رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5 بقلم ندا حسن
رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5 هى رواية من كتابة ندا حسن رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5
رواية سرداب الغرام الفصل الخامس 5
لحظات الألم من الصعب وصفها ولحظات الخوف قليلًا إن استطعت تجاوزها، بينما لحظات الفراق تترك داخلك تصدعات تضني قلبك... ماذا إن شعرت بهم "مهرة" في وقت تفقد به خيالها!
وقفت "مهرة" في المطبخ في المساء تعد كوبًا من الشاي لتحتسيه وهي تجلس وحدها، أفرغت الشاي في الكوب ثم وضعت ملعقتين من السكر وقامت بالتقليب حتى الذوبان ثم التقطت الكوب من على الرخام لتذهب إلى خارج المطبخ..
لكن ذلك لم يحدث حيث هبط منها الكوب على حين غرة ليقع على الأرضية مُتهشمًا دون أسباب وكأن أعصاب يدها قد ارتخت فجأة دون دراية منها ليقع ويفرغ محتواه الساخن أسفل أقدامها..
فزعت وهي تشعر بالسخونة تتناثر على أقدامها من الأسفل ونظرت إلى الأرضية لتجد الكوب مُهشمًا دون أسباب، رفعت وجهها تتسأل ما الخطب الذي حدث حتى يقع من يدها، ورفعت يديها أمام ناظريها تلوي شفتيها باستغراب تام..
هبطت إلى الأرضية تلملم قطع الزجاج التي تناثرت ثم وضعتهم على الرخامة وذهبت إلى المرحاض لتأتي بالممسحة كي تقوم بتنظيف ما أفسدته..
ذهبت إلى الخارج تجلس أمام شاشة التلفاز بعدما التقطت الهاتف بيدها تحاول مهاتفة "يوسف" ولكنه لا يُجيب عليها زفرت بحنق عائدة تفتح أحد برامج التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بينما تمرر إصبعها لترى ما هي آخر الأخبار ظهرت أمامها صورة إلى زوجها "يوسف" ارتسمت ابتسامة على شفتيها وبقيت تنظر إلى ملامحه وجماله الذي يجعل عينيها ترقص فرحًا كلما وقعت عليه وقلبها الذي يخفق بعنف كلما فكرت به أو استمعت إلى كلمة غزل وغرام منه..
لم يكن هو من قام بوضع هذه الصورة عادت إلى الأعلى كي ترى، فؤجئت أن من وضعها موقع للأخبار منذ قليل، خفق قلبها بعنف وقوة وارتفعت نبضاته حتى كادت أن تستمع إليها وعينيها تقع على كلمة واحدة لم تستطع أن ترى غيرها ألا وهي "حادث"
أغمضت عينيها بقوة غير قادرة على أن تقرأ الخبر أو ما الذي حدث إليه، ارتعشت أوصالها ولم تعد تشعر بذاتها وهي تتخيل ما الذي حدث له!..
فتحت عينيها سريعًا بلهفة وقلق كي تقرأ ما الذي كُتب عليها حتى لا تدع تلك الأفكار السوداوية تهاجم عقلها بشراسة وقد حدث في لحظة واحدة خص الأمر بها زوجها وحبيب عمرها "يوسف"
لم تستطع القراءة حيث اخترق أذنها صوت أحد المذيعين على التلفاز الذي لم تهتم به إلا الآن وهو يقول بحزن بالغ
"تعرض يوسف رضوان ابن رجل الأعمال المصري مراد رضوان إلى حادث أليم اليوم عقب عودته من عمله حيث تصادم مع شاحنة كبيرة أدت إلى انقلاب السيارة به عدة مرات وهو الآن في حالة حرجة نسأل الله الشفاء العاجل له"
انهمرت الدمعات من عينيها لا إراديًا وهي تنظر إلى صورته عبر التلفاز، ينقلون صورة السيارة وما حدث بها بعد الحادث، رمقت كل هذا بعين متسعة مدهوشة لا تصدق ما رأته واستمعت إليه شلت أطرافها وتوقف قلبها عن النبض ولم يعد يأتي بعقلها أي أفكار وكأنه هو الآخر تلقى الصدمة الأكبر على الإطلاق ليتوقف عن العمل.. لحظات مرت وهي على هذا الوضع تذرف عينيها الدمعات بكثرة دون صوت تنظر إلى الشاشة لا تدري ما الذي حدث إليها لا تستطيع حتى الوقوف على قدميها..
تحركت شفتيها برعشة وخوف بعثر كيانها:
-يوسف!.
وكأن الأرض تحترق أسفل قدميها والسماء تلقي قنابل متفجرة تزيد في تصاعد النيران التي ستأخذ حياتها معها في المنحدر الجحيمي، وقفت على قدميها دون إرادة تركض ناحية الداخل لتبدل ملابسها التي ترتديها يوميًا لمقابلته، عينيها تذرف الدماء بدلًا من الدمعات وقلبها يضنيه الألم والخبر مازال يقف على أعتاب عقلها لم يدلف بعد لتقوم بتصديقه ولكن الصدمة هي من تحركها.. لهفتها وحبها خوفها وغرامها يحركون أقدامها بسرعة جنونية لتقبض على الملابس بهمجية شديدة وهي تحاول أن ترى أمامها ولكن عينيها ملئية بالدمعات التي أعاقت الرؤية، حاولت التنفس من بين لهاثها الذي هجم على أنفاسها ليقاطع سيرها يتسبب في تشاحنها من كثرة خوفها وضعفها.. تخاف قلة حيلتها وكسرتها.. تخاف فقد عزيز قلبها الذي لم ولن تجد مثله، عزيز قلبها الذي عوضها عن عائلتها التي أرادت أن تستبيح عرضها وشرفها..
ارتدت ملابسها سريعًا دون حتى النظر إلى المرآة وذهبت تخرج من الشقة تحمل حقيبتها التي وضعت بها المفاتيح وبعض النقود وهي لا تدري إلى أين ستذهب ولكنها أخرجت الهاتف لتتحدث إلى والدته وتعلم منها أين هو..
مسحت بكف يدها أسفل عينيها لترى أمامها وهي تفتح باب الشقة وتبحث عن رقمها في الهاتف ولكنها حين فتحت الباب وجدت "آية" تقف أمامها بملامح شاحبة حزينة، نظرت إليها وانفجرت في البكاء بصوتٍ عالٍ تقول بشهقات متقطعة:
-شوفتي اللي حصل ليوسف يا آية.. يوسف حبيبي
أومأت إليها برأسها بأسى قائلة بصوتٍ خافت:
-هيبقى كويس يا مهرة متخافيش
تعالى صوت بكائها وهي تقول متقدمة للأمام:
-عايزة اطمن عليه.. أنا ريحاله
اعترضت "آية" ودفعتها للخلف بخفة قائلة بحزم:
-رايحه فين مش هينفع طبعًا
رفعت إليها وجهها تنظر إليها بملامح مُستغربة للغاية وخرج صوتها العالي مُعترض:
-هو ايه ده اللي مش هينفع أنا رايحة أشوف جوزي إنشلا الدنيا كلها تولع.. مش هسيبه لوحده لازم أكون معاه
دلفت إلى الداخل وأغلقت الباب من خلفها ثم تحدثت بلين محاولة إقناعها على الرغم من أنها تعلم أنها ستكون محاولة صعبة للغاية:
-اسمعيني طيب.. عز اللي باعتني ليكي أنا هفضل معاكي هنا لحد ما يبقى كويس وتروحي تشوفيه بس دلوقتي مش هينفع يا مهرة.. عيلة رضوان كلها هناك في المستشفى
دفعتها بانفعال محاولة الذهاب بينما تنزف الدموع كالدماء من عينيها بغزارة تحرقها:
-يولعوا.. يولعوا كلهم مش هسيبه أنا لازم أكون معاه
امسكتها "آية" بقوة وألقت الكلمات عليها كأنها تلقى بصاعقة تهبط فوق رأسها من السماء:
-مهرة يوسف معملش حادثة قضاء وقدر
استدارت تنظر إليها بعينان مُتسعة متسائلة:
-قصدك ايه؟
تحدثت بجدية شديدة تقص عليها ما قاله زوجها "عز" إليها تمنعها الذهاب بالقوة:
-العربية بتاعته مكانش فيها فرامل، دي حادثة متدبرة مستحيل اسيبك تروحي أنتي فاهمه ده معناه ايه
ضيقت ما بين حاجبيها ونظرت إليها بعينان القطة خاصتها ولكنها كانت تشتعل بنظرات الرهبة والذعر ليخرج صوتها بخوفٍ بائن:
-أنتي اللي فاهمه ده معناه ايه؟ يوسف حياته لسه في خطر
أقتربت منها لتقف أمامها مُعتدلة مباشرة محاولة إقناعها بهدوء:
-لأ يا مهرة حياته دلوقتي مش في خطر اللي عمل كده ليه غرض غير موته
استنكرت حديثها بقوة ساخرة بطريقة حزينة مُبكية:
-غير موته؟.. العربية مفيهاش فرامل وشكلها زي ما يكون منداسه عشر مرات وتقوليلي غير موته
تنهدت "آية" بعمق ثم أجابتها:
-أنتي لو ظهرتي ده اللي هيبقى خطر بجد عليكي وعليه يا مهرة.. مستحيل اسيبك تروحي وده طلب يوسف قبل الحادثة
سألتها بلهفة رافعة كف يدها تزيل دمعاتها الحزينة:
-طلب ايه؟
ربتت على ذراعها متعاطفة معها إلى الحد الذي جعلها تبكي داخلها ألف مرة على حالهم، أردفت بهدوء:
-وصى عز عليكي وقاله متظهريش أبدًا يا مهرة.. علشان خاطري اسمعي الكلام أنتي ماينفعش تروحي دلوقتي أبدًا المستشفى حريقة فيها العيلة كلها غير الصحفيين والناس المهتمة بيه.. عز معاه وهو هيطمنا وأول ما الدنيا تخف عنده هيجي ياخدك تروحيله
اجهشت في البكاء مرة أخرى وأصبحت ملامحها كملامح امرأة في الستون من عمرها تحمل هموم العالم وأتى صوتها ضعيف:
-إزاي هقعد ومعرفش عنه حاجه إزاي أنا قلبي بيتقطع يا آية.. يوسف.. يوسف كل حاجه ليا أنا ماليش غيره
أجابتها برفق:
-والله هيبقى كويس وأحسن من الأول
أمسكت كف يدها برجاء قائلة:
-طيب كلميلي عز علشان خاطري اطمن عليه
-أنا لسه مكلماه متخافيش والله يا مهرة هو حالته مش حرجة ولا حاجه زي ما بيقولوا في التلفزيون بس هو في العمليات..
ارتعدت أوصالها وانتفض قلبها من موضعه ليأتي صوتها الصارخ بهلع:
-عمليات؟
ربتت عليها مرة أخرى تقف جوارها تأخذها إلى الداخل كي تستريح قائلة:
-يا حبيبتي والله هيبقى بخير أول ما يخرج عز هيكلمنا..
جلست على الأريكة تاركة الحقيبة جانبًا والهاتف أيضًا، وضع فوق عاتقها أثقال لا تستطيع حملها، نظرت إلى صديقتها قائلة بحزنٍ بالغ:
-أنا مش هعرف أقعد هنا وهو هناك معرفش عنه حاجه غير إنه بين الحيا والموت.. يوسف محتاجني
جلست على الأرضية أمامها تحاول أن تواسيها وتشرح لها مدى خطورة الأمر عليهما هما الاثنين:
-أنا عارفة والله ومقدرة اللي بتقوليه بس بردو يا مهرة لازم تفكري فيه شوية لو أبوه شافك متعرفيش ايه اللي ممكن يحصل ليه..
أكملت بجدية:
-إحنا أصلًا منضمنش إنه يسيبك وغير كده مش هتعرفي تدخلي ولا تشوفيه خالص لأنهم كلهم هناك عنده
ازداد بكائها كلما أدركت صعوبة الأمر فوق صعوبة تحمل ما حدث له، تبكي بقوة تلقي بوجهها بين كفي يدها لا تستطيع مواجهة ما حدث وحدها، لا تستطيع أن تكون بلا حبيب عمرها الذي جعل من أحضانه مأوى لها.. قالت بصوتٍ يقطع نياط القلب لكثرة شهقاتها وبكائها المستمر:
-يوسف لو جراله حاجه أنا هموت يا آية.. هموت أنا ماليش غيره في الدنيا كلها جوزي وأبويا وأخويا وصاحبي وكل حاجه ليا.. أنا معرفش حد غيره أصلًا
جلست جوارها وأخذتها بأحضانها تربت عليها قائلة:
-متقوليش كده يا مهرة هيبقى كويس علشان خاطرك ربنا هيقومه بالسلامة
تركت جسدها بين ذراعي صديقتها تبحث عن مكان تلقي به ولو قليل من حزنها:
-يارب
انقضت الليلة وهي جالسة على سجادة الصلاة لم تفارقها لحظة واحدة إلا عندما تتحدث مع عز لتطمئن عليه، بقيت بين أيدي الرحمن تدعي بقلبٍ يتمنى الاستجابة بكل جوارحه، ودمعات عينيها لم تجف من على وجنتيها ولو لحظة واحدة بل كانت دومًا مُبللة ببكاء حزنها، ونظراتها الباهتة وملامحها التي باتت تفزع من مظهرها المرهق وكأنها سجينة منذ أعوام..
كوردة متفتحة فواحة الرائحة تنير بستان بجمالها الخلاب من بين كل الزهور، ذبلت منذ اللحظة الأولى لغياب البستاني عنها، الذي كان السبب الأول في جمالها المتميز الذي يسلب الأنظار وحافظ روحها ورائحتها التي تسكر العقول..
❈-❈-❈
كان هناك حالة من الهرج والمرج داخل المستشفى منذ اللحظة الأولى لدخول "يوسف" لها والإعلان عن هويته..
تجلس والدته في انتظار خروجه من غرفة العمليات تضع وجهها بين راحتي يدها وقد جف البكاء من عينيها، لم تعد تملك ولو قطرة واحدة مالحة للخروج منها بل أفرغت كل ما بداخلها تتذكر ذلك الشاب الرجل الحنون عليها أكثر من أي أحد آخر، حبيبها الذي لم يكن أول أبناءها ولكنه الأول في الحنان والاهتمام، الطاعة والهدوء، والأول في تلقي القسوة والتفرقة والصمود أمام الجميع..
لم ينل ما يستحقه وما يريده في أي شيء، طفولته ومراهقته، لم يحصل على شهادة كان يريدها ولم ينل الفتاة التي أحبها أمام الجميع، طوال سنوات حياته منذ اللحظة الأولى للتواجد معهم بين أسرته وهو الوحيد بها..
"مهرة" لم يحب غيرها حرمه والده منها ولكن حبه لها كان الأكبر من جبروت رجل مثله، أخذها سرًا ولم يستطع الإفصاح علنًا والآن يحتاج إليها أكثر من أي شخص ولكن أين هنا؟ يخفيها عنه وزوجته تتوارى خلف الحوائط خوفًا من أن يراها جبروت "مراد رضوان" يا حصرتاه على شبابهم الضائع في سرداب الغرام..
رفعت وجهها وأبعدت عينيها تنظر إلى والده من بعيد لترى ملامحه القاسية بارزة على قسيمات وجهه، نظرات القسوة والغلظة تخرج من عيناه على حوائط المستشفى وكأنه لم يعد يجد من بعده أحدًا ليقسو عليه..
مررت بصرها على ابنها الكبير "زيدان" الذي يُسير خلف زوجته في الخطأ والصواب كي لا تتركه، كي لا تفصح عن مشكلته في عدم الإنجاب، يغدقها بماله وبكل ما يملك ليشتري حبها وبقائها.. أليست مثل "مهرة" التي تركت الجميع لأجل حبها، أليست مثل تلك التي تشتري راحته وابتسامته بحزنها!.. وجهان لعملة واحدة ألا وهي الحب..
وهنا "نورا" تلك الجالسة بفستانها الفاضح، هذه من اختارها لولده فقط لأنها ابنة شقيقته لأنه سيأخذ مالها ليضمه على ماله على الرغم من أنه لا يحتاج أبدًا إلى ذلك فهو يملك الكثير والكثير من المال والأملاك، وعلى الناحية الأخرى شقيقته تريده لابنتها كي تأخذ هي الأخرى ماله.. تنظر إلى كل شخص منهم بعين الحقيقة تجردهم من أكاذيبهم في نظرات حسرة وأسى قلبها يضنيه الألم حزنًا على ولدها..
بعد قليل من الوقت الذي مر عليهم خرج "يوسف" من غرفة العمليات وقال الطبيب أنه سيكون في غرفة العناية لمدة أربعة وعشرون ساعة..
ذهب "عز" مُبتعدًا عنهم ليتحدث إلى زوجته عبر الهاتف كي يطمئنهم..
أردف بهدوء:
-أيوه يا حبيبتي يوسف خرج من العمليات وهو كويس طمني مهرة
لم يستمع إلى صوت زوجته مرة أخرى بل اخترق أذنه صوت "مهرة" المُتلهف للاستماع إلى الأخبار الطيبة عنه وأتاه صوتها الذي أكله القلق:
-هو عامل ايه يا عز.. علشان خاطري متكدبش عليا
تنهد وأجابها برفق صادقًا:
-والله بقى كويس يا مهرة خرج من العمليات والنزيف وقف بس هيبقى تحت الملاحظة أربعة وعشرين ساعة
استمع إلى نبرة صوتها المرتعشة وشعر ببكائها وهي تترجاه:
-أنا عايزة أشوفه علشان خاطري يا عز
رفض رفضًا قاطعًا لا يحتمل النقاش به ولكنه حاول أن يتحدث بلين:
-دلوقتي مش هينفع خالص في أقرب فرصة هاجي أخدك بنفسي يا مهرة تشوفيه
سألته بلهفة:
-أقرب فرصة امتى طيب
أجابها بهدوء:
-بعد يومين
انتفضت وارتفع صوتها المعترض عبر الهاتف:
-مستحيل أقعد يومين والله أبدًا مش هقدر
حاول أن ينهي النقاش معها لأنه يعلم أنها لم تصمت أبدًا وتريد أن تكون هنا قبل الغد فقال سريعًا:
-طب بكرة أشوف هعرف أعمل ايه والله وهخليكي تيجي.. اديني آية
استمع إلى صوتها فلم يعطي إليها فرصة للتحدث وقال بحزم شديد:
-عينك متتشالش من عليها يا آية اوعي تيجي
نظرت إليها بقلق ثم أجابته بالايجاب:
-حاضر يا عز حاضر
أومأ برأسه بهدوء وقال:
-مع السلامة دلوقتي وهبقى اطمنكم لما يفوق
أجابته برفق:
-ربنا معاك ويقومه بالسلامة
-يارب
ثم أغلق الهاتف وذهب مبتعدًا يعود إلى هؤلاء الذين يجلسون في انتظار استفاقته..
❈-❈-❈
مرت أربعة وعشرون ساعة، كانت الأبطئ على الإطلاق، بها الخوف والقلق سيد الموقف، بها الرهبة والرعشة تسري بجسدها دون قيود، بها اللهفة ومرارة الفراق تتأرجح في سمائها، بها الرجاء والدعاء لا يذهبون من على لسانها.. أربعة وعشرون ساعة يخلدون بذكراها إلى المنتهى، لحظة فاصلة بين حياتها وموتها، لحظة أدركت فيها بعد أدراكها أن لا حياة لها دون حبيبها، المأوى بعد الضياع، "يوسف"
استقرت حالته وبقيٰ وضعه الصحي أفضل من السابق بالنسبة إلى الحالة التي كان عليها، خرج من غرفة العناية إلى غرفة عادية ودلفت إليه عائلته..
نظر إليهم واحدًا تلو الأخر بعين نصف مغلقة ونصف مفتوحة، ملامحه باهته والكدمات تغرق وجهه، رأسه ملفوف بشاش طبي وجبينه يضع عليه لازق كما وجنته اليمنى، عيناه متورمة وذراعة مجبر، وجسده على الرغم من أنه أتى منذ يومين إلى هنا إلا أنه فقد وزنه بطريقة ملحوظة..
تنهد ينظر إلى والدته حبيبته، من تبقى له عن حق في منزل عائلته، حنانه ويكفي أنها والدته بابتسامتها الطيبة وكل ما بها، لا تريد أي شيء منه سوى أن تراه سعيد فرحًا بحياته واختياراته..
استمع إلى صوتها المُتلهف الباكي وهي تقترب منه تقبل كف يده قائلة بحنان:
-حمدالله على سلامتك يا حبيبي، إنشلا يارب اللي يكرهك
أومأ إليها برأسه مُبتسمًا رغمًا عنه فلا يستطيع التحدث، ليجد شقيقه هو الآخر يقول بصوت جاد:
-حمدالله على سلامتك يا يوسف
هذا شقيقه "زيدان" اسمه الحقيقي زوج "يمنى" لا يتذكر يومًا واحدًا مر عليهم سويًا كان به شقيقًا حقيقيًا له، لم يأخذه بأحضانه ولم يلعب معه، لم يدافع عنه ولم ينظر إليه بعين مُحب، لا يعتب عليه ولا ينتظر منه شيء فهو على علم تام ما السبب الحقيقي وراء هذا وهذا ما تربى عليه منذ أن كان طفل صغير..
أقتربت "نورا" بنظراتٍ حزينة، كانت حزينة بالفعل ويجب أن تكون هكذا بعد أن رتبت حياتها على أنها زوجة له، فهنا يجب أن تحزن إن أصابه مكروه، يعلم ما تريده منه ولا يعتب عليها أيضًا فهي نشأت وهي تستمع إلى تلك الكلمات التي لم يقولها يومًا، "ستكونين زوجة ليوسف"
-الحمدلله إنك بخير يا يوسف.. متعرفش قلقتني عليك إزاي
أومأ إليها بعيناه ليجد فجأة "عز" يصحبهم إلى الخارج قائلًا:
-يلا يا جماعة اطمنى عليه نسيبه يرتاح شكله تعبان
استمع إلى صوت والده الذي قال بجدية شديدة:
-أخرجوا انتوا أنا عايز ابقى مع يوسف شوية لوحدنا
أومأ إليه وأخذهم إلى الخارج يغلق الباب من خلفه فنظر والده إليه بعدما وقف عن الأريكة التي بالغرفة وذهب يسحب المقعد ليضعه جوار الفراش يجلس عليه ليكون أمامه..
تحولت نظراته إلى أخرى غريبة كليًا عليه لم يفهمها وكأنها تعبر عن شماتته به أو بما حدث له فبقيٰ ينظر إليه باستغراب ليجده يُميل عليه قائلًا بصوتٍ خافت:
-إن شاء الله تكون اتعلمت من الدرس ده
لم يفهم ما الذي يتفوه به أو ما الذي يريد الوصول إليه فبقيٰ على وضعه ليكمل والده بنظرة قاسية مرعبة:
-لما تحب ترفض حاجه وتعمل نفسك راجل مترفضش كلام مراد رضوان علشان في الآخر مكانك هيبقى هنا
أقترب أكثر يميل أمام وجهه وعانقت عيناه نظرات الآخر بكل قسوة كامنة داخلة تحدث:
-متخلقش لسه اللي يعصى أوامري، أنا كلامي سيف على رقاب الكل
عاد إلى الخلف يرفع رأسه إلى الأعلى قائلًا بلا مبالاة:
-فاكر لما سألتني يا ترى هتأذي ابنك؟
عاد إليه ينظر بابتسامة رخيصة ارتسمت فجأة على محياه وأكمل وكأنه انتصر بحرب أمام أكبر أعداءه:
-فاكر وقتها قولتلك ايه؟ هأذيك أنت واللي خلفوك وفي الآخر كلامي أنا هيمشي
تابع بعدم اهتمام لتلك النظرات الموجهة نحوه من ابنه وقال يأمره بغلظة:
-هتطلع من هنا تخطب نورا وإلا المرة الجاية مضمنش تموت ولا تعيش.. مع أن المرة دي بردو مكنتش ضامن بس كان عندي إحساس أنها هتبقى قرصة ودن بس
بقيٰ "يوسف" ينظر إليه، لحظات كثيرة منذ بداية الحديث وهو يحاول أن يربط كلماته ببعضها كي يتوصل إلى ما يريد وكلما أقترب من المعنى الحقيقي كذبه معللًا داخله أنه والده لا يفعل هكذا أبدًا، أبدًا
ولكن هو من أعترف بنفسه لتسري القشعريرة بجسده وتحولت نظراته نحوه إلى أخرى غير مصدقة لا تستطيع استيعاب ما تفوه به إلى أن أجبره على الحديث رغمًا عنه ببطء:
-أنت اللي عملت فيا كده؟ إزاي
اندلعت نيران الشر من عيناه وهو يردف مُجيبّا عليه بينما يحمل بين طيات كلماته غلظة وعنف لا نهائي:
-وأعمل أكتر من كده يا يوسف وأنت أكتر واحد عارف أبوك يقدر يعمل ايه.. والمرة الجاية مش هتيجي فيك لوحدك
تحولت ملامح "يوسف" إلى أكثر استغرابًا وانقبض قلبه خوفًا من أن يكون مدلول كلماته عنها فقال والده بتهديد واضح:
-يمكن في أمك.. أو حد تاني يهمك
مال عليه ليتحدث بقوة:
-اوعا تفتكر إني بعمل كل ده علشان الفلوس فعلًا، رفضك ووقوفك قصادي هما اللي خلوني حلفت قسمًا عظمًا ما هتتجوز غير نورا
وقف على قدميه وظهر أكثر التجبر عليه وتلك القسوة والغلظة النابعة من داخله وهو يقول بلا مبالاة:
-أستعد بقى
تحرك يبتعد عنه وترك إياه يخرج من الغرفة، تركه وحده في ظلمة لا يستطيع الخروج منها إلا بموته، كيف لوالده أن يفعل ذلك؟ لقد قال بنفسه أنه لم يكن يضمن حياته بل ألقى به بين نيران الموت أما أن يموت أو يصيبه الحظ الحسن ويبقى على قيد الحياة؟ والده من فعل ذلك فقط حتى يتزوج من ابنة عمته؟ فعل ذلك فقط لأنه رفض ووقف أمامه بعدما وافق على كل ما كان يريده منذ أن كان طفل إلى اليوم؟ كيف له التخطي وهو على قيد الحياة أن والده فعل به شيء كهذا؟ لقد خطط لموته؟
كيف له أن يعارضه مرة أخرى و "مهرة" بين يديه؟ لقد كان محق عندما كان يخاف عليها من نسمة الهواء المارة جوارها، كان محق عندما قال إنه رجل ولكن واقع والده وتلك القسوة التي يتمتع بها أكبر منه وأكبر من أن يقف أمامه!..
فعل بولده هكذا فما الذي من الممكن أن يفعله بها هي إن علم بوجودها!؟ ما الذي يوجد بالحياة أكبر من الموت؟!..
شعور بالقهر والأسى يتخلل قلبه وانهمرت دمعة غريبة شاردة من عيناه فقط لأنه لم يتخيل يومًا أن تكون حياته رخيصة إلى هذه الدرجة وبالنسبة لمن؟ والده الذي من المفترض أن يكون أول الأشخاص هلعًا عليه.. والده الذي من المفترض إن حدث له شيء يُكسر ظهره في الدنيا ولكن!.. كيف يستوعب عقله ذلك؟
تلقى طعنة بمنتصف ظهره، قسمته إلى نصفين، قهرت قلبه وشتتت عقله فلم يعد يستطيع أن ينظر إلى أحد بعين الثقة، فما فعله والده أكبر بكثير من أن يجعله يتخطاه بالتعامل مع البشر..
شرارات الحروب قد بدأت بالظهور ولكنها بدأت من المكان الخطأ، لقد شعر أن السرداب يضيق عليه أكثر والحزن يتخلل دروبه وأشواكه تتزايد كلما قضى به أيام أخرى تزين سماءه ديجور الغرام..
❈-❈-❈
"في اليوم التالي"
بدأ "يوسف" أول أيام التعافي، استطاع أن يتحدث وبدأت عيناه بالتفتح كليًا، على الرغم من أن داخله أعمى وقلبه صامت حزين منذ ليلة أمس، يضنيه ألم قلبه أكثر مما فعله به ألم جسده من بعد الحادث فلم يعد يستطيع أن يصدق أن في حياته أشخاص لن تستطيع أذيته إن كان فعلها والده قبلهم.. وللأسف "إنه والده"
بعد أن وجد أن "عز" فقط المتواجد معه هو ووالدته طلب منه أن يرى "مهرة" فطلب زوجته "آية" لتأتي معها إلى هنا متخفية بعيدًا عن الأنظار تغير مظهرها بأي شيء حتى لا يراها أحدًا إن حدث أمر طارئ..
وكأنها كانت تنتظر أن يتحدث معهم "عز" مطالبًا بذهابها فانطلقت سريعًا تبدل ملابسها إلى أخرى قبل أن تنتظر أن يُنهي حديثه، ارتدت بنطال واسع من القماش لونه أسود كذلك قميص نسائي يعلوه ووضعت وشاح على رأسها بعدما أخبرتها "آية" بتعاليم "عز" تخفي خصلاتها وارتدت نظارة شمسية كبيرة تخفي معظم ملامح وجهها..
انطلقت مع صديقتها وكأنها تسابق الريح في التقابل معه، وكأنها تنتظر أن تلتقي بروحها الضائعة، روحها ورائحتها ملاذها وعشقها، والتعبير الوحيد الصادق بينهم أنه كان بمثابة دار أيتام أحضنتها بين حوائط حنانها ومسدت على خصلاتها من غدر الجميع حتى أقرب الأشخاص إليها..
وصلت إلى المستشفى فبقيت في السيارة في الأسفل مبتعدين قليلًا عن الأنظار إلى أن أتى إليهم "عز" يصطحبهم إلى الداخل، صعدت معه إلى الأعلى لتجد والدته تجلس في الخارج سلمت عليها في لحظة خاطفة بينما أشارت لها على غرفته لتتركها سريعًا دون حديث وقلبها ينبض بقوة تقتحم الغرفة عليه لتدلف بطلتها التي لم تحمل سوى مشاعر الهلع والاشتياق ولعنة الفراق الظاهرة بوضوح عليها بعدما أبعدت النظارة عن وجهها..
نظرت إليه بتلك العينان، غريبة المظهر، ساحرة القلوب وفاتنة لمشاعره، عينان ذات اللون الرمادي يميزها تلك السحبة التي تمثل عيون القطة البرية..
أغلقت الباب من خلفها بيد مُرتعشة وهي تطالعة تبصر تلك الهيئة التي لم تراه بها من قبل أبدًا، جسده الهزيل ملامحه التي ملئت بالكدمات ونومته على الفراش بهذه الطريقة التي أبكت قلبها قبل عينيها..
انهمرت الدمعات من عينيها بكثرة شاعرة بأنها قد كُسرت وهي تراه بتلك الهيئة، دلفت بخطوات واسعة سريعة تلقي بنفسها جواره على الفراش تقترب منه بحذر شديد تحتضنه باكية بقوة وشهات بكائها ترتفع عاليًا..
رفع يده المعافاة يربت على ظهرها بينما تنام بخفة برأسها على صدره، وأتى صوته الذي حاول أن يكون جيدًا:
-اهدي يا حبيبتي أنا بخير والله
بدأ صوتها يخرج بضعف من بين شقات بكائها:
-يارب كنت أنا مكانك وأنت لأ يا حبيبي
رفع يده إلى خصلات شعرها الذي اشتاق إليه كثيرًا يستنشق رائحتها باستمتاع بينما يتحدث برفق:
-بعد الشر عنك يا مهرة متقوليش كده
رفعت وجهها وعادت تنظر إليه جالسة أمامه على الفراش توزع بصرها على ملامحه ثم أكملت بضعف:
-مقولش ايه يا يوسف.. يارب كنت أنا ألف مرة وأنت لأ يارب كان الوجع كله فيا أنا وأنت لأ
رفعت يدها تزيل دمعاتها المتساقطة بكثرة تسرد عليه مدى معاناتها في غيابه:
-أنت مش عارف أنا كنت ايه من غيرك وحاسه بايه وأنت بتضيع مني.. عمري ما هعرف أوصف احساسي وكأني بموت ومحدش شايفني
ابتسم والابتسامة زينت وجهه إلى الدرجة التي جعلته يتناسى كل ما مر به وترفرف السعادة على أعتاب قلبه وقال:
-بعد الشر عنك يا أجمل حاجه في حياتي.. أنا كويس وبخير قدامك أهو وكلها كام يوم وارجعلك البيت تاني متخافيش
ارتفع صوتها تجيبه بقوة:
-يارب يا حبيبي يارب ترجع وتعمر البيت والدنيا كلها بصوتك ووجودك
أمسكت كف يده لترفعه إلى فمها تقبله برقة تترك بصمتها التي أحبها كثيرًا به ثم أكملت بهيام والرجاء يتخلله:
-أنا من غيرك ولا حاجه يا روحي.. خلي بالك من نفسك ومتسبنيش تاني يا يوسف أنا ماليش غيرك
هنا وقف عقله عن التفكير، هو لديه العائلة وأيضًا ليس لديه غيرها، كيف يتساوى معها؟:
-أقسم بالله يا مهرة أنا كمان ماليا غيرك في الدنيا دي كلها
نظرت إليه بقوة وسألته باستغراب وغل يملأ قلبها تجاة من فعل ذلك به:
-مين اللي اتجرأ وعمل فيك كده يا حبيبي مسكوه؟
نظر إليها للحظة ثم أردف محاولًا المراوغة:
-محدش عمل حاجه أنا اللي غلطت
أبصرته باستغراب كلي وقالت بجدية:
-غلطت؟ العربية مكانش فيها فرامل
سألها مضيقًا عينيه على ملامحها:
-مين قالك كده
أجابته بهدوء:
-آية
ابتسم برفق يطمئنها كاذبًا يقول بهدوء كي لا يثير شكوكها:
-لأ يا مهرة أنا كنت فاكر كده علشان مكنتش عارف أسيطر عليها وفجأة العربية النقل طلعتلي وأنا مكنتش واخد بالي كنت منتبه للكلام مع عز مش للطريق
سألته وهي تتمسك بيده وتتعلق بنظرة عيناه:
-أنت متأكد من اللي بتقوله
ضغط على يدها بهدوء يحاول أن يبث الأمان والاطمئنان داخلها وقال بحزم مزيف:
-طبعًا متأكد يا حبيبتي لو فعلًا في حد عمل كده مكنتش هسكت
أغمضت عينيها بقوة وتنهدت بعمق تحمد ربها ثم قالت بهدوء:
-الحمدلله طمنت قلبي يا يوسف أنا كنت خايفة أوي وقولت اللي عمل كده هيعملها تاني
نفى ذلك الحديث بقوله:
-متخافيش يا حبيبتي مافيش حاجه من الكلام ده
أقتربت منه بوجهها تنظر إلى عيناه تبادلة نظرات الغرام المتخفية بألم داخلهما:
-أنت كويس دلوقتي صح؟
زينت الابتسامة وجهه مرة أخرى أكبر من المرة الأولى وأتاها صوته العذب الذي تخلله غرامها:
-أنا زي الفل علشان شوفت مهرة قلبي
أقتربت أكثير تميل على وجهه قائلة تبادلة كلماته المعسوله النابعة من قلبها:
-أنا بحبك أوي أوي يا يوسف
أكمل بشغف ينبض من داخله تجاهها:
-وأنا بموت فيكي يا روح قلب يوسف
أنهى كلماته وأبعد يده إلى خلف رأسها يقربها منه أكثر لتميل على وجهه تقترب منه ليقبلها بحب وغرام اخترق قلوبهما بسهام أبدية ترتبطت ببعضها البعض.. أقترب يرتوي ويزيح عن قلبه ذلك الألم والمعاناة التي دلفت حياته يبدلها بمعاناة أخرى وهي غرامه الذي أخفاه عن الجميع وحلاله الذي مهدد بالخطر.. يقترب من نيران نابعه من بركان والده ستحرق الأخضر واليابس..
على الرغم من كل هذا تناسى، ولم يتذكر سوى أنها هنا بين يديه يقبلها، ويفعل أحب الأشياء على قلبه منها..
بينما بالخارج كانت تجلس "آية" مع والدة "يوسف" وزوجها "عز" ليجدوا والده يقترب عليهم فجأة وكأنه ظهر من العدم، يتقدم بكل ثقة متجهًا نحو الغرفة دون النظر إلى أحدًا منهم..
وقفت "آية" سريعًا تقترب منه لتقف أمامه تمنعه من تكملة طريقه نحو الغرفة تعلو بصوتها:
-ازيك يا مراد بيه عامل ايه.. شكلك مخدتش بالك إني هنا
وقف على حين غرة حينما ظهرت أمامه ينظر إليها باستغراب ثم أجابها:
-أهلًا وسهلًا فعلًا مخدتش بالي منك
سألته بصوتٍ مرتفع استغربه:
-أنت داخل ليوسف
أجابها ساخرًا:
-في مانع؟
وقفت زوجته سريعًا تجيب خوفًا من القادم:
-أصل الدكتور منعنا ندخله فال بنرهقة وهو حاليًا نايم
أومأ إليها بهدوء ثم قال:
-مش هتكلم معاه هشوفه بس
تقدم "عز" قائلًا بقلق:
-خليك كمان شوية هو نايم دلوقتي
نظر إليهم واحدًا تلو الآخر ثم لم يعطي أحدًا منهم اهتمام وأكمل طريقه ناحية الغرفة فلم يستطع "عز" أن يمنعه أو أن يقف بطريقة أحدًا وإلا إذا منعوه سيتخلل الشك قلبه وفي الحالتين سيعرف بالحقيقة المخباة عنه..
وضع يده الغليظة على مقبض الباب ثم فتح الغرفة بينما القلق يأكل قلوبهم في الخلف من القادم عليهم بعدما يرى "مهرة" معه بالداخل، وقعت عيناه القاسية بالداخل ثم عاد ناظرًا إليهم بغضب يكاد يحرقهم جميعهم وأولهم زوجته..
❈-❈-❈
"يُتبع"