رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير بقلم اسماعيل موسي

رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير بقلم اسماعيل موسي

رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير هى رواية من كتابة اسماعيل موسي رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير
رواية نداء من الأعماق بقلم اسماعيل موسي

رواية نداء من الأعماق من الفصل الاول للاخير

بعد ما والدتى ماتت وقبل ما العزاء يخلص والدى دخل عليه بعروسته الجديده، بنت يدوبك اكبر منى بسنه، مقدرش يدينى فرصه حتى احزن عليها، وبسرعه المشاكل بدأت بينى وبينها، مكنتش طايقه نفسى ولا الشقه ولا حتى ابص فى وش ابويا ولما اول عريس خبط على بابنا وافقت من غير تردد

كنت عايزه اخرج من الوضع ده يبقالى شقه لوحدى مكنش فارق معايا شكل العريس ولا شغله ولا حتى مؤهله

مرآة ابويا كامت عايزه تخلص منى كمان، يدوبك ما صدقت الراجل وصل عندنا واقنعت والدى يوافق من غير مهر ولا دهب ولا اى حاجه

واتجوزت بسرعه فى شقه اوضه وصاله وحمام ومطبخ، كل إلى اعرفه ان جوزى شغال على عربية فلافل فى الشارع، بيخرج مع الفجر ويرجع قبل المغرب مهدود من الشغل، يدوبك يتعشى وينام

مفيش تلت شهور وبطنى اتنفخت بطفلى الأول، عدت شهور الحمل عليه صعبه جدا، كنت لازم اقوم بشغل البيت لأن مفيش حد بيساعدنى وولدت طفلى فى الشقه بمساعدة ست عجوزه كانت عايشه جنبنا

ابنى كان بيتعب زى كل الأطفال وكنت بعالجه فى البيت، لكن فى مره حرارته إرتفعت جدا ومكنش فيه فلوس فى البيت اضطريت اشيل ابنى فى حضنى واروح لجوزى مكان شغله

كان واقف على عربيه طعميه جنب قهوه، وقفت على الناحيه التانيه اشاورله مخدش باله

كان فيه واحد قاعد على القهوه شافنى وقرب منى، سألني انت عايزه مين؟

قولتله متشكره جوزى هناك ومشيت ناحيت جوزى، بعدت عنه لان شكله ونظراته معجبتنيش

قولت لجوزى إلى كان مستغرب من حضورى الواد سخن ولازم اوديه المستشفى

جوزى حط ايده فى جيبه مكنش معاه فلوس، وسط لخبطته الشخص دا قرب مننا وسأل جوزى فيه حاجه؟

جوزى قاله يا استاذ شريف ابنى تعبان وانا محتاج سلفه

شريف ده قاله من عنيه دا انت زى اخويا، خليك انت فى شغله وانا هاخد المدام فى العربيه على المستشفى هدفع كل حاجه ونبقى نتحاسب

انا قولت هروح لوحدى لكن شريف أصر يوصلنى الشقه، قال صابر جوزك مش هيسامحنى لو سبتك وسط الشارع كده

وصلنى لحد باب العماره ومشى

ابنى بقى كويس الحمد لله لكن لاحظت ان شريف دا بداء يجى عندنا الشقه ويسهر مع جوزى

استحملت السهر لحد الصبح

حاولت اتكلم مع جوزى، فهمته ان انا مش بستريح لما بيكون فيه شخص غريب فى البيت لحد الصبح

جوزى اقتنع وقال خلاص مش هيحصل كده تانى

وفعلا مر اسبوع شريف ده مجاش البيت عندنا

وفى يوم جوزى رجع من الشغل متكدر وقال انه هيدور على شغل فى مكان تانى بعيد عن شريف ده لانه مش مستريح معاه

انا قولتله ربنا مش هينسانا وحاولت اهون عليه

القصه بقلم اسماعيل موسى

جوزى صح من الفجر ونزل يدور على شغل ودى كانت آخر مره اشوفه فيها

اليل جه وعدى نصه وصابر جوزى مظهرش فضلت صاحيه لحد الصبح

اول ما الشمس طلعت خدت ابنى وطلعت على مكان شريف سألته عن جوزى، قال انه مشفوش من امبارح ميعرفش عنه حاجه واصر انه يدور معايا عن جوزى صابر

بلغنا الشرطه ولفينا من مستشفى لمستشفى ملقناش اى أثر لجوزى

شريف ده مسبنيش ولا لحظه كان دايما واقف معايا

بعد تلت ايام اضطريت ارجع شقة والدى مكنش ينفع اقعد فى شقتى لوحدى من غير راجل

شريف كان بيجى عندنا البيت وكان بيجيب هدايا لابنى لحد ما جه اليوم المشؤم إلى شريف دخل علينا وقال الشرطه لقيت جوزك وطالبينك تتعرفى على جثته

صرخت، انهرت، فقدت وعي، جوزى لقيو جثته متعفنه فى المصرف

كان مخنوق بحبل وفيه آثار مقاومه وخدش ضوافر
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
بعد اربع شهور من وفاة زوجى، كنت فى المطبخ بحضر أكل لطفلى

سمعت مرآة ابويا بتقوله فى عريس متقدم لشروق

انا كنت عارفه انها عايزه تتخلص منى وان وجودى فى الشقه مضايقها

والدى سألها عريس مين ده الى هيقبل بواحده معاها طفل؟

مرآة ابويا قالت العريس موجود وكمان هيدفع مهر كويس ولا انت عايز بنتك كاتمه فوق نفسنا كده؟ ياراجل عايزه اعرف ادلعك!!

سمع والدى الكلمه وبلع ريقه، كان للكلمه أثر عجيب على ذاته

وشروق رأيها ايه؟

قالت مرآة ابويا، دى تحمد ربنا وتبوس ايديها وش وضهر ان فيه راجل هيلمها!

هو مجوز ومراته مش بتخلف، ومراته موافقه على الجواز يعنى مفيش مشكله

كنت متأكده انهم عايزين يخلصو منى، وأن وفاة جوزى مش هتمثل اى حاجه بالنسبه ليهم

خرجت من المطبخ وانا شايله ابنى قولتلهم انا موافقه مين العريس؟

ابتسمت مرآة ابويا وقالت انتى تعرفيه كويس وغمزت بعينها

شريف

شريف؟ بلعت ريقى بصعوبه، اشمعنا شريف وليه انا؟

قبل ما افتح فمى الباب خبط ودخل شريف، مفيش ربع ساعه وكان مخلص الكلام مع والدى

اميرة مرآة ابويا كانت ممهده لكل حاجه

خدنى شريف بعد ما العدة انتهت بشنطة هدومى وطلعنا على شقته فى المرج

شقه فى الدور التالت تلت غرف وصاله وحمام مطبخ

فيه سرير واحد فى أوضة النوم، والهدوم كلها متكدسه فى غرفه تانيه

الصاله فيها كنبه قديمه

اول ما دخلنا كوثر مرآة شريف رحبت بيا، ست خمسينيه ملامحها مرعبه خليتنى اخاف منها من اول لحظه

شالت ابنى وقعدت تلعب معاه شويه

بعده غمزت لشريف بعينها، شريف قالى استنى هنا شويه يا شروق

دخلو أوضة النوم ربع ساعه بعدها خرج شريف عنيه مبرقه وشكله متغير

شدنى من ايدى على أوضة النوم وقالى سيبى ابنك لكوثر

بعد ما خلص معايا سبنى مرميه على السرير وخرج من الغرفه

كوثر ها حصل؟

شريف حصل متقلقيش

كوثر يعنى الجرعه جابت نتيجه؟

شريف، مفيش شهرين وهتلاقى بطنها اتنفخت

كوثر بغضب، قلت كده المره إلى فاتت والبت طلعت مش بتحمل، بيت مخروب

شريف قال، لكن دى معاها طفل، النتيجه مضمونه

شريف ساب البيت ونزل، كوثر دخلت الاوضه عليه، يلا يا حلوه خدى بعضك ونامى بره فى الصاله

الغرفه دى بتاعتى انا وشريف ومش هتدخليها تانى غير لما اأمرك

العنوان باين من أوله، طلعت، استحميت، كنت جعانه بحثت عن أكل، كوثر شافتنى

قالت انتى عروسه وهتاكلى من ايدى

دخلت المطبخ خلطت حجات كتير مع بعضها وحطت فيها برشام مهروس وعملت شربه

الشربه دى هتخليكى زى الفل

كنت جعانه خلصت الشربه كلها، حسيت دماغى تقيله ونمت فى الصاله

فضلت اكتر من شهر اكل من ايد كوثر، الشربه إلى كانت بتعملها عملت معايا إدمان، لو تأخرت كنت بطلبها

وكنت بقضى يومى تايهه مش عارفه حاجه، جسمى خامل مكسر ولو الشربه اتاخرت جسمى يولع نار

تهت مبقتش عارفه انا بعمل ايه ولا عايشه ازاى، مغيبه زى ما اكون فاقده الوعى بس بتحرك

وفى يوم دخل عليا الصاله، كنت نايمه نزل فى ضرب عنيف، ضرب فى كل حته فى جسمى

يا بنت الكلب سبتى ابنك لحد ما مات؟

الكلمه دبحتنى، قعدت اصرخ زى المجنونه، ابنى، ابنى

كوثر دخلت علينا، صرخت مش عايزين فضايح، لو حد عرف او الشرطه عرفت شروق هتدخل السجن

عايزه اشوفه والنبى عايزه اشوفه، بوست رجل كوثر لحد ما سمحت ليا اشوف ابنى

كان ملفوف فى ملايه من غير حركه بس مخلونيش المسه

شاله هو وكوثر ونزلو بيه، قالو احنا هندفنه من غير ما حد ما يعرف وانتى متتحركيش من هنا

القصه بقلم اسماعيل موسى

الشعور بالذنب والحزن خلانى أهمل فى نفسى، لا بدور على أكل ولا بستحمه ولا بتحرك من مكانى غير لو كوثر امرتنى

وانجبت طفل جميل زى القمر

كوثر حضنت الطفل وقالت خليه معايا

انا صرخت، عايزه ابنى فى حضنى

كوثر حذرتنى، انت مش فى وعيك وبتنامى من غير ما تشعرى ممكن تأذى الطفل؟

رفضت، خدت ابنى فى حضنى، لكن النوم اخدنى غصب عنى ونمت

كأنه حلم بيتكرر، شريف نازل فيا ضرب وشتيمه

قتلتى ابنك، قتلتى ابنك

بصيت ملقتش ابنى جنبى، قتلته ازاى؟ دا كان فى حضنى

كوثر برقت عنيها، خنقتيه يا هانم بدراعك من غير ما تشعرى، انتى هتودينا فى داهيه

احنا لازم هندفنه بسرعه يلا يا شريف

اترميت على الأرض أبكى واصرخ واندب
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
كفايه يا شريف هتموتها خلينا نفكر فى المصيبه دى، اطلع بره لو سمحت

طلع شريف من الغرفه كوثر قعدت تبكى، قولتلك خلى الواد معايا مرضتيش

كنت عارفه انك مش واعيه لنفسك وادى الى خفت منه حصل، خنقتيه وانتى نايمه

مكنتش قادره اتكلم من الحزن واليأس، كوثر جابتلى الشربه خدى دى وانتى هتستريحى

احنا لازم ندفن الواد من غير ما حد يحس

شربت شروق الشربه المخدره المخلوطه بالهروين، حست بخدر فى جسمها

نسيت حزنها وهمومها ونامت

شريف كان بيعاملها معامله وحشه جدا، كل شويه يذكرها انها قتلت ابنها بايدها

للهروب من الاحساس بالذنب كانت شروق بتطلب الحساء من كوثر

وكوثر كانت بتديه ليها بسعاده

وحملت شروق مره تانيه، بطنها اتنفخت، برافو عليك يا شريف والله

احنا عايزين أطفال كتير

متقلقيش يا كوثر هخليها تحمل زى الأرانب

ومرت الشهور بسرعه، شروق ربنا رزقها بطفله جميله، المره دي كان مقرره انه عينها مش هتغفل عنها ابدا

هتلعب معاها وتستمتع بضحكتها، هتشوفها بتمشى قدامها وتجرى وراها فى الشقه

كوثر سابت الطفله مع والدتها

شريف انجزى يا كوثر الجماعه مستعجلين

كوثر اصبر شويه، البت واخده بالها اوى المره دى

والشربه راحت فين؟ متنسيش انها مدمنه

ضحكت كوثر، انا معطاشها، مانعه عنها الحساء لحد ما تفرهد

ارتخى جسم شروق، بدأت تطلب الحساء، كانت هتبوس على رجل كوثر

اول ما خلصت الحساء نامت، كوثر خدت الطفله ومشيت

وزى كل مره، شروق بتفتح عنيها على ضرب شريف إلى بيكسر عضمها

نمتى وسبنى بنتك لحد ما ماتت

صرخت شروق، ماتت ازاى، انا كنت واخداها فى حضنى

وبعد كده ايه الى حصل؟

معرفتش ترد، مش فاكره حاجه، مش فاكره يا شريف مش فاكره

خنقتيها زى ما خنقتى ابنك

انتى مش ام انتى قاتله

اترمت شروق على الأرض تبكى وتندب وفقدت وعيها

خرجت كوثر وشريف ورجعو اخر الليل،

كوثر شفت انا عملت ايه، شفت الاتفاقات ازاى؟

طلبت ضعف المبلغ وخدته

الصراحه يا كوثر انتى فظيعه مجرمه

امال ايه يا واد دا انا كوثر والاجر على الله

باب غرفة شروق كان مفتوح، كوثر دخلت الاوضه ملقيتش شروق

راحت فين بنت الكلب دى؟

بتبص لقيت شروق مرميه فى المطبخ نايمه

ضربتها برجلها شروق قامت، بتعملى ايه هنا يا زفت؟

شروق كنت عايزه الشربه، دماغى هتنفجر

كوثر اديتها الحساء، شروق شربته ونامت

شريف لكوثر تفتكرى البنت دى سمعت حاجه؟

كوثر لا مسمعتش، هى عارفه نفسها فين اصلا؟

ورينى همتك بقا عايزين واحد تانى

شريف متقلقيش هخليها تحمل فى تؤام

فى اللحظات إلى شروق كانت بتستعيد فيها وعيها كانت بتسأل نفسها هما كانو بيتكلمو على ايه؟

فى مره سألت كوثر، انت شفتك يا كوثر واخده بنتى وخارجه من الغرفه

كوثر وهى بتتصعب، تهيأوت يا بنتى تهيأوت ربنا يشفيكى

لكن شروق كان عندها شكوك أقرب للحقيقه

حملت شروق مره تالته وقضت شهور الحمل نايمه مش حاسه باى حاجه

فى يوم كوثر نسيت تديها الحساء وكانت قاعده مع شريف فى الصاله

البت قربت تولد اتفقت مع الناس؟

شريف ايوه اتفقت كل حاجه تمام

بعد ما شروق ما تولد عايزين نخلص منها، البنت اسألتها كترت واحنا مش ناقصين مشاكل

سمعت شروق كلمة نخلص منها وجسمها كله ارتعش، دول بياخدو عيالى

حضنت معدتها، مش هسمح لأى شخص يلمسك يا حبيبى زى اخواتك متخفشى

طلبت شروق من كوثر انها تصنع الحساء بنفسها، كوثر وافقت

تسمع كلامها بالحرف تطيعها

لكن مكنتش بتشرب الحساء، فى الاول حست ان جسمها بيتقطع، صداع، عرق

حست انها هتموت

كل ما كانت تضعف كانت تفتكر صورة أطفالها وهما بيتاخدو منها

لحد ما بدٱت تتعافى وكانت بتحاول تتذكر الايام المنسيه، الممسوحه من ذاكرتها

كانت عايزه تعرف ايه الى حصل
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
مضت الايام مسرعة وبدأت الام الولادة تهاجمها، لم تفارقها كوثر ولا لحظه وعندما حان وقت الولادة كانت هي نفسها من تساعدها، طلبت منها ان تشرب الحساء، لم تصر كانت تعلم أن شروق تفعل ذلك بنفسها.

نصف ساعه من الصراخ والدفع وسمعت صرخة طفلها، لم يغيب عقلها، اسمحي لي أن احتضنه توسلت كوثر.

تركت لها طفلها ونظفت المكان، هاتفت شريف ليضرب لها موعد مع ذلك الرجل، ستقود هي المفاوضات.

الطفل معك؟ سألها شريف.

مع والدته شروق، سنبرم الاتفاق، قبل عودتنا ستكون غائبة عن الحياة، سأحرص على ذلك، تلك الفتاه يجب أن تختفي مثل سابقتها، لا يمكننا الاحتفاظ بها اكثر.

وضعت جرعة قاتلة بالحساء وتركته بجوار شروق وطالبتها بشربه ولم تتركها الا بعد أن تذوقته، سأخرج بعض الوقت وأعود وضحت لها كوثر، عندما سمعت الباب يصك تقيأت ما احتفظت به في فمها، ربع ساعه راقبتها من النافذة حتى اختفت، حملت طفلها وهي تترنح ومشت تجاه الباب حاولت فتحه لكنه كان مغلق من الخارج، حاولت شروق تهشيم الباب لكن حالتها

الجسدية كانت منهكه للأبعد حد، جعلت تركب الباب وتصرخ، خلف الباب جلست تبكي لنصف ساعه، ثم بمحاوله يائسة أخرى جعلت تطلب النجدة من النافذة لكن لم يسمعها احد، عادت مره أخرى تجاه الباب أحضرت سكين وجعلت تحاول ثقب الباب.

بالشقة التي تدنوها كان هناك طفل يلعب أمام شقته، سمع الصراخ والضربات فأخبر والدته والتي قامت بمساعده ابنها الكبير بتهشيم الباب، وجدت شروق خلف الباب تحتضن طفلها، عندما رأتهم حملت طفلها وركضت هاربه مرتعبة نحو المطبخ، لكن السيدة حاورتها بلطف، اختبرتها انها لم تكن تعلم أن هناك شخص آخر يقطن الشقة غير كوثر وشريف.

ألقت شروق برأسها على قدم السيدة وراحت تقبلها، امنحيني بعض النقود، رأفت السيدة بحالها ومنحتها بعض النقود واعارتها عبأه بدل ملابسها الممزقة.

من سيارة لسيارة تنقلت شروق بحضنها رضيع وهي لا تكاد تشعر بنصفها التحتاني، بقايا خليط يرسم خيط خلفها.

كان لديها رغبة واحدة الرغبة للوصول لأقصى مكان بالعالم

على مدى يومين تابعت تنقلاتها حتى طلبت من السائق الذي يقود على نغمات روح يا نسيم لحبيبي وقوله، ان يتوقف ببقعة خالية تحتلها المقابر بينما على الناحية الأخرى، حيث نهاية طريق فرعي قصير تنهض فيلا مطليه باللون الأبيض، يحيط بها سياج مرتفع يحبس حديقة بانت أفرع اشجارها الطويلة، عبرت مقبرتين قبل أن تجلس متكأه بظهرها على شاهد قبر يحمل اسم ممحو بعنايه.

تركت طفلها يلعق صدرها ولما خارت قواها لم تدري بنفسها، انحنت رأسها لأسفل بنوم مميت تاركة طفلها يبحث عن سبل الحياة من خلال صدرها.

راودتها أحلام بشعة ان طفليها لم يموتوا، انها لم تقتل طفلتها وان كوثر التهمتهم، رأت أسنانها وهي تقضم لحمهم واللعاب يسيل على ذقنها، كانت تفعل ذلك وهي تنظر إلى طفلها الأخر الذي تحتضنه بعيون مشتعلة.

فتحت عينيها بهلع وهي تحتضن طفلها الصارخ بقوة الي صدرها حتى تكاد تخنقه، بصقت ثلاث على يسارها واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم.

كانت المقابر خاليه ولم تجد ما تأكله فكرت ان تقصد تلك الفيلا المنزلة لكنها تراجعت مدفوعة بنوبة كرهه لكل ما هو بشرى يتنفس، كانت قد انتهت ان البشر لا يرحمون حتى العائلة نفسها كانت اكثر قسوة من غيرها وماذا بإمكان الإنسان أن يفعله بعالم مملوء بالقبح.

توقف الرجل على بعد خطوات، رمق الرضيع بحضنها قبل أن يسألها ماذا تفعلي هنا؟

ليس لدي مكان آخر لأقصده أجابت وهي تضم طفلها لصدرها، لمح الهلع بعينيها، الرعشة التي زلزلت جسدها، أنفاسها المرتفعة، جسدها النحيل وقلة حيلتها.

منذ متي لم تتناولي طعام؟

لا أعلم!

القصه بقلم اسماعيل موسى

اخرج من جراب يحمله رغيف خبز وقطعة جبن قديمة، ومدها لها.

انا حارس المقابر ولا يمكنني ان اسمح لك بالبقاء هنا كان يحدثها وهي تلتهم الخبز، يجب أن ترحلي!

كانت تائهة بعينيها نظرة لا معنى لها.

سأل نفسه، كيف لأنسان ان يتحمل جريمة بمثل تلك القباحة؟ ان تدفع كلماته، أفعاله، شخص آخر لمثل هذا المصير؟

جعل يتأملها قبل أن يرحل، عاد بعد مده يحمل مفرش وبطانيه قديمة، طلب منها ان تقف، مد المفرش، جلس وجلست بجواره، لم يعد يعنيه سبب وجودها ولا ما فعلته، حتى لو كانت خاطئة؟ فأنها تستحق معامله افضل.

لم يجبرها ان تتحدث، داعب رضيعها وهو يقرأ القرآن قبل أن يرحل.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
منذ ذلك اليوم أصبحت المقابر منزلها، تختفي بالنهار الفاضح حتى لا يراها احد، تتلصص الشارع الخالي الذي لا تقطعه الا سيارات تحمل البضائع لتلك الفيلا القريبة.

كانت عندما تسمع صراخ جنازة تحمل طفلها وتركض لآخر المقابر، تكمن أسفل دغل من الأشجار حتى تخفت الجلبة.

أصبحت تدرك ان أقرباء الميت يكونون اول الراحلين بعد دفنه، ما جدوى الانتظار والبكاء الا تقليب المواجع؟

ما عاد القلب يحتمل احزان أخرى، ان الحياه لا تنتهي بموت احبائنا وكل ذلك الهراء البشري، المبررات التي تدفعنا للاستمرار بحياة تكرهنا حتى نفقد شخص آخر تدور الدائرة حتى نكون نحن أنفسنا ذلك الشخص

لكن تلك المرة كانت مختلفة، بعد أن رحل الجميع ظلت تسمع صوت ينتحب، عويل مرير استمر واستمر اليوم بطوله، تخلت عن حذرها لأول مره، تركت مكانها وتسللت خلف المقابر حتى لمحت رجل خمسيني يجلس محملق بشاهد قبر محتضن وجهه بكفين ناعمتين، قالت سيرحل الان، عما قريب سيهبط الليل ويتبخر النور لكن بعد أن علت النجوم بالسماء واصبحت بقع مضيئة ظل ذلك الرجل ثابت بمكانه.

لا يشعر بألامك الا شخص عانى مثلك او اكثر منك ومن تراه تعذب بتلك الحياه اكثر منها؟؟

مات طفليها، هاربه، مشرده بالثالث ! اقتربت منه وهو لا يكاد يشعر بها اولا يرغب الشعور بها،

كان قد فقد كل شعور بالحياة ولم تعد تمثل له اثاره، وضعت يدها فوق كتفه، البقاء لله، فك يديه ورمقها بأتعس نظرة ممكنه قبل أن يعاود نحيبه مره أخرى، لا يبكي الرجل الا اذا انتهى كل أمل له بالحياة.

أحضرت المفرش الذي كانت تخفيه في الزراعات وفردته بجواره، طلبت منه أن يجلس فوقه، اتكاء بأعياء، ظهره على مقبره تحمل شاهد قبر حديث برخامه تحمل اسم أحمد صبري عبد الحميد وحرمه..

اهات مستعرة خرجت منه تلهب تسيل السماء المتجمدة، لم يكن يتنهد، كان يطلق دفعات من جمر احمر تكوى روحه.

وتسأل وهو ينتحب، ان الحياه التي تجعل الاب الذي انحني ظهره يدفن ابنه ليست رحيمه ابدآ

دقائق ظل على تلك الحالة يكافح ليجد نفسه، تلك الأوقات التي تترنح خلالها ثوابتنا ومبادئنا الآبديه أمام عواصف الحياه ومصائبها.

وجد الطفل يرنو تجاهه بنظرات متقلقلة وهو يعبث بساقيه بسعادة، اعتدل ليجدها ترقبه فتاه على مشارف الثلاثين، ناحفة كسنبلة قمح، بانت عظام وجهها، غارت عينيها في مخابئها، بقع تحت جفونها، ويديها الزابلتين التي تحتضن بها طفلها.

شعر بالخزي، لأول مره في حياته ينكسر أمام صدمه، كان لا يعرف كيف يسقط الرجل مكتمل العافية أمام الألم حتى شعر به يخترقه ويدمره ويسخر منه.

مسح دموعه بكم قميصه، ما اسمه سألها، سكتت، هرشت رأسها، لم تفكر في ذلك من قبل، ما اسمه سألت نفسها؟

لم تختاري اسم حتى الآن؟

لم تأتيني الفكرة، ليس مهم واعرضت بوجهها بعيد عنه.

وضح لها أن ذلك غير ممكن وان نشأت طفلها وترعرعه دون أسم وشهادة ميلاد غير ممكن الأن،

بدت غير مهتمة بتلك المصطلحات الرنانة، المهم ان طفلها بحضنها، اخرج صبري لفافة تبغ واشعلها تحت مراقبة عيون الموتى المستنكرة،

سحب سحبه مديده من لفافة التبغ وهو ينظر للأفق الممتد أمامه، بدي يفكر ما الجدوى من حديثه قبل ان ينطق اخيرا، لقد فقدت ابني الوحيد وزوجته اليوم، مات بحادثه دون أن يودعني، أربعين سنه نعيش مع بعضنا، نأكل وننام بنفس المكان ولا يجد دقيقتين ليقول انا راحل ويودعني، انها مأساة حقيقيه لا أعتقد انها ستعبرني دون خسائر.

القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى

لقد فقدت طفلي أيضا ولم تنتهي الحياه؟

سكتت وادارت وجهه يمنه ويسره، قالوا ان الطفل الأول مات وإنني قمت بقتل طفلتي وانا نائمه، لا يمكنني ان أصدق ذلك، لا يمكن لأم ان تقتل طفلها حتى لو كانت نائمه، اولاد الزا..

رمقها صبري بطرف عينه وهو ينفس الدخان، لا تبدو مجنونة؟

كانت متوجعه مثله وترغب ان تنفي الحزن بداخلها.

ان الحديث عن الأحزان يجر بعضه مثل جرعات الهيروين.

حكت له ما تتذكره من قصتها وعندما انتهت كان قد انهي علبتي تبغ وأطلق نصف عبوة سباب،

اولاد الزا يحيطون بنا في كل مكان.

راح الصبح ينبلج ويشتت ثوب الليل وقرر صبري ان يرحل كان قد تذكر للتو انه ترك طفل صغير في عناية الجيران، الجميل في الأطفال انهم لا يتذكرون القسوة ويغفرون دوما لمن يحبونهم.

منحها ورقه نقديه تكفيها شهر وطلب منها ان تقرأ القرآن على روح ابنه وانه سيكون ممتن اذا أطلقت اسم ابنه علي صغيرها.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
أصبح كل خدم الفيلا يعرفون جارتهم شروق التي تقطن المقابر وطفلها احمد الذي يركض طوال اليوم عاريا حافيا يطارد قطط المقابر وكلابها والارواح الهائمة الملتجئة بقدسية المقابر.

كانوا يلقون عليها التحية ويختلقون معها بعض الكلام إذا كانت سيدتهم لا تراقبهم من شرفتها اللعينة.

كبر احمد وبدأ يتجول بالحقول المجاورة، كان يقترب من الفيلا احيانا، المنطقة المحرمة التي حذرته منها والدته، يلتصق بالسياج متلصصا على غفله من الحارس النائم، نظرات من الباب الحديدي نحو الطفلين الذين يلعبون بالداخل.

أصبحت تلك عادته اليومية ان يتابع الفتاه الصغيرة الجميلة التي تلعب مع أخيها المزعج.

من عل، حيث شرفتها المغطاة بمثلث مخروطي من القرميد ألأحمر كانت السيدة نرجس ترمق الحقول الخضراء ذات المحاصيل المتنوعة قبل أن تمر عينها على شروق وطفلها القابعين في المقابر، ارتأت في الفترة الأخيرة بعد موت كلبها نجرسكو وعزوف كلبها الأخر، البيج، وانسداد نفسه، ان ترسل إليها بقايا الأطعمة والعبوات منتهية الصلاحية بدل القائها بالمصرف القريب لأن رائحتها قذره ولا تطاق وتحفز الناموس المزعج على مهاجمتها ليلآ

بعد عدت أعوام من الجيرة لم تركض شروق نحوها طلبا لمساعدتها او تسول اللقمة

لطالما ازعجها ذلك الاعتداد بالنفس الذي لا يليق بحثالة من عامة الشعب ومتشردة

ان تلك الخصلة التي تنمو بصدور الطبقة الغوغائيه مع الولادة اذا أصبحت مشاع ستكون مصيبه وحينها ستكون مهزلة ولن ينحني شخص لأخر وربما قبل نهاية العالم لا يقبل يده

دوما كانت تضجرها تلك الهواجس، لكنها تملك كل شيء ولا ينقصها الا ان تعطى اوامرها فتصبح خادمه عندها، تابعت طفليها مصطفى وكارمه يلعبان بالحديقة، يقترب عمرهما من عمر طفلها، دبرت الفكرة في رأسها قبل أن ترسل في طلبها، قالت إذا تم تنظيفها وتلميعها وفق رؤيتها.!! يمكنها ان تمنحهم بعض الحنان الذي حرمت منه ، فمشاعر الأمومة لاتباع ولا تشترى ولا تستأجر.

على باب غرفة الخدم، طلبت منها خادمه نوبيه ان تخلع شبشبها، وان تنزع ملابسها وكل شيء يمت للحياة الخارجية اللعينة بأي صله.

مشت الخادمة أمامها بردفين يهتزان كهودج جمل نحو الحمام، قالت يا شروق نظفي نفسك، اقشطي اوساخك بالليفة حتى يلمع جلدك

نجح الماء الساخن والصابون بإزالة اكوام الوسخ الملتصقة بجسد شروق

بدلت ملابسها بأخرى نظيفة، وجلست على، مقربه من باب يودي لرواق برح تنتظر مقابلة الهانم.


كانت شروق طلبت من أحمد أن ينتظرها بالمقابر ولا يتبعها، من الباب الضيق سرحت في الطفلين اللذان يلعبان في الحديقة، ملابسهم النظيفة، كلماتهم المنضبطة، احذيتهم الامعه التي لم تعلق بها أوساخ الحديقة، لم تفكر ان كان ابنها يستحق حياه مثل تلك؟

فهناك محدودية مرتبطة بأحلام الفقراء، وسقف طموح واطي مثل معيشتهم.

سمحت لها الخادمة بالدخول على مدام نرجس والتي كانت جسدها الممشوق غاطس في أريكه زهرية اللون، كانت ترتدي تيشرت وردي وشورت قصير من الحرير الأبيض.

انتصبت شروق في وقفتها محاوله بشتى الطرق ان ترفع كتفيها وتنصب ظهرها الذي اكلته الرطوبة لتبدو لائقة مزاجيا للهانم!

عاينتها نرجس للحظات، ليس بها شيء ملفت، سكتت قبل أن ترفع يديها حدود صدرها وتقول سأعينك خادمه بالفيلا، نظير الأكل والإقامة، ثم بنبره مستعليه اردفت ألم تكتفى من نومة المقابر وافتراش الأرض؟

أنا افعل ذلك من أجل الله لأنقذك من تشردك ودفنك لنفسك حية بين بقايا الأموات، أنا لا ابحث عن عرفانك او امتنانك وتخلل وجهها سنه من التأثر بل من أجله، لأن تلك الأمور اذا لم نقم بها نحن فلن تجد من يفعلها، ومسحت كفيها كأنها تختم دعاء بساقيها العاريتين.

بتلعثم أجابت شروق، لك، لكن لدي طفل!!

انا اعرف طفلك، أنا أعرف كل شيء، كل شيء!! كلمة جعلت رأس شروق تلف وجسدها يرتعش ويترنح، لكن وجهها الذي بصفرة الموت لم يمنع نرجس ان تردف، يمكنه الإقامة معك، لكن بشرط الا يتعدى غرفة الخدم او يوسخ الارضيات بأقدامه القذرة او يختلط بأطفالي.

ممتنه احنت شروق رأسها مدمدمه ربنا يباركلك يا هانم وقبلت يد نرجس التي مدتها أمامها بلا اهتمام.

قبل أن تبتعد عن الفيلا سمعته يصرخ خلف قطه بائسه، صرخت احمد! تعالي سنعيش داخل الفيلا، سحبته من يده خلفها وهي توصيه، لا تلعب مع أطفالها، لا تلوث البلاط، ولا تسير بين الغرف عاريا! احمد، لا تحاول ابدا اختراق الفيلا وربتت على كتفه بحنان، يا ولدي وسكتت، لقد ارسل لنا الله تلك السيدة الفاضلة بعد أن نخرنا البرد لتشملنا بعطفها بين جدران تحمينا.

لماذا لم يرسل الله والدي ليعتني بي يا اماه؟ هزت شروق جسده النحيل، قلت لك وسكتت، والدك ميت.

صفحة الكاتب على الفيس بوك باسم اسماعيل موسى

فتح الحارس باب الفيلا، باب الجنة كما فكر احمد كثيرا، حيث لا يمكن أن تكون أجمل، نظر احمد الي السماء الغائمة واغمض عينيه ساحبا نفسا عميقا واحتفظ به داخله حتى انتفخ وجهه.

غسلته والدته، إزالة الجلخ من فوق كوعيه وكعبي قدميه والقشف من على وجهه حتى بدا نظيفا ومقبولا.


احتواها الخدم بحميميه مفرطه وأوكلوا لها الأعمال الخفيفة منحيين جانبا نوبات الفزع التي تنتابها ليلا، واعصابها التالفة التي تخونها وتسقط الاطباق على الأرض.

لم يعتبروها ابدا منافسه، كانت شبح امرأه محطمه، عجوز رغم سنونها الأربعة والثلاثين.

بمضي الايام أتقنت شروق عملها كخادمه نظاميه وتحسن مظهرها لكن ليس بالقدر الكافي لإخفاء ما حفرته الايام الصعبة بقلم حديد على قسمات وجهها، لمحات بائسه، كتبت على جبهتها هنالك تقبع امرأه معذبه وبقايا روح هاربه.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
راحت علاقتها بأطفال سيدتها تقوى، كانت تحمل مشاعر جارفه نحوهم، لا تعاملهم كخادمه، بل كأم.

لاحظت نرجس ذلك، فأوكلت لها الأطفال ومنحتها لقب مربية الأطفال بينما كان الأطفال ينادونها دادا.

كانت شروق توقظهم من النوم، تنظفهم، تبدل ملابسهم، تطعمهم بيدها، تراقبهم وهم يلعبون وتحل نزاعاتهم، ذلك الاهتمام الذي غذي الحقد والكره بصدر ابنها احمد، منذ اللحظة الاولي تعلم انه ليس مثلهم، وكانت العلقة الساخنة التى تلقاها بعد اسبوع من إقامته بالفيلا لتجرأه للعب معهم جرس إنذار يدق كلما راودته نفسه او حاولت قدماه ان تقترب منهم.

كان يتابعهم من بعيد وهو يقضم اظافره، ويسأل نفسه؟

ما الشيء المميز الذي حباهم به الله دونه لينالوا كل تلك الرفاهية ولم يفلح ابدا بالوصول لإجابه.

كان يحتاج لدهر ليدرك ان هناك فرق بين ابن الغفير او حارس البوابة وابن الضابط او الوزير، بينه وبين ابن القاضي والباشا والهانم، أنه مجرد ورقه بشارع، رصيف أسفلت، مداس أقدام.

من بعيد كان يسمع دروسهم واتقن حروف الهجاء قبلهم، يوم استطاع كتابة كلمة ماما ركض بوجه ضاحك تجاه والدته الجالسة بالصالة تراقب مصطفى وكارمه، كان يرغب بالصراخ من الفرحة، ان يقبلها ويضمها لصدره ويخبرها انه استطاع القراءة مثلهم دون معلم، نادي عليها ماما؟

كانت منشغله ولم ترد، ماما؟

التفتت نحوه، زجرته بعينيها وهي تربت على كتف مصطفى، عاد منكسر مزق الورقة ودهسها وغرق في البكاء، حتى بعد أن عادت والدته وبررت له موقفها بأن السيدة نرجس كانت ستغضب اذا لمحته هناك، حاولت أن تقبله وتحتضنه، لكن هناك بعض الجراح ولا تشفيها الكلمات اذا اتت متأخرة.

ترك محاولة القراءة والكتابة وجعل يساعد البستاني بالحديقة ولمست نرجس نشاطه فخصته ببعض الأعمال الخفيفة التي تناسب عمره وكافأته بملابس ابنها مصطفى التي ما عاد يرتديها.

كان يوم اغبر، بدأ بصراخ نرجس المهتاجة، سبابها ولعناتها التى صبتها على الخدم بعد أن تلقت مهاتفة بدلت مزاجها الذي ضبطته الأمس بزجاجة شمبانيا فاخره، كانت تشعر بصداع مبرح اججته مكالمه ملعونه.

طلبت من شروق ان تصحب الأطفال للطابق العلوي وان لا تسمح لهم بالخروج من غرفتهم مهما حدث.


أغلقت شروق الغرفة على الطفلين وجلست تراقبهم متكأه بظهرها على الشرفة حينما انفتح باب الفيلا ودخلت منه امرأه ترتدي ملابس سوداء، سمعت الحارس يقول بصوت مرتفع تفضلي يا هانم، ان الاكراميات التي يتلقاها اثناء خروجهم علمته ان التبجيل يجعل اليد أطول.

دفعها الفضول ان تلقى نظره إليها قبل أن تتواري تحت وقع الصدمة

التي صعقتها، فركت عينيها مرات لتتأكد ان تلك المرأة هي كوثر نفسها

التصقت بالجدار كقملة وطلبت من الأطفال الذين باتو ينادونها ماما الكبيرة سرآ بعيد عن مسامع نرجس الصمت.

تلوت كل الحيات الضخمة داخل صدرها، الذكرى التي حاولت بكل قوة محوها من عقلها، دفنها، ظهرت على غير المتوقع لترعب مفاصلها الرخوة.

فكرت ! هل يا تراها علمت مكان وجودها؟ وحضرت لتكمل جريمتها بقتل طفلها الاخير.

طفلها؟

رنت الكلمة داخل الغرفة الصامتة كخلخال غانيه، ركضت شروق تجاه النافذة تبحث بعيون ملتاعة عن أحمد الذي كان واقفا جوار البستاني يحمل مقص وقفه.

على طرف السرير جلست تلاحقها صور قاتمه، فوجود كوثر بنفس المكان لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة !


فكرت ان تقفز درجات السلم تجذب احمد بيدها وتهرب، لكن كيف تصل لهناك دون أن تراها كوثر؟ نرجس؟ الخدم؟

دفنت رأسها بين يديها الزابلتين وضغطت على فصي دماغها المراوغين تثبتهما تنتظر بين لحظه واخرى ان ينفتح الباب عن شريف زوجها يجرجرها من شعرها بيد ويمسك بالأخرى ابنها احمد.

بعد مده ليست طويله رحلت كوثر، تابعتها شروق تغادر الفيلا، اقلتها سيارة واعتقدت شروق ان السائق شريف زوجها.

ظلت تنتظر القرعات المدوية على الباب التي لم تأتي، خفت رعبها، واربت الباب وسرقت نظره، كانت نرجس بالصالة تجري مكالمه، كانت غاضبه، تصرخ، تلك السيدة أصابها الجنون، لقد حذرتها اذا رأيتها هنا مره أخرى لن ترى الشمس.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
بلي، بلي، اخذت كل النقود المتفق عليها، تصرف انت.. انهت نرجس المكالمة وصرخت شروق !!

يازفت؟

هرولت شروق تجاه نرجس، خلفها يتقافز الطفلان بسعادة، ضمت طفليها لحضنها، داعبت شعرهم بيدها وهي تحملق بوجوههم، العبا بالحديقة يا قرة عيني ودفعتهم بيدها برفق.

طلبت من شروق ان تعد لها فنجان قهوه وكان الغضب لم يفارقها بعد.

أشعلت لفافة تبغ وهي واقفه على باب الفيلا تتابع الطفلين قبل أن تقع عينها على أحمد المنتصب بجوار البستاني بصمت!

نادت عليه، حضر الولد بسرعه، شجعته بمجموعة كلمات جعلته يبتسم بتحمس، قبل أن تضع بيده ورقه نقديه كان ذلك حينما دلفت دخلت شروق تحمل فنجان القهوة، اذا استمر بذلك النشاط سأجد له عمل هنا.

تركت نرجس القهوة دون أن تمسها، بلا شك شعور رائع ان تجد من يصنع لك القهوة ولا تشربها.

اقتربت شروق من ابنها يلعب برأسها فتيل المؤامرة حدقت به بنظره طويله، طول كل الأشياء العزيزة التى لا نتخيل ان نفقدها او نعيش دونها.

من الحديقة تسللت لغرفة الخدم، بلطافة سألت عن نرجس، الفيلا، كيف حضرت هنا، وكل الأشياء المهمه التى لم تفكر فيها من قبل.

معظم الخدم يعرفون تاريخ تشييد الفيلا لأنهم من اهل المنطقه لكن ولا واحد منهم كان يعرف حقيقة نرجس لأنها كانت تغير الخدم باستمرار.

هل رآها احدكم حامل؟ منتفخ بطنها، هل هي متزوجه؟

الكثير من الأسئلة البريئة والغبيه التي دفعت الخدم للريبه.

اذا لم تضعي لسانك داخل فمك ستجدين نفسك مره آخره داخل المقابر، لماذا تحشرين انفك في ما لا يعينك،؟

غمرتها النصائح المشوبه بالتحذيرات، انسحبت بهدوء تحبس غضب وضيق وثوره من الشك.

خلال الليالي اللاحقه ولمدة لا متناهيه من الزمن هاجمتها الأحلام المزعجة ونغصت عليها حياتها، تلك الأحلام التي لم تفارقها حتى بالصحو.

كانت تشرد لبعيد، ساهمه، صامته، قبل أن تفيق مضطربة، مرتعبة على صورة احد الاشخاص الذين تكرههم متشكلة على سياج الحديقة، جذع شجره، نافورة، تمثال !

اللقطة التي تحولت لفيلم قصير، كوثر تأكل طفليها، أو أن أحد طفليها يركض هاربا تلاحقه كوثر تحمل منشار او سكين انهارت حالتها الصحية تحت وقع تلك التصَورات اللانهائية من البشاعة، هاجمتها الأمراض وطرق بابها السكر كان أول الزائرين ليجهز المكان لباقي الشلة.

مضت الايام على وتيرة الأحداث المملة، لم ترى كوثر مره أخرى بالفيلا، كان قد مضى أربعة أشهر من التساؤلات التى تنخرها كسوس من الداخل وكانت قد لاحظت هدوء سيدتها واعتدال مزاجيتها في الأيام الأخيرة، اهتمامها بأحمد ابنها واغراقه بالهدايا فتجرأت وسألتها بتلميح خافت عن تلك السيدة.

تغيرت ملامح وجه نرجس، صرخت بغضب كأن الف عفريت ركبها

هل تعرفينها؟

رأيتها قبل ذلك؟

سألقي بك في الشارع! سأعذبك! سا، سا، سا.

انهارت شروق تحت وقع التهديدات لتصرخ باكيه.

قلتي لي خذي الأطفال للغرفة العلوية ولا تسمحي لهم بالخروج ابدا، بعدها لمحت تلك المرأة تدخل الفيلا، قلت ربما ستأكلهم؟

تأكلهم؟

أجل ! تأكلهم، لقد رأيت اسنانها، كانت نبرة شروق جاده مما دفع نرجس للضحك.

وانا احبهم مثل طفلي.

تأملتها نرجس للحظه، ملامحها التي باتت صادمه، راقبي الأطفال يا شروق ولا تتدخلي في ما لا يعنيكي، تخلت نرجس عن كل تهديداتها دفعه واحده، تابعت شروق تتهادي خلف طفليها تحاول اللحاق بهم بعد أن هاجمتها الأمراض وربع فكره تطوف بعقلها ان شروق ربما جنت.

رغم ذلك الا ان ذكرى لقاء كوثر المزعج ألم بها، لمحه خفيفة من دهاليز لعبة الموت والحياه تخلصت منها بكأس نبيذ تشيفاز ريغال وتابعتها بأخرى حتى اختفت الصور.

بالحديقة الكبيرة وحيث كان يعمل احمد بجد كل يوم متحفز بكلمات سيدته المشجعة والتي يحاول كسب رضاها بعد أن تحولت إلى بطلته الكبيرة وسقوط والدته من حساباته التي تفضل الطفلين عليه، كان يتمني ان تكون نرجس والدته الفعلية.

حاول أن يكون خادمها المطيع رغم صغر سنه، كانت أول حروف الهجاء التى ستمكنه من قرأت العالم.

كان يتابع الأخوين يلعبون بالحديقة تحت أعين والدته وكان بتلك المرحلة يتبادلان كلمات متفرقه لكن غير مسموح له باللعب معهم، خلال عمله طوال النهار كان يحاول ان لا يفوت حركه واحده من التى تقوم بها كارمه، كان يوليها كل اهتمامه دون أن يخفى رغبته الجامحة بضرب مصطفى أخيها اذا قام بإزعاجها.

كان يتمني ان تسنح له الفرصة ان يلعب معها مره واحده، ان يركض اسرع من أخيها ويبهرها.

مع الايام تعلم أن هناك الكثير من الأحلام التي لا تتحقق.

نرجس التي كانت لاحظت قوته وشدته والتي تفوق عمره بدأت تقربه منها، تؤثره بالأموال، المهام الصعبة ، بعض الجلسات اللطيفة الناعمة، كان قد حاذ اعجابها لدرجة كبيرة.

راحت الأمراض تتكالب على شروق وكانت تنتابها مشاعر غريبة تجاه الطفلين ، مصطفى وكارمه، مشاعر كانت تتعدى وظيفتها كخادمه متواضعة، كان قلبها ينخلع من مكانه اذا مرض أحدهم او جرح نفسه أثناء اللعب،
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تتألم لألمهم وتفرح لفرحهم.

بداخلها كان هناك شيء يربطها بالطفلين، شعور مبهم يتضخم كلما رأتهم يكبرون.

كان قد مر عام على زيارة كوثر المشؤمة، الزيارة التي بهتت معالمها وتفاصيلها ولم يتبقى منها الا ذرات من التعب، وقد كان ان استقبلت احد الخادمات زياره غير متوقعه من زميله من نفس المهنة سبقتها بالخدمة عند نرجس لمدة عامين قبل أن تجد فرصه افضل.

ظلت تتحدث عن ذكرياتها بالفيلا وقت كانت خاليه الا منها ومن سيدتها والحارس، عن الايام التي قضتها لا تسمع فيها الا صياح الديكة ونباح الكلاب، قبل أن يحضر الطفلين وتدي الحياه في المنزل الكبير.

منذ وصولهم تغيرت حياتنا تماما أكدت الخادمة !

يعني ليسوا أولادها سألتها الخادمة؟

الست هانم عاقر لا تنجب ردت الخادمة وهي ترتشف اخر قطرات عصير المانجو المثلج.

تذكرت الخادمة انها سمعت شروق تسأل عن ذلك الأمر وقالت إنها عندما تقابلها ستحكي لها القصة لكنها نسيت وابتعد الموضوع عن ذاكرتها.

مضت الأعوام وأصبح الخادم مخدوم، وهنت صحة شروق كانت آثار المخدرات والخلطات الغير مدرجه قد اتلفت اعضائها الحيوية، لزمت سريرها وضعف بصرها الا ان السيدة نرجس لم تصرفها، كانت تدرك انها أصبحت قذارة بشريه لكن هناك تعلق ابنيها بها وهناك احمد الذي شج على طاعتها ويلبى رغباتها المكبوتة.

كان أحمد يقود السيارة الجديدة التي ابتاعتها نرجس خصيصا من أجله، بعد مضى أعوام من الولاء والثقة كان من غير المعقول ان يتجول خادمها بسيارة من طراز عتيق لجلب ما تحتاج له من أغراض، قاد السيارة تجاه القاهرة حيث وجد الدكان الذي كان يقصده موصد، النافذة السرية الوحيدة التي تبيع نبيذ مستورد.

ركن السيارة وتجول على قدميه بالشارع، يعاين لوحات المحلات الجديدة، ماركات الملابس، الأطعمة، حتى قادته قدماه الي المكتبة العامة، لم يفكر في حياته بدخول مكتبه ولا حتى قراءة كتاب بعد المحاولة العاثرة التي حاول خلالها ان يجاري ابني سيدته، لكنه ظل قادر على القراءة وكتابة اسمه.

كان على وشك الرحيل فقد بدا له ذلك الكيان الماثل امامه مبهم وغير مهم حتى لمح المودمازيل الجالسة على مقعد خلف مكتب من خشب الزان المدهون باللبني، ترص بعض الكتب فوق بعضها على طرف المكتب وهي تجرد من ورقه، كان شعرها مسدل منحها حيوية وبدت جميله بعيونه لدرجه بعيده وغير ممكنه، سرعان ما شعر بوخزه في صدره إذا أدرك انها بلا شك فتاه مثقفه، فإيما فتاه تقصد المكتبات لابد أن تكون مثقفه.

مع انه حاول المغادرة الا انه كان هناك شيء يجذبه بها دفعه ان يقف مكانه يراقبها وهي تعمل، كان ينظر إليها ببهاء وابهه كالناظر لدميه بفترينه عرض، بوقار وقدسيه كل الأشياء التي نتمنى أن تكون لنا ونحن ندرك انها لن تكون ابدا.

لكن احمد كان جريء جدا، علمته الحياه وما قاساه من أهوال انه عندما يرغب بفعل شيء ان يحاول على الأقل ان يفعله.

وضع قدمه على باب المكتبة، مسح القاعة بعينه قبل أن يتمشى خلالها دون هدى، كان لا يبحث عن كتاب معين وبدت له عناوين الكتب الغريبة وحوش بأفواه كبيره ستبتلعه.

وقف بكده طويله أمام قصص الأطفال المصورة يتذكر ماضي حذف من ذاكرته.

هل تحتاج مساعده؟

اتاه صوت الفتاه من بعيد مما دفعه للتقدم نحوها !!

هي المدام شغالة هنا؟

انسه لو سمحت، ردت بنبره رقيقة

هل ترغب في مساعدة؟

قالت وهي تمد يدها لتناول كتاب من بين الأرفف، اللحظة الراهنة لغيوم ميسيو.

بدوت مندهشا وانا احملق بغلاف الكتاب وصورة المنارة المرسومة عليه، كاتب فرنسي شاب مبدع، ستغرم به.

لكنى لا اقرأ الفرنسية ؟

انها رواية مترجمة وفتحت الكتاب على الصفحة الأولى، حاولت أن أقرأ كل كلمه مكتوبه وبانت على ملامحي السعادة وانا انطقها.

في الحقيقة انا لا اقرأ ولا اكتب، اكتب اسمي بالكاد وتحتاج مني قراءة كلمة لمجهود جبار.

صدمتها صراحتي، براءة كلماتي.

لماذا دخلت المكتبة إذآ؟

لأنك أعجبتني وقبل ان تندفع معترضة اردفت، كنت اتسكع بالجوار، اعبر لافتات المحلات دون اهتمام حتى لمحتك، حينها توقفت قدماي ولم أقوى على الحركة، دهستني عيناك كقطار مسرع.

احنقتها جرأته، لكن الطريقة التى كان يتحدث بها توحي انه لا يكذب، اولته ظهرها واستعدت للرحيل، استوقفها سائلا !!

هل هذا الكتاب جميل؟

جميل جدا، كانت تجد متعه خاصه بالحديث عن الكتب التي قرأتها.

هل يمكنك أن تعلميني القراءة والكتابة؟

لست مدرسه !! قالت وهي تعاين ردة فعله.

من فضلك !؟

صمتت لدقيقه ماسحه المكتبة الخالية بعينها، قبل أن تقول، بالنسبة لوضعك فأنك تحتاج مجهود قليل لتعلم القراءة؟ !

ستقرائي لي، سألها بعيون خاشعة ؟

لحظه لماذا انت مهتم بالقراءة؟

أنا مهتم بك انت !

اضطربت وتورد خدها، اجتاحها احساس غير مفهوم، مزيج من الاعجاب والامتعاض من تلك الجرأة الزائدة.

حسنا اذا سنح لي الوقت سأقرأ لك حتى تتعلم القراءة والكتابة

والان بأذنك ؟

جلست خلف مكتبها متصنعة اللامبالاة حتى رحل دون أن تلاحظه.

كانت تسأل نفسها لماذا انقادت لتلك المحادثة وهي التي لا تطيق الرجال ولا رؤيتهم؟ شردت للحظه مبتسمه اغتصبتها خلالها عيونه الواسعة التي تنطق لوحدها، فطرته ، بلا لف ولا مراوغة قال ما يشعر به ورحل، يا الهي لماذا لا تكون الحياه بمثل تلك البساطة؟

اما احمد فكان يعلم انه رأي أجمل امرأه في حياته، أجمل من كارمه، أجمل من سيدته نرجس نفسها، كان هناك بريق حب بدأ ينمو داخل كل واحد منهم، الدق الخافت بجوف القلب، دك، دك، دك، الذى ينبهك للتفكير في محبوبك ومتى تراه.

ابتاع النبيذ المعتق، وضعه بصندوق السيارة وقاد تجاه الفيلا، عندما عبر البوابة والسياج بدا كل شيء له مختلف، كانت عيونه ترى كل تلك الأشياء لأول مره، أصبحت الأشجار واغصانها واوراقها اكثر جمالا واطربته شقشقة العصافير التى كانت من قبل عاديه واحس ان العشب يغازله.

كانت نرجس تنتظر بشرفتها تدخن لفافات التبغ، لما لمحته ابتسمت، توقعت ان يركض إليها مثل كل مره ليندس بجوارها ويحكي لها ما حدث.

وضعت ساق على ساق، حشرت تنورتها فوق الركبة مفسحة عن سمانه عاجبه متحرقة لنظرة شبق من عينيه تشعرها انها لازالت انثي مرغوب فيها.

القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى

لكنه هذه المرة لم يأتي ووجدت نفسها تحرق لفافات التبغ واحده تلو الأخرى وهي تنتظره.

تركت مقعدها واطلت من الشرفة، كان أحمد قد أتم نقل النبيذ لغرفتها وسمح لنفسه بتدخين لفافة تبغ، راقبته نرجس وهو شارد، صامت لا يتحرك، كان هناك شيء فيه قد تغير، لوحت له بيدها، انتبه، دفن عقب لفافة تبغه بين غصني شجره وصعد إليها.

سألته لماذا تأخرت؟

كان المحل مغلق واضطررت للانتظار.

كله تمام وغمزت بعينها ؟

همس لها احمد، شيفاز، لادبول زجاجتين فقط.

كانت تتابع احمد ولم تجد النظرة التى كانت تبحث عنها كل مره نظرة الشهوة المختلطة بالخجل والتي تجعل وجه احمد الأبيض يتورد مثل الرومان كل مره.

هل هناك ما يزعجك؟ امر ترغب بأخبار به؟

لا، أجاب احمد بوجه ساهم !

يبدو أنك متعب، اذهب لنيل بعض الراحة
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
تركها احمد ونزل درجات السلم ومن خلفه نرجس ترمق بعتب وضيق، مر علي غرفة والدته التى تئن من المرض بعد أن أصبحت له غرفته الخاصة، طرق الباب وقبل يديها وسألها عن حالها !؟

أنا بخير يا ولدي، لكن هل انت بخير؟

كان صوتها قادم من عمق العصور القديمة البائدة !

انا لا ادرى والله !

يمكنك أن تتحدث الي وقتما ترغب يا احمد، أنا والدتك!!

قبل احمد والدته على جبهتها وتمني لها ليله سعيدة.

كانت صحتها قد تداعت في الآونة الأخيرة، حتى انها لم تكد ترى، تتحدث بصعوبة بعض الأحيان وتصمت لفترات طويله كأنها خرساء.

كان على وشك دخول غرفته قبل أن يتراجع بآخر لحظه ويطرق باب غرفة كارما، فتحت الباب وكانوا قد باتو يعدونه واحد من الأسرة.

طلب منها كتاب ليقرأه على أن يكون كتاب بسيط اللغة، تسألت كارمه عن سبب ذلك الاهتمام وهي تفتش بين كتبها وروايتها بينما كانت نرجس اعلا السلم ترمق ما يحدث بحذر !

قال انوي تعلم القراءة !

ابتسمت كارمه، انت تحتاج لكتيبات تعلم الأبجدية وليست كتب للكبار.

لكنى أرغب بقراءة رواية هذا ما أرغب به !

ليس قبل أن تتعلم القراءة يا احمد، ثم ورفعت كارمه حاجبيها وضيقتهم، اي رواية ترغب بقرأتها؟؟

رواية ذلك الكاتب الفرنسي الشاب، لا أتذكر اسمه، اسمها اللحظة الفارقة!

اها، اللحظة الراهنة وضحت كارمه وهي تضحك غيوم ميسيو.

كيف تعرفه؟

صديق رشحه لي!!

الأصدقاء لا يرشحون روايات غيوم، الصديقات فقط يفعلون ذلك يا احمد.

الصديقات، رنت الكلمة بذهن نرجس المراقبة كخلخال غانيه ايام الانجليز !

ابتسم احمد ولم يرد.

بالغد سأبتاع لك كتب تعلم القراءة بطريق عودتي من الجامعة ، مع ذلك منحته كتاب قضى احمد ليلته يحاول ان يقرأ عنوانه قبل أن يضيق به وينحيه جانبا

نام احمد علي السرير عينه معلقه بسقف الغرفة ولفافة تبغ تحترق بين اصابعه، كان ينفس دفقات من الدخان الأزرق عميقه ومكتومه، يحاول متفكرا ان يقنع نفسه ان عدم قدرته على الاحتفاظ بصوره واضحه لملامح تلك الفتاه لا تعود لغبائه إنما لأن جمالها أكبر من أن تحفظ ذاكره تفاصيله بجلسه واحده بل عدت جلسات.

جعل يقلب جسده من جنب الي جنب والقلب في جوف الصدر مهتاج ضائع

لا يمكن أن تغمض له عين طالما يفكر في شخص أخر حتى لو انقلبت السماء على الأرض.

عندما خرج كان الجو بالحديقة منعش، نسيم عليل يداعب أوراق الأشجار بخجل، مشي على العشب النائم المتوجس في سره، جلس في بقعه معوشوبه واتكاء بظهره علي جذع شجره رأه مرات من قبل طفل يركض عاري بين الزهور.

القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى

اشعل لفافة تبغ أخرى والقاها بفمه لتقع عينه على شرفة غرفة نرجس، كانت الغرفة مضاءة، راح ينظر نحوها بشرود وعينه مثبته عليها، وانفتح باب الشرفة فجأة وخرجت منه نرجس بقميص نوم قصير وفي فمها لفافة تبغ تدخنها.

كان يستحيل عليها ان تراه من مكانها فقد كان غاطس في الظلام الا ان نباح الكلاب الحراسة وصوت الخفافيش الهاربة دفعها لان تنظر نحوه قبل أن تنادي باسمه.

كان أحمد يجلس دوما في ذلك المكان وكانت تعرف ذلك، ترك احمد مكانه ومشي حتى أصبح تحت الشرفة، لماذا انت مستيقظ؟ ما الذي يشغل بالك؟ اطلق احمد ابتسامه وهو يفكر، لماذا على أن لا أكون مستيقظا حتى الآن؟ من أجل اي سبب لعين يحشر الأخرين انوفهم بأذهاننا الغارقة في الوحل.

انا بخير

لماذا انت مستيقظ؟

ادخن لفافة تبغ، هذا ما أفعله ادخن، تعالي واشارت بيدها لفوق، شاركني كأس!!

تعلمين انني لا اشرب، على أن افتح عيني مبكرا بالغد، سهره سعيدة سيده نرجس!

سهره سعيدة! تصعبت نرجس في نفسها، الكأس لا يحييها الا كأس اخر ودخلت غرفتها.

مره أخرى على السرير استجدي احمد النوم، بطولك؟ بعرضك؟ أروى عيوني!؟

لكن النوم مثل كل الأشياء الجميلة في حياتنا لا تأتي عندما نطلبها.

قبل أن تدق الساعة الثالثة فجرآ ان كان أحمد شرد عشر مرات يفكر في تلك الفتاه فأنها قليله، اخيرا وجد النوم طريقه الي احمد قبل أذان الفجر وكان وقتها لا يرغب في النوم اصلا.

عندما تفكر في شيء بعمق قبل نومك عاده يكون له نصيب من أحلامك.

الساعة الثامنة صباحا فتح احمد عينيه ممتعضا، يا إلهي؟ لماذا لا يملك كل شخص حق اختيار الوقت اللعين الذي يرغب في الاستيقاظ به؟ ويصدعونك بعد ذلك اولاد ال عن الحرية، هل توجد عبودية اكبر من تلك؟

ادخل ساقيه في بنطال جينز ازرق شده على وسطه حزام اسود ماركة lacost، واشعل لفافة تبغ وهو يمشي تجاه الحديقة، أصبح البستاني الان بعد وفاة الجنايني السابق.

عبر بين الزهور الندية متقي الشمس بكف يده، ان اكبر متعه على الإطلاق تكمن في التعامل مع الزهور رغم هشاشتها عند قطفها لا تتذمر ابدآ بل تبدو أكثر جمال وحلاوة.

فتح صنوبر الماء ليروي جزء من الحديقة بينما واصل سيره بين الأشجار، صباح الخير أحمد !؟

لوحت له كارمه وهي تعبر بوابة الفيلا بسيارتها الكسا البيضاء، لوح لها احمد هو الأخر، لا تنسى ما اتفقنا عليه ؟


لن أنسى !!

جعل يعمل بشرود والف صوره جميله تتشكل أمام عينيه، فتلك الزهرة خدها والأخرى عيونها وهذه شعرها وتلك التى تطل بخجل جيدها، اللعنة سأجن !؟ احتاج لعلاج، ترياق ضد اللهفة

اغمض عينيه وتنهد ثم فتحهما على اتساعهما وقصد غرفة نرجس، كان يعلم انها نائمه لكنه يدرك أيضا ان نرجس عندما تكون نائمه لا ترفض له طلب.

صباح الخير سيدتي !! قال وهو يدلف للداخل، صباح الخير احمد أغلق الباب بسرعه، كم الساعة؟

التاسعة صباحآ !!

اوووف، ماذا تريد، سألته ولم تعدل رقدتها بعد !

أرغب بالذهاب للمدينة، وعدني صاحب المحل بدفعه جديده من النبيذ.

اليوم؟ سألته! لماذا لم تخبرني بالأمس، قالت وهي تعدل جسدها نحوه ليظهر منعطف أثر بين برتقالتي صدرها البارزتين ! كان صدرها شبه عاري وكانت لا مباليه كأنها لا أحد ينظر إليها.

نسيت !!

نسيت؟ انه نفس السبب الذي جعلك ساهما طوال الليل غير قادر على النوم ؟

تعالي، اجلس هنا !

جلس احمد علي طرف السرير موليها ظهره، تناول لفافة تبغ من علبة سجائر ميزت احمر كانت على الطاولة اشعلها وقربها من فمها، كان وجهها نحوه تسند رأسها بيدها اليمني وهي لا تزال راقده على جنبها، سحبت سحبه مديده من لفافة التبغ واطلقتها قبل أن تسأله لماذا تحاول تعلم القراءة ؟

كارمه؟ قال في نفسه وهو يجمع أفكاره، هل يمكنني أن أسألك كيف عرفتي؟

أنا أعرف كل شيء يا احمد، الأشجار توشوش لي بالأسرار.

اريد ان اقرء، أعني ليس للحد الذي يجعلني مثقفا وكل ذلك الهراء، ان استمتع بالقراءة، فأقرء واكتب.

واتتك الفكرة فجأة ؟ قالت، في القاهرة ام هنا؟

لا أتذكر، كيف لي أن اتذكر المكان اللعين الذي واتتني فيه فكرة حمقاء مثل هذه ؟

انت غاضب لماذا؟ سألته نرجس وصدرها كان يضغط على قصبة ظهره .

انا، وكان احمد قد بدأ يشعر بالارتباك، لست غاضب، أنا حانق او شيء من هذا القبيل !

ينقصك شيء؟

لا ينقصني شيء، ولا أشعر انه ينقصني اي شيء، أرغب بتعلم القراءة فقط، سوف احضر لك مدرس، وقالت نرجس،. وقد رقدت على ظهرها مرة أخرى يدها تحت رأسها تحملق بالسقف.

اشكرك، قال، لكن هناك شخص أخر سيفعل ذلك !!

كارما لا تصلح لتلك المهمة، صدقني، أنا أعرف ابنتي، قالت، وهي لاتزال تحملق بسقف الغرفة

ليست كارمه !!

من؟ قالت، وقد اولته وجهها مرة آخرى.

شخص قابلته بالأمس وانا احضر النبيذ.

يمكنك أن تحضره هنا بأي وقت، قالت، وهي تعاود التمدد على ظهرها مره أخرى.

لا أعتقد أنه سيوافق، عقب احمد بنبره غير مفهومه قبل أن يقف بمكانه، سأذهب الان هل ترغبين بابتياع أي شيء اخر؟

لا ! قالت نرجس وهي مغمضة العينين.

بعد رحيله، جلست نرجس على طرف السرير وضعت كفيها على ركبتيها العاريتين منحنيه وغطي شعرها وجهها ووصل بلاط الغرفة، حافيه خرجت الشرفة وجلست على المقعد واشعلت لفافة تبغ !!

عندما غادر احمد بالسيارة اجرت نرجس مكالمة قصيرة، أعطت خلالها بعض الأوامر لشخصا ما

كنت اقود نفس السيارة، واسير في نفس الطريق الذي اقطعه كل مرة، لكن مشاعري كانت مختلفة، اللهفة كانت تقتلني، عندما وصلت لهناك ولا أعلم كيف حدث ذلك لأنني كنت شارد قصدت المكتبة من فوري، خلف مكتبها كانت جالسه تمنح أحدهم كتاب ما، عبرت الرواق وجلست على احد المقاعد دون أن اتناول اي كتاب، كانت لم تنظر إلى حتى تلك اللحظة وعندما لمحتني لم تلوح لي ولم تعرني أدنى اهتمام.

هاي، قلت، ولوحت بيدي الا تتذكريني؟

وكيف من المفترض بي ان اتذكرك؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ذلك الكاتب الفرنسي وتلك الرواية اللعينة، الا تتذكري فعلا بحق السماء؟

ضيقت حاجبيها، زمت شفتيها، رفعت يديها حدود صدرها فأنقبض قلبي، كنت مجرد عابر لا أكثر؟

في محاوله اخره بادرتها، قلتي انك ستعلمينني القراءة والكتابة وقلتي أيضا لا بأس بك ؟

اللعنة هل قلت ذلك فعلا؟

اقسم انك قلتي، بحق السماء هل فقدتي ذاكرتك؟

مستغرقة في تأملي وقد صغرت أمام نفسي قالت تذكرتك، وقتها لم تكن لدي رغبه في الحديث ولا حتى البقاء.

حسنا سأعلمك ورفعت يديها بطريقه استعراضية.

قلت شكرا لك،. لكنى سأرحل الأن.

رويدك ايها الحانق، كنت امزح؟

رحلت كل شكوكي ومخاوفي وغضبي دفعه واحده، تتذكريني فعلا؟

من اول كلمة قالت.

لماذا، كاد قلبي ان ينقلع من مكانه.

عجيبة، قالت، شخص بمثل جراتك قلبه رقيق لذلك الحد؟

تقلصت ملامحي ودارت بي القاعة.

اجلستني بجوار مكتبها وحدقت بوجهي بتركيز، عليك أن تدرك ان الأمر ليس سهل، قالت، انها ليست لعبه لعينه هل تفهم؟

سأبهرك، قلت.

ماذا؟

سأبهرك، هلا بدأنا ؟ وقربت المقعد من المكتب.

هل تعرف ذلك الشخص؟ واشارت بيدها لرجل يقف في الجهة المقابلة للمكتبة، قلت لا أعرفه.

حسنا، لا تشغل بالك والان، سأكتب لك حروف الهجاء لتحفظها.

احفظ معظمها يا سيدتي !

اذا كان ذلك حقيقي، مهمتنا ستكون سهله؟ ذكرت لها ما احفظه ولم انسى سوي حرفين فقط، مسرور بنفسي، قلت لك اني استطيع القراءة بصعوبة، لست طفل احمق؟ وأطلقت عليها ابتسامه.

دعنا نرى؟

فتحت كتاب وقرأت منه عدد من الجمل، والأن دورك؟ مدت الكتاب نحوي، وامسكته بيد مرتجفة ورحت اقرء لم تكن كلمات صعبه لكنى اخطأت في بعضها.

حسنا ستقرأ تلك الصفحة عشرة مرات، وهذا واجبك لليوم، كانت تحدثني وعينيها معلقه بذلك الشخص الواقف بالجهة الأخرى.

انتهينا سألتها؟


نعم، قالت، سأرحل الأن.

متى موعد الحصه القادمة سألتها بنبرة حاده !

متى عدت ستجدني هنا، والان ساعدني برص تلك الكتب في مكانها، ناولتني مجموعه من الكتب وسارت خلفي تلقى التعليمات، هذا هنا، وهذا هناك، وهؤلاء هنا، نعم ضعهم هنا، برويه؟ حاضر، حاضر.

لم يترك ذلك الرجل مكانه الا عندما تركنا المكتبة، عرضت عليها ان اقلها لمنزلها لكنها رفضت، استقلت سيارة أجره وتابعتها وهي ترحل.

تأملت ذلك الرجل الذي لا أعرفه والذى بدا مهتما بمراقبتي، اخرج هاتفه وأجرى مكالمه وهو يرمقني قبل أن يرحل ، لم يساورني شك، قلت ربما ينتظر شخص ما.

ابتعت النبيذ وعدت مره أخرى نحو الفيلا كانت نرجس واقفه بشرفتها عندما وصلت، اعدت السيارة لمكانها، نقلت النبيذ ومشيت نحو غرفة كارما، لم تخدعني تلك القصيرة، أحضرت الكتب التي وعدتني بها.

احتضنت الكتب وهممت بالرحيل، لكزتني في كتفي، انت، أين النقود؟

اي نقود سألتها؟

ثمن الكتب، انهم لا يوزعونها بالمجان على فكره !

لم ارد كشرت في وجهها ورحلت.

وضعت الكتب على الطاولة وجلست على المقعد، حملقت بالكتب وبدرت مني ابتسامه، لم اتخيل ابدآ ان اضع نفسي في ذلك الموقف، فتحت اول صفحه وقبل ان اقرأ اول كلمه سمعت طرقات على باب غرفتي كانت أحدا الخادمات، قالت ! احمد؟ السيدة تريدك !!

طويت الكتاب وصعدت نحو غرفتها، كانت جالسه بالشرفة تدخن لفافة تبغ.

عدت؟

نعم، عدت !


لماذا لم تقصد غرفتي؟

كنت سأفعل، قلت ابدل ملابسي أولا.

ماذا فعلت؟

ابتعت النبيذ، نبيذ فاخر !

النبيذ فقط ؟

أجل، النبيذ !!

أعني ألم تفعل اي شيء اخر؟

. لا لم أفعل، ابتعت النبيذ وعدت !؟

يمكنك أن تنصرف اذا كنت ترغب واولتني ظهرها.

كانت ملامحها متغيره، لطخات من الغضب حفرت بوجهها، اعرف نرجس عندما تغضب، واعرفها أيضا عندما تخطط لأمر ما، أنا احفظها لكنها لا تعلم ذلك.

عدت لغرفتي مره أخرى وانكببت على الكتب اقرائها ولم ارفع رأسي عن الكتاب الا عندما طلبوني لتناول طعام العشاء.

عرفت انك ترغب بتعلم القراءة والكتابة؟ قال مصطفى وهو يحدق بي، يمكنني ان اساعدك،. كان مصطفى يتحدث بنبره جادة ولم أشك للحظه في نواياه.

قلت اعلم ذلك، شكرا لك هناك شخص اخذ على عاتقه مهمة تعليمي.

رجل، ام امرأه؟ قالت نرجس دون أن ترفع عينها عن طبقها !

قلت صديق قديم قرر مساعدتي، كنت اكذب وكنت اعلم ان نرجس تعلم ذلك.

تركت نرجس المائدة وذهبت لغرفتها، راحت كارمه ومصطفى يغدقا على بالتعليمات حتى تركت المائدة وعدت مره أخرى لغرفتي!


سأبهرك !! كلما اصابني الممل او شعرت باليأس تذكرت موعدنا القادم، عندما أقرأ في حضرتها دون تلعثم.

كيف حالك يا شروق؟ قفزت شروق من رقدتها فور سماعها الصوت كان عقرب لسعها، نحن لا نخطئ الأصوات المميزة، ولا الشريرة أيضا!

من؟ سألت شروق متمنيه ان يكون حلم!

انا وأطلقت بدريه ضحكه ملتهبة جعلت أسنان شروق تصطك، نحن لا ننسي الألم الذي تعرضنا له ولا المواقف اللعينة التي نكدت علينا حياتنا لكننا نتناسى لتمضي الايام.

جئت لاصطحابك في جوله يا شروق، أخبروني ان صحتك متدهورة وان الرطوبة أكلت عظم ساقك!

أرجوك لا تؤذي ابني، اقبل قدميك، احمد لا يستحق أن يتألم مثل إخوته!

ومن الأحمق الذي أخبرك ان إخوته يتألمون؟ كل ذلك الوقت ولم تشعري بشيء؟

شعرت لكني كنت اكذب نفسي قالت شروق بنبره مغلوبة!

لململمي ملابسك سنرحل فورا بهدوء، انا لا اري ولا أستطيع جمع ملابسي!

وانا لست خادمة امك، صرخت بدريه بنبره محذره وهي تلكمها في معدتها! انت الوحيدة يا ابنة الكلب التي لففتني القاهرة منطقه، منطقه، عشرين عام وانا احلم بتلك اللحظة التي انتقم فيها منك؟

لماذا تفعلين ذلك؟

ها، من أجل المتعة وقهقهت كوثر

جذبت كوثر شروق من يدها خلفها فمشت تتعثر بالمقاعد الجدران، الأشجار!

بالسيارة وقبل ان تجلس حقتها حازم بمخدر فخارت فورا!

أين والدتي كان أحمد يسأل الخدم بنبره مرتعشة ونفس متلجلجه، كان قد تغيب عن المنزل لأسبوع في مهمه كلفته بها نرجس.

اسأل الهانم نحن لا نعرف شيء اجابه الخدم.

أين والدتي؟


تدهورت صحتها وحضرت وقررت ان تذهب عند عمتك قالت إن الجو هنا لا يناسبها!

عمتي؟ انا مقطوع من شجره!

اه والدتك لم تخبرك طبعا، عندما تراها يمكنك أن تسألها عن السبب!

اين تقيم؟
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
. كتبت له عنوان كوثر وسمحت له ان يأخذ سيارتها الخاصة!
انطلق احمد نحو العنوان ووصل قبل أن يفرش الليل ثوبه ، كانت بنايه متداعيه، الدرجات مكسره، الجو يتضوع برائحة العفونة، استقبلته بدريه علي باب الشقة احتضنته وقبلته، لقد كبرت يا احمد، منها لله والدتك قطعت رحمنا، لكننا تجمعنا اخيرا، أين والدتي؟ سألها احمد وهو يدفعها من طريقه!
بغرفتها للتو تناولت طعامها، دلف احمد للغرفة، قبل يدي والدته وسألها عن حالها لكن والدته لم ترد!
لماذا لا ترد يا عمه؟
ابتلعت لسانها يا والدي، لم تتحمل الألم بعد الازمه القلبية التي آلمت بها، كانت ترغب بالموت حتي لا تحملك فوق طاقتك!
حملق احمد بفم والدته، لسانها المقطوع، لماذا فعلت ذلك بي يا اماه؟ تعلمين انني كنت سأحملك فوق رأسي طوال العمر وغرق في البكاء!
انتحبت والدته هي الأخرى فسعلت كوثر بصوت عالي!
انكمشت شروق علي نفسها وارتعش جسدها كطائر اغرقته ندف الثلج؟
لا تثقل عليها والدتك تحتاج للراحة!
سآخذها لأشهر مشفي في البلد، سأعالجها حتي لو بعت كل ملابسي!
كانت وصية والدتك قبل أن تفقد النطق ان تظل هنا حتي الموت، سأعمل علي رعايتها الاعتناء بها، الظفر لا يخرج من اللحم!
لا سأخذها للمشفى!
يا ولدي والدتك بأيامها الأخيرة علي الأقل احترم وصيتها، ثم ان منزلي مفتوح باي وقت يمكنك زيارتها!
لقد اشتقت لها كثيرا فلا تحرمني من تلك الفرصة قالت بدريه بنبرة مستجدة.
كلما نطقت كوثر كلمه ارتعش جسد شروق والتصقت بحضن ابنها أكثر، سأظل معها هنا قال أحمد وهو يجلس علي الأرض!
طوال الساعات التي قضاها احمد في غرفة والدته لم تبارح كوثر الصالة، عينيها تحملق بأحمد وتراقب والدته ، عندما حضر حازم زوجها وكان بنفس عمر والدته ، شاب اربعيني نحيف بعيون غائرة وبشرة باهته قصير القامه ورغم نحافته الا ان كرش صغير دفع قميصه للخارج، طلبت منه كوثر ان يجلس مع احمد وهي تغمز بعينها، ثم اجرت اتصال من هاتفها بالشرفة عادت بعدها لتجلس بالصالة مره اخري، لحظات ودق هاتف احمد، كانت نرجس تطلب منه العودة للمنزل حيث أن لديها مهمة طارئة تنتظره ولا تحتمل التأخير، حاول احمد ان يتملص منها لكنها صدته!
ودع احمد والدته التي كانت ملتصقة به ولا ترغب بتركه وانطلق بطريق العودة للفيلا!
اصرخي يا لبوه قالت كوثر بنبرة موبخه وهي تلسع شروق بالنار في معدتها، أمرتك ان تلزمي الصمت ولا تقومي بأي حركة، لقد كنتي ميته قبل حضور ابنك واذا بقدرة قادر تتلوين كالحية علي السرير؟
قلت لك اقتليها ونبيع أعضائها حشرج حازم بنبرة مسترخية!
اسكت انت، طالبته كوثر، انا الملم خراك الذي لم تنظفه منذ عشرين عام، أعضائها تالفه وميته، ان وظيفتي تتمثل في الحفاظ علي بقائها حية أطول فتره ممكنه!
وإذ أخبرت نرجس احمد في لحظة ضعف عنا؟
نرجس رقبتها بين يدي، ولا ترغب في خسارة ابنيها وإذ تجرأت سنقضي عليها، ليست اول مره، سامبو والاكحل رهن اشارتي!
كان قلب أحمد يتمزق كلما اقترب من الفيلا، دموع والدته لازالت عالقة بقميصه، رعشتها في حضنه كل ذلك جعل الدنيا امامه ضباب، كاد ان يدهس امرأة عبرت الشارع فتوقف علي جانب الطريق وراح ينتحب كطفل صغير.
قضيت اسبوع بالإسكندرية وجمر الوجع يكوي عروقي، كنت اهاتف العمه كوثر واطمأن علي والدتي، كانت دوما تقول انتبه لحالك والدتك بخير ، لا تمضي الايام المحملة بالألم بسرعه ابدا.
اول شيء فعلته عندما عدت قمت بزيارة والدتي، كان جسدها نقص للنصف حتي ان عظام خدها بانت كانت مقلة في الحركة واذا حاولت توجعت من الألم ودمعت عينيها، احتضنتها بقوه لدقائق فانتحبت في حضني وجسدها يرتعش، كانت تحرك اصبعها بأشارة اعرفها من ايام الطفولة وهي تعني الخطر، تلفت من حولي انا لا اري اي خطر هنا، كوثر تعتني بها اكثر من اي شخص، لكن اصبع والدتي ظل علي حاله، كانت كوثر كعادتها تحملق بنا علي مقربة من أجل راحة والدتي!
بالصالة كان حازم يجلس مع رجلين جلفين لديهم تقاسيم جافة وعيون تصيبك بالزعر أسفل ملابسهم اسلحة نارية يتهامسون وهم ينظرون نحوي، كنت متعب لذا قلت سأرحل الأن وأعود اليوم التالي، بطريقي نحو الباب وانا اتخلص من قبضة والدتي المرتعشة انحشر طرف جلبابها عن ساقها للحظه، كان أأثر كي النار بكل بقعه فيها.
جلست بسرعه وغطيت قدم والدتي دون أن تلحظنا كوثر, أمسكت بأصبع والدتي وهمست في اذنها تذكرت الأيام القديمة يا والدتي عندما كنت العب بجوار الغيطان وتحذريني بأصبعك ان ادلف داخلها، خارت والدتي واستكانت، قلت سأرحل الان واعدك ان أعود لزيارتك بسرعة
هبطت درجات السلم دمي يغلي، تخبطت في الطرقات ابحث عن أي سلاح، كنت اعرف ان نرجس لديها معارف من الممكن أن يساعدوني لذلك هاتفتها، طلبت منها المساعدة واخبرتها بشكوكي!
لم تتأخر نرجس منحتني عنوان احد اعوانها وقالت سيمنحك سلاح، ركضت خلال الشوارع نحو العنوان القريب، منحني الرجل مسدس اخفيته بين ملابسي ورفض المال الذي قدمته له.
اسرع من الريح قطعت الطريق نحو منزل كوثر قبل أن اصل المنزل بخطوات غادرت سيارة بسرعه خارقه جعلت الأتربة تشكل غيمه فوق مدخل البناية، صعدت درجات السلم ركضا، كانت الشقة خاليه وباب غرفة والدتي مغلق والدماء تسيل من تحته.
بكل قوه دفعت الباب، كانت والدتي مذبوحة علي السرير تلفظ أنفاسها الأخيرة، احتضنتها وأطلقت صرخة هزت غيوم السماء، حملت والدتي ونزلت درجات السلم وضعتها في المقعد الخلفي وقدت نحو المشفى في منتصف الطريق لفظت أنفاسها الأخيرة، قضيت ساعة علي جانب الطريق ابكي والعن نقسي، عندنا تمالكت نفسي قدت السيارة نحو الفيلا.
عندما وصلت كان المقعد الخلفي للسيارة ملطخ بالدماء، عندما رأيت مقعد السائق من الجهة الخلفية ملطخ بالدماء استعرت بي النيران، كانت والدتي ترغب بقول شيء لكني كنت مشغول بالقيادة.
حملوا والدتي لداخل الفيلا، تبعت مصطفي ونرجس للداخل بينما تأخرت كارمه لدقائق تحملق بالدماء التي لطخت السيارة ثم طلبت قماشه وازالت الدماء التي علي مقعد السائق بنفسها قبل أن تتبعنا للداخل.
قمنا بدفن والدتي في المقابر المجاورة للفيلا، حيث قضت معظم عمرها وحيث ترعرعت بين أحضان الموتى ووسط أرواحهم الهائمة.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
لزمت غرفتي، لا ابارحها ولم اسمح لأحد بالدلوف إليها، تائه تحاوطني الذكريات وملابس والدتي القديمة.
كنت لا ابارح غرفتي الا ليلا عندما ينام الخدم وتختفي الأضواء من غرف الفيلا، اعبر البوابة نحو المقابر القديمة، اجلس بجوار قبر والدتي وادخن لفافات التبغ منتهكا سكينة الموتى، كل ليله كانت تمر أصعب من الآخرى ، كنت اتحدث الي والدتي طويلا، وإذا طال الليل احدق بالسماء واناجي نجومها ، تغمدني الحزن العميق وابحر بين أمواج الذكريات فتذكرت ايام الطفولة، ممازحات والدتي، ضربها لي، صراخها في وتحذيرها لي من الاقتراب من سياج الفيلا!
اتكأت علي جدار المقبرة وكانت الليلة بدر، بالجهة المقابلة لي كان هناك شاهد قبر يحمل اسم أحمد صبري عبد الفتاح، حدقت بالرخامة وخطر بذهني ذكري قديمة لرجل عجوز وانيق كان يحضر لزيارة والدتي، كنت أراه يبكي بالساعات فوق هذا القبر وكان يحضر معه طفل يكبرني بأعوام قليله، كنت العب معه احيان، لا أعرف لماذا تسمرت صورة الطفل والعجوز بذهني، كنت أراه يمنح والدتي نقود، كانت تقول عنه رجل محترم!
كم مضي علي اخر مره رأيته فيها هنا؟ مره اخري صعدت فكرة لذهني ماذا لو كان هذا الرجل يعرف معلومات عن كوثراو عن أقرباء والدتي؟
وضعت رأسي بين يدي واغمضت عيني وسحبت سحبة مديدة من لفافة التبغ، نحن نسكن بجوار كبري ضخم اسمه كوبري القبه تعبر من فوقه الف سيارة كل يوم، أسفل شقتنا صيدليه كبيره ابتاع منها العلاج لجدي والمثلجات من دكان العم فهمي!
تذكرت كلمات ذلك الطفل الذي كان يلعب، قلت في نفسي بالصباح سوف اذهب للبحث عنه، حتي لو كان خيط طفيف الا ان فكرة الانتقام من كوثر كانت تغتصب كل انش بداخلي!
أشعلت لفافة تبغ اخري وارتفعت فوق رأسي غيمه من الدخان الأزرق، لو كان من بين الموتى شخص مدخن سيدعو لي قلت وانا احرك يدي في الهواء قبل أن استغفر ربي!
ما هذا الهراء زجرت نفسي، سحقا حان وقت المغادرة، ودعت والدتي وقصدت غرفتي، كنت ميت من النوم دقائق وبدأت رحلة الأحلام.
فتحت عيني علي طرقات تكسر باب غرفتي، لم افتح الباب، كانت كارمه قالت إنها تحتاجني لأمر هام جدا!
بالنسبة لي كان كل فكره لا تخص موت والدتي والانتقام لها غير هامة أو مفيدة!
سحبت صنية الطعام التي يتركها الخدم خلف الباب باستمرار، تناولت لقمه، بدلت ملابسي وقدت السيارة نحو القاهرة!
عرجت علي المكتبة ، عندما رأتني تلك الفتاه قالت، ياه افتكرتك مت؟
قلت لها كيف حالك؟
قالت اين اختفيت؟ كل ذلك تحفظ سطرين؟ يا رجل كنت أظنك اذكي من ذلك؟
قلت لها توفيت والدتي!
واستني وتأسفت من أجلي، كانت حزينة فعلا، شعرت بذلك من نبرة صوتها اللعينة!
هل نبدء؟ قالت لتخرجني من حالة البؤس الطافحة فوق وجهي!
حضرت من أجل امر اخر، اخبرتها بخطتي بالبحث عن الرجل العجوز!
أطلقت كيان، كان ذلك اسمها ابتسامه، قالت والدتك تحبك!
لماذا سألتها؟
أن أقيم بنفس المنطقة اذا انتظرت حتي وقت رحيلي يمكنني أن اساعدك!
جلست علي مقعد بالمكتبة اراقبها وهي تعمل، كانت تعامل الكتب بطريقه جميله جدا، ليس كجماد بل كأشخاص يشعرون ويفهمون!
كانت كيان جميله جدا وكنت بحاله بائسه لعينه لم تمكنني الا التحديق بها وإطلاق النظرات الخبيثة المحتشمة، الخاطفة والعميقة؟!
انتهيت لوحت لي وانا شارد، لننطلق! ؟
قدت السيارة وكانت كيان توضح لي الطريق بنبره بسيطة ورقيقه.
سنترك السيارة هنا ونترجل، طاوعتها باستسلام وسرت خلفها، صيدليه كبيره فكرت؟
اعرف اربع صيدليات لنبداء من هنا!
كانت صيدليه كبيره تنهض فوقها بنايه ضخمه، سألت الحارس عن رجل عجوز يعيش صحبة حفيده.
القبطان؟ استفسر الحارس!؟
قالت لا نعرف بعد!
القبطان لم يبارح شقته منذ رحيل الباشمهندس عوني!
همست بأذن كيان لنجرب
كانت شقه برحه استقبلنا فيها رجل خمسيني أنيق المحيا تكلل وجهه لحيه صفراء، شعر رأسه ناعم، كامل رغم الحنق الباسق من قسماته، كان يرتدي حله صفراء ماركة ارمانو، ساعه ماركة رادو!
جلست وجلست كيان بجواري، حملقت بالرجل لم تتغير قسماته، قلت له قبل أن يطوف الشك بصدره،سألته انت لا تتذكرني؟
وكيف بربك تطلب مني ذلك؟ اي ذاكرة لعينه يمتلكها عجوز مثلي قد تسعفه لتذكر اكثر من يومين!!
سحقا علي الايام لا تذكر شيء علي حاله!
قلت المقابر القديمة، سيده عجوز كنت تساعدها، القبر الذي كنت تزوره ويحمل اسم احمد صبري عبد المنعم!
تهلل وجه الرجل قبل أن يتكدر فجأة ويطلق دمعه مسحها بكم قميصه، انت ابنها؟ سألني!
أجل!
ما أسمك؟
احمد !
راح الرجل ينتحب مره اخري حتي اشفقت عليه، انتصبت كيان وربتت علي كتفه برفق، قالت كيان يا والدي لا تبكي، ان الموت لن يترك احد حتي الأنبياء فلا تقسو علي نفسك؟
شهق الرجل وهو ينتحب، مات صغير، والان يأتي ابنه اللعين عوني يتركني لأموت وحيدا كما قضيت حياتي البائسة وحيد، نربي الأبناء، نفرح بهم، نعتقد انهم سيعتنون بنا ثم يكبرون ويمارسون هوايتهم في التنصل منا!
قال لي عوني انه لن يتركني لأتعفن بمفردي لكني أدرك ان رحلته باتجاه واحد ولن يعود مره اخري!
اقترب مني وأشار الرجل لي!
جلست بجواره، ما حال والدتك سألني؟
قلت والدتي ماتت، قتلت؟
شهقت كيان التي لم تكن تعلم ما حدث بعد.
أخبرته بما حدث معي كل ما اعرفه تقريبا ورحت ابكي انا الاخر!
لم تكن تستحق ذلك، كانت سيده طيبه ثم فتح عينيه علي اتساعهما وقال الحياه لا ترحم الطيبين!
حاولت أن أخرجه من حالته فسألته أين رحل حفيدك؟
قال تتذكره؟
قلت اتذكر الطفل الذي كنت العب معه وليس الباشمهندس الذي تتحدث عنه!
صمت الرجل دقيقه يزن كلماته ويفكر ان كان من الصائب ان يخبرنا عن سره ثم قال!!
وجد مخطوطه لعينه تتحدث عن مدينه غريبه، عجائبية اسمها مدينة أبناء الساعة، كان عمه رشدي رجل إليها ولم يعود، قال عوني انه سيذهب ولن يعود الا صحبة عمه انا اعلم ان كل ذلك هراء ولا أعلم لماذا طاوعته!
سألته كيان بلهفه وكان لديها شيء تخفيه، حدثني عن تلك المخطوطة؟
راح الرجل يقص عليها ما يعرفه حتي انتهي، ثم القي علي نظره طويله مستجديه وقال، انا لا اعرف غيرك يا احمد، طلبت من والدتك ان تسميك علي اسم ابني وقد فعلت لماذا لا تذهب خلفه يا ولدي وتحضره اليه، امنعه بالقوة اذا تطلب الأمر، قل له جدك يموت ويرغب برؤيتك!
كنت علي وشك الرفض حتي قالت كيان سنذهب خلفه ولن نعود الا معه!!؟
تخبطت أفكاري وطارت الكلمات التي اعددتها من علي طرف لساني! رحله طويله ئرفقة كيان ما يمكنني أن اتخيل افضل من ذلك!
قلت له امنحني بعض الوقت، انهي مسئلة والدتي واعدك ان اذهب خلفه!
نحن لا نمتلك الوقت قال الرجل، لكن لو تمكنت من الذهاب خلفه قبل نهاية الأسبوع ستصل اليه!
تركنا الرجل واختفي داخل غرفه مغلقه وعاد بعد دقيقه يحمل كيس به ورق مكرمش وضعه بين يدي، هذه امانه، قال الرجل ، بقية المخطوطة اللعينة التي وجدها عوني، كنت قد اخفيتها علي آمل أن يفشل عوني ويعود الي لكن مضي اسبوع ولم يرجع واحشني ان أكون تسببت في هلاكه!
ودعنا الرجل بترحاب، بالشارع لزمت انا وكيان الصمت كان كل منا خائف ان يفشي ما يجول بخاطره، قلت لها، ستذهبين حقا؟
قالت كيان بنبرة مصرة أجل!
وعائلتك، ستوافق؟
ابتسمت كيان، ليس لدي عائلة قالت!
انا عائلتك، قلت في سري وابتلعت كلماتي، ظهر لي امل جديد يجعل حياتي أفضل
تركت كيان علي ناصية الشارع، قلت لها بالغد وكل يوم سأحضر للمكتبة اذا كان ذلك لا يضايقك؟
علي الرحب والسعة قالت وهي تتهادي كبرتقالة افغانيه نحو مدخل البناية المظلم ، تابعتها وهي تختفي، رأسها، وسطها، كلها!
علي هاتفي كان هناك عشرين مكالمه فائتة من كارما، ذلك اخر ما ينقصني تمتمت في نفسي، كل تلك المصائب التي سقطت فوق رأسي ولا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم!
الو؟
الو!
كانت كارما تنتظرني بالحديقة عندما وصلت، كانت ترتدي بلوزة بيضاء، تحتها جيبه سوداء وحذاء ابيض بكعب عالي، ساعه سواتش بيدها اليمني بدت من خلاله عامله منضبطة بائسة، نرجس تجلس بالشرفة تحرق لفافات التبغ وشعرها يرفرف فوق عنقها الطويل، لوحت لها قلت لحظه واحده وأعود!
تركت السيارة وكنت أشعر ببعض الانشراح فمشيت بسرعه عائدا تجاه الأريكة التي تجلس عليها كارمه، همست ليس الأن، لا تنطق بكلمه واحده وقرصتني في يدي!
حملقت بنرجس والقيت عليها التحية فأومأت برأسها وجلست بجوار كارما، سأغادر الان اتبعني بعد دقيقه نحو غرفتي.
بدأت أشعر بالقلق والارتباك، تصرفات كارما غير المعتادة، السرية التي تتبعها، هناك مصيبه قلت!
بغرفتها بعد أن اوصدت الباب أخرجت كارما ورقة من تحت سريرها، حملقت بوجهي دون أن يرف لها جفن، تفضل، قالت رساله من والدتك!
لكن علي حد علمي والدتي لم تعرف القراءة والكتابة!؟
لأنك لا تعرفها حق المعرفة يا احمد، والدتك تعلمت الكتابة منذ فتره بعيده عندما كانت تراقبنا ونحن نتلقى دروسنا علي يد معلم اللغة العربية!
الرسالة كانت مكتوبه بالدم علي مقعد السائق، كتبتها عندما كنت تقود السيارة قبل موتها، نقلت الرسالة ثم مسحت الدم!
رسالة بالدم؟
فتحت الرسالة ورغم انني لا اقراء جيدا الا انني قرأت، مصطفي، كارما، اخوتك يا احمد لا تتخلي عنهم، لم الشمل واجعلني استريح في قبري!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
ماذا يعني ذلك سألتها؟
وكيف لي أن اعلم ردت كارما!
والدتي كانت تعتبركم أبنائها ربما لذلك كتبت اخوتك، قلت محاولا ان اجد تبرير!
فكر، قالت كارما وهي تضع اصبعها علي رأسها، شخص يلفظ أنفاسه الأخيرة لماذا قد يكتب رساله بلا فائدة؟
اننا نتذكر ونكتب اهم الأشياء بحياتنا عندما نشعر بالاقتراب من الموت!
تذكرت والدتي، لحظاتها الأخيرة عندما كنت اسمع يدها تلطخ ظهر مقعدي!
سحقا لا أفهم قلت وانا أحدق بالرسالة!
كيف انتم اخوتي؟
دق باب الغرفة ودلف منه مصطفي وأغلق الباب خلفه، حملقت بكارما استفهم، قالت مصطفي يعلم كل شيء!
جلسنا علي السرير ثلاثتنا بصمت نفكر، قلت ربما مجرد نصيحه، والدتي كانت تحبكم!
لا أظن ذلك، قال مصطفي، هناك سر علينا أن نفتش عنه، الشخص الوحيد القادر علي توضيح الأمور والدتي نرجس!
وهل تتخيل انها ستقول ببساطة، اجل انتم لستم ابنائي، انا امرأة كاذبة!
لن يتم الأمر هكذا قالت كارما، والدتي لن تعترف الا اذا كانت بخانة ال يك انا اعرفها، ثم وجهت كلامها لمصطفي، اذا بكت والدتنا، انتحبت، من فضلك لا تتدخل!
قلت لدي خطه!
نظرت كارما ومصطفي نحوي، هيا قل! طالبوني!
اذا توصلنا لكوثر ستخبرنا بالحقيقة!
وكيف سيحدث ذلك أن شاء الله، سألتني كارما!
لدي شكوك بخصوص نرجس، هي الوحيدة التي كانت تعرف نيتي بقتل كوثر واعتقد انها شخصيا من قامت بتبليغ كوثر عن خطتي لذلك رحلوا قبل أن اصل إليهم!
ماذا تقصد
قالت نرجس بنبره اندفاعيه وهي تدلف من الباب!
أنت السبب في مقتل والدتي قلت بنبرة صارمة!
كيف تتجرء وتقول ذلك، انت نسيت نفسك؟
قلت يا روح ما بعدك روح واخرجت المسدس المحشو بالرصاص من تحت ملابسي!
اذا لم تقولي الحقيقة سأقتل هاذين ولوحت بالمسدس في وجه مصطفي وكارما!
انت مجنون؟ سأبلغ الشرطة! صرخت نرجس!
سأقتلك انت ايضا، اغلقت الباب ووضعته خلف ظهري والمسدس بيدي!
هذا جزائي بعد ما فعلته معك من خير؟
قلت لك اذا لم تخبريني الحقيقة سأقتل هذه وصوبت المسدس علي صدر كارما الصامتة وغمزت لها فراحت ترتعش وتنتحب!
ابتعد عنها صرخ مصطفي مدافعا عن اخته!
اصمت انت وضربته بعظم المسدس، شججت رأسه، سقط مصطفي علي الارض يتلوى من الوجع!
هذه اخرة من يطعم كلب مؤكد انه سيقضمه زعقت نرجس بهلع!
تركت كارما وغرست المسدس في فروة رأس نرجس، قولي الحقيقة صرخت!
حملقت نرجس بأبنها الغارق في دمائه، ابنتها المنتحبة، عيوني التي تشع شرر.
كنت مرغمه قالت، لم يكن هناك حل آخر!
اتفقتي مع كوثر علي قتل والدتي؟
لم أفعل والله، كنت ادافع عن ابنائي، لم اتوقع انها ستقتل والدتك!
انت السبب ولوحت بمسدسي بغضب، سأقتلك!
اقتلني لكن اتركهم، ليس لهم ذنب!
سأقتل الجميع صرخت وصوبت تجاه كارما وأطلقت رصاصه بالجدار جعلت كل من في الغرفة يجفل!
الرصاصة القادمة في صدرها!
ستقتل اخواتك يا احمد، انهم اخواتك!
انهرت علي الأرض وتركت المسدس، كانت صادقه، انتم اخواتي قلت وانا أضع رأسي بين يدي!
توقفت كارمه عن النحيب، مصطفي الذي كان يتلوي علي الأرض انتصب بمكانه، اقترب مني واحتضنني بقوه وتبعته كارمه، تركت نفسي بين احضانهم وغرقت في انتحاب طويل ومقيت!
انا اسفه قالت نرجس وهي ترتعش، اقسم انني لم أكن اقصد ذلك، كوثر هددتني انها ستقتل مصطفي وكارما اذا لم اسلمها شروق، لم اتخيل انها ستقتلها!
قالت كارمه وهي تنتحب، كانت والدتنا الحقيقيه، كنت تعلمي ذلك وتركتيها تقوم بدور الخادمه، طوال كل ذلك العمر حرمتينا من والدتنا، انا اكرهك ، اكرهك!
أقسم انني لم أكن اعلم اي شيء إلا قبل عام واحد ولم يكن بمقدوري ان اغير شيء، ربما انتم لستم من صلبي لكني احبكم مثل ابنائي، انتم طفلي، طفلي وراحت نرجس تبكي بحرقه وهي تشد شعرها.
خشيت ان تتركوني وأعود لوحدتي مره اخري، شروق كانت تعلم انكم ابنيها، كانت تشعر بذلك ، ربما لم تصرح بذلك ولم تقله لكن كلانا انا وهي كنا نعلم الحقيقة!
كل ما يهمني الان ان اصل لكوثر،. اقسم بربي ان اقتلها، بعدها يمكنك أن تتمتعي بأبنائك يا نرجس!
انا معك قال مصطفي!
لن يأخذ ثائر والدتي الا انا وضحت له وأنا احملق بنرجس!
ستنفذين ما اطلبه منك بالحرف الوحد يا نرجس، ستقومين بمهاتفة كوثر، ستخبرينها اني توصلت للحقيقة، ستطلبين منهم قتلي والتخلص مني، ستعديهم بمبلغ كبير وحتي لا ينتابهم الشك ستقولين ان هذا اخر تعامل بينك وبينها!
قال مصطفي بنبره جاده انه لن يتركني مهما حدث وانه اذا كان لم يرتوي بحضن والدتنا وهي حيه في علي الأقل يريحها في تربتها!
انت دكتور تدرس في كلية الطب وكارمه بنفس الجامعة اما انا فلا عمل لي، سأقوم انا بتلك المهمة نيابة عنكم!
اعترضت كارما مستحيل صرخت باعلي صوت، يكفي ما تعرضت له من عذاب وآلم، اذا كنا لا نستطيع أن نغير الماضي فأننا شركاء في المستقبل!
أقسمت عليهم بروح والدتي والحيت عليهم حتي وافقوا، اذا مت قلت لهم، هناك فتاه اسمها كيان أخبروها اني احبها ولم اتمني بحياتي شيء اكثر منها.
في خرابه قديمة كنت مقيد من يدي بسقف الغرفة كما وعدتهم نرجس عندما وصولوا، كانوا اربعه، كوثر، زوجها ونفس الرجلين الجلفين الذين رأيتهم بمنزل كوثر، كان الرجل الاسمر الضخم واسمه سامبو يحمل بندقيه ألمانية الصنع، الاخر واسمه الاكحل بيده طبنجة حلواني، دلفت كوثر يتبعها الرجلين وزوجها، وقفت تحملق بي وكانت الشمس قد غربت، سامبو امسح المكان، نرجس هذه لبوه ولأعهد لها امرته كوثر فركض خلف الخرابة وامامها، عاد بعد دقيقه، المكان نظيف قال وهو يضحك!
انا سأقتله قال الاكحل بنبره أقرب لصوت الموت!
غبي، صرخت كوثر، جثه مثل جثته سننال من خلفها مبلغ محترم!
حازم خاطبته كوثر فأنتصب الي جوارها، اخرج العدة، وانتم امسكوه!
دا مربوط يا معلمه هيروح فين!؟ قال سامبو بنبره ساخرة، زوجها الذي لم ينتظر، اخرج حقنة مخدر، بيد مرتعشة قربها من عروقي، لحظه وسوف يكون في خبر كان قال حازم!
في لحظه سللت يدي من بين القيود غير المحكمة ولويت عنق زوجها أمامي وضعت المسدس علي جمجمته وصرخت انزلوا السلاح يا اولاد الكلب!
تراجعت كوثر خطوات حتي التصقت بسامبو والاكحل،
كان زوجها يتلوى من الألم ويصرخ بطلب النجدة
وحازم سألها الاكحل؟
اقتلوه الأول، انه بلا فائدة!
اطلق سامبو طلقه عشوائية اخترقت صدر حازم وكشطت ساعدي، ارتميت أسفل منه علي الارض وصوبت تجاه الاكحل اصبت قدمه، صرخ يا ابن الكلب!
قبل أن اطلق الرصاصة التالية انهمر الرصاص عليهم، اخترقت رصاصه عنق سامبو واخري ظهر كوثر فارتمت أرضا!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
حاول الاكحل ان يعرج علي قدمه ويهرب لكن طلقه اخري من بعيد صرعته أرضا!
توقف الرصاص، بعد دقيقه، وقفت بحذر اترقب لا شيء، كوثر علي الارض تئن، تسب وتلعن!
الرحمة صرخت! ؟
أطلقت رصاصه علي رأسها وهربت انا الأخر!
هاتفت مصطفي، وجعلت اصرخ به طلبت منك أن لا تتدخل لماذا اخترت ان تلطخ يديك بالدم؟
اقسم انه لم يفعل وانه لم يبارح الفيلا لا هو ولا كارما، تأكدت بعد أن كلمتني نرجس، قلت لهم كوثر ماتت، زوجها وكل رجالها قتلهم شخص آخر!
عد الأن ترجتني كارما، قلت الشرطة ستبحث عني، لقد انتهت رحلتي هنا، لدي رحله اخري ربما أعود منها ربما لا الوداع وانهيت المكالمة!
أخرجت المخطوطة التي منحني أياها السيد صبري، هاتفت كيان قلت لها انا جاهز للرحلة سألتني ماذا حدث؟
قلت لها من الأفضل أن لا تعرفي!
حقيبتي جاهزة أين سنلتقي؟
اخر شارع مظهر قرب النفق، انا لا أملك الوقت انسه كيان فلا تتأخري!
كيان فقط لو سمحت صححت كيان وهي تنهي المكالمة!
انتصبت تحت شرفة احد المنازل ادخن لفافات التبغ واراقب الطريق والمارة، الوجوه العادية التي ربما لن تسنح لي الفرصة برؤيتها مره اخري!
من بعيد لمحتها كومضة النسيم ترتدي ستره صوفيه قشدية اللون فوق قميص أحمر لامع اللون، تنوره لبنيه ضيقه وتنتعل حذاء ابيض بكعب عالي وجوربين ارجوانيين، تحمل فوق ظهرها حقيبة ماركة اكتيف ونظاره سوداء ماركة ريال تغطي عينيها!
وصلت، قالت كيان بنبره متعبه وهي تنزع الحقيبة من فوق كتفيها! لم أكن بحاجه للشرح حملت الحقيبة وانا القي عليها نظره مطوله!
كيان نحن لسنا خارجين في نزهه واشرت لحذائها!
تحرص الأنثى علي اناقتها مهما كانت الظروف والوقائع والمصائب!
هذا ما حدث، رفعت كيان يدها بتذمر!
تعالي قلت وانا اجذبها من يدها، دلفنا محل بيع احذيه، ابتعت لها حذاء رياضي تبني اللون وطلبت منها ان تنتعله!
حملت حذائها الاخر بيدي ومنحته لأول فتاه تبيع المناديل وجدتها بطريقنا!
سرنا بسرعه، قلت لها اول مره اذهب لتلك المنطقة، قالت وانا ايضا!
استوقفنا سيارة أجره أخبرت السائق المندهش بوجهتنا وجلسنا بصمت حتي وصل، منحته الأجرة ووقفنا دقيقه نعاين المكان!
لا تبتعدي عني حذرتها، ليس لدي مكان آخر لأقصده مازحتني كيان! مشينا ساعه لم نقابل خلاله بشر حتي وصلنا حدود الغابة المحترقة، قابلتنا وجوه كالحه وضائعه مبعثره هنا وهناك!
كانت المنطقة اشبه ببؤره مشبوهة، أسرعت خطوتي وكانت كيان تحاول اللحاق بي بخطواتها الصغيرة!
سنلحق بهم؟
اتمني ذلك يا كيان، عوني يمتلك المخطوطة الاصلية ويعرف الطريق!
علينا أن نعرج للساحل وضحت كيان!
ليس الآن قلت لها، سنقطع الطريق اسرع من هنا علي أمل أن نلحق بهم.
تستطيعين الركض؟
يعني، لكن ليس لمسافه طويله ردت كيان بنبره مختنقة!
اركضي اذا ، قلت قبل أن امنحها وقت للتفكير!
ركضنا مسافه طويله قبل أن تغرب الشمس وينشر الليل كلمته، أحتاج للراحة يا احمد!
اعلم انك منهكه ومتعبه، لكن علينا السير بالليل أيضا، اذا كان ما افكر به صحيح فإن عوني لن يواصل السير في الليل، لذا سنلحق به بحلول اليوم الثالث!
انت مجنون!
سأبحث عن جوادين!
مخطوطه؟ مدينه قديمة وكل ذلك الهراء تصدقينه لماذا ترفضين تلك الفكرة بالذات! ؟
حاضر، انت القائد تصرف!
كنت انا من رآهم في البداية، كان عندي شكل، كانوا ثلاثة أشخاص وليس شخص واحد، لكن ذلك الطريق بالذات مع كل ذلك العمق لا يقطعه الا أشخاص مثلنا!
قلت هناك يا كيان واشرت بيدي إليهم!
متأكد سألتني؟
قلت لا أعلم، ما ادركه انا علينا التريث ريثما نتأكد انه عوني!
سنتبعهم من بعيد قررت ، حسنا قالت كيان!
سنخيم هنا قلت عندما لاحظت توقفهم!
هذه فكره رائعة وضحت كيان وهي تلقي بنفسها علي الأرض!
وضعت حقيبتها تحت رأسها، أكلت قطعة كيك ونامت وهي تلتهمها!
جعلت اراقبها في نومها وانا ادخن لفافات التبغ حتي نمت انا الاخر!
ايقظتنا الشمس بأسنان اشعتها الحارة.
رحلوا قالت كيان وهي تشير للبقعة التي خيموا بها!
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
فورا حملت الحقيبة وسرت تتبعني كيان، كانت الخطوات تشير تجاه البحر عرضيا فتبعناها، نزلنا بين صخور وعره جرحت ساق كيان نحو الساحل، استوي الطريق امامنا فسرنا بمحاذاة البحر ونحن لا نلمح اي أثر لعوني فالتفت إلى كيان بخوف قائلا
لا بد أن نلحق بعوني ونخبره بالجزء الناقص من المخطوطة قبل أن يبتلعه الظلام للأبد
الجزء الخامس
الرحله نحو مدينة أبناء الساعه
(أبطال الرحله، صبرى حفيد الجد عونى احمد عبد الهادى واخته فريده)
مالت الشمس غربا وتورات خلف التلال الخضراء مخلفه شفقه احمر قاني، سنخيم هنا، قالت فريده، فور بلوغنا بقعة مسطحة غاطسة أسفل قعر التلة!
لماذا سألتها؟
نحن لا نعرف تلك الأرض وليس من المأمون ان نواصل سيرنا ليلا، انا، ورفعت فردت يدها بطريقه ساحرة شريرة، لا أرغب بفقد كلاكما دفعه واحده وأضطر لخوض تلك الرحلة اللعينة وحدي بتلك المدينة غير الموجودة!
لا تعتقدين فعلا بوجود تلك المدينة؟
ما اعتقده او لا اعتقده ليس له معني يا عوني فأنا افضل التمرغ بوحل الحقيقة علي ان اعيش وهم زائف!
أشعلنا النار بالحطب والتففنا حولها، أخرجت فريدة بعض المعلبات لتناولها وزعتها علينا!
ما أثار حيرتي صمت احمد عبد الهادي وشروده حتي انتابني شك انه قبل تلك الرحلة فقط للتخلص من ثرثرة اخته فريدة!
هل يمكنني أن اري المخطوطة؟ سألتني فريدة
لكن الجو ظلام اعترضت، لن تستطيعي قراءة اي كلمه، بالغد، واردفت بنبرة وغديه ربما اسمح لك بلمسها!
وضعت حقيبتي تحت رأسي ببقعة بعيدة عن أحمد عبد الهادي وفريدة و حاولت النوم، رغم بعدي بمسافة كافية إلا أن صوت فريده كان يخنقني!
لم أكد يغمض لي جفن حتي سمعت صوت خطوات تقترب مني، كنت راقد علي جانبي الأيمن في مواجهة البحر، دون أن التفت قلت!
احمد عبد الهادي؟
كنت أدرك انك لن تقدر علي النوم بجوار تلك الرعناء، الوغدة، الثرثارة، ارجو ان تغفر لي وقاحتي لكنها لا تطاق يا اخي!
اردفت وانا اعدل جسدي، ارقد هنا بجوار! لم أتم كلمتي، أحمد عبد الهادي لا يمتلك ذلك الشعر المسدل، العيون الواسعة الخضر وذلك القوام النادي!
رغم حماقتها إلا أن فريده كانت جميله بصورة ما!
أكمل لن أقضمك، احب ان اسمع رأي الذكور بي!
لماذا ان شاء الله قلت بنبرة مستنفره؟
حتي يتضح لي قدر الحرائق التي أحدثها بصدورهم!
سحقا لقد افسدت كل شيء قلت في نفسي، كنت أشعر بالخزي وارغب في القيام بأي شيء للتكفير عن ما رشقتها به من لعنات!
جلست بجواري، وكان موج البحر يداعب الشاطئ الرملي ويقبل قدميها البيض، السماء صافيه ولا أثر لغيمه واحده فيها!
حدقت فريده بالنجوم ونسمه فجائية تراقص شلال الشعر الأسود المنسدل على كتفيها!
أتعلم! قالت فريده بعد طول صمت، انا أمجد الوحدة واقدس العزلة يا عوني، رغم الظلام الا انني وجدتني ارمقها بنظرة اندهاش لا تخلو من سخريه!
تقدسين العزلة؟
يا فريده انت لم تتوقفي عن الكلام لحظه واحده منذ بدأنا تلك الرحلة!
تنهدت فريده بعمق مفسحة المجال للحظه من الصمت ان تفصل بيننا!
منذ وفاة والدتي وانا لا أتحدث لأحد مطلقا، احمد اخي يغادر المنزل لأوقات طويله حيث يسمح له وضعه كشاب ان يتسكع مع شبان مثلك، اما انا فقد حكم علي العيش بين أربعة جدران، اتخبط بين اطلال الذكريات الحزينة :
منذ ثلاثة أعوام يا عوني وحياتي تمضي بين المنزل والجامعة والمطبخ، صدقني انا لا اعلم اني ثرثارة ،رعناء، وقحه كما تعتقد، كل ما اعرفه ان تلك الرحلة سمحت لشيء ما بداخلي ان يتحرك، شيء؟ انطلق مع صوت أمواج البحر وتحليق النوارس والفضاء الأزرق اللامتناهي.
هل تعتقد انني لا استحق ذلك؟
غمرتني التعاسة واشفت عليها حتي كدت ان ابكي، كنت علي وشك مواساتها.
ليله سعيدة، قالتها فريده وهي تخطو مبتعدة.
منذ تلك اللحظة قررت أن لا أشاكس فريدة ولا احبطها، الأن بدا لي جليا، لماذا لاذ احمد عبد الهادي كل تلك المدة، انه يشعر بأخته، ما يؤلمها، ما ينغص عليها وكيف انطلقت فجأة
لكزتني فريده في كتفي وكانت الشمس لازالت نائمه، استيقظ يا عوني اذا كانت لديك نية للوصول لمدينتك خلال مدة العشرة ايام التي حددتها!
نهضت بمكاني أرمق احمد عبد الهادي الذي يفرك عينيه بامتعاض، تناولت قطعة بسكوت التهمت نصفها والقيت بالجزء المتبقي لفريده ، بادرة حسن نيه، تلقفتها فريده ولوحت لي، شكرا!
عندما تبتسم فريدة هناك شيء غريب يحدث بوجهها، انها لا تبتسم من خلال شفتيها فقط، عيونها تبتسم، خدودها تبتسم، جسدها يبتسم!
حملت حقيبتي وسرت خلف احمد عبد الهادي وتولت فريدة الطليعة، لماذا انت شارد يا صديقي؟ مذ الامس وانت لا تعجبني!؟
حدق بي احمد بعينين تائهتين وأشار لفريده التي تتقافز فوق بعض الصخور ببنطالها الأزرق الضيق!
فريدة يا عوني!
لم يطاوعني قلبي لتركها بالمنزل وعندما بدأت رحلتنا شعرت بقدر الحماقة التي ارتكبتها في حقها! انا وانت يا عوني رجلين، اما هي فتاة ، ماذا سيحدث اذا صادفتنا متاعب؟ اشكاليات، كان أحمد عبد الهادي يتحدث بنبره صادقه منكسرة.
لن يحدث لها أي مكروه يا احمد!
توقف احمد عبد الهادي بمكانه وامسك بيدي بين كفيه، عاهدني يا عوني اذا أصابني مكروه ان تعتني بها ولا تسمح لأذي ان يصيبها!
اعاهدك يا صديقي، اعاهدك ، لكن لا تقلق لن يحدث اي مكروه ان شاء الله، كانت فريدة لاحظت تخلفنا عنها فتوقفت، تحتاجون لاستراحة سألتنا؟
شكرا يا قائدة، اجبت وانا الوح لها.
مضت الشمس فوقنا ورحلت، كان علينا أن نبحث عن مكان ملائم لنقضي به ليلتنا، واصلنا السير بالظلام حتي وجدنا بقعه صلده تسمح لنا بالنوم، التقت أجسادنا بالأرض ورحت في نوم عميق غير مبالي بتمتمات فريده ولا ردود احمد عبد الهادي المقتضبة عليها!
كان الليل انتصف عندما شعرت بشيء يحتك بقدمي، يتباعد ثم يقترب مره اخري ليصطدم بها، حاولت أن اتمالك نفسي، كنت ميت من النوم ، ولا رغبه لدي لفتح عيني!
لكن ذلك الشيء واصل احتكاكه بقدمي وغمرت المياه قدمي، انتصبت بمكاني بفزع!
كيف تدحرجت كل تلك المسافة حتي وصلت حدود الماء؟ قدمي مبتلة تماما، هناك بالظلام قرب مكاني لمحت جثه طافيه تتقازفها الأمواج قرب الشاطيء.
لم اتمالك نفسي ، صرخت وانا اهرول تجاه فريده واحمد عبد الهادي، استيقظوا، استيقظوا هناك جثه علي الشاطيء!
الا تملك عقل؟ زعقت فريده، يا عوني ايقظ صراخك حوريات البحر، رغم الصدمة كانت فريده هادئة ورزينة!
جذب احمد عبد الهادي الجثة من ذراعها، انقلع في يده، القي بالذراع بلا مبلاه علي الرمل وهو يتمتم بسباب.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
قالت فريده علينا أن نحمل الجثة!
شمرنا أقدام بناطلينا وغصنا في الماء حتي وصلنا، حملنا الجثة بين ايدينا نحو بقعه بعيدة عن الماء ، انزلناها علي الارض باحترام وانا أضع يدي علي انفي من رائحة العفونة، من أين أنت تلك الجثة سألت دون أن أوجه كلامي لأحد، مما لا شك فيه، سفينه غارقه وحملت الأمواج تلك الجثة تجاه الشاطيء.
يجب أن ندفنه، قالت، فريده.
الأن اجبت باستنكار؟
إكرام الميت دفنه يا عوني، بقايا ذلك الشاب تستحق دفن لائق يليق بتلك النهاية المأساوية!
لكن ،لا نمتلك فأس، معول؟
يمكننا أن نحفر بأيدينا خلال الرمال المبتلة وضحت فريده وهي تزأر!
قلت، لكن المياه ستتلفها؟
بكل حال وطبقا للظروف المعتادة حتي لو حفرنا القبر بين الصخور الوعرة فإن الدود سيلتهم الجثة، شرح احمد عبد الهادي بحكمه.
شرعنا نحفر القبر بأظافرنا وشفرات الحجارة، وضعنا الجثة وكلنا عليها التراب، بعدها لم تكن لدينا رغبه بالنوم، اشعلنا الحطب وجلسنا حول النار صامتين!
بالصباح عندما ارتفعت الشمس رأينا بقايا حطام السفينة، الأخشاب التي وصلت الشاطيء، بعض الملابس وساري السفينة المربوط به علم احمر!
كيف تحطمت برأيكم سألت!؟
اصطدمت بحاجز بحري، الصخور المتوارية أسفل مياه البحر، أبناء الشيطان ردة فريده!
أبناء الشيطان ؟ استفهمت!
البحارة يطلقون علي تلك الصخور التي لا يستطيعون رؤيتها وتخرق سفنهم أبناء الشيطان يا عوني قرأت ذلك في عمال البحر لهوجو!
حملنا امتعتنا والقلق بادي علي ملامح احمد عبد الهادي، ذلك اليوم سرت انا بالمقدمة ، كان الشك واللوم قد ضرب عقلي، انا من تسبب في كل ذلك، كان يمكنني أن أخوض مغامرتي بمفردي دون أن اورط فريده واحمد عبد الهادي معي.
بعد مسيرة نصف يوم اتضح ان الاستمرار بمسارنا الحالي حدود شاطيء البحر مستحيل، تكاثرت الصخور وتكالبت لتسد طريقنا وتحتضن البحر، الامواج ترتطم بها بلا هوادة ورزازها يحلق عاليا ليصفع وجوهنا.
علينا أن نغير طريقنا قلت!
لكن المخطوطة لم تذكر ذلك يا عوني؟
من قال ان الكتب تذكر كل شيء؟ تمنحنا رؤس الفكر وعلينا أن نكمل الباقي، بهدوئها المعتاد رمتني فريده بنظرة إعجاب استقرت بصدري، سنلتف حول التلة ونسير بمحاذاة البحر بحيث تفصل بيننا الصخور وعندما نجد بقعه ممهده نعود لطريقنا مره اخري!
قطعنا درب ممهد طرقته الأقدام قبلنا اصطدمنا بالصحراء الجرداء، بيداء لا اول لها ولا اخر، نسير بمحاذاة التلال ولن نضل طريقنا قلت ذلك وانا اتقدمهم، لكن حتي بعد مضي ثلاثة أيام متواصلة من السير بالنهار والتخييم بالليل لم نجد ارض سهله تصلنا بالساحل!
اليوم السادس عندما انطلقنا كان كل منا يفكر كما تقول المخطوطة، تبقي يوم واحد حتي نصل الميناء حيث تنقلنا سفينه لتلك المدينة الغامضة، مدينة أبناء الساعة.
لكن كما هو واضح ان التلال تزداد ارتفاع كلما تقدمنا بالسير ولا اي شخص عاقل يتصور انه من الممكن أن يتسلق تلك الصخور الوعرة المسننة.
انها محاوله فاشله ستؤدي للموت دون شك.
كان اليوم السادس اوشك علي نهايته عندما لاحظنا ضباب خفيف يسبح حولنا وكلما تقدمنا كان الضباب يزداد كثافه لكن لا يحجب الرؤية.
انه ضباب البحر يا احمد لا تقلق!
ولماذا لم يظهر ذلك الضباب إلا الأن فقط سألت فريده؟
ليخفف عنا لسعات الشمس قلت بنبره مبتسمه.
انا متشائم قال أحمد عبد الهادي وهو يحك حاجبه وكانت اول كلماته منذ مده طويله!
قلت بنبره وديه، منذ متي وانت غير متشائم يا احمد؟ انه مجرد ضباب لن يلبس ان يزول فور شروق الشمس، اقسم بحلول الغد سيتبدد الضباب وتلسع الشمس مؤخرتك السخينة ويتعرق ابطك وتصبح رائحتك كريهة لا تطاق!
بدرت ابتسامه قلقه من أحمد عبد الهادي بينما لاذت فريده بالصمت، ليس من عادة فريده ان تصمت؟
صمتها، شرودها ينبأني بمصيبه وشيكه لكن شكوكي سرعان ما تبخرت مثل بخار مياه الصيف!
ألم يلحظ احدكم اي شيء غريب؟ سألت فريده.
هناك واشارت بيدها للضباب!؟
حدقت انا واحمد خلال الضباب بنظرات ملئها رعب وتوجس، كان الظلام محدث ولم نري اي شيء.
أنا لا اري اي شيء زعق احمد عبد الهادي وهو يرفع كتفيه بغضب ولا انا وضربت ساقي بيدي!
ماذا رايتي؟ سأل احمد عبد الهادي اخته بنبره جاده لكن مرتعشة!
لا شيء، هيئ لي اني رأيت ما يشبه علامه واشارة طريق، علي كل حال سنخيم هنا الليلة وعندما يحل الصباح سنستكشف تلك العلامة!
تناولنا طعامنا ورقدنا بجوار الحطب الذي يطقطق ويخرج من اطرافه عصارة رماديه.
غفونا جوار النار، قبل الفجر غمرنا الضباب والصقيع واختفينا خلاله.
استيقظت وأطرافي متجمدة من البرد ورغم قرب المسافة الا انني استطعت رؤية فريده واحمد عبد الهادي بالكاد!
زحفت نحوهم برعب، لكزت احمد في كتفه، افيق، استيقظ نحن في ورطه.
بغبش وهو يفرك عينيه نهض احمد عبد الهادي، مسح الارجاء بعينه قبل أن تتلاقي عيوننا مره اخري، ارجوك أخبرني ان تلك المخطوطة حقيقيه وليسا من اختراع عقلك اللعين؟ خاطبني احمد عبد الهادي بنبره متوسله!
اقسم لك يا صديقي اني اخبرتك الحقيقة كامله، كل حرف، كل كلمه، فكر احمد عبد الهادي وهو يحك ذقنه بإبهامه! لماذا لم يأخذ عمك المخطوطة معه، كيف عرف الطريق وحده؟
ذلك امر سهل يا اخي ربما نسخها اجبت بتوتر!
ما الذي يحدث هنا زعقت فريده وهي ترتعش، كانت اول مره المح الخوف في عينيها!
كنت ظننت ان تلك الفتاه صخره لكن لكل فتاه قدره علي التحمل تعادل كرهها للرجال!
كما ترين يا عزيزتي، نحن غارقون في الضباب وضرب احمد عبد الهادي رأسه!
متي حدث ذلك؟
ونحن نيام طبعا!
قبل أن تفكر او تسأل قلت، المخطوطة اللعينة لم تذكر اي شيء حول ذلك!
ربما علينا العودة بادرنا احمد عبد الهادي فجأة وكأنه امر مقرر.
لماذا تكبدنا كل تلك المشقة يا اخي؟
عوني؟ اختك ليست هي الحاضرة معنا توشك ان تفقدها، من فضلك الزم الصمت ودعنا نناقش تلك المسئلة العائلية بيننا!
لم تعجبني نبرة احمد عبد الهادي فأنا لم أجبره علي تلك الرحلة ثم ان روعي وقلقي علي فريده لا يقل عنه.
انا اعتبرها مثل اختي.
سنظل هنا لمدة يوم آخر، ربما حينها ينقشع ذلك الضباب ابن الزانية وتتضح الرؤية!!
لم اعلق علي كلام أحمد عبد الهادي كنت احمل بصدري غضب لا متناهي من طريقة كلامه الهجومية!
حتي لا نضيع من بعضنا وقد اقشعرت ابداننا من البرد جلسنا متجاورين والشك يجلس معنا، يسير، يلف ويدور.
عوني؟
نعم!
ارجوك لا تغضب من أحمد! انه لم يقصد ذلك، ارتفع الادرينالين فجأة في ذهنه واندفعت الكلمات دون تفكير!
ثم اسرت لي بأذني!
انا لا اشك انه تبول ببنطاله اردفت بنبره ممازحة، بدرت مني ابتسامه مغتصبه ولذت بالصمت.
اظلمت الدنيا واصبحت الرؤية مغبشة، عسس ليل ، أشباح ، أطياف!
وضعت الحقيبة أسفل رأسي وغططت في النوم.
سمعت شخير احمد عبد الهادي يشبه نقنقة الضفادع وكانت فريده راقده الي جواره ملتصقه به، سحبت ورقه وقلم، حاولت أن اتخيل انني اكتب وانا مغمض العينين، كتبت الرسالة مثلما تمكن لي، دسستها بجيب احمد عبد الهادي، حملت حقيبتي فوق ظهري ورحلت!
التصقت بصخور التلة حتي لا أتيه وتقدمت للأمام وانا اتعثر كل فتره.
من حقه ان يخشي علي اخته من الخطر، لو كنت مكانه لفعلت ذلك، الان يمكنه العودة، مسيرة نصف يوم بطريق الرجوع، تعود الرؤية ويعودون للمدينة مره اخري.
سرت ملتصق بالصخور وكل ما أرغب به أن ابتعد ميلين علي الأقل حتي لا أسمع ندائهم ويغمرني الحنين، انها رحلتي منذ البداية وانا وحدي فقط من عليه أن يتحمل تبعاتها كيفما كانت!
بعد مسيره لا بأس بها جلست انتظر ان تشرق الشمس وتبدد تلك الظلمة،
اتكأت علي صخرة وغفوت ولم أشعر الا وقدم تلكزني، أفق يا وغد!
وغد ؟ انا اعرف هذا الصوت، فريده؟
ومن سواها سيهب لنجدتك؟
اسمعي يا فريده ليس لدي مزاج للمزاح، ثم اين احمد؟
تركته هناك حيث كنا نخيم!
ماذا!؟
تركته هكذا؟
بدرت منها قهقه رتيبة، احمد خلفي يحاول اللحاق بي، هل ظننت حقا انني من الامكان ان اكمل الرحلة مع شخص احمق لا يطاق مثلك بمفردنا؟
لحظات وسمعت سعال احمد عبد الهادي!
لماذا لم ترحلوا كما طلبت منكم بالرسالة؟
خطك سيء ولم نتمكن من قراءته بالظلام أجابت فريدة سحقا، يهيئ لي أن فريده، تلك الفتاه، لا تفوت فرصه الا وتنتهزها للتنكيد علي.
لم أكن أعلم أن لديك قدميين حديدين وقلب أسد، كيف تتركنا هكذا يا عوني؟ السنا اصدقاء؟
صداقتنا هي التي دفعتني لذلك يا احمد صدقني، لن نبدأ التعارف الان صرخت فريدة بنبره حماسيه، أمامنا طريق ونحتاج لخطه!
قلت بخجل كنت افكر ان نسير بمحاذاة الصخور حتي نصل للميناء او نسمع حتي صوت بشري يدلنا علي الطريق.
ذلك الضباب لم ينبلج من العدم، حدثي يؤنبني ان قصتنا بدأت للتو!
ماذا تقصدي يا فريده؟
لا وجود للميناء ولا السفن ولا جزيره، اذا كان هناك وجود لمدينه فأنها تقبع هناك خلف الضباب.
تناولنا طعامنا بمكاننا ورغم ان الشمس أشرقت الا ان ما كنا نأمله اصبح سراب!
تبدد جزء من الضباب لكنه كاف فقط لرؤية بعضنا وخطوتين أمامنا، يجب أن نتحرك، قالت فريده!
حملنا حقائبنا وسرنا بخط واحد للأمام، الضباب يزداد كثافه ولا وجود لأي علامه تذكر، مضي اليوم الأول ونحن نسير ونتعثر وعندما اهلكنا السير نمنا بمكاننا متجاورين!
في الصباح ابتكرت فريده حيله جديده تمكنا من السير خلال الليل، ربطنا حبل يصلنا ببعضنا وهكذا لا نخشي ان يضيع أحدنا ، بغض النظر عن ما فكرنا به فإنه لم يعد مهم، بحلول منتصف اليوم التالي ارعبتنا العظام البشرية التي تعثرنا بها، جثث متعفنة أيضا!
الجثث التي قابلتنا كانت ملقيه وجوها عكس طريقنا وهذا يعني شيء واحد، اولائك الأشخاص كانوا فارين من تلك المدينة وليس نحوها.
بيني وبين نفسي لعنة العم شكري والمخطوطة وتلك المدينة المسماة مدينة الساعة، خلال ما تبقي من اليوم لم انطق ولا كلمه واحده، الضباب يزداد كثافه ومعه راحت الجثث تتكاثر.
مصيبه قالت فريده ، لو كنا بحرب حقيقيه لم تعثرنا بكل تلك الجثث، هل تقودنا لمدينة أشباح يا عوني؟
لا أعلم قلت بفتور.
بعد ان اهلكنا السير اضطررنا للنوم وكانت تلك الليلة هي الأصعب، كان علينا أن ننام بين الهياكل العظمية والجثث المتعفنة.
التصقنا ببعضنا، رقد احمد الهادي بالمنتصف بيني وبين فريده، راحت الرياح تزمجر وازداد الظلام ومع كل حركه انقلعت قلوبنا من الرعب.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
لن اتحمل أكثر من ذلك قالت فريده انا مرتعبة، سأنام في المنتصف، زحزح احمد عبد الهادي جسده ، رقدت فريده بيننا، اوليتها ظهري وكانت لدي رغبه بالتحرك من مكاني لكنني كنت مرتعب فلزمت مكاني!
راحت الرياح تقذف بالأشياء، تحركها وتصدر صرير مؤذي للنفس وغمرتنا الرمال.
التصقنا ببعضنا رغما عنا لنشعر بالأمان ودون ان ادري اخذني النوم!
عندما افقت بالصباح كنت مغمور بالرمال، بحثت عن حقيبتي ولم أجدها، كل حقائبنا طوحتها الرياح العاتية.
نفضنا الرمال عن وجوهنا كان الأمر يبدو كأننا خرجنا من مقبره للتو، شعرنا بالعطش بعد أن فقدنا المياه، انها المتلازمة السافلة لا تشعر بقيمة الشيء الا اذا فقدته!
اذا كنا لا نرغب ان نتعفن هنا وسط الصحراء علينا الوصول لتلك المدينة بأقرب وقت قالت فريده وهي تنفض شعرها الذي تحول للون الرمادي.
حتي قبل أن تلقي فريدة بوجهنا تلك الحقيقة العارية كنت انا واحمد ندرك ذلك.
انطلقنا بخط واحد ونحن ندعو الله أن نري اي معالم بشريه، مضي نصف يوم ولم نقابل الا الهياكل والجثث والضباب اللعين.
طفل، طفل ، صرخت فريده، سمعت صرختها وكنت بالخط الخلفي فركضت للأمام!
لا، قالت ، اقصد جثة طفل متعفنة اردفت وهي تكاد تبكي.
انها رساله باقتراب موتنا، قلت، اصمت يا عوني!!
هل ندفنه ؟
فريده نحن نوشك علي الموت عطشا يجب أن نصل للمدينة؟
لكن قلبي لا يطاوعني علي تركه هكذا!
أعدك يا عزيزتي اذا نجونا من تلك الورطة ان نعود مره اخري وندفنه، أليس كذلك يا عوني؟
أجل، أجل يا احمد، ثم همس احمد عبد الهادي بأذني، النساء قليلات عقل ستقتنع الان!
واصلنا سيرنا وقبل حلول الظلام لاحظنا ان كثافة الضباب بدأت تخبو، رغم العطش والجوع تشجعنا!
ربما ميل اخر ونصل قال أحمد عبد الهادي، لكن الميل تبعه ميل وميلين! ما أكثر حلم الإنسان واستباقه النتائج!
قبل منتصف الليل ولأول مره لمحنا نور من بعيد!
صرخت هناك انظروا، بتلك اللحظة فريده فقدت وعيها، سأحملها قال أحمد عبد الهادي بوجه ميت، بعد أن حملها أصبح سيرنا أبطئ والعطش لم يرحمنا، قبل أن نتخطى الحاجز بأمتار سقط احمد عبد الهادي هو الاخر.
لن اتركهم يتعفنون هنا ، بكل ما تبقي لدي من قوه ركضت واجتزت الحاجز، وجدت نفسي فوق تله ودرب ترابي يصل بسهل شاسع، اضاءة خافته تنبعث من بعيد.
نزلت الدرب وركضت بين شجيرات قصيره كثيفه واحراش نحو الإضاءة!
وصلت بعد نصف ساعه تقريبا، كنت اتوقع ان اجد منازل، مستشفيات، مدارس، دكاكين ، لكن كل ما وجدته اكواخ من البوص والحشائش والحجارة.
طرقت اول كوخ وجدته وافزعت العجوز العاري الراقد بداخله والذي هب مذعور كأن حيه لسعته وهو يصرخ الشرطة؟
لست شرطي قلت، أرغب بشربة ماء؟
لا يوجد ماء عندي، رد وهو يرفع غطائه فوقه مره اخري، رغم ذلك دلفت داخل الكوخ ابحث عن ماء، تركني الرجل ابحث واستغرق في النوم، لم أجد ماء ولا طعام.
قتلتني الدهشة، كيف لا يوجد طعام ولا ماء؟ من فضلك؟ ارجوك، أحتاج بعض الماء، رفقائي يموتون!
أين أجد الماء صرخت، بالحانة رد قبل أن يغط في النوم!
كان عقلي يرفض كل ذلك لقد اقتحمت منزل شخص للتو مثل لص عصابه مع ذلك لم يصرخ ولم يطلب النجدة!
دلفت لداخل كوخ اخر وقالت لي امرأه نصف عاريه ترضع طفل لا يوجد ماء هنا!
ركضت وانا الهث بين الاكواخ النائمة والمتفرقة حتي سمعت صوت صادر من داخل كوخ يقبع في زاوية متطرفة!
طرقت الباب، ادخل سمعت الصوت!
كان هناك خمسة أطفال راقدين علي الأرض يغطون في النوم، سيده بدينه راح جسدها يتأرجح وان أحدث زوجها، اريد شربة ماء من فضلك؟
انظر لحالنا، قال بتذمر، هل مظهرنا يوحي لك اننا ساده مرفهين؟
هل تفهمني؟ سألته، انا اطلب ماء لا نقود!
نقود ماذا تعني تلك الكلمة؟
يعني انا لست لص خزائن لعين انا أرغب بشربة ماء اكاد اهلك من العطش!
خزائن؟ نقود؟
انت غريب؟
نعم حضرت من بين الضباب للتو!
ضباب، ضباب ، رددت زوجته خلفه، واستيقظ الأطفال فزعين. يصرخون برعب.
أرحل من هنا قبل أن تحضر الشرطة!
انه ماء، فقط ماء! ليس مخدرات او هروين؟
أرحل من هنا صرخ الرجل بوجهي انت مجنون!
هرولت بين الاكواخ وانا أكاد اهلك وهناك لمحتها من بعيد تشبه طيف ملائكي حط علي الارض، نحوها توجهت وكانت عائده لكوخها، من فضلك، من فضلك اريد مساعدتك، توقفت ركنت للصمت برهه، باعدت بين ذراعيها كتعبير عن العجز.
يجب أن تدفع نظير الماء.
لقد فقدنا حقائبنا بالصحراء ولا نملك فلس واحد.
انت غريب؟
اجل غريب اجبت.
يمكنك أن تأخذ ما تشاء من الماء نظير جزء من عمرك.
شبكت اصابعي المتشنجة بانفعال! ستقتلونني نظير شربة ماء؟
انفجرت كلماتها مثيره للفضول غير متوقعه يشوبها الصدق، لن نقتلك، ستبتاع الماء بدقائق من عمرك!
انا لا امانع يجب أن انقذ أصدقائي قبل أن يموتوا بالضباب.
الضباب ردت بتلعثم، لا تذكر تلك الكلمة مرة اخرى هل تفهم؟
افهم، افهم، لكن اريد ماء.
سحبت كوز ماء قادتني خلفها نحو كوخ منعزل، مدت الكوز للرجل الخمسيني الجالس علي الارض، املائه ماء.
دفعت الثمن من عمري ردت.
الثمن، عمري، هل انا بحلم لعين؟
وماذا كنت تنتظر؟ ألم تكن تعلم كل ذلك قبل وصولك هنا!؟
قرأت عنه فقط لكن ما اشاهده بعيني ضرب من الخيال.
يجب أن أرحل، انا اشكرك، أعدك ان ازورك مره اخري لتسديد ديني.
أين أجدك؟ خاطبتها وانا اركض، وهل لدي مكان غير هذا!؟
تناولت شربة ماء وانا اقطع طريق العودة ركضا، رغم انني اعلم اين تركتهم الا اني احتجت بعض الوقت للعثور عليهم فكل الأماكن داخل الضباب متشابه.
فتحت فم فريدة وبللته بالماء وانا ارفع رأسها بيدي، استقبلت شفتيها الجافة كأرض بور قطرات الماء فروتها وشعرت بحركتها، راحت يدها ترتعش قبل أن تفتح عينيها، منحتها شربة ماء اخري وتركتها، قصدت احمد
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
 أحمد عبد الهادي، بللت شفتيه المتشققة بالماء، ثم منحته شربة صغيرة، كانت فريده استعادت وعيها وطلبت مزيد من الماء.
تنقلت بين فريده واخيها حتي استعادوا وعيهم، ركنت للصمت دقيقه وانا اتابع تفتح الحياه بداخلهم!
لوحت بيدي وقلت مرحبا، لو اخبرتكم كيف أحضرت الماء لأتهتموني بالجنون!
لم يبدي اي منهم ادني اهتمام بي، كنت كحثالة يتسلى بإلقاء احجار صغيره فوق مياه البحر.
وصلنا مدينة أبناء الساعة قلت لأخرجهم من صمتهم، خيم الصمت واستمر زهاء دقيقه! فتحت فريده فمها كتعبير عن عدم الفهم وهي تمسح المكان بعينها، هناك واشرت أسفل التلة، لكن فريده كانت بحاله لا تسمح لها برؤية اي شخص غيري، كان أحمد عبد الهادي قد نهض بمكانه وانتصبت اذناه كفأر وكلها شوق لسماع اخبار مفرحة
هيا بنا الحاجز ينتهي بعد عشرة أمتار ثم يوجد درب ترابي يهبط لوادي شاسع، مائتي متر ونصل أطراف مدينة أبناء الساعة.
كيف وجدتها سألتني فريده؟
جميله، اجبت وكل ما بعقلي تلك الفتاه اليافعة التي التقيتها، اقصد كل ما وجدته مجموعة اكواخ قديمة تضاء بالكيروسين، شبك احمد عبد الهادي اصابعه المتشنجة بهدوء قبل أن يقول!
تريد أن تخبرني ان مدينة أبناء الساعة هي مجموعة اكواخ قذره، متعفنة؟
لا أدري اجبته وانا اقضم اظافري!
لكن كيف عرفت انها مدينة أبناء الساعة؟
لأن الفتاه التي التقيتها ابتاعت لكم الماء بدقائق من عمرها!
فتاه؟ رائع!
رن الصوتين بأذني دفعه واحده كصرير جرس مدرسه عشوائية!
قلت وانا اخاطب فريده، اجل فتاه!
طالما العملة هناك الوقت فنحن بالمكان الصحيح يا عوني قال أحمد عبد الهادي بنبره منشرحة!
قالت فريده وهي تحك رأسها نحن بالمكان الصحيح لكن مدينة أبناء الساعة بعيدة عن هنا، المكان الذي وصل اليه عوني يشبه ضواحي المدن بعالمنا الذي قدمنا منه ثم اردفت بثقة، عندما تشرق الشمس سنرى أسوارها.
ارتاء لي انهما استعادا وعيهم، هل نذهب سألتهم؟
ردت فريده بنبره لم افلح في الإحاطة بها، ليس الأن بالغد، انا منهكه جدا ولن استطيع ان ابارح مكاني!
القرية علي بعد عشرة أمتار زعقت باستنكار، وضع احمد عبد الهادي يده علي كتفي وضغط عليه بإشارة ان لا اجادلها.
اوليتهم ظهري والقيت بنفسي علي الرمال.
دون أن ينصب طوله زحف احمد عبد الهادي بجوار فريده، تركتهم يتهامسون وكان الضيق قد تملكني ثم سرحت بتقسيم تلك الفتاه البضة، انها بنفس عمري تقريبا او تصغرني بعام، عيونها لوزيه، شفتيها ملتفه للخارج، يميل جسدها للنحافة، لديها شامه اعلى شفتها العلوية من الناحية اليمني، وجهها برونزي اللون، لها شعر طويل تعدي الخصر وكلماتها تخرج من فمها مستويه مثل الفاكهة الطازجة، أرادت تنوره زرقاء لامعه ضيقة وقصيرة، قميص احمر قصير الكمين، تهت بداخل الحلم وتقابلت جفوني.
اذا كان للنوم مزية واحدة فأنه يأتي حين لا نطلبه.
لم ادري بنفسي الا شقشقة عصافير الصباح وصوت سباب فتي احمق لأخته.
رأيت شعاع الشمس خارج الحاجز الضبابي، ركلة احمد عبد الهادي في خصيتيه بعنف، استيقظ أشرقت الشمس
من تلقاء نفسها استيقظت فريدة علي صراخ احمد أخيها وبدأ وجهها كبائعة ورد عندما رأت أشعة الشمس.
قطعنا تلك العشرة أمتار قبل أن نتوقف خارج الحاجز الضبابي، لوحت فريدة بيدها كزعيمة فريق كشافة وهي تقول هناك، كالمغناطيس تحركت عيوننا تلقائيا تجاه يدها، كانت أسوار عملاقه مرتفعة وممتدة الي ما لا نهاية، تلك هي مدينتنا وضحت فريدة.
كانت تبعد ميلين ونصف تقريبا عن تلك القرية، مسيرة نصف ساعه سيرا علي الأقدام.
تلك الاكواخ هي جيوب المدينة الخارجي، كنت قد مللت توضيحاتها الغير منتهية، لذلك نزلت الدرب الترابي لأسفل ولم اتوقف الا بالوادي الشاسع، لوحت لهم وصرخت هيا انطلقوا، تدافعوا خلف بعضهم نحوي.
غرباء، غرباء صرخ طفل يلعب علي العشب وابتسم لنا.
خلال سيرنا خلال الوادي سمعنا كثيرا كلمة غرباء.
كيف يعلم اولائك الاوغاد اننا غرباء؟ حدقت فريده طويلا بملابسي ولازت بالصمت.
لم اتلقى رد وسررت بذلك، دلفنا بين الأكواخ وسرت همهمة ما لبثت ان اختفت، كنت أحاول تذكر مكان كوخ الفتاه عندما سمعت، ترغبون بطعام؟
سألني رجل وهو يجذب كم قميصي، سمعت فريدة الكلمة وارخت عنقها نحوي . نعم نرغب أجبته.
طلب منا ان نتبعه فدلفنا خلفه كوخ كبير، أشار الي مصطبة من الطين وهو يقول اجلسوا من فضلكم.
لفت انتباهي فتاه صغيره لم تبلغ التاسعة من عمرها تئن وهي تتلوى علي حصير من القش، الي جوابها ثلاثة أطفال يلعبون باستمتاع ويلطخون وجوه بعضهم بالوحل.
طعام فقط؟ ام طعام وماء؟
ماذا تقصد هنا بالضبط سأل احمد عبد الهادي بنبرة قتالية، دون أن ارفع عيني عن الفتاه الصغيرة التي تصرخ من الوجع أشرت بيدي لأحمد ان يصمت، قلت كلاهما من فضلك
نحن لا نملك نقود؟ اندهشت فريده
قلت لكم العملة هنا الوقت وحدقت لفريده ان تصمت، كنت مسرور بدوري القيادي ومنبهر بكيفية ادائي.
ساعه واحدة من عمرك حدد الرجل!
وكيف امنحها لك ان شاء الله سأل احمد عبد الهادي بنبره أقرب السخرية.
وافق فقط وتحدث الصفقة أجاب الرجل بخبس! قال أحمد وافقت ياعم ، بعدها اهتز رأسه لحظه ورمشت جفونه وعاد لطبيعته.
تفضلوا الماء والطعام بادرنا الرجل وهو يمد تجاهنا صنيه نحاسيه.
مدت فريده يدها وكان قد سبقها احمد عبد الهادي وضعت انا قطعة خبز بفمي وانا اسأله
مما تعاني تلك الفتاه؟
قال الرجل ليست ابنتي، لقد كسبتها!
صعقتني كلماته، كيف تقول كسبتها؟ هي نحلة كيس شيبسي؟
تنهد الرجل بعمق، قال، كان لي دين عند والدها ولم يستطع الايفاء به فمنحني عمرها.
ماذا فعلت بها ؟ سألت فريده وقد فقدت شهيتها للطعام؟ أخذته طبعا، لديها ساعات معدودة وتموت.
لمح الرجل الشفقة واللهفة في عيوني فسألني هل تريد انقاذها؟
قلت نعم وأومأت برأسي عدة مرات.
ادفع الدين اذا قال وهو يحدق بعيني مباشرتا
كم سألته؟
عام كامل من عمرك بعدها ستجري وتركض مثل أي طفل أخر
نقلت نظراتي بين الرجل والطفلة قبل أن ارد، سوف ادفع!
بدرت ضحكه من الرجل ومعه اهتزت رأسي مثل عطسه فجائية ورمشت عيوني، تمت الصفقة أجاب وهو يبتسم.
سرت تجاه الطفلة التي استطاعت الوقوف واستعادة حيويتها، شابكت يدها بيدي وقالت شكرا لك، كنت علي وشك الموت، قدتها نحو المصطبة لنجلس ونتناول الطعام!
فور رؤيتي هبت فريده مذعورة وقفزت فوق المصطبة وتراقص احمد عبد الهادي مرتعبا!
انت عوني؟ سألني احمد عبد الهادي!
هذا ليس وقت المزاح يا احمد، قل مرحبا للطفلة!
لقد كبرت انا لم أكد اعرفك، انظر للحيتك؟ شعرك خلف عنقك؟
انها اول مرة وقهقه الرجل!
وضعت يدي علي لحيتي، كانت تشبه الأسلاك الشائكة، مررت اصابعي علي شعر رأسي الأشعث وانا احدق بالرجل!
كبرت عام للتو دفعه واحده، ماذا كنت تنتظر!
وهل يحدث ذلك دوما مع كل عمر نفقده، سألته؟
ليس دوما، رغم ذلك فأنها تحدث مع أناس معينين انت مميز!
فريده واحمد عبد الهادي كانوا لا يزالون مرتعبين غير قادرين علي تصديق ما تراه أعينهم!
فقدت عام بلحظة استنكرت فريده؟
وانا اربت علي كتف الفتاه قلت أنقذت تلك الفتاه الجميلة التي كانت تلوي من الألم هناك للتو؟ سألني احمد عبد الهادي وهو يشير للحصيرة القشية.
هززت رأسي واجبته أجل.
بلعت فريده اللقمة التي تيبست بفمها، ما اسمك سألت الطفلة التي كانت تمسك يدي؟
لورا أجابت الفتاه بابتسامه بريئة.
احمد؟ علينا أن نرحل فورا، قال أحمد عبد الهادي، اذا لم تكن لديك نية لفقد عمرك كله!
قلت للورا هي اذهبي للعب مع الأطفال.
حدجتني لورا بنبره مندهشة، انا لن اذهب لأي مكان، مكاني معك، لقد أنقذت حياتي انت بمثابة والدي الأن.
قبلتها بحنو، قلت صغيرتي نحن غرباء وليس لدينا مكان لنقيم به؟
كأنها فهمت ما أعني قالت لديك هذا واشارت لجسدي، لديك عمر كاف لابتياع كوخ وطعام وشراب، لا أحد يملك شيء هنا الساعة تملكنا كلنا.
كان ذلك الرجل يتابع حديثنا باهتمام، يمكنني أن اترك لكم الكوخ لتعيشوا فيه، سأرحل انا واسرتي لمكان اخر.
طبعا ترغب بمزيد من العمر سألته فريده؟
بمدينة الساعة، قال الرجل، لا يوجد شيء بالمجان.
ادفع تدفع لك الساعة.
جذبتني لورا فقوست ظهري وانحنيت نحوها، همست هذا الرجل مستغل، شرير، انه عفونه متحركة سأدلك علي كوخ اقل سعرا او يمكنك بناء كوخك الخاص، لا أحد يملك شيء هنا، قلت اشكرك سيدي لكننا لن نقيم هنا، خرجنا من الكوخ، لورا ناديت عليها وكانت قد سبقتنا بالسير، هل يوجد حلاق شعر هنا؟
نعم يوجد يا عوني أجابت دون أن تستدير نحونا!
عوني؟ رددت فريده الكلمة وهي تضحك، ثم اردفت مبروك يا عوني أصبحت اب.
لم اعر فريدة ادني اهتمام واصلت حديثي مع لورا، دلينا عليه يا عزيزتي
تناولت لورا يدي وقادتنا تجاه كوخ يقبع في أخر القرية قريب من الغابة ، انتصب شاب ثلاثيني نحيل وعابس من علي مقعد خشبي فقد احد قوائمه.
اريد ان اشذب لحيتي واحلق شعري، كم الكلفة؟ بعد أن رمق الشاب شعري ولحيتي قال ليس اقل من عشرين دقيقه
موافق اجبت، راح الحلاق يؤدي مهمته، فريدة تقول انت تتعلم بسرعه يا عوني، من ينظر إليك يعتقد انك من سكان المدينة ، وانا شارد في تلك الفتاه التي علي وشك مقابلتها.
شعرت بيد الحلاق تنحرف عن مسارها، ماذا تفعل سألته؟
قال اؤدي عملي!
قلت اضغط علي الجانبين واترك المقدمة اكبر!
نوع جديد من الحلاقة؟ سألني!
فقط افعل ما اطلبه منك فقد اخذت الوقت!
قال أحمد عبد الهادي بعد أن انتهيت ماذا سنفعل الأن؟ علينا أن نبتاع كوخ او نقوم بصناعته، اعرف شخص يمكنه مساعدتنا!
الفتاه التي التقيتها؟ استفسرت فريدة.
أجل!
ضيقت حاجبيها وعضت شفتها ولازت بالصمت دقيقه ثم اردفت
علينا أن نجد طريقة لدخول المدينة لم نأت لهنا للعب نبحث عن عمل أيضا!
مدينة الساعة تفتتح أبوابها لكل من يرغب بها لا مشكله إطلاقا في الدخول.
كان واضحا تماما ويعني ما يقصد.
كلما تعمقنا بالقرية نحو الغابة ازدادت كثافة الاكواخ وبدت اكثر عشوائية، تولت لورا قيادتنا حتي مررنا بطرقة ضيقة تحدها اكواخ مرتبة بعناية من كلا الجانبين، منطقة البغايا قالت لورا شارحة عندما لاحظت اندهاشنا، هنا شباب ورجال يجلسون مع الفتيات، توردت خدود فريدة وشعرت بخجلها فقلت بسرعة لأخرجها من ذلك الموقف، اسمعي يا لورا بالأمس قابلتني فتاة شابه تمتلك كوخ لكني نسيت مكانه، هل يمكنك أن تدليني علي الكوخ؟
صفها لي ردت لورا.
بيضاء، لوزية العينين، جميلة ولها شعر طويل، حملقت بي فريده ويديها ترتعشان وبدا ان شيئا بداخلها يؤرقها، القرية كبيرة يا عوني انا لا اعرف تلك الفتاه اجابتني لورا بتبرم.
انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا
سألتني فريده ، لماذا انت مصر كل ذلك الاصرار علي العثور علي تلك الفتاه يا عوني؟
لأنها ساعدتني دون أن تطلب مقابل انا مدين لها بخمس دقائق علي الأقل، لولاها لكنت انت وهذا واشرت لأحمد ميتين الان ثم اردفت بلا مبلاه كما انها جميله جدا أيضا!
جمدت كلماتي قسمات فريدة وكل ملامحها الجميلة، زمت شفتيها بضيق قبل أن تقول اريد ان أراها إذآ؟
وانا اكثر منك قلت وانا امسح الاكواخ بعيني.
سنسير هكذا بلا خطة، بلا هدى، قال أحمد عبد الهادي وكأنه استعاد وعيه للتو، اذا كانت العملة هنا الوقت يمكننا أن نبتاع كوخين ثم نقصد المدينة لنبحث عن عمل وربما البحث عن عمك اذا كان لا يزال حي.
لم أكن استمع له ولا أدرك ما يقول فهناك من بعيد جدا لمحتها تجلس أمام كوخها!
سرت نحوها وعندما لمحتني بدرت منها ابتسامه، صباح الخير قلت.
صباح الخير تفضلوا!
لكني لا أمتلك دقائق مجانيه قلت وانا ابتسم وعيني تحدق بعينيها الرائعتين.
جذبتني لورا للداخل، قالت لا تخف انها فتاه جيده انا اعرفها! تعرفينها الان صرخت باستنكار، انا منذ الصباح أترجاك ان تدليني لمكان إقامتها!
اف ! وكيف لي أن اعلم انها تمارا.
خلفي كانت فريده تعاين الفتاه، تحملق بها بطريقه غريبه وعلي شفتيها ضحكه ساخرة، نحن لا نملك الوقت يا عوني لدينا الكثير لنفكر به.
تمارا ستساعدنا قلت دون أن التفت نحوها.
سبقتنا لورا للداخل كانت تمارا تقف بجواري، فريدة واخيها خلفنا، اري انك استنفذت الكثير من عمرك منذ حضرت هنا يمكنني أن الحظ ذلك قالت تمارا وهي تتفحصني.
كيف عرفت سألتها؟
نحن شعب الساعة، تلك عملتنا، وحدنا نعلم ذلك دون جهد.
جلسنا علي حصيرة من القش وقدمت لنا تمارا طعام وشراب، كانت جلستها بجواري وفريدة بالجهة المقابلة وكانت لا تزال تحدق بها، ما اسمك سألتني تمارا؟
عوني قلت وانا التهم قطعة خبز كبيره!
أين ستقيمون؟
تعلمين اننا حضرنا للتو وكنا نتطلع لمساعدتك؟
يمكنكم الإقامة هنا معي قالت تمارا وهي تقبلني بطرف عينها!
لا ! سنبتاع كوخين ، زعقت فريده بنبره منفعلة، اخبرينا فقط كيف نفعل ذلك!؟
هل يمكنني الإقامة معك هنا حتي أتمكن من بناء كوخي الخاص!؟
بكل تأكيد ردت تمارا!
هكذا؟ بكل بساطه سخرت فريدة، ثم حدجتني بنظرة ملؤها غل وحنق.
رفعت تمارا يديها، لا يوجد بقوانين مدينة أبناء الساعة ما يمنع ذلك!
تبسمت بداخلي، نسيت التعب، الانهاك ، التشتت والرعب، نسيت نفسي والحاجز الضبابي، الجثث المتعفنة التي مررت بينها، رغبت ان اقضي كل صباحاتي مع تلك التمارا الجميلة.
يبدو أنك نسيت لماذا قدمنا الي هنا يا عوني؟
لا يا فريده لم انسي، انا اعيش معها كحثالة متشرد ، سأدفع اجري، عوضا عن كوخين سنبتاع كوخ واحد ونوفر النفقات؟ فكرة جيدة واومأ احمد عبد الهادي برأسه.
اصرت فريده علي ابتياع كوخ ملاصق لكوخنا ودفعت من أجله ضعف عدد الدقائق المطلوبة مع ان تمارا نصحتها بكوخ اقل سعر الا انها كانت مصرة ودفعت ثمنه من عمرها.
حل الليل، كان الجو عتمة، اختفت المصابيح الزيتية ، لم يتبقى الا أضواء مدينة أبناء الساعة الزاهية تتلألأ كنجوم مهيبة.
كان جسدي يؤلمني من العمر الذي فقدته فجأة لكن عقلي كان منشغلا بلا سبب، مجرد رؤية تلك الاضواء كان يزعجني ، كان أحمد عبد الهادي يتلوى بأردافه بجواري حيث قضينا ليلتنا خارج الاكواخ، اشفقت عليه وانا اري حالته المزرية وطيب خاطري فكرة انه يمكننا أن نعيش هنا بسعادة، نتمتع بحياتنا ونعود لمدينتنا بكل بساطه.
فكرت بتمارا، عيونها، جمالها، نبرتها، تمنيت أن تمضي الدقائق والساعات بسرعه حتي تنتهي الليلة وأقيم عندها.
لورا قررت التخلي عني اخيرا ووجدت بتمارا الام والأخت التي كانت تفتقدها، فتحت عيني مبكرا دون أن يشعر احمد عبد الهادي، كانت لدي رغبه مستعرة بالحديث مع تمارا وكان علي ان اجد الكلمات التي تليق بحديث يجمعني بها، دلفت للداخل وجدتها نائمه ضامه لورا لحضنها وقفت اراقبها وهي نائمه.
لتتأمل الوجه الحقيقي لأي امرأه عليك مباغتتها وهي مستيقظة للتو.
جلست علي مصطبة بقربهم دون أن انبس بكلمه، صالبت قدماي علي هذا الحال لكم من الوقت؟ لا أدري.
ارتفعت الشمس بكبد السماء وتخللت خصائص القش بأشعتها الذهبية لتواقع وجه تمارا وتنجب منه حفر فضيه!
تنحنحت تمارا عندما لسعة الشمس وجهها وانقلبت للجانب الاخر متحاشيه أشعة الشمس التي كانت قد بدأت تؤذي عينها موليه اياي ظهرها، ضمت ركبتيها لصدرها فتكورت مؤخرتها الطرية، عوني ماذا تفعل هنا؟
خاطبتني فريده بنبره متسائلة لا تخلو من الريبة، التفت نحوها بفزع، كالذي مسك بجرم.
انا، انا لا افعل شيء، استيقظت من مده وحضرت لأري لورا!
كانت تمارا استيقظت علي حديثنا وبدت مرتبكه كأنها تري رجل لأول مره بكوخها!
عوني انا جوعانة، يمكننا أن نبحث معا عن طعام؟
يا فريده لماذا نبحث عن طعام؟ تمارا هنا تعرف كل شيء، لوت فريده وجهها بغضب، قالت وهي تجز علي أسنانها، سأنتظر بكوخي اذا.
وانا اتطلع إليها وهي تغسل وجهها، تمنيت أن أكون احد القطرات الساقطة من علي وجهها علي الأرض.
انا جاهزة هي بنا، سرت بجوارها خطوات قبل أن ترتطم بي لورا من الخلف وهي تركض سأذهب معكم.
شرحت لي تمارا حدود القرية الواسعة، أماكن الخدمات التي سيكون علي استعمالها، أقسام القرية أيضا، تغول الساعة، المنطقة الحمراء، العامة، السنتر يون.
علمت اننا لسنا اول الوافدين نحو مدينة الساعة، الكل يدخل يا عوني لكن لم يشاهد ولا شخص واحد يخرج منها.
عليكم أن تبحثوا عن عمل يا عوني، لا يمكن أن تستمر حياتكم هكذا، كل شيء هنا من العمر، بالنهاية لن تجدو ما تنفقونه وينتهي بكم الأمر جثث متعفنة داخل الحاجز الضبابي.
الن تساعديني؟
سأفعل علي قدر استطاعتي، انا اعمل عند اسره غنيه داخل المدينة!
ابتسمت تمارا قبل أن ترد، يعني لديهم الكثير من العمر، مئات السنين اكتسبوها من التجارة او بطرق غير مشروعه!
حتي هنا طرق غير مشروعه؟
هنا يوجد كل شيء ياعوني، قطاع طرق، لصوص يسرقون العمر، يوقفونك ويجبرونك علي التخلي عن عمرك بالقوة!
والشرطة سألتها؟
انا لم الحظ وجود للشرطة هنا.
الشرطة لا تعير امثالنا ادني اهتمام، هناك قرى كثيره اخرى غيرنا تحيط بمدينة الساعة.
اسعار المنازل باهظه داخل المدينة لذلك يلجأ الفقراء والمعوذين مثلنا الي خارج المدينة هربا من تلك التكاليف المرتفعة، مع ذلك عندما تقبض الشرطة علي احد اولائك المجرمين فإن القضاة والرهبان يحكمون عليه بفقد العمر، يحدث ذلك كل ثلاثة أشهر بعرس أبناء الساعة
عرس الساعة قلت وانا احدجها بنظره رخوه؟ اجل يا عوني عن طريق التوافق العمري، الساعة هي من تختار الأشخاص بالترتيب الزمني!
خاوصت عيني لأؤكد لها انني لم أفهم شيء، بدرت منها ابتسامه رائعة،، قلت يارب سلم!
الكل هنا يتبع قوانين الساعة يا عوني لسنا نحن طبعا فنحن نغول وعامة، اقصد كل المقيمين داخل أسوار مدينة أبناء الساعة.
يجتمع الفتيان والفتيات الذين تعدت أعمارهم العشرين عام، يقفون صفين متوازيين في ساحة العرس وعندما يدق عقرب مدينة الساعة الضخم ويشير لمنتصف الليل يعرف كل شاب وفتاه رفيقه الروحي، القضاة والرهبان يعلمون أيضا، يسير كل شاب تجاه فتاته وتسير كل امرأه نحو بعلها بكامل ارادتها!
تمت بحمدلله

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا