
انتفض جسدها برعب:
-حاضر حاضر هقول أهو، قال أن أمها عقيمة ومعتخلفش وو بس كيف تبقى أمها يا هارون ..!!!
أمرها بعجل  :
-هيام اركبي العربية …. 
أوقفه أبيه متسائلاً عندما وجده يستعد لصعود سيارته :
-على فين يا ولدي !!
رفع سبابته بوجه أبيه:
-أنا عملت اللي يريحك رغم أني مش فاهمه ، سيبني أعمل اللي يريحني واللي فاهمه ، عن أذنك يا أبوي …… 
تنهد خليفة باقتناع أن لا شيء يعلو فوق صوت القلب وقال :
-روحلها يا هارون وهاتها معاك أنت ومعاودة ..
جمهرت الأصوات بداخل بيت خليفة و اتسعت الأعين حول طاولة كتب الكتابة واستعداد المأذون لعقد قرآن نغم وهاشم ، ففاجأته نغم وهي تنزع من يدها خاتم زواجهما وتضعه على الطاولة وتقف أمام الجميع مُعلنـة بحرقة :
-الچوازة مش هتتم وأنا مش موافقة ، والسبب …
ثم أشاحت بنظرة خسة نحو هاشم وأتبعت:
-عنديكم العريس أهو أبقوا اسألوه وهو هيعرفكم …..
قد يحدث أن تُجبر قلبك أن يسير دون إلتفات عندما تشعر أن المشاعر أخذت طريقًا مختلفًا عما بدأت به .. كانت تنويه هربًا وفرارًا ولكن قلبها أراده حبيبًا وأبًا لابنها .. غيرت وجهتها من طائرة السويد ، لتحجز أول طائرة على الصعيد وصلت رغد أمام بوابة العزايـزة في لحظة خروج هيام وهارون منها .. أعطت السائق أجرته الباهظة إثر رفض الجميع من السائقين باقتحامه لنجع العزايزة وولت ظهرها متجه نحو البوابة ، فسألها جابر :
-أنتِ مين وعايزة مين يا ست !! 
وضعت يدها بجيب معطفها الشتوي وقالت :
-عايزة العُمدة خليفة العزايزي وابنه هاشم بيه …
•••••••••••
أنتهى الجزء الأول " من يعيد لي قلبي "
إلى اللقاء في الجزء الثاني من " آصرة العزايزة " باسم "____"

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا