رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36 هى رواية من كتابة روز امين رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل السادس والثلاثون 36

دعوني أعترفُ لكم فالإعترافُ بالحُبِ فضيلةٌ، منذُ أن تغَلْغَلَ غرامُها بِدمي واستوطنَ القلبَ قلتُ لِحالي والزهو يتملكني "أنا لها شمسٌ"،لكنني وجدتُ نفسى مخطئًا،فبمرورِ الوقتِ إكتشفتُ بأنني كنتُ أنا العليلَ وكانت هيَ لىَ الترياقُ،كُنتُ زاهدًا في الحياةِ فرزقنيَ اللهُ حُبَها وبين ليلةٍ وضُحاها أصبحت هى لى حياةً تحييني،هبةٌ من الله نزلت على حياتي كبلسمٍ لتُضيئَها وتجعلَها أكثرَ إشراقًا،هيَ جميلتي صغيرتي سرُ سعادتي،أملي وسكني وسكينتي وملاذيَ الآمن،هي من وضعتُ بينَ يديها روحي عن طيبِ خاطرٍ،أنثاي التي أغفو كلَ ليلةٍ بجانبها بقلبٍ مطمئنٍ ورَوحٍ سالمةٍ متنعمًا بدفئِ أحضانِها،فإن كنتُ أنا لها شمسٌ فهيَ ليَ الحياةُ بِأكملِها.
ما أعظم الشعور بتحقيق حلمًا ظنتته سرابًا خادع كلما إقتربت عليه إختفى وظهر بنقطة أبعد حتى خارت قواك من شدة اللهاث خلفه،ويالها من سعادة عندما يهبط عليك غيث الله على هيئة خبرًا تشتاقه اشتياق العليل للترياق، هذا ما حدث مع تلك الأم المكلومة التي عاشت أعوامًا من الضياع وهي تري سنوات نجلها تمر هباءًا أمام عينيها دون أن ترى له ولدًا يحمل اسمه ويكون إمتدادًا لجذور عائلته العريقة،كانت تجلس بالمقعد الخلفي للسيارة تجاور تلك التي وضعها الله بطريق نجلها كي تشرق لهم شمس الحياة وتنثر نورها بكل مكانٍ داخل قصرهم العريق،تشدد بمسكتها لقبضتيها ودموع السعادة تنهمر من مقلتيها ولم تنقطع منذ أن أكدت لهما الطبيبة خبر قدوم حفيدها الأول من ولدها الغالي،تنهدت إيثار وتحدثت وهي تشملها بنظراتٍ حنون:
-كفاية عياط أرجوكِ،حضرتك مبطلتيش عياط من ساعة ما الدكتورة أكدت لنا خبر الحمل
إكتفت بهزة من رأسها دون حديث،فأي حديثٍ يمكنه التعبير عن ما تشعر به من فرحة عارمة إجتاحت كل كيانها وتغلغلت،لم تجد أفضل من جذبها لتسكنها داخل أحضانها الحنون لتنطق بصوتٍ متقطع بفضل دموع الحنين:
-تعالي في حضني يا حبيبتي،تعالي في حضني يا وش الخير
نطقتها بشهقاتٍ متعالية قطعت بها نياط قلب الاخرى التي وضعت رأسها فوق كتفها لتمسح تلك الحنون على ظهرها بلمساتٍ كانت كبلسم لجرح عمرها العميق،فمنذ نشأتها لم تشعر بعاطفة الأم ولا بحنانها،كثيرًا كانت ترى الفتيات يُغمرن من أمهاتهن دونها،طالما تمنت أن تتذوق طعم الحُضن وتشعر لذته،وكان الله بها رحيما حيث بعث لها بملاكها الحنون"عزة"تلك التي احتوت خوفها ووحشة أيامها وشملتها بحنانها،وها هي والدة زوجها الأن تقوم باحتوائها وتغمرها بحنانٍ فريدًا من نوعه،حنانًا بطعم الشُكر والعرفان،وكأن عصمت هي من تحتاجُ لإحتواء أحدهم وليس الأخرى،شددت عصمت من ضمتها ومازالت دموعها الحنون تنهمر على مقلتيها دون توقف،همست إيثار بنبرة حنون:
-هو أنا ممكن أطلب من حضرتك طلب يا دكتورة
ابتعدت عصمت قليلاً لتحتوي وجنتيها بحنانٍ لتنطق بعينين تحمل الكثير من الحب والاحترام:
-إنتِ تؤمري، أي حاجة تعوزيها إن شالله يكون لبن العصفور هجيبهولك، بس قبل ما تقولي طلبك عاوزة أطلب منك أنا كمان طلب
هتفت دون تفكير:
-أنا تحت أمر حضرتك
ابتسمت من بين دموعها لتنطق بكلماتٍ يسيل من بين حروفها حنانًا هائلاً:
-عوزاكِ تندهي لي بـ "ماما" زي ما لقبتي علام باشا بـ "بابا"
وتابعت سريعًا بتبرير:
-أنا عارفة إن ماما موجودة ربنا يبارك في عمرها،ومكنتش حابة أطلب منك ده علشان مجبركيش على حاجة إنتِ مش حساها
رفعت كتفيها وبابتسامة حنون تابعت:
-بس حقيقي محتاجة اسمعها منك بعد كل الحب والسعادة اللي قدمتيه لإبني ولينا كلنا
إنتفض داخلها حبورًا وهزت رأسها بموافقة وهي تنطق بنبرة مرتبكة تأثرًا بحديث تلك الصادقة:
-حاضر، حاضر يا ماما
شقت إبتسامة حنون لتخرج من بين دموعها ونطقت مستفهمة:
-الوقت جه دورك،يلا قولي اللي إنتِ عوزاه
نطقت وهي تتطلع عليها بنظراتٍ خجلة:
-أنا حابة أنا اللي أبلغ فؤاد بنفسي
واستطردت وعينيها هائمة بعشق رجلها الأول حيث بات حالها يتبدل كليًا حين يُذكر اسمه:
-نفسي أشوف فرحة عيونه وأنا ببلغه بالخبر
إبتسمت السيدة وتحدثت بموافقة:
-حقك طبعاً،أول ما نروح ونتغدا،خدي فؤاد واقعدوا شوية في الجنينة،وأنا هخلي عزة والبنات يطلعوا يجهزوا لكم الجناح لاحتفال صغير على قدكم
-متشكرة يا ماما،ربنا يخليكِ لينا...قالتها إيثار بمقلتين تكادا أن تدمعا من شدة تأثرهما لتنطق من جديد:
-من حُسن حظنا إن فيه بيوتي سنتر هنا في نفس العمارة وإلا الحرس كانوا هيبلغوا فؤاد بخطواتنا وكنا إنكشفنا
أجابتها عصمت بهدوء:
-ما أنا علشان كده أصريت عليهم يفضلوا تحت العمارة وميطلعوش معانا
بعد مدة وصلتا لحديقة المنزل فترجلت كلا منهما تحت أعين الحرس المرافقين لهما وتحركت إيثار بجانب والدة زوجها التي سألت الحارس المسؤل عن أخذ السيارة ليصفها بالجراچ الخاص:
-البشوات جم يا عامر؟!
مال برأسه للأسفل ليجيبها باحترام:
-أيوا يا دكتورة،سعادة الباشا الكبير وصل من نص ساعة والباشا الصغير لسة داخل قبل منكم حالاً.
ما أن استمعت من الحارس عن عودة معشوقها حتى ارتجف جسدها وانتفض القلب ارتيابًا،لا تدري كيف سيستقبل هذا الخبر،تعلم أنه سيسعد لكنها مرتابة ومتشوقة لفرحة عينيه، تحركتا إلى الداخل وكل ذرة بجسد عصمت تنتفض فرحًا وتريد الصراخ لتعلن مهللة للعالم أجمع أن نجلها سيصبح أبًا،ولجتا من الباب الداخلي لتجدا فؤاد مازال بملابس عمله يقف بوسط البهو مُمسكًا بهاتفه ويتحدث إلى والده وشقيقته التي تجاور والدها الجلوس لينطق حين رأى كلتيهما مقبلتين عليه:
-حمدالله على السلامة،لسة رئيس الحرس مكلمني وبلغني إنكم وصلتم
واسترسل وهو ينظر لحبيبته بعينين متشوقة لرؤياها التي تسر قلبه وتبعث البهجة داخل نفسه:
-قولت أستناكِ نطلع مع بعض على ما الغدا يجهز
تسارعت دقات قلبها وهي تتطلع عليه،بعينيه حنان الدنيا بأكملها،تأسرها كلماته الحنون واهتمامه الشامل لها يزيد من غلاوته أضعافًا داخل قلبها العاشق،انتفض جسدها وهي ترى عصمت تقترب منه وتحاوط وجنتيه بكفيها الحنونتين تمسد بهما وبدون مقدمات تدفقت دموع الفرح من جديد لتشهق مما جعل الجميع يرتجف هلعًا عليها،حملق بها ليسألها وهو يحتوى كتفيها بارتيابٍ وصل لحد الهلع:
-مالك يا ماما، فيكِ إيه يا حبيبتي؟!
وكأنها كانت تنتظر كلماته لتزيد شهقاتها مما جعل علام يهب من مجلسه ويهرول عليها هو وفريال،سألها علام باستغراب وهو يراها تحاوط صغيرها وتشملهُ بنظراتها ودموعها تنهمر وكأنها شلالاتٍ:
-مالك يا عصمت،بتعيطي ليه يا حبيبتي،إيه اللي حصل؟!
إلتفتت إلى إيثار وجدتها تبكي تأثرًا باللحظة فتحدثت بأسفٍ وهي تميلُ برأسها كاعتذارٍ منها:
-أنا أسفة يا إيثار،مش هقدر أوفي بوعدي ليكِ
وضعت كفها على فمها تشهق لتهز رأسها بتفهم لموقفها وكأنها أعتطها التصريح للبوح بخبر الموسم،جن جنونه عندما طالع حبيبته ورأى دموعها هي الأخرى ليصرخ وكأن صبره نفذ إلى هذا الحد وألف سيناريو وسيناريو بات يلوح بمخيلته رغم متابعته للحرس خطوة بخطوة منذ أن خرجتا من المنزل حتى عادتا سالمتين:
-هو فيه إيه،واحدة منكم تفهمني؟!
بدموعٍ وتأثر نطقت وهي تتحسس ذقنه النابتة بلمساتٍ تحمل حنان الدنيا بأكملها:
-مبروك يا حبيبي،إيثار حامل
نطقتها بشهقاتٍ عالية ودموعٍ غزيرة مع إبتساماتٍ وفرحة غمرت عينيها،توليفة غريبة من المشاعر تجمعت لتخرج صادقة وتصل للجميع،تصنم جسدهُ ليضيق بين عينيه يحاول استيعاب الخبر الذي استقبلهُ بخليطٍ من المشاعر المتضاربة،حبورًا ليس له مثيل مغلفًا بالقلق العميق مع رجفة سرت بجميع جسده إحتار بتفسيرها ليستفيق على صرخة فريال التي قفزت كالأطفال مهللة:
-أااااه،إنتِ بتتكلمي جد يا ماما،يعني فؤاد أخويا هيبقى بابي؟
جذبت عصمت صغيرها المتيبس لتغمره بقوة وقد زادت شهقاتها وهي تنطق بصوتٍ متقطع:
-الحمدلله،مبروك يا حبيبي،مبروك
كان ينظر على حبيبته المتطلعة عليه بأعين دامعة وحنانًا بالغًا وصله ليشمل روحهُ ويجعلها هائمة،لحظة إِدْراك يحاول من خلالها استيعاب ما نطقت به والدته منذ القليل ليتفاجأ بوالدهُ الذي تهللت أساريرهُ وهو يهرول على غير عادته صوب من اتخذها كإبنة له ليحتضن كفها ضاغطًا عليه وبشعورًا لا يقل عن ما أصاب زوجته همس بنبرة والد حنون:
-مبروك يا أم حفيدي الغالي
أبتسمت لاجل سعادة ذاك الحنون لتجيبه بنبرة مملؤة بالحِنو والتقدير والإحترام لذاك الراقي:
-الله يبارك فيك يا بابا،وربنا يبارك لنا في حضرتك وتحضر ولادة البيبي وتجوزه بنفسك
أجابها بحبورٍ متأثرًا من كلماتها التي طالما حلم بها وتمناها من رب العالمين:
-شدي بس إنتِ حيلك وهاتيه وسيبي كل حاجة على بابا
واستطرد بعينين ممتنتين:
-شكرًا يا بنتي على إنك منحتيني أعيش اللحظة دي بعد ما كنت فقدت الأمل
هرولت فريال لتحتضنها وهي تقول بصوت لم تسعه الفرحة:
-مبروك يا إيثار، وأخيرًا فؤاد هيبقى أب
بادلتها العناق بقلبٍ يتراقص لسعادة الجميع التي تفاجأت بها، فمهما تخيلت ردة فعل الجميع لا يمكن أن يصل خيالها لما تراه الأن من حالة رائعة من المشاعر المختلفة،احتوى فؤاد وجنتي والدته وبات يجفف لها دموعها وهو ينطق بصوتٍ متحشرج تأثرًا بالحالة:
-مبروك عليكِ يا حبيبتي وعقبال ما يتولد وتاخديه في حُضنك،وتربيه زي ما ربيتي أبوه وعمته
وتابع بدمعة فلتت من عينيه رغمًا عنه وهو يعتذر بعينيه قبل لسانه:
-أنا أسف يا ماما،عارف إني تعبتك كتير معايا،بس والله كان غصب عني
وبعينين متألمتين لحال والدته نطق بصوتٍ مرتجف:
-سامحيني
لم تتحمل كلمات نجلها الحبيب لتدخل بنوبة بكاءٍ يقطع نياط القلب وهي تتحدث متأثرة:
-إنسى كل اللي فات يا حبيبي وخلينا في فرحتنا
جفف دموعه وترك والدته بعدما وجد والده يقترب عليه ليجذبه ويسكنه أحضانه وإلى هُنا وسكت الكلام،ظلا كليهما يعانق الأخر ويربت فوق ظهره بقوة دون أن يتفوه أحدهما بحرفٍ،فكانت المشاعر أبلغ من أي كلام وأي حديثٍ يستطيع شرح ما يشعر به كلاهما من مشاعر،وأخيرًا إبتعد عنه ليهمس أمام عينيه بتفاخر:
-وعدت ووفيت يا سيادة المستشار،قولت الحفيد هيشرف قبل التسع شهور ما يعدوا وقد كان
واسترسل بأيحاء فهم مغزاه الأخر:
-أحب فيك إخلاصك وتفانيك في العمل
ابتسم ليهمس لأبيه مندمجًا مع تلميحاته:
-معاليك لسه مشوفتش حاجة من إنجازات إبنك،ده أنا هبهر سعادتك
-أرجوك...قالها علام برجاء ليطلق كلاهما ضحكاتٍ مشاكسة،عانق شقيقته أيضًا ليتجه إلى تلك الواقفة تراقب عينيه بترقبٍ وتمعنٍ شديد،وقف أمامها يتمعن بمقلتيها دون نطق حرفٍ وبدون سابق إنذار جذبها ليشملها بأحضانه وضمها بقوة كأنهُ يريد شق صدره ليخبأها داخلهُ ولا يراها سواه،مدت يداها تحاوط ظهره وتمسح عليه بلمساتٍ رقيقة ناعمة ولينة،أراح رأسهُ فوق كتفها ودفن وجههُ بجانب عنقها لتشعر بجسدهِ يهتز بقوة تعجبت لها،انتفض داخلها وهي تستمع لصوت أنينٍ خافت يصدر منه لتتيقن أنه يبكي،يا الله فحبيبها لأول مرة يبكي واختار أحضانها هي بالذات ليبكي داخلها ويُخرج مكنون صدره،مسحت بكفها فوق ظهره بلينٍ وباتت تحركه صعودًا وهبوطًا وهي تهمس له بصوتٍ يقطر منه حنانًا جعل جسده بالكامل يتخدر:
-مبروك يا فؤاد،متأكدة إنك هتبقى أعظم وأحن بابا في الدنيا كلها يا حبيبي
زادت شهقاته مع إهتزاز جسده مما جعل والديه وشقيقته يهرولون عليه للوقوف معه وهو يستقبل أهم خبر وأكثر اللحظات تأثرًا بحياته،حاوطته عصمت هو وزوجته بذراعيها وتعالت شهقاتها هي الأخرى تأثرًا وشاركتهم فريال لتتعالى أصوات دموع الجميع في صورة يبكي لها الحجر
وضع علام كف يده يتلمس بها رأس نجله لينطق بصوتٍ متأثرًا:
-إهدى يا فؤاد وحاول تتماسك علشان الشغالين
توقف عن البكاء وحاول جاهدًا التحكم بحالة التشتت التي اصابته فور تلقيه الخبر،أخذ نفسًا مطولاً قبل أن يبتعد قليلاً وبسرعة قام بتجفيف دموعه وهو يشيح بوجههِ بعيدًا عنها ثم تطلع على عينيها وحاوط وجهها بكفيه لينطق بصوتٍ متحشرج بفضل البكاء:
-لو عيشت عمري كله أشكرك على هديتك ليا مش هيكفي
واسترسل بشفاهٍ مرتجفة:
-شعور واحد بس من اللي حسيته النهاردة أنا وأهلي محتاج عمر بحاله لتسديد الدين
ابتسمت وشعرت بروحها تتراقصُ فرحًا لا لشعورها بأنها صاحبة جميلٌ عليه حاشى لله،بل لشعور السعادة التي منحته للجميع وبالاخص فارسها الهمام،نطقت بصوتٍ متأثر:
-الدين أنا اللي هعيش عمري كله أسدده لـ ربنا سبحانه وتعالى وانا بسجد له في كل ركعة بصليها وأشكره على هديته ليا
تناست جميع مَن حولها وحاوطت وجنتيه بأناملها الرقيقة لتهمس بروائع الكلمات التي نزلت على قلبه كقطراتٍ من ندى الصباحِ فأنعشته ليزدهر:
- إنتَ أقيم وأعظم هدايا حياتي يا فؤاد
تهلّلت أساريره وشعر بانتعاشة روحه ليفيق على كلمات شقيقته المشاكسة التي وجهتها لوالديها:
-طب يا جماعة أنا شايفة إننا ننسحب لأن شكلنا بقى وحش قوي
تعالت ضحكاتهم لينتفض جسده وكأنه استفاق من وقوع الخبر عليه ليهتف وهو يتفحصها بعناية وتلهف:
-تعالي يا حبيبي إرتاحي
سحبها إلى الأريكة وأجلسها عليها ليهرول بجذب الوسادة الصغيرة ويضعها بمقدمة الأريكة لتريح ظهرها عليها ليرفع هو ساقيها ويمددها بطول الأريكة تحت خجلها من علام الذي شعر بهذا وحول بصره ليجلس بعيدًا يشكر ربه في سريرته،سألتها عصمت بنبرة حنون واهتمام:
-مرتاحة كده؟
هزت رأسها بذهولٍ وسعادة هائلة شملت روحها جراء الإهتمام المبالغ التي تتلقاه على أيادي أفراد عائلة زوجها الحنون،فشتان بين هذه العائلة الراقية وبين عائلة نصر البنهاوي،تحدثت عصمت وهي تتأهب للتحرك للداخل:
-هخليهم يجهزوا لنا الغدا حالاً
واسترسلت تسألها بحُبٍ ظهر بَين بعينيها:
-نفسك رايحة لحاجة يا حبيبتي اخليهم يجهزوها لك؟!
أجابتها باقتضاب:
-لا يا ماما،أي حاجة موجودة هاكلها
لتسألها الاخرى باهتمامٍ بالغ:
-طب لو حسيتي نفسك في أكله معينة أو فاكهة بلغيني على طول وأنا بنفسي هعملها لك بإيديا
رفع فؤاد أحد حاجبيه لينطق مشاكسًا والدته:
-يا سيدي على الدلع اللي عمرنا ما شفنا حتى ربعه
لكزته في ذراعه بخفة لتقول قبل أن تنصرف:
-كان حد فيكم جاب لي حفيد قبل كده علشان ادلعه زيها؟!
هتفت فريال معترضة بملاطفة:
-قصدك إيه يا ست ماما،يعني أنا مجبتلكيش أحفاد قبل كده؟
لتتابع وهي تنظر إلى فؤاد باعتراضٍ مصطنع:
-ولا علشان ده حفيدك من إبنك المدلل والقريب لقلبك
-بالظبط كده...قالتها نكاية في صغيرتها ثم انصرفت إلى المطبخ لتهتف الأخرى تشتكي لوالدها تحت ضحكات الجميع:
-سامع كلام الدكتورة يا سيادة المستشار
رفع كفاه لينطق بمداعبة:
-خرجيني من مشاكلك إنتِ والدكتورة،مفيش راجل عاقل يدخل نفسه بين إتنين ستات
مطت شفتيها باعتراض وتذمرٍ مصطنع،ثم تحركت وجلبت غطاءًا لتناوله لشقيقها الذي غمر جسد حبيبته ثم جلس على ركبتيه أرضًا ليسألها بلهفة ظهرت برجفة صوته الحنون:
-إنتِ كويسة،فيه حاجة بتوجعك؟
هزت رأسها يمينًا ويسارًا قبل أن تنطق بمشاكسة في محاولة منها لإخراجه من دوامة تلك المشاعر المختلطة التي سيطرت عليه:
-أنا كويسة يا حبيبي،بس عاوزة أنام
لبرهة ضيق عينيه قبل أن يفتحهما مشدوهًا بعدما فهم المغزي لينطق بأسفٍ لائمًا حاله:
-أنا أسف يا حبيبي،إزاي مخدتش بالي من حاجة زي كده؟!
تبسمت لتلمس وجنته بنعومة وهي تقول للتخفيف عنه:
-أنا نفسي مكنتش فاهمة إن النوم الكتير ده وراه تشريف ولي العهد،قولت أكيد من اللي حصلي في الفترة الاخيرة والسفر وتغيير الجو والاكل
إبتسامة سعيدة لاحت فوق ثغره لينظر لبطنها "مكوث صغيره" بكمٍ من الحنان لا يوصف،أمسكت كفه تحثه على النهوض من جلوسه على الأرض وهي تقول بنبرة تشبه حنان الام:
-قوم يا حبيبي علشان رجليك متوجعكش
همس بنبرة رجلاً عاشقًا حتى النخاع:
-فداكِ تعبي وكل عمري يا عمرى،ثم أنا مرتاح طول ما أنا جنبك،تعبي الحقيقي في بُعدك عن حُضني يا إيثار
واسترسل بعشقٍ جارف:
-إوعي تبعديني عن حضنك مهما حصل
تبسمت له وكادت أن تجيبه لكنها توقفت حين استمعت لصياح صغيرها الذي نطق باسمها وهو يهبط مهرولاً من فوق الدرج تجاوره عزة التي تحاول اللحاق به بعدما أفلت كفه منها،حيث حضر من المدرسة منذ قليل لتأخذه للأعلى وقامت بتحميمه وتغيير ثيابه بأخرى بيتية نظيفة:
-مامي
شعرت بروحها ترفرفُ فرحًا لرؤية من تبتهجُ النفس ويرق القلب له لينطق فؤاد وهو يُشير له بحرصٍ وقلبٍ يرتجف رعبًا لأجله:
-إنزل براحتك لتقع يا حبيبي
واسترسل منبهًا:
-إمسكيه كويس يا عزة
هتفت تلك التي تهرول باتجاه الصغير حتى تمسكت بكفه الرقيق:
-تعالى هنا يا مغلبني،كده تفلت من إيدي
كان يجذبها للأسفل وهو يقول:
-سبيني يا عزة، إنتِ تخينة وبتنزلي في وقت كتير وأنا عاوز أروح لمامي
ضحك الجميع على ذاك المشاكس الصغير لينطق علام لائمًا له:
-ينفع نقول لواحدة ست إنتِ تخينة يا چو؟!
اجابه وهو يهبط عبر الدرج:
-لا يا جدو مش ينفع
سأله بشكلٍ تربوي:
-لما بنغلط في حد بنقول له إيه يا چو؟
نظر الصغير إلى عزة ليقول بابتسامة عذبة وعينين بريئة تدخل على النفس تُبهجها:
-سوري يا عزة
-ولا يهمك يا نين عين عزة...قالتها لتنظر بهلعٍ على تلك المتمددة على الاريكة ويوضع خلف ظهرها وسادة لتهتف مستفسرة بصوتٍ قلق وهي تهرول باتجاهها:
-مالك يا إيثار؟
هرول الصغير ليرتمي بأحضان غاليته بعدما وقف فؤاد ليفسح له الطريق لتهتف عزة بحدة وشراسة ظهرت بعينيها:
-إوعي يكون اللي مايتسمى عمل لك حاجة تاني؟!
-عزة...قالها فؤاد بنظراتٍ تحذيرية وهو يعلمها بوجود الصغير،ليتابع بابتسامة أظهرت طيران  روحه وهيامها:
-مبروك، هتبقي تيتا
اتسعت عينيها بذهولٍ ممتزجًا بالسعادة قبل أن تهلل فرحًا:
-حامل
واقتربت تحتضنها بحفاوة:
-إنتِ حامل بجد يا إيثار؟
ابتسمت لتهز رأسها تطمأنها،حولت بصرها تتطلع على ذاك الواقف يضع كفيه بجيبي بنطاله لتنطق وهي تغمز له:
-عيني عليك باردة يا سيادة المستشار، الله أكبر
ابتسم بزهوٍ ليداعبها بكلماته المشاكسة:
-إحنا فينا من القر ولا إيه يا عزة؟
ضيقت عينيها لتقول بنبرة صادقة:
-العين متحسدش حبايبها يا باشا، وإنتَ جوز الحبيبة الغالية
-حبيبتي يا عزة،ربنا يخليكِ ليا...قالتها تلك المتسطحة بنبرة حنون
اما فؤاد فأجابها وهو يرفع رأسهُ بزهوٍ مصطنع أراد به مشاكستها التي بات يتقبلها مؤخرًا بل ويعتادُ عليها من تلك الطيبة:
-حتى لو هتحسدي،أنا الحسد مبيقصرش فيا
همست بصوتٍ لا يسمعه سواها:
-شوفي يختي الراجل وهو واقف منفوخ هيفرقع من الغرور زي الديك الرومي
انتشلها صوت علام الذي تحدث بنبرة توحي لشدة سعادته:
-بمناسبة الخبر السعيد ده أنا محضر لك مفاجأة يا عزة
هتفت تسألهُ بسعادة:
-خير يا سعادة الباشا؟
أجابها بهدوءٍ:
-إن شاء الله هطلعك تحجي السنة دي، بس متنسيش تدعي لنا وإنتَ واقفة على جبل عرفات
ترقرقت الدموع بعينيها لتنطق بعدم تصديق:
-بتتكلم بجد يا باشا
-عزة...قالها فؤاد لتنتبه لحديثها مع والده الذي نطق بكل تواضع مقدرًا فرحة تلك المرأة البسيطة:
-طبعاً بتكلم جد يا عزة،هو موضوع زي ده ينفع فيه هزار؟!
هتفت بسعادة وصوت حماسي اظهر تحمسها واشتياقها لقضاء تلك الفريضة العظيمة التي طالما تمنتها وطلبتها من الله عز وجل:
-متأخذنيش يا باشا،من فرحتي معرفتش نفسي بقول إيه
إعتدلت إيثار لتمسك بكف تلك الحنون لينطق علام بطريقة راقية:
-ولا يهمك يا عزة،وألف مبروك
هتفت بفرحة:
-يبارك لنا في عمر جنابك
ابتسم لها فؤاد لينطق بابتسامة سعيدة لأجلها:
-مبروك يا عزة،يا بخت اللي يرضى عنه علام باشا
ردت عليه بمشاكسة:
-عقبال ما ترضى عني إنتَ كمان يا سيادة المستشار وتغير معاملة مرات الأب اللي بتعاملها لي دي
-كل ده ومش راضي عنك يا مفترية...قالها مستغربًا لتضحك وهي تجيبه:
-بحب أناغشك يا باشا،ده أنتَ جوز الغالية
ابتسم برضا لتنطق إيثار بسعادة لأجلها:
-مبروك ياعزة
نطقت بسعادة وصوت حماسي:
-الله يبارك فيكِ يا نور عيني،ربنا يطمني عليكِ وتكملي شهور حملك على خير وتقومي لنا بالسلامة إنتِ والنونو
سألها يوسف باستغراب:
-مامي،إنتِ هتجيبي بيبي؟
رفعه فؤاد ليجلس بجوار حبيبته ويضعه فوق ساقيه قائلاً:
-مامي هتجيب لنا بيبي جميل زي چو،يبقى أخوك أو أختك حبيبتك
هتف مهللاً بحماس:
-أنا عاوز يبقى عندي أخت،تبقى شبه بيسان ويبقى اسمها بيسان
لوى فاهه لينطق بصوتٍ خافت:
-ده الباشا طلع عاشق ولهان وإحنا مش واخدين بالنا
لكزته إيثار بكتفه لتضحك،أقبلت عليهم عصمت لتقول بنبرة حماسية:
-الغدا جاهز
لتسأل إيثار:
-تحبي أجيب لك الغدا هنا يا حبيبتي؟
اشارت بكف يدها لتنطق بامتنان:
-لا يا ماما تسلمي،انا هقوم أكل معاكم علشان يوسف وفؤاد يعرفوا ياكلوا
تحدث بنبرة قلقة بشأنها ترجع لعدم خبرته بتلك الأمور:
-حبيبي خليكِ مرتاحة وأنا وچو هناكل معاكِ هنا علشان متتعبيش والبيبي يتأذى
-أنا كويسة يا فؤاد متقلقش...قالتها بابتسامة هادئة لتنطق عزة بمرح:
-هيتأذى إيه بس يا باشا كفانا الشر،ده الله أكبر عليه طالع وحش لأبوه
واسترسلت وهي تعد على أصابع يدها:
-لا الخطف ولا السفر بالطيارة والعوم زحزحوه من مكانه
شهقت عصمت لتنطق سريعًا بانزعاج ظهر فوق ملامحها يرجع لاشتياقها الجارف واحتياجها القوي لقدوم ذاك الحفيد:
-الله اكبر يا عزة،سمي وكبري يا حبيبتي
ابتسمت لتجيبها بتلقائية:
-كبرت والله وسميت يا هانم،متخافيش على إيثار مني،لسة كنت بقول لفؤاد باشا، عين الحبيب مبتحسدش
واسترسلت صادقة:
-أنا بس حبيت أطمن الباشا على الباشا الصغير
نطق فؤاد بهدوء كي يهدئ من إنزعاج والدته:
-حصل يا عزة
تركتهم وولجت إلى المطبخ لتساعد العاملات،أقبلت فريال تصطحب صغيرتها التي هللت حين رأت يوسف وجرت عليه:
-چو،إنتَ جيت من المدرسة إمتى؟!
وقف يستقبلها وتحدث كشخصٍ كبيرًا عاقل:
-وصلت من شوية،طلعت أخدت شاور ولسه نازل
أشار علام للصغيرين ليلحقاه إلى غرفة الطعام
وقفت إيثار وسندها ذاك الحبيب لتسرع فريال وتساندها من الجهة الاخرى لتنطق إيثار باستغراب:
-إيه يا جماعة اللي بتعملوه معايا ده،أنا حامل على فكرة مش عاملة عملية جراحية!
نطقت فريال بملاطفة وهي تحسها على الحركة للأمام:
-إسمعي الكلام ونفذيه بدل ما تاخدي مخالفة جماعية
                                      ************
كان يجلس داخل الحديقة ينفث دخان سيجارته بشراهة علها تنفس عن غضبه الكامن بصدره المشتعل،لمح والدته تخرج من باب المنزل الداخلي تتحرك بزهوٍ وكأن الكون ملكًا لها، اقبلت على ذاك الغاضب لتنطق وهي تجلس بالمقعد المقابل له:
-مالك يا عمرو،ودانك على شوية وهتطلع دخان ليه يا حبيبي
استشاط داخله فقد ترك الحبس منذ عدة أيام وحضر لمنزله ليفرض عليه والده الإقامة الجبرية ويخبر الغَفر بمنعه من الخروج تحت أي ظروف ليسيطر على جنون ذاك الأرعن وتصرفاته الهوجاء حيث أنه ما ترك كارثة إلا وفعلها،صاح بحدة وغضب أظهرا كم استيائه:
-والمفروض إني أبقى مبسوط بحبستي دي؟!
واسترسل بسخطٍ ناقمًا على أفعال والده:
-بابا حابسني زي العيال الصغيرة،مش قادر يفهم إني راجل معدي التلاتين وعندي عيل طولي
هتفت من بين أسنانها بمجرد ذكره للصغير فمنذ ذاك اليوم التي تلقت فيه ذلك الخبر المشؤم وعقلها رافض تقبل الفكرة واستيعابها:
-ياريتك كنت عملت حساب العيل اللي بتقول عليه طولك مكناش وصلنا للي إحنا فيه يا عمرو بيه
واسترسلت لائمة بحدة:
-هو أنتَ يا ابني مش حاسس بالمصيبة اللي إنتَ عملتها،إنتَ وصلت نفسك بغبائك ووصلتنا  بإنك تتنازل عن ابنك للجربوعة بنت منيرة
-طب خليني اخرج وانا ارجعه...قالها بنظراتٍ مستعطفة لتهتف بحدة:
-قصدك علشان تروح تجيب لنا مصيبة جديدة
تحدث بحدة وألم ظهر بعينيه:
-أبويا كل اللي يهمه الإنتخابات وبس، إنما ابني ولا في دماغه أصلاً
واسترسل ملقيًا باللوم على والده بالكامل:
-قهرني وقلل مني قدام إبن الـ
قام بسب فؤاد ليتابع بشزرٍ ظهر بعينيه:
-وخلاني اتنازلت عن ابني أول ما هدده بالكرسي بتاعه
نظرت أمامها وتحدثت بشراسة ظهرت بصوتها:
-وحياتك قهرتك وذُلك لدفعهولك التمن في أغلى حاجة عنده
واسترسلت بذات مغزى من بين أسنانها:
-وأقهره على اللي باع الغالي والرخيص علشان يفضل محافظ عليه
قطب جبينه ليسألها مستفسرًا:
-قصدك وكيل النيابة؟!
نظرت أمامها بشرود لتنطق بكلماتٍ مبهمة:
-ما تحطش في بالك، أنا بس عوزاك تهدى وتكن لحد ما اليومين دول يعدوا على خير،وبعدها وحياتك عندي لارجع لك يوسف جوه حضنك
بلهفة سألها كطفلٍ متعلقًا بدميتهِ المفضلة:
-وإيثار؟!
-قطيعة تقطع إيثار واللي جايبينها...قالتها بغضبٍ عارم ليستشيط غضبه لتتابع هي بسخطٍ:
-كفاية اللي حصل لك من وراها، دي بت شؤم بنت....
قامت بسبها بلفظٍ نابي تحت غضب ذاك المدلل لتنتبه لولوج أكثر الأشخاص صارت تبغضهم بعدما كانت تعشق حتى أنفاسه وهي فتاة،أقبل عليهما وهو يهمس لحاله بعدما لمحها ترمقهُ بحدة ويسبها بسريرته وما أن اقترب منهما حتى انتفضت واقفة كالتي لدغها عقرب وتركت المكان بأكمله ليهتف بصوتٍ عالي كي يسمعها:
-هما إذا حضرت الشياطين ذهبت ستهم ولا إيه؟
لم تعير لحديثه اهتمام وتحركت بطريقها للداخل خشيةً من ان تفقد أعصابها وتوازنها التي تجاهد في ثباته وتطبق على عنقه ولا تتركه إلا بعد لفظه لأنفاسه الأخيرة،تطلع إلى نجله ليسأله مشفقًا على حاله فقد ترك ذقنه النابتة وما عاد يهتم بأناقته كالسابق حزنًا واعتراضًا منه على إجباره للإقامة بالمنزل رُغمًا عنه،نطق وهو يجلس مجاورًا له:
-وبعدين معاك يا عمرو،هتفضل قاعد تندب حظك كده كتير زي الولايا
فضل الصمت ليتابع هو بنبرة حادة:
-قوم يا ابني احلق دقنك دي واقعد مع مراتك وفرفش نفسك معاها،خلي الايام تفوت لحد ما الانتخابات تعدي وبعدها إبقى اطلع واعمل ما بدالك
هب واقفًا ليسأله باستغراب:
-على فين يالاَ؟!
تطلع عليه قبل ان ينطق بسخرية:
-رايح انفذ كلامك بالحرف يا سيادة النايب
تحرك صوب الداخل ليهتف هو بغلٍ:
-إبقى قابلني لو نفعت في حاجة يا دلوع ستهم
ليسترسل هامسًا:
-داهية تاخدكم بيت هم كلكم
ليلاً
ولج لداخل شقته ليجد صوت اغاني شعبية يصدح من داخل غرفة نومه، زفر بقوة وتحرك صوبها ليفتح الباب ويتفاجأ بتلك الوقحة التي ترتدي ملابس مثيرة وتتراقص بتمايل حين تأكدت من صعوده ،تطلع عليها بتمعن لتتحرك إليه حين وجدت عينيه تمشط جسدها برغبة،نطقت وهي تجذبه ليشاركها رقصتها:
-تعالى ارقص معايا زي زمان
واسترسلت تذكره بماضيها القذر معه:
-نسيت أيام ما كنت بجي لك المزرعة ونرقص سوا
تنهد بضيق لذكرها أبشع ماضي يبغضه ويذكره بما خسره مقابل تلك النزوة الرخيصة التي أنهت على زواجه حيث كان يحيا من اجله، ومع ذلك لم يستطع الإبتعاد عنها ويرجع هذا لاحتياجه لها كأنثى ولحجز أبيه له في المنزل حيث لا ساقطات من اللولتي يغضب الله معهن،حركته غريزته الحيوانية ليجذبها ويلقيها فوق الفراش وينضم إليها ليسعد داخل تلك الحية الرقطاء لاكتمال أركان ختطها الشيطانية دون اللجوء لوضع حبوبًا منومة وخداعه.
                                     ************
داخل الجناح الخاص بفؤاد علام،صعدا لجناحيهما بعدما اجتمع علام بالجميع وقاموا بأداء صلاة العشاء جماعة،لينتهوا ويقومون بالدعاء والذكر شكر وعرفانًا إلى الله سبحانه وتعالى حيث شملهم بكرمه الواسع وبعث لهم تلك الهدية الرائعة ليبث بقلوبهم جميعًا السعادة
كان يستند على خلفية التخت مشددًا على حبيبته داخل أحضانه، يمسد على شعرها بحنان والسعادة تجعل من روحه هائمة بالسماء،همست تسأله بصوتٍ ناعس:
-مبسوط يا حبيبي؟
أجابها بنبرة هائمة توحي لشدة حبوره:
-حاسس إني هطير من السعادة
حرك كفه ليصل إلى بطنها وبات يتحسسها بشعورٍ رهيب يحضرهُ للمرة الأولى لينطق بصوتٍ غاية في التأثر:
-معقولة فيه جواكِ حتة مني،كل يوم هتكبر لحد ما يبقى بيبي ويخرج للدنيا علشان ينور لي حياتي
إعتدل بوجهه ليتمعن بعينيها متابعًا:
-نورتي دنيتي بحبك يا إيثار،والنهاردة غيرتي حياة أهلي كلهم
ابتسمت لتنطق بكلماتٍ حنون:
-ربنا يقدرني وأقدر أسعدك يا حبيبي
مسد على وجهها لينطق بابتسامة حنون:
-وجودك في حياتي ده أكبر سعادة بالنسبة لي
أردات مداعبة حبيبها لتسأله بمشاكسة:
-زعلان مني؟
-منك إنتِ؟!...نطقها باستغراب ليتابع بنبرة تفيضُ عشقًا:
-عمري ما اقدر ازعل منك يا حبيبي،وبعدين تفتكري ممكن أزعل منك في يوم زي ده
ابتسمت بدلالٍ ليسألها بعدما لمح شقاوة أنثى تحوم بعينيها:
-تقصدي إيه بسؤالك يا محتالة؟
مطت شفتيها لتنطق بمراوغة:
-البدلة السودة اللي هتتركن تسع شهور
نطقتها لتخبئ وجهها بيديها ليضحك مقهقهًا قبل أن ينطق بوقاحة:
-وتفتكري إني هسمح لك بده
كشفت عن وجهها تتمعن بملامحه باستغراب ليتابع بمداعبة:
-إبني راجل قوي وهيتحمل رخامة أبوه ومزاجه العالي
واستطرد ضاحكًا:
-وعلى رأي عزة، لا خطف ولا سفر قدروا يحركوه من مكانه،مش هتيجي على رقصة أبوه الغلبان ويعترض يعني
قهقهت بانتشاء ليتابع هو بغمزة وابتسامة جذابة:
-الإسبوع ده بس هسمح للباشا يرتاح وبعدها نستكمل فقرات مهرجان الرقص الشرقي اللي بدأناه سوا
سألته مستفهمة:
-ليه بتتكلم عنه وكأنك متأكد إنه ولد
مط شفتيه لينطق بلامبالاة:
-مش شرط، بالعكس أنا نفسي قوي في بنوتة
ليسترسل بعينين متشوقتين بقوة:
-تبقى حبيبة بابا وبنت عمره كله،ادلعها وأحطها جوة قلبي وأقفل عليها
احتدت ملامحها وتحولت لشرسة لتنطق بحدة وغيرة ظهرت بعينيها:
-أنا بس اللي حبيبتك وبنت عمرك
انتبه لتلك الشرسة لينطق وهو يحتضن وجهها بنعومة ليحدثها بصيغة المذكر بدلالٍ كطفلته:
-إنتَ حبيبي الأول يا بابا،ومهما سكن القلب بعدك من أحبه محدش يقدر يقرب من مكانك أبدًا
تنهدت بسعادة لتلقي برأسها على صدره بارتياح وكعادتها مؤخرًا غفت وهو يتحدث معها ليبتسم ويعدل من وضعيتها ليمدد جسدها ويقوم بوضع رأسها فوق الوسادة بعناية ثم جاورها الفراش محتضنًا إياها بسعادة هائلة حتى غفى بين أحضانها وغاص في سباتٍ عميق
                                    ************
بعد مرور يومين،في تمام الساعة السادسة صباحًا،ظهر ضوء الصباح ليعلن عن ميلاد يومٍ جديد ملئ بالأمل والتفاؤل عند البعض ومرعب للبعض الأخر
داخل منزل نصر البنهاوي
مازال الجميع غارقون بنومهم،انتفض نصر وجلس يتلفت من حوله عندما استمع لطرقات متتالية فوق الباب بشكلٍ عنيف يوحي بحدوث كارثة،خرج نصر من غرفة نومٍ مجاورة لغرفته الأساسية التي احتلتها تلك المتجبرة منذ ذاك اليوم،خرجت هي الاخرى لتسأله في ريبة:
-مين الحمار اللي بيخبط علينا من النجمة بالشكل ده؟!
-مش عارف،ده صوت حسنين الغفير ... نطقها نصر لتتعالي الطرقات والاصوات المنادية بصياحٍ«إلحقنا يا سيادة النايب»
نزل طلعت الدرج مهرولاً تلاه حسين الذي تسائل بفزعٍ:
-فيه إيه يا أبا؟!
أسرع نصر إلى الباب وقام بفتحه ليجد الغفير المسؤل عن حراسة منزله يجاوره حارس المزرعة التابعة لنصر البنهاوي "حسنين"يصرخ والهلع يملؤ ملامحه:
-إلحقنا يا سيادة النايب
سأله والسخط يقفز من بين عينيه وقد أوشك على الفتك به:
- في إيه يا طور منك ليه؟!
صرخ الرجل قائلاً برُعبٍ:
-لقينا قتيلة جنب سور المزرعة بتاعت جنابك والدنيا هناك مقلوبة.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا