رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15 بقلم امل نصر
رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15 هى رواية من كتابة امل نصر رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15
رواية اكل الذئب زينب الفصل الخامس عشر 15
زينب ايه اللي حصلك؟
صعد اليها بسرعة البرق ليتفقدها، وقد كانت متسطحة على الارض بلا حول لها ولا قوة، نصف جسدها في داخل الجناح، والأخر خارجه، رفع جذعها بحذر ، ليعدل وجهها اليه، ويزيح عنه الشعر المسترسل الذي كان يغطيه، فوجدها فاقدة الوعي تماما، ولا تدري بالعالم.
قلب الحجر الذي لم يهتز يوما، شعر به على وشك الخروج من صدره، وعقله يصور ابشع الصور عما أدى بها الى ذلك، ليربت بكف مرتعش على وجنتها عدة مرات كي يفيقها:
- زينب، اصحي يا زينب، فهميني بس لو حد أذاكي، زينب يا زينب.
اخيرا استجابت لندائه، لتهتز اجفانها المغلقة، ببطء شديد، فخرج منها صوت أنين مرددة بنصف وعي:
- فين امي، انا كنت عايزة اروحلها، انا كنت دايخة.
اطمئن بعض الشيء ، بعدما استمع لهمهمتها، ولكن تبقى الاَن معرفة السبب لما أدى بها الى ذلك
. ليتأمل وجهها عن قريب وما ترتديه من عباءة منزلية بنصف اكمام، اظهرت جمالها المخفي دائما عنه، خلف الحجاب والملابس الواسعة، وجسدها الغض بين ذراعيه،
لا يدري كيف طفت هذه المشاعر، في وقت كهذا مع واحدة من محرماته، تبا، انها الفتنة بحق .
اغمض عيناه، ليبتلع ريقه الذي جف، في مجاهدة لشياطين نفسه ، فوضعها بخفة على الارض ، ليبحث عمن يساعده من النساء في افاقتها، يكبت داخله الصوت الذي يدعوه لحملها والذهاب بها الى المشفى، كي يطمئن عليها دون اللجوء لأحد.
❈-❈-❈
بعد قليل
وامام غرفة الكشف في العيادة الخاصة بالطبيبة النسائية، توقف منتظرا بقلق يكاد ان يفضح الثبات الذي يدعيه، كم ود ان يكون بجوارها الاَن، لكن للأسف لا يصح، كما لا يصح له اشياء كثيرة محرمة عليه كالتهوين عليها او حتى اظهار ما يشعر به الاَن.
انتبه فجأة لباب الغرفة الذي فُتح من قبل الممرضة ، في إشارة له ليلج الى الغرفة .
وبالفعل كان بالداخل في اقل من لحظات ، لتقع عينيه عليها اولا ، وقد كانت تلف حجابها بمساعدة احدى عاملات المنزل التي أتى بها معهما في السيارة، مطرقة رأسها وكأنها تحجب عينيها الحزينة عنه.
ازاح ابصاره عنها بصعوبة، ليخاطب الطبيبة بصوت خرج متحشرجًا:
- طمنينا يا دكتورة .
سمعت المذكورة لتجيب بابتسامة بلهاء:
- يا سيدي اطمن وافرح كمان، مش حضرتك جوزها برضو؟
راقت له الجملة، حتى ود ان يخبرها بنعم، عكسها هي التي ارتفعت ابصارها للطبيبة تنفي على الفور بحرج وضجر:
- مش جوزي دا اخوه.
ابتلع غصته ليرتدي ثوب الجمود متسائلًا:
- زي ما جالتلك كدة، جولي بجى عايزانا نفرح ليه؟
- تفرح عشان حامل طبعًا، ما هو الإغماء ده نتيجة الدوخة والوحم.
قالتها الطبيبة ليشعر وكأن دلوا من الماء البارد سقط عليه، كان لابد له ان يعلم الاجابة من البداية، ولكن عقله المشتت لم يجمعها او بالاصح لم يتقبل حتى التخمين بها.
❈-❈-❈
بداخل السيارة التي كان يقودها للعودة بها، الصمت كان هو سيد الموقف، هي بالوجوم الذي كسى ملامحها، تنظر من نافذتها بسكون مريب، وهو يوزع ابصاره ما بين متابعة الطريق وبينها.
وقد تيقن بداخله ان الخبر كان مفاجأة ولم تعمل له حساب، ولكن يا ترى، هل هي مفاجأة سارة لها ام حزينة؟
- للدرجادي الفرحة مخربطاكي يا زينب؟.
تهكم، قاصدًا ان يلفت انتباهها، فعلم انه نجح حينما التفت زامّة شفتيها بضيق واضح تبادله بسخرية قاتمة:
- طبعا اومال ايه؟ دا انا هموت من الفرحة.
صمت حامد وقد تأكد الاَن من صدق حدسه، فاستطردت هي بخجل وقد استدركت الاَن لوضعها:
- صحيح انا نسيت اشكرك ع اللي عملته معايا،
جاء رده بفتور وابصاره مرتكزة على الطريق امامه:
- مفيش شكر يا زينب، انا معملتش غير الواجب، وع العموم الف مبروك ع الحمل، دا ضاحي هيفرح جوي.
قال الاخيرة بثقل يجثم على أنفاسه، ولم تنتبه هي، فقد توترت بتوجس مع تذكيره لرد فعل الاخر، وما ينتظرها من مصير مأساوي حينما يمنعها عن الوظيفة وعن الحياة، وقد تحققت غايته بأن تصبح وعاء لانجاب الاطفال ، وجارية كما يحب .
اغمضت عينيها بألم تمنع بصعوبة سقوط سيل الدمعات التي تحرقها، لسوء الحظ الذي يلازمها عكس زوجها الذي يفعل كل المنكرات ومع ذلك ينال كل ما يريده.
يبدو انه علم بما تفكر به، فسألها بقلق لا يخلو من مراوغة:
- انتي دوختى تاني يا زينب؟ تحبي ارجع بيكي ع الدكتورة.
نفت بهز رأسها، لتبلل شفتيها بطرف لسانها، قبل ان تخاطبه برجاء:
- ممكن متبغلش اي حد في البيت بحملي حتى ضاحي.
تطلع اليها باستفسار، فتابعت موضحة:
- اصلي عايزة اعملها مفاجأة.
اوما يزفر انفاس ساخطة، ليجاريها:
- اللي تحبيه يا زينب، مش هتكلم ، وهنبه ع البت اللي جات معانا كمان متتكلمش، وانتى براحتك تختاري الوجت اللي تعلني فيه.
طالعته بامتنان ، ثم عادت للنظر نحو البراح خارج محيط حياتها الخانق، تتنهد بعمق، تتمنى من خالقها الراحة.
❈-❈-❈
في المساء
وبعد تفكير طويل ومرهق، نهضت من محلها لتبدل ملابسها، مع قرب قدوم زوجها، لتجد نفسها تلج لداخل المطبخ، تعد لنفسها مشروب النعناع الساخن .
وكأن شيئًا ما يحركها ، غير العقل، فقد بلغ بها الاحباط مبلغه، تشعر ببودار اكتئاب ان لم تكن دخلت به بالفعل
- زينب انت فين؟
سمعت النداء بإسمها، لتعلم بعودته من سفرته، وها هو الاَن يطل عليها من مدخل المطبخ ، بعدما شعر بوجودها فيه.
- انتي هنا وانا بنده عليكي يا زينب؟ طب مش تردي وتحسسيني بوجودك.
قالها بنبرة متلاعبة، مع شعورها بنظراته المتفرسة لها ولما ترتديه:
- معلش مسمعتكش، حمد لله ع السلامة.
تمتمت بها ردا له، لترتشتف من المشروب الساخن في الكوب الزجاجي، قبل ان تتحرك به وتتخطاه في الخروج، مرددة:
- تحب احضرلك حاجة تاكلها؟
وصلها صوت صفيره من الخلف، وعيناه تلتهم تفاصيلها:
- دا ايه الرضا السامي، بيجامة حمالات ولفوق الركبة، هو انا وحشتك ولا ايه يا زينب؟
قال الاخيرة بغمزة وقحة استفزتها، لتعبس بوجهها قائلة بضجر:
- هو انا عشان لابسة ومخففة في شجتي ، يبجى جصدي اللي في دماغك ، ما كنت لبستلك قميص نوم احسن ، عشان تبجى الدعوة صريحة.
جلجل ضاحكًا ليعقب بمرح:
- ما دي مش محتاجة صراحة منك يا زينب، عشان انا عارف الكرامة والعنجهية اللي عندك، ع العموم انا هوفر عليكي التعب .
قالها وتحرك نحوها، يسقط عن اكتافه العباءة السوداء، ويحاول بفك ازرار سترته، لتردد هي باعتراض:
- تعب ايه وكلام فارغ ايه؟ انا مليش خلق للي في دماغك اساسًا.
اقترب منها غير مباليًا، ليتناول الكوب الساخن من يدها، يضعه على الطاولة، والذراع الأخرى التفت حول خصرها ليقربها اليه مغمغمًا بإغواء امام بشرة وجهها:
- ما جولنا مالوش لزوم، انتي مكسوفة وانا راجل فاهم وبحب اجصر المسافات .
دفعته بقبضتيها على صدره تنهره بشراسة:
- مسافات ايه وزفت ايه؟ بجولك تعبانة ومش طايجة، ما تفهم بجى؟ ولا انت مخك وجف ع التفسير الزفت اللي انت عايزه وبس، بعد عني يا ضاحي .
زمجر بغضب وحنق يهزهزها:
- امممم وبعدين بجى؟ ما تهمدي كدة وارسى على حيلك، انا هدبحك.
صرخت به بقهر:
- اكترررر ...... انت بتموت روحي في كل مرة تجبرني على حاجة مش عايزاها لا متحملاك ولا متحملة عيشتك، امتى هتفرج عني اطلع من سجنك؟ انا تعبت.
ذهب عنه العبث ، ليحتل معالمه الجدية والتجهم، فيرمقها بنظرات مشتعلة، متحدثًا بلهجة خطرة:
- يعني انتي عايزة تنفصلي يا زينب؟ عشان تاخدي حريتك وتهجي بعيد عني .
ابتلعت تشد بيدها على البيجاما التي ترتديها، بعدما ارتخت ذراعيه عنها، لتقول بحدة غير مبالية للعواقب:
- ايوة عايزة اطلج، انت تعيش حياتك وتاخد اللي تناسبك وتناسب الوضع الجديد، وانا اتنفس نفس حقيقي يدخل صدري بعيد عنك، حتى لو هجعد من غير جواز نهائي، المهم الاجي زينب اللي ضاعت مني، مش جادرة اتعود على عيشتك اللي غاصبني عليها....
خرجت الاخيرة بصيحة نابعة من القلب، لتزيد من جذوة غضبه، وقد طال صمته يحدق بها بأعين حمراء وملامح مخيفة، ليخرج صوته اخيرا:
- هو انا للدرجادي دلعتك في الفترة الأخيرة يا زينب؟
للدرجادي اتساهلت معاكي لحد ما حسك طلع وبجيتي تجفي جدامي كدة وتتحديني.
صاحت به:
- فين التحدي ده؟ هو انا اول ولا اخر واحدة تطلب الطلاج؟ ولا انت اللي الغرور عمى عنيك عن كله..... بعد عني يا ضاحي، وروح لصف الحريم اللي منتظرين الرضا السامي منك، مالك بالجواز اصلا وانت طول عمرك مجضيها...... اه
صدر صوت صرختها الاخيرة، بعدما باغتها بلطمة قوية على وجنتها ليجذبها من شعرها ويقرب وجهه منها متمتمًا بفحيح:
- انا فعلا طول عمري مجضيها، بس برضك يا زينب مش هتطلجي، ولا هتشمي ريحة الحرية اللي بتتكلمي عليها، يبجى احسنلك تحبيني يا زينب، عشان انا مش هتغير وانتي هتفضلي لحد ما تموتي مرتي؛ اللي وجت ما اعوزها هاخدها.
قال الاخيرة ليرفعها عن الأرض ويحملها بين يديه، يردد بهوس امام انهيارها وقد اصبحت تضربه بقبضتيها على صدره:
- اضربي يا زينب، اضربي بكل جوتك، عشان انا الليلادي مش هرحمك .
بعد وقت ليس بالقليل انتفض عن الفراش مفزوعًا ، يبرق بعينيه نحو بركة من الدماء اسفلها، وهي تتلوى من الألم وبالكاد يخرج صوتها:
- اااه، وديني لامي انا عايزة امي.
......يتبع