رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29 هى رواية من كتابة روز امين رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار بقلم روز امين

رواية انا لها شمس فؤاد وايثار الفصل التاسع والعشرون 29

أنهى نصر البنهاوي إتصاله مع فؤاد ليُلقي بهاتفه فوق الطاولة الموضوعة أمامه ويتابع قائلاً بنبرة حادة توحى لمدى غضبه:
-ده أنتَ شيطان يا اخي، حتى الخطة اللي المحامي حطها علشان أضمن بيها الحضانة بوظها لي
هتف طلعت بنبرة حادة والغضب يملؤ عينيه:
-الراجل ده ملوش المعاملة دي يا حاج، ده راجل خبيث ومش هنعرف ندخل له من الحتة دي
زفر بقوة ليجيبه بنبرة حانقة:
-وأنا يعني كان في إيدي حاجة غير كده ومعملتهاش يا طلعت
واسترسل بإبانة ما أملاه عليه ذاك المحامي الخبيث:
-المحامي نبه عليا أوصل الفلوس لقصر فؤاد علام بأي طريقة علشان لما نستشهد بيه قدام القاضي يشهد بإنه استلم مبلغ مننا خلال الشهر اللي قعده الولد عنده، وبكده القاضي هيتأكد إن عمرو اللي متكفل بمصاريف إبنه بالكامل وهيحكم له بالحضانة من أول جلسة
لوت إجلال فاهها لتسأل بنبرة تشكيكية:
-وإنتَ إيه اللي يضمن لك إنتَ والمحامي إنه كان هيشهد معانا ويسيب مراته؟!
إحتدم داخل عمرو من استماعه لتلك الكلمة التي تجعل النار تشتعل بكامل جسده لكنه تمالك من حاله لابعد حد وكظم غيظه بداخله ليجيبها نصر بجدية:
-مش ده اللي يشهد زور علشان خاطر أي حد يا ستهم، ده راجل دوغري وماشي زي السيف
-وده الحل معاه إيه يا نصر؟...سؤال مستسلم وجهته إجلال ليحك ذقنه بأصابع يده قبل أن يجيبها:
-أدينا بنشوف انا والمحامي يا ستهم
زفر بضيق ليتابع باستياءًا ظهر فوق ملامحه:
-ماهو لو واحد عادي كانت ديته عندي طلقة بجنية تخلص عليه وتريحني منه
واستطرد ليذكرها برجل شركة الأمن الخاصة الذي إستأجره ليتابع خط سير فؤاد ويتحرى عنه ليمده بالمعلومات التي ربما تفيده بقضية ضم حضانة الصغير:
-لكن إنتَ كنتي قاعدة معايا بنفسك والراجل بتاع شركة الأمن اللي أجرته يستفسر عنه بيتكلم،الراجل ماشي زي الألف،ملوش غلطة واحدة تتاخد عليه، من للبيت لشغله ومن شغله لبيته، لا ليه في ستات ولا هلس ولا سهرات من إياهم ولا حتى رشوة
هز رأسهُ بيأسٍ ليتابع:
-ده غير مركز أبوه اللي نص مصر بتتهز له وتقف لإسمه تعظيم سلام
صكت إجلال على أسنانها لتهتف من بينهما بغضبٍ:
-أنا مش عارفة طلع لنا من أنهي مصيبة ده كمان
لتشتعل عينيها بنارًا مستعرة وهي تتابع بحقدٍ دفين ظهر بعينيها الغاضبتين:
-كله من القادرة بنت منيرة،كانت دخلتها شؤم على بيتي
واستطردت باشمئزاز وهي تلقي بالإفتراءات على تلك المسكينة بدون وجه حق:
-حسبتها صح وراحت لعبت على وكيل النيابة وهو زي الاهبل جري وراها وريل عليها،جرت رجله لحد ما اتجوزها وخدها جوه قصره علشان يحميها هي ويوسف
وإلى هنا تحولت ملامحها واشتعلت عيناها بالجحيم لتتابع:
-بس ورحمة الحاج ناصف ما هخليها تتهنى بعيشتها في القصر ولانهش قلبها من جوة
تابعت وهي تستعرض بقبضة يدها بطريقة شرسة:
-همد إيدي وهاخد حبيبي يوسف من قلب القصر اللي جريت تستخبى فيه، وتبقى تكمل حياتها جواه من غير إبنها ده لو قدرت
صمتت لتتطلع على ذاك الجالس بإطمئنان يرتشف مشروب الشاي باستمتاع ولا يبالي لحديثهم الدائر وكأن الأمر لا يعنيه بالمرة لتسألهُ باستغراب وجبينٍ مقطب:
-إنتَ ساكت ليه يا عمرو؟!
-بسمعكم...كلمة نطقها بنبرة باردة كالثلج ليقطب نصر جبينه وهو يرمقه بتعجبٍ ليسألهُ:
-إلا قولي يا عمرو بيه،إنتَ بتغطس تروح فين اليومين دول؟!
بنبرة هادئة أجابهُ:
-ما أنا قولت لك قبل كده يا بابا،بسهر مع إصحابي في شقة واحد زميلي قاعد في المركز
رمقه طلعت بازدراء قبل أن ينطق بنبرة متوجسة:
-يارب بس ماتجبليناش مصيبة جديدة بسهراتك دي
ليستكمل نصر حديث ولده بتهكمٍ وهو يتطلع عليه بسخرية:
-لا إزاي، ميبقاش عمرو لو قعد عاقل زي البني أدمين
ليتابع بحدة وغضب:
-مروحتش الرؤية بتاعت إبنك الإسبوع ده ليه يا بيه؟!
المحامي بتاع الهانم رن عليا وقال لي إنه كلمك وإنتَ مردتش عليه
ارتشف من كوبه بهدوء ثم أجابهُ بنبرة مستفزة تعجبت لها إجلال:
-نسيت يا حاج، هبقى أروح له الإسبوع الجاي
بكلماته الباردة نجح في تأجج غضب أبيه ليصيح الاخر بحدة بالغة:
-نسيت تشوف إبنك؟!
ليسخر متابعًا:
-ومراتك اللي فوق دي كمان ناسيها
واسترسل بنبرة حادة توحى لمدى وصوله للمنتهى من الغضب:
-إسمع يا عمرو علشان أنا جبت أخري منك،من النهاردة ترجع تبات في شقتك مع مراتك، أنا عايز حفيد، مش هتقعد لي على حتة الواد اللي جبته
واسترسل بحدة:
-أمال مين اللي هيورث الأبعدية دي كلها من بعدي ويكمل طريقي؟!
هب واقفًا كمن لدغهُ عقرب ليهتف بجنون وحدة:
-إنسى الموضوع ده يا ابا،علشان لو السما انطبقت على الأرض مهرجعش أنام في سرير واحد مع العقربة دي
قاطعتهُ إجلال لتقول باستياءٍ ولوم قد فات أوانهُ:
-وكان مين اللي بلانا بالعقربة دي يا عمرو، مش إنتَ والشيطانة بنت منيرة اللي دخلتها بيتي؟!
صاح نصر بنبرة غاضبة:
-عدى وقت الكلام ده خلاص يا ستهم،البلوة واتبلينا بيها واللي كان كان
ثم حول وجهته إلى ذاك الوقف بجسدٍ ينتفض غضبًا ليتابع أمرًا بصرامة:
-إسمع يا واد،من النهاردة هتبات في شقتك مع بنت ناصرة،وشقة المحروقة بنت غانم مشوفكش تعتبها إلا لما ارجعها لك فيها مذلولة من تاني، وإلا قسمًا بالله أحرقها بكل اللي فيها
وأشار بسبابته بتهديدًا جاد ظهر باشتعال عينيه:
-كلامي يتنفذ من النهاردة،وإلا ملكش قعاد في بيتي ورجلك متخطيش فيه لحد ما أموت
زمجر بكلماتٍ غير مفهومة وهو يهرول للخارج كالإعصار المدمر، وكعادة تلك الشريرة كانت تتسمع عليهم من فوق الدرج ليتهلل وجهها فرحًا
ابتسم طلعت شامتًا بشقيقه الأصغر ليرجع بظهره للخلف وينطق بتفاخر:
-اللي هيكمل طريقك ويورث أسمك على حق جاي في الطريق يا حاج
شمله بنظرة ساخرة قبل ان ينطق متهكمًا:
-ما تتنفخش قوي كده يا اخويا قبل ما تتأكد من اللي في بطن المعدولة مراتك، مش يمكن تكسفك زي كل مرة وتجيب لك الرابعة
بنظراتٍ حادة نطق بتحدي دون أن يقدم مشيئة الله:
-هيبقى ولد المرة دي يا حاج، ده أنا صارف قد كده مع الدكتورة قبل الحمل ومشتنا على نظام أكل معين، واكدت لي إن كل اللي جرب الطريقة دي نجحت معاه وجاب الولد
ابتسم نصر ساخرًا من حسرته على حال أنجاله ليتحدث حسين متعجبًا حديث شقيقه المنافي لعقله:
-هو ده كلام ناس عاقلين بردوا يا طلعت، ولد إيه ده اللي بيتحدد من نوع الاكل، يا راجل قول كلام يتصدق،ثم إن الموضوع ده بالذات بإيد ربنا سبحانه وتعالى، ﴿يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إناثًا ويَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ﴾
شمل اخاه بنظرة حاقدة لينطق بازدراء:
-العلم إتقدم يا أبو العريف،متنبرش بس إنتَ فيها وهي تكمل
-خلصونا بقى من كلامكم اللي زي قلته ده وخلونا في موضوع يوسف...جملة نطقتها إجلال باستياء وصرامة جعلت من طلعت ينظر لها بحدة فهي لا يهمها أمر أحدًا من سكان هذا المنزل سوى مدللها العظيم "عمرو" ونجله وفقط،ولو بيدها لبسطت ذراعها للسماء لتخطف له نجمة تقدمها لإسعاده لفعلت وما تأخرت.
انسحبت سمية لمسكنها سريعًا لتمسك بالهاتف وتطلب والدتها التي سرعان ما اجابت لتهتف الأخرى بنبرة حماسية تذكرها بحديثهما الماضي:
-خلاص يا ماما،الفرصة اللي بستناها جت لحد عندي،الحاج نصر ضغط على عمرو ومن النهاردة هيرجع يبات معايا تاني
يرجع أساس هذا الحديث إلى قبل يومان،حيث أبلغت تلك الحية والدتها بختطها وهي أن تحاول جاهدة بالتقرب من عمرو ليحدث بينهما معاشرة ومن ثم تفصح للجميع عن حملها،ثم تبدأ بالبحث عن إمرأة فقيرة تحمل برحمها ولدًا تهبها إياه مقابل مبلغًا هائلاً من المال،ولو لم تجد سيصل الامر بها لتأجير أحدهم ليخطف لها طفلاً حديث الولادة من أي مشفى خاص بالتوليد وتعطيه هو المبلغ،لتمثل هي الحمل طيلة المدة وهذا الامر لم يكتشفه عمرو لعدم رغبته بالتقرب منها، وتلك هي فرصتها الاخيرة لتعزيز مكانتها بمنزل نصر البنهاوي،وافقتها والدتها على خطتها الشيطانية، وأتفقتا أيضًا على تأجيل عملية إستئصال الرحم لحين الإنتهاء من خطتها
استرسلت سمية بنبرة حماسية:
-لازم أخطط للموضوع كويس قوي وأعمل حسابي من الوقت علشان أجمع مبلغ كبير،محدش عارف الموضوع ده ممكن يكلفني قد إيه
ابتسمت الاخرى بمكرٍ لتصمت بتفكير قبل أن تنطق متوجسة:
-بس قبل أي حاجة لازم تتابعي مع الدكتورة وتقولي لها إنك هتأجلي موضوع شيل الرحم ليكون خطر عليكِ
تحدثت بلامبالاة ظهرت بصوتها:
-ولا خطر ولا حاجة، دول كلهم تسع شهور هيعدوا هوا،وهحاول أشوف حل وألاقي العيل جاهز بعد سبع شهور وأقول ولدت في السابع وخلاص، أهو اكسب شهرين
أومأت لها الأم واستحسنت تفكير صغيرتها الشيطاني لتغلق معها بعد ان اتفقا على البحث عن من سيجلب لهما الطفل.
بالكاد أغلقت هاتفها ليصدح رنينه من جديد،زفرت بقوة حين وجدت نقش إسم نسرين على شاشة الهاتف،لم تعد تدري كيف تتصرف مع تلك اللعينة التي تظل تطاردها وتبتزها بالمكالمة المسجلة لتتلقى منها المزيد من النقود والتي لا تتوقف عن الإشباع منها مهما مدتها الأخرى بالاموال، والأن لا بد أن تحسم أمرها للتعامل الجدي معها، فقد أصبحت تسبب لها إزعاجًا شديد ولا بد من التعامل مع الأمر بجدية كي تقطع دابر تلك المشكلة
بالأسفل
صدح صوت هاتف نصر لينظر بشاشته ثم يختطفه ويهب واقفًا سريعًا إستعدادًا للإنسحاب مما جعل الريبة تدخل قلب إجلال لتسأله بحدة:
-مين اللي بيرن عليك يا نصر؟!
وضع شاشة الهاتف صوب عينيها لينطق بصوتٍ جاهد ليخرجهُ متزنًا:
-مكتوب قدامك الحاج عبدالسلام، ده عضو مجلس الشعب بتاع سوهاج اللي بيكلمني على طول
اومأت بلامبالاة حين رأت إسم المتصل ليتحرك هو إلى الحديقة وابتعد إلى نقطة لن يستطيع أحدهم الإستماع إليه لينطق بنبرة حادة:
-شكلك ناوية على طلاقك مني قريب
-ليه بس يا بيبي، ده انا حبيبتك شذى...قالتها بغنج أثار حنقهِ أكثر ليهتف بنبرة مشتعلة:
-سيبك من أمور السهوكة بتاعتك دي علشان مش هتاكل معايا
ليهتف من بين أسنانه:
-أنا مش منبه عليكِ بدل المرة ألف وقايل لك ماتتصليش بيا طول ما أنا في البلد مهما حصل
مطت شفتيها لتمثل عليه الحزن:
-وعاوزني أعمل إيه بس يا نصر،إنتَ ليك أكتر من إسبوعين مجتش الشقة وحتى التليفون بطلته
أغمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا ليهدئ من حالة الغضب التي تملكته ثم تحدث بنبرة أقل حدة:
-أنا مش قايل لك يا بنت الناس إن عندي ظروف هتمنعني أجي لك الفترة دي،وبعدين الإنتخابات قربت وانا مش عاوز شوشرة على إسمي
-وأنا ذنبي إيه أتحرم من حبيبي المدة دي كلها من غير ما أشوفه...قالتها بدلال لاستقطابه لتتابع بنبرة حذرة:
-وبعدين فلوسي خلصت، وإنتَ معملتش حسابك تسيب لي مبلغ يكفيني المدة اللي هتغيبها عني
ضيق بين عينيه ثم ابتسم نصف ابتسامة ليلوي فمه وهو يقول في تهكمٍ واضح:
-بقى هي الحكاية كده يا ست شذي،طب ما تقولي من الأول إنك متصلة علشان الفلوس وبلاه اللف والدوران ده كله
استدعت دهاء ومكر الانثى سريعًا لتنطق بنبرة غلب عليها الحزن والإنكسار:
-دايمًا كده ظالم شذى حبيبتك،مش كفاية سايبني لوحدي للغيرة تنهش فيا كل ما أتخيل إن جوزي وحبيبي مع واحدة غيري
مطت شفتيها قبل أن تنطق بصوتٍ يهيم شوقًا اجادت صنعه بمنتهى البراعة:
-شكلك كده مبسوط عندك علشان كده نسيت شذى اللي بتتمنى لك الرضا علشان ترضى

نطقت جملتها بدلالٍ وغنج اشتاق إليه ذاك المحروم ليبتسم ساخرًا وهو يتذكر علاقتهُ العجيبة مع إجلال،تنهد بقلبٍ مال واشتاق ليجيبها بعد أن إنصاع لطريقة سحبها لمشاعره:
-إنتِ عارفة إن القلب مفهوش غيرك يا مُزة،وإن مبيبعدنيش عنك غير الشديد القوي
بنبرة أنثوية تتبعها دائمًا لجذب ذاك الأبله نطقت تلك الداهية:
-والله اللي أعرفه إن اللي يحب مراته بجد ميقدرش يبعد عنها كل المدة دي، وييجي يغرق في حنانها تحت أي ظروف
ازدرد لعابهُ شوقًا بعد كلماتها المثيرة والتي نطقتها عن عمدٍ ليجيبها دون أن يفكر بمخاطر ما سيفعلهُ:
-يومين بالظبط وهبقى عندك، جهزي لي نفسك علشان راجلك عطشان لحبك
اطلقت ضحكتها الخليعة التي تثير بها جنونه ليغلق معها سريعًا قبل أن يُكشف أمره.
                                 **********
داخل منزل غانم الجوهري
كانت نوارة تجلس بجوار زوجها داخل غرفة المعيشة،تنظر لعبوس وجهه وحزنه الذي ما عاد يفارقه منذ وفاة والده وطغيان عزيز عليهم،نظرت لتلك السيجارة المشتعلة التي يمسكها بين أصابعه وينفث دخانها بشراهة وضيق،تنهدت بأسى لتنطق في محاولة منها بمؤازرة زوجها:
-خلاص بقى يا وجدي،ريح نفسك شوية وبطل السجاير اللي عمال تحرق فيها دي
هتف بنبرة حادة ليعبر عن صدمته:
-هتجنن يا نوارة،مش قادر أتخيل اللي عزيز عمله فينا وفي أمي
رمقته بضيق لتجيبه باستياء وجرأة:
-ومستغرب ليه، مهو عمل اللي أوحش من كده ألف مرة في اختكم وإنتوا سكتوا
رمقها بحدة ليجيب على حديثها بقوة ليبرر لحاله قبلها:
-دي غير دي،موضوع إيثار عمله علشان خايف عليها وعاوز لها الستر
صاحت بصوتٍ معارض:
-متكدبش على نفسك يا وجدي، عزيز مبيعرفش يخاف على حد غير نفسه وعياله وبس، أنا وانتَ عارفين إنه عمل كده علشان الحاج نصر يرجعكم لشغل الحفر على الاثار معاه من تاني
خجل من نظراتها الحادة لكنه عاند كي لا يظهر بصورة بشعة أمام زوجته:
-وإنتِ كنتي دخلتي جوه ضميرنا وكشفتي اللي فيه يا ست نوارة؟!
ليسترسل بحدة:
-عمومًا أهي خلاص، اتقفلت من كل ناحية علشان ترتاحي إنتِ وإيثار
أجابته بحزنٍ ملئ ملامحها:
-وإيثار ذنبها إيه،دي البنت رغم وقوفك في صف عزيز ضدها كانت بتبعت لي فلوس من وراك أجيب للعيال اللي ناقصهم
جحظت عينيه مذهولاً من اعترافها لتتابع تخبرهُ:
-لهو أنتَ كنت فاكر إن المرتب اللي بتديهولي كل شهر هيجيب للعيال كل نواقصهم؟!
هز رأسهُ بعدما شعر بخيبة وخجلٍ شمل كيانه ليسألها بنبرة خجله من حاله:
-وإنتِ ليه مقولتليش حاجة زي كده؟!
تنهدت بحزنٍ تجيبه:
-هي اللي منعتني أقول لك علشان متحسش إنك قليل ومش قادر تكفي بيتك
أغمض عينيه يضغط عليهما بحسرة ومرارة تحت تأثر زوجته على حالته.
                ********
عودة إلى إيثار الساكنة بقصر زوجها، كانت تتجول بالحديقة بصحبة زوجها بعد أن تناولا وجبة الغداء في حضور العائلة،خرج والدهُ ليتابع زهوره النادرة التي يهتم بها بنفسه فانضم إليه فؤاد بعد أن إستاذنت منه تلك العاشقة ليتركها لحالها كي تتحدث إلى عزيز عبر الهاتف،ضغطت زر الإتصال على ذاك الجالس بغرفته بالأعلى بجوار زوجته ليتفاجأ برقم شقيقته بعد أن أزالت خاصية الحظر،أجاب سريعًا يجيبها بنبرة حادة وعيناي تطلق شزرًا:
-لسة ليكِ عين تتصلي بيا بعد ما فضحتينا في البلد وصغرتينا قدام الحاج نصر وعياله؟!
قلبت عينيها بسأمٍ واطلقت زفرة قوية لتمد حالها بالطاقة والصبر كي تستطيع مجابهة ذاك الذي لا يملك ذرة واحدة من الرحمة أو الإنسانية،لذا قررت أن تتعامل معه بحدة وصرامة كي تحثه على التراجع:
-إسمعني كويس علشان معنديش وقت اضيعه في كلامك الفارغ ده
استشاط داخله وكاد أن يرد لتقاطعه هي متابعة بقوة:
-عندي ليك كلمتين هتسمعهم وتنفذهم بالتي هي أحسن، يا إما متلومش غير نفسك على اللي هيحصل لك مني
صاح بنبرة غاضبة أرعبت نسرين الجالسة بجواره:
-والله عال يا ست إيثار،ده أنتِ طلع لك حِس وبتعرفي تهددي عزيز كمان؟
-أهددك واهدد اللي يتشدد لك طول ما أنا على حق...قالتها بقوة ونغمة جديدة على أذن ذاك المذبهل لتتابع بصرامة أكثر:
-وبعدين إسمعني وإنتَ ساكت علشان زي ما قولت لك معنديش وقت
  إرتسمت إبتسامه ساخرة علي جانب فمه ليجيبها بطريقة تهكمية:
-وماله، قولي يا مرات وكيل النيابة وإشجيني
اغمضت عينيها لتتخطى سخريته الواضحة لتكمل ما هاتفته لأجله:
-تاخد الحية اللي إنتَ متجوزها وتنزل تتأسف لأمك قدام البيت كله، وبعدها تتلقح فوق في شقتها ورجلها متخطيش الدور اللي تحت غير وهي خارجة برة البيت
واسترسلت بلهجة أمرة زادت من اشتعاله:
-خزين البيت من القمح والذرة تتصرف وتخلقه وترجعه البيت تاني،ومن النهاردة ملكش قعاد تحت لا انتَ ولا مراتك،وأخوك اللي عملت عليه راجل وضربته بالقلم تتأسف له وإياك تفكر تعيدها تاني، وإلا قسمًا بالله هتشوف مني وش عمرك ما كنت تتخيله
فهقه ساخرًا ليسألها متهكمًا:
-وإيه كمان يا هانم، إشجيني إشجيني
أخذت نفسًا مطولاً لتتابع:
- بص يا عزيز،إيثار اللي بتتكلم معاك غير البنت المكسورة اللي كنت تعرفها، أنا الوقت مرات رئيس نيابة كلمته بتهز محاكم، وياريت كمان ما تنساش إن البيت والارض بإسمي، يعني لو عملت لك محضر بالطرد من بيتي الشرطة هتيجي تخرجك بالقوة ومفيش مخلوق هيقدر يساعدك حتى نصر اللي طول عمرك بتتحامي فيه
شعر بالهزيمة وبأن معركتهُ خاسرة أمام جبروت شقيقته التي جعلت منها الظروف أقوى منه وبدلاً من أن يرعبها كعادته باتت هي من ترهبهُ بتهديداتها الصارمة،ابتلع كلماته ونيرانه المستعيرة ليحاول للمرة الاخيرة عله يستطيع ليقول بتهديدٍ حاد مصطنع:
-فكري كده تعمليها وأنا تاني يوم هاخد أمك وأخليها ترفع قضية الحضانة
بنبرة باردة أجابتهُ باستفزاز:
-وماله، إعملها، وأنا كمان تاني يوم هبيع الأرض وأطلعكم كلكم برة البيت وأبيعه هو كمان ونبقى كده خالصين
وبجوابها هذا تأكد أنهُ قد خسر أخر جولة له،طال صمته لتبتسم بسخرية بعد أن علمت استسلامه لتنطق بنبرة تحمل بين طياتها تهكمًا لازع:
-كده نبقى متفقين، إتفضل نفذ اللي إتفقنا عليه بالحرف الواحد، ولو أي شرط ما اتنفذش هعرف وهزعل، وأنا زعلي بقى وحش قوي يا عزيز
ابتسم بسخرية على ما وصل إليه ليجيبها باستسلام:
-حاضر يا مرات رئيس النيابة، تؤمري بحاجة تانية؟
أجابته باستفزازٍ ارادت به إذلاله لترد له بعض ديونهُ:
-لحد الوقت لا،لكن لو جد في الأمور حاجة هكلمك
قالت كلماتها لتغلق الهاتف ولم تعطه حق الرد مما جعلهُ يحتمدم غيظًا، سألته نسرين التي كانت تتابع ما يحدث بتركيزٍ شديد:
-عاوزة منك إيه العقربة دي؟!
وكأن بسؤالها هذا أججت داخله ليخرج ما بها من نارٍ شاعلة ظهرت بعينيه وهو يوبخها بحنقٍ:
-إخفي من وشي الساعة دي لو عاوزة تصوني كرامتك
ابتلعت لعابها وهبت من جواره ليهتف بصوتٍ جاد بعدما حسم أمره:
-إعملي حسابك هتقعدي في شقتك من النهاردة، أكلنا وشربنا هيبقى هنا، ويلا علشان تنزلي معايا علشان تعتذري لأمي عن اللي حصل
عودة لإيثار التي انتهت من مكالمتها لتفاجأ بقدوم فريال باتجاهها لتقف أمامها وبقامة مرتفعة سألتها باستغراب:
-مقولتيش لفؤاد على الكلام اللي أنا بلغتك بيه ليه؟!
تطلعت عليها بتمعن لتنطق بثقة وصدق:
-مش أنا اللي أدخل البيوت وأفرق الإخوات عن بعضها
رفعت حاجبها الأيسر باستنكار لتنطق باستخفاف وتشكيك:
-حركة ذكية منك عاوزة تبيني لي من خلالها قد إيه إنتِ إنسانة أصيلة وعندك مبادئ
تعمقت بمقلتيها قبل أن تنطق بصوتٍ جاد:
-أنا مش محتاجة لكل ده ولا مجبرة إني أحسن صورتي وأجملها في عنيكِ لسبب بسيط، قطبت الأخرى جبينها تنتظر حديثها لتسترسل هي باعتزاز وثقة بالنفس وبحبيبها:
-وهو إن جوزي شايفني بالصورة اللي أنا عليها وده اللي يهمني في الموضوع
أجابتها باقتضاب:
-جوزك عاشق والعشق بيعمي العيون
رفعت حاجبها متعجبة من إعترافها لتنطق لتذكرها بحديثها الماضي:
-طب كويس إنك إكتشفتي إنه عاشق وإتجوزني للسبب ده، مش شفقة منه وبونت جدعنة زي ما بلغتيني
تطلعت عليها ثم أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تقول بهدوءٍ حذر بعدما قررت الإكتفاء بهذا الحد كي لا تثير غضب تلك الهادئة:
-على العموم أنا متشكرة إنك احتفظتي بالكلام ده بينا، وأتمنى فؤاد ميعرفش عنه حاجة
أجابتها بملامح وجه جادة ونبرة صارمة:
-إطمني،لو عاوزة أقول له كنت قولت له لما جالي أوضتي يومها وسألني عن التغيير اللي حصل في معاملتي ليه، ساعتها اتنرفذ عليا وسألني، لو عاوزة أتكلم كنت إتكلمت وقتها وبرأت نفسي من تصرفي اللي ضايقه وأزعجه بشكل لا تتخيليه
للحظة خجلت من حالها وتخيلت حزن شقيقها التي تسببت هي به،قاطع لحظة صمتهما إقدام فؤاد بإتجاههما ليسأل حبيبته بنبرة أب لإبنته وليس زوجًا:
-خلصتي مكالمتك يا بابا؟
أه يا حبيبي خلصتها...قالتها وهو يسحبها ليغمرها داخل أحضانه ثم يميل بقامته ليقبل رأسها بطريقة أشعرتها بأنها تملك الدنيا وما عليها،بسط ذراعهُ في دعوة منه لاستدعاء تلك الواقفة تتطلع عليه بحزنٍ ظهر بعينيها لكنه يدري سببه جيدًا،كأنها كانت تنتظر ذاك التصرف لتبتسم بحبورٍ وهي تبادر بتسليمهُ كفها ليسحبها هو ويسكنها الجانب الاخر من حضنه ليتقابل وجه كلتا اللتان نظرتا لبعضيهما ليشدد هو من ضمته لكلاهما قبل أن ينطق بصوتٍ يمتلؤ بالسعادة والحنان:
-إنتوا أغلى إتنين على قلبي ومعاكم ماما،كل واحدة منكم ليها مكانتها الكبيرة قوي في قلبي
إبتسمت فريال ورفعت وجهها إليه تسألهُ بمشاكسة:
-بس مكاني في قلبك أكبر مكان فيهم، إعترف
إبتسم ليميل على جبينها يضع به قبلة حنون وهو يقول:
-إنتِ أختي الوحيدة وشريكة طفولتي وصبايا يا فريال،أنا وأنتٍ عيشنا أيام مفيش اي حاجة تقدر تمحيها
حثها لترفع رأسها ثم تعمق بعينيها لينطق بذات مغزى:
-سعادتك وإستقرارك وأمانك أهم شئ عندي،ولو سعادتك في بق الأسد هخاطر بعمري واخطفها وأقدمها لك علشان بس أشوفك سعيدة
إرتبك داخلها وللحظة شكت باكتشاف أمرها لتتطلع على تلك التي نفت بعينيها لتطمئن قليلاً وبرغم هذا نطقت بنبرة خرجت مرتبكة رُغمًا عنها:
-سلامة عمرك يا فؤاد
إبتسم لها ثم إلتفت ينظر لتلك التي تكبله من الخلف مما جعلهُ يشعر بأعلى درجات السعادة والرجولة،مال على وجنتها ليضع قُبلة لامست جلدها بجنان بث من خلالها مدى هيامه،تنهد ليتحدث إلى فريال ومازال متعمقًا ببحر حبيبته:
-مقولتليش يا فيري، بعد الوقت اللي قضتيه مع إيثار في البيت إيه رأيك في إختياري الجامد لنصي التاني
تطلعت بنظراتٍ حادة لتنطق بذات مغزى:
-مش مهم رأيي أنا يا فؤاد،المهم إنك تكون مرتاح والأهم إنها تثبت إنها جديرة بإسم فؤاد علام
رفعت الاخرى قامتها لتقول بنظراتٍ قوية بها تحدي:
-أهم من إني أكون جديرة بإسم فؤاد علام هو إني اكون جديرة واستحق حبه وحنانه اللي قدمهم لي في وقت كنت في أمس الحاجة ليهم
لتتابع بكلماتٍ تقطر صدقًا وهي تتعمق بعيناي حبيبها:
-شكرًا يا حبيبي،شكراً على حبك وحنانك وإهتمامك بمشاعري ومشاعر إبني، شكرًا على على كل حاجة حلوة حصلت لي وكنت سبب رئيسي فيها
-بحبك...نطقها بولهٍ متناسيًا تلك الساكنة الجانب الاخر من حضنه لتبتسم وهي تشير بعينيها باتجاه فريال كي ينتبه فضحك لتتحدث وهي تنسحب تاركة المجال لهما ولكي تهتم أيضًا بصغيرها:
-أنا هروح أخد چو ونطلع علشان ياخد شاور
لتتابع وهي تنظر للصغير الواقف بجوار علام يساعدهُ بالإهتمام بري الزهور وسعادة الدنيا فوق ملامحه:
-شكله تعب سيادة المستشار معاه
-بالعكس، بابا بيحبه جدًا واتعلق بيه...قطبت جبينها لتتطلع بتعجبٍ على تلك التي نطقت الكلمات بعفوية ودون إدراكٍ منها لتحمحم بإحراجٍ كي تكمل مجبرة على الإعتراف بالحق:
-الولد مهذب ولذيذ،إسمحي لي أهنيكِ على إسلوب تربيتك ليه
-ميرسي...قالتها وهي تميل برأسها وتضع كفها فوق صدرها بطريقة مسرحية لتتابع:
-دي شهادة غالية ومميزة من فريال هانم علام في حق الفقيرة إلى الله إيثار الجوهري
طالعتها بأعين متفحصة قبل أن تسألها بتشكيك:
-مش عارفة ليه عندي إحساس إنك بتتريقي 
بنبرة جادة اجابتها:
-أنا مبعرفش أتريق على حد وده مش إسلوبي، لما الكلام ميعجبنيش مابردش وبلتزم الصمت، والمفروض إن اللي قدامي يعرف من سكاتي إن كلامه ازعجني
رفعت فريال حاجبها فقد راق لها إسلوب تلك الـ إيثار، لم تنكر إعجابها بشخصيتها القوية وردودها الجاهزة والقوية والمنمقة بالوقت ذاته،لماحة ذكية تمتلك من الحنكة ما يجبر الاخرون على إحترامها
كانت نظراته تتابع كلتاهما بتمعنٍ واهتمام،تنهد ثم تحدث قاصدًا حبيبته:
-إطلعي يا روحي شوفي هتعملي إيه لـ يوسف وسبيه مع عزة تنيمه،وأنا ساعة بالكتير وهطلع لك
ثم مال بجانب أذنها ليهمس بوقاحة:
-متنشيش الخلخال
-وقح...همست بها ليطلق قهقهاته العالية تحت استغراب فريال للتحول الجذري الذي حدث لشقيقها الكبير العاقل،سيادة المستشار،خرجت من بين أحضانه لتنظر لها وبابتسامة هادئة تحدثت:
-بعد إذنك يا فريال
اومأت بهزة من رأسها لتنسحب تحت نظرات ذاك المغروم،تنهد لينظر من جديد إلى شقيقته ليسألها بمشاكسة:
-مش عارف ليه حاسس إن فيه حاجة بينك وبين إيثار أنا ما اعرفهاش
تلبكت لتسألهُ بعيني زائغة ترجع لبرائتها وعدم خبثها:
-حاجة، حاجة زي إيه يا فؤاد؟!
-ما أنا لو أعرف مكنتش سألتك...قالها بحيرة مفتعلة ليتابع بنبرة جادة وقد استشف بدهائه بعدما ربط الاحداث ببعضها أن شقيقته هي من قالت ذاك الحديث الذي سألته عنه إيثار ليلة أمس وما إذا كان أبلغ والدهُ عن مشاكلها مع عائلتها أو عن إنتوائه لتركها بعد أن تحصل على حضانة الصغير:
-مش عجباني العلاقة بينكم، حاسس إنكم واقفين لبعض على الواحدة
ليتابع وهو يهز رأسه باستنكار:
-مرتاحتش لنظراتكم لبعض ولا لكلامكم
تحمحمت تنفي شعوره لتقول:
-شعورك مش في محله المرة دي يا فؤاد
ابتسم ليجيبها بنبرة حنون:
-أتمنى
تعمقت بعينيه لتفاجأهُ بسؤالها:
-إنتَ بتحبها بجد؟!
ظهر العشقُ بعينيه قبل أن يتنهدُ بارتياحٍ لينطق بكلماتٍ تقطر عشقًا:
-عمري ما دوقت للحب طعم غير معاها،نظرت عنيها كفيلة إنها تزيل كل همومي وتنسيني أي وجع عيشته قبلها، معاها بحس إني رجعت فؤاد بتاع زمان،فؤاد اللي كله حيوية وعنده تطلعات وأحلام
كانت تنظر إليه بعينين حنون،لقد تأكدت من عشق شقيقها الحبيب لتلك القوية الأبية، لا تنكر أنها أعجبت بصفاتها لكنها وإلى الأن لم تضع ثقتها الكاملة بها وستظل تلاحقها إلى أن يثبت العكس، فاقت على صوت شقيقها الذي نطق يطالبها بعيناه:
-علشان كده ياريت متحاوليش تضايقيها ولا تزعليها، لأن ساعتها هتكوني بتزعليني أنا مش هي
نطق كلماته بدهاءٍ ليصل معناها لشقيقته وها هي الأن تبصم بأصابعها العشرة أنه كشف امرها بفطانته،تعلم علم اليقين أن شقيقها ليس بالرجل الغبي وسيربط التفاصيل ببعضها ليصل بالنهاية أنها من أخبرت تلك المرأة التي جلبها إلى القصر لينصبها على عرش قلبه
تعمق بعينيها يتنظر جوابها فأومأت له بابتسامة خافتة وقد إعتراها الخجل من إكتشاف فعلتها الغبية
                                  **********
ولجت إلى جناحها الخاص بهما لتشهق حين رأت التجهيزات التي أشرفت عليها عصمت بذاتها،لم تكن مرتها الاولى التي تلجُ بها إليه لكنه أصبح مختلفًا تمامًا بعد أن وُضعت بعض اللمسات السحرية التي حولته،كانت الغرفة مزينة بألوانٍ هادئة ودافئة تعكس الهدوء والراحة لساكنيها،أثاثها بسيطًا وأنيقًا بالوقت ذاته،اما المفروشات فكانت من الألوان الزاهية لإضفاء جواً من الدفء والحيوية، تتوزع مصابيح الإضاءة بشكلٍ متناغم مما يخلق أجواءًا مختلفة حسب الحاجة،فمنها الإضائة العالية ومنها الخافتة،سعدت بشدة لتبتسم تلقائيًا وهي تتطلع لأوراق الزهور المنثورة على الارضية بشكلٍ متناسق وبسيط بلونيها المميزان الأبيض والأحمر،رفعت بصرها لترى طاولة مستديرة بالمنتصف مليئة بأصنافٍ متنوعة من ثمار الفاكهة المحببة لدى كلاهما،بالإضافة إلى كأسان فارغان لإستعمالهما في المشروب البارد المتواجد بتلك القنينة،على الجانب يوضع وعاءًا من الكريستال المبهر مملؤًا بالشيكولاتة المحببة لديها،يبدوا أن حبيبها هو من جلبها خصيصًا لنيل رضائها،أخذت نفسًا عميقًا لتستعد لـ ليلتها المميزة حيث يتطلع فارسها إلى الكثير والكثير من الدلال والغنچ كتعويضًا له عن عنادها وصرامتها في التعامل معه منذ زواجهما، ولچت لداخل الحمام لتختفي بداخله وتنعم بالإستجمام داخل حوض الإستحمام ودلال حالها بإضافة بعضًا من الزيوت العطرية إلى الماء وأيضًا أوراق الورود المخصصة لهذا الغرض، خرجت بعد قليل لتجفف شعرها بجهاز مجفف الشعر الكهربائي،إرتدت ثوب النوم الخاص الذي أختارهُ لها فؤادها لتتحرك وتقف أمام مرآة الزينة لتصعق من شدة جمال الثوب على جسدها، فقد أُختير بعناية فائقة من قِبل ذاك المغروم،وضعت بعض مساحيق الزينة البسيطة للغاية لتظهر جمال عينيها وشفتاها المكتنزة حيث لونتها بأحمر شفاه باللون النبيذي درجة أفتح من درجة الثوب، أمسكت قنينة العطر ونثرت من رذاذها لتشتم رائحة الفانيليا المثيرة وهي تغمض عينيها باستمتاع،وأثناء تطلعها على هيأتها شعرت بدخول أحدهم إلى الجناح ليظهر فارس أحلامها بانعكاس صورة المرآة،تعمقت بعينيه المذهولة من مظهرها الذي يدعوه للجنون، فتنته هيأتها وأنوثتها الطاغية، يا الله، كل شيئًا يصبح معها مبهرًا وفريدًا،أخذ يتطلع اليها عدة لحظات طويلة بصمت متفحصًا إياها بعينين تلتمع بالشغف،ساقته خطواته إليها حتى أصبح خلفها مباشرةً ليلف ذراعيه حول خصرها المنحوت وهو يتعمق بعينيها الساحرة،دفن أنفه بثنايا عنقها وبات يشتنشق رائحتها العطرية، نظر بعينيها وهو يقول بنبرة تدل على مدى وصولهُ للهيام:
-إنتِ إزاي حلوة ومثيرة قوي كده؟!
ليتابع بإنبهارٍ وذهول:
-وأنا إزاي مشفتش ولا أخدت بالي من كل ده إمبارح؟!
مطت شفتيها لتمثل الحزن بأعينها وتسألهُ بغنجٍ ودلال:
-قصدك إني مكنتش حلوة إمبارح ومش عجبتك؟!
غمرها بنظراتٍ يملؤها حنان الدنيا قبل أن ينطقُ بولعٍ:
-إنتِ سحرتيني إمبارح مش بس عجبتيني
واسترسل موضحًا الفرق بإبانة:
-بس اللي حصل بينا إمبارح كان من روح عاشقة عطشانة ومتشوقة لقُرب روح الحبيب،النهاردة الوضع يختلف، إحنا النهاردة بنكتشف بعض لأول مرة،إمبارح تقاربنا كان من حبيب لحبيبه، بس النهاردة إشتياق راجل للست اللي هوسته من أول مرة شافها فيه وأتمنى يعيش معاها اللحظة دي
ليسترسل متسائلاً بغمزة من عينيه:
- فهمتي الفرق
إبتسمت لتجيبهُ بدلال:
-بحاول
-أنا هفهمك بس بطريقة عمليه... قالها بغمزة وقحة لتبتسم بسعادة،تحرك مجبرًا إلى الخزانة ليخرج العُلبة ويخرج منها ذاك الخُلخال الألماسي الذي دفع فيه مبلغًا طائلاً من المال لينتهي به الأمر بأسفل ساق تلك الرائعة،مال بطوله ليركع تحت قدماها وبدأ بتلبيسها إياه بساقها اليُمنى ليميل عليها يُقبلها باستمتاعٍ ونهم تحت ذهولها من المنظر،لو كان أحدهما أبلغها قبل مدة أن فؤاد علام ذاك المتكبر المغرور سيركع تحت ساقيها ويقوم بتقبيله وإلباسها خلخالاً من الألماس لقالت أنه فاقد العقل والاهلية، رفع بصره ينظر لتلك المذهولة بعيناي تنطق شوقًا ليقف منتصب للظهر ويمسك كف يدها يضع بداخلهُ قُبلة بث لها من خلالها كم الإشتياقِ،نظرت له بعيناي سعيدة لترتمي بأحضانه وهي تهمس:
-يا عمري يا فؤاد،أنا بحبك قوي
-وأنا بعشق كل ما فيكِ يا عيون فؤاد...قالها ليصطحبها ويتحركا إلى الطاولة ليتحدث وهو يتطلع من حوله ويقوم بسكب مشروب عصير التفاح برتابة:
-دي الدكتورة عصمت متوصية بيكِ قوي،شكلها حبيتك وجدًا كمان
ناولها الكأس لتُمسكه بين أصابعها وهي تقول بمشاكسة:
-وأخبار إبن الدكتورة عصمت في حبي إيه؟!
أجابها بصوتٍ مسحور:
-إبن الدكتورة عصمت عشق وداب وسلم الراية البيضا من أول نظرة
إبتسمت فرحًا لترفع خصلة من شعرها تمردت لتضعها خلف أذنها،إرتشف من كأسهِ ثم تبادلا الشراب كلٍ من كأس الأخر،أنزل كأسهُ ليمسك بواحدة من الشيكولاتة ويزيل عنها ورقتها، نظر لعيناها وقضم نصفها لتذوب بفمه،مال على شفتاها يقبلها بنهمٍ لتذوب الشيكولاتة بفمي كلاهما تحت سعادتهما التي لا توصف،ابتعد ليغمز لها يذكرها:
-فاكرة الشيكولاتة اللي جبتها لك في اليوم إياه
ابتسمت خجلاً ليتابع هو بمداعبة:
-أنا شاكك إنك طمعتي في العلبة لوحدك وقصدتي تنكدي عليا علشان تنفردي بيها
أطلقت ضحكة عالية ليزبهل ذاك العاشق من جمال ضحكتها الحماسية،كرر ما فعلهُ معها وذابا معًا لأبعد حد ليبتعد بعد قليل تحت حاجتهما للتنفس،تحرك صوب جهاز الموسيقى لتنطلق بعد قليل موسيقى ذكرتها بماضيها الجميل قبل أن تفرمها طاحونة الزمان
تسللت إلى مسامعها تلك الموسيقى الحالمة لتغمرها بشعورٍ رائع وكأنها موسيقى من الجنة، حتى تلك الشموع المتناثرة هنا وهناك بإضائتها الخافتة منحت المكان جواً رائعًا من الخيال، كانت الموسيقى للملحن خالد الأمير الخاصة بفيلم الراقصة والسياسي فقد كانت تعشقها وتذكرها بأيام صباها حيث كانت ترى الدنيا بأعين بريئة،تطلع إليها ليقول وهو يغمز بعينيه:
-سمعيني بقى صوت رنة خلخالك يا حرمنا المصون،عاوز أتمزج بصوت الرنة

-بس كده، من عيوني... قالتها لتنطلق مندمجة لأبعد حد مع الموسيقى لتتمايل بجسدها هنا وهناك بطريقة جعلته يفتح فاهه مشدوهًا من شدة ذهولهُ وعدم تصديقهُ لم تراه عيناه، كان يشعر بأن لديها حِسًا موسيقيًا وتستطيع الرقص، لكنه لم يتوقع تفوقها لهذا الحد،جلس على الأريكة يتطلع على رقصها المبهر بأعين عاشقة،ينظر للخلخال وهو يهتز بساقيها ليحدث صوتًا يشعل نارهزالمستعرة والمتأججة،لم يكن يومًا من الرجال المنجذبون للرقص ولا لحركات الجسد التي تثير الغرائـ.ـز، لكن الأمر معها مختلفًا، تلك الجملة بات يكررها كثيرًا مؤخرًا وبفضلها
تأججت مشاعر الإشتياق لديه من حركاتها المثيرة لقلبه العاشق وروحه المشتاقة وما شعر بحالهُ إلا وهو ينضم لها ليشاركها الرقص،ضحكت لتقول بصوتٍ لاهث تأثرًا برقصتها:
-فين سيادة المستشار علام زين الدين والدكتورة عصمت الدويري ييجوا يشوفوا إبنهم المبجل رئيس النيابة بيعمل إيه
ضحك مقهقهًا ليهمس وهو يشاركها الحركات:
-سيادة المستشار بيتحول لمراهق قدام عيون حبيبه
ليتابع وهو يضمها له:
-جبارة إنتِ يا إيثار،قدرتي تخرجي اللي مكنش موجود جوايا أصلاً
-أصلاً... قالتها بدلال ليجيبها بمداعبة:
-أصلاً
ظل يرقصان إلى أن انتهت الموسيقى فحملها سريعًا بين ساعديه واتجه لفراشهما الوثير ليضعها عليه برفقٍ وانضم معها لينعم بأحضانها الحانية وعشقها المُسكر وحلاوة غرامها الفريد الذي يتذوقهُ للمرة الأولى على يداها،غابا لوقتٍ ليس بالقليل داخل عالمهما الخاص الملئ بكل ما هو ساحر ومبهر،رفع جسده ليستند بعدها على خلفية السرير،ضمها لتستند إلى كتفه،رفع يده ووضعها على كتفها لتضم نفسها إليه ملتصقة به وتمسك يدها بيده واليد الأخرى تتخلل أصابعهما ببعض لتقول بهمسٍ أثار جنون حبيبها:
-خليني دايمًا في حضنك يا فؤاد، إوعى ييجي يوم وتنام فيه من غير ما تحضني وتضمني لصدرك
كان يشعر بدغدغة لذيذة بسائر جسده مستمتعًا بما حدث للتو بينهما ليهمس وهو مغمض العينين باستمتاع:
-حضنك بالنسبة لي زي الهوا يا قلب فؤاد، فيه حد يقدر يعدي يوم من غير ما يتنفس؟
ظلا يتحدثان لوقتٍ طويل حتى غلبهما النعاس ليتمدد وهو يتملكها بإحضانه ليضع رأسها فوق صدرهُ العاري مكبلاً إياها من خصرها،نطق بمداعبة بصوتٍ متحشرج تأثرًا بنعاسه:
-يلا نامي يا حبيبي علشان عندنا بكرة حفلة چاكوزي بدري، فكراه؟
ابتسمت واقشعر جسدها باستمتاع حين تذكرت ذاك اليوم لتسألهُ بأعين مغمضة من شدة نُعاسها:
-هو أنتَ مش هتروح الشغل بكرة؟
تؤ...صوتًا أخرجهُ من بين شفتيه ليتابع موضحًا:
-أخدت بكرة كمان أجازة علشان أقضيه في حُضن حبيبي،لحد ما أرتب شغلي وأخد لنا إسبوع نسافر فيه لأي مكان تشاوري عليه
بالكاد نطق كلماته ليغمض عينيه يشعر براحة رهيبة تملكت منه ليستسلم لنومٍ عميقٍ ممتع،تطلعت عليه حين استمعت لانتظام أنفاسه لتضع كفها تتحسس صدرهُ وتبتسم فرحًا كلما تذكرت كلماته الرائعة التى حملتها إلى أعناق السماء وجعلتها تتراقص على ألحانها،لتدخل هي الاخرى مستسلمة لنومٍ عميقًا جدًا.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا