رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 بقلم امل صالح

رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 بقلم امل صالح

رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 هى رواية من كتابة امل صالح رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18

رواية بيت البنات بقلم امل صالح

رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18

كادت تتخطاه وتصعد فاستوقفها بعصبية: بسملة!
تنهدت ثم التفت له بجمود: نعم يا مَجد، عايز إيه؟؟
وقف أمامها مردفًا بإنفعال: أنتِ اللي في إيه؟؟ عاملة نفسك مش شايفاني وبتتجاهلي وجودي من ساعة ما جيت!
أغمض عينيه وزفر الهواء من فمه ليهدأ وهو يستغفر الله، عاد ينظر لها فوجدها ساكنة هادئة لا تبالي فتحدث بنبرة هادئة: إيه اللي حصل إمبارح يا بسملة، معرفتش أفهم حاجة من كلامِك، والتلفون فصل شحن وأنتِ معايا ولمـ...
قاطعته بدهشة: فصل شحن؟!!
اومأ إيجابيًا بضيق: أيوة عشان خرجت من البيت بسرعة ومن غير ما أشحنه ولما جيت أرن عليكِ من تلفون عمي توفيق مردتيش!!
توسعت عيناها أكثر وارتفع حاجبيها بتعجب وهي تتذكر بالأمس عندما وصلتها مكالمة من رقم والدها وخافت أن تجيب ظاننة أن مَجد أخبر والدها بكل شيء.
بينما تطلع هو لشرودها وزهولها يحاول فهم سببهما أو بماذا تفكر، تنهدت بسملة ونظرت له معتذرة بصدق: تمام شكرًا لمكالمتَك واسفة على سوء الفهم، والعموم مش هدخلك في حواراتي دي تاني هتصرف أنا بعد كدا.
وتحركت خطوة تستعد للصعود فعاق حركتها بالوقوف أمامها مرة أخرى، كور قبضتيه واغمض عينيه يستغفر بصوت عالٍ: أستغفر الله العظيم يارب!!
نظرت لها بعدم فهم وعاد هو يتحدث متصنعًا الهدوء كي لا يثور عليها؛ تجبره ببرودها وعنادها أن يخرج عن طور هدوئه: إيه اللي حصل يا بسملة، وبلاش كلام فاضي بالله عليكِ عشان أنا خلقي ضيق!
تطلعت له بغضب: ما قولتلك مفيش حاجة! 
وسع بقى عشان أشوف اللي ورايا.
- بسملة!
صرخ باسمها متخليًا عن ذلك الهدوء المصطنع فانتفضت بفزع وهي تتطلع لوجه الغاضب بصدمة وقليل من القلق، تابع وهو يجز على أسنانه في محاولة لعدم الصراخ بها: بطلي تهرب وانجزي، حصل ايه إمبارح خلاكِ خايفة وتتصلي تقوليلي ألحقِك، كلمِك؟؟؟
قال الكلمة الأخيرة بصيغة سؤال فأخفضت رأسها تجيبه بصوتٍ يكاد يكون مسموع وبنبرة مرتجفة: هددني..
قطب جبينه يكرر: هددِك؟!! هددِك بإيه؟!!
أخبرته سابقًا أن جميع لقاءاتهم كانت بأماكن عامة يراهم بها الناس كما قالت أنها لم تسمح له بتجاوز حدودها التي رسمتها بينهما، فبماذا سيهددها.!!!
لم تعلم بسملة بماذا تجيبه، كيف تخبره وكيف تريه تلك الصور المزيفة، خجلت لمجرد رؤية تلك الصور وتلك الوضعيات بها فكيف تفعل وتجعله يراها؟!! 
ماذا عن ردة فعله؟ هل سيصدقها إن أقسمت أنها ليست مَن بالصور!
- يا بسملة!
نادى بيأس من صمتها الطويل وتحاشيها للنظر له، رفعت وجهها فرأى ارتباكها وتقوس فمها للأسفل بخجل ليفهم الأمر قليلًا.
- أنتِ كنتِ صادقة معايا في كل كلمة قولتيها مش كده؟؟
أجابت فورًا وهي تنظر لعينيه بلهفة: آه والله.
تنهد وهو يبثها بالأمان بكلماته التي احتضنتها بحنان: وأنا مصدقِك في اللي قولتيه واللي هتقوليه، أنا واثق في عمي وفي تربيته...
قطع حديثه لبرهة من الزمن قبل أن يتابع بصوت أكثر دفئًا: وفيكِ.
غزت الدموع عينيها بعد أن اقشعر جسدها بفضل حديثه وتخلت عن خوفها منه لتستلم لذلك الأمان الذي أحاط بها تخبره بالأمر كاملًا، وما انتهت نظرت له تتمنى ألا يخذلها فلم ترى في عينيه سوى الغضب، لم تستطع أن تميز حتى إن كان هذا الغضب منها أم عليها.
تعلقت الدموع في عينيها تمنع نزولها بقوة كي لا تجرح كبرياءها أمامه، صعدت السلالم ببطئ وتمهل على أمل أن يناديها ويخبرها أنه معها حتى ينتقم لها من ذلك الحقير عمر ولكنه لم يفعل..
بالتأكيد ظن بها سوءا، صعدت بقية الادراج ركضًا تلملم ما تبقى من كرامتها وهي تبتسم على نفسها بإستهزاء وسخرية.
أما مَجد ما إن صعدت حتى ولج منزلهم ليلتقط مفاتيح سيارتهم وهاتفه وبعض الأموال - إحتياطيًا - وخرج من البناية كاملة لا يرى أمامه من الغضب، هو لم يرى تلك الصور حتى لكن مجرد التخيل جعل الدماء تغلي بعروقه.
يصدقها ؟؟
نعم يصدقها ولم يشكك بكلمة واحدة مما قالت، ولم يكن صمته سوى قنبلةٍ ابتعد بها عنها كي لا تنفجر أمام وجهها، قنبلةٌ كرر أن يشعل فتيلها بوجه ذلك القذر؛ عمر.
بالداخل، هبط توفيق وحامد بعد أن بقت ندى رفقة زوجة عمها - منة - رغم كونها لا تريد هذا؛ ولكن لا يوجد غيرها في هذا الوقت، ودقائق وصعدت شهيرة وهي تحمل بين يديها صينية محملة ببعض الأطعمة التي تساعد في تحسن حالة منة..
دلف توفيق الشقة والتعب بادٍ على قسماته بعد أن قضى يومه بالمشفى، جلس فوق أول ما قابله زافرًا بتعب وهو مغمض عينيه.
- أنا نازلة يا ماما.
فتح عينيه مجددًا بعد أن اقتحم صوت ابنته جنى أذنيه، نظر لها وهي تجلس أمام باب المنزل ترتدي حذاءها وهي تتحدث مع والدتها ويبدو أن لم يلاحظ أحد عودته حتى الآن.
- لأ مش هتأخـ... بابا.!
بترت حديثها عندما أبصرت عيناها وجه أبيها، وقفت مقتربة منه بعد أن انتهت من الفردتين: حمد الله على السلامة، عملته إيه؟؟
جلست أمامه فرمقها توفيق بصمت وهو يمعن النظر لها، اهتمامها بالجميع من حولها، قلقها على كل صغيرة وكبيرة، رغبتها ببقاء الجميع سعداء، كل تلك الأمور توضح له بقوة أنه أنجب فتاة قوية سيجدها بجانبه قبل أي أحد.
تنهد ليجيبها بعد صمت طويل تعجبت له: كلمنا عمِك سلطان وبحاول نقنعه ينزل البلد أهو، لما يرجع ونشوف آخرة اللي بيعمله إيه؟؟
اومأت بتفهم فقد أخبرتها والدتها بأمر زواج عمها كما عرفت من بسنت التي أخبرتها نرمين، عقدت حاجبيها بضيق: وطنط منة؟
كان سؤالها مجاملة أو شيء مجبرة على فعله، حرك توفيق رأسه بالإيجاب: خيطنا دماغها بس شكلها لسة مصدومة، الدكتور قال كلام غريب كده ودكتور نفسي ومش عارف ايه، بس هي كام يوم وترجع حلوة يعني.
كان يتحدث بلامبالاة وهو ليس على علم تام بماهية الطبيب النفسي أو بماهية المرض النفسي حتى، يتحدث بمحدودية معلوماته البسيطة.
وقفت جنى وقالت قبل أن تتحرك نحو باب البيت: أنا هنزل المكتب عشان أشوف هعمل إيه واحاول أرتب دنيتي تاني.
وما كادت تفتح الباب وتغادر حتى استوقفها واقفًا: جنى.. 
التفت له ترفع الحقيبة على ذراعها فقال: هاتي الشيخ معاكِ وأنتِ جاية.. 
رفعت حاجبيها بدهشة لذلك الطلب المفاجئ وتحرك هو لغرفته بعد أن تركها تتطلع له وهو يتحرك بتعجب. 
ولم تعقب على هذا وغادرت وخرج هو يحمل بين يديه ملبس آخر تحرك به ناحية المرحاض يتطلع لأثرها بندم وحزن؛ انقلب حال فتاته للنقيض، بين ليلة وضحاها تحولت من فتاة مرحة لا تغادر البسمة وجهها لأخرى غارقة بالهموم والأحزان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبمكان لأول مرة قد نذهب إليه، مكانٌ جديد لكنّ شخصياته ليست كذلك، عمارة كبيرة من خمسة طوابق، بالطابق الثالث تحديدًا حيث عائلة شريف القاضي.
وقف أمام باب المرحاض يصرخ بأعلى صوت لديه وغضب أعمى: عشان غبية، عشان إيـــه ياست وسام؟؟ غبيـــــة.
صرخت الطفلة التي حجزت نفسها بالخطأ داخل المرحاض ثم بررت بأنها أردات أن تجرب شيئًا ما، مشهدٌ حدث وتكرر بكثير من بيوتنا ولكنه لأول مرة يواجههم.
- أنا عايزة بابا.
وضع عثمان يديه في خصلاته يجذبها وهو يشعر أنه سيجن، يريد أن يكسر ذلك الباب فوق جسد تلك التي تسمى طفلة عله ينتهي من العذاب: يابت، يابت ماتجننيش أمي يابت.
وما كان جوابها إلا أن صاحت ببكاء: بابــــا.
دفع مصطفى باب المنزل بعد أن أحضر المعدات اللازمة لكسر الباب وجلس أمامه متحدثًا بصوت غاضب هو الآخر: اسكتي يا وسام، اسكتي عشان مكسروش فوق دماغك..
- اكسروا، بالله عليك اكسروا فوق دماغ أمها الحيوانة دي.
صاح عثمان يحرضه بحماس فرمقه الآخر بنظرة أخرسته قبل أن يعود لمحاولته في فتح الباب على طفلته الصغيرة "وسام". 
وبينما هما منشغلون بكل هذا اقتربت منهما فتاة بمنتصف العشرينات، تثائبت وتحدثت بنعاس وهي تحاول فتح عيناها بصعوبة: عايز أدخل، أنتوا واقفين طابور ولا إيه؟؟
التفت لها عثمان: غوري من وش أمي دلوقتي.
فأتاه صوت حاد من خلفه: وماله يا قلب أمك وماله.
نظر لوالدته التي خرجت من المطبخ تحمل معلقة في يد ومغرفة في أخرى بينما تحيط خصرها بمنشفة ثم تطلع لتلك العائلة وللوضع الفوضوي من حولهم وأخيرًا رفع وجهه للسماء: يارب أنت اللي عارف يارب!
أهلا ومرحبا بك عزيزي في منزل عائلة شريف القاضي، السيدة أم مصطفى ترحب بك!
صدمات العمر القوية دائمًا ما تجبرنا على أخذ هدنة لوقف الحرب بين العقل والقلب، هدنة تعطي الطرفين المساحة والوقت الكافيين لإعادة الترتيب والتنظيم، فيفكر الأول بإمعان دون تدخل من مشاعر الآخر التي تجعله مضطربًا، ويحترق الثاني شوقًا.
الأمر ليس منصفًا في نظرِك الآن، ولكن تلك الهدنة ستكون السبب في إنهاء الحرب، هدنة سيعودا منها متفقين على شيء وحيد؛ أن يبقى كل طرف في مكانه الخاص دون صراع وحروب لا نهاية لها.
عندئذ ينال القلب فرصته فيتحرر من قيده قافزًا بحرية دون أن تعيقه هدنة أو عقل، لتنهال منه المشاعر على ما يحب.
فتح "ناصر" عينيه على صوتِ المذياع خارج الغرفة وهو يعلن نهاية صلاة الجمعة، اعتدل على السرير يمسح وجهه بكفيه بضيق مستغفرًا ربه على ما فاته.
كان الظلام يحيط به من كل ناحية بينما امتلئت الأرض بالأتربة والأوساخ بفضل النوافذ التي بقت مغلقة لأكثر من أسبوع، ترك الفراش وبدأ بفتح نوافذ الغرفة فانتشر الضوء بها بحرية وبشكل يبعث الراحة بالنفوس.
خرج من الغرفة وفعل المثل بباقي النوافذ حتى صار البيت بأكمله كجوهرة بيضاء لامعة، توضأ وأدى فريضته ثم تحرك بأنحاء المنزل.
ينظف ويمسح ويرتب الفوضى بحماس وابتسامة صغيرة وانتهى بعد عدة دقائق متعبة ليجلس فوق الاريكة ملتقطًا هاتفه ليحادثها. 
- السلام عليكم ورحمة الله.
اتسعت ابتسامته يحرك رأسه وكأنها أمامه: وعليكم السلام ورحمة الله، عم توفيق جنبِك يا ندى؟
مطت فمها للأمام بتذمر لم تفصح عنه وقد أخمد سؤاله لهفتها للحديث معه لتجيبه بصوت بدت به غير مكترثة به أو بتلك المكالمة: لأ في الحمام.
ضحك سرًا على تلك الإجابة وساد الصمت لدقيقة بينهما، انتظرت هي أن يقول اي شيء واستمتع هو بغيظها المحسوس، وعندما ملّت بادرت هي مردفة: أنتَ عايزه في إيه؟ 
ضحك مرة أخرى دون صوت وقد كان يعلم أنها لن تستطيع ردع فضولها عن إلقاء هذا السؤال، أجابها بمراوغة وبصوت تركت به تلك الضحكة أثارها: موضوع كده.
رفعت حاجبها بعد أن علمت من صوته تعمده لإستفزازها وقد نجح في هذا لتقول بقليل من الحدة: أيوة حاجة سر يعني ولا إيه؟؟
تنهد ممتثلًا لرغبتها الملحة في معرفة سبب اتصاله ليقول بصوت مليء بالحنان والحنين: جاي آخد الأمانة اللي سايبها عنده.
ارتجفت شفتيها وطرفت عينها بسرعة بعد أن غزتها الدموع وقد أخطأت فهمه، قالت بصوت مختنق: عايز دهبك يا ناصر؟؟
وسال الدمع من عينِها السوداء لتبكي بصمت وشعور بالخذلان، اعتقدت أنه بعد آخر حوار دار بينهما بالأمس سيعاود الحضور لردها لبيتها ولكن خاطرة أن يتركها هكذا وببساطة لم تخطر لبالها.
وعلى الجانب الآخر صُدم لفكرها لدرجة أخرسته وجعلته صامتًا لنصف دقيقة يحاول استيعاب كيف آل بها عقلها لتلك النقطة؟ كيف لم تلحظ نبرة صوته الظاهرة بوضوح حتى للعِيان!
انفرجت شفتيه ليفسر لها المعنى الخفي لكلماته ولكنها سبقته بصوتها الباكي: كتر خيرك يابن الناس، كتر ألف خيرك، ابقى تعالى بعد العصر أكون جهزتلَك حاجتَك.
ولم تعطه الفرصة للحديث أو التبرير، أنهت المكالمة وألقت بالهاتف جانبًا تترك الحرية لشهقاتها التي اكتتمتها بالخروج صحبة بكاءها.
وقالت بغضب والدموع تنهمر فوق وجنتيها: ولما هو عايز أبويا بيرن عليا ليه؟! 
ونظر ناصر للهاتف بصدمة لحظات وانفجر بالضحك على ظنونها السيئة به وتفكيرها الذي لا يعلم من أي بئر فارغ أتت به!
التقط أنفاسه لازال يضحك بخفة عليها ثم قام وتحرك لخزانة الملابس ينتقي منها بعناية زيًا ملائمًا لِلُقياها؛ وكأنه اللقاء الأول لهما بعد خطبتهما وليس مجرد لقاء ليصطحبها لبيتها! 
بالنسبة لهما فإنه لقاءٌ خاص وفريدٌ من نوعِه، سيُعيدها لقلبه وستعود لحياتها، سيبدآن من جديد، بداية صافية نقية لا يشوبها قلق أو أذى من قبل قريب أوي غريب، هذا ما قرر وتعهد به.
انتهت الهدنة،
وانتهت الحرب! 
وها هو قلبه يفرد جناحيه محلقًا فوق سحاب الحب ينشر شوقه وحبه فوق أراضي المحبة، بلا عقل وبلا حرب. ♡
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشاعرُ الغضب، الحزن، الفرح والسعادة، الانكسار والضعف، القوة والكبرياء، جميع مشاعر النفس الإنسانية هي عدة أزرار، جالسة تترقب في أي لحظة ذلك الموقف الذي سيضغطها لتتتحرر من صمتها. 
وها هو زر الغضب داخله قد ضُغط، بل وتحطم من شدة الضغطة! 
وصل مَجد أخيرًا لتلك الوجهة بعد أن تفادى بصعوبة عدة حوادث كادت تصيبه وتجعله في عداد الموتى بسبب السرعة التي كان يسير بها وكأنه يسابق الريح بها.
صف السيارة بعشوائية في بداية (شارع العمارات) والذي هو عبارة عن شارع طويل يصطف على جانبيه من البداية حتى النهاية عمارات كبيرة وشاهقة الطول، منها مَن يسمح صاحبها بالبيع والإيجار ومنهم مَن يسمح بالإيجار فقط.
سار في هذا الطريق ينظر على جانبيه لكل عمارة وهو يبحث عن (عمارة رقم ٧٣) التي أخبرته بسملة أنه يسكن بإحدى شققها.
حتى أبصرت عينيه ذلك الرقم ليُثار غضبه من جديد وهو يندفع ناحيتها، أوقفه حارس المبنى وهو يقف أمامه بحنق: يوه! براحة يا بيه هي وكالة من غير بواب ولا إيه؟؟؟
ابتلع مَجد ريقه وفرك عنقه في حركة معتادة يحاول بها مَنع طوفان غضبه من اغراق من لا ذنب له، طالعه الرجل بغرابة رافعًا أحد حاجبيه وخافضًا الآخر بينما يردد بلسانه: اللهم احفظنا، أنت عليك حاجة ولا إيه يا أستاذ؟؟
رفع مَجد وجهه عن الأرض يلتقط كمًا كبيرًا من الهواء يخمد بها نيران غضبه للحظات قبل أن يعيد إشعالها بوجه ذلك العُمَر: عمر محمد عمر، ساكن في الدور الكام؟؟
رفع الرجل حاجبيه بتعجب: الأستاذ عمر!
وتبدلت الدهشة لحدة وهو يسألها بخشونة: وأنت عايز الأستاذ عمر ليه؟؟
رفع مَجد حاجبه وعلم من هذا التعظيم أنه ذو شأن في هذه العمارة، فأجبر نفسه على الإبتسام: زُملا، عايزه في موضوع كده.
وكرر الرجل من بعد مَجد:  زُملا! وهو الأستاذ عمر يعرف حد غير الأستاذ أيمن، دا صاحبه الروح بالروح كده وعمري ماشوفته مع حد غيره، جوز فُجَرة ماشيين على أرض الله، بس نعمل إيه أهو ده الحال!
سرعان ما شهق الرجل وهو يكمكم فمه بعد أدرك ما قال: يادي الحزن... 
ونظر لمجد بغضب ليستأنف: عمال تجرجرني في الكلام يا أستاذ لما هتلبسني نصيبة، لو فاكر إني هقولك إن أستاذ عمر في الدور الخامس تبقى غلطان، ده شغل بردك! 
تعجب مَجد من ذم الرجل لعمر وهو مَن كان يعلي من قيمته منذ دقيقة، ونظر له مبتسمًا بإصفرار لغبائه قبل أن يتحرك لداخل العمارة وهو يتحرك ناحية المصعد بعد أن قال: طب عديني يا بردك عديني.
لوح الرجل بيده في الهواء وعاد ليجلس فوق مقعده الخشبي المتهالك وهو يتمتم بدون اهتمام: يلا يكش يولعوا في بعض الجوز.
كان المصعد يتحرك بمَجد وكلما ارتفع طابق ازدادت دقات قلبه وشعر باحتمالية تفجر عروقه التي برزت بالفعل بسبب غضبه.
توقف المصعد وظل لثواني داخله دون أن يخطو خطوة واحدة للأمام، صوتٌ داخله يخبره ألا يجلب لنفسه مصيبة وصوت آخر أعلى يدعوه للفتك بذلك الحقير القذر عديم الأخلاق، وكم أراد تلبية النداء الثاني رغم وجوب حدوث الأول!
تقدم أخيرًا ليخرج من المصعد، نظر للردهة حيث يتواجد أمامه خمسة شقق، اغمض عينيه وكم ود لو بقى لدقيقة أخرى مع هذا الحارس وكان سيعلم منه بسهولة بأي شقة هو بدل أن يتحمل هو عناء البحث، ولكن لا بأس يا مجَد لقد قطعت الشوط الأكبر والآن لم يتبقى سوى القليل! 
وبعد أن مر بثلاثة شقق أخيرًا فتح له، إنه هو .... عمر.

انضم لجروب التليجرام ( هينزل فيه الرواية كاملة ) اضغط هنا
للانضمام لجروب الواتساب اضغط هنا